
"إسرائيلكم الكبرى" وهم ولعب بالنار
من الناحيتين السياسية والقانونية، تتصادم تصريحات "الحالم" نتنياهو مع ميثاق الأمم المتحدة الذي يجرم الاستيلاء على الأراضي بالقوة، كما أنها تنسف الأساس الذي قامت عليه معاهدات السلام الإسرائيلية - المصرية والإسرائيلية - الأردنية، والتي نصت صراحة على احترام الحدود القائمة وسيادة كل دولة، وإن أي محاولة لتطبيق هذه الرؤية على أرض الواقع ستكون بمثابة إعلان حرب مباشر، ليس فقط على الأردن ومصر، بل على النظام الإقليمي برمته.
الأخطر في تصريحات الرئيس المأزوم هو إحالتها إلى ما وصفه بـ"المهمة التاريخية والروحية لليهود"، وهو خطاب يضفي بعداً دينياً على الصراع، ويحوله من نزاع سياسي قابل للحلول إلى مواجهة عقائدية مفتوحة، مما يهدد بإشعال حرب دينية شاملة بين العرب والمسلمين من جهة واليهود من جهة أخرى، وهي مواجهة إذا اندلعت لن تكون إسرائيل قادرة على السيطرة عليها أو تحمل تبعاتها مهما بلغ فائض القوة والغطرسة عند حكومتها ومتطرفيها.
المتطرف نتنياهو، ومن يشاركه هذا الوهم من أمثاله، يجب أن يدركوا أن تحويل الصراع إلى معركة دينية يعني استدعاء مئات الملايين من العرب والمسلمين في المنطقة والعالم إلى ساحة المواجهة، وحينها لن تكون إسرائيل في مواجهة جيوش نظامية فقط، بل جيوش مدعومة ومستندة إلى شعوب غاضبة ترى في الاحتلال عدوا دينيا انتهك أرضها ومقدساتها، ما سيحول الصراع إلى حرب استنزاف طويلة المدى تفقد إسرائيل تفوقها العسكري والسياسي، وتضعها أمام خطر وجودي حقيقي.
إقليميا، تمثل هذه التصريحات تهديدا مباشرا لأمن الأردن ومصر، اللتين ستجدان نفسيهما مضطرتين لإعادة النظر في كل ترتيباتهما الأمنية والسياسية مع إسرائيل بل والذهاب إلى أبعد من ذلك إذا لزم الأمر، كما أنها قد تدفع دولاً عربية أخرى إلى إعادة تقييم مسار التطبيع، والانخراط في موقف عربي موحد أكثر صدامية دفاعا عن الأمن القومي العربي في وجه جنون العظمة الذي يعيشه نتيناهو وزمرته المتطرفة.
دوليا، تضع هذه التصريحات حلفاء إسرائيل -وعلى رأسهم الولايات المتحدة- في موقف حرج، إذ سيكون عليهم الاختيار بين دعم مشروع عدواني توسعي يتعارض مع كل القوانين والمواثيق الدولية، أو التمسك بمبادئ القانون الدولي وحق الشعوب في السيادة على أراضيها، وفي حال فشل المجتمع الدولي في الرد بحزم، فسوف يفقد ما تبقى من مصداقيته، ويفتح الباب أمام دول أخرى لتبني سياسات توسعية مشابهة.
إن المنطقة تقف اليوم أمام منعطف تاريخي، وإذا لم تواجه هذه التصريحات بخطوات سياسية وقانونية حازمة، فإننا سنشهد تحول الصراع في الشرق الأوسط من نزاع حدودي إلى حرب دينية إقليمية شاملة، خاصة وأن قادة وشعوب العالم العربي والإسلامي يدركون تماما بعد تمادي قادة الكيان الصهيوني ومتطرفيه أن التهديد هذه المرة ليس على فلسطين وحدها، بل على كل حدودهم وسيادتهم ومقدساتهم، وعلى المجتمع الدولي أن يعي أن السماح بتمرير مثل هذه المهاترات والمشاريع العدوانية سيؤدي إلى انفجار لا يمكن احتواؤه، وسيحول المنطقة وجوارها إلى كرة متدحرجة من اللهب الذي يمكن أن يطال الجميع دون استثناء.
إن مشروع "إسرائيل الكبرى" ليس سوى وهم استعماري مغطى بعباءة دينية يعيد إنتاج أسوأ فصول التاريخ، وإذا أصر نتنياهو وزمرته المتطرفة على المضي فيه، فإنهم يغامرون بإشعال مواجهة شاملة ستحرق المنطقة بأكملها، وستكون إسرائيل الخاسر الأكبر فيها ليس فقط في الميدان، بل في شرعيتها ووجودها ذاته، حيث أن جر المنطقة إلى هذا المسار يمهد لانهيارها الذاتي تحت ضغط مواجهة لا طاقة لها بها، فالتاريخ يثبت أن المواجهة القائمة على العقيدة "ونحن أهل لها" لن ينفع معها أن يحتمي الاحتلال بالمعاهدات ولن يكون قادرا هو وداعموه على احتواء الموقف بالتسويات المؤقتة، لأنهم سيواجَهون عندها بجيوش اختُبرت رباطة جأشها في الكرامة، وبمقاومة شعبية وإرادة جماعية لا تعرف التراجع ولن تقبل هذه المرة سوى بتحرير فلسطين التاريخية خاصة إذا تم استحضار "الفريضة الغائبة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
وزيرة التنمية: القطاع التطوعي شريك أساسي للوزارة
قالت وزيرة التنمية الاجتماعية وفاء بني مصطفى، إن القطاع التطوعي شريك أساسي للوزارة، ويضطلع بتقديم خدمات أساسية تخدم الفئات الاجتماعية الأكثر حاجة، والأولى بالحماية والرعاية، مؤكدة استمرار الوزارة في سعيها لتمكين الجمعيات الخيرية، بما يخدم استدامة برامجها وخدماتها. جاء ذلك خلال زيارة ميدانية، اليوم الخميس، لجمعية أهالي وأصدقاء الأشخاص ذوي الإعاقة في العاصمة عمان، حيث اطلعت خلالها على الخدمات التي تقدمها الجمعية. وأكدت بني مصطفى أن الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة تأتي في إطار الجهود الوطنية الحثيثة التي تهدف إلى الاستثمار في قدراتهم وإدماجهم وتهيئتهم للعيش المستقل والاعتماد على الذات، ما يعزز فرصهم للولوج إلى سوق العمل، ويسهم في تحقيق أهداف التنمية. وأشارت إلى أن الجمعية من الجمعيات الرائدة التي تقدم خدماتها للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم، والتي تشمل المهارات الحياتية والتأهيل والتدريب والتوعية والإرشاد. وأضافت بني مصطفى، أن الوزارة تتطلع إلى تطوير الخدمات التي تقدمها الجمعية، من خلال تطوير خدماتها في مجال التدخل مبكر، لخدمة فئة الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم في مجال العلاج الوظيفي والطبيعي والنطقي والتأهيل المجتمعي، ما يسهم في إدماجهم، وتمكين الجمعية من الاستمرار في برامجها. من جهتها، استعرضت رئيسة الجمعية رهام عميش، أبرز الخدمات والبرامج التي تقدمها الجمعية لفئة الأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرة إلى دور الوزارة في تمكين قطاع الجمعيات، والنهوض بدوره المأمول في خدمة المجتمع المحلي.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
أبو السمن يؤكد ضرورة تطوير آليات التحكيم في العقود الإنشائية
أكد وزير الأشغال العامة والإسكان ماهر أبو السمن، على أهمية تطوير آليات التحكيم في العقود الإنشائية الحكومية لضمان حل النزاعات بفعالية وعدالة. ودعا خلال استقباله رئيس جمعية المحكمين الأردنيين مصلح الطراونة، إلى إجراء المراجعة اللازمة لضمان تحقيق عدالة ناجزة وتفادي إطالة التقاضي توفيرا للجهد والوقت والمصاريف المالية. وأكد أبو السمن دعم وزارة الأشغال لفكرة إنشاء مركز تحكيم متخصص في الأردن بالتعاون مع وزارة العدل والجمعية، لدعم البيئة الاستثمارية وتعزيز مكانة المملكة كمركز تحكيم إقليمي. من جانبه، أشاد الدكتور الطراونة بتعاون الوزير، مؤكداً استعداد الجمعية لتقديم خبراتها لدعم الوزارة، لا سيما في مجال التدريب المتخصص ووضع معايير اختيار الخبراء. وشدد الجانبان على أهمية وضوح صياغة شروط التحكيم وشفافيتها، مع التأكيد على اختيار محكمين وخبراء ذوي كفاءة ونزاهة لضمان نزاهة الإجراءات. كما تطرق النقاش إلى مبادئ 'سلطان الإرادة' في اختيار هيئات التحكيم، مع ضرور مواصلة التعاون المشترك لتعزيز قطاع الإنشاءات وريادة الأردن في مجال التحكيم.


رؤيا نيوز
منذ 2 ساعات
- رؤيا نيوز
فاعليات رسمية وشعبية تستنكر تصريحات نتنياهو المتطرفة
استنكرت فاعليات رسمية وشعبية بأشد العبارات تصريحات رئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتطرفة بشأن بما يسمى 'رؤية إسرائيل الكبرى'، التي اعتبرتها استفزازا صارخا وانتهاكا واضحا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وشددت على وحدة الأردن وصلابة موقفه بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، مؤكدة حرصها على حماية سيادة البلاد، والدفاع عن الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين. وأكدت الفاعليات في محافظة العقبة ان الأردن سيبقى السند القوي للقضية الفلسطينية وان تصريحات نتنياهو الأخيرة تكشف بوضوح المأزق التي تمر به الحكومة الإسرائيلية ونظرة الكيان التوسعية وأطماعه وان الأردن ثابت على مواقفه الوطنية والقومية وان جهود جلالة الملك في إرساء السلام العادل والشامل أصبحت واضحة في كل المحافل الدولية . كما استنكرت نقابة المهندسين الأردنيين التصريحات العدوانية التي أطلقها نتنياهو، معتبرة تصريحاته استفزازا صارخا وعدوانا سافرا على سيادة الدول وحقوق الشعوب، وانتهاكا فاضحا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وأكدت وقوفها الكامل خلف الموقف الرسمي الصلب ممثلا بالمواقف المشرفة لجلالة الملك عبد الله الثاني وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، مشددة بان هذه الأوهام المريضة والأطماع التوسعية لن تنال من عزيمة الأردنيين ووحدتهم، ولن تنتقص من الحقوق التاريخية والمشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف. ندد الاتحاد العام للجمعيات الخيرية بتصريحات نتنياهو، مؤكدا أن هذه التصريحات تكشف بوضوح عن أطماع توسعية استعمارية مرفوضة جملة وتفصيلا. وقال رئيس الاتحاد عامر الخوالدة، إن التصريحات العدوانية تمثل اعتداء صارخا على سيادة الدول العربية وانتهاكا فاضحا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومحاولة فاشلة لشرعنة مشروع استيطاني توسعي يهدد أمن المنطقة واستقرارها، مؤكدا أن الأردن بقيادته سيظل حاميا للأقصى وكنيسة القيامة وسدا منيعا في وجه أي محاولات للمساس بهويتهما العربية والإسلامية والمسيحية. من جهتها، أعربت غرفة تجارة إربد عن شجبها لتصريحات نتنياهو التي تعد امتدادا لسياسات استعمارية عنصرية تتناقض مع القوانين الدولية وتمثل تهديدا مباشرا للسلم والأمن في المنطقة. وقالت إن هذه التصريحات تجسد بوضوح العقلية التوسعية التي لطالما حكمت سياسة الاحتلال الإسرائيلي، وتكشف عن نوايا مبيتة لتكريس الاحتلال وضم الأراضي الفلسطينية والعربية، وفرض واقع جديد بقوة السلاح على حساب حقوق الشعوب وقرارات الشرعية الدولية . وأكدت الغرفة الوقوف مع جلالة الملك عبدالله الثاني كتفا بكتف، قلبا واحدا وصفا واحدا، في وجه كل من يحاول المساس بتراب الأردن الطهور. بدورها، وصفت مؤسسة التعاون البيئي، على لسان رئيسها فاروق الهزايمة، تصريحات نتنياهو، بـ'المثيرة للجدل والمرفوضة جملة وتفصيلا'. وأكد الهزايمة أن موقف الأردن ثابت في الدفاع عن سيادته ووحدته الوطنية، وأن أي محاولات للمساس بأرضه أو تهديد أمن شعبه 'لن تمر دون رد حاسم، انطلاقا من الواجب الوطني والإيمان العميق بحق الوطن في حماية ترابه'. وشدد على أن السلام والاستقرار في المنطقة لن يتحققا إلا بالاحترام المتبادل، والتمسك بالشرعية الدولية، والحوار البناء الذي يراعي مصالح جميع الشعوب. وأضاف أن الأردنيين يقفون صفا واحدا خلف القيادة الهاشمية الحكيمة، التي تمثل رمز العزة والكرامة، مؤكدا أن الأردن سيظل صامدا متمسكا بمبادئه ومدافعا عن حقوقه وأمنه وأمن المنطقة بأسرها. من جانبها، أكدت جمعية رجال الأعمال الأردنيين، أن الأردن أرضًا وشعبًا وقيادة، هو خط أحمر لا يُسمح بتجاوزه وأنه سيتصدى بكل حزم لأي انتهاكات تمس مصالحه العليا. وقالت إن الأردن سيبقى شامخًا وأبيًّا في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وسمو الأمير حسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، مؤكدة أن جميع أبناء الوطن هم جنود أوفياء في صفوفه، يبذلون الغالي والنفيس دفاعًا عنه، ويقفون خلف القيادة الهاشمية بثبات وإخلاص، متمسّكين بالمبادئ، ماضين على العهد، لا يحيدون عن درب الدفاع عن الأرض والقضايا الوطنية حتى آخر رمق. وقال رئيس الجمعية حمدي الطباع إن الأردن دولة راسخة بقوة إرادة أبنائه، وتشهد على عزيمتهم دماء الشهداء الأبرار التي خطّت ملاحم من البطولة والفداء في سجل الوطن المجيد. بدوره، استنكر التحالف الوطني لحقوق الإنسان بأشد العبارات التصريحات العدوانية والعنصرية التي صدرت عن نتنياهو ويرى فيها استفزازًا خطيرًا وإمعانًا في سياسة الاحتلال القائمة على التوسع وابتلاع الحقوق، وانتهاك فاضح لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وكافة الأعراف الإنسانية. وأكد أن هذه الأوهام والمزاعم الباطلة تكشف عن مأزق سياسي وأخلاقي تعيشه حكومة الاحتلال، في ظل عزلتها الدولية المتزايدة جراء استمرار جرائمها ضد الإنسانية في غزة والضفة الغربية، وهو ما يستوجب موقفًا دوليًا واضحًا وحازمًا يتجاوز حدود الإدانة الكلامية إلى فرض إجراءات عملية، تضمن وقف العدوان ومساءلة قادته أمام القضاء الدولي.