
«نحن المحيط» We are the Ocean
ستستضيف فرنسا الدورة الثالثة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمحيط من 9 إلى 13 يونيو 2025 « UNOC 3 ». ستكتسي هذه الفعالية طابعًا حاسمًا إذ سيجتمع خلالها مئات رؤساء الدول والحكومات وعشرات آلاف المشاركين والباحثين والعلماء والجهات الفاعلة الاقتصادية والناشطين في الجمعيات والمواطنين القادمين من جميع أنحاء العالم في مدينة نيس. وبهذه المناسبة، سيكون لفرنسا هدف واضح، وهو حماية المحيط من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة.
إن هذه الإجراءات الملموسة هي الكفيلة بحماية المحيطات. وتقوم فرنسا، الرائدة في مجال حماية المناطق البحرية بخطوات حاسمة في هذا المجال. فقد أنشأت أول منطقة بحرية محمية في عام 1941 (محمية جزيرة ليبريدور في كاليدونيا الجديدة). ويغطي اليوم ثلث المساحة البحرية الفرنسية (33, 4 % ) منطقة بحرية محمية واحدة على الأقل. وعلى الصعيد العالمي، تدعم فرنسا هدف حماية ما لا يقل عن 30 % من المحيطات بحلول عام 2030، مقابل 8, 4 % حالياً.
تبذل البحرين أيضًا قصارى جهدها في هذا المجال. ويمكننا أن نثني على سبيل المثال على الالتزامات التي تعهدت بها البحرين بزيادة مساحة زراعة أشجار القرم لأربعة أضعاف بحلول عام 2035. وقد انضمت البحرين في فبراير 2025 إلى اتفاقية تدابير دولة الميناء ( PSMA ) لمكافحة الصيد غير القانوني، والتزمت بتنفيذ لوائح تهدف إلى حماية التنوع البيولوجي البحري. وقد شددت أعلى السلطات خلال يوم البيئة الوطني، الذي نُظم في 24 أبريل الماضي، على هذه الالتزامات.
ويعتبر المحيط من الموارد المشتركة، فهو يغذي الشعوب ويحميها، ويتيح لنا أن نحلم وأن نسافر، كما يوفّر لنا طاقةً مستدامةً ووسائل للتجارة وموارد ومعارف علمية لا حدّ لها.
ويعتمد فردٌ من كل ثلاثة أفراد في موارد عيشه على المحيط، ولكنّ المحيط بخطرٍ. فهو فضاء لا يزال إلى حد كبير غير معروف، ولا يحظى بحوكمةٍ شاملة ولا بتمويلٍ يضمن الحفاظ عليه. والأرقام بشأنه تثير القلق، فوفق دراسةٍ أجرتها مجلّة العلوم يُرمى أكثر من 8 ملايين طنٍ من البلاستيك سنويًا في المحيط. ناهيك عن الإفراط في استغلال أكثر من ثلث الأرصدة السمكية، وتحمّض المياه وارتفاع مستوى سطح البحر ودمار النظم البيئية البحرية. فهذه الظواهر التي تترتب على تغير المناخ بصورةٍ مباشرةٍ آخذة بالتفاقم.
لقد حان وقت العمل، وأكثر من أي وقت مضى يجب أن نسعى إلى ارتقاء العمل المتعدد الأطراف إلى مستوى التحديات المرتبطة بحماية المحيط.
وتمثّل الدورة الثالثة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمحيط فرصةً تاريخيةً بعد مرور عشرة سنوات على الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس الذي أتاح صياغة إطار عالمي ملزم من أجل الحد من الاحترار العالمي. وستمثل «اتفاقيات نيس» ميثاقا دوليًا فعليًا من أجل حفظ المحيط واستخدامه على نحوٍ مستدام. وسيتماشى هذا الميثاق كذلك مع أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 2015.
من أجل تحقيق هذه الغاية، يجب أن تكون المناقشات في نيس ملموسة وموجهة نحو العمل. ولتحقيق ذلك، سيتعين العمل من أجل تحسين الحوكمة وزيادة التمويل وتعميق المعرفة بالبحر.
أما في مجال الحوكمة، فيُعدّ الاتفاق المُبرم في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية واستخدامه على نحو مستدام محفّزًا جوهريًا. في الوقت الراهن، لا تزال أعالي البحار، التي تمثّل أكثر من نسبة 60 في المائة من المحيطات، الحيّز الوحيد الذي لا يشمله القانون الدولي. ويفضي غياب الرقابة والقواعد المشتركة إلى كارثةٍ اجتماعية وبيئية فعليّة من قبيل التلوث الكثيف بالمحروقات والمواد البلاستيكية وأساليب الصيد غير الشرعية وغير المنظمة واصطياد الثدييات المحمية. ويجب الحصول على تصديق 60 بلدًا لكي يتاح للاتفاق المبرم في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية الدخول حيّز النفاذ، واستخدامه على نحو مستدام بغية وضع حدٍ لهذا الفراغ القانوني.
قدمت فرنسا إلى الأمم المتحدة، في 5 فبراير الماضي، صك تصديقها على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية، كما تحث جميع البلدان التي تشاركها الرغبة في حماية المحيطات على أن تحذو حذوها.
وتستدعي حماية المحيط كذلك حشد التمويل العام والخاص ودعم اقتصاد أزرق مستدام. ويجب أن نسعى للحرص على تجديد الموارد البحرية بغية مواصلة الاستفادة من الفرص الاقتصادية الهائلة التي يوفرها المحيط. وستُقطع عدة التزامات في نيس في مجال التجارة الدولية والنقل البحري والسياحة والاستثمار.
وأخيرًا، كيف يمكننا ان نحمي ما لا نعرفه أو ما نعلم عنه الا القليل؟ يجب أن نصقل معارفنا بشأن المحيط وننشرها على نحوٍ أفضل. لقد أصبحنا اليوم قادرين على رسم خرائط لسطح القمر أو سطح كوكب مارس، إلا أنّنا لا نزال نجهل قعر المحيط، علمًا أنّه يغطي نسبة 70 في المائة من مساحة كوكب الأرض! فلنحشد العلم والابتكار والتعليم سويًا من أجل فهم المحيط على نحوٍ أفضل، ولنوسع نطاق توعية عموم الناس بشأنه.
في مواجهة تغير المناخ المتسارع والاستغلال المفرط للموارد البحرية، لا يمثل المحيط مجرد قضية من بين قضايا أخرى. إنه شأننا جميعاً. ويجب ألا ينسينا التشكيك في جدوى تعدديّة الأطراف مسؤوليتنا المشتركة. ويمثّل المحيط رابطًا عالميًا يندرج في صميم مستقبلنا. ويمكننا معًا أن نجعل الدورة الثالثة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمحيط محطّةً فارقة لشعوبنا وأجيالنا المقبلة وكوكبنا
{ سفير الجمهورية الفرنسية لدى مملكة البحرين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار الخليج
منذ 4 أيام
- أخبار الخليج
«نحن المحيط» We are the Ocean
ستستضيف فرنسا الدورة الثالثة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمحيط من 9 إلى 13 يونيو 2025 « UNOC 3 ». ستكتسي هذه الفعالية طابعًا حاسمًا إذ سيجتمع خلالها مئات رؤساء الدول والحكومات وعشرات آلاف المشاركين والباحثين والعلماء والجهات الفاعلة الاقتصادية والناشطين في الجمعيات والمواطنين القادمين من جميع أنحاء العالم في مدينة نيس. وبهذه المناسبة، سيكون لفرنسا هدف واضح، وهو حماية المحيط من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة. إن هذه الإجراءات الملموسة هي الكفيلة بحماية المحيطات. وتقوم فرنسا، الرائدة في مجال حماية المناطق البحرية بخطوات حاسمة في هذا المجال. فقد أنشأت أول منطقة بحرية محمية في عام 1941 (محمية جزيرة ليبريدور في كاليدونيا الجديدة). ويغطي اليوم ثلث المساحة البحرية الفرنسية (33, 4 % ) منطقة بحرية محمية واحدة على الأقل. وعلى الصعيد العالمي، تدعم فرنسا هدف حماية ما لا يقل عن 30 % من المحيطات بحلول عام 2030، مقابل 8, 4 % حالياً. تبذل البحرين أيضًا قصارى جهدها في هذا المجال. ويمكننا أن نثني على سبيل المثال على الالتزامات التي تعهدت بها البحرين بزيادة مساحة زراعة أشجار القرم لأربعة أضعاف بحلول عام 2035. وقد انضمت البحرين في فبراير 2025 إلى اتفاقية تدابير دولة الميناء ( PSMA ) لمكافحة الصيد غير القانوني، والتزمت بتنفيذ لوائح تهدف إلى حماية التنوع البيولوجي البحري. وقد شددت أعلى السلطات خلال يوم البيئة الوطني، الذي نُظم في 24 أبريل الماضي، على هذه الالتزامات. ويعتبر المحيط من الموارد المشتركة، فهو يغذي الشعوب ويحميها، ويتيح لنا أن نحلم وأن نسافر، كما يوفّر لنا طاقةً مستدامةً ووسائل للتجارة وموارد ومعارف علمية لا حدّ لها. ويعتمد فردٌ من كل ثلاثة أفراد في موارد عيشه على المحيط، ولكنّ المحيط بخطرٍ. فهو فضاء لا يزال إلى حد كبير غير معروف، ولا يحظى بحوكمةٍ شاملة ولا بتمويلٍ يضمن الحفاظ عليه. والأرقام بشأنه تثير القلق، فوفق دراسةٍ أجرتها مجلّة العلوم يُرمى أكثر من 8 ملايين طنٍ من البلاستيك سنويًا في المحيط. ناهيك عن الإفراط في استغلال أكثر من ثلث الأرصدة السمكية، وتحمّض المياه وارتفاع مستوى سطح البحر ودمار النظم البيئية البحرية. فهذه الظواهر التي تترتب على تغير المناخ بصورةٍ مباشرةٍ آخذة بالتفاقم. لقد حان وقت العمل، وأكثر من أي وقت مضى يجب أن نسعى إلى ارتقاء العمل المتعدد الأطراف إلى مستوى التحديات المرتبطة بحماية المحيط. وتمثّل الدورة الثالثة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمحيط فرصةً تاريخيةً بعد مرور عشرة سنوات على الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس الذي أتاح صياغة إطار عالمي ملزم من أجل الحد من الاحترار العالمي. وستمثل «اتفاقيات نيس» ميثاقا دوليًا فعليًا من أجل حفظ المحيط واستخدامه على نحوٍ مستدام. وسيتماشى هذا الميثاق كذلك مع أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 2015. من أجل تحقيق هذه الغاية، يجب أن تكون المناقشات في نيس ملموسة وموجهة نحو العمل. ولتحقيق ذلك، سيتعين العمل من أجل تحسين الحوكمة وزيادة التمويل وتعميق المعرفة بالبحر. أما في مجال الحوكمة، فيُعدّ الاتفاق المُبرم في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية واستخدامه على نحو مستدام محفّزًا جوهريًا. في الوقت الراهن، لا تزال أعالي البحار، التي تمثّل أكثر من نسبة 60 في المائة من المحيطات، الحيّز الوحيد الذي لا يشمله القانون الدولي. ويفضي غياب الرقابة والقواعد المشتركة إلى كارثةٍ اجتماعية وبيئية فعليّة من قبيل التلوث الكثيف بالمحروقات والمواد البلاستيكية وأساليب الصيد غير الشرعية وغير المنظمة واصطياد الثدييات المحمية. ويجب الحصول على تصديق 60 بلدًا لكي يتاح للاتفاق المبرم في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية الدخول حيّز النفاذ، واستخدامه على نحو مستدام بغية وضع حدٍ لهذا الفراغ القانوني. قدمت فرنسا إلى الأمم المتحدة، في 5 فبراير الماضي، صك تصديقها على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية، كما تحث جميع البلدان التي تشاركها الرغبة في حماية المحيطات على أن تحذو حذوها. وتستدعي حماية المحيط كذلك حشد التمويل العام والخاص ودعم اقتصاد أزرق مستدام. ويجب أن نسعى للحرص على تجديد الموارد البحرية بغية مواصلة الاستفادة من الفرص الاقتصادية الهائلة التي يوفرها المحيط. وستُقطع عدة التزامات في نيس في مجال التجارة الدولية والنقل البحري والسياحة والاستثمار. وأخيرًا، كيف يمكننا ان نحمي ما لا نعرفه أو ما نعلم عنه الا القليل؟ يجب أن نصقل معارفنا بشأن المحيط وننشرها على نحوٍ أفضل. لقد أصبحنا اليوم قادرين على رسم خرائط لسطح القمر أو سطح كوكب مارس، إلا أنّنا لا نزال نجهل قعر المحيط، علمًا أنّه يغطي نسبة 70 في المائة من مساحة كوكب الأرض! فلنحشد العلم والابتكار والتعليم سويًا من أجل فهم المحيط على نحوٍ أفضل، ولنوسع نطاق توعية عموم الناس بشأنه. في مواجهة تغير المناخ المتسارع والاستغلال المفرط للموارد البحرية، لا يمثل المحيط مجرد قضية من بين قضايا أخرى. إنه شأننا جميعاً. ويجب ألا ينسينا التشكيك في جدوى تعدديّة الأطراف مسؤوليتنا المشتركة. ويمثّل المحيط رابطًا عالميًا يندرج في صميم مستقبلنا. ويمكننا معًا أن نجعل الدورة الثالثة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمحيط محطّةً فارقة لشعوبنا وأجيالنا المقبلة وكوكبنا { سفير الجمهورية الفرنسية لدى مملكة البحرين


أخبار الخليج
١١-٠٥-٢٠٢٥
- أخبار الخليج
لماذا جاءت البحرين في صدارة تقرير التنمية البشرية لعام 2025؟
مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( UNDP ) في 170 دولة ومنطقة حول العالم؛ لتعزيز التنمية البشرية، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والتي تُركز على قضايا الفقر، وعدم المساواة، والحوكمة، والمرونة، والبيئة، والطاقة، والمساواة بين الجنسين. ومنذ صدور أول تقرير له عام 1990، دأب البرنامج على إصدار تقرير التنمية البشرية بشكل سنوي تقريبًا، مع بعض الإصدارات المزدوجة كما في أعوام (2007-2008، و2021-2022، و2023-2024)، بينما توقّف الإصدار في أعوام (2012، و2017، و2018). وتُعد هذه التقارير مرجعًا رئيسيًا لأحدث نتائج مؤشر التنمية البشرية ( HDI )، الذي يعتمد على مزيج إحصائي من أبرز مقاييس التنمية البشرية حول العالم، في مقدمتها متوسط العمر المتوقع، ومستوى التعليم، ونصيب الفرد من الدخل. ويتناول كل تقرير من تقارير التنمية البشرية محورًا محددًا يُخصص للتحليل وبلورة التوصيات، بدءًا من قضايا الأمن البشري، مرورًا بالنوع الاجتماعي، وآثار الاستهلاك المتزايد، والأمن المائي، والاستدامة، وصولًا إلى التأثيرات البيئية للتنمية البشرية على الغلاف الجوي. ففي تقرير عام 2023/2024، ركّز على أهمية تعزيز التعاون في عالم يشهد تصاعدًا في الاستقطاب والانقسامات. وفي تقرير عام 2025، تم تسليّط الضوء على قضايا جوهرية، مثل الناس والإمكانيات في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث أثار مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيم شتاينر، تساؤلات حول المفارقة بين السرعة التي تتقدم بها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وبين جمود مسار التنمية البشرية عالميًا. وتساءل عمّا إذا كنا نقف على أعتاب نهضة يقودها الذكاء الاصطناعي، أم أننا نسير من دون وعي نحو مستقبل يتسم بتفاقم عدم المساواة وتآكل الحريات؟ وفيما يتعلق بأحدث مؤشر للتنمية البشرية، وعلى الرغم من تحقيقه قيمة عالمية إجمالية وصلت إلى مستوى قياسي، فإن نموه خلال العام المنصرم هو الأدنى له منذ 35 عامًا، حيث أظهر أن فجوة التنمية بين البلدان ذات المستوى المرتفع جدًا، والمنخفض آخذة في الاتساع، بدلاً من تقلصها خلال فترة السنوات الأربع الماضية. وفي أحدث تصنيفات المؤشر، احتلت البحرين، المرتبة 38 من بين 193 دولة، بقيمة (0.899)، بتصنيفها كدولة تحظى بـتنمية بشرية عالية جدًا، لتأتي بجانب جيرانها في مجلس التعاون الخليجي، حيث تبعت الإمارات، والسعودية في قائمة المتصدرين العالميين. وفيما يتعلق بالتنمية الوطنية، تضع الأمم المتحدة، مقاييس تحسين التعليم، والرعاية الصحية، والوصول إلى الموارد، والمساواة بين الجنسين، كعناصر أساسية، ومن ثمّ، ليس من المستغرب أن تتضمن أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر للمنظمة -والتي تسعى إلى تحقيقها بحلول عام 2030- (القضاء على الفقر والجوع في جميع أنحاء العالم، وضمان التعليم الشامل والجيد للجميع، وتمكين النساء والفتيات، وضمان الحصول على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، وتوفير الطاقة بأسعار معقولة وموثوقة، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام)، كل ذلك بالتزامن مع اتخاذ إجراءات لمكافحة تغير المناخ، وتعزيز السلام والعدالة على الصعيد الدولي. وفي أحدث تصنيفات الدول المتقدمة بالعالم، احتلت الاقتصادات المتقدمة في أوروبا الغربية مكانة بارزة، حيث شغلت أيسلندا المرتبة الأولى بقيمة (0.972)، تليها النرويج وسويسرا (كلاهما 0.970)، والدنمارك (0.962)، وألمانيا (0.959). ومن بين أبرز الاقتصادات العالمية، احتلت المملكة المتحدة المرتبة 13 (0.946)، والولايات المتحدة الأمريكية المرتبة 17 (0.938)، واليابان المرتبة 23 (0.925)، وفرنسا المرتبة 26 (0.920)، بينما جاءت الصين في المرتبة 78، بنتيجة (0.797). وبإجمالي نقاط (0.899)، احتلت البحرين المرتبة 38 بين دول العالم. وتمت الإشارة إلى أن متوسط العمر المتوقع فيها -البالغ 81.3 عامًا- يُضاهي متوسطات الاقتصادات المتقدمة في أوروبا الغربية. وعلى الرغم من أن عدد سنوات الدراسة المتوقعة حاليًا (15.9 عامًا)، ومتوسط سنوات الدراسة (11.1 عامًا)، أقل من مثيلاتها في الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية الرائدة؛ إلا أن الرقم السابق أعلى من الرقم المسجل في الإمارات (15.6 عامًا)، وفي كلا الفئتين، تحتل المملكة مرتبة أعلى من قطر، وسلطنة عُمان، والكويت. وفيما يتعلق بمقياس نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي كمقياس لتقييم التنمية؛ فإن نسبة البحرين البالغة (52, 819 دولارًا أمريكيًا)، تظهر أنها أقل بقليل من درجة المملكة المتحدة (54, 372 دولارًا أمريكيًا) وكندا (54, 688 دولارًا أمريكيًا)، وأعلى من مستوى كوريا الجنوبية، واليابان (49, 726 دولارًا أمريكيًا و47, 775 دولارًا أمريكيًا على التوالي). وعلى الصعيد الإقليمي، تحتل أيضًا مرتبة أعلى من السعودية (50, 299 دولارًا أمريكيًا)، وعُمان (36, 096 دولارًا أمريكيًا). ويتجلى التقدم المتواصل لمؤشر التنمية البشرية في المملكة من خلال الارتفاع الملحوظ في قيمته، حيث سجّل نموًا من (0.734) في عام 1990، إلى (0.810) مع مطلع الألفية الجديدة، ثم واصل ارتفاعه ليبلغ حاليًا (0.899) بعد مضي خمسةٍ وعشرين عامًا. وبلغ متوسط النمو السنوي للمؤشر منذ عام 1990 وحتى الآن نحو 0.62 % ، في حين شهدت الفترة بين عامي 2010 و2023 أعلى معدلات التقدم، حيث نما خلالها بمعدل سنوي بلغ 0.81 % . ووفقًا لبيانات اليونسكو، الواردة في تقرير التنمية البشرية ذاته، فإن 46 % من خريجي مجالات العلوم والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات في البحرين هم من النساء، وهي نسبة تفوق المتوسط العالمي البالغ 35 % ، كما تتجاوز هذه النسبة مثيلتها في الإمارات (45 % )، وفي عدد من الدول الأوروبية، مثل ألمانيا (28 % )، وفرنسا (31 % ). وبالنسبة إلى بقية دول الخليج، جاءت الإمارات في المرتبة الـ15 عالميًا بالنسبة إلى مؤشر التنمية البشرية، بدرجة تبلغ (0.946)، متقدمة بذلك على المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، واليابان، وفرنسا. بينما احتلت السعودية المرتبة الـ37 (0.900)، وقطر الـ43 (0.886)، تلتها سلطنة عمان (0.858)، ثم الكويت (0.852). وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كانت إسرائيل هي الأعلى تصنيفًا في المرتبة الـ27، بينما جاءت الجزائر في المرتبة الـ96، كأعلى دولة عربية غير خليجية، بدرجة (0.763)، تلتها مصر، والأردن (كلاهما 0.754)، ثم لبنان في المرتبة 102. أما في ذيل الترتيب العالمي، فقد جاءت فلسطين في المرتبة 133 (0.674)، وسوريا في المرتبة 162، واليمن في المرتبة 184. ويبلغ متوسط مؤشر التنمية البشرية في الدول العربية (0.719)، وهو أعلى فقط من منطقتي جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. أما فيما يخص مؤشر التنمية البشرية للمرأة، فقد سجلت البحرين، درجة (0.870)، وهي أعلى من الدرجات المسجلة في السعودية، وسلطنة عمان، والكويت، ويبلغ متوسط العمر المتوقع للنساء بها 82 عامًا. وفيما يخص مؤشر التنمية بين الجنسين، فإن متوسط درجة الدول العربية يبلغ (0.871)، وهو الأدنى على مستوى العالم، وأقل بقليل من متوسط جنوب آسيا (0.872)، ويقل كثيرًا عن مستوى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (0.986). وتجدر الإشارة إلى أن تقرير التنمية البشرية لعام 2025، يركّز على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتي وصفها بأنها بطاقة جامحة للتنمية، مشيرا إلى أن التركيز الدولي في تناول هذه التكنولوجيا ينصب على سباقات التسلح، والسياسات المرتبطة بالمخاطر، متجاهلًا الجوانب الإيجابية لها، وعلى رأسها إمكانية تشكيل إمكانياتها من خلال خيارات الناس بصورة منضبطة. ويؤكد التقرير أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يشكّل أداة فعّالة لتعزيز التنمية البشرية، وبالتالي فإن السؤال المطروح هو: ما الخيارات التي يمكن اتخاذها لجعل الذكاء الاصطناعي يعمل لصالح الناس؟ وقد علّق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بأن الاعتبارات التنموية تعتمد بدرجة أقل على ما تستطيع هذه التقنيات فعله، وأكثر على مدى تحفيز خيال البشر لإعادة تشكيل الاقتصادات والمجتمعات، وتحقيق أكبر فائدة ممكنة منه. وفي هذا السياق، أوضح التقرير أن ما يقارب 20 % من المشاركين في استطلاع عالمي، يستخدمون الذكاء الاصطناعي بشكل كبير حاليًا، بينما يتوقع ثلثا الأفراد في البلدان ذات التصنيف المنخفض والمتوسط والعالي بمؤشر التنمية البشرية، استخدام هذه التكنولوجيا في مجالات، مثل التوظيف، والتعليم، والرعاية الصحية خلال العام المقبل. ومع التفاوت الكبير في مستويات جاهزية الدول الـ193، التي شملها تقييم الأمم المتحدة لدمج الذكاء الاصطناعي في مجتمعاتها؛ أوصى تقرير التنمية البشرية بعدد من السياسات التي ينبغي أن يعتمدها صناع القرار. في مقدمتها الدعوة إلى بناء اقتصاد تكميلي، يتفاعل بفعالية مع الذكاء الاصطناعي، ويسهم في توجيه استخدامه، بدلاً من الاكتفاء برد الفعل تجاهه، فضلا عن اعتماد الابتكار بالقصد، حيث يُوظف الذكاء الاصطناعي لدعم وتعزيز العمليات الإبداعية دون أن يحل محلها. وأخيرًا، ضرورة الاستثمار في القدرات الجوهرية، عبر تسخير مرونة الذكاء الاصطناعي في ميادين حيوية كالصحة والتعليم، بما يحفز نشوء نماذج تعاون أعمق بين الإنسان والتكنولوجيا. ومع تسارع انتشار الذكاء الاصطناعي، وزيادة قدراته وتطبيقاته في مختلف التخصصات، يؤكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن هذه التكنولوجيا تحمل في طياتها فرصًا كبيرة لتعزيز التنمية على مستوى العالم. وفي حالة البلدان المصنفة في فئة التنمية البشرية المرتفعة جدًا، مثل البحرين، يُتوقع أن يكون الوصول إلى تقنياته، محركًا رئيسيًا، لمزيد من النمو الاقتصادي، لاسيما في قطاعي التعليم، والرعاية الصحية، وهو ما سينعكس إيجابًا على مكونات مؤشر التنمية البشرية الثلاثة: متوسط العمر المتوقع، وسنوات التعليم، والدخل القومي الإجمالي.


أخبار الخليج
١٤-٠٤-٢٠٢٥
- أخبار الخليج
وزير المواصلات يؤكد حرص البحرين على تعزيز التعاون والشراكة الاستراتيجية مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة
استقبل الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة وزير المواصلات والاتصالات، بمقر الوزارة، أسماء شلبي الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدى مملكة البحرين. وخلال الاجتماع، أكد الوزير حرص مملكة البحرين على تعزيز التعاون والشراكة الاستراتيجية مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، لاسيما في مجالات النقل والمواصلات والتحول الرقمي، بما يدعم تطلعاتها التنموية في ضوء رؤية البحرين الاقتصادية وأهداف التنمية المستدامة 2030. واستعرض الجانبان أوجه التعاون وتبادل الخبرات في تعزيز الابتكار التكنولوجي والبنية التحتية الرقمية، وتمكين الكفاءات الوطنية، ودعم البرامج والمشاريع والمبادرات المشتركة، بالتوافق مع إطار الشراكة الاستراتيجية للتنمية المستدامة الموقع مع وكالات الأمم المتحدة للفترة (2025-2029). من جانبها، أعربت الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( UNDP ) عن شكرها وتقديرها للوزير على اهتمامه بتعزيز التعاون والشراكة مع الأمم المتحدة، ودعم أهداف التنمية المستدامة لاسيما في قطاعات النقل والمواصلات والاتصالات، متمنية للمملكة وشعبها دوام التقدم والازدهار.