logo
يديعوت أحرونوت: إسرائيل فقدت شرعية الحرب دوليا

يديعوت أحرونوت: إسرائيل فقدت شرعية الحرب دوليا

الجزيرةمنذ 2 أيام

قال المحلل السياسي إيتمار آيخنر إن إسرائيل فقدت شرعيتها الدولية للاستمرار في الحرب على قطاع غزة، محملا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) مسؤولية هذا التدهور نتيجة انشغاله ببقائه السياسي على حساب المصالح الإستراتيجية للدولة.
واعتبر أن الولايات المتحدة قد تتوقف قريبا عن استخدام الفيتو لصالح إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، وسط عزلة دولية متزايدة وتراجع في التأييد العالمي.
وفي مقال نُشر في صحيفة يديعوت أحرونوت، وصف آيخنر الوضع الحالي لإسرائيل بأنه "شرعية ناقصة"، مشيرا إلى أن لحظة التعاطف الدولي التي حصلت عليها إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر /تشرين الأول 2023، لم تستغل بشكل دبلوماسي، بل تم تبديدها خلال أسابيع بسبب أداء القيادة السياسية التي وضعت بقاء الائتلاف فوق أي اعتبار آخر، بما في ذلك مصير الأسرى الإسرائيليين في غزة.
تفاوض دون إسرائيل
ويقول آيخنر إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يقود الدفة السياسية في المنطقة حاليا يتفاوض على اتفاقيات مع إيران والحوثيين، ومع دول الخليج، من دون إشراك إسرائيل.
ويضيف "لقد أصبح واضحا أن ترامب لم يعد يرى في إسرائيل شريكا مركزيا في صياغة مستقبل الإقليم، بل بات ينسّق مع السعوديين، والإيرانيين، وحتى مع حماس والحوثيين، في حين إسرائيل غائبة عن المشهد".
ويحذر المحلل السياسي من أن تلك التطورات تمثل تحوّلا إستراتيجيا حادا قد يدفع الولايات المتحدة لاحقا إلى الامتناع عن استخدام الفيتو دفاعا عن إسرائيل في مجلس الأمن، وهو تطور من شأنه أن يفتح المجال أمام إدانات وقرارات دولية صارمة تمسّ مكانة إسرائيل وتؤثر على قدرتها على "الدفاع عن نفسها"، وفق تعبيره.
وللتدليل على موقفه، يشير آيخنر إلى أن إسرائيل كانت تمتلك فرصة دبلوماسية نادرة بعد هجوم 7 أكتوبر، حيث حظيت بدعم عالمي واسع، لكن الحكومة الإسرائيلية -وخصوصا نتنياهو- فشلت في تحويل هذا الدعم إلى إنجاز سياسي أو دبلوماسي.
وكتب: "كان يمكن إعلان انتصار سياسي ودولي لإسرائيل، وقيادة مشروع دولي لإعادة إعمار غزة بشراكة العالم، لكن نتنياهو أضاع الفرصة بسبب تمسكه بحسابات الائتلاف السياسي الضيق، وليس بالمصلحة الوطنية العليا".
وأضاف أن نتنياهو، الذي يتمتع بمهارات سياسية لكنه يفتقر إلى الحس الدبلوماسي، فضل إرضاء شركائه المتطرفين في الحكومة، وترك إسرائيل في وضع "هامشي" حتى في اللحظات التي كان يمكن أن تلعب فيها دورا مركزيا.
تدهور الصورة الدولية
ويحاول المحلل السياسي لفت الأنظار عن الأسباب الحقيقة لتدهور الوضع الدولي لإسرائيل، والمتمثلة بسياسة الإبادة الجماعية التي تنفذها في غزة، ويعزو فشل تسويق سياسة إسرائيل إلى الحكومة. ويقول إن وزراء الخارجية الحاليين والسابقين يفتقرون إلى المهارات الدبلوماسية الأساسية مثل القدرة على الإنصات والابتكار السياسي.
ويضيف أن "الدبلوماسية ليست مجرد تصريحات، بل شبكة علاقات وبنية تحتية من الحوار مع العالم، وهذا ما لا تملكه الحكومة الحالية. أما الوزير رون ديرمر فهو مجرد منفذ لأوامر نتنياهو، وليس صاحب رؤية أو تأثير مستقل".
وفي تقييمه لصورة إسرائيل حول العالم، يقول آيخنر إن أداء القيادة السياسية تسبب بأضرار جسيمة لصورة الدولة، مشيرا إلى أن الدعم الشعبي الدولي لإسرائيل يتآكل بسرعة، وأن الأصدقاء التاريخيين باتوا يتراجعون خطوة بعد خطوة.
وكتب: "لم يتبقَ لنا سوى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان والرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي، أما بقية العواصم فقد بدأت تتجه نحو دعم خطوات للاعتراف بدولة فلسطينية، في ظل غياب إسرائيل عن دوائر القرار الإقليمي والدولي".
وفي هذا السياق، يحذر الكاتب من أن المؤتمر الدولي المقرر عقده في 17 يونيو/حزيران الحالي لمناقشة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي ترعاه فرنسا والسعودية، قد يتحول إلى منصة لعزل إسرائيل، خصوصا إذا غضّت واشنطن الطرف عنه، وهو ما يبدو مرجحا رغم تصريحاتها الرسمية.
فشل خارجي
وبينما يشيد الكاتب بأداء الجيش الإسرائيلي وجهاز الموساد والشاباك، ويصف الضربة التي تلقاها حزب الله بأنها "ستُدرّس لعقود"، إلا أنه يؤكد أن الفشل الحاسم كان في السياسة الخارجية.
ويكتب: "الحرب تتيح أحيانا فرصا سياسية للتقدم. قدمت الأجهزة الأمنية المظلة العسكرية التي يحتاجها المستوى السياسي، لكن نتنياهو لم يستغلها. خشي أن ينهار ائتلافه، ونحن الآن جميعا ندفع الثمن: تصنيف ائتماني يتراجع، وارتفاع في أعداد الشباب الذين يتحدثون عن مغادرة البلاد".
ويتحدث آيخنر عن ضعف التواصل الإعلامي الإسرائيلي مع الخارج، قائلا إن استبدال المتحدث العسكري السابق دانيال هاغاري المتمرس بآخر لا يظهر في الأستوديوهات شكّل خطأ فادحا، يعكس ارتباكا داخل القيادة.
ويضيف: "حتى المتحدثون الإسرائيليون القلائل الذين يجيدون اللغات الأجنبية لا يستطيعون تقديم أجوبة مقنعة، والسفراء يُضربون على رؤوسهم في المقابلات. تصريحات متطرفة لوزراء مثل سموتريتش تضر بنا ولا يمكن نفيها، بينما لا توجد سياسة رسمية واضحة لتفسير ما يحدث في غزة".
في ختام مقاله، يدعو آيخنر إلى طرح خطة سياسية واضحة لما بعد الحرب، وإشراك الأميركيين في خطة إعادة إعمار غزة، قبل أن تُفرض تسوية من الخارج لا تلائم المصالح الإسرائيلية.
ويختم بتحذير صريح: "ترامب قد يقرر قريبا: كفى. أوقفوا طبول الحرب. وسيكون علينا حينها التعامل مع تسوية لم نشارك في صياغتها، ومع نظام عالمي بدأ يدير ظهره لنا بفضل فشل دبلوماسي مدوٍّ اسمه بنيامين نتنياهو".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

غارديان: استهداف إسرائيل للمدارس بغزة جزء من إستراتيجية عسكرية
غارديان: استهداف إسرائيل للمدارس بغزة جزء من إستراتيجية عسكرية

الجزيرة

timeمنذ 34 دقائق

  • الجزيرة

غارديان: استهداف إسرائيل للمدارس بغزة جزء من إستراتيجية عسكرية

نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن مصادر مطلعة على الخطط العسكرية الإسرائيلية أن سلسلة الغارات الإسرائيلية على مدارس في قطاع غزة تستخدم كملاجئ للنازحين المدنيين تعد جزءا من إستراتيجية عسكرية متعمدة، حددت بموجبها مدارس عديدة كأهداف. وأضافت المصادر أن إسرائيل خففت القيود المفروضة على العمليات التي تستهدف عناصر من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في مواقع تضم أعدادا كبيرة من المدنيين. كما نقلت الغارديان عن مصادر عسكرية أن مدرسة العائشية التي تؤوي نازحين في دير البلح وسط قطاع غزة، كانت من بين سلسلة من المباني التي حددها الجيش الإسرائيلي كأهداف في الأسابيع الأخيرة. وقالت مصادر للصحيفة إن الجيش الإسرائيلي حدد 4 مدارس أخرى كأهداف محتملة للقصف، وهي مدرسة حلاوة، والرفاعي، ونسيبة، وحليمة السعدية، وجميعها تقع في جباليا شمالي غزة أو بالقرب منها. وأشارت المصادر إلى أن اثنتين من هذه المدارس قد لحقت بها أضرار جراء غارات إسرائيلية في مراحل سابقة من الحرب. وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل قصفت خلال الأشهر الأخيرة 6 مدارس على الأقل، مما أسفر عن مقتل أكثر من 120 شخصا، وذلك ضمن حملة الاستهداف التي يشنها الجيش الإسرائيلي. مجزرة حي الدرج وقالت الغارديان إن إسرائيل شنت غارة في 25 مايو/أيار الماضي على مدرسة فهمي الجرجاوي بحي الدرج وسط قطاع غزة، مما أدى لمقتل 54 فلسطينيا على الأقل كانوا نائمين في المدرسة، وتم انتشال جثث الضحايا المحترقة، بما في ذلك جثث أطفال، من الفصول الدراسية التي اشتعلت فيها النيران جراء الغارة. وأوضحت الغارديان أن الجيش الإسرائيلي ادعى أنه "ضرب إرهابيين رئيسيين كانوا يعملون داخل مركز قيادة وسيطرة لحماس والجهاد الإسلامي متمركز في منطقة كانت تُستخدم سابقا" كمدرسة. وقالت الصحيفة إنه على مدار الشهرين الماضيين، صنف الجيش الإسرائيلي المباني المدرسية والمستشفيات والمباني البلدية ضمن مراكز الاستهداف، مدعيا أن مسلحي حماس يستخدمونها إلى جانب المدنيين، وفقا لـ3 مصادر عسكرية. وأضافت المصادر أنه تم التصريح بشن غارات جوية على مثل هذه المواقع في ظروف لم يكن فيها سوى مسلحين من رتب منخفضة على الرغم من علمهم بإمكانية قتل المدنيين. ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازره بحق الشعب الفلسطيني، وكانت مجزرة مدرسة الجورجاني في حي الدرج ضمن الجرائم التي يصرّ الاحتلال على ارتكابها ضد أطفال ونساء نزحوا من منازلهم هربا من القصف، ليلقوا حتفهم في مكان يُفترض أنه آمن. وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في قطاع غزة، خلّفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، إلى جانب مئات آلاف النازحين.

لماذا يخشى المصريون من طرح أصول الوقف أمام الخواص؟
لماذا يخشى المصريون من طرح أصول الوقف أمام الخواص؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

لماذا يخشى المصريون من طرح أصول الوقف أمام الخواص؟

القاهرة – تجدد الجدل في ملف الأوقاف المصرية، بعدما أعلنت الحكومة عزمها على حصر أصول الهيئة، تمهيدًا لطرحها أمام القطاع الخاص، وهي الخطوة التي أثارت تحفظات واسعة لدى خبراء الاقتصاد ورجال القانون وبعض أعضاء البرلمان. تجدد الجدل أزمة الأوقاف ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى عقود ماضية، إذ أقر وزير الأوقاف الأسبق، الشيخ محمد متولي الشعراوي، بوجود فساد داخل هيئة الأوقاف في منتصف السبعينيات، خلال استجواب برلماني شهير، واليوم، يتجدد الجدل بعدما أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي تكليف مستشاره للشؤون الدينية أسامة الأزهري بإجراء حصر شامل لأصول الهيئة، وحصر الفرص الاستثمارية لطرح هذه الأصول أمام القطاع الخاص، أو إعادة توظيفها لدعم خزينة الدولة. كم تبلغ ثروات الأوقاف في مصر؟ تتضارب الأرقام بشكل واسع عن قيمة ما تديره هيئة الأوقاف، ويرجع متابعون تضارب الأرقام إلى تباين في التقييم، في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار خلال السنوات القليلة الفائتة بنسب كبيرة. تتجاوز القيمة السوقية الإجمالية لأصول الأوقاف المصرية 3 تريليونات جنيه مصري (أكثر من 60.3 مليار دولار)، وفقًا لتصريحات مسؤولين في وزارة الأوقاف خلال عامي 2023 و 2024. أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي في 2018 إلى أن حجم الوقف يبلغ 114 ألف قطعة وقف، وأصول الوقف تقدر بـ 180 مليار جنيه، وحجم الأراضي الزراعية يقدر بنصف مليون فدان زراعي وحدائق. يمثل الوقف ربع الثروة العقارية في مصر، بقيمة تقديرية تبلغ نحو 157 مليار جنيه في 2025. أين تتركز تلك الثروة؟ تنتشر أصول الأوقاف في مختلف أنحاء مصر، في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء. تشمل بعض المناطق التي تتواجد بها أصول وقفية هامة، سوق العتبة وميدان وشارع العتبة، والأزهر ومنطقة الأزهر وشارع عبد العزيز، والغورية، ومنطقة فاطمة النبوية، وسوق السلاح والخيامية، ووكالة الحج والكسوة (رضوان بك)، وقصور الأمير محمد علي والملك فؤاد بكفر الشيخ، والمنطقة الأثرية بالمسلة، إضافة إلى العديد من القصور والأسبلة والأثريات. وتملك وزارة الأوقاف كذلك 17 وقفاً في اليونان، منها قصر محمد علي. تختص هيئة الأوقاف بملكية أراضٍ في أجود مناطق الدلتا مثل الدقهلية، دمياط، وكفر الشيخ، والساحل الشمالي، وميناء دمياط، وجمصة، وبلطيم. ما القطاعات التي توجد فيها؟ العقارات والأراضي: عقارات سكنية وتجارية، أراض زراعية، أراضي فضاء. الاستثمارات المالية: أسهم في بعض البنوك والشركات، وشراء شركات ومصانع بالكامل. وتتطلع هيئة الأوقاف للاستثمار في مجالات مثل التشييد والبناء، الإنتاج الحيواني والداجني، التعبئة والتغليف، التعدين، الخدمات المالية والتأمين، الزراعة، الصناعات المختلفة (بلاستيكية، وخشبية، ودوائية، وغذائية)، والفنادق، والكهرباء والطاقة المتجددة، والمطاعم، والمنتجعات والقرى السياحية، والنقل واللوجستيات، بحسب الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة. مَن يدير أصول الأوقاف في مصر؟ تتولى هيئة الأوقاف المصرية، وهي هيئة حكومية تابعة لوزارة الأوقاف، إدارة واستثمار أموال الأوقاف. تعمل الهيئة بموجب القانون رقم 209 لسنة 2020 الخاص بإعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية. تنوب الهيئة عن وزارة الأوقاف في إدارة واستثمار الأموال التي تختص بها. وأعلنت الهيئة عن استعدادها لتوفير 31 قطعة أرض في 11 محافظة للشراكة مع القطاع الخاص في مشروعات اقتصادية. ويُسمح للهيئة بتوكيل أشخاص اعتبارية عامة أو خاصة أو غيرها في تحصيل إيراداتها مقابل عمولة، إعلان ورغم وعود سابقة بعمليات حصر شاملة، فقد كشف الرئيس الأسبق للهيئة، صلاح جنيدي، عن أن مشروع الحصر الذي بدأه لم يكتمل بسبب إحالته إلى التقاعد، ما يشير إلى غياب منظومة توثيق مؤسسية مستدامة. ما مدى شفافية الأرقام؟ يقول الخبير الاقتصادي أحمد خزيم، إن تفاوت التقديرات الرسمية وغير الرسمية بشأن ثروة الأوقاف يعكس غيابًا واضحًا للشفافية، إذ تذكر الوزارة تريليون جنيه، في حين تتحدث مصادر أخرى عن 3 تريليونات. ويوضح خزيم في تعليق للجزيرة نت، أن الهيئة تملك نحو نصف مليون فدان من الأراضي، لكن الوزارة تعترف فقط بامتلاك 420 ألف فدان، ما يعني ضياع أو استيلاء على 80 ألف فدان على الأقل، كما تملك الهيئة 120 ألف وحدة سكنية، تتركز معظمها في القاهرة والمحافظات، إلى جانب ممتلكات في الخارج في دول مثل السعودية وتركيا واليونان. ويحذر خزيم من أن طرح هذه الأصول من دون إطار قانوني واضح قد يفتح الباب لفساد مالي وتجاوزات قانونية، مضيفًا: "الحكومة لا تملك حق التصرف في هذه الأموال، بل تقتصر مهمتها على إدارتها طبقًا لشروط الواقفين". ودعا إلى إنشاء صندوق وقفي مستقل يخضع لرقابة البرلمان، ويُدار بمعايير مالية وإدارية دقيقة، بدلًا من الاعتماد على رجال الدين الذين لا يمتلكون، بحسب رأيه، الكفاءة اللازمة لإدارة محفظة تقدر بتريليونات الجنيهات. الخصخصة ونزاعات الورثة من جانبه، أيّد أستاذ الاقتصاد السياسي، عبد النبي عبد المطلب، فكرة تطوير إدارة الأوقاف وتنميتها، لكنه حذر من أن ذلك قد يتحول إلى غطاء لخصخصة الأوقاف أو بيعها لتعويض عجز الدولة في الإيرادات. واقترح في تعليق للجزيرة نت، تطبيق ما يُعرف بـ"نظام التبديل" الذي يسمح ببيع أصل وقفي منخفض القيمة وشراء آخر بشرط الحفاظ على وجه الإنفاق المحدد من قبل الواقف. وحذر عبد المطلب من أن بيع أو تأجير الأصول مباشرة، قد يشكل خرقًا لقانون الوقف، ويعرّض الدولة لدعاوى قضائية من الورثة أو من لهم حقوق قانونية أو شرعية فيها، كما أبدى تخوفه من تحويل الأوقاف إلى أصول نقدية بدلاً من أعيان ثابتة، ما يعرّضها لمخاطر التآكل بفعل التضخم أو تقلبات السوق. سيناريوهات مقلقة جاءت تحذيرات أخرى من عضو الجمعية التأسيسية لدستور 2012، المستشار محمد ناجي دربالة الذي حذر من أن خطة الدولة لتعديل قانون المالك والمستأجر قد تكون مرتبطة بمخطط تفريغ وسط القاهرة من سكانه، وتحويلها إلى واجهة سياحية، خصوصًا أن العديد من العقارات هناك خاضعة للأوقاف أو لنظام الإيجارات القديمة. وأشار دربالة إلى أن هيئة الأوقاف بدأت فعلا في استبدال أصولها في وسط القاهرة بأصول في العاصمة الإدارية الجديدة، معتبرًا في حديثه للجزيرة نت، أن هذا "الاستبدال" قد يكون مجرد غطاء لنزع العقارات من مواقعها التاريخية. وتساءل عن نوايا الدولة في استثمار أصول الوقف في البورصة، على غرار تجربة أموال التأمينات الاجتماعية التي تكبدت خسائر فادحة من دون محاسبة، وفق تعبيره. إشراك القطاع الخاص "قرار أحادي" بدورها أعربت عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي، سناء السعيد، عن دهشتها من أن ملفًا بهذا الحجم لم يُناقش داخل البرلمان، مؤكدة أن "القرار تم اتخاذه أحاديا دون حوار مجتمعي أو نقاش نيابي". وشددت على أن الأوقاف مال خاص لا يجوز التصرف فيه دون الرجوع إلى شروط الواقفين. وأشارت السعيد إلى وجود ما يزيد عن 40 ألف مخالفة متعلقة بأملاك الوقف، مطالبة في حديث للجزيرة نت بإعادة حصرها واسترداد المغتصب منها قبل التفكير في إشراك القطاع الخاص. واقترحت النائبة إنشاء صناديق وقفية تديرها كفاءات اقتصادية متخصصة لضمان الاستخدام الأمثل لعوائد الأوقاف، مع الحفاظ على المقاصد الشرعية للواقف، وربط العوائد بمشروعات تنموية تخدم المجتمع في التعليم والصحة ومكافحة الفقر. الوقف ليس مالًا عامًا وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير السابق محمد مرسي، أن "الأوقاف ملكية فردية لا حكومية"، مشيرًا إلى أن الواقفين أوقفوا ممتلكاتهم لأوجه البر، ولا يحق لأي حكومة تغيير هذه المقاصد. وقال مرسي، إن الحصر قد يكون مفيدًا إذا أُنجز بهدف إصلاح الإدارة واسترداد التعديات، لكنه حذّر من أن أي خطوة نحو التأجير أو البيع يجب أن تكون مؤقتة وواضحة ومحددة بفترات لا تتجاوز 20 إلى 25 سنة، وبشروط صارمة تضمن استمرارية غرض الوقف. وطالب السفير مرسي بأن يتولى إدارة هذه الثروة خبراء اقتصاديون متخصصون، بينما تظل الرئاسة الدينية رمزية أو إشرافية فقط. وختم مرسي حديثه للجزيرة نت، محذرًا: "بيع ممتلكات الأوقاف خطر يفوق بيع ممتلكات الدولة نفسها. فهذه ليست ملكًا عامًا، بل تبرعات خاصة حُبست لأعمال الخير، ولا يجوز التفريط فيها تحت أي ظرف سياسي أو اقتصادي". موقف فقهي قال وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، الشيخ سلامة عبد القوي، إن الشريعة الإسلامية تنظر إلى الوقف باعتباره عملًا جليلًا لا يجوز التعدي عليه، وتمنح شروط الواقف مكانة توازي النصوص الشرعية نفسها. وأوضح عبد القوي في حديثه للجزيرة نت، أن قاعدة "شرط الواقف كنص الشارع" تعني أن أي شرط يضعه المتبرع في وقفه –سواء أكان شرطًا لتزويج اليتيمات أو دعم طلاب العلم أو الحج أو غيره– يجب احترامه والتقيد به، مشددًا على أن التصرف في أموال الأوقاف بما يخالف هذه الشروط يُعد خيانة دينية وشرعية صريحة. وأضاف أن الشريعة تُحمّل الجهات المتولية مسؤولية الوقف –كوزارة الأوقاف أو الأزهر الشريف– واجب تنفيذ هذه الشروط دون تحريف أو تحايل، معتبرًا أن الوزير، أو من ينوبه، لا يُعد مالكًا للأوقاف بل ناظرًا عليها، ومهمته أقرب إلى مهمة "الخادم الإداري"، الذي لا يحق له البيع أو الاستبدال أو إعادة التخصيص إلا بشروط دقيقة، وبعد مراجعة مصالح الواقف والموقوف لهم. وتابع عبد القوي: "الفكرة التي يروجها بعضهم أن الأوقاف غير محصورة أو مجهولة هي مغالطة. الأوقاف المصرية موثقة بحجج شرعية ومستندات رسمية منذ عقود طويلة، لكن هناك تغييب متعمد لتلك المعلومات عن الرأي العام بهدف التلاعب". وشدد الشيخ سلامة عبد القوي على أن الأوقاف مسؤولية دينية ومجتمعية وأمانة ثقيلة، لا يجوز الاستهتار بها أو إدارتها وفقًا لمصالح سياسية أو اقتصادية آنية. بدوره استدرك رئيس الوزراء مصطفى مدبولي على تصريحاته التي أثارت الجدل بالقول ـفي مؤتمر صحفي أعقب لقاءه وزير الأوقاف بأيام ـ إن الحكومة لن تبيع أصول هيئة الأوقاف، بل ستعمل على زيادة عوائدها من خلال شراكات إستراتيجية مع القطاع الخاص، مشيرا إلى أن الهدف هو تحقيق أقصى استفادة من هذه الأصول لدعم الاقتصاد والتنمية، مع الحفاظ على ملكية الدولة الكاملة لها. وأضاف مدبولي، أن هذا جزء من خطة أوسع للاستفادة من أصول الدولة غير المستغلة، مؤكداً أن كل الإجراءات تتم قانونيا وبشفافية، مع مراعاة البعد الاجتماعي والشرعي للأوقاف.

بصمة البنتاغون الكربونية الأعلى عسكريا وتفوق 20 دولة
بصمة البنتاغون الكربونية الأعلى عسكريا وتفوق 20 دولة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

بصمة البنتاغون الكربونية الأعلى عسكريا وتفوق 20 دولة

تعد البنتاغون -القوات المسلحة الأميركية ووكالات وزارة الدفاع- أكبر مؤسسة في العالم تُصدر الغازات المسببة ل لاحتباس الحراري، بما لا يقل عن 1% من إجمالي الانبعاثات الأميركية سنويا، والأكبر بين جيوش العالم. وحسب دراسة أجرتها نيتا كروفورد، الأستاذة في جامعة أكسفورد، ومديرة مشروع تكلفة الحروب في جامعة براون. ولّدت عمليات البنتاغون ومنشآته في عام 2023 نحو 48 ميغاطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يفوق انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي أطلقتها أكثر من 20 دولة، بما فيها فنلندا وغواتيمالا وسوريا والبرتغال والدانمارك، في ذلك العام. ويقدر أن ترتفع البصمة الكربونية للجيش الأميركي بشكل ملحوظ مع قلب الرئيس دونالد ترامب للنظام الجيوسياسي القديم في رئاسته الثانية، مع الغارات التي شنت على اليمن، وزيادة مبيعاته العسكرية لإسرائيل، التي كثفت هجومها العسكري على غزة والضفة الغربية واليمن ولبنان، حسب نيتا كروفورد. وقالت كروفورد، مؤلفة كتاب "البنتاغون وتغير المناخ والحرب: رسم صعود وهبوط الانبعاثات العسكرية الأميركية" لصحيفة غارديان البريطانية "مع هذه التوجهات، فإن الانبعاثات العسكرية الأميركية سترتفع بالتأكيد، وهذا من شأنه أن يسبب تأثيرا مضاعفا". وتضيف كروفورد، أن حلفاء الولايات المتحدة، الحاليين والسابقين، زادوا إنفاقهم العسكري، مما أدى إلى ارتفاع انبعاثاتهم. ومع تزايد نشاط خصوم الولايات المتحدة، أو خصومها المحتملين العسكريين، سترتفع انبعاثاتهم أيضا. وهي أخبار سيئة للغاية للمناخ، حسب تقديرها. وتعد وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكبر مستهلك للوقود الأحفوري في الولايات المتحدة، حيث يُمثل فعلا نحو 80% من إجمالي الانبعاثات الحكومية. وفي مارس/آذار، كتب وزير الدفاع بيت هيغسيث على موقع X (تويتر سابقا) "إن وزارة الدفاع لا تُقدم أي تنازلات بشأن تغير المناخ، نحن نُجري تدريبات ونخوض معارك". ومع بداية ولايته، وعد ترامب بإنفاق دفاعي قدره تريليون دولار لعام 2026، وهو ما سيمثل زيادة بنسبة 13% على ميزانية البنتاغون لعام 2025، وقد اقترنت بتخفيضات غير مسبوقة طالت جميع الوكالات الفدرالية الأخرى تقريبا، وخصوصا تلك التي تُجري أبحاثا وتستجيب لأزمة المناخ. وتتزامن هذه الزيادات في الإنفاق العسكري مع أوامر بإنهاء أبحاث المناخ في البنتاغون، وتراجعا في العمل المناخي في جميع المؤسسات الحكومية، مع توجه جاد لتعزيز استخراج الوقود الأحفوري. منذ بدء تسجيل البيانات عام 1948، لم تُنفق الولايات المتحدة قط أقل من 3% من ناتجها المحلي الإجمالي على جيشها، ويُعد الإنفاق العسكري الأميركي والانبعاثاتات الناجمة عنه الأعلى في العالم بفارق كبير. ولم تلتزم واشنطن، وتبعتها دول أخرى، بتقديم تقارير عن انبعاثاتها العسكرية للأمم المتحدة بناء على بروتوكول كيوتو لعام 1997 الذي وضع أهدافا ملزمة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وبين عامي 1979 و2023، ولّد البنتاغون ما يقرب من 4 مليارات طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل تقريبا إجمالي انبعاثات عام 2023 التي أبلغت عنها الهند، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة. وأصدرت المنشآت والقواعد العسكرية الأميركية التي تفوق الـ 700، نحو 40% من هذه الانبعاثات، بينما شكلت الانبعاثات التشغيلية 60%، والناجمة عن استخدام الوقود في الحروب والتدريبات والمناورات مع دول أخرى، وفقًا لتحليل كروفورد. الكوكب يدفع الثمن وعلاوة على ذلك، فإن الصناعة العسكرية ــالشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها والتي تصنع الأسلحة والطائرات وغيرها من المعدات الحربيةــ تولّد أكثر من ضعف الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تطلقها البنتاغون كل عام. مع ذلك، ترجَّح كروفورد، أن يكون تقدير التأثير المناخي العسكري الأميركي المعروف أقل بكثير من الواقع. فالأرقام لا تشمل غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن إلقاء القنابل وتدمير المباني وإعادة الإعمار اللاحقة. كما لا تشمل ثاني أكسيد الكربون الإضافي المُنبعث في الغلاف الجوي من تدمير مصادر الكربون، مثل الغابات والأراضي الزراعية، وحتى الحيتان التي تُقتل أثناء التدريبات البحرية. ولا تشمل أيضا التأثير المترتب على تزايد العسكرة وعمليات الحلفاء والأعداء، وكذلك الانبعاثات الناتجة عن العمليات السرية و"فرق الموت في الأرجنتين والسلفادور وتشيلي خلال الحروب القذرة التي دعمتها الولايات المتحدة، ولا الانبعاثات الناتجة عن زيادة الصين مناوراتها العسكرية ردا على التهديدات الأميركية". كما تقول كروفورد. ومن الاتجاهات العسكرية العالمية الأخرى التي قد تُسفر عن تكاليف مناخية وبيئية باهظة، توسع القوات النووية. وتدرس واشنطن ولندن تحديث أساطيلهما من الغواصات، بينما تشمل القوة النووية المتوسعة للصين ترسانة متنامية من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. ويتطلب إنتاج الأسلحة النووية استهلاكا كثيفا للطاقة وبالتالي انبعاثات أكثر لغازات الاحتباس الحراري. وفي عام 2024، شهد الإنفاق العسكري العالمي أكبر ارتفاع له منذ نهاية الحرب الباردة، ليصل إلى 2.7 تريليون دولار، حيث أدت الحروب والتوترات المتزايدة إلى زيادة الإنفاق، وفقًا لتقرير حديث صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وتُقدَّر البصمة الكربونية العسكرية العالمية الإجمالية بنحو 5.5% من الانبعاثات العالمية، -تستثنى منها غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن النزاعات والحروب-، ويفوق ذلك مساهمة الطيران المدني (2%) والشحن البحري (3%) مجتمعَين. ولو كانت جيوش العالم دولةً واحدة، لمثّل هذا الرقم رابع أكبر بصمة كربونية وطنية في العالم، متجاوزةً روسيا. وقد يكون الحشد العسكري العالمي كارثيا في ما له علاقة بظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، في وقت يتفق فيه العلماء على أن الوقت ينفد لتجنب ارتفاع درجات الحرارة بشكل كارثي. فإضافة إلى انسحابها من اتفاقية باريس للمناخ ، لم تُبلغ إدارة ترامب عن انبعاثات الولايات المتحدة السنوية إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لأول مرة، وحذفت أي ذكر لتغير المناخ من المواقع الإلكترونية الحكومية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store