
فاطمة كانت هنا
جفرا نيوز -
إسماعيل الشريف
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيًّا... ولكن لا حياة لمن تُنادي
ولو نارًا نفختَ بها أضاءت... ولكنك تنفخ في الرماد- عمرو بن معدي كرب
تم اختيار الفيلم الوثائقي ضع روحك على كفك وامشِ للعرض في مهرجان «كان» السينمائي الشهر المقبل. هذا العمل، من إخراج الإيرانية سبيدة فارسي، يوثّق الحياة اليومية للغزيّين تحت الحصار والقصف، كما ترصدها عدسة المصوّرة الصحفية الفلسطينية فاطمة حسونة.
وكما يواجه الغزّيّون معاناة يومية، واجهت فاطمة تحديات جمّة في إيصال صورها إلى المخرجة، بعدما حالت ظروف الحرب دون استخدام الوسائل المعتادة، فلجأت إلى إرسالها عبر مكالمات الفيديو.
وفي مقابلة لها مع موقع ميدل إيست آي، قالت فاطمة:
«الصورة والكاميرا سلاحان. كثيرًا ما أقول لأصدقائي: تعالوا وانظروا... نحن لا نحشو كاميراتنا بالرصاص، بل أضع بطاقة الذاكرة هذه، فهي رصاصة الكاميرا. بطاقة الذاكرة تغيّر العالم، وتدافع عني. تُظهر للعالم ما يحدث لي، وما يحدث للآخرين. لهذا اعتبرتها سلاحي، أدافع بها عن نفسي، كي لا تُنسى عائلتي، ولكي أتمكن من توثيق قصص الناس... حتى لا تتبخر قصص عائلتي في الهواء.»
وفي لحظةٍ مُفعمة بالمرارة، كتبت فاطمة على صفحتها في إنستغرام:
«إذا متُّ، أريد موتًا صاخبًا. لا أريد أن أكون مجرد خبرٍ عاجل، أو رقمٍ في قائمة. أريد موتًا يسمعه العالم، وأثرًا يبقى عبر الزمن، وصورةً خالدة لا يمحوها تغيّر الزمان ولا المكان.»
لم يحتمل الصهاينة المجرمون توثيقها لجرائمهم، ولا أن يرى العالم صورها، فانتقموا منها بوحشية. وبعد يومٍ واحد فقط من إعلان مشاركة الفيلم في مهرجان «كان»، استهدفت طائرات الاحتلال منزلها في حي التفاح، فاغتالت فاطمة، ومعها تسعة من أفراد عائلتها.
رأى الصهاينة في كاميرتها سلاحًا لا يقل خطرًا عن البندقية. أغاظهم الفيلم الذي وثّق جرائمهم، فقرّروا إخماد الصوت والصورة معًا، بالانتقام منها عبر استهدافها وعائلتها بأكملها.
تُمعن هذه الدولة المجرمة، التي ضربت بالقوانين والمواثيق عرض الحائط، في قتل الصحفيين الذين ينقلون للعالم فصول الإبادة الجماعية في غزة. لم يشهد التاريخ الحديث حربًا أُبيد فيها هذا العدد من حَمَلة الكاميرا والقلم كما شهدت غزة الجريحة.
إنهم يُستهدفون عمدًا، وتُمنع وسائل الإعلام من دخول القطاع، لأن الاحتلال يرى في الكاميرا تهديدًا، وفي الصحفي عدوًا يجب تصفيته. في نظره، الحقيقة خطر، والصورة فضيحة، والصوت جريمة لا تُغتفر.
فالكيان الصهيوني كيان قائم على الأكاذيب، وكل ما يهدّد هذه الأكاذيب يُعدّ خطرًا يجب التخلّص منه. كل عدسة تفضح، وكل قلم يدوّن الحقيقة، يصبح هدفًا مشروعًا في نظرهم. ومن يدعم الصهيونية في الخارج لا يريد للحقيقة أن تُكشف، كي يواصل دعمه دون أن يُقظ مضجعه ضمير، أو يواجه ضغطًا من الرأي العام.
ولهذا يُمنع الصحفيون الأجانب من دخول غزة، وتُسكت الأصوات الحرة، ويُطرد ويُهمَّش كل من تجرأ على وصف جرائمهم كما هي: إبادة جماعية. فلا يمكن لـ»إسرائيل» والحقيقة أن تتعايشا. أعداء الصهيونية يدركون ذلك، و»إسرائيل» تعرفه جيدًا أيضًا. لذا، فإن أسلحتها وأساليب حلفائها لا تقتصر على القنابل والرصاص، بل تشمل أيضًا الدعاية، والرقابة، وطرد الأساتذة الجامعيين، ومنع التظاهرات، وإسكات كل صوت حر.
بينما السلاح الحقيقي للمقاومين هو الصورة... والقلم... والكلمة... وصدورهم العارية.
وكما أرادت الشهيدة، كان استشهادها مسموعًا. هزّ نبأ رحيلها منصات التواصل الاجتماعي، وأثار حزنًا واسعًا في قلوب الصحفيين، والمؤسسات الإعلامية، وأحرار العالم. نعاها الآلاف، ووقفوا أمام صورتها بصمتٍ خاشع، يودّعون العدسة التي قاومت حتى آخر نفس. وكما تمنّت، فإن فقدها لن يُنسى، وسيبقى رثاؤها شاهدًا حيًّا للأجيال القادمة، ودليلًا دامغًا على إجرام الصهاينة.
كما قالت الشهيدة، فإن الغزيين يحملون أرواحهم على أيديهم. يتقبّلون الموت، لكن ما يقلقهم حقًا هو أن يُمحى اسمهم، أن يُختصروا في رقمٍ باهت في عدّاد الضحايا. يريدون أن يشعروا بإنسانيتهم، أن يُعامَلوا كأرواح تستحق الحياة، لا كأرقام تُنسى بعد نشر الإحصاءات. نحن جميعًا مسؤولون، لأننا لم نوفر لهم حتى أبسط متطلبات الإنسان... لم نوفر لهم الحياة.
سيُعرض الفيلم الذي يروي معاناة أهل غزة وجرائم الصهاينة واستشهاد فاطمة، وسيقف الحضور في مهرجان «كان» مرتدين بذلات «السموكن» وأجمل فساتين السهرة، بأبهى هيئة، يصفّقون بحرارة، وتُذرف الدموع، ويتلف المكياج. وفي اليوم التالي، سيُستشهد مئة فلسطيني، من بينهم صحفي، ومُعلّم، وعامل إغاثة، وثلاثون طفلًا. سيموت طفل من الجوع، ويفقد عشرة أطفال أحد أطرافهم. وستُرسل الولايات المتحدة قنابلها، ويخرج المتظاهرون كغثاء السيل، ويشجب العرب الجرائم... ويستمر المشهد.
رحلت فاطمة، ذات الخمسة والعشرين ربيعًا، قبل أيامٍ فقط من أن تُزف عروسًا. لكن كاميرتها لا تزال شاهدة، وصورها باقية، تنقل للعالم وجع غزة، وتصرخ من بين الركام: «كنتُ هنا... فهل رأيتموني؟»، وسيأتي اليوم الذي يُحاسَب فيه القتَلة، وتُستعاد فيه العدالة من عدسة فاطمة المكسورة تحت ركام غزة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وطنا نيوز
منذ 4 ساعات
- وطنا نيوز
مشادة كلامية لنجم شهير على السجادة الحمراء في مهرجان كان
وطنا اليوم:أثار النجم الأميركي الحائز على جائزة الأوسكار، دينزل واشنطن، صدمة بين محبيه بعد أن دخل في مشادة حادة مع أحد المصورين خلال حضوره العرض الأول لفيلمه الجديد 'Highest 2 Lowest' في مهرجان كان السينمائي، يوم الإثنين. وتم رصد واشنطن (70 عاما) وهو يوجه إصبعه في وجه أحد المصورين خلال لحظة توتر واضحة على السجادة الحمراء. وكشف خبير قراءة الشفاه، جيريمي فريمان، في تصريح لموقع'ديلي ميل'، أن النجم الشهير بفيلم Malcolm X بدا غاضبا بسبب قيام المصوّر بلمسه على ذراعه. ووفقا لفريمان، صرخ واشنطن قائلا: 'مرة واحدة فقط، توقف… دعني أوضح لك، لا تلمسني مجددا أبدا'. ورغم تحذيرات واشنطن المتكررة، أظهر المقطع المصور استمرار المصوّر في محاولة لمس الممثل مرة أخرى، بل وسأله: 'هل يمكنني التقاط صورة؟'، ما دفع واشنطن للرد بانفعال: 'توقف، كفى، أنا جاد، توقف'. ويبدو أن بعض المصورين المحيطين بالمشهد لم يدركوا مدى انزعاج واشنطن، إذ ظهروا مبتسمين أثناء المشادة. ويُعرف عن واشنطن تاريخه الطويل من المواقف المتوترة مع المصورين. فقد سبق وأن تم تصويره في أكتوبر 2024 وهو يتشاجر مع عدد من هواة توقيع التذكارات في نيويورك، خلال حدث تكريمي أقيم في متحف الفن الحديث على شرف النجم صامويل إل. جاكسون. وعلى الرغم من هذه الواقعة، ظهر واشنطن لاحقا بروح معنوية عالية عندما فاجأه المخرج سبايك لي بمنحه السعفة الذهبية الفخرية خلال فعاليات المهرجان، في خطوة غير معلنة مسبقا. وقال لي وهو يسلّم الجائزة: 'هذا أخي'، ليرد واشنطن بدهشة: 'لم أكن أعلم! إنها مفاجأة تامة'. وكان واشنطن قد وقف على السجادة الحمراء إلى جانب شريكه في بطولة الفيلم، النجم والمغني آيساب روكي (36 عاما). وأكد منظمو مهرجان 'كان' أن الجدول الزمني تم تعديله خصيصا ليتماشى مع جدول واشنطن.


جفرا نيوز
منذ 4 ساعات
- جفرا نيوز
"سوريا في عيوننا" تحتفي بالمواهب الشابة
جفرا نيوز - تُقيم مبادرة #سوريا_في_عيوننا مساء الـ 26 من الشهر الجاري حفلاً فنياً في دار الأوبرا بدمشق، برعاية وزارة الإعلام، وبالتعاون بين المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي وشركة "ترند آرت برودكشن"، وذلك دعماً للمواهب الفنية الشابة. ويُقام الحفل بحضور رسمي حكومي ودبلوماسي وعربي، بمشاركة فنانين وشخصيات عامة من المجتمع المدني وإعلاميين، إلى جانب وفد قطري يضم عدداً من الشخصيات المنتمية لمؤسسات إعلامية وثقافية. يتضمن الحفل عرض الأعمال الفائزة في المبادرة وتكريم المبدعين، إلى جانب تكريم مجموعة من الشخصيات السورية البارزة في المجالات الفنية والإعلامية والثقافية والإنسانية، من بينهم المخرج القدير #هيثم_حقي، والشاعر الكبير #أنس_دغيم، والصحفي هادي العبد الله، وآخرون. كما سيشهد الحفل فقرة أوركسترا، وستاند أب كوميدي، وستعلن خلاله وزارة الإعلام متمثلةً بملف الدراما والإنتاج بالتعاون مع وزارة الثقافة عن مجموعة من المهرجانات القادمة. وكانت مبادرة "سوريا في عيوننا" قد انطلقت مطلع نيسان الماضي، فاتحة أبوابها أمام المواهب الشابة في مختلف المجالات الفنية، مثل التصوير الفوتوغرافي، إنتاج الفيديو، والفن التشكيلي، بهدف منحهم مساحة للتعبير عن إبداعهم. وتسعى المبادرة إلى اكتشاف ورعاية المواهب السورية وتسليط الضوء على جمال سوريا، انطلاقاً من الإيمان بدور الفن في تعزيز قيم الأمل والبناء، وإبراز رؤية إيجابية توثق حضارة البلاد، وتعكس قدرتها على تجاوز التحديات وبناء المستقبل بإرادة أبنائها.


جفرا نيوز
منذ 6 ساعات
- جفرا نيوز
رقمان بدلًا من واحد .. فضيحة مركبات صينية بالأردن!
جفرا نيوز - وقع مئات المواطنين ضحية شراء سيارات كهربائية صينية الصنع من تجار في المنطقة الحرة تم التلاعب بأرقام "الشاصي" الخاصة بها ليمسي لكل سيارة رقمان بدلا من رقم واحد، نتيجة عملية التزوير لكونها مخالفة لتعليمات وإجراءات تقييم المطابقة للمركبات لسنة 2024. وقالت مصادر إن عملية التزوير التي نفذها بعض التجار في المنطقة الحرة بالزرقاء جاءت بسبب عدم تلبية تلك السيارات لاشتراطات ومتطلبات اعتماد الجهات المعنية بفحص المركبات الكهربائية، وهروبا من ذلك تمت عملية التزوير لتحمل كل سيارة رقمي شاصي بدلا من واحد لتصبح موديل 2023، وهي في حقيقتها موديل 2024. ورقم الشاصي، المعروف أيضًا برقم الهيكل أو رقم تعريف المركبة (VIN)، هو سلسلة من 17 رمزًا (أحرف وأرقام) يتم إعطاؤها لكل سيارة عند تصنيعها. ويُستخدم هذا الرقم لتحديد هوية السيارة بشكل فريد، مثل بصمة الإصبع، ويحتوي على معلومات مهمة حول مواصفات السيارة وتاريخ صنعها. وتلقى عدد من المواطنين اتصالات من دائرة الجمارك تبلغهم بضرورة مراجعة الدائرة ليصار الى فحص ارقام الشاصيات وليتبين انها تحمل رقمين وفي الحقيقة خضعت لعملية تزوير. وقالت المصادر، إن دائرة الجمارك الأردنية شكلت لجنة تحقق في واقعة التزوير، فيما ينتظر المواطنون الذين تعرضوا للغش قرارتلك اللجنة وما سيؤول عليه حالهم. وأكدت المصادر المطلعة أنه لم يتم حتى اليوم حجز أي سيارة من السيارات التي كشف أنها مزورة، وعبر المواطنون عن غضبهم لاسيما وانهم ساروا بالإجراءات الرسمية ومع ذلك تعرضوا للغش. وحدثت واقعة التزوير للسيارات الكهربائية المستعملة في المنطقة الحرة بالزرقاء هروبا من اشتراطات ومتطلبات اعتماد جهات فحص المركبات الكهربائية المستعملة. وتنص تعليمات دائرة الجمارك على عدد من الاشتراطات والمتطلبات المعنية بالمركبات الكهربائية المستعملة لاعتماد جهات فحص هذه المركبات تنص على أن المركبة هنا هي مركبة الركوب الكهربائية الصغيرة التي تعمل بمحرك دفع كهربائي ومزودة ببطارية كمصدر للطاقة والتي لا يزيد وزنها الاجمالي على 3500 كم وتزيد سرعتها على 25 كم/ساعة، والتي لا يزيد عدد ركابها على تسعة ركاب بما فيهم السائق. وتعرف "المركبة الكهربائية المستعملة" بأنها المركبة التي لا يكون موديلها، أي سنة صنعها، السنة الحالية أو السنة اللاحقة أو السنة السابقة لسنة التخليص أو التي قطعت مسافة تزيد على 7000 كم. وتعرف جهة الفحص، بحسب التعليمات، بأنها الجهة المعتمدة (المقبولة) من مؤسسة المواصفات والمقاييس لإجراء الفحوصات المشار إليها في هذه الآلية والتي تقوم بإصدار شهادات وتقارير فحص للمركبات الكهربائية المستعملة. وهي التي تصدير (تقرير الفحص) وهو وثيقة تحتوي كافة المعلومات الايضاحية والمميزة للمركبة والنتائج النهائية لجميع الاختبارات التي تمت على هذه المركبة. كما تحدد اشتراطات ومتطلبات اعتماد جهات فحص المركبات الكهربائية المستعملة في المادة الثانية بأن تلبي جهة الفحص عددا من الاشتراطات وهي أن تقدم خدمات الفحص على المركبات الكهربائية كطرف ثالث، والمقصود بالطرف الثالث أنه لا يجوز لهذه الجهة أو لأي من موظفيها القيام بأي أنشطة قد تتعارض مع استقلالهم في الحكم ونزاهتهم فيما يتعلق بأنشطة الفحص والتفتيش التي يقومون بها. وعلى وجه الخصوص، لا يجوز لهم المشاركة في تصميم أو تصنيع أو توريد أو تركيب أو شراء أو ملكية أو استخدام أو صيانة أو التجارة بالأصناف التي يتم فحصها. كما يشترط أن تكون هذه الجهة في المنطقة الحرة الزرقاء أو لديها فروع في المنطقة الحرة الزرقاء، اضافة الى أن تتوفر لديها المؤهلات الفنية والمهنية والقدرة المادية اللازمة لإجراء الفحوصات المطلوبة. كما تنص التعليمات المعدلة على إجراءات تقييم المطابقة للمركبات الكهربائية لسنة 2024، والتي تسمى "تعليمات معدلة لتعليمات إجراءات تقييم المطابقة للمركبات الكهربائية رقم (3) لسنة 2025"، وتقرأ مع تعليمات إجراءات تقييم المطابقة للمركبات الكهربائية لسنة 2024 تعليمات واحدة، ويعمل بها من تاريخ نشرها بالجريدة الرسمية. وتنص المادة الرابعة بأن على التاجر أو المستورد أن يقدم أيا من الوثائق التالية للمركبة الكهربائية شهادة الموافقة النوعية الأوروبية EU Whole Vehicle Type Approval Certificate. أو شهادة الموافقة النوعية الأوروبية EU Type Approval of Vehicles Produced in Small Seriess Certificate. أو شهادة المطابقة الخليجية Gulf Standards Organization (GSO) Conformity Certificate. أو وثيقة بيانات استيفاء المركبة لمواصفات السلامة الفيدرالية Federal Motor Vehicle Safety Standards (FMVSS)