logo
تراجع الاستقلال بالصحراء وسط هيمنة العائلة وتآكل الثقة الشعبية

تراجع الاستقلال بالصحراء وسط هيمنة العائلة وتآكل الثقة الشعبية

هبة بريسمنذ 3 أيام

هبة بريس – سياسة
تشهد الأقاليم الجنوبية للمملكة، وعلى رأسها مدينة العيون، تحولات دقيقة في الخريطة الحزبية مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وبينما ظل حزب الاستقلال لعقود يسيطر على المجال السياسي والاجتماعي في هذه الربوع، بدأت مؤشرات تغيير تلوح في الأفق، لصالح التجمع الوطني للأحرار، الذي وظّف موقعه في رئاسة الحكومة والإنجازات التنموية الكبرى لكسب موقع قدم جديد في الصحراء.
– صعود الأحرار: حضور حكومي مدروس وتكتيك اجتماعي فعال
استفاد حزب الأحرار من عدة عوامل أساسية لتعزيز حضوره في الأقاليم الجنوبية، يمكن تلخيصها في ثلاث نقاط رئيسية:
رأسمال حكومي قوي: بصفته قائدًا للائتلاف الحكومي، استخدم حزب الأحرار آلية 'مسار الإنجازات' كوسيلة فعالة لإبراز بصمته في مشاريع البنية التحتية، الطاقة المتجددة، التعليم العالي، والصناعة، لا سيما مشروع الهيدروجين الأخضر بالعيون، ما جعل الخطاب الحكومي يتقاطع مباشرة مع انتظارات الساكنة.
استقطاب النخب والكفاءات: استطاع الحزب أن يضم في صفوفه نخبة جديدة من أبناء الصحراء، من أطر اقتصادية ومثقفين، إلى نساء فاعلات في المجتمع المدني، وهو ما أعطى الحزب صورة حديثة ومنفتحة، خلافاً للخطابات التقليدية لبعض الأحزاب الكلاسيكية.
خطاب سياسي واقعي وغير تصادمي:
بدلاً من تحدي نفوذ الاستقلال مباشرة، اعتمد الأحرار على سياسة التواصل الإيجابي، مؤكدين أنهم 'شركاء في البناء'، لكن دون أن يخفوا طموحاتهم في إعادة رسم الخارطة الحزبية في الصحراء.
-تراجع الاستقلال: هيمنة العائلة وتآكل الثقة الشعبية
في المقابل، بدأ حزب الاستقلال يعاني داخليًا من إرهاق سياسي وتنظيمي. فعلى الرغم من حضوره القوي تاريخيًا، لا سيما من خلال شخصية حمدي ولد الرشيد، فإن الحزب يواجه تحديات جدية منها على التوالي احتكار القرار من طرف عائلة واحدة حيت بات يُنظر إلى الحزب، خصوصًا في العيون، كمجال خاص لعائلة ولد الرشيد، ما أضعف التعددية الداخلية وخلق فجوة متزايدة بين القواعد الشعبية وقيادة الحزب. هذه السيطرة العائلية، التي كانت سابقًا مصدر قوة، تحولت اليوم إلى عامل نفور وسط جيل جديد يبحث عن تمثيلية أكثر عدالة ومصداقية.
هناك كذلك ضعف في استقطاب كفاءات جديدة، حيت بخلاف حزب الأحرار، لم يظهر حزب الاستقلال دينامية تُذكر في تجديد نخبه المحلية أو فتح المجال أمام الكفاءات الصحراوية المستقلة، هذا النقص في التنويع خلق شعورًا بأن الحزب غير قادر على مواكبة التحولات المجتمعية والثقافية في الجنوب.
خطاب تقليدي وجامد: ظل الخطاب الاستقلالي يكرر نفس الرواية عن 'الدور التاريخي' دون تطوير رؤية سياسية جديدة تلائم الجيل الجديد من الصحراويين، الذين باتوا أكثر اهتمامًا بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية من الولاءات الحزبية.
– تحالف لا يخفي تنافسًا: من التعايش إلى الصراع الهادئ
رغم الانضواء تحت لواء نفس التحالف الحكومي، فإن ما يجري في الجنوب يُظهر تنافسًا صامتًا لكنه حاد بين الحزبين، فالأحرار يسعون لتوسيع حضورهم اعتمادًا على مشروع وطني واضح، بينما يبدو الاستقلال أسير حسابات محلية ضيقة تحكمها التوازنات العائلية أكثر من المنطق الحزبي الحديث.
وفي الوقت الذي يتقدم فيه الأحرار بنهج سياسي يدمج بين الإنجاز والتواصل، يواجه الاستقلال معركة مزدوجة تتمثل في محاولة الحفاظ على ولاء قواعده التاريخية، ومحاولة استعادة جاذبيته بين فئات شابة ونخبوية بدأت تتجه نحو خيارات سياسية جديدة.
– من يقود المرحلة المقبلة في الجنوب؟
يبدو أن المعركة الانتخابية المقبلة في الأقاليم الجنوبية ستكون عنوانًا لصراع الأجيال والنماذج السياسية، فبين حزب الأحرار الذي يقدم نفسه كـ'قوة تجديد' قادرة على تمثيل الجنوب بعقلية مؤسساتية حديثة، وحزب الاستقلال الذي لا يزال يعتمد على معادلات تقليدية وتحالفات عائلية، تلوح مؤشرات تحوّل تدريجي قد تزيح الهيمنة التاريخية للاستقلال.
في النهاية، لن يكون النجاح في الجنوب مرهونًا فقط بالولاء التاريخي، بل بقدرة الأحزاب على قراءة الواقع المتغير، والانفتاح على جيل جديد من الصحراويين يتطلعون لمستقبل يوازن بين الهوية والكرامة، وبين التنمية والعدالة السياسية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كريم زيدان: مردودية الحكومة الحالية هي الأعلى وهناك فرق بين العمل والشعارات
كريم زيدان: مردودية الحكومة الحالية هي الأعلى وهناك فرق بين العمل والشعارات

هبة بريس

timeمنذ 10 ساعات

  • هبة بريس

كريم زيدان: مردودية الحكومة الحالية هي الأعلى وهناك فرق بين العمل والشعارات

هبة بريس قال كريم زيدان، الوزير المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، إن مردودية الحكومة الحالية هي أعلى ما يمكن لحكومة مغربية القيام به، معتبرا أن هناك فرقا كبيرا بين سياسة الحكومة الحالية وسياسات الحكومات السابقة، وهذا يُظهر الفرق بين من يعمل ومن يرفع الشعارات. ّ ونوه الوزير خلال استضافته في مؤسسة الفقيه التطواني مساء الثلاثاء، بتماسك وانسجام الاغلبية، مشيرة إلى أن الأحزاب الثلاثة المكونة للحكومة تعمل كفريق واحد. وأشاد بالالتقائية الموجودة بين القطاعات والوزارات من أجل الصالح العام، حيث لفت إلى أن رئيس الحكومة يحث أعضاءها على أن يكون يدا واحدة. واعتبر الوزير المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، أن المغرب يعيش دينامية مهمة، يترجمها استقطاب المملكة للشركات العالمية من اجل الاستثمار فيه. وذكر في هذا السياق، بالتوجيهات الملكية الداعية إلى جعل الاستثمار الخاص يمثل الثلثين من الاستثمار ببلادنا في أفق سنة 2037، حيث لا يمثل اليوم سوى الثلث مقابل الثلثين من الاستثمار العمومي، مبرزا أن الحكومة تعمل على جذب الاستثمارات من أجل تحقيق هذا الهدف. وبالأرقام، أوضح زيدان، أن المغرب تمكن في ظرف ثلاث سنوات فقط من 2022 إلى 2025، جذب أزيد من 191 مشروعا بقيمة استثمارية تتجاوز 326 مليار درهم، مفيدا بأن ذلك بفضل ما جاء به ميثاق الاستثمار الجديد الذي أطلقته الحكومة من تحفيزات ومواكبة وبرامج. وأورد المتحدث، أنه خلال انعقاد سبع دورات للجنة الوطنية للاستثمار تم الاتفاق على 191 مشروعا بقيمة استثمارية تقدر 326 مليار درهم، والتي خلقت 150 ألف منصب شغل في تماشٍ مع التوجيهات الملكية. وأضاف في هذا السياق، أن بلادنا تنتظر مشاريع كبرى في الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة والنسيج، مبدياً تفاؤله بأن المغرب سيتجاوز الأرقام المرتقبة في سنة 2026 للاستثمارات وخلق مناصب الشغل.

لماذا تحفظ حزب الاستقلال عن الدفاع عن برلمانيه "الفرفار" بعد تلاسنه مع أوزين؟
لماذا تحفظ حزب الاستقلال عن الدفاع عن برلمانيه "الفرفار" بعد تلاسنه مع أوزين؟

هبة بريس

timeمنذ يوم واحد

  • هبة بريس

لماذا تحفظ حزب الاستقلال عن الدفاع عن برلمانيه "الفرفار" بعد تلاسنه مع أوزين؟

هبة بريس – عبد اللطيف بركة شكلت واقعة مصطلح 'النماذج' التي شهدتها جلسة الأسئلة الشفهية في مجلس النواب بين محمد أوزين والنائب الاستقلالي العياشي الفرفار، عدة تساؤلات حول موقف حزب الاستقلال في عدم الدفاع عن برلمانيه. في هذا السياق، يمكن طرح عدة فرضيات حول سبب تردد الحزب في اتخاذ موقف حازم لدعم النائب المتضرر. – حسابات سياسية وحزبية ضيقة حزب الاستقلال، كما هو الحال مع باقي الأحزاب السياسية، يواجه حسابات معقدة عندما يتعلق الأمر بمواقف علنية تتعلق بمسائل داخل البرلمان، لان الحزب يشكل جزء من التحالف الحكومي الذي يقوده الاحرار ، ويمكن ان نزار بركة الأمين العام لحزب الميزان قد فضل عدم التصعيد في هذه الواقعة واصطدامه مع حلفاءه في التكتل، لان اي تصعيد من البرلماني الفرفار ومعه الفريق الاستقلالي بمجلس النواب قد يساهم في تأجيج الخلافات مع الأغلبية الحاكمة، ويزيد من تعميق الشرخ بين القوى السياسية. وبالتالي، قد يكون الحزب قد فضل التريث والتفكير في عواقب رد الفعل قبل اتخاذ قرار واضح. – استراتيجية 'الاحتواء' من الممكن أن يكون حزب الاستقلال قد اختار اتباع سياسة الاحتواء والتهدئة، حيث سعى إلى تجنب تحول الواقعة إلى أزمة حادة داخل البرلمان، ذلك أن التصعيد الإعلامي أو البرلماني قد ينعكس سلبًا على صورة الحزب في نظر الرأي العام، ويعزز فكرة أن الحزب يشارك في مناوشات لا طائل منها، بدل أن يركز على القضايا الأكثر أهمية، هذا الخيار وان كان يهضم حق البرلماني ' الفرفار' في إنصافه من إخوته أولا قبل المعارضين ، يعكس ان حزب الميزان لا يريد الدخول في معارك جديدة تزيد من تراجع شعبيته خصوصا بعدما تشبت أوزين بالرجوع للكاميرا وهو الذي كان يترأس الجلسة البرلمانية حينها وطالب كذلك بإحالة برلمانيين عن لجنة الاخلاقيات . – ضعف قيادة الاستقلال في المواجهة قد يشير التردد في دعم الفرفار إلى ضعف القيادة الحزبية في التعامل مع الأزمات، ففي بعض الأحيان، تجد الأحزاب نفسها في موقف محرج عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن أعضائها في حالات كهذه، يمكن أن يكون الحزب قد أبدى عدم وضوح في كيفية التعامل مع الحادثة، مما جعله مترددًا في اتخاذ موقف قوي، قد يعكس ذلك ضعفًا في التنسيق داخل الحزب أو عدم وضوح استراتيجياته للتعامل مع الأزمات الداخلية. – الاعتبارات القانونية والتقنية: من جهة أخرى، يمكن أن يكون حزب الاستقلال قد فضل أن يترك الأمر للآليات البرلمانية للتعامل مع الحادثة، مثل التحقيقات التي قد تُجرى من قبل لجنة الأخلاقيات، ففي حالة عدم وضوح حقيقة الواقعة أو تباين الروايات حولها، قد يكون الحزب قد فضل عدم التدخل بشكل مباشر في قضية تتعلق بنزاع تقني أو شكلي داخل البرلمان، وقد يكون هذا القرار قائمًا على رغبة الحزب في احترام الإجراءات القانونية والدستورية المتعلقة بتسيير الجلسات البرلمانية، وفي ذات الوقت تجنب تقديم موقف قد يتبين فيما بعد أنه غير دقيق. . تأثير العلاقات داخل التحالفات البرلمانية: يجب أن نأخذ في الحسبان أن حزب الاستقلال جزء من التحالفات السياسية التي قد تكون حساسة للغاية، في حالة كان هناك توافق غير معلن بين حزب الاستقلال والأغلبية حول قضايا معينة، فقد يكون الدفاع الحاد عن برلماني من الحزب في هذه الحادثة يمثل تحديًا للعلاقات داخل هذا التحالف، كما ان خرجات الحزب سابقا لإنقاذ سياسات عن قضايا اجتماعية رغم انه جزء من الأغلبية جعل منتقديه يصفونه بحزب ' جوج وجوه ' . تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة

بركة يفجّر جدلاً داخل الأغلبية بإقراره فشل الحكومة في تحقيق هدف مليون منصب شغل
بركة يفجّر جدلاً داخل الأغلبية بإقراره فشل الحكومة في تحقيق هدف مليون منصب شغل

بلبريس

timeمنذ يوم واحد

  • بلبريس

بركة يفجّر جدلاً داخل الأغلبية بإقراره فشل الحكومة في تحقيق هدف مليون منصب شغل

بلبريس - ياسمين التازي أثار نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، غضب مكونات الحكومة بعدما أقر، خلال دورة المجلس الوطني لحزبه، بعدم إمكانية تحقيق هدف إحداث مليون منصب شغل صافٍ بحلول عام 2026، معتبراً أن هذا الالتزام الوارد في البرنامج الحكومي بعيد المنال، وفقاً لما أوردته مصادر جريدة "الصباح". وقد أثار تصريح بركة، المنتشر على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نقاشاً حاداً داخل مكونات الأغلبية، في وقت لقي إشادة من طرف المعارضة، التي اعتبرت كلامه "صريحاً وشجاعاً"، ويؤكد ما ظلت تردده منذ أشهر بشأن ضعف جدوى البرنامج الحكومي في مجال التشغيل. ويأتي تصريح بركة في سياق تؤكده معطيات المندوبية السامية للتخطيط، التي نفت أي تحسن ملموس في معدل البطالة، الذي لا يزال مستقراً عند عتبة 13 في المائة، رغم مختلف الجهود المبذولة من قبل الحكومة لدعم القطاع الخاص وتشجيعه على خلق فرص الشغل، وهو ما لم يتحقق فعلياً بسبب تركيز الفاعلين الاقتصاديين على العقار والتجارة والاستفادة من الدعم العمومي. وحسب المصادر ذاتها، فإن الغضب طال أيضاً حزب الأصالة والمعاصرة، خاصة أن يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل، والقيادي بالحزب، هو من يقود تنفيذ برنامج التشغيل، الذي تم تمديده إلى غاية سنة 2030، وربطه بورش تنظيم كأس العالم وتكوين مليون شاب في مدن المهن والكفاءات، وهي مشاريع تتطلب على الأقل سنتين لتظهر نتائجها. في المقابل، اعتبر حزب الاستقلال أن تصريح أمينه العام أجهض استغلالاً سياسياً محتملاً من طرف المعارضة، كان من شأنه أن يحرج الأغلبية الحكومية على بعد سنة ونصف من الاستحقاقات التشريعية المقبلة. وقال بركة بالحرف خلال الدورة الوطنية لحزبه: "ما يمكنش نحققو مليون منصب شغل من هنا لـ2026، وحنا كنقولو الحقيقة للمغاربة". وأوضح أن هناك تحسناً ملحوظاً في سوق الشغل، حيث تم إحداث حوالي 180 ألف منصب شغل صافٍ خلال الفصل الأول من 2025، مقابل فقدان 80 ألف منصب خلال نفس الفترة من السنة الماضية، وهو ما عزاه إلى الدينامية القوية التي تعرفها الاستثمارات العمومية، والتي بلغت هذا العام 340 مليار درهم، مقارنة بـ220 ملياراً سنة 2020. وأشار في هذا السياق إلى ارتفاع استثمارات وزارة التجهيز والماء من 40 إلى 70 مليار درهم. وفي ملف الأسعار، هاجم بركة بشدة المضاربين، متهماً إياهم بالجشع واستغلال الظرفية التضخمية لرفع هوامش الربح على حساب المواطنين، مؤكداً أن الحكومة لا تحمي الوسطاء بل تسعى جاهدة لمحاربتهم، من خلال مراجعة شاملة لسلاسل التوزيع التي تعاني اختلالات بنيوية. واختتم بركة مداخلته بالتأكيد على أهمية الحفاظ على التماسك داخل الأغلبية، داعياً إلى تجنب الصراعات المبكرة حول زعامة الانتخابات المقبلة، حتى لا ينعكس ذلك سلباً على أداء الحكومة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store