logo
أخبار العالم : وصف مصر: أسرار ومفارقات تحكي قصة الموسوعة الأشهر في التاريخ

أخبار العالم : وصف مصر: أسرار ومفارقات تحكي قصة الموسوعة الأشهر في التاريخ

الثلاثاء 18 فبراير 2025 12:00 صباحاً
نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
لوحة من كتاب "وصف مصر" لمنطقة أهرامات الجيزة وتمثال أبو الهول كما رسمه علماء الحملة الفرنسية
Article information Author, وائل جمال
Role, بي بي سي نيوز عربي
قبل 5 ساعة
تعد سنوات الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801) بقيادة نابليون بونابرت من أبرز وأهم فترات تشكيل التاريخ المصري الحديث لكونها وضعت البلاد في مفترق الطرق السياسية والعسكرية والاجتماعية والعلمية، ولايزال الموقف التاريخي من أثر تلك الحملة العسكرية على مصر قضية خلافية، رغم مرور ما يزيد على مائتي عام على نزول الجيش الفرنسي أرض مصر.
أثارت نتائج الحملة الفرنسية جدلاً بين المؤرخين، فمنهم من يراها غزواً عسكرياً استعمارياً خلف آثاراً سلبية في حياة المصريين، بيد أن آخرين اعتبروها بمثابة "فاتحة خير أدخلت البلاد عصر النهضة الحديثة" بفضل ما خلفته من إنجاز علمي تمثل في موسوعة "وصف مصر" والتعاون العلمي بين مصر وفرنسا في القرن التاسع عشر، لاسيما البعثات العلمية التي أرسلها والي مصر في ذلك الوقت محمد علي باشا.
جاء بونابرت إلى مصر يرافقه ما يربو على 160 عالماً وفناناً، اختارهم بعناية بالتعاون مع الجنرال كافاريللي. تألفوا من مهندسين وفنيين وفلكيين ومعماريين وكيميائيين وعلماء في التاريخ الطبيعي والمعادن ورسامين وموسيقيين وشعراء ومستشرقين.
أسس بونابرت فور وصوله "المجمع العلمي المصري" في القاهرة 20 أغسطس/آب عام 1798، ليشكل هيئة علمية بحثية على غرار "المجمع العلمي الفرنسي" بغية حل مشكلات الجيش الفرنسي على أرض مصر.
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
نابليون بونابرت يخاطب جيشه قبل معركة الأهرامات لوحة للرسام الفرنسي أنطوان جان غروس
لم يمكث بونابرت قائدا لحملته العسكرية في مصر أكثر من عام واحد بسبب تصاعد الحراك السياسي في القارة الأوروبية ضد مصالح فرنسا، لذا تخلى عن حلمه بتأسيس "إمبرارطورية الشرق" تاركاً البلاد ومصير جيشه لواحد من أهم قادته، الجنرال كليبير، الذي واجه مستقبلاً مجهولاً وتركة ثقيلة في مصر خلفها جنرال فرنسا الطموح.
"بين فشل عسكري ونصر علمي"
أدرك كليبيرمنذ اللحظة الأولى لتوليه القيادة العامة للجيش فشل الحملة عسكرياً، لذا سعى إلى التشبث بمكسب علمي أكثر استمراراً والاستفادة من جهود العلماء المصاحبين لحملة "جيش الشرق"، كما تعرف اصطلاحاً في الوثائق الفرنسية.
كانت أولى خطوات التجديد البارزة لكليبير تأسيس لجنة علمية إضافية، إلى جانب لجنتين أخريين أسسهما بونابرت، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1799 كلّفها كليبير بدراسة مصر القديمة والحديثة، لاسيما التشريع والأعراف الدينية والمدنية والإدارة والشرطة والحكم والتاريخ والحالة العسكرية والتجارة والصناعة والتاريخ الطبيعي والسكان والآثار والنقوش والأزياء والجغرافيا.
ويقول المؤرخ الفرنسي هنري لورانس، في دراسة متخصصة عن "الحملة الفرنسية في مصر وسوريا" إن الهدف من اللجنة يبرز اهتمام كليبير بالمؤرخين "وعلى اللجنة إعفاء الأجيال القادمة من البحث، تحت أطلال قرون من الاعتقادات، عما كانت عليه مصر في الزمن الذي انتقل فيه الفرنسيون من الحكم الملكي إلى الحكم الجمهوري".
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
لوحة للجنرال كليبير، أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، للرسام الفرنسي جان أوربان غيران
ويعتبر المؤرخون كليبير مؤسسا لهذا الإرث العلمي الفرنسي، الذي سماه العلماء أنفسهم في النص الفرنسي للكتاب "وصف مصر أو مجموعة الملاحظات والأبحاث الموضوعة في مصر أثناء حملة الجيش الفرنسي والمنشورة بأمر صاحب الجلالة الامبراطور نابليون المعظم"، وفقا لما ورد في الصفحة الأولى من الطبعة الإمبراطورية.
اتخذ كليبير القرار التأسيسي في 22 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1799، وكتب إلى حكومة الديركتوار (الإدارة) بتاريخ 8 يناير/كانون الثاني 1800، حسبما جاء في وثيقة وردت في صحيفة الحملة الفرنسية "كورييه دي لاجيبت" في عددها رقم 54:
"إن هذا المشروع الأدبي الذي سوف ترحب به كل حكومات أوروبا، سوف يكون محل تقدير أكبر بكثير في بلد يشجع حرّية جميع الفنون. كما أن الكتّاب الذين يؤلفون هذا العمل الجمعي إنما يتطلعون إلى شرف منح عملهم طابعاً قومياً، وهم يعرضون مشروعهم عليكم بشكل محدد".
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
لوحة ملونة من "كتاب وصف مصر" لمعبد فيلة في جنوب مصر
وأضافت الوثيقة : "إن الأبحاث المتعلقة بالحالة الراهنة لمصر إنما تقدم موضوعاً مهماً للفلسفة والسياسة. كما أن القوانين والعادات والتاريخ والحكم والصناعة والتجارة وإيرادات هذا البلد تستحق دراسة أشمل لا يمكن انتظارها من الرحالة الفرنسيين أو الأجانب الذين سبقونا".
ويقول كليبير: "لقد جمعت الأشخاص الذين بدوا لي أكثر ملاءمة للتنافس في هذا العمل، ومنحتهم كل السلطة والإمكانات التي يحتاجون إليها".
كما بعث الجنرال كليبير رسالة أخرى إلى المجمع العلمي المصري بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1799 تلاها العالم جوزيف فورييه على الأعضاء جاء فيها: "إن المرء لا يسعه إلا أن يظهر إعجابه بذلك النشاط العظيم، وذلك التعاضد الذي ظهر من أعضاء اللجان لتبادل ثمار البحوث العديدة التي أعدوها، ومن دواعي الإعجاب ذيوع فكرة تهدف إلى جمع كل تلك الآثار في كتاب واحد".
"بداية الرحلة"
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
الصفحة الأولى من كتاب "وصف مصر" الطبعة الأولى ويبرز إهداء خاص إلى "الإمبراطور نابليون المعظم"
تشجع بونابرت للفكرة وانتظر عودة "جيش الشرق" إلى فرنسا بهذا الإنجاز العلمي، وأصدر قرارا بتاريخ 6 فبراير/شباط 1802 يلزم الحكومة بنشر الكتاب، على أن تتكفل الخزانة العامة بكافة النفقات، مع استمرار صرف رواتب العلماء التي كانوا يتقاضونها في مصر، ومنحهم حق الحصول على أرباح طبع الكتاب.
شكّل العالم جان-أنطوان شابتال، الكيميائي البارز ووزير الداخلية في ذلك الوقت، لجنة من ثمانية أعضاء مهمتها نشر كتاب "وصف مصر"، برئاسة العالم برتوليه.
كما كُلف العالم البارز فورييه بتحرير مقدمة الكتاب، وكلفت اللجنة العالم كونتيه وفريقه باختيار وتجميع النصوص ومراجعتها وإجراء التعديلات اللازمة.
ويشير المؤرخ الفرنسي، روبير سوليه، في دراسته "علماء بونابرت في مصر" إلى أنه: "وفقا لما كان يتمناه كليبير، فإن وصف مصر يجب أن يكون منقطع النظير ولا مثيل له. بل ويرقى على كل ما تقدم قبله.
ويضيف: "لذا كُرست ست آلات طبع خاصة، يتوافر لها نوع خاص من الورق لا يصنع في أي مصنع ورق في أوروبا".
بدأ العمل في عام 1803 ولم ينته إلا في عام 1828، إذ توقف خلالها خمس مرات بسبب اضطرابات سياسية ومالية، فضلا عن وفاة كونتيه، مندوب اللجنة والمباشر للعمل في عام 1805.
أما العالم لانكريه، سكرتير اللجنة، الذي خلفه فقد توفي أيضاً بعده بعامين، فحل محلهما العالم فرانسوا جومار، أحد أبرز علماء الحملة الفرنسية على مصر، وعُهد إليه بمهمة التحرير حتى الانتهاء من ذلك المشروع.
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
لوحة بالألوان من كتاب "وصف مصر" من داخل معبد فرعوني كما رسمها أحد علماء الحملة الفرنسية
ظهر "وصف مصر" في طبعتين، الأولى أُطلق عليها الطبعة "الإمبراطورية" والثانية أُطلق عليها طبعة "بانكوك"، وثمة بعض الفروق بين الطبعتين، إذ جاءت الطبعة الأولى مكونة من 9 كتب نصفية للنصوص، يصل كل منها إلى 800 صفحة، و11 كتابا للوحات، تتضمن إجمالاً ما يزيد على 3 آلاف لوحة، بعضها ملون، فضلا عن خريطة لمصر وفلسطين جاءت في 47 صفحة، وطبع من هذه الطبعة ألف نسخة فقط ما بين 1810 وحتى 1826، وهي مهداة إلى "الإمبراطور نابليون المعظم"، لاسيما الأجزاء الأولى.
أما الطبعة الثانية وهي طبعة "بانكوك"، التي أصدرها ناشر حصل على تصريح إصدار طبعة تتميز بسهولة الاستعمال وأقل ثمنا، فقد تكونت من 26 كتاباً للنصوص أصغر حجماً من الطبعة الإمبراطورية، و11 كتاباً نصفياً للوحات، ولم يصدر منها أكثر من ألفي نسخة فقط خلال الفترة من 1821 إلى 1826، وهي مهداة إلى الملك "لويس الثامن عشر"، وحل مكان إهداء النسخة إلى نابليون، لوحة تتسم بالحيادية، كما حُذفت من مقدمة العمل إيماءات عن بونابرت.
واحتلت مقدمة فورييه كتاباً كاملاً وصّورت فيها مصر باعتبارها "أكثر متاحف الدنيا ثراءً في العالم أجمع"، أما الحملة الفرنسية فوصفها بأنها "المشروع الذي أرجع إلى ضفاف النيل، العلوم التي أُبعدت عنه منذ زمن".
"عيوب وسقطات"
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
لوحة من كتاب "وصف مصر" لمنطقة بركة الفيل في حي السيدة زينب في القاهرة
يقول سوليه في دراسته إنه لا يمكن اعتبار وصف مصر عملاً مكتملاً، إذ يشوبه عدم التنسيق بسبب ظروف الإعداد فضلاً عن افتقاره لوجود فهرس وعدم وجود قائمة بالموضوعات.
ويضيف : "إن هذه الدراسة الموسوعية تبدو ناقصة، لأن العلماء والفنانين لم يكن لديهم الوقت الكافي لاستكشاف البلد بأسره، أو دراسة الواحات النائية وكافة الحيوانات والنباتات".
ويؤكد سوليه أنه "ارتُكب خطأ كبير عند تحديد تعداد سكان مصر بـ 2.5 مليون نسمة، في حين أن بعض الدراسات الدقيقة للفترة تقدره بنحو أربعة ملايين نسمة".
استطاع الرسامون الفرنسيون نسخ آلاف الرموز والعلامات المستخدمة في الكتابة المصرية القديمة، "الهيروغليفية"، دون أن يفهموا معناها، لذا أحيانا كانوا يضيفون علامات لملء فراغ غير مستعمل أو زخرفة جزء معماري، أو استعارة بعض الكتابات من معبد مجاور.
لذا عندما انتهى العمل في "وصف مصر"، كان العالم الفرنسي جان-فرانسوا شامبليون قد انتهى في نفس الوقت من حل لغز الكتابة المصرية القديمة فأبطل الكثير من تفسيرات العلماء بشأن الآثار المصرية واعتبرها طرائف وأخطاء.
"أهمية غير مسبوقة"
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
لوحة من كتاب "وصف مصر" تمثّل منظرا من داخل منزل عثمان بك
من أجل تنظيم وترتيب الكتب فائقة الضخامة للطبعة الإمبراطورية، صممت اللجنة المعنية قطعة أثاث خاصة، صمم شكلها جومار بنفسه، ونفذها أحد نجاري الأثاث المشهورين وهو موريل، كما تكفل بزخرفة الخشب النحات دانتان، وألحق بها ركائز ذات أعمدة مصنوعة من خشب البلوط الهولندي، وزينت بإفريز مصري الطراز، وهي مكونة من 14 رفا، توضع كتب اللوحات أفقيا، مع إمكانية تحريك الجزء العلوي.
ويقول سوليه إنه على الرغم من بعض الأخطاء، فإن هذا المؤلف الهائل الضخامة، يعتبر غير مسبوق في مجال تاريخ العلوم، ويطرح سؤالاً، هل كان الفرنسيون قادرين على دراسة بلدهم بجهد مماثل لهذا الجهد الذي بذله علماء بونابرت في مصر؟ مشيراً إلى أن "وصف مصر يبدو وكأنه الإنجاز الفعلي لعصر التنوير".
ويجيب فورييه عن سؤال سوليه، في مقدمة كتاب "وصف مصر" في الطبعة الثانية "بانكوك" للكتاب قائلا: "لم يسبق لأي بلد آخر أن خضع لأبحاث بمثل هذا الشمول والتنوع، كما أنه لا توجد بلاد أخرى جديرة بأن تكون موضوعا لأبحاث كهذه"
ويضيف: "معرفة مصر أمر يهم كل الأمم المتحضرة في حقيقة الأمر، نظراً لأن هذه البلاد هي مهد الفنون والنظم الدينية، وبإمكانها اليوم أن تصبح مركزاً للعلاقات الدولية وتجارة الإمبراطوريات، كما ترك الشعب الذي كان يسكنها آثاراً تدعو للإعجاب بعظمتها وقوتها ونفوذها".
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
لوحة من كتاب "وصف مصر" لمسجد السلطان حسن بالقاهرة
ويقول المؤرخ الفرنسي، جون-ماري كاري، في دراسته "رحالة وكتّاب فرنسيون في مصر" التي نال عنها جائزة الأكاديمية الفرنسية التي تحمل اسم جائزة "جوبير" الكبرى عام 1933: "قبل ظهور وصف مصر بنحو قرن، كانت مصر مدفونة غارقة في ظلمات آلاف السنين، وكانت بلاد فارس والهند والصين معروفة أكثر منها".
ويضيف: "لا يوجد من الرحالة إلا نحو 12 فردا خاطروا بركوب النيل وكتبوا كتابات غير مكتملة عن رحلاتهم معظمها تقريبية. والآن تغير كل شيء في عام واحد، وأضاءت العبقرية الفرنسية أعماق التاريخ وأخرجت لأوروبا بقايا تاريخ تليد غامض. أصبحت بفضلها مصر محور دراسة علمية للباحثين في المستقبل"، في غشارة منه إلى كتاب "وصف مصر".
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
لوحة تصور بونابرت وهو يتأمل تمثال أبو الهول، اللوحة للرسام الفرنسي جان ليون جيروم القرن الـ 19
حرص بونابرت على اختتام حملته العسكرية ببيان ورد في مراسلاته بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1801 يُذكّر فيه بذلك "المطمح الحضاري" لحملته وأورده هنري لورانس في نهاية دراسته قائلا: "لقد تركوا (الفرنسيون) لمصر ذكريات لا تموت، لعلها تفضي يوما ما إلى بعث الفنون والمؤسسات الاجتماعية هناك.
ويضيف: "على أية حال لن يورد التاريخ موارد النسيان ما فعله الفرنسيون لنقل حضارة ومعارف أوروبا إلى هناك. وسوف يروي (التاريخ) بأية درجة من الانضباط حافظوا عليها طوال تلك الفترة وقد يتأسف على ضياعها كنائبة أخرى ألمت بالجنس البشري".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أخبار العالم : هل ستصبح الجزائر "محجاً" للمسيحيين الكاثوليك في العالم؟
أخبار العالم : هل ستصبح الجزائر "محجاً" للمسيحيين الكاثوليك في العالم؟

نافذة على العالم

timeمنذ 2 ساعات

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : هل ستصبح الجزائر "محجاً" للمسيحيين الكاثوليك في العالم؟

الأحد 25 مايو 2025 02:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، البابا لاون الرابع عشر يرغب في زيارة مسقط رأس القديس أوغسطين في الجزائر Article information وجه البابا لاون الرابع عشر، مباشرة بعد توليه منصب الحبر الأعظم في الفاتيكان، رسالة "خاصة" إلى الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عبر له فيها عن "رغبته الصادقة" في زيارة الجزائر. ونقل الرسالة، وفق بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، سفير الجزائر لدى الكرسي الرسولي، رشيد بلادهان، الذي حضر القداس لتهنئة البابا الجديد، بمناسبة انتخابه لمنصب "بابا الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس دولة الفاتيكان". فما السر وراء هذه الرغبة البابوية، وما العلاقة "الخاصة" بين رأس الكنيسة الكاثوليكية والجزائر؟ الواقع أن رسالة البابا أشارت بوضوح إلى دوافع رغبته في زيارة الجزائر، وإلى علاقته الشخصية بها. وذكر في حديثه مع السفير الجزائري أنه يرغب في رؤية مسقط رأس القديس أوغسطين، أبرز أعلام الفكر المسيحي، وأعظم الآباء اللاتين في الكنيسة الكاثوليكية، بعد بولس الرسول. وعرّف الحبر الأعظم نفسه، في خطاب تنصيبه، بأنه "ابن القديس أوغسطين"، قائلاً إنه يفتخر باتباع فكره ومنهجه في الدين والحياة. ولا شك في أن هذه الرابطة الروحية، دفعته إلى التعبير عن رغبته في زيارة الأرض، التي أنجبت معلمه في الفكر وقدوته في العقيدة. وأدى البابا لاون الرابع عشر، بعد انتخابه، زيارة مفاجئة لرهبنة القديس أوغسطينوس في روما. وهي جماعة في الكنيسة الكاثوليكة، لها فروع عبر العالم. كان الكاردينال، روبرت فرنسيس بريفوست، رئيسا لها، في الفترة من 2001 إلى 2013. ودخل الكاردينال بريفوست دير الرهبنة الأوغسطينية في عام 1977. والتزم طريقتها في التعبد وأسلوبها في العمل، طوال حياته. ونال شهادة الدكتوراه في القانون الكنسي، في روما، عام 1987 بأطروحة عنوانها: "دور الرئيس المحلي لرهبانية القديس أوغسطينوس". وأصبح لاون الرابع عشر أول بابا ينتمي إلى الرهبنة الأوغسطينية. ويظهر تأثره بالقديس أوغسطين في شعار الدرع الذي اختاره لنفسه وهو على رأس الكنيسة الكاثوليكية. ففي نصف الدرع السفلي نرى كتابا مغلقا، فوقه قلب يخترقه سهم. وهذا شعار مستوحى من مقولات القديس أوغسطينوس. ويرمز الشعار إلى أعتناق القديس أوغسطينوس للمسيحية بعد رحلة طويلة وبحث عميق. ووصف حينها لقاءه "بكلمة الله" في هذه الصورة، بقوله "لقد جرحت قلبي بكلمتك". ويحمل درع البابوية أيضاً عبارة أوغسطينية باللاتينية، تقول: "في الواحد نصير واحداً". ويشرح البابا معناها، في مقابلة مع "أخبار الفاتيكان"، بقوله: "إن الوحدة والتشارك من صميم الهبة الخاصة التي تميز رهبنة القديس أوغسطينوس، وهما أيضاً محور تفكيري وأسلوب عملي. ثم إنني كأوغسطيني، أعتبر تعزيز الوحدة والتشارك أمراً جوهرياً". ومن الواضح أن فلسفة القديس أوغسطينوس وأفكاره في الدين والحياة، سيكون لها تأثير وبصمة في منهج الكنيسة الكاثوليكية وتوجهها، بقيادة البابا لاون الرابع عشر. ولا شك في أن زيارة مسقط رأس أحد أعظم مفكري المسيحية في العالم ستكون مصدر إلهام لتوجه الفاتيكان الجديد. من هو القديس أوغسطين (354 م -430 م)؟ صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، كنيسة القديس أوغسطين في عنابة شرقي الجزائر، وأسفلها آثار كنيسة السلام التي ترأسها في حياته يوصف القديس أوغسطينوس بأنه أعظم المفكرين والفلاسفة في التراث المسيحي كله، وواحد من أعمدة الثقافة والأدب في القرون الوسطى الغربية. وهو دون شك أغزر معاصريه تأليفاً، وأعمقهم تفكيراً، وأوسعهم علماً، وأقواهم تأثيراً. ويحتار مؤلفو سير الأعلام والدارسون للتراث المسيحي الغربي إلى اليوم في الكم الهائل من الكتب والرسائل، التي ألفها القديس أوغسطينوس، إذ تجاوز المعروف منها 230 كتابا. وترجم الكثير من كتبه إلى مختلف اللغات العصرية، ولكن بعضها لا يزال في المكتبات في نسخته اللاتينية الأصلية. كان القديس أوغسطين عالماً متمكناً في مختلف العلوم والفنون، ومجادلاً قوياً حاداً في رأيه. وقد خصص عدداً كبيراً من كتاباته للمناظرة والرد على الأفكار والعقائد التي يختلف معها. وألف أيضاً في البلاغة والأدب والموسيقى والأخلاق والفلسفة والقانون والحقوق. ومن أشهر أعماله وأوسعها انتشارا كتاب "اعترافات". ويقع الكتاب في 13 جزءا، يروي فيه تجاربه في الحياة، ورحلته الطويلة بحثا عن الحقيقة والإيمان، انتهاء باعتناقه المسيحية. ويعد عمله هذا أول سيرة ذاتية كتبت في تاريخ الثقافة الغربية. ويصفه هنري تشادويك، أستاذ علم اللاهوت بجامعة كامبريدج، في كتابه "أوغسطينوس"، بأنه "أول رجل حديث" في التاريخ. وتتميز كتاباته وأفكاره "بعمق غير مسبوق". وكان له تأثير كبير في الطريقة التي ينظر بها الغرب إلى "طبيعة الإنسان" وإلى معنى كلمة "الرب". وفي كتابه "مدينة الله"، ينافح القديس أوغسطين عن عقيدته بإيمان راسخ. ويتألف الكتاب من 22 جزءاً ينفي فيها مزاعم الوثنيين بأن المسيحية كانت سبباً في خراب روما. ويتحدث بتحليل عميق عن ثنائيات "الخير والشر"، و"حرية الاختيار والقدر الرباني"، و"الحياة الدنيا والآخرة". ولد القديس أوغسطين في يوم 13 نوفمبر تشرين الثاني 354 م في تاغاست (سوق أهراس)، في بلاد الجزائر اليوم. والده باتريكوس كان وثنيا، يروى أنه اعتنق المسيحية قبل وفاته بفترة قصيرة. أما والدته مونيكا فكانت مسيحية ورعة، يطلق عليها لقب القديسة أيضا. حرصت والدته على تلقينه تعاليم المسيحية ومبادئها منذ صغره. ولكنه نفر من الأساطير "الساذجة" التي كانت تُروى على لسان المبشرين والبطاركة، عن الدين وتعاليمه. وانجذب إلى علم الفلك والأدب و المسرح، ثم مال إلى المانوية واتبعها، قبل أن يهاجمها ويعود إلى المسيحية. ويروى عن مونيكا أنها حزنت حزنا شديدا لما رأت من ابنها في شبابه من "انحراف" عن تعاليم الدين، وانغماس في حياة "اللهو والمجون". فكانت تبكي باستمرار لمدة عشرين سنة، إلى أن عاد ابنها إلى المسيحية. ولذلك أطلق على القديس أوغسطين لقب "ابن الدموع". تلقى القديس أوغسطين تعليمه الأول في مسقط رأسه تاغاست (سوق أهراس) شرقي الجزائر. كانت تاغاست عبر التاريخ ملتقى للحضارات الرومانية والنوميدية والبيزنطية والإسلامية. ثم التحق بأكاديمية ماداوروس (مداوروش) على بعد 50 كيلومتر، من بلدته. ومدينة مداوروش اليوم دائرة إدارية، تابعة لولاية سوق أهراس، التي تبعد عن الجزائر العاصمة بنحو 590 كيلومتر، شرقاً. وتعد أكاديمية مداوروش أول جامعة في تاريخ أفريقيا. فيها تعلم القديس أوغسطين على يد أستاذه ماكسيميليان المداوروشي، وهو عالم لغوي من مؤسسي قواعد اللغة اللاتينية. أخذ عنه فن البلاغة والخطابة، وأصبح فيما بعد صديقاً له، على الرغم من اختلافهما في العقيدة. ويذكر القديس أوغسطين في كتاباته أعلام بلاده ونوابغها، من بينهم الفيلسوف والعالم اللغوي أبوليوس المداوروشي (124 م-170 م)، الذي كان أستاذاً للبلاغة اللاتينية واليونانية في روما؛ لكنه يُعرف خاصة بروايته ذائعة الصيت "التحولات" أو "الحمار الذهبي". وتعد رواية أبوليوس "الحمار الذهبي" أول رواية معروفة في التاريخ. يتحدث فيها عن مغامرات شاب تحول، بمفعول السحر، إلى حمار. ويرى فيها الدارسون للآداب القديمة بعض الجوانب من حياة الكاتب الشخصية؛ لأن الاهتمام بالسحر والاشتغال به كان رائجا في عصره. زيتونة القديس أوغسطين صدر الصورة، James Patterson Terrae Transmarinae التعليق على الصورة، زيتونة القديس أوغسطين في سوق أهراس، شرقي الجزائر، عمرها 2900 سنة في مدينة سوق أهراس اليوم، تقف زيتونة شهيرة على إحدى تلال البلدة القديمة. تشهد الزيتونة على عراقة المنطقة الضاربة في أعماق التاريخ، وعلى حياة أحد نوابغها الذين أضاءوا بفكرهم طريق الحضارة الإنسانية، فسارت على أنوارهم أجيال وأمم قروناً وقروناً من بعدهم. وغير بعيد عن الزيتونة يقع ضريح سيدي مسعود، الولي الصالح، المتوفى في عام 1770م. وأنشأت السلطات الفرنسية، بعد احتلالها للجزائر في 1830، خلفهما بيتا، كانت تستخدمه جيوشها الغازية لتخزين البارود. وتحول البناء اليوم إلى متحف للقديس أوغسطين. ساد الاعتقاد طويلا أن هذه الزيتونة غرسها القديس أوغسطين بيده. فقد ذكرها في العديد من كتاباته. وربما كان بيته قريبا منها، فكان يجلس تحت ظلها ليستريح أو يتأمل، أو يكتب رسائله. ولكن الدراسات والاختبارات العلمية الحديثة أثبتت أنها أقدم من ذلك بكثير. فعمرها قد يصل إلى 3 آلاف سنة، وفق ما جاء في دراسة أمريكية نشرت عام 1953. وأثبت مختبر علم تسنين الشجر للبروفيسور دوغلاس في توسكان، أريزونا أن زيتونة القديس أوغسطين، عمرها في الواقع 2900 سنة على الأقل. وتذهب الأساطير الشعبية أبعد من ذلك في التاريخ، إذ يعتقد رواتها أن ورقة الزيتون، التي حملتها الحمامة إلى النبي نوح، لتخبره بانحسار المياه عن الأرض في حادثة الطوفان، كما يقصها الإنجيل، جاءت من هذه الزيتونة. جاء في سفر التكوين: "فأرسل الحمامة من الفلك، فأتت إليه الحمامة عند المساء. وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها. فعلم نوح أن المياه قد قلت عن الأرض". ولذلك أصبحت الحمامة وغضن الزيتون رمزا للسلام والمحبة في كل العالم. ولا يذكر القرآن هذه القصة كما جاءت في الإنجيل، ولكنه جعل "البركة" في الشجرة وزيتونها وزيتها في العديد من الآيات. جاء في سورة النور: "يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية. يكاد زيتها يضيء، ولو لم تمسسه نار. نور على نور. يهدي الله لنوره من يشاء". أسقف هيبون (عنابة) صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، أبوليوس المداوروشي (124م-170م) صاحب "الحمار الذهبي"، أول رواية معروفة في التاريخ سافر أوغسطين إلى روما مدرساً للبيان، ثم انتقل إلى ميلان، والتحقت به والدته. وهناك تغيرت أراؤه من المانوية، فعارضها واعتنق المسيحية. وبعد وفاة والدته ثم ابنه، عاد إلى بلاده. وفي تاغاست (سوق أهراس) اختار الاعتكاف والخلوة، من أجل التفكير والتأمل. وكان عمره 36 عاما عندما عين كاهنا، دون رغبته، ثم عين أسقفا لمدينة هيبون (عنابة) الساحلية، شرقي الجزائر، في عام 395 م. وبقي في منصبه حتى وفاته في عام 430 م، أثناء حصار الوندال للمدينة. ولا تزال آثار كنيسة السلام، التي كان يرأسها ماثلة للعيان. وفي عام 2013، أعادت السلطات الجزائرية ترميم كنيسة القديس أوغسطين، التي بنيت في عام 1900، قريباً من آثار كنيسته الأصلية تكريماً له، وإحياءً لذكراه ومآثره. وفي الكنسية تمثاله الممدد في خزانة زجاجية، تحتوي أيضاً على عظام من أطرفه. ودافع أسقف هيبون (عنابة) عن المسيحية والكنيسة الرسمية التي تتبناها الدولة. ولذلك اصطدم مع الطوائف المنشقة عنها مثل الدوناتية، التي انتشرت وقتها في شمال أفريقيا. ودخل مع دعاتها ومع الوثيين والمانويين وغيرهم، في سجالات لا تنتهي ومناظرات حادة في هيبون (عنابة) وقرطاج (في تونس اليوم). وكان القديس أوغسطين يتميز عن خصومه ويتفوق عليهم بثقافته الواسعة، وأدلته القوية، وقدراته البلاغية الاستثنائية. واستطاع بفكره المستنير، وكتاباته الغزيرة أن يتبوأ مكانة القديسين في الكنيسة الكاثوليكية، ومرتبة العباقرة في الحضارة الغربية. الجسر الحضاري عاش القديس أوغسطين، من حيث الزمان، في نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلاديين. فمكنته تجربته من استيعاب خلاصة ما أنتجه العلماء والمفكرون في القرن المنتهي، وساهم بدوره في صناعة وتطوير المفاهيم والفكر في القرن الجديد. وكان يمثل أيضاً رابطة مكانية بين الشمال والجنوب. فهو أفريقي في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وينتمي في الوقت نفسه إلى الحضارة الرومانية في الشمال من البحر. لكن عبقريته الأصيلة جعلت هذه الرابطة مبنية على المساواة والتكافؤ. موسم الحج إلى القديس أوغسطين الزيارة التي يرغب البابا لاون الرابع عشر في أدائها إلى الجزائر تحمل كل المعاني، التي عاش من أجلها في حياته الخاصة أو في رهبانية الأوغسطينيين، التي كان يرأسها. وعبر أيضا عن اتباع منهج القديس أوغسطين في الفكر والعقيدة. وسيجد في سوق أهراس (تاغاست) شجرة زيتونة عمرها أكثر من 3 آلاف سنة. كان يستظل تحتها القديس أوغسطين وأمه القديسة مونيكا. الزيتونة التي رافقته في تأملاته وصلواته، فذكرها في كتبه ورسائله. إنه الحج إلى منابع المسيحية الأولى بالنسبة لكل المؤمنين. وفي عنابة (هيبون) آثار كنيسة السلام، التي قادها الأسقف أوغسطين. ومنها خاض سجالاته الفكرية ومعاركه الفقهية. وبين أسوارها ألقى مواعظه على المؤمنين والأتباع. وفي جوفها اختلى بنفسه للتأمل والمناجاة، أو للكتابة والتأليف. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، أثار مدينة ماداوروش، التي تعلم القديس أوغسطين في أكاديميتها الشهيرة إنها رحلة الفكر أيضاً إلى ملتقى الحضارات الرومانية والنوميدية والبيزنطية والإسلامية على أرض أفريقيا، في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. وفيها يقتفي الباحث آثار العبقري الذين أرسى قواعد الفكر المسيحي الحديث. فهو شمس الجنوب التي أشرقت على الشمال. ويقول الأستاذ تشادويك في كتابه "فجر الكنيسة" إن "القديس أوغسطين تفوّق على معاصريه بعمق فكره وسعة عقله، لكنه كان أيضاً متقدماً في الفكر على من جاءوا بعده بقرون عديدة. وكان تأثيره واضحاً في الكاثوليكية والأرثوذوكسية على حد سواء". ولا يمكن الحديث عن أي حقوق أو مكانة للمرأة في القرنين الرابع والخامس الميلاديين. ولكن القديس أوغسطين يقول في شرحه لسفر التكوين، إن "خلق الإنسان ذكراً وأنثى كان على أساس اختلاف الجسد فقط. فالتمايز بين الذكر والأنثى ليس تمايزاً في الطبيعة أو الروح أو العقل أو القيمة". وإنما هو اختلاف في النوع لا غير.

أخبار العالم : موسكو وكييف تنفذان عملية تبادل أسرى بعد اشتباكات ليلية عنيفة
أخبار العالم : موسكو وكييف تنفذان عملية تبادل أسرى بعد اشتباكات ليلية عنيفة

نافذة على العالم

timeمنذ 2 ساعات

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : موسكو وكييف تنفذان عملية تبادل أسرى بعد اشتباكات ليلية عنيفة

الأحد 25 مايو 2025 02:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، امرأة تحمل باقة من الزهور أمام مبنى سكني شاهق الارتفاع في منطقة متضررة بشدة جراء غارة روسية بطائرة بدون طيار في كييف في 25 مايو/ أيار 2025 25 مايو/ أيار 2025، 03:15 GMT آخر تحديث قبل 2 ساعة أعلنت روسيا الأحد أنه تم تبادل 303 جنود روس كانوا أسرى لدى أوكرانيا بعدد مماثل من العسكريين الأوكرانيين، في إطار المرحلة الثالثة والأخيرة من تبادل عدد قياسي من الأسرى بين كييف وموسكو. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان "بموجب اتفاقات روسية-أوكرانية تم التوصل اليها في اسطنبول في 16 ايار/مايو، أجرى الطرفان الروسي والأوكراني بين 23 و25 ايار/مايو تبادلاً شمل ألف شخص مقابل ألف شخص". وقُتل 10 أشخاص على الأقل في أوكرانيا، إثر ضربات روسية تعرضت لها مناطق غربي البلاد، مساء السبت وفجر الأحد، بحسب ما أعلن مسؤولون أوكرانيون. وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية، الأحد، إسقاط 45 صاروخاً و266 مسيّرة روسية خلال هجمات ليلية. وقال الجيش الأوكراني في بيان، إن معظم مناطق أوكرانيا تأثرت بالهجوم الروسي، إذ سُجلت غارات جوية روسية في 22 منطقة، وسقطت صواريخ كروز وطائرات هجومية مسيّرة في 15 موقعاً. وفي وقت مبكر من صباح الأحد، أعلنت كييف عن تعرض العاصمة الأوكرانية لهجوم جديد بأكثر من 12 طائرة مسيرة روسية، محذرة من تهديد صاروخي. وأدت الضربات إلى مقتل أربعة أشخاص في منطقة خملنيتسكي في غرب أوكرانيا، وثلاثة في منطقة كييف التي تعرّضت للقصف لليلة الثانية على التوالي، فيما أودت غارة جوية روسية بحياة طفلين وفتى، في منطقة جيتومير شمال غربي أوكرانيا. وأفاد نائب رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية لمنطقة خملنيتسكي، سيرغي تيورين، في منشور على تلغرام، أن المنطقة تعرّضت إلى "نيران روسية معادية"، ما ألحق دماراً بالبنى التحتية المدنية، وأدى إلى مقتل أربعة أشخاص، وإصابة خمسة آخرين بجروح. وفي منطقة كييف، قال رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية، ميكولا كلاشنيك، إن ثلاثة أشخاص قُتلوا الليلة نتيجة هجوم روسي في منطقة كييف. فيما أعلنت خدمات الطوارئ الأوكرانية مقتل طفلين يبلغان من العمر، 8 و12 عاماً، وفتى يبلغ من العمر 17 عاماً، إثر غارة جوية روسية في منطقة جيتومير شمال غربي أوكرانيا، وإصابة عشرة أشخاص آخرين. وتأتي هذه الضربات في أعقاب شروع روسيا وأوكرانيا في تنفيذ أكبر عملية تبادل أسرى منذ بدء الغزو الروسي في 2022، وتتبادل الجارتان الهجمات الليلية عبر الطائرات المسيرة. صدر الصورة، Reuters وقال رئيس الإدارة العسكرية لمدينة كييف تيمور تكاشينكو "أكثر من 12 طائرة مسيرة معادية تحلق في المجال الجوي المحيط بالعاصمة". وأضاف عبر تطبيق تليغرام "هناك طائرات جديدة تقترب أيضاً. وجرى التعامل مع بعض الطائرات المسيرة فوق كييف والمناطق المحيطة بها. لكن الطائرات الجديدة لا تزال تدخل أجواء العاصمة". وتابع "لن تكون الليلة سهلة. هناك تهديد من استخدام العدو عدداً كبيراً من الطائرات المسيرة والصواريخ من طائرات استراتيجية". وأشار إلى سقوط حطام على مبنى سكني من خمسة طوابق في منطقة غولوسيفسكي. وقال فيتالي كليتشكو رئيس بلدية كييف إن المدينة "تتعرض لهجوم"، لكن "قوات الدفاع الجوي تعمل". وطالب كليتشكو السكان بـ"البقاء في ملاجئ". هجوم أوكراني أما روسيا فأعلنت بدورها التعرض لهجوم بطائرات مسيرة أوكرانية في وقت مبكر الأحد. وتحدثت عن اعتراض أو تدمير قرابة 100 منها، بعضها كان يستهدف العاصمة موسكو. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن وحدات الدفاع الجوي اعترضت أو دمرت 95 طائرة مسيرة خلال أربع ساعات. وشمل ذلك اثنتين كانتا تتجهان نحو موسكو، لكن معظم الطائرات كانت تحلّق فوق مناطق وسط وجنوب البلاد. وفي وقت لاحق، كتب سيرغي سوبيانين رئيس بلدية موسكو في تطبيق تيليغرام أن عدد الطائرات التي جرى تدميرها أو اعتراضها قرب العاصمة ارتفع إلى 11. وتسبب نشاط الطائرات المسيرة إلى إغلاق ثلاثة مطارات في موسكو لبعض الوقت. وقال مسؤولون محليون إن وحدات الدفاع الجوي أسقطت طائرات مسيرة فوق مدينة تولا في وسط البلاد ومدينة تفير في شمال غربي موسكو. صدر الصورة، Reuters وتأتي هذه الهجمات المتتالية ليلاً في وقت بدأت فيه روسيا وأوكرانيا بتنفيذ أكبر عملية تبادل لأسرى منذ بدء الغزو الروسي في فبراير/شباط 2022. وباشرت روسيا وأوكرانيا تبادلاً لعدد قياسي للأسرى ينبغي أن يشمل "ألف أسير" من كل جانب على ثلاثة أيام. وأعلنت كييف وموسكو السبت تبادل 307 أسرى من كل جانب. وشملت المرحلة الأولى من عملية التبادل الجمعة 270 عسكرياً و120 مدنياً من كل جانب. ومن المقرر أن تُجرى الأحد المرحلة الثالثة من هذا التبادل الذي يعد الأكبر منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في العام 2022.

أخبار العالم : "لم نكن مستعدين لذلك": الغموض يكتنف مصير الطلاب الدوليين في جامعة هارفارد بعد قرارات ترامب
أخبار العالم : "لم نكن مستعدين لذلك": الغموض يكتنف مصير الطلاب الدوليين في جامعة هارفارد بعد قرارات ترامب

نافذة على العالم

timeمنذ 2 أيام

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : "لم نكن مستعدين لذلك": الغموض يكتنف مصير الطلاب الدوليين في جامعة هارفارد بعد قرارات ترامب

الجمعة 23 مايو 2025 11:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Shreya Mishra Reddy التعليق على الصورة، تقول شريا ميشرا ريدي إن "جامعة هارفارد هي الجامعة المثالية التي يرغب أي شخص في الهند أن يلتحق بها" قبل 2 ساعة عندما التحقت شريا ميشرا ريدي بجامعة هارفارد في عام 2023، كان والداها "في غاية السعادة". تقول شريا لبي بي سي: "إنها الجامعة المثالية التي يريد أي شخص في الهند أن يلتحق بها". والآن، ومع اقتراب موعد تخرج ميشرا، كان يتعين عليها أن تزف إلى عائلتها بعض الأخبار السيئة، وهي أنها قد لا تتخرج في شهر يوليو/تموز من برنامج القيادة التنفيذية بعدما اتحذت إدارة ترامب إجراءت تهدف لمنع جامعة هارفارد من قبول الطلاب الدوليين "نتيجة لعدم التزامهم بالقانون". وتقول شريا:" لقد كان من الصعب جداً على عائلتي سماع هذه الأنباء. إنهم لا يزالون يحاولون استيعابها". تعد شريا واحدة من حوالي 6800 طالب دولي يدرسون في جامعة هارفارد، وهم يشكلون أكثر من 27 في المئة من الطلبة المسجلين هذا العام. كما أنهم يشكلون مصدراً حيوياً لإيرادات رابطة آيفي "آيفي ليغ"، فحوالي ثلث طلابها الأجانب من الصين، وأكثر من 700 منهم من الهند، مثل ريدي. وجميع هؤلاء الطلاب، ليسوا متأكدين من الخطوات المتوقعة التي قد تُتخذ بعد ذلك. وقد وصفت جامعة هارفارد هذه الخطوة بأنها "غير قانونية"، مما قد يؤدي إلى الطعن عليها قضائياً. إلا إن ذلك سيترك مستقبل الطلاب في حالة من عدم اليقين، سواء هؤلاء الذين ينتظرون التسجيل هذا الصيف، أو أولئك الذين لا يزالون في منتصف دراستهم الجامعية، أو حتى أولئك الذين ينتظرون التخرج وترتبط فرص عملهم بتأشيراتهم الطلابية. ويتعين على الطلاب المقيدين الذين يدرسون في هارفارد، تحويل أوراقهم للدراسة في جامعات أمريكية أخرى للبقاء في الولايات المتحدة والاحتفاظ بتأشيراتهم. وتقول ريدي: "أتمنى أن تقف جامعة هارفارد معنا وأن يتم التوصل إلى حلول ما". وقالت جامعة هارفار: "نحن ملتزمون تماماً بالحفاظ على قدرتنا على استضافة طلابنا الدوليين والعلماء، الذين يأتون من أكثر من 140 دولة ويثرون (من خلال دراستهم) الجامعة وهذه الأمة، بلا حدود". صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، جامعة هارفارد، هي أقدم جامعة في أمريكا وتقبل سنويا آلاف الطلاب الدوليين هذه الخطوة ضد جامعة هارفارد، لها تداعيات وخيمة على نحو مليون طالب دولي أو أكثر يدرسون في الولايات المتحدة. كما أنها تأتي في أعقاب حملة قمع متزايدة شنتها إدارة ترامب على مؤسسات التعليم العالي، وخاصةً تلك التي شهدت احتجاجات حاشدة مؤيدة للفلسطينين داخل حرمها الجامعي. ويواجه العشرات من هؤلاء الطلاب الدوليين تحقيقات، بينما تحاول الحكومة إصلاح عملية اعتماد تأشيراتهم الدراسية وإعادة تشكيل طرق إدارتها. وقد هدد البيت الأبيض، في بادىء الأمر، بمنع الطلاب الأجانب من الدراسة في جامعة هارفارد في أبريل/نيسان، بعد أن رفضت الجامعة إجراء تغييرات على إجراءتها الخاصة بعمليات التوظيف والقبول والتدريس. كما جمّد البيت الأبيض قرابة ثلاثة مليارات دولار من المنح الفيدرالية، وهو ما طعنت جامعة هارفارد عليه قضائياً. تقول الطالبة الصينية كات شيه، التي تدرس في السنة الثانية ببرنامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الذي يعرف اختصاراً باسم "ستيم"، "إنها تشعر بالصدمة". وتستطرد كات في حديثها، قائلة: "كنت قد نسيت تقريبا (التهديد السابق بالحظر)، ثم جاء إعلان يوم الخميس فجأة". إلا أنها تضيف أن جزءاً بداخلها كان يتوقع "الأسوأ"، لذا فقد أمضت الأسابيع القليلة الماضية في طلب المشورة من المتخصصين حول كيفية الاستمرار في الإقامة في الولايات المتحدة. لكنها تقول إن جميع الخيارات "مزعجة ومكلفة للغاية" صدر الصورة، Getty التعليق على الصورة، قمعت إدارة ترامب الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين داخل الحرم الجامعي ويبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد استهدفت بالتحديد الصين عندما اتهمت، في بيان لها، جامعة هارفارد "بالتنسيق مع الحزب الشيوعي الصيني". وقد ردت بكين يوم الجمعة منتقدةً ما وصفته بـ "تسييس" التعليم. وقالت إن هذه الخطوة "تضر فقط بصورة الولايات المتحدة ومكانتها الدولية"، وحثت على سحب الحظر "في أقرب وقت ممكن". ويقول عبد الله شهيد سيال، 20 عاماً، وهو ناشط طلابي باكستاني معروف بأرائه الصريحة: "نحن لم نسجل في الجامعة للدراسة حتى نصل إلى هذا الوضع". وعبد الله هو طالب في السنة الثالثة بجامعة هارفارد وقد تخصص في مجال الرياضيات التطبيقية والاقتصاد، وكان واحداً من اثنين فقط من الطلاب الجامعيين الباكستانيين الذين قُبلوا في جامعة هارفارد في عام 2023. كما أنه كان أول فرد في عائلته يدرس في الخارج، واصفاً هذه اللحظة بأنها كانت "عظيمة" بالنسبة لعائلته. ويضيف أن الوضع الذي وجد نفسه فيه الآن "سخيف وغير إنساني". صدر الصورة، Abdullah Shahid Sial التعليق على الصورة، يقول عبد الله شهيد سيال من باكستان إن الالتحاق بجامعة هارفارد كان إنجازاُ كبيراً بالنسبة له وقال كل من شريا ميشرا ريدي وعبد الله شهيد سيال، إن الطلاب الأجانب يتقدمون للالتحاق بالجامعات في الولايات المتحدة لأنهم يرونها مكاناً مٌرحبا، وغنياً بالفرص. وتقول شريا: "لديك الكثير لتتعلمه من ثقافات مختلفة، ومن أشخاص من خلفيات متنوعة. وقد قدَّر الجميع ذلك حقاً"، مضيفةً أن تلك كانت تجربتها في هارفارد حتى الآن. لكن عبد الله يقول إن الوضع تغير مؤخراً، ولم يعد يشعر الطلاب الأجانب بالترحيب. فقد ألغت إدارة ترامب المئات من تأشيرات الطلاب. ليس هذا فسحب، بل احتجزت طلاباً من جامعات في جميع أنحاء البلاد. وكان العديد منهم مرتبطاً بالاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين. ويضيف عبد الله أن هناك الآن قدراً كبيراً من الخوف وعدم اليقين داخل مجتمع الطلاب الدوليين. وقد فاقمت التطورات الأخيرة الوضع. وتقول طالبة دراسات عليا من كوريا الجنوبية إنها تُعيد التفكير في العودة إلى وطنها خلال الصيف خوفاً من عدم تمكنها من دخول الولايات المتحدة مجدداً. لم ترغب هذه الطالبة في الكشف عن اسمها خوفاً من أن يؤثر ذلك على فرص بقائها في الولايات المتحدة، ولم يتبقَّ لها سوى عام واحد على التخرج. وقالت إنها قضت فصلاً دراسياً شاقاً، وإن كل ما تتطلع إليه حتى الآن هو "الالتقاء بالأصدقاء والعائلة". صدر الصورة، Jiang Fangzhou التعليق على الصورة، يدرس جيانج فانجز الإدارة العامة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد ويقول جيانج فانجزهو، الذي يدرس الإدارة العامة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، إن القلق بين الطلاب الأجانب واضح وملموس. ويضيف: "قد نضطر للمغادرة فوراُ، لكن الناس لهم حياة هنا. فهناك إيجارات ودروس ومجتمع. هذه أمور لا يُمكن التخلي عنها بين عشية وضحاها". ولا يقتصر الحظر على الطلاب الحاليين فقط، كما يقول مواطن نيوزيلندي يبلغ من العمر 30 عاماً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store