
غزاوي بلندن: أعيش جحيما فثلاجتي ممتلئة وأمي مُجوَّعة وأختي تطعم أطفالها الحشائش
تحدّث نجار، وهو موظف في القطاع المالي بلندن، عن محادثة مؤثرة جمعته مؤخرا بوالدته المسنّة في غزة، والتي أبلغته أن شقيقه وابن شقيقه اضطرا للعودة إلى أنقاض منزل العائلة المدمر بفعل القصف الإسرائيلي في مخيم جباليا شمالي القطاع المحاصر، على أمل العثور على 3 علب فاصولياء دُفنت تحت الركام.
ومن الساعة التاسعة صباحا حتى الرابعة عصرا، ظل الاثنان يحفران بأيديهم العارية تحت لظى شمس يوليو/تموز الحارقة، وفي منطقة لا تزال تُصنّف إسرائيليا على أنها "منطقة قتال"، رغم علمهما بخطر التعرض لإطلاق النار أو قصف الطائرات الإسرائيلية المسيّرة. لم يكن أمامهما خيار آخر، فهما يتضوران جوعا.
الغذاء حشائش
وفي مشهد آخر لا يقل قسوة، خرجت شقيقته تبحث لساعات عن ما يسدّ رمق أطفالها الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و16 عاما، وعادت بما لا يُطعم الطير: حفنة من الحشائش، هذا كل ما استطاعت تقديمه لهم في ذلك اليوم.
يقول النجار في مقاله إن ما يجري في غزة ليس مجاعة، وليس نزوة قاسية من الطبيعة نتيجة جفاف أو أزمة مناخية، ولا حتى انهيارا في سلاسل التوريد، "هذا جوع من صُنع الإنسان، متعمد، محسوب، ومفروض".
ويضيف أن ما يحدث في غزة عمل تنفذه قوات الاحتلال بوعي كامل منها، وبتغطية من المجتمع الدولي. ويقول "نحن نشهد إبادة بطيئة، تُمارَس بالقنابل، وبالحرمان، وبالقصف المنهجي لكل ما يجعل الحياة ممكنة".
ويشير إلى أن المجاعة لم تعد مجرّد تهديد يلوح في الأفق، بل هي واقع يومي، حيث لقي 21 طفلا حتفهم بسبب التجويع خلال 3 أيام فقط، وفق تصريحات لمسؤول طبي رفيع في غزة، بينما تحذر منظمات الإغاثة من أن ربع مليون شخص يعيشون على شفا المجاعة الكاملة.
أنا أجلس الآن إلى طاولة. أذهب إلى المطبخ، أفتح ثلاجة تعجّ بالخيرات. أغلي الماء لتحضير الشاي. أمرّ بجانب محال وأسواق ممتلئة بالسلع، وأشعر بالغثيان، غثيان من الذنب، غثيان من العجز، آكل وأختنق بخزي لا يُطاق
بواسطة أحمد نجار، مواطن غزاوي يعيش في لندن
غثيان
وتابع قائلا بعبارات حزينة تعكس حجم المأساة "أكتب هذه الكلمات من لندن، حيث أعيش منذ 22 عاما. أعمل في مجال المال، وأعيش في منزل مريح في حي إزلنغتون، وأنا أجلس الآن إلى طاولة. أذهب إلى المطبخ، أفتح ثلاجة تعجّ بالخيرات. أغلي الماء لتحضير الشاي. أمرّ بجانب محال وأسواق ممتلئة بالسلع، وأشعر بالغثيان، غثيان من الذنب، غثيان من العجز، آكل وأختنق بخزي لا يُطاق".
إعلان
وتابع "أنام وأصحو وأنا أشعر أنني هجرت دمي ولحمي. أخي ينبش الأنقاض بحثا عن طعام مُعلب، بينما أشعر بنعومة فراشي تحتي. أختي تطعم أطفالها الحشائش، بينما ابني البالغ 10 أشهر في لندن يبصق البازلاء لأنه لا يحبها".
واعتبر أن ما تشهده غزة لا يمكن تبريره بأي منطق أخلاقي.
وفي الوقت الذي تطالب فيه حكومات غربية (بينها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا) برفع القيود عن دخول المساعدات، لا تزال هذه الدول -حسب نجار- تمارس نفاقا سياسيا صارخا، إذ تواصل دعم إسرائيل عسكريا ودبلوماسيا.
ويضيف "حكومتي البريطانية تتحدث عن السلام، بينما تبيع الأسلحة، وتمنح الغطاء الدبلوماسي لمن يقصف المخابز، ويطلق النار على قوافل المساعدات، ويحوّل الخبز إلى ساحة معركة".
وفي واحدة من أكثر الحوادث فتكا، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على حشود فلسطينية كانت تنتظر الطحين، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 93 شخصا. ويؤكد نجار أن الضحايا "قُتلوا لأنهم كانوا جائعين، ومات بعضهم وأكياس الطحين الفارغة لا تزال في أيديهم".
ويخلص الكاتب إلى أن معاناة عائلته المكونة من والدته ووالده وإخوته وأبنائهم، لا تعدو أن تكون مرآة لمعاناة شعب كامل يتعرض للتجويع المتعمد، بينما يشاهد العالم من بعيد دون أن يُحرِّك ساكنا، بل ويشارك، عن قصد أو تجاهل، في الجريمة.
وختم أحمد نجار مقالته بنداء أخير، صريح ومؤلم "في يوم ما، سينتهي كل هذا، وسينقشع الغبار، وسوف تُحصى القبور. وستسأل غزة: أين كنتم؟ ماذا فعلتم بينما كنا نتضور جوعا؟ وسأسأل أنا أيضا. لأن الصمت جريمة، وإنْ أشحت بنظرك، فأنت شريك في الجريمة أيضا".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
إعلام إسرائيلي: علينا إجراء مفاوضات مباشرة مع حماس تنهي الحرب
تناولت وسائل إعلام إسرائيلية دعوات متزايدة من شخصيات أمنية وسياسية وعائلات جنود قُتلوا أو أُسروا في قطاع غزة تطالب الحكومة بالتحرك الفوري نحو مفاوضات مباشرة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بهدف إنهاء الحرب وإعادة الأسرى، في ظل قناعة متنامية بأن غياب المبادرات الإسرائيلية هو ما يطيل أمد المعاناة. وأكد المستشار الإعلامي والإستراتيجي حاييم روبنشتاين أن إسرائيل لم تجرب حتى الآن طرح مبادرة شاملة على طاولة التفاوض، متسائلا عن سبب الإصرار على اتهام حماس بالرفض دون أن تُقدَّم لها أي مقترحات ملموسة، وقال "دعوا حماس ترفضها، لكن على الأقل فلنبدأ بمبادرة إسرائيلية". بدوره، شدد ليئور لوتان منسق الأسرى والمخطوفين السابق في مكتب رئيس الحكومة على ضرورة تغيير نهج التفاوض كليا، واقترح إجراء محادثات مباشرة بين قوتين عسكريتين تُناقش خلالها ملفات غزة والجنود الأسرى والترتيبات العسكرية لإنهاء الحرب، معتبرا أن الوقت قد حان لتجربة هذا المسار بدلا من التعويل على وسطاء. وذهب والد الأسير الإسرائيلي أوفير براسلافيسكي إلى أن موقف حماس بشأن صفقة التبادل واضح وثابت منذ بداية الحرب، مشيرا إلى أنها أعلنت مرارا استعدادها لإطلاق سراح جميع الأسرى وإنهاء القتال، وهو ما لم يُقابل بتحرك حقيقي من الجانب الإسرائيلي حتى الآن. أما يزهار شاي -وهو والد أحد الجنود الذين قُتلوا في غزة- فقد وجّه نداء حادا إلى العائلات الإسرائيلية، داعيا إياها إلى "الثورة" والتحرك الفوري لإنقاذ الجنود الموجودين في القطاع، قائلا "أقولها بأبسط طريقة وبأقصى ألم: اذهبوا وأنقذوا جنودكم". مواجهات بالكنيست وتخلل النقاشات توتر واضح، حيث هاجمت عضوة الكنيست عن حزب الليكود تالي غوتليب الأصوات المنادية بالتفاوض مع حماس، ووصفتها بأنها تعقّد إمكانية استعادة الأسرى، لتتطور المواجهة اللفظية مع عائلات الأسرى إلى حد قولها مرارا "اخرسوا". وفي موازاة السجالات السياسية، تصاعدت أصوات من عالم الثقافة، إذ وقّع نحو ألف فنان ومثقف على عريضة تطالب بوقف الحرب في قطاع غزة. وعبّر الموقعون عن رفضهم المجازر والتجويع والدمار الواسع، قائلين إنهم يشعرون بأنهم شركاء -وإن كان ذلك رغم إرادتهم- في المسؤولية عما يحدث للفلسطينيين. في المقابل، عبّر ضابط كبير سابق في الجيش الإسرائيلي عن رأي مغاير تماما، حيث دعا رئيس وحدة القتال التكتيكي السابق الدكتور درور شالوم إلى سياسة "النار والدخان"، ملوحا بخطاب يتسم بالتحريض على الإبادة، وقال "يجب أن نغرق غزة أو نجعلها طعاما للأسماك". وتناولت وسائل إعلام إسرائيلية المقاطع التي بثتها المقاومة الفلسطينية لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما في حالة متدهورة داخل ما يبدو أنه نفق، وذلك تزامنا مع تقارير عن استهداف مدنيين خلال محاولتهم الوصول إلى مساعدات غذائية. وأفادت تقارير إسرائيلية بأن هذه المشاهد لم تحظَ بتغطية واسعة في وسائل الإعلام العالمية، واعتبرت أن حماس تسعى من خلالها إلى التأثير على الرأي العام الدولي عبر ما تصفها بحملة دعائية تركز على الوضع الإنساني. وأقر المتحدث السابق باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي بنجاح الرواية التي تروجها حماس، موضحا أن غياب الردود الإسرائيلية الحاسمة على تلك المقاطع يفاقم أزمة صورة إسرائيل في الخارج.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
بلجيكا تدعم تعليق مشاركة إسرائيل في برنامج بحثي أوروبي
أعلن وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو اليوم الثلاثاء دعم بلاده مقترح المفوضية الأوروبية لتعليق جزئي لمشاركة إسرائيل في برنامج البحث العلمي "هورايزون أوروبا" على خلفية تورط شركات إسرائيلية في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بقطاع غزة والضفة الغربية. وقال بريفو إنه إذا نجحت الرئاسة الدانماركية للاتحاد الأوروبي بتأمين الأغلبية فستفرض أول عقوبة أوروبية ملموسة ضد إسرائيل. وأعلن الاتحاد الأوروبي قبل أسبوع عن توصية رسمية بطرد إسرائيل من برنامج "هورايزون أوروبا" للبحث العلمي، ضمن سلسلة عقوبات تستهدف شركات إسرائيلية لها صلات مباشرة بالنشاط العسكري في غزة والضفة الغربية. ويتطلب تنفيذ قرار الطرد موافقة أغلبية الدول الأعضاء في الاتحاد، أي 15 دولة على الأقل من أصل 27، وفي حال التصديق ستُمنع الشركات الإسرائيلية من الحصول على منح من مجلس الابتكار الأوروبي الذي يقدم تمويلات تصل إلى 2.5 مليون يورو لتطوير تقنيات ومنتجات مبتكرة. وبرنامج "هورايزون أوروبا" من أكبر برامج البحث العلمي في العالم، حيث تبلغ ميزانيته نحو 95 مليار يورو، ويهدف إلى دعم الابتكار والنمو الاقتصادي في دول الاتحاد الأوروبي والدول الشريكة، وقد انضمت إسرائيل إلى البرنامج عام 2021 بصفة دولة منتسبة. وأكد وزير الخارجية البلجيكي أن عمليات الإنزال الجوي في غزة ليست كافية، داعيا إلى ضمان وصول المساعدات بشكل كامل ودون عوائق. وأسقطت القوات الجوية البلجيكية أول أمس الأحد أول دفعة من المساعدات على قطاع غزة بالتعاون مع الأردن. وحملت طائرة بلجيكية معدات طبية ومواد غذائية بقيمة تناهز 600 ألف يورو (690 ألف دولار) إلى الأردن، قبل تنفيذ عمليات إلقاء مساعدات من الجو بالتنسيق مع عمّان. وفي أوسلو، أعلن وزير المالية النرويجي أنه سيطلب اليوم إجراء مراجعة لاستثمارات صندوق التقاعد النرويجي في الشركات الإسرائيلية. إعلان وأضاف "نسعى إلى عدم الاستثمار في شركات تسهم في الحرب بغزة والاحتلال غير الشرعي للضفة الغربية".


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
الأمين العام لحزب الله: لا نوافق على أي اتفاق جديد وعلى إسرائيل تنفيذ الاتفاق القديم
الأمين العام لحزب الله: لا نوافق على أي اتفاق جديد وعلى إسرائيل تنفيذ الاتفاق القديم. الأمين العام لحزب الله: المقاومة والجيش سيدافعان عن لبنان وستسقط صواريخ داخل إسرائيل إذا اعتدت على لبنان الأمين العام لحزب الله: لا يمكن أن نلتزم بأي جدول زمني لتجريد لبنان من قوته ينفذ تحت سقف العدوان الإسرائيلي التفاصيل بعد قليل..