logo
ملامح الممارسة السياسية عند عصام العطار

ملامح الممارسة السياسية عند عصام العطار

الجزيرة١٠-٠٥-٢٠٢٥

إن الرؤية الإسلامية للسياسة قائمة على ركيزة أساسية في فهم الإسلام، وهي أنه دين شامل لكل جوانب الحياة، وهو ليس ديناً كهنوتياً ينأى بنفسه عن واقع الناس، ولا حكماً ثيوقراطياً يحكم الناس باسم الرب. والمسلم ينظر إلى الوجود كله من منظوره الإسلامي؛ فالسياسة والاقتصاد والإدارة والقانون وغيرها ليست بمعزلٍ عن الإسلام، بل إنه ينظر إليها بمرجعيته الإسلامية إلى جانب فهمه لتطورات عصره ومتطلبات واقعه.
والسياسة كما أنها في معناها اللغوي راجعة إلى القيام على الشيء بما يصلحه، فهي في الرؤية الإسلامية مستندة إلى تحصيل مصالح العباد، وتحقيق الأصلح في إدارة الشأن العام؛ فالسياسي المسلم يعرك الواقع مجتهداً في درء المفاسد وجلب المصالح، يفهم زمانه وواقعه، ويتقن السياسة وتعقيداتها، ويحترف العلاقات وتشابكها، ويجتهد بنقل هذا التصور النظري إلى واقع الممارسة العملية من خلال حركته المرنة المراعية للمتغيرات، ضمن الإطار الشرعي والقيمي الذي يغلف جميع ممارساته.
إن هذا التصور الإسلامي للممارسة السياسية تجلى في مختلف محطات حياة الراحل الأستاذ عصام العطار، حيث تميزت حياته السياسية بالتمسك بالمرجعية الإسلامية ومنظومتها القيمية، إلى جانب المرونة العالية في التطبيق والممارسة. وقد تجلت في حياته السياسية مجموعة من المبادئ الأساسية؛ كالحرص على وحدة الصف، وتمجيد الحرية السياسية، وأهمية شرعية السلطة، وتقديم المصلحة العامة، والثبات في المواقف، والصبر على التضييقات والملاحقات، وغير ذلك من ملامح الممارسة السياسية الرشيدة.
لقد نشأ العطار في بيئة دمشقية مهتمة بالسياسة والشأن العام؛ فوالده الشيخ محمد رضا العطار كان أحد رجال القضاء الشرعي والعدلي، ورئيس محكمة الجنايات والتمييز، لذا لم تكن شخصية عصام التي نشأت على مواجهة الاستبداد السياسي طفرةً، فقد خاض والده من قبله كفاحاً ضد جمعية الاتحاد والترقي التركية، حتى حكم عليه والي سوريا جمال باشا السفاح بالإعدام، ما اضطره للهرب إلى حوران، ثم نفي بعد اعتقاله إلى إسطنبول، ليرجع بعد ذلك إلى سوريا بعد تفكك الدولة العثمانية.
في شبابه المبكر اعتنى العطار بالثقافة والفكر، ونبغ في علوم العربية والبلاغة، وأتقن الخطابة منذ كان في الابتدائية، واعتنى بتحصيل العلوم الشرعية، حيث كان من طلاب المعهد العربي الإسلامي بدمشق، ثم أشرف على جريدة المنار.
ومنذ انطلاقته الأولى؛ كان العطار مؤمناً بقيمة العمل الجماعي، فانتمى إلى جمعية "شباب سيدنا محمد"، ثم إلى جماعة الإخوان المسلمين حيث ظهرت شخصيته المتفوقة مبكراً، فانتُخب عضواً في المكتب التنفيذي للجماعة عام 1954، ثم صار الناطق الرسمي باسمها قبل أن يصبح مراقباً عاماً من منفاه في الأعوام 1964-1973. إن تفوق العطار القيادي جعل المؤتمر الإسلامي الذي يضم كبار علماء وسياسيي سوريا آنذاك ينتخبه بالإجماع أميناً عاماً له عام 1955، وهو ابن 28 سنة.
والعطار كشخصية قيادية كان مؤمناً بأن القيادة الحقيقية تعني أن تتقدَّم الرموز صفوفَ الناس، وأن تتواجد في الزمان والمكان المناسبَين، وأن أي تأخُّرٍ عن اتخاذ الموقف وبيانه جريمةٌ بحق الناس الذين يتلمّسون قياداتهم ونخبهم ليعلنوا اصطفافهم خلفها، وقد جعل العطار من مسجد جامعة دمشق منبراً لبيان آرائه ومواقفه الوطنية والسياسية. والقيادة بالنسبة للعطار تعني أيضاً المسؤولية، فقد واجه بصلابة معظم الأزمات التي واجهت السوريين في نضالهم ضد الاستبداد، والتي واجهت الحركة الإسلامية حيث كان أبرز رموزها في سوريا، وعندما أصدرت دولة البعث القرار 49 القاضي بإعدام كل منتمٍ إلى الإخوان في سوريا، خرج وعرف بنفسه بصفته المراقب العام للجماعة.
ومن ملامح الممارسة السياسية الرشيدة عند العطار حرصه على جمع الكلمة ونبذ الفرقة، فقد كان أيقونة تلتف حولها الأطياف المختلفة، وقبلة يحج إليها الأحرار من أنحاء العالم على اختلاف انتماءاتهم وأوطانهم. لم يفارق مصطلح الوطنية خطاباته السياسية، لإيمانه بالانتماء إلى الوطن ومصالح الوطن ومستقبل الوطن، وليس في هذا تعارض مع إسلاميته؛ فالمسلم أكثر الناس وطنيةً وانتماءً وتضحيةً في سبيل الوطن. وإلى جانب ذلك، كان الأستاذ العطار شخصيةً منفتحةً على جميع التيارات والجماعات التي تتفق أو تختلف مع فكره، مشدِّداً على جمع كلمة مختلف الأطياف السورية حول نقاط مشتركة تؤسس لبناء الدولة، لا سيما في مرحلة ما بعد جلاء الفرنسيين عن سوريا.
ولمّا ترك الإخوان أواخر السبعينيات لم يتوقف عن كفاحه السياسي؛ لأنه يرى أن الجماعات إنما هي وسائل لا تتجاوز الفكرة والكفاح السياسي، وهكذا ظل العطار نسراً يحلّق في سماء الحرية، دون أن ينتمي إلى أي تيار، لكنه كان داعماً لكل حراك شعبي من أجل حرية وطنه وشعبه.
يقول في إحدى مقابلاته: "أنا لما كنت في سوريا بالنسبة إليّ دافعت عن حق كل إنسان مظلوم ولو كان خصماً لي، دافعت بالفعل وهذا جعل الأكثرية من أبناء الشعب تقف ورائي خلال هذه الفترة في سوريا.. يعني بالفعل دافعت عن قضايا كبرى، مثلاً: قضايا الوحدة، قضايا التحرر من الاستعمار الجديد والقديم، وكذلك قضية مقاومة الأحلاف الإمبريالية الخارجية، وقضايا تحقيق العدالة الاجتماعية، وقضايا الحريات العامة داخل البلاد". ولما سئل عن علاقته بالإخوان المسلمين قال: "طبعاً الإخوان أنا قطعة منهم، مثل ما قلت.. لحمي ودمي، وكثير من الإخوان هم عندي أبنائي وإخواني، لكن الحقيقة لا أفرق بين الإخوان وغير الإخوان على الصعيد العربي والإسلامي، ولا أنظر إلى مصلحة الإسلاميين بمعزل عن مصالح غيرهم".
وقف العطار ضد جميع الانقلابات العسكرية في الفترة 1949-1963، بدايةً من انقلاب حسني الزعيم، ثم انقلاب سامي الحناوي عام 1949، مروراً بانقلاب أديب الشيشكلي عام 1951
ومع كونه دمشقياً عتيقاً وسورياً أصيلاً، كان متبنياً لقضايا أمته، لا يترك منبراً في نصرة قضاياها من فلسطين إلى أفغانستان والشيشان، وصولاً إلى ثورات الربيع العربي التي ردّت للعطار عنفوانه وحيويته، فقد أيد الثوار في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، وقال فيهم: "هذه الجماهير التي تتحدى الطاغوت وتفضل الموت على العيش الذليل"، ثم هاجم الأنظمة التي ثارت الشعوب عليها بقوله: "وهذه أنظمة طاغية ظالمة فاسدة، هذه أنظمة جائرة، هذه أنظمة سرقت آمال الأمة، سرقت حرية الأمة، لكن الشعوب تمردت على الخوف". لقد كان العطار يرى في ثورات الشعوب بريق الأمل الذي سيغيّر واقع أمتنا، ولطالما خاف على هذه الثورات وعلى تضحيات الشعوب، فخاطب الجموع مركزاً على ضرورة الحفاظ على الاستقلالية ونبذ التبعية.
لقد مجَّد الأستاذ العطار الحرية واعتبرها أم القيم السياسية، لذا كانت رؤيته في منح الشعب حقه في اختيار من يحكمه ويسوسه، وأن يعيش كريماً له الحق في التعبير عن رأيه بعيداً عن الإرهاب والسجون والمعتقلات، وقد كان واثقاً أن بيئة الحرية في أوطاننا لن ترفع إلا قيم الدين، ولن تُعلي إلا الثقافة الإسلامية التي تنتمي إليها. ومن أقواله في ذلك: "إن الإسلام يكفر بالديكتاتورية جمهوريةً كانت أو ملكية، يكفر بالاستبداد مهما كان شكل هذا الاستبداد. من الذي يقول إن الإسلام لا يريد حكم الشورى… لا يريد أن يكون للشعب ممثلوه الذين يقررون في أمره ويقررون في شأنه؟ من الذي يقول إن الإسلام يفرض على الناس ملوكاً أو شيوخاً أو أمراء؟".
وانطلاقاً من ذلك؛ فقد كان الوقوف في وجه الاستبداد السياسي يمثل أبرز ملامح الممارسة السياسية في حياة العطار، لذا كان دائمَ التركيز على شرعية السلطة، وضرورة أن يكون الحُكم شرعياً، فهو يرى أن شرعية الحكم إنما تستمد من اختيار الناس، لا من قهرهم وإجبارهم، ولما طالب الأسد في بداية الثورة السورية في تصويره الشهير بالاستقالة، قال له: "قم بإعادة شرعية السلطة إلى الناس".
من هنا، فقد وقف العطار ضد جميع الانقلابات العسكرية في الفترة 1949-1963، بدايةً من انقلاب حسني الزعيم، ثم انقلاب سامي الحناوي عام 1949، مروراً بانقلاب أديب الشيشكلي عام 1951، حيث صدر الأمر باعتقاله ثم نفيه إلى مصر. كما أنه رفض المشاركة في العروض المتكررة التي حاولت استمالته للمشاركة في الحكومات التي انبثقت عن الانقلابات، كحكومة معروف الدواليبي رغم أنه كان في وقتها نائباً برلمانياً عن دمشق، وكحكومة بشير العظمة؛ رفضها جميعاً وأصرَّ على التمسك بمبدأ شرعية السلطة، فكيف يقبل المشاركة في حكم يراه غير شرعي؟ لا يمكن أن ينقلب العطار على مبادئه وقيمه.
وفي مرحلة الوحدة بين سوريا ومصر، كان العطار مؤيداً للوحدة رغم موقفه من جمال عبد الناصر، لكن صاحب الروح الحرة لا يطيب له أن يعيش تحت نير الاستبداد، وقد كان العطار قوياً في الحق، يعلن موقفه بكل وضوح ويعبر عما يؤمن بكل جرأة وشجاعة، فعندما بدأ عبد الناصر يتخذ القرارات الجائرة بعد الوحدة، وقف العطار في وجه الاستبداد الناصري، فقد كان الأستاذ عصام يرى أن تكون الوحدة مبنية على أساس برلماني ديموقراطي، لكنه على الرغم من ذلك رفض التوقيع على وثيقة الانفصال التي وقع عليها القوميون في ذلك الوقت، مؤكداً أن الوحدة أكبر من أخطائها.
ظلَّ العطار منسجماً مع مبادئه وشعاراته في مواجهة الاستبداد ورفض الانقلابات، وعندما كانت دبابات الانقلاب البعثي تحتل شوارع العاصمة، كان العطار من فوق منبر مسجد الجامعة يعلن موقفه الراسخ، ويصرخ متحدياً: صفحتنا أنصع من أي صفحة، وجبهتنا أرفع من أي جبهة، وطريقنا أقوى من ‏أي طريق، وأنا أتحدى كل إنسان كائناً من كان أن يضع ذرّة من الغبار، لا أقول ‏على جباهنا المرتفعة، ولكن على أحذيتنا وأقدامنا، وأعلن أنني أرفض أي ضرب ‏من ضروب الحكم الديكتاتوري الاستبدادي، والطغاة الماضون سقطوا طاغية بعدَ ‏طاغية بعد طاغية تحت أقدامنا ونحن على هذا المنبر، وسيذهب الطغاة الجدد ‏كما ذهب الطغاة القدماء.
حاول البعثيون بعد ذلك استمالة العطار وشخصيات وطنية أخرى للتغطية على انقلابهم المشؤوم؛‏ فبعد تعيين مجلس وطني لقيادة الثورة بقيادة لؤي الأتاسي، تمت دعوته للمشاركة في استلام الحكم، لكنه رفض قائلاً: لا يمكنني القبول بالمشاركة في حياة تقول إنها ديمقراطية ولكنها جاءت بانقلاب عسكري، وهذه الانتخابات لن تعيش طويلاً حتى يتم الانقلاب عليها من جديد. ولم تكن تلك محاولتهم الأخيرة، فقد دعاه حافظ الأسد لاحقاً كي يعود إلى سوريا، لكنه رفض وطالب بالحرية لوطنه وشعبه، وعندما عُيّنت أخته نجاح العطار نائبة لبشار الأسد عام 2014، عرضت عليه العودة مجدداً لكنه رفض، وقال: تعيينها -يقصد أخته- لا يعنيني بشيء، ولا يرتبط بموقف بأي حال من الأحوال.
تعاظم دور العطار السياسي وتأثيره الاجتماعي في دمشق، حتى خاف النظام البعثي من شعبيته. وبعد فشل اغتياله عام 1963، قرر البعث منعَ العطار من العودة إلى سوريا بعد أدائه الحج عام 1964، لتبدأ رحلة الابتلاء المريرة، والهجرة الطويلة، من لبنان إلى بلجيكا التي أصيب فيها بالشلل عام 1968، ليحطّ رحاله في آخن بألمانيا، ولما عجز زبانية الأسد عن الوصول إليه لم يجدوا إلا النيل من زوجته السيدة الدمشقية بنان، ابنة أديب العلماء وعالم الأدباء علي الطنطاوي، وحدث هذا عام 1981، لكن ذلك لم يفت في عزيمة العطار، بل ظل محافظاً على ثوريته ومواقفه وصلابته حتى وافته المنية في آخن بألمانيا في 2 مايو/ أيار عام 2024.
ذاق التهجير عن وطنه فعاش في المنافي مطارداً من بلد إلى بلد، ثم ابتلي بصحته فأصيب بالشلل، لكن جسده المنهك لم يمنعه من الاستمرار في التحليق. لقد كان شديد التفاؤل، دائم الأمل، بعودته لوطنه وانتصار الشعب السوري على حكم الأسد
لقد عاش الأستاذ عصام العطار حياةً حافلةً بالعطاء والعمل، ذاخرةً بالمواقف النبيلة، عامرةً بمحبة الوطن والحنين إلى الديار، زاهدةً بكل المناصب والنياشين، ولو أراد لمُنحت له أكبر المناصب، ولو داهن لحصل على أعلى الرتب، لقد حمل روحاً حرةً يضيق عليها جسدٌ أرهقته الحياة الطويلة والابتلاءات الثقيلة. لقد أظهر خلال حياته ثباتاً في المواقف، وصبراً على الابتلاءات، وجلداً في مواطن المساومة.. ذاق التهجير عن وطنه فعاش في المنافي مطارداً من بلد إلى بلد، ثم ابتلي بصحته فأصيب بالشلل، لكن جسده المنهك لم يمنعه من الاستمرار في التحليق. لقد كان شديد التفاؤل، دائم الأمل، بعودته لوطنه وانتصار الشعب السوري على حكم الأسد.
هاك كلماته تتردد اليوم في ساحات الشام الحرة معطرةً بعبق الياسمين:
وباسـم الفجــر عبر الأفـق نلـمحه .. يهــفو لملــقاتنا غــاراً ونســرينــا
وقـــادمَ الـنـــصـر أحــياه وأَلمسـه .. الله أكَّـــده فـالـنــصـــر آتـيـــنـــــا
وقــد يكــون بـنـا والعمـر منفسـحٌ .. وقــد يـكــون بأجــيـال تـوالـيــنــا
فإن ظـفـرنا فـقـد نلـــنا مطــالبـنـا .. وإن هلكـــنا فـإن الله جــازيــنــــا
الموت في طاعة الرحمن يسـعدنا .. والعيش في سخط الرحمن يشقينا
أما الـمـنيــة في عـزٍّ وفي شـرفٍ .. فهـي الأثيـرةُ نطـريها وتطـريـنـا
نرجو الشـهادة أو نصـراً يواتـينا .. نُعطي الحياة فنعلي الحق والدِّينـا

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

يعالون: قتل الفلسطينيين "أيديولوجية قومية وفاشية"
يعالون: قتل الفلسطينيين "أيديولوجية قومية وفاشية"

الجزيرة

timeمنذ 39 دقائق

  • الجزيرة

يعالون: قتل الفلسطينيين "أيديولوجية قومية وفاشية"

اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعالون أن قتل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للفلسطينيين بمثابة "أيديولوجية مسيانية وقومية وفاشية". جاءت تصريحات يعالون اليوم الأربعاء تعليقا على أخرى أدلى بها، أمس، رئيس "حزب الديمقراطيين" الإسرائيلي المعارض يائير غولان لهيئة البث الإسرائيلية قال فيها "إن الدولة العاقلة لا تشن حربا على المدنيين الفلسطينيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تنتهج سياسة تهجير السكان". وفي منشور له اليوم على منصة "إكس" قال يعالون اليوم "إن غولان أخطأ في تصريحاته، فقتل المدنيين الفلسطينيين ليست هواية بالتأكيد، بل أيديولوجية مسيانية (مفهوم يرى فيه اليهود تفوقهم الروحي والسياسي على الشعوب الأخرى) وقومية وفاشية". كما اعتبر أن "هذه الأيدولوجية التي تتبعها حكومة نتنياهو مدعومة بأحكام حاخامية تقول إنه لا يوجد أبرياء في غزة". وتابع يعالون "هذه ليست هواية، بل سياسة حكومية، هدفها النهائي هو الاحتفاظ بالسلطة، ستقود تل أبيب إلى الهلاك، ويجب استبدالها". وقال وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق "ما دامت الحكومة غير مستعدة لإطلاق سراح الرهائن، واستبدال حكومة حماس وليس بحكومة عسكرية إسرائيلية، وإنهاء الحرب، فإننا سوف نستمر في فقدان الرهائن والجنود، وعلى الجانب الآخر سوف يتعرض المدنيون والأطفال والرضع للأذى". ومنتقدا حكومة نتنياهو، أكد يعالون ضرورة تغيير الحكومة قائلا "يجب أن يكون التغيير من خلال استبدال حكومة المتطرفين والمتهربين والفاسدين". كما طالب في منشوره بـ"التظاهر الجماعي والعصيان المدني السلمي رفضا لسياسات حكومة نتنياهو في مسار الحرب التي لم تسفر عن عودة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، رغم مرور نحو 20 شهرا على اندلاعها ضد القطاع الفلسطيني". من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه "صدم" لسماع كلام يائير غولان ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت أمس التي حذر فيها من أن إسرائيل تقترب بشكل غير مسبوق من حرب أهلية. وقال نتنياهو إنهما يرددان دعاية حماس التي وصفها الكاذبة ضد إسرائيل وجيشها، وأضاف أنه لن يبقى صامتا أمام ما سماها افتراءات إيهود أولمرت ويائير غولان "الصادمة".

خبير عسكري: 3 عوامل دفعت إسرائيل تاريخيا لإيقاف حروبها
خبير عسكري: 3 عوامل دفعت إسرائيل تاريخيا لإيقاف حروبها

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

خبير عسكري: 3 عوامل دفعت إسرائيل تاريخيا لإيقاف حروبها

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن التاريخ الإسرائيلي يظهر أن 3 عوامل كانت تؤدي دوما إلى وقف الحروب الإسرائيلية، مؤكدا أن مساعي الاحتلال للسيطرة على غزة يتطلب المزيد من الجنود، وهو ما يخدم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والتي تعتمد على حرب العصابات. وتتعلق العوامل الثلاثة بالواقع الداخلي الإسرائيلي، وبالضغوط الدولية، وبالمقاومة التي تحتل أرضها، مشيرا إلى أن المرحلة الحالية تشهد وجود ضغوط داخل إسرائيل على حكومة بنيامين نتنياهو ، من أجل إنهاء الحرب، وفي العالم هناك بداية تحول أوروبي وانزعاج الرئيس الأميركي دونالد ترامب من سلوك نتنياهو، حسب ما نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين بالبيت الأبيض. أما على مستوى المقاومة، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل تكبد الخسائر في صفوفه، وقد أعلن صباح اليوم مقتل الجندي دانيلو موكانو (20 عاما)، برتبة رقيب أول، خلال اشتباكات جنوب قطاع غزة. وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، قُتل الجندي نتيجة انفجار عبوة ناسفة أدت إلى انهيار مبنى كان داخله. ويُعد هذا ثاني جندي يعلن عن مقتله في غضون 24 ساعة، حيث قُتل جندي آخر أمس الثلاثاء في اشتباكات شمال القطاع. وحول العملية العسكرية التي يشنها الاحتلال على غزة، يقول العميد حنا، إن جيش الاحتلال في هذه الفترة يعتمد على التقدم البطيء داخل غزة وعلى القضم المتدرج، مستخدما المدفعية والطيران، وأضاف أن التعليمات الجديدة التي قدمت له هي الدخول والبقاء وتأمين المركز والعمل على ضرب البنى التحتية للمقاومة. وقال -في تحليل للمشهد العسكري في غزة- إن نتنياهو يلعب على مسألة السيطرة على المساحة، ما يعني المزيد من الجنود في غزة، وهذا يخدم المقاومة الفلسطينية التي قال إنها لن تقاتل في المساحات المفتوحة، بل في الأماكن التي تراها مناسبة وعن طريق حرب العصابات. وأشار العميد حنا إلى تصريح رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير بأنهم بحاجة إلى سنة تقريبا، 3 أشهر للدخول و9 أشهر لتنظيف المنطقة، حسب زعمهم. وقلل العميد حنا من إمكانية نجاح الاحتلال في عمليته العسكرية، وتساءل: هل هو قادر على حكم قطاع غزة بشكل عسكري وكامل؟ وما الكلفة البشرية التي سيدفعها؟ وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق بدء عملية برية في مناطق عدة داخل قطاع غزة في إطار بدء عملية "عربات جدعون"، في تصعيد خطير ضمن حرب الإبادة المتواصلة على القطاع. غير أن استمرار نتنياهو وجيشه في العدوان على غزة يثير انتقادات شديدة، خاصة من طرف قيادات سياسية وعسكرية إسرائيلية، وآخرها تلك الصادرة عن وزير الدفاع السابق موشيه يعالون، إذ قال إن "القتل الذي يرتكبه الجيش الإسرائيلي في غزة سياسة حكومة تجر إسرائيل للهلاك وهدفها البقاء بالسلطة"، كما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت لـ"بي بي سي" أن "ما تفعله إسرائيل الآن في غزة يقارب جريمة حرب". وكانت إسرائيل استأنفت حربها على غزة في 18 مارس/آذار الماضي بعد أن رفضت الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

تساؤلات بشأن استعادة الموساد ملف الجاسوس كوهين
تساؤلات بشأن استعادة الموساد ملف الجاسوس كوهين

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

تساؤلات بشأن استعادة الموساد ملف الجاسوس كوهين

كشفت إسرائيل -الأحد الماضي- عن تمكنها من استعادة الأرشيف السوري للجاسوس الإسرائيلي الأشهر إيلي كوهين في دمشق، في عمل استخباراتي داخل العاصمة السورية، نفذها جهاز الموساد بمساعدة "جهاز استخبارات حليف"، لكن وكالة رويترز كشفت، نقلا عن مصادر سورية، أن عملية التسليم كانت بمبادرة من جانب الحكومة السورية لتهدئة التوترات مع الجانب الإسرائيلي. وأثارت العملية تساؤلات عن ظروفها والكيفية التي تمت بها، خاصة أن وسائل إعلام إسرائيلية وتقارير غربية تحدثت في الآونة الأخيرة عن اتصالات سورية إسرائيلية تهدف إلى خفض التصعيد واتباع مسار تفاوضي، وتزامنت مع لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره السوري أحمد الشرع في الرياض. ونقلت تقارير عن تل أبيب رغبتها في أن يساعدها الهدوء الحالي على استعادة رفات إيلي كوهين، عميلها السابق في دمشق الذي مضى على إعدامه 6 عقود. بادرة حسن نية ونقلت وكالة رويترز، أمس الثلاثاء، عن 3 مصادر قولها إن القيادة السورية وافقت على تسليم وثائق ومتعلقات عميل جهاز المخابرات الإسرائيلي إيلي كوهين لتل أبيب. وقالت الوكالة إن مصدرا أمنيا سوريا ومستشارا لدى القيادة السورية وشخصا مطلعا على المحادثات السرية بين الجانبين قالوا إن أرشيف المواد عُرض على إسرائيل، في مبادرة سورية غير مباشرة، لتهدئة التوتر وبناء الثقة لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ونقلت رويترز عن مصدر أمني أن مقاتلي المعارضة السورية بقيادة الشرع عثروا على ملف كوهين في مبنى تابع لأمن الدولة في ديسمبر/ كانون الأول غداة سيطرتهم على دمشق. وبحسب مصادر الوكالة، فإن الشرع ومستشاريه الأجانب قرروا بسرعة استخدام المواد كوسيلة ضغط على إسرائيل، مشيرة إلى أن الشرع أدرك أهمية الأرشيف للإسرائيليين، وأن إعادته قد تُعد بادرة دبلوماسية مهمة. وفي رواية إسرائيلية تدعم هذا السيناريو، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت في تقرير لها إن الحكومة السورية تدرس إعادة رفات كوهين إلى إسرائيل. وذكرت الصحيفة أن نتنياهو التقى في نهاية مارس/آذار الماضي بنادية كوهين، أرملة الجاسوس الإسرائيلي، حيث أكد لها أن "الجهود لإعادة جثمانه مستمرة ولن تتوقف حتى تكتمل المهمة". واعتبرت الصحيفة تصريحا للشرع في وقت سابق حول نيته النظر في "قضايا إنسانية مؤجلة"، تلميحا إلى ملف كوهين، ورأت فيه "تصريحا مفاجئا يثير التفاؤل في الأوساط الإسرائيلية". من جهتها، كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية نقلا عن مصادرها أن المسؤولين السوريين أبلغوا الإسرائيليين، خلال المحادثات السرية التي عقدت في أذربيجان لتهدئة التوتر بين الجانبين، أنهم يسعون للعثور على رفات الجاسوس إيلي كوهين، مضيفة أن ذلك "كان مفاجأة مذهلة للمسؤولين الإسرائيليين، واعتبروها محاولة جادة لتقديم بادرة طيبة". مزيد من الأسئلة وفي ظل عدم كشف إسرائيل عن الجهة التي ساعدتها في استعادة الأرشيف، وصمت دمشق عن العملية، يرى المحلل السياسي عماد غليون، المقيم في باريس، أن الكشف عن عملية استعادة الوثائق المتعلقة بملف كوهين في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد، يترك دلالات ذات مغزى، تطرح كثيرا من الأسئلة، وتحمل عديدا من الاحتمالات. وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن "طبيعة المعلومات التي حصلت عليها رويترز تدفعنا إلى التساؤل عما إذا كان هناك فعلاً صفقة تمت مع الحكومة السورية الجديدة تتعلق بهذا الخصوص، كبادرة حسن نية، وذلك على خلفية عدم رغبة دمشق في الانخراط في سياسة المحاور والعداء، واتباعها سياسة تتسم بالحياد والسلام". واستبعد أن يكون ملف كوهين، قد تم تهريبه، أو سرقته، خلال تلك الفترة، لكنه رجح، من بين احتمالات أخرى، أن تكون السلطة الجديدة قد سلمته بشكل غير مباشر، لإغلاق الملف، بعد أن تعذر إيجاد رفاته. وتلتزم السلطات السورية الصمت حتى الآن، سواء تجاه الإعلان الإسرائيلي على جلب الوثائق بعملية استخباراتية، أو تجاه ما نسبته وكالة رويترز إلى مصادر مقربة من القيادة السورية حول موافقة دمشق تسليم الملف. كامل أمين ثابت رجل الموساد وشمل الأرشيف المستعاد رسائل شخصية، ومحاضر استجواب، وصورا لأنشطة كوهين في أثناء عمله السري في سوريا، إضافة إلى مقتنيات مثل مفاتيح شقته في دمشق، وجوازات سفر مزورة. كما ضمت الوثائق مذكرة خاصة بمهمات سرية، تتضمن معلومات عن مراقبة أهداف وجمع بيانات عن مواقع عسكرية في محافظة القنيطرة جنوب البلاد. وحسب السياق الزمني، وصل كوهين إلى دمشق بهوية مزورة باسم كامل أمين ثابت، في يناير/كانون الثاني 1962 قادما من العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، وعرّف نفسه بأنه تاجر سوري يهتم بتصدير منتجات سورية إلى أوروبا، ليبني لاحقا علاقات مع القيادات السياسية والعسكرية وشبكة علاقات مدنية، مكنته من الوصول إلى مستويات عليا في الدولة. وتذكر موسوعة الجزيرة أن كوهين بث بين 15 مارس/آذار و29 أغسطس/آب 1964 أكثر من 100 رسالة، تتضمن معلومات عن الحكومة، ومراكز القوة في الجيش والحزب، وعدد الدبابات في القنيطرة، ختمها برسالة في 19 فبراير/شباط 1965 -يوم اكتشاف أمره- تضمنت معلومات عن اجتماع للقيادة السورية العليا برئاسة اللواء أمين الحافظ رئيس مجلس الدولة آنذاك. ورغم الاهتمام الإسرائيلي الواسع، الذي حظي به وبذل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة جهودا دبلوماسية واستخبارية مكثفة لاستعادة رفاته من دمشق، فإن الروايات السورية الرسمية تقلل من أهميته، وتنسج لأنشطته سرديات مغايرة، تدافع في معظمها عن النظام البعثي الذي كان يحكم سوريا خلال تلك الفترة. غير أن أخطر أنشطته التجسسية، بحسب الكاتب الإسرائيلي زيفي غيفيلدر، أنه قام بجولة في مرتفعات الجولان السورية (احتلها الجيش الإسرائيلي بعد عامين تقريبا) وشاهد المخابئ الضخمة المبنية فيها، وسلاح المدفعية بعيدة المدى التي أمد الاتحاد السوفياتي دمشق بها، لدرجة أن المعنيين سمحوا له بتصوير بعض تلك المنشآت، بما في ذلك مستودعات الذخيرة الموجودة تحت الأرض. وضع العلاقة في مسار جديد بدوره، رجح السياسي السوري عبد العزيز الأحمد -المقيم في القاهرة- أن يكون إعلان الموساد الإسرائيلي استعادة ملف إيلي كوهين بالكامل من دمشق نهاية عهد وبداية آخر، تتضح معالمه شيئا فشيئا، منذ أن نقل الناشط الأميركي جوناثان باس، بطلب من الرئيس السوري رسائل إلى إسرائيل، يتوقع أنها -كما يقول- أدت إلى لقاء مباشر بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين. وأوضح في حديث للجزيرة نت، أن باس، الرئيس التنفيذي لشركة أرجنت للغاز، الذي التقى الشرع في أبريل/نيسان الماضي لمدة 4 ساعات في دمشق، نقل عنه رغبته في عقد صفقة تجارية لمستقبل بلاده، قد تشمل استغلال الطاقة، والتعاون في مواجهة إيران، والتعامل مع إسرائيل، وقال الأحمد إنها "مؤشرات واضحة على توجه تتبناه القيادة السورية الجديدة، يهدف إلى تعزيز دور سوريا، وخلق بيئة إقليمية يسودها السلام". وكان الرئيس الشرع قد أعلن أن دمشق تجري مفاوضات غير مباشرة عبر وسطاء مع تل أبيب، في محاولة لامتصاص الوضع على الحدود الجنوبية، ومنع فقدان السيطرة، وأكد في مناسبات عدة أن سوريا لا ترغب في أي صراع مع إسرائيل أو غيرها، مشددا على أن الشعب السوري بحاجة اليوم إلى استراحة. كما سبق لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن أفصحت عن وجود محادثات سرية جرت في أذربيجان، بحضور رئيس هيئة العمليات في الجيش الإسرائيلي عوديد بسيوك ومسؤولين سوريين وأتراك. ورأى السياسي الأحمد -في حديثه للجزيرة نت- أن ثمة تحولا واضحا في رؤية إسرائيل تجاه سوريا، فبعد أن كانت تل أبيب ترفض التعامل بإيجابية مع التغيير الذي أوصل الإسلاميين إلى سدة السلطة، لمخاطر قد تراها محتملة، لم تعد تستبعد أن تنجح مفاعيل لقاء ترامب والشرع في عودة الهدوء إلى حدودها الشمالية ورسم مسار جديد لعلاقتها مع دمشق. ولذلك، يضيف السياسي السوري أن الإعلان عن عملية استعادة الموساد لملف كوهين جاء بتوقيت مرسوم، رغم ما يحمله غموضها من تساؤلات تتعلق بطبيعتها، والطرف الحليف ومكتسبات كل طرف، قد تبدو الإجابة عنها في الوقت الراهن مجرد تكهنات لا أكثر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store