
علاقة سوريا وحرب إيران وإسرائيل بإقالة نائب وزير الخارجية الروسي
ورغم أن بوغدانوف صرح -بعد القرار- بأن الإقالة تعود لأسباب شخصية متعلقة بسنه (73 عاما)، فإن ذلك لم يمنع من إثارة التساؤلات عن أسباب إقالته التي خلفت حيرة في الأوساط السياسية، حيث لم يتم ذكرها ولا الإعلان بعد عمن سيشغل المنصبين الشاغرين.
وشغل بوغدانوف منصب الممثل الخاص للرئيس الروسي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014، ونائب وزير الخارجية منذ يونيو/حزيران 2011. وفي يناير/كانون الثاني 2025، مدد بوتين فترة ولاية بوغدانوف في الخدمة الدبلوماسية حتى الثاني من مارس/آذار 2026.
تشكيك
وأثارت هذه الإقالة تساؤلات كثيرة، بالنظر إلى أن بوغدانوف كان يوصف بالدبلوماسي المخضرم، وكانت له علاقات شخصية مع العديد من زعماء الشرق الأوسط وأفريقيا و منظمة التعاون الإسلامي ، والمنظمات الإسلامية الدولية. وشغل مناصب دبلوماسية في لبنان واليمن وإسرائيل ومصر وكان يحمل رتبة سفير فوق العادة ومفوض.
ويعتقد العديد من الخبراء أنها تُشير إلى تحول في السياسة الخارجية الروسية، لا سيما في ظل التحولات العالمية والإقليمية المهمة.
وعلى الرغم من أن بيان الكرملين الرسمي تحدث عن "أسباب شخصية" و"كبر السن" وراء الإقالة، فإن الشكوك ما زالت تساور بعض المراقبين، ولا سيما في ظل غياب أي تقارير عن تدهور صحته.
وتتحدث بعض وسائل الإعلام الروسية عن أن خليفة بوغدانوف قد يكون السفير الروسي السابق لدى تركيا أليكسي إركوف، والذي عمل قبل ذلك مستشارا مبعوثا في السفارة الروسية بسوريا. ووفقا لها، يُعتبر إركوف من فريق الرئيس بوتين ويتمتع بالمعرفة والخبرة والذكاء الدبلوماسي اللازمين.
يُشار إلى أن هذه الإقالة جاءت بعد فترة وجيزة من إقالة وزير النقل رومان ستاروفويت، الذي شغل منصبه لأكثر من عام بقليل، وانتحر في سيارته عقب الإقالة بيوم واحد.
View this post on Instagram
A post shared by الجزيرة (@aljazeera)
حملة تطهير
ويرى بعض المحللين أن رحيل بوغدانوف جزء من حملة تطهير أوسع نطاقا لكبار المسؤولين، مما قد يشير إلى نية الرئيس الروسي إعادة هيكلة المستويات العليا من جهاز الدولة.
وحسب الباحث بمعهد الدراسات الإستراتيجية، إيغور زاباروجتسوف، فإن إقالة بوغدانوف لم تأت كعقوبة له، بل بداية تحول عام في السياسة الخارجية الروسية على ضوء التطورات والأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، كتغير النظام في سوريا والحرب بين إيران وإسرائيل.
ويضيف -في تعليق للجزيرة نت- أن الموضوع يتجاوز شخصية بوغدانوف، ويأتي في سياق إعادة صياغة السياسة الروسية في الشرق الأوسط، بحيث تراعي المعطيات الجديدة على الأرض والتي تشير غالبية مؤشراتها إلى أنها باتت على موعد من حرب واسعة النطاق في المنطقة، قد يكون أحد أشكالها تجدد المواجهة العسكرية الإيرانية الإسرائيلية ولكن بشكل أوسع نطاقا وأطول زمنا.
ويؤكد الباحث زاباروجتسوف على أنه رغم إقالته من منصبه، سيحتفظ بوغدانوف بنفوذه في وزارة الخارجية على ضوء عدم وجود أي بديل له اليوم، وفي ظل علاقاته بصناع القرار بالمنطقة.
أخطاء
من جانبه، اعتبر الكاتب في الشؤون الروسية فياتشيسلاف يفدوكيموف أنه لا يمكن اعتبار استقالة الدبلوماسي عرضية، بالنظر إلى التطورات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، حيث سيتعين على خليفة بوغدانوف أن "يقطع عقدة التعقيدات والمؤامرات التي تحاك الآن حول روسيا بتحريض من واشنطن وتل أبيب".
ويتابع يفدوكيموف أن خسارة سوريا، حيث كانت القواعد العسكرية الروسية متمركزة لسنوات عديدة، وكذلك الحرب بين إسرائيل وإيران، أظهرت أن الجهود الدبلوماسية الروسية كانت غير فعالة إلى حد كبير، حيث انطلقت طائرات مقاتلة ومسيّرة إسرائيلية متجهة نحو طهران من مناطق أذربيجان المحاذية لإيران، ولم تكن موسكو على علم باستعدادات تل أبيب للعمل العسكري، على حد قوله.
وبعد تغير النظام في سوريا، لا تزال -وفقا له- قضية القاعدة البحرية الروسية في طرطوس دون حل، والأمر نفسه ينطبق على الحرب التي استمرت 12 يوما بين إسرائيل وإيران، حليفة موسكو، حيث برزت أخطاء في الحسابات في السياسة الخارجية.
وبحسب الكاتب يفدوكيموف، فإن وزارة الخارجية الروسية لديها "طاقم عمل مكون بشكل أساسي من خريجي معهد موسكو للعلاقات الدولية، الذين شكلوا فريقا ضيق الأفق ومنحازا".
وأضاف أن ذلك يتطلب ضخ "دماء جديدة" في المراكز الحساسة في الوزارة تقوم بصياغة إستراتيجية سياسية جديدة، وإصلاح الأخطاء وتجاوز "النكسات" التي أصابت السياسة الروسية في الشرق الأوسط و أفريقيا ، والانتقال نحو دبلوماسية أكثر مرونة وقابلية للتكيف وأكثر ملاءمة للصراعات الهجينة والتقلبات الجيوسياسية الحالية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 16 دقائق
- الجزيرة
إدانات دولية لاستهداف إسرائيل كنيسة العائلة المقدسة والفاتيكان يدعو لحماية دور العبادة
أثار القصف الإسرائيلي الذي استهدف كنيسة العائلة المقدسة الكاثوليكية في مدينة غزة، الخميس، موجة استنكار واسعة من عدة دول وجهات دينية، وسط مطالبات بتحقيق عاجل ووقف الانتهاكات المتكررة بحق دور العبادة والمدنيين. ويأتي استهداف الكنيسة في سياقٍ طال فيه القصف الإسرائيلي مئات المساجد منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث وثقت وزارة الأوقاف في غزة تدمير أكثر من 966 مسجدا في غزة بشكل كلي أو جزئي خلال العام الماضي، في حين لم تُقابل هذه الانتهاكات بانتقادات دولية. وأدانت وزارة الخارجية المصرية بشدة الغارة، مؤكدة في بيان أن "استهداف الكنائس والمساجد يُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني"، في إشارة إلى تكرار استهداف دور العبادة، بما فيها مئات المساجد، خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. من جهتها، نددت البطريركية اللاتينية في القدس بالضربة الجوية التي أسفرت عن مقتل 3 مدنيين وإصابة 9 آخرين، بينهم كاهن الكنيسة الأب جبرائيل رومانيلي. وقالت البطريركية في بيان: "ندين بأشد العبارات استهداف المدنيين وبيوت العبادة، ونعتبر ما جرى انتهاكا مباشرا لحرمة الأماكن المقدسة". وأشارت تقارير من داخل غزة إلى أن الكنيسة، التي تُعد الملاذ الوحيد للمجتمع المسيحي في القطاع، كانت تؤوي عائلات نازحة منذ بداية الحرب، مما يجعل استهدافها "جريمة مركبة" بحق مدنيين محاصرين. كما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعرب عن "عدم رضاه" عن الغارة خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ووصف ترامب ما حدث بأنه "خطأ جسيم"، وفق ما نقلته المتحدثة باسم البيت الأبيض، التي أضافت أن ترامب طالب نتنياهو بإصدار بيان رسمي وتوضيح ما جرى. من جانبه، قال نتنياهو إن إسرائيل "تأسف بشدة لسقوط قذيفة طائشة على الكنيسة"، مضيفا أن "كل روح بريئة تُزهق هي مأساة"، وأن الجيش الإسرائيلي يحقق في ملابسات الحادث. ولم تتوقف الانتقادات الدولية عند الولايات المتحدة، حيث أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "إدانته الشديدة" للقصف، مشيرا إلى أن الكنيسة المذكورة تقع تحت "الحماية التاريخية لفرنسا". وأكد ماكرون في منشور عبر منصة إكس، تضامن بلاده مع المسيحيين الفلسطينيين، وقال إن "استمرار هذه الحرب أمر غير مبرر"، داعيا إلى "وقف فوري لإطلاق النار". وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قد استندت في تنديدها إلى اتفاقيات تعود للقرن الـ20 بين فرنسا والدولة العثمانية، تمنح فرنسا حق حماية بعض المؤسسات الدينية الكاثوليكية في الأراضي المقدسة. حماية دور العبادة كذلك، أعرب البابا ليو الـ14 عن "حزنه العميق" إزاء الهجوم، داعيا إلى "وقف فوري لإطلاق النار" و"حماية دور العبادة وسكان غزة من ويلات الحرب". ووفقا لمصادر طبية وكنسية في غزة، استشهد 27 فلسطينيا على الأقل في هجمات إسرائيلية يوم الخميس، من بينهم الثلاثة الذين سقطوا في مجمع الكنيسة. وتُعد كنيسة العائلة المقدسة ثالث كنيسة رئيسية يستهدفها الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب، بعد كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسية وكنيسة المعمداني. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواصل إسرائيل بشن حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، مما أدى إلى سقوط أكثر من 198 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 آلاف مفقود ومجاعة واسعة النطاق، وفق بيانات فلسطينية وأممية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
القبور الوهمية.. مدافن إسرائيلية بلا موتى لطمس هوية القدس
القبور الوهمية مدافن فارغة تزرعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة، وتضع عليها شواهد تحمل أسماء باللغة العبرية رغم خلوها من أي رفات. وتأتي هذه الممارسة ضمن سياسة منهجية تهدف إلى السيطرة على الأراضي الوقفية وأملاك الفلسطينيين في القدس، فضلا عن تزوير تاريخ المدينة، وتغيير هويتها البصرية والثقافية، سعيا لفرض الرواية اليهودية المزعومة على حساب الرواية الإسلامية والعربية الممتدة عبر القرون. تنتشر هذه القبور بأعداد كبيرة، وتقدر بالآلاف، في مواقع مختلفة من مدينة القدس، خاصة في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك، ضمن محاولات لعزل المعالم الإسلامية والمسيحية برموز مصطنعة لا تستند لأي أساس تاريخي موثق. تاريخ النشأة والتأسيس بدأ الاحتلال الإسرائيلي عام 1978 بزراعة القبور الوهمية في بلدة سلوان ، التي تشكّل الامتداد الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك وخط دفاعه الأول في مواجهة الاعتداءات والمشاريع التهويدية. ومن سلوان، توسعت هذه السياسة وتضمنت مناطق أخرى في القدس، حينها لجأت سلطات الاحتلال إلى تجريف أراضي الفلسطينيين بزعم إقامتها على مقابر يهودية قديمة، في الوقت الذي تمنع فيه صيانة مئات المقابر الإسلامية التاريخية، بل تعمد إلى تجريف عدد منها. وقد أكد باحثون مقدسيون أن سلطات الاحتلال زرعت أكثر من 13 ألف قبر وهمي منذ 1978، توزّع نحو 32% منها في بلدة سلوان، لما تمثّله من موقع إستراتيجي ملاصق للمسجد الأقصى ضمن مشاريع تهويد المدينة وتغيير معالمها التاريخية والحضارية. وتتولى الإشراف على زراعة هذه القبور الوهمية وإقامة الشواهد عليها جهات رسمية وجمعيات استيطانية إسرائيلية متعددة، أبرزها: بلدية الاحتلال في القدس. وزارة الخدمات الدينية الإسرائيلية. سلطة الآثار الإسرائيلية. شركات الدفن اليهودية الخاصة. الدوافع والأهداف عمدت المؤسسة الرسمية والجمعيات الاستيطانية في إسرائيل إلى إقامة هذه القبور الوهمية بعد إخفاقها في العثور على آثار يهودية موثقة في المدينة المقدسة، الأمر الذي دفعها إلى اختلاق تاريخ مصطنع لتحقيق جملة من الأهداف، أبرزها: السيطرة على الأراضي الوقفية وأملاك الفلسطينيين الخاصة في مدينة القدس. التضييق على المقدسيين ومنعهم من التوسع العمراني. إحكام السيطرة على المناطق المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك، تمهيدا لهدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه. تزوير تاريخ القدس وطمس هويتها البصرية والثقافية الإسلامية والعربية على امتداد العصور. محاصرة التجمعات السكانية المقدسية وتطويقها من جميع الاتجاهات بهدف دفع السكان قسرا نحو الهجرة خارج المدينة. الترويج لادعاءات وجود إرث حضاري وتاريخي يهودي مزعوم في القدس وخاصة في المسجد الأقصى. هدم منازل المقدسيين وإغلاق الطرق المجاورة لهذه القبور تحت ذريعة إقامتها فوق مقابر يهودية. تتم عملية إنشاء القبور الوهمية عبر حفر حفرة بعمق 35 سنتيمترا، بقطر 40 سنتيمترا، وتُغرس فيها قضبان حديدية تُصب فوقها طبقة من الإسمنت المسلح. بعد ذلك، توضع على هذه القبور شواهد حجرية قديمة تُجلب من الخارج وتُوزع في أرجاء المقبرة لإضفاء الطابع الأثري عليها. تحمل الشواهد أسماء يهودية يُدّعى أن أصحابها توفوا منذ زمن بعيد، إلى جانب عبارات مثل "هنا مكان مقدس.. هنا مقبرة يهودية"، إضافة إلى حجارة تحمل رموز الهيكل المزعوم والنجمة السداسية. ويعمد الاحتلال أيضا إلى استخدام مادة البوليسترين في صناعة هذه القبور نظرا لمقاومتها للتحلل مع مرور الزمن. وتتيح السلطات الإسرائيلية لأي يهودي حول العالم شراء قبر فارغ في القدس، بزعم تخصيصه لأجداده المدفونين خارج فلسطين. وحسب رئيس لجنة المقابر الإسلامية في القدس، مصطفى أبو زهرة، فإن عمال سلطة الآثار الإسرائيلية يحفرون هذه القبور ويصبون الإسمنت المسلح عليها، ثم يضيفون الحجارة القديمة والطبقة الترابية لتضفي عليها مظهر القِدم، رغم وجود وثائق رسمية لدى دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس تثبت أن هذه الأراضي أوقاف إسلامية خالصة. انتشار واسع تتسارع وتيرة انتشار القبور الوهمية في مدينة القدس المحتلة، وتواصل آليات الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي حفر مزيد منها في مواقع عدة داخل المدينة، أبرزها ما يلي: تنتشر القبور الوهمية في مناطق متعددة من بلدة سلوان، منها وادي سلوان ورأس العامود ومنطقة الشياح. ويزعم الاحتلال الإسرائيلي أن هذه المواقع تحتضن مقبرة تعود ليهود مملكة يهوذا، مدعيا أن المنحدرات الواقعة أسفل البلدة تضم رفات يهود. وتظهر خرائط بلدية الاحتلال أن نحو نصف سكان حي وادي الربابة، الذين يتجاوز عددهم 700 نسمة، يعيشون على ما تسميه "أنقاض المقبرة"، غير أن سكان الحي يرفضون هذه الادعاءات، مؤكدين عدم وجود أي رفات لليهود في أراضيهم. كما تزعم مصادر إسرائيلية أن منازل سلوان تذكّر بـ"مدينة داود" القديمة، مشيرة إلى أن المنحدرات الصخرية استُخدمت لنحت مقابر يهودية قديمة، وأن علماء الآثار الإسرائيليين تمكنوا من توثيق نحو 50 مقبرة، بعضها سليم وبعضها الآخر متضرر جزئيا. وتدعي أيضا أن هذه المقابر تشكل واحدة من أبرز البقايا العائدة لما تُعرف بفترة الهيكل الأول، وأن وجودها كان معروفا منذ أوائل القرن الـ19، لكن الوصول إليها وإجراء أبحاث موسعة لم يصبح متاحا إلا بعد حرب الأيام الستة عام 1967. إضافة لذلك، تزعم تلك المصادر أن سكان سلوان الأوائل، في القرن الـ15 الميلادي، حوّلوا المقابر إلى مساكن، وفي القرن الـ16، انضم إليهم مهاجرون عرب قدموا من شرق الأردن، فأقاموا منازل وأكواخا فوق الكهوف وفي محيط الموقع. أما في حي وادي الربابة فيزرع الاحتلال القبور الوهمية فوق مقابر إسلامية تاريخية، كما تتمدد هذه القبور نحو مساحات من أرض "سلودحة" قرب القصور الأموية في الجهة الجنوبية الشرقية من المصلى المرواني. جبل الزيتون تنتشر القبور الوهمية أيضا في منطقة جبل الزيتون (الطور) وسفوحه شرق المسجد الأقصى، وتمتلئ المنطقة بآلاف المدافن على مساحة تقدر بنحو 400 دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع)، ضمن ما تُعرف بأنها أكبر وأهم مقبرة يهودية في العالم، وتسمى "هارهزيتيم". ورغم الادعاء الإسرائيلي بضيق مساحات الدفن لليهود داخل القدس، تواصل السلطات زراعة مزيد من القبور الوهمية في المنطقة. وقد دُفنت في المقبرة شخصيات إسرائيلية دينية وسياسية بارزة، منها الكاتب أليعازر بن يهودا، والحاخامان أبراهام كوك وعوبديا بيرتينورو، ورئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن. تتسع رقعة المقبرة يوميا من دون وجود جنائز فعلية أو عمليات دفن حقيقية، إذ تحفر آليات الاحتلال القبور وتصب الإسمنت داخلها، ثم تُثبت عليها شواهد تحمل كتابات باللغة العبرية، في محاولة لإضفاء طابع الدفن الفعلي عليها. ويرى اليهود في الدفن وشراء قبور وهمية بهذه المنطقة فضائل عدة، إذ يدعي مركز معلومات "مدينة داود" الاستيطاني مثلا أن "اليهود الذين دفنوا في مقبرة جبل الزيتون سيكونون أول من يُبعث من الأموات يوم القيامة، ولن تتحلل أجسادهم، وسينفخ في قرن الكبش من على جبل الزيتون معلنا قيام الساعة". كما درج الزوار اليهود على جمع تراب من المقبرة لنثره فوق قبور ذويهم المدفونين في الخارج، اعتقادا منهم بأن هذا يجلب البركة ويعزز قدسية القبور. وادي جهنم وقرية دير ياسين يعمد الاحتلال الإسرائيلي إلى إقامة القبور الوهمية في المناطق الملاصقة للسور الشمالي للمسجد الأقصى، وتحديدا في وادي قدرون المعروف أيضا بـ"وادي جهنم". ويزعم الاحتلال أن هذا الوادي يحتضن قبور عدد من أنبياء بني إسرائيل، ضمن ما يسمى بـ"طنطور فرعون" و"مقبرة الأنبياء". وتستمد المنطقة أهميتها في الرواية الإسرائيلية من قربها من الحي اليهودي في البلدة القديمة والجدار الشرقي لما يطلقون عليه "جبل الهيكل" المزعوم مكان المسجد الأقصى المبارك، كما يعتقد اليهود أن هذا الوادي سيكون الممر الذي يعبره "المسيح المخلص" في آخر الزمان. وبالموازاة مع ذلك، أنشأت سلطات الاحتلال مقابر اصطناعية في أنحاء مختلفة من القدس، أبرزها المقبرة المشيدة على أراضي قرية دير ياسين غرب المدينة. استغرق بناء هذه المقبرة نحو 4 سنوات، وبتكلفة قاربت 55 مليون دولار. وتضم 25 ألف قبر، وزعت على 4 طوابق داخل الجدران، يمكن الوصول إليها بمصاعد كهربائية. وتروج مؤسسة "كديشاه" لخدمات الدفن، التي أشرفت على تنفيذ المشروع، أن طريقة الدفن العمودية هذه مستوحاة من ممارسات الدفن التي كانت معتمدة فيما يسمى "الهيكل الثاني"، وفق الرواية اليهودية. فعاليات احتجاجية ينظم المقدسيون بين الحين والآخر فعاليات احتجاجية رفضا لسياسات الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى تكثيف زراعة القبور الوهمية في القدس. وتشمل هذه الفعاليات إقامة صلوات الجمعة في الأراضي المهددة بالمصادرة، إلى جانب تنظيم اعتصامات تلقى فيها كلمات تؤكد أن هذه الممارسات تهدف إلى تزوير التاريخ وفرض وقائع زائفة للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وتهويد المدينة.


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
محللون: ما يجري بالمنطقة تفكير جنوني بطور التنفيذ وهذه خيارات العرب
وضع التدخل الإسرائيلي في سوريا دول المنطقة أمام تحديات كبيرة خاصة في ظل الخط الأحمر الذي رسمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإبقاء الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح. وقال نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – إن إسرائيل تحقق "السلام بالقوة، والهدوء بالقوة، والأمن بالقوة"، مؤكدا أن هذه "ستبقى سياسة إسرائيل المستمرة". وبناء على هذا الوضع، لدى نتنياهو هاجس حقيقي بجعل البيئة الأمنية في الإقليم تضمن أمنا لإسرائيل على مدار 100 سنة مقبلة، حسب حديث الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي لبرنامج "مسار الأحداث". ولا يوجد ما يمنع نتنياهو من استخدام أسلوبه في محافظة السويداء (جنوبي سوريا) ولبنان في أي دولة عربية أخرى، فما يجري -وفق مكي- تفكير جنوني لكنه بطور التنفيذ، وما يحدث في سوريا صورة مصغرة، فالمطلوب النيل من قدرة الإقليم على التعبئة والحشد والمواجهة. ووفق التصور الإسرائيلي، يجب إحداث تغيير ديمغرافي وطائفي في السويداء بهدف التهجير من المنطقة، مشيرا في هذا الإطار إلى حركة نزوح العشائر البدوية من المحافظة بعد انسحاب الجيش وقوى الأمن الداخلي. وما يعزز هذا الطرح، استثمار إسرائيل طويل الأمد في الحالة الدرزية، حسب الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش، وإستراتيجية نتنياهو بجعل جنوب سوريا منطقة منزوعة السلاح، وكذلك الاشتباك الجيوسياسي بين تركيا وإسرائيل. ولتحقيق ذلك، تريد "إسرائيل المتوحشة" بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 -وفق علوش- تقسيم سوريا إلى كيانات طائفية وعرقية، مما يجعلها تتنمر على الدولة السورية الجديدة التي تحاول بناء نفسها من الصفر. ويرى الأكاديمي والباحث السياسي ياسر النجار أن حرص الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري على تعطيل مؤسسات الدولة والاتفاق معها، والانتصار لقوة السلاح يوحي بأن هناك "مشروعا بضمانات إسرائيلية يطالب بالانفصال". إعلان ووفق هذا المشهد، يرتكز المخطط الإسرائيلي على تكريس سوريا دولة هشة ضعيفة تستطيع تل أبيب التحكم بمقدراتها معولة على أطراف داخلية تخضع لأجندات خارجية ليست وطنية. وحسب علوش، فإن الهجري يخادع ويناور، فهو أفسد 3 اتفاقيات بين الدولة ووجهاء السويداء، كما أنه لا يعترف بالدولة الجديدة. وفي ظل هذه الفوضى، تشكل السويداء معضلة للدولة السورية، فهي جزء من تحديات الأطراف التي يشكلها مشروع الدولة الموحدة، مثل قوات "سوريا الديمقراطية" (قسد) والساحل السوري. وبناء على هذا الوضع، فإن نجاح إسرائيل في فرض واقع بين الدروز والدولة يعطي رسائل مشجعة للأطراف التي تهدد الدولة المركزية في دمشق المطالبة بضرورة ترميم النسيج الوطني. ولمواجهة ذلك، قد يكون الحل في تشكيل قوة عربية تركية لدخول سوريا ودعمها أمام الأطماع الإسرائيلية، التي تريد السويداء منطقة خالية من العرب، كما يقول مكي. وتوجب أحداث السويداء إعادة الحسابات في ظل مخطط إسرائيل لتقسيم سوريا، وفقا للنجار، فما حدث "أمر جلل دبر بليل". وكذلك، يضع التحدي السوري دول المنطقة أمام اختبار كبير، فإما التفكير -حسب علوش- في تكاليف الاندفاع من أجل وقف سياسة إسرائيل بالإقليم أو التفكير بالتكاليف بعيدة المدى في حال الرضوخ والاستسلام لما يجري في سوريا. وما يؤكد خطورة الوضع، إصدار السعودية وقطر والإمارات والبحرين وسلطنة عُمان والكويت إضافة إلى الأردن والعراق ولبنان ومصر وتركيا بيانا مشتركا، أعربت فيه عن رفضها كل التدخلات الخارجية في شؤون سوريا. وندد البيان المشترك بالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا باعتبارها اعتداء على سيادتها وخرقا فاضحا للقانون الدولي، وأكد دعم هذه الدول لأمن سوريا ووحدتها واستقرارها وسيادتها. وشنت إسرائيل الأربعاء غارات جوية مكثفة ضد قوات الجيش السوري التي دخلت السويداء لوقف التوترات الأمنية هناك، وانسحب الجيش بعد التوصل لاتفاق مع بعض زعماء الدروز من المحافظة، كما استهدفت مبنى رئاسة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في دمشق.