
أوروبا تراجع شراكتها مع إسرائيل: خطوة رمزية أم تحوّل استراتيجي؟
سمحت إسرائيل، وبعد أكثر من شهرين، بدخول المساعدات الإنسانية مجدداً إلى قطاع غزة، غير أن الكميات المحدودة وصعوبات التوزيع بسبب عدم حصول الأمم المتحدة على التصاريح اللازمة، إلى جانب بقاء عدد كبير من الشاحنات عالقاً في المناطق الحدودية، دفعت الأوروبيين إلى التخلي أخيراً عن موقف الترقب السلبي حيال الكارثة الإنسانية هناك. وبهذا، وجّهت دول الاتحاد الأوروبي رسالة واضحة وقوية إلى إسرائيل، إذ صوتت غالبية الدول الأعضاء في بروكسل مطلع هذا الأسبوع، وبعد "مناقشات مكثفة"، لصالح وضع اتفاق الشراكة والتعاون بين المفوضية الأوروبية وإسرائيل موضع مراجعة. فماذا تعني هذه الخطوة بالنسبة إلى إسرائيل وأوروبا؟
ردع السلوك الإجرامي
رأى محللون أن التكتل الأوروبي استشعر بأنه لم يعد بإمكانه الاستمرار في تقديم دعم غير مشروط لإسرائيل، وهو دعم لن يفضي سوى إلى المزيد من الخيبة في ظل استمرار القتل الوحشي والدمار في غزة، والخطر المتزايد بأن تصبح أوروبا شريكاً في جرائم ضد الإنسانية. لذلك، كان الهدف توجيه إشارة قوية إلى إسرائيل خلال اجتماع وزراء الخارجية في بروكسل، تتمثل في التحقق مما إذا كانت تل أبيب لا تزال ملتزمة بالمبادئ الأساسية لاتفاقية الشراكة، لا سيما أن المادة الثانية منها تنص على أن احترام حقوق الإنسان شرط أساسي في العلاقة بين الأطراف المتعاقدة. وفي هذا السياق، تحدثت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن "سوء فهم كامل" للواقع المعقّد الذي تواجهه تل أبيب.
إلى ذلك، فإن المقترح الهولندي ببدء تحقيق في مدى التزام إسرائيل بمتطلبات التعاون مع الاتحاد الأوروبي، يحمل في طياته عواقب وخيمة وبعيدة المدى على إسرائيل. إذ من شأن هذا المقترح أن يُفضي إلى رفض التمديد المخطط له حالياً لخطة العمل المشتركة بين الطرفين لمدة عامين، دون مراجعة اتفاقية الشراكة، في وقت كانت إسرائيل تأمل فيه بتعزيز اندماجها في البرامج الأوروبية، بما يمنحها أساساً متيناً لاستمرار التعاون، وتوسيع نطاقه ليشمل منتجات حيوية أخرى كالأدوية وقطاعات التكنولوجيا. وهذا من شأنه أن يفاقم حالة التذبذب في العلاقة، ويزيد الشكوك بشأن رفع مستوى التبادل التجاري، الذي بلغ العام الماضي نحو 42.6 مليار يورو. ويُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأهم لإسرائيل، حتى قبل الولايات المتحدة.
يشير مصطلح "إجراء مراجعة" في سياق معاهدات التجارة مع الاتحاد الأوروبي إلى عملية تُفحص من خلالها الاتفاقية من جوانب متعددة قبل توقيعها أو بعده، وتشمل تحليل الآثار الإيجابية والسلبية المحتملة على التجارة والنمو الاقتصادي والتوظيف والاستهلاك والبيئة، إلى جانب تقييم مدى توافق شروط الاتفاق مع أهداف الاتحاد الأوروبي، وتحديد المخاطر والتحديات المحتملة، وقد تُفضي المراجعة إلى إجراء تعديلات ضرورية.
الإرادة السياسية
وفي حين أن دولاً مثل ألمانيا والمجر والتشيك والنمسا ليست مستعدة لاتخاذ خطوات من شأنها تعليق المعاهدة، تعتبر الباحثة في العلاقات الدولية إلينا فسترمان، في تصريح لـ"النهار"، أنه وبعدما حافظ الاتحاد الأوروبي على علاقات خاصة مع إسرائيل على مدى نحو ربع قرن، باتت اتفاقية الشراكة السياسية والاقتصادية، التي دخلت حيّز التنفيذ في حزيران/يونيو 2000، أكثر أهمية من أي وقت مضى. ويأتي ذلك في ظل تشديد الخناق على غزة، وتعثر المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، وتحذيرات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة من مجاعة محتملة بسبب نقص الغذاء والدواء والمعدات الطبية، وهو ما زاد من حدة السخط الأوروبي وقلّص عدد الحكومات الداعمة لإسرائيل.
وانضمت دول مثل هولندا وبلجيكا وبريطانيا والنرويج، التي تتمتع بعلاقات ودية مع تل أبيب، إلى إسبانيا وإيرلندا، اللتين تقودان حملة للتصدي لسياسات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يُتهم بالتعاطي بفوقية مع أزمات الشرق الأوسط. ولم تعد هذه الدول ترغب في الوقوف مكتوفة الأيدي، وباتت المطالبة بفرض عواقب تشكل توجّهاً لدى نحو ثلثي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وعليه، لا يمكن تجاهل حقيقة أن وجود إرادة سياسية قوية قد يُمكّن الاتحاد الأوروبي من فرض نفوذه على إسرائيل، لا سيما أنه يزوّدها بما لا يقل عن ثلث وارداتها من الأسلحة. وقد يدفع هذا التوجّه، وبفعل ضغوط دول مثل السويد، نحو فرض عقوبات على وزراء في الحكومة الإسرائيلية.
في خضم ذلك، كانت ألمانيا من بين الدول الرافضة لمراجعة الإطار العام للاتفاقية، والتي تشمل، من بين أمور أخرى، حركة البضائع المعفاة من الرسوم الجمركية، إذ لا ترغب الحكومة الفيدرالية في تعريض قنوات التواصل القائمة مع إسرائيل للخطر. كما ترى أن اتفاقية الشراكة توفر منتدى لمعالجة القضايا الحساسة. وفي هذا السياق، قال نائب المستشار الألماني الاشتراكي لارس كلينغبايل، لشبكة ARD الإخبارية، على هامش قمة مجموعة السبع في كندا، إن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وفقاً للمعايير الدولية"، لكنه أضاف: "هذا لا يُغيّر من حقيقة أننا ندعم إسرائيل، وفي الوقت نفسه من الصواب أن نزيد الضغط عليها لوقف معاناة المدنيين في غزة".
من جانبها، وصفت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، ما سمح به نتياهو من دخول مساعدات بأنه "قطرة في محيط"، مؤكدة أن الوضع في غزة لا يزال كارثياً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المنار
منذ ساعة واحدة
- المنار
العدو الاسرائيلي يستهدف من يحمي المساعدات الإنسانية في غزة
أدان 'المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان' في بيان له السبت 'بأشد العبارات هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي، على عناصر أمن ومدنيين كانوا يؤمنون مرور شاحنات مساعدات إنسانية عبر طريق صلاح الدين، بين منطقتي الرمزون ومدرسة المزرعة جنوب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد منهم في وقت غضت فيه الطرف عن اللصوص المسلحين'. وأوضح المركز ان 'الجريمة وقعت حوالي الساعة 22:40 من يوم الخميس 22/5/2025، عندما أقدمت مجموعة من اللصوص المسلحين، يُقدّر عددهم بنحو 15 شخصًا، على نصب كمين للشاحنات التي كانت تقل مساعدات عند المدخل الجنوبي لدير البلح، في المحافظة الوسطى، مستخدمين عربات النفايات لإغلاق الطريق، قبل أن يطلقوا نيرانهم بغزارة في محاولة لسرقة الشاحنات المحملة بالمساعدات'. وأضاف المركز 'عندما حاول عناصر الأمن ولجان الحماية التدخل، تفاجأ الجميع بطائرات مروحية إسرائيلية ومُسيّرات تطلق صواريخها نحو عناصر الأمن ولجان الحماية بشكل مباشر، ما أدى إلى مقتل أو إصابتهم على الفور'، وتابع 'لم تكتف قوات الاحتلال بذلك، بل أطلقت طائرات الكواد كابتر الإسرائيلية النار على كل من اقترب من الجرحى لمحاولة إسعافهم، في جريمة مركّبة تستهدف إتمام القتل ومنع عمليات الإنقاذ'، ولفت الى انه 'بعد نحو ربع ساعة، أطلقت الطائرات صواريخ أخرى على ذات الموقع، مستهدفة مواطنين آخرين تجمهروا قرب المكان في محاولة لإخلاء المصابين'. وأشار المركز إلى 'انتشال جثامين 5 شهداء ونقل 6 مصابين إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح'، وأكد أن 'هذه الجريمة البشعة تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لا تكتفي بالتجويع والحصار، بل تلاحق من يحاول تأمين المساعدات الإنسانية وتصرّ على حماية المجرمين واللصوص، وهو أمر تكرر عشرات المرات سابقًا، ما يدلل على أن إعلانها إدخال مساعدات محدودة'. وشدد المركز على أن 'تكرار استهداف فرق الحماية والإنقاذ، بما في ذلك سيارات الإسعاف والمدنيين الذين يهرعون لإنقاذ المصابين، يمثل سياسة ممنهجة تقوم على إدامة القتل، ومنع وصول المساعدات، وخلق بيئة من الفوضى والانهيار الأمني في المناطق المنكوبة جراء جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة للشهرين على التوالي'، وطالب 'المجتمع الدولي بضرورة التحرك بشكل فوري وعاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية الوحشية الجارية ضد الفلسطينيين، وضمان احترام القانون الإنساني الدولي، واتخاذ إجراءات صارمة من أجل فرض دخول المساعدات الإنسانية بالكامل دون شروط إلى جميع أنحاء قطاع غزة، ورفع الحصار غير القانوني عن غزة فورًا وبشكل دائم، وتوفير الحماية الكاملة للطواقم الإنسانية والإغاثية، وتمكين المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة من الإشراف على عملية توزيع المساعدات وضمان حيادها'.

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
استراتيجية زيلينسكي الجديدة.. هل اقترب "القرار" الأوروبي الحاسم؟
ويركز زيلينسكي على تعزيز القدرة الدفاعية لأوكرانيا من خلال فتح الباب للاستثمارات في الصناعات العسكرية داخل البلاد، خطوة ذكية تهدف إلى بناء قاعدة صناعية متطورة تقلل من اعتماد كييف على الخارج على المدى الطويل. وأكد مصدر دبلوماسي أوكراني، أن زيلينكسي يُحضر لتكثيف اتصالاته مع حلفاءه الغربيين، وتحديداً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للإسراع بمشاركة القوات الأوروبية على الأراضي الأوكرانية، ومشاركتها المباشرة في العمليات القتالية تشكل عنصرًا حيويًا لمنع توسع النزاع إلى دول الاتحاد الأوروبي. وأوضح المصدر الدبلوماسي لـ"إرم نيوز"، أن الرئيس الأوكراني يخطط لإغراء حلفائه بفتح باب الاستثمارات الفعلية في الصناعات العسكرية داخل الأراضي الأوكرانية، وذلك على غرار اتفاقية المعادن النادرة التي وقعها مع الولايات المتحدة الأمريكية. وأضاف أن زيلينكسي يخطط، الآن، لإقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدم النظر إلى الحرب على أنها صراع بين طرفين متساويين، وضرورة تقديم بوتين للمحاكمة الجنائية الدولية باعتباره مجرم حرب. وأشار إلى أن أوكرانيا تذكر باستمرار المجتمع الدولي بأن العدوان الروسي تسبب في ارتكاب عدد كبير من الجرائم وأدى إلى أضرار مادية تجاوزت تريليون دولار حتى أغسطس 2024. ولفت إلى عدم معاقبة مرتكبي هذه الجرائم، وعدم توفير تعويضات مادية عادلة سيشكل سابقة سلبية على المستوى العالمي، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان تحقيق العدالة وتعويض المتضررين. وأكد المصدر أن روسيا تستغل المفاوضات كوسيلة لتمديد القتال، متجنبًة اتخاذ خطوات جدية لإنهاء الحرب، في محاولة لتجنب فرض عقوبات اقتصادية أشد قد تضر باقتصادها. وبين أن التاريخ الحديث يُظهر أن القوة العسكرية وحدها لا تضمن بقاء الدول. وذكّر بانهيار الاتحاد السوفيتي الذي لم يُهاجم عسكريًا، لكنه انهار تحت وطأة الأزمات الاقتصادية. كما شدد على أن الضغوط الاقتصادية المتواصلة قد تؤدي في النهاية إلى هزيمة روسيا في هذه الحرب.


سيدر نيوز
منذ 2 ساعات
- سيدر نيوز
الفوضى تتفشى في غزة بينما ينتظر السكان اليائسون وصول الطعام
EPA تسببت كمية الغذاء المحدودة التي وصلت إلى غزة بعد رفع الحصار الإسرائيلي جزئياً، في انتشار الفوضى، مع استمرار انتشار الجوع بين سكان القطاع. فقد اكتظت المخابز التي توزع الطعام بالحشود، وأُجبرت على الإغلاق يوم الخميس. وفي الليل هاجم لصوص مسلحون قافلة مساعدات، ما أدى إلى تبادل إطلاق النار مع مسؤولي أمن حماس، الذين استهدفتهم غارة لطائرة إسرائيلية مُسيرة، بحسب شهود عيان. وتؤكد الحادثة التي وقعت في وسط غزة، ورواها شهود عيان وصحفيون محليون ومسؤولون من حماس لبي بي سي، على تدهور الوضع الأمني في غزة، حيث انهارت حكومة حماس وعمّت الفوضى. ووقعت الحادثة أثناء توجه قافلة مكونة من 20 شاحنة تحمل الدقيق من معبر كرم أبو سالم إلى مستودع تابع لبرنامج الغذاء العالمي في مدينة دير البلح، ودخلت القطاع بتنسيق من برنامج الغذاء العالمي. ورافق القافلة ستة عناصر من أمن حماس عندما تعرضت لكمين نصبه خمسة مسلحين مجهولين، أطلقوا النار على إطارات الشاحنة وحاولوا الاستيلاء على حمولتها. وقال شهود عيان لبي بي سي نيوز إن فريق التأمين التابع لحماس اشتبك مع المهاجمين في تبادل إطلاق نار قصير. وبعد وقت قصير من بدء الاشتباك، استهدفت طائرات إسرائيلية مُسيرة فريق حماس بأربعة صواريخ، ما أدى إلى مقتل ستة ضباط وإصابة آخرين. مجلس أوروبا يقول إن ما يحدث في غزة 'قد يرقى إلى مستوى تطهير عرقي وإبادة جماعية'، ونتنياهو يتّهم بريطانيا وكندا وفرنسا بالوقوف 'في الجانب الخطأ من الإنسانية' EPA وأصدرت حماس بياناً أدانت فيه الهجوم ووصفته بأنه 'مجزرة مروعة'، متهمة إسرائيل باستهداف الأفراد المكلفين بحماية المساعدات الإنسانية عمداً. بينما رد الجيش الإسرائيلي ببيان قال فيه إن إحدى طائراته حددت هوية 'عدد من المسلحين، من بينهم إرهابيون من حماس'، بالقرب من شاحنات مساعدات إنسانية في وسط غزة 'وضربت المسلحين بعد التعرف عليهم'. وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه سيبذل 'كل الجهود الممكنة لضمان عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى أيدي المنظمات الإرهابية'. وسمحت إسرائيل بمرور كمية صغيرة من الغذاء إلى غزة هذا الأسبوع؛ حيث عبرت نحو 130 شاحنة محملة بالمساعدات إلى داخل القطاع في الأيام الثلاثة الماضية، بعد أن رفع الجيش الإسرائيلي جزئياً الحصار المستمر منذ 11 أسبوعاً. وتقول الأمم المتحدة إن غزة تحتاج إلى ما بين 500 إلى 600 شاحنة من الإمدادات يومياً. وحذرت وكالات دولية، منها الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، مراراً وتكراراً من أن انعدام الأمن المتزايد يعوق توصيل الإمدادات الغذائية والطبية التي يحتاجها السكان بشدة، ومعظمهم من النازحين داخل غزة. وتقول إسرائيل إن الحصار يهدف إلى الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، كما اتهمت حماس أيضاً بسرقة الإمدادات، وهو ما نفته الحركة. وأكد برنامج الأغذية العالمي نهب 15 شاحنة مساعدات تابعة له مساء الخميس، قائلاً إن 'الجوع واليأس والقلق حول إمكان وصول المساعدات الغذائية يساهم في تفاقم انعدام الأمن'. ودعت المنظمة الدولية إسرائيل إلى المساعدة في ضمان المرور الآمن للإمدادات. وكتب فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على منصة إكس، أنه لا ينبغي أن 'يتفاجأ' أحد 'أو يشعر بالصدمة' من نهب المساعدات؛ لأن 'أهل غزة يعانون الجوع والحرمان من الأساسيات مثل المياه والأدوية لأكثر من 11 أسبوعاً'. وقبل دخول قافلة المساعدات يوم الخميس، تجمع فلسطينيون غاضبون وجائعون خارج المخابز في غزة، في محاولة يائسة للحصول على الخبز، لكن سرعان ما تحول الوضع إلى حالة من الفوضى، ما اضطر السلطات إلى وقف التوزيع. كما اضطرت معظم المخابز لتعليق عملياتها، مشيرة إلى انعدام الأمن. وأعرب العديد من السكان في مختلف أنحاء غزة عن شعورهم بالإحباط المتزايد، بسبب طريقة توزيع المساعدات، وانتقدوا برنامج الأغذية العالمي الذي يشرف على تسليم الأغذية. وطالب البعض بتوزيع الدقيق مباشرة على السكان بمعدل كيس واحد لكل أسرة، بدلاً من توزيعه على المخابز لإنتاج الخبز وتوزيعه على السكان. ويقول السكان المحليون إن توزيع الدقيق سوف يسمح للأسر بالخبز في المنازل أو في الخيام، ما سيكون 'أكثر أماناً من الانتظار في مراكز المساعدات المزدحمة.' EPA كما تحدث فلسطينيون على الأرض عن انهيار الخدمات الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية، التي يواجهها من يعيشون وسط القتال أو أُجبروا على ترك منازلهم، في ظل استمرار الجيش الإسرائيلي في تصعيد عملياته العسكرية ضد حماس. ومن داخل أحد مخيمات النازحين في المواصي جنوبي قطاع غزة، قال عبد الفتاح حسين لبي بي سي، عبر تطبيق واتساب، إن الوضع 'يزداد سوءاً' بسبب عدد الموجودين في المنطقة. وأضاف، وهو أب لطفلين، أنه 'لا توجد مساحة' في المواصي، كما أن الجيش الإسرائيلي أمر سكان المنطقة بمغادرة منازلهم التوجه إلى مكان آمن. وأكد أنه 'لا يوجد كهرباء ولا طعام ولا مياه شرب كافية ولا أدوية متاحة'، والغارات الجوية المتكررة، خاصة أثناء الليل، تفاقم المعاناة'. ووصف حسين شاحنات المساعدات القادمة بأنها 'قطرة في بحر احتياجات سكان غزة.' وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أعلن في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه سيُسمح أخيراً بدخول بعض الإمدادات 'الأساسية' فقط من الاحتياجات إلى القطاع. وحذرت المنظمات الإنسانية من أن كمية الغذاء التي دخلت غزة في الأيام الأخيرة لا تقترب حتى من الكمية المطلوبة لإطعام نحو مليوني فلسطيني يعيشون هناك، في حين قالت الأمم المتحدة إن نحو 500 شاحنة كانت تدخل القطاع في المتوسط يومياً قبل الحرب. وحذرت منظمات إنسانية من مجاعة 'تهدد قطاع غزة على نطاق واسع.' وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن 400 شاحنة حصلت على الموافقة لدخول غزة هذا الأسبوع، لكن الإمدادات التي دخلت جُمِعت من 115 شاحنة فقط، مضيفاً أنه لم يصل شيء 'إلى الشمال المحاصر' حتى الآن. ورغم وصول بعض الطحين/الدقيق وأغذية الأطفال والإمدادات الطبية إلى غزة، وبدء بعض المخابز في الجنوب العمل مرة أخرى، قال غوتيريش إن ذلك يعادل 'ملعقة صغيرة من المساعدات بينما هناك حاجة إلى طوفان من المساعدات'. وأضاف أن 'هناك إمدادات محملة على 160 ألف منصة متنقلة، تكفي لملء نحو 9 آلاف شاحنة، مازالت في الانتظار'. وقالت رضا، وهي قابلة تعمل على توليد الحوامل من خلال جمعية مشروع الأمل الخيرية في دير البلح، إن النساء يأتين إليها في حالة إغماء، ويلجأن إلى طلب مساعدتها بسبب عدم تناول أي طعام حتى وجبة الإفطار. وأضافت أن الكثير من النساء يحصلن على وجبة واحدة فقط في اليوم، ويعشن على البسكويت عالي الطاقة الذي تقدمه لهم الجمعية الخيرية. وتضيف القابلة: 'بسبب سوء التغذية، دائماً ما تشكو النساء من عدم حصول أطفالهن على ما يكفي من المكملات الغذائية من الرضاعة، ولا يتوقفوا عن البكاء. إنهم يحتاجون دائماً إلى الرضاعة الطبيعية، لكن الصدور خالية من اللبن'. أما صبا ناهض النجار، فهي مراهقة تعيش في خان يونس، حيث أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء جماعي للمنطقة في وقت سابق من هذا الأسبوع، تمهيداً لعملية عسكرية 'غير مسبوقة' هناك، بحسبه. وقالت صبا إن عائلتها بقيت في منزلها المدمر جزئياً، مضيفة 'صدر أمر إخلاء لمنطقتنا، لكننا لم نغادر لأننا لا نجد مكاناً آخر نذهب إليه'. وتابعت: 'لا يوجد عدد كبير من المواطنين في المنطقة. النازحون ينامون في الشارع ولا يوجد طعام. الظروف متدهورة وصعبة للغاية'. وقالت المراهقة الفلسطينية في رسالة عبر تطبيق واتساب، وهي تكاد تكون الطريقة الوحيدة للتحدث إلى الناس في غزة لأن الجيش الإسرائيلي يمنع الصحفيين من دخولها، إن 'القصف مستمر بطريقة وحشية'. وأكدت أنه لم يتبق لها ولأسرتها سوى القليل، مضيفة: 'ليس لدينا طعام، ولا دقيق، ولا أي ضروريات أساسية للحياة'.