على جمعة: التصوف فى عصرنا الحاضر تاه بين أعدائه وأدعيائه
وتابع "جمعة"، عبر صفحته الرسمية قائلًا: فالحق أن المسلمين ليسوا حجة على الإسلام.، ولما أمر ﷺ أمير الجيوش قال له: وإن حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تُنزلهم على حكم الله، فلا تُنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري، أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟ "أخرجه أحمد"، ولذلك، فإننا عندما نتفاوض، نتفاوض باجتهادنا؛ فليس هذا هو كلام الله ولا كلام رسوله ﷺ ، وإنما هو ما فهمناه من كلام الله ورسوله، ومن أجل ذلك فإن العلماء من أهل التصوف تقيدوا بالكتاب والسنة، واجتهدوا كما اجتهد الفقهاء، وكما اجتهد أهل العقيدة والمتكلمون، لكنه اجتهاد مقيد بالكتاب والسنة.
وأوضح "جمعة": وقد نشأت الآن ناشئة تنكر التصوف لما رأته من بعض الخلل أو البدع ممن ينتسبون إليه، ولو نظرنا إلى سيرة رسول الله ﷺ لوجدنا أن هذا الذي فعلوه مخالف للمنهج النبوي؛ فلقد وجد رسول الله ﷺ أصنامًا حول الكعبة، فلم يهدم الكعبة، وإنما أزال الأصنام وأبقى الكعبة، هذا هو المنهج النبوي، إنه منهج رباني.
كذلك لو نظرنا إلى قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} نجد أن الصحابة كان عندهم حرج أن يفعلوا تلك الأفعال التي فعلها المشركون عندما قصدوا وحجوا إلى بيت الله، وأرادوا إلغاء السعي جملة، لكن السعي من دين إبراهيم، هذا من الحنيفية، وهو بأمر الله سبحانه وتعالى.
وأضاف: لقد خلط المشركون الوثنية بشريعة إبراهيم، فخلصها الله تعالى منها، وجعل شريعة إبراهيم صافية، نحج بها إلى يومنا هذا: من طواف، وسعي، ورمي، ومبيت ووقوف بعرفة.. إلى آخر هذا، وخلصها من النواقص أو الزوائد التي أضافها الوثنيون المشركون، لم يلغ هذا الأمر، لأن هذا ليس من الإنصاف، وليس من العدل، ورسول الله ﷺ يعلمنا الإنصاف والعدل، ولذلك خلص هذا من ذاك، فالمنهج واضح: إذا اختلط الأمر، لا نرمي الجميع، بل نُخلّص هذا من ذاك، ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، وننكر البدع والانحرافات.
وأشار "جمعة": لكن التصوف في عصرنا الحاضر تاه بين أعدائه وأدعيائه؛ فهناك من يتمسك بمجموعة من البدع مدعيًا أنها هي التصوف والتصوف براء من ذلك، والتصوف هو حفظ مرتبة الإحسان وهو مقيد بالكتاب والسنة وله علماؤه عبر العصور كتبوا فيه وعاشوا من أجله وأوضحوه بألفاظ مختلفة في عصور مختلفة. تكلموا عن الزهد وألف فيه أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة تكلموا عن الورع والتقوى وأعمال القلوب، وكتب كل هؤلاء في هذا الباب.
وأكد قائلًا: لكن ابتلينا في عصرنا هذا بمن يريد أن يخالف المنهج النبوي في حقيقة أمره، إلا أنه تزيا- في الظاهر- بالزي النبوي؛ تراه يطلق لحيته ويقصر ثوبه ويضع سواكه فوق أذنه وكأنه من الجيل الأول ومن السلف الصالح ثم تراه- في بعض الأحيان عن جهل وفي بعض الأحيان عن غرور وكبر- يخرج على المنهج النبوي أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام يقولون من كلام خير البرية لا يجاوز إيمانهم تراقيهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ 29 دقائق
- بوابة الأهرام
وكيل الأزهر: علينا الحذر من ذوبان الهُوية وضياع الشخصية في الفضاء الرقْمي
شيماء عبد الهادي قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف: إن الفتوى صناعة، وهي عِلم له مقومات وأركان ومبادئ، يصنع المفتي صُنعًا، فليس كلُّ مَن تصدَّرَ عبرَ شاشةٍ أو وسيلةٍ إعلاميَّةٍ يعد مفتيًا، وإن توارى خلف مصطلحاتِ العلمِ، أو شقشقَ بألفاظٍ تحسبها من الفقه، وما هي من الفقهِ بسبيلٍ. موضوعات مقترحة جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية بالمؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، التي ألقاها نيابة عن فضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف. وفي مستهلِّ كلمته، نقل الدكتور الضويني تحياتِ فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ورجاءه بأن يُحقق المؤتمر أهدافَه المنشودة، وأن تُثمر جلساته عن بحوث جادة ورصينة تبرز مرونة الفكر الإسلامي، وقدرته على مواكبة التغيرات التقنية، وتعزز دور المؤسسات الدينية في التفاعل الإيجابي مع أدوات العصر. وأشاد وكيل الأزهر بجهود دار الإفتاء المصرية بقيادة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في اختيار موضوع المؤتمر، مؤكدًا أن اختيار عنوان "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي" يعكس وعيًا عميقًا بضرورة إعداد المفتين إعدادًا متوازنًا يجمع بين التأصيل الشرعي والمهارات الرقمية. وأشار إلى أن الفتوى ليست مجرد كلمة عابرة من نوع "يجوز" أو "لا يجوز"، بل هي عملية علمية مركبة تبدأ بفهم المسألة من واقع السائل، ثم تكييفها على القواعد الفقهية، وصولًا إلى إصدار الحكم بعد النظر في المآلات، مؤكدًا أن هذه الصناعة تتطلب وعيًا شرعيًّا راسخًا وبصيرةً نافذة. ولفت الدكتور الضويني النظر إلى أن التاريخ الإسلامي حافل بتحذيرات العلماء من التجرؤ على الفتوى بلا علم، مستشهدًا بقول عبد الرَّحمنِ بن أبي ليلى، من كبار التابعين: "أدرَكتُ عِشـرينَ ومِئةً مِنَ الأنصارِ مِن أصحابِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ما مِنهم من أحَدٍ يُحَدِّثُ بحَديثٍ إلَّا ودَّ أنَّ أخاه كَفاه إيَّاه، ولا يُستَفتى عن شَيءٍ إلَّا وَدَّ أنَّ أخاه كَفاه الفتوى". وشدَّد وكيل الأزهر على أن الذكاء الاصطناعي لا يُمكن أن يكون بديلًا عن المفتي المؤهَّل أو الراسخ الذي يحمل على عاتقه أمانة البيان عن الله تعالى، واستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها المعتبرة بفهم عميق وإدراك دقيق لمقاصد الشريعة من ناحية، ولأحوال الناس المتجددة من ناحية أخرى، موضحًا أن لهذه التقنيات الحديثة دورًا بنَّاءً في مجال الإفتاء، وفي خدمة العلماء والمفتين، من خلال تيسير الوصول إلى المصادر والمراجع، وترتيب البيانات وتحديثها، وتحليل كَمٍّ كبيرٍ من الفتاوى الشرعية، وإتاحة إجابات أولية سريعة مبنية على المعلومات الموثوقة والمخزنة، بما يسهم في دعم منظومة الفتوى، وإثراء محتواها وترشيدها. وأكد الدكتور الضويني أن الذكاء الاصطناعي يمكن استثمار أدواته لزيادة دقة البحث، وسرعة الوصول إلى النصوص، وربط القضايا بنظائرها ومستجداتها، موضحًا أن العقل البشري والمَلَكة الفقهية هما الفيصل والحاكم في إصدار الفتوى؛ فصناعة الفتوى لا تقف عند حدود استخراج نصوص محفوظة، وفتاوى ثابتة، بل هي عملية اجتهادية تقتضي فقهًا دقيقًا، وبصيرة نافذة، وفهمًا لمقاصد الشريعة، وربطًا دقيقًا بين النص الشرعي والواقع الذي يمر به المستفتي، وفهمًا للمصالح والمفاسد، وإدراكًا لخصوصية الزمان والمكان. وأوصى الدكتور الضويني بضرورة وضع ميثاق أخلاقي يضبط التعامل مع الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، بما يضمن ألا يتحول من أداة نافعة إلى وسيلة تنتهك الخصوصية، وتُقوِّض القيم والمبادئ الأخلاقية التي يقوم عليها تماسك المجتمعات. كما أوضح أن الأزهر الشريف يعمل حاليًّا على صياغة وثيقة أزهرية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، من خلال لجنة عليا بإشراف فضيلة الإمام الأكبر. وفي ختام كلمته، طرح الدكتور الضويني جملة من التساؤلات العميقة التي تعكس وعيًا بخطورة المرحلة، مؤكدًا أنَّ الذكاء الاصطناعي يفرض على العلماء والمفتين وأبناء العصر وقفة جادة، وتساءل: "أين هِمم الباحثين والمجتهدين في زمن التوسع في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي؟ وهل أصبح لزامًا علينا أن نتمسك أكثر بأصولنا العلمية والشرعية لتكون صمام أمان ضد أي تزييف أو تحيز معرفي؟"، كما دعا إلى الانتقال من موقع المفعول به إلى موقع الفاعل والمؤثر في إدارة هذه التقنية، حتى لا نصبح أسرى للشاشات، ولا تُدار عقولنا من وراء البحار. واختتم كلمته بالتأكيد على ضرورة إعداد قائمة بالكفاءات والمهارات العلمية والعملية التي يجب أن تتوفر فيمن يتصدر للإفتاء باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، محذرًا في الوقت ذاته من ذوبان الهوية وضياع الشخصية في الفضاء الرقمي. وحول القضية الفلسطينية، أدان الدكتور الضويني ما يقوم به الإرهاب الصهيوني من هدم وتخريب متعمد داخل الأراضي الفلسطينية، واستمراره في الاعتداءات الدموية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، مؤكدًا أن تلك الأعمال الوحشية تعد مظاهر ضد الإنسانية قبل أن تكون ضد القضية الفلسطينية، كما ثمن دور مصر الداعم للقضية الفلسطينية وجهود السيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.


مصراوي
منذ 29 دقائق
- مصراوي
أمين مجمع الفقه بجدة: الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة مسؤولية أخلاقية
تصوير- نادر نبيل: قال الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلاميِّ الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي: إننا في زمن باتت الأمة فيه أحوج ما تكون إلى المفتي الرشيد، وهو ذلك المفتي الذي يقيم منار الحق، ويشيِّد صروح الأمان، ويزرع الأمل والطمأنينة والسكينة في النفوس، ويحوِّل التحديات إلى فرص، ويتمتع بالوسطية في الفكر والسلوك، ويسعى إلى تجفيف منابع الغلو والتطرف. جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي العاشر لدار الإفتاء المصرية المنعقد تحت عنوان: "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، مقدمًا أسمى عبارات الشكر والعرفان والامتنان إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، على رعايته السامية لهذا المؤتمر، وللشعب المصريِّ على كرم الضيافة وحفاوة الترحاب، و الدكتور نظير محمد عياد، بمناسبة مرور عِقد على تأسيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، مثمنًا جهوده وجهود سلفه، الشيخ الدكتور شوقي علام، وجميع معاونيهم، فيما أنجزوه من خطوات راسخة، ومبادرات نافعة، وإنجازات مشهودة لتعزيز التعاون والتكامل بين مؤسسات الإفتاء في أصقاع المعمورة. وأكد أمين الفقه الإسلامي، أن مجمع الفقه الإسلامي الدولي، بحسبانه المرجعية الفقهية العليا الجامعة للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، يعتز بمشاركته في هذا المؤتمر، امتثالًا لما أخذه الله على العَالِمين: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾، وتحقيقًا للثقة التي أولاه إياها قادة الدول الإسلامية والمجتمعات المسلمة ببيان حكم الله في النوازل والمستجدات التي يعظم خطرها، ويشتد أثرها، وتحظر فيها الفتاوى الفردية، صونًا لعقائد الناس، وحمايةً لوحدة الصف، وتعزيزًا لقيم الوسطية والاعتدال والتسامح. وأشاد بتسمية المؤتمر "المفتي الرشيد"، لافتًا النظر إلى أن صناعة هذا المفتي أمستِ اليوم فريضة دينية، وضرورة عصرية، ومصلحة زمانية، تعزيزًا للأمن الفكري الذي لا مناص منه، ومحافظةً على مقاصد الشرع التي لا حيدة عنها، وحمايةً للأوطان والشعوب والأمم من التفتت والانزلاق. ولفت إلى أن صناعة هذا المفتي تتوقف على قيامنا طواعيةً بمراجعة مناهجنا الشرعية والاجتماعية والإنسانية، بغية الارتقاء بها إلى مستوى التحديات المتفاقمة والتطورات المتلاحقة، والتغيرات المتتابعة، وقصد صيرورتها مناهج تخرِّج عقولًا نيِّرة، وقلوبًا طاهرة، وألسنةً صادقة، تذود عن الأمة غوائل الشبهات، وتدفع عن الشعوب المهلكات، وتصون الأفراد من الموبقات، ويتحقق ذلك كله بتجديد محتوياتها، وتطوير أساليبها بما يواكب العصر؛ جمعًا بين الرسوخ في علوم الوحي ومعارفه، والتمكن من علوم الإنسان والعمران، وبين التشبع بأدوات الاستنباط والاستدلال، واستيعاب الوسائل والوسائط التي جاد بها الزمان. وأوضح أنه من الضروري أن يكون هذا المفتي منفتحٌ على العصر، لا تروعه أمواجُ الذكاء الاصطناعي المتلاطمة، بل يحوِّلها إلى أدواتٍ في خدمة الدين والأمة والإنسانية، ولا تخيفه طلاسم التقنية الرقمية الحديثة وطاقاتها، بل يستوعبها، ويستعين بها جمعًا وتحقيقًا وتحليلًا وتخريجًا للنصوص، ومقارنة للآراء والأنظار، وتمحيصًا للأفكار، فيجعلها نعمةً مسخَّرة، لا فتنة مستعرة. واختتم كلمته بمناشدة منظمة التعاون الإسلامي الدول والشعوب والعالم أجمع لوضع حدٍّ عاجل للمأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وغزة الجريحة التي ترزح تحت حصار خانق مفجع، وتجويع ممنهج، وعدوان وحشي غاشم من كيان صهيوني محتل متطرف، تتبرأ من جرائمه كل الأديان والشرائع والقيم والقوانين، مؤكدًا أن نصرة هذا الشعب المكلوم المظلوم، ليست خيارًا، بل فريضة مقدَّسة في كل الأديان والشرائع، وإنَّ إغاثة جوعاه ليست مساعدةً بل واجب إنساني ثابت في كل الأعراف والتقاليد، والدفاع عن قضيته العادلة في المحافل والمناسبات ليس منَّةً بل مسؤوليَّة أخلاقيَّة على كل من يملك كلمة أو موقفًا أو موقعًا. وفي ختام كلمته ثمن الجهودَ التي تقودها المملكة العربية السعودية عبر لجنتها الوزارية الإسلامية، وجهود الوساطة الحكيمة التي تضطلع بها جمهورية مصر العربية ودولة قطر، متمنيًا أن تُتوَّج بالنجاح والتوفيق، فيندحر الاحتلال، وينقشع الحصار، وتعود البسمة إلى شفاه أطفال فلسطين.


الدولة الاخبارية
منذ 29 دقائق
- الدولة الاخبارية
وزيرة التضامن الاجتماعى تنعى فقيدالوطن الدكتور على المصليحى وزير التموين الأسبق
الثلاثاء، 12 أغسطس 2025 12:30 مـ بتوقيت القاهرة بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، تنعي الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي وكافة العاملين بالوزارة؛ فقيد الوطن الدكتور علي مصيلحي؛ وزير التموين السابق، ووزير التضامن الاجتماعي الأسبق، أحد رجال الدولة المصرية أصحاب البصمة الجليٌة على منظومة الحماية الاجتماعية، وتطوير الدعم النقدي والعيني في مصر ترسيخاً لقيم العدالة والحماية للمواطن المصري. نعزي في وزارة التضامن الاجتماعي أنفسنا، فقد رحل عن دنيانا رجل دولة صاحب بصمة، والذي تولّى مسؤولية الوزارة والعمل الاجتماعي في حقبة مفصلية، فعمل على مأسسة العمل داخل الوزارة، وتطوير مؤسسات الرعاية والحماية، وإعلاء مبادئ الشفافية والانضباط في تقديم الخدمات، آمن بأن الحماية حق، وأن الدعم لا يكتمل إلا بوصوله لمستحقيه، بتكامل الجهود بين الدولة والمجتمع المدني، وإدارة الموارد بشفافية وكفاءة. وانطلاقًا من هذه الرؤية؛ شكّل فكرُه وإدارته إحدى اللبنات التي قامت عليها لاحقًا منظومة الدعم النقدي المشروط «تكافل وكرامة»؛ هذا البرنامج الوطني الذي جعل الاستهداف العادل والحوكمة طريقًا لحماية الأسر الأولى بالرعاية، ومدها بمظلة حماية اجتماعية، كما عمل على تطوير المشروعات الضمانية ومشروعات الأسر المنتجة، وظلّ حاضرًا بأفكاره وخبرته في كل نقاش جاد حول بناء شبكة أمان اجتماعي تحفظ للمصريين حقوقهم وتُصون كرامتهم. وقد كان من طيب الأثر، وحُسن الختام؛ أن يغيب عنّا الفقيد الغالي في عام مرور 10 سنوات على تكافل وكرامة، ويُسجّل آخر ظهور له تكريمه -في احتفاء مهيب به- من دولة رئيس مجلس الوزراء مايو الماضي. كما أسهم الفقيد في تطوير منظومة حج الجمعيات الأهلية؛ فكان صاحب فكرة إنشاء مؤسسة لتيسير الحج والعمرة، ليؤسس بذلك مؤسسة تقوم على الخدمة الأكرم لضيوف الرحمن، ثم عمل على توحيد قواعد الاختيار، ورفع جودة الإشراف والخدمات المقدمة؛ لتكون رحلة حج الجمعيات تجربة تليق بالمواطن المصري في أطهر البقاع. تتقدم وزارة التضامن الاجتماعي بكافة عامليها بخالص العزاء لأسرة الفقيد ولجموع المصريين، سائلين المولى عزّ وجل أن يتغمّده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يجعل ما قدّمه للوطن في ميزان حسناته. سيبقى اسم الدكتور علي المصيلحي جزءًا من ذاكرة العمل الحكومي والاجتماعي في مصر، ودليلًا على أن الخدمة العامة شرف ومسؤولية، وأن الأثر الباقي هو ما يتركه الرجال من خدمة للناس بعلم وفكر وجهد. إنا لله وإنا إليه راجعون.