
نائل البرغوثي لـ"العربي الجديد": الأسرى يتعرضون للتنكيل بقرار حكومي
ـ اقتحام بن غفير زنزانة مروان البرغوثي رسالة للسلطة ولحركة فتح بأنكم لستم بعيدين عن التعذيب.
ـ لم آتِ إلى تركيا في زيارة، ولكن إقامة لمدة عامين، وهو جزء من اتفاق عام لاستقبال مجموعة من الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم ضمن عمليات التبادل.
ـ بعد "طوفان الأقصى" أُلقي كل ما يسمى ويمثل القانون خلف ظهورهم، وأصبحت تحكمنا عصابة، لديها رغبة في قتل كل فلسطيني، وليس الأسير فقط، ولكن الأسير هو الحلقة الأضعف.
قال
عميد الأسرى الفلسطينيين
نائل البرغوثي، في حوار مع "العربي الجديد"، إنه انتقل للإقامة في تركيا ضمن توافقات الإفراج عنه، بعد تسوية الأوراق قادماً من مصر، مبيناً أنه لم يلتق زوجته بعد، وهي ممنوعة من السفر، رغم أنها حاصلة على تأشيرة دخول إلى تركيا. وكشف البرغوثي عن أساليب التعذيب الجسدي والنفسي في السجون الإسرائيلية، من الضرب والتجويع والتنكيل، معتبراً أنه إذا أريد تصوير شكل التعذيب في السجون الإسرائيلية، فإن فيلم رعب سيخرج لا تقدر هوليوود حتى على إنتاجه أو تصويره، مؤكداً أن الغالبية العظمى من الأسرى متمسكون بحقهم في نظرتهم إلى وطنهم السليب والمحتل، وفي التحرر والحرّية لوطنهم ولشعبهم، ويقفون خلف المقاومة، لأنهم أصلاً مقاومون.
وتطرق البرغوثي إلى المشاهد التي أظهرت القائد الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي، خلال
اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير له في العزل
، مبيناً أن "الأخ مروان رمزيته في الحركة الأسيرة والبعد الوطني، هذه رسالة للسلطة ولحركة فتح بأنكم لستم بعيدين عن التعذيب، هذا الكيان في دائرة التوحش والحقد، ويجب علاجهم من الوزير إلى الغفير، علاج نفسي عالمي، ومعاقبتهم ومحاسبتهم بأشد العقاب".
تمّ تغييب الأسرى عما يجري في الخارج بنسبة 98%
واعتبر أنه "بعد طوفان الأقصى، أُلقي كل ما يسمى ويمثل القانون خلف ظهورهم (السلطات الإسرائيلية) وأصبحت تحكمنا عصابة، لديها رغبة في قتل كل فلسطيني وليس الأسير فقط، ولكن الأسير هو الحلقة الأضعف، إنسان مقيّد في يديه وفي قدميه وفي زنزانة".
في ما يلي نص الحوار:
*بداية نراك في زيارة لتركيا، حدثنا عن أهداف الزيارة وماذا ترغبون في القيام به؟
لم آتِ في زيارة، ولكن إقامة لمدة عامين، لغاية إمكانية عودتنا إلى فلسطين، نسأل الله أن تكون قريبة بأقل من عامين، ولكن وجودنا في تركيا جزء من اتفاق عام، واستقبال مجموعة من الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم ضمن عمليات التبادل ما بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني، وهذه الإقامة إن شاء الله، نتعرف ونندمج مع كل ما هو إيجابي في المجتمع التركي الشقيق، نكون إيجابيين بما نلاقيه من الترحاب الشعبي الحقيقي والرسمي.
*هل التقيت زوجتك (إيمان نافع)؟ هل هناك أفق وأمل ما في هذا الموضوع؟
للأسف، أنا ومعظم زملائنا الذين أفرج عنهم لم نلتقِ زوجاتنا وأهلنا، لمنع الاحتلال السماح لهم بالدخول إلى الأردن، ومن ثم إلى الدول التي نوجد فيها، هناك أسرى عائلاتهم حاولت مرات عدة، زوجتي حاولت مرتين ومُنعت، وهذا جزء من الضغط على الأسرى وعلى المفاوض الفلسطيني لكي يتنازل عن بعض الأمور، وورقة ضغط استخدمت للمساومة. لغاية الآن لم نلتق، هذا أمر سياسي وكيدي من حكومة فاشية، تحاول أن تستغل وتستثمر كل ورقة بإمكانها أن تبتز فيها المقاومة، اليوم ابتزت الأسرى بمنع أهاليهم من اللقاء، وتبتز الناس اليوم بمأكلهم ومشربهم في غزة.
*زوجتك لديها تأشيرة دخول إلى تركيا؟
لديها تأشيرة دخول إلى تركيا، ولكن الاحتلال منعها من المغادرة.
أخبار
التحديثات الحية
الأسرى في سجني النقب وعوفر: عمليات قمع وظروف قاسية
*خرجتم من السجون الإسرائيلية قبل أشهر، ما أوضاع ظروف المعتقلين الأسرى في السجون الإسرائيلية، خصوصاً أنك ذكّرت بوجود تعذيب وتنكيل بحقهم؟
نحن خرجنا من الأسر (أفرج عن نائل البرغوثي في فبراير/شباط 2025) وتركنا خلفنا الآلاف من الزملاء والإخوة والأصدقاء ورفاق الدرب، وتعرضنا ويتعرضون الآن لتنكيل بقرار حكومي مغطّى من أعلى هرم سياسي وشعبي لدى الكيان الصهيوني، ومغطى أيضاً من الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب، ومن بعض الحكام والسياسيين في أوروبا لعدم محاسبتهم لهذا الكيان الغاصب عن أبشع أنواع التنكيل الذي لم يمر فيه إنسان. حتى في السجون النازية التي يحاولون الترديد بأنهم هم الوحيدون الذين تعرضوا للتعذيب فيها، هذا لا يقارن، لأننا نتعرض للتعذيب أكثر من أي منطقة أخرى حكمها محتل، ابتداءً من الضرب المبرح، الغاز، القنابل الصوتية، الأرجل، ركلات، لكمات، كلاب، هذه وجبات يومية، بالإضافة إلى التجويع الممنهج. الأسير الفلسطيني يعاني في صحته من حيث الوزن، ومن حيث الصحة، وكثير من الأسرى خسروا من أوزانهم ما لا يقل عن 30 كيلوغراماً، تجويع ممنهج بإشراف لجان طبية وخبراء في علم التغذية، بالإضافة إلى تعرضنا لتسمم أكثر من مرة بشكل متعمد، وهذه أحدثت ضجة عندما كُشفت وتمّت التغطية عليها، ومن قام بفعل ذلك رُقِّي بعد أقل من شهرين، وعاد لعمله الأول بعد إعادته بعملية تنكيل جديدة بالكلاب والهراوات والغاز، وهذا شبه يومي واستفراد بكل أسير يأتي جديداً. هذه رسائل لأبناء الشعب الفلسطيني، يعني هناك أطفال أعمارهم أقل من 15 عاماً يجري التنكيل بهم كأنهم مجرمون، وهذه رسائل لجيل كامل حتى يقولوا إن الاحتلال لا يرحم أحداً، ويحاول ردعه عن العمل المقاوم.
النساء كذلك تعرضن للتعذيب والتعرية والإهانة بكل الكلمات النابية، والتهديد بالاغتصاب، وهناك أسرى اعتُدي عليهم، بالإضافة إلى الاعتداء الجسدي الجسيم، وهناك من استشهدوا، استشهد أكثر من 75 أسيراً بقتل متعمد، وهناك أكثر من هذا العدد مخفي لدى الاحتلال في السجون التي لم تزرها أي جهة دولية، بالذات من إخواننا في قطاع غزة، بالإضافة إلى بتر الأعضاء بعدم العلاج وبشكل ممنهج، وأعتقد أيضاً أن هناك حالات ستكشف عنها الأيام من سرقة أعضاء من كثير من الشهداء الذين أعتقد أنهم يُعدَمون من أجل هذه القضية، وهذا ليس جديداً على هذا العدو، لأن هذا الملف طرح سابقاً قبل عشرات السنين، واعترفوا بأننا تعرضنا، بصفتنا أسرى، لعمليات تجارب طبية على أدوية يجري إنتاجها، وهذا باعترافهم، ونوقشت في ما يسمى الكنيست. هذا يعني بالحد الأدنى، ولكن إذا أردنا أن نصور شكل التعذيب، أعتقد أنه سيخرج فيلم رعب هوليوود لا تقدر على إنتاجه أو تصويره.
*هذا من الناحية الجسدية، ماذا عن النفسية؟ ما الضغوط النفسية على الأسرى، وهل تؤثر فيهم؟
من الناحية النفسية، نبدأ من العبادات، منع الأذان في السجون، ومن بداية "طوفان الأقصى" منعت صلاة الجمعة، وهناك بعض السجون من يصلي صلاة الجماعة في داخل غرفة يُعتدى عليهم. إضافة إلى عدم توفير الملابس، وإبقاء الأسير في حالة عدم نظافة،
وانتشار الأمراض،
وهذا يترك أثراً نفسياً على شاب دخل صحيح الجسم، وتركت الأمراض فيه الندوب من خلال أمراض تترك أثرها، المسمى الجدري، بالإضافة إلى الجروح التي لا تُعالَج، أوجاع الأسنان التي يعرفها الجميع مثلاً لم نتلق أي حبة مهدئ لها لأيٍّ كان، فضلاً عن الإصابات الناجمة عن الضرب، يُترك الأسير مكبلاً في يديه وقدميه ساعات طويلة، وهو ملقى على الأرض، فيما الكلاب تنهشه. بالإضافة إلى أن السجّانين يتفننون في أشكال التعذيب.
نائل البرغوثي: بن غفير وزير غبي حاقد على كل ما هو فلسطيني، حتى على الذي لم يقاوم، حاقد على كل ما هو عربي، وهو يجاهر بذلك ويفتخر
هناك أيضاً عدم زيارة الأهل، وعدم معرفة أي شيء يجري في الخارج. وكلما يحدث عمل مقاوم ناجح كان الأسرى يدفعون الثمن، لكونهم حلقة أضعف، وقد تُرك الأسرى فترات طويلة في زنازين منفردة. هذا من حيث الشكل النفسي، بالإضافة إلى التهديدات الدائمة وأشكال الرعب. يعني يوضع الإنسان في زنزانة وتتجمع حوله حلقة من السجّانين، ويبدأون بالنباح كالكلاب أحياناً على الأسير والتهديد بالقتل والاغتصاب، وهذا يترك أثراً نفسياً، بالإضافة إلى أن الضغط النفسي وضعته لجنة أيضاً من خبراء علم النفس، حتى يكون هناك ارتداد سلبي على الأسير، فعندما يخرج إلى المجتمع الفلسطيني، يريدون عوضاً عن أن يحقد على الاحتلال، يدين ما حصل، وهذا لم ولن يحصل، لأن الأسرى أصحاب قضية، ولديهم الوعي الذي يتجاوز كل هذه الأشكال من التعذيب، لأنهم أصحاب قضية ووعي لذلك.
*هل يعني أن هذه الممارسات لم تؤثر سلباً في الأسرى؟
لم ولن تكسر الأسرى هذه الأشكال من العذابات، ولا أشد منها. الغالبية العظمى من الأسرى متمسكون بحقهم في نظرتهم لوطنهم السليب والمحتل، وفي التحرر والحرية لوطنهم ولشعبهم، ويقفون خلف المقاومة لأنهم أصلاً مقاومون، فبالتالي الإنسان لا يدين نفسه. هذه قناعة لدى الجميع وثبت عقم كل هذه العذابات وعدم نجاحها في دفع الأسير الفلسطيني للتراجع عن قناعاته، هذه في علم الوهم لدى الكيان، وهم يعلمون ذلك.
*شاهدنا نموذجاً قبل أيام، الوزير إيتمار بن غفير زار الأسير مروان البرغوثي ومارس عليه ضغطاً كبيراً مهدداً إياه، كيف تصف حالة البرغوثي؟ وهل هي نموذج للعذابات التي تحدثت عنها؟
هذه إطلالة في أقل من دقيقة رآها العالم، إذا كنّا نريد أن نوصّفها بين قوسين "علاقة حضارية"، ولكن ما يجري في الخفاء أكبر، محاولة التهديد لإيصال رسالة بأنه "أنا السيّد"، وهذا وزير غبي حاقد على كل ما هو فلسطيني، حتى على الذي لم يقاوم، حاقد على كل ما هو عربي، وهو يجاهر بذلك ويفتخر، وكل العالم يشاهده منذ طفولته وتدرجه في العمل السياسي: لديه حقد عجيب على العرب والمسلمين، وسلوكه في المسجد الأقصى واضح، والتحريض على هدم كل ما هو إسلامي في المسجد الأقصى. كانت له فرصة في هذا الزمن وهذا الوقت، بأن ينفذ سياسته من خلال إقصاء كل السجّانين الذين يلتزمون على الأقل الحد الأدنى من القانون، واستبدلهم برجالات أقرب لأن يكونوا عصابات، وكان يشرف على التعذيب قبل ذلك، كان يحضر جلسات تعذيب ويواكبها ويعطي الأوامر بالتشدّد والتجويع. وأعلن بن غفير أكثر من مرة أمام الإعلام بفخر: نحن نعطي الأسرى الحدّ الأدنى حرفياً من الأكل، قال ذلك بشكل واضح وصريح، والعالم سمعه بالصوت والصورة.
الأخ مروان رمزيته في الحركة الأسيرة والبُعد الوطني، وما قام به بن غفير رسالة للسلطة ولحركة فتح بأنكم لستم بعيدين عن التعذيب، وهذه رسالة قد يكون لها ارتداد إيجابي في داخل حركة فتح والشعب الفلسطيني بأن أبناءهم، سواء أكان شاباً صغيراً، شبلاً كما نسميه، أو قائداً له رمزيته، يتعرضون جميعهم للتعذيب، ويجب على كل العالم، وليس الشعب الفلسطيني فقط، أن يرى هذا الكيان الذي يجب أن يخرج من دائرة التاريخ الإنساني، هم الآن في دائرة التوحش والحقد، ويجب علاجهم من الوزير إلى الغفير، علاج نفسي عالمي، ويجب معاقبتهم ومحاسبتهم بأشد العقاب.
*بالحديث عن المواقف التي تعرّضت لها، ما أكثر المواقف التي أثّرت بك؟
هناك الكثير منها، العشرات إن لم يكن أكثر، سواء على الصعيد الشخصي، العائلي، أو على الصعيد الوطني، أو الإنساني والعالمي، لكن أحداً لم يرَ دمعتي، قليلون جداً، دمعتي أكبسها، ودموع قلبي أشد عليّ من دموع عيني، ولكن واجبنا أن نبقى متماسكين، وإذا كانت هناك حالة إنسانية للبكاء، يبكيها الإنسان بينه وبين نفسه. أذكر على سبيل المثال، فقدان الوالد، وثم الوالدة، ثم الأخ وابن الأخ شهيداً، هذا على الصعيد العائلي البسيط.
ما جرى في غزة قبل "الطوفان" بـ10 أو 15 أو 20 سنة، من عمليات استشهد فيها الكثير من الأطفال والفتيات. أذكر أنه في عام 2004 قُصفَت عائلة كاملة، وبقيت ابنة صغيرة تصرخ خلال التصوير، اسمها هدى غالية، هذا موقف، ومثله الكثير من المواقف، وهناك موقف أذكره في عام 1988 خلال الانتفاضة الأولى، حين شاهد العالم كلّه على التلفاز مستوطنين وجنوداً يقتلون طالبة توجيهي، ويقتلون حماراً، ويحرقون زرع بيدر في قرية، وهم لديهم آية توراتية: اقتل، واقتل الدابة أو خذ حماره. هذا كان له صدى إعلامي، وأنا تأثرت به، ربطت الإنسان الفلسطيني بأرض الزرع، وأداة عمله الحمار، والمستقبل في الابنة التي تتعلم، يعني كان تأثير الصورة على التلفاز شديداً عليّ.
*بعد كل هذا الحديث عن أوضاع الأسرى، كيف تصف الحركة الأسيرة وأوضاع الأسرى قبل "طوفان الأقصى" وما بعدها؟ ما هي الاختلافات؟
الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال كانت وستبقى دائماً مكوناً رئيسياً من مكونات النضال الفلسطيني، تمتلك الكوادر والمقاتلين والمناضلين، وتجمعهم رغم تعرضهم منذ بداية الاحتلال لمحاولات كسرهم من الناحيتين النفسية والجسدية، ولكن كنا نتكتل ونبني أنفسنا لغاية ما تمّ بناء صرح داخل السجون، بناء التنظيم الإداري والثقافي والإنساني وقوة الروح الوطنية لكل أسير وتعزيزها. هذا الأمر فرضناه على مديرية السجون، وكان لنا تأثير في الشارع الفلسطيني من خلال إضراباتنا المتعاقبة والمتعددة لتحقيق حقوقنا، وأصبحنا نشكّل معادلة في السياسة الفلسطينية والصهيونية، بحيث إنه في لحظات كانوا يريدون فيها الهدوء، ننفذ إضراباً من أجل تحقيق بعض المطالب، وكانوا يتجاوبون معنا ليس محبة فينا، ولكن خوفاً من أن تتفجر الأوضاع في فلسطين والضفة الغربية.
ولكن بعد "الطوفان" أُلقي كل ما يسمى ويمثل القانون خلف ظهورهم، وأصبحت تحكمنا عصابة لديها رغبة في قتل كل فلسطيني وليس الأسير فقط، ولكن الأسير هو الحلقة الأضعف، إنسان مقيّد في يديه وفي قدميه وفي زنزانة، وتخيل أن يدخل عليك خمسة أو عشرة سجانين في زنزانة، الكل يريد أن ينال منك: هذا يركل، وهذا بقبضته، قبضاتهم كانوا يلبسونها نوعاً من العظم، نقول عنها البومة، كسروا أعضاءنا، كسروا أنوفنا، لكن لم يكسروا الأسرى من الناحية النفسية، وهذا الذي يؤلمهم أكثر: كيف هذا الأسير المجوع، المضروب، المهان يخرج بنفسية المناضل؟ لا يدركون أن الإنسان الفلسطيني الحقيقي هو من يتمسك في قناعاته، ومبدأه أن فلسطين يجب أن تعود لأصحابها، ويجب أن يعود أصحابها المشردون إليها.
هذه قناعة لهذا التيار قبل "الطوفان"، و"الطوفان" كان بالنسبة إلى الأسرى المفتاح الأوضح والأكثر وضوحاً لإطلاق سراحهم، يعني في تاريخ الثورة الفلسطينية وحتى التاريخ العربي للمرة الأولى، يكون لدى المقاومة أكثر من 250 أسيراً من الجنود والضباط والكوادر في الأجهزة الأمنية، هذا بحد ذاته كان بارقة أمل، ولذلك ضُغط على الفلسطيني وعلى الأسرى من خلال ضرب البنية التحتية للشعب الفلسطيني، قتل الأطفال والنساء حتى يظهروا بأن سبب قتل هؤلاء الأطفال هم الأسرى، ولكن لم يعلموا أننا نحن جزء من صراع ممتد من أكثر من 100 عام، المذابح اللي ارتكبوها ويرتكبونها، هم ارتكبوها قبل أن يولد كل قادة "حماس"، في دير ياسين وفي الطنطورة، عشرات المذابح في شمال فلسطين وفي جنوبها وهي معروفة، وكشف عنها الأرشيف الصهيوني والمؤرخون الجدد، هم لديهم رغبة وهواية بالقتل. هذه حقيقة وقالوها في أدبياتهم: العربي الميت خير من العربي الحي، والأسرى هم من يدفعون الثمن، ولكن لم ولن يهزمونا، لأننا أصحاب قضية وقناعة تامة في عدالة قضيتنا.
*كيف ينظر الأسرى إلى ما يجري في قطاع غزة حالياً؟ وما نظرتهم للقضايا الأساسية في الساحة الفلسطينية؟
أولاً، جرى تغييبنا عما يجري في الخارج بنسبة 98%، لا ندري ولا نعلم شيئاً، ولكن هناك بعض شذرات الأخبار من خلال بعض المحامين الذين يتجرؤون ويقولون كلمة وتبني عليها، من خلال أسير جديد، هذا فقط ما نعلمه، ونظرة الأسرى هي أن هذا العدو مجرم، وثبتت مصداقيتنا في نضالنا دائماً أننا نقاتل مجرمين، وغالبية الأسرى من كل الانتماءات هم قلباً وقالباً خلف المقاومة. نعم تألمنا ونتألم وما زلنا نتألم بالضحايا في غزة بالذات، وفي الضفة الغربية التي لا يوجد فيها "طوفان"، ولكن هناك أكثر من ألفي شهيد أعزل، لقد دمّروا مخيمات، جنين، طولكرم، كلّها دُمِّرَت على طريقة غزة. ما حصل أنه في وجدان الكيان الصهيوني يجب القضاء على القضية الفلسطينية في كل مكان. قبل يومين، أُعلنَت نيات حقيقية للكيان، ممثلة برئيس الحكومة المجرم (بنيامين نتنياهو) بأن حلمهم إسرائيل الكبرى، وكنت أقول إن هذا الأمر سيؤدي تدريجياً، وبشكل تراكمي، إلى تثوير الشارع العربي والإسلامي، لأنهم ينظرون إلى كل المحيط بأنه تابع لهم، حتى تركيا نُظر إليها بالترويج لدى الإعلاميين بأن الدور قادم عليها، أي إيران ومن ثم تركيا بوصفها دولة محورية في المنطقة، والشعب المصري يرفض أن تمسّ كرامته، وكل يوم هناك ضربات في سورية، لماذا يضرب هناك في الشمال والجنوب وفتن طائفية؟ دلالة على أن لديه نظرة توسعية سواء وجدنا بصفتنا فلسطينيين أو لا، هذا مشروع صهيوني إمبريالي: يجب السيطرة على هذه المنطقة من خلال هذه الأداة التي تسّمى إسرائيل، بالتالي فإن علاقتنا تتفاعل مع المحيط العربي تصاعدياً، كل الشعب العربي، وإن كان مكبوتاً، يشعر أن المقاومة الفلسطينية تمثله، المقاومة الفلسطينية هي السدّ الأول والخندق الأول في الدفاع عن التركي وعن العربي وعن الكردي وعن الإنساني.
قضايا وناس
التحديثات الحية
تصاعد الجرائم الطبية بحق الأسرى الفلسطينيين وسط تفشي الجرب والأوبئة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 11 ساعات
- العربي الجديد
العرب أمام الحقيقة العارية لـ"إسرائيل الكبرى"
لم يجد نتنياهو حرجاً في تبشير جمهوره الصهيوني بأنه مرتبط روحياً وسياسياً بمشروع "إسرائيل الكبرى"، بل هو منخرط فعلياً في إنفاذه في أرض الواقع، وهو المشروع الذي يمتدّ وفق الرؤية التلمودية، من وادي العريش إلى النهر الكبير، أي نهر الفرات. بدأت فعلاً الحلقات المتقدّمة لـ"إسرائيل الكبرى"، بتهويد الداخل الفلسطيني والتمدّد في الضفة الغربية وحرب الإبادة المفتوحة في قطاع غزّة، وبموازاة ذلك التوسّع في لبنان وسورية، مع شنّ الحرب ضدّ إيران، والبقية في الطريق. هذه ليست المرّة الأولى التي يستدعي فيها نتنياهو الصور التوراتية والأخيلة التلمودية، رغم دهريّته، لتمرير مشروعه الكبير، فقد سبق له أن وصف حربه على غزّة بأنها حرب "النور ضدّ الظلام"، وضدّ "العماليق" المذكورين في النصوص التلمودية كنايةً عن الشرّ والكيد لـ"شعب الله المختار"، إذ ورد في العهد القديم أن النبي صموئيل أمر الملك شاؤول الأول بإبادة العماليق تماماً، رجالاً ونساءً وأطفالاً وحتى حيواناتهم. وقبل أسابيع قليلة، تحدّث نتنياهو في خطاب علني، لم يحظَ بأيّ تعليق أو تعقيب عربي، بأنه ملتزم برؤية زئيف جابوتنسكي (أحد أكثر الآباء المؤسّسين للحركة الصهيونية أهميةً، وصاحب نظرية الجدار الحديدي وتسليط أكبر قدر ممكن من العنف والإكراه ضدّ الفلسطينيين والعرب) لفرض الإذعان عليهم، كما توقّف بنوع من الزَّهو عند الصلة الشخصية الخاصّة التي ربطت والده بجابوتنسكي، وتأثير ذلك في فكره وتوجّهاته العامّة. وليس سرّاً أن نتنياهو يرى نفسه بصدد استكمال (وتتويج) مشروع الحركة الصهيونية، بل بمثابة جابوتنسكي جديد، الأول مكّن قدمَي إسرائيل في "أرض الميعاد"، والثاني يمدّ يديها ورجليها باتجاه "إسرائيل الكبرى" الموعودة. لم تجد هذه التصريحات الفاقعة، التي تتهدّد العرب في وجودهم وكيانهم الجمعي، الجواب السياسي الحازم الذي يناسب خطورتها، بل اكتفت دول عربية معنية مباشرة بالتهديد بإصدار بيانات راوحت بين الشجب المغلّظ والمخفّف، وبعضها لم يتجرّأ حتى على نسبة التصريح بشأن "إسرائيل الكبرى" إلى قائله، فتحدّثت "عما أثير من تصريحات في وسائل الإعلام الإسرائيلية". لم يعد نتنياهو يجد حرجاً في التعبير عمّا يدور في عقله من تدبير، وما يبيّته من حسابات ونيات بشأن مستقبل المنطقة الواضح أن نتنياهو لم يعد يجد حرجاً في التعبير عمّا يدور في عقله من تدبير، وما يبيّته من حسابات ونيات بشأن مستقبل المنطقة، بل بات أكثر تصميماً على التقاط ما يراه فرصاً تاريخيةً غير مسبوقة لتنفيذ مشروعه، وبأكبر سرعة ممكنة، خصوصاً بعد التغييرات التي حصلت في سورية، ثمّ ما جرى (ويجري) في غزّة ولبنان، فضلاً عن تفكّك الحواجز السياسية والاقتصادية والنفسية منذ كامب ديفيد (1978)، وما تلاها من اتفاقات وعلاقات دبلوماسية، فقد سقط التابو، وانفتح الفضاء أمام إسرائيل، ولم يبقَ سوى مزيد من المراكمة والتقدّم نحو الأهداف المنشودة. كما أن هشاشة المحيط العربي، وخضوع الدول العربية للمظلّة الإسرائيلية، إمّا مباشرةً وإما مروراً بالأميركيين، يغريان بمزيد من التمادي لفرض واقع جديد. نتنياهو بالغ الذرائعية، ولا يفرّط في التقاط اللحظة المناسبة للفتك بطريدته، وتغيير موازين القوى بقوة السلاح، فهو يعتبر وجود ترامب في البيت الأبيض هديةً نزلت عليه من السماء يتحتّم الاستفادة منها في الحدّ الأقصى، بغرض تشكيل موازين قوى جديدة، ولا يهم هنا أن يبيع مشروعه بتهجير الفلسطينيين من غزّة على أنه مشروع ترامب لـ"ريفييرا الشرق الأوسط"، ولا يهم كثيراً أن يصرخ العرب ويضجّ العالم، ما دام الواقع يتغيّر وفق منطق القوي، وهو يدرك جيّداً أن فريق ترامب الموزّع بين واشنطن وعواصم الشرق الأوسط لا يقلّ حرصاً منه على تنفيذ حلم "إسرائيل الكبرى"، وهل هناك فرق أو مسافة فعلاً تميّز جون فانز ومايك هاكابي وستيف ويتكوف عن نتنياهو، فما يفكّر فيه نتنياهو هو ما يعتقده هؤلاء إيماناً وتسليماً إنجيلياً. كانت أولى الخطوات التي قطعها نتنياهو بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض كسر وقف إطلاق النار واستئناف العدوان على غزّة، ثمّ شنّ حرب استمرّت 12 يوماً ضدّ إيران، والتوسّع في الجنوب السوري بعدما استباح لبنان، وهو فعلاً بصدد كتابة قواعد اشتباك جديدة تقوم على استباحة الأرض والجو متى شاءت القوة الإسرائيلية، ولا معنى هنا لبيانات الأمم المتحدة والمنظّمات الحقوقية ولا اعتراضات الأوروبيين والعرب والآسيويين، فصوت الصواريخ والدبابات أقوى من البيانات. يرى نتنياهو نفسه مكلّفاً مهمة توراتية ربّانية للتمكين لشعبه المختار وضمان تربّعه على قلب الشرق الأوسط عبر إعادة رسم الحدود والخرائط بقوة الدم والنار، وما العيب في ذلك ما دامت الصهيونية التوراتية تحثّ على هذه المهمّة الجليلة وميزان القوى العسكري والسياسي يسمح بذلك! فضعف العرب وانشغالهم بقمعهم وحروبهم الداخلية، يجعل منهم لقمةً جاذبةً وسائغةً للأكل ومن دون مقدّمات، ولذلك لا يجد نتنياهو حرجاً في أن يردّد (بمناسبة وبغير مناسبة) أن "ما نفعله في غزّة يُسمع صداه في كلّ الشرق الأوسط"، وإياكِ أعني يا جارتي، أي هي رسائل مبطّنة وغير مبطّنة إلى كلّ عواصم المنطقة من القاهرة الى أنقرة وطهران، ومفادها أننا قادمون إليكم بخيلنا ورجالنا، وليس هناك ما يحول دون تحقيق أهدافنا، وما عليكم إلا الخضوع والإذعان. وفعلاً بقراءة موضوعية وبعقل استراتيجي بارد: ما الذي يمنع نتنياهو من الإقدام على مغامراته السياسية والعسكرية لتحقيق حلمه التوراتي وأوهامه وتخرّصاته، وأيّ من العواصم العربية تمتلك الإرادة والتصميم للوقوف في وجهه؟ ما يمنع نتنياهو من الإقدام على مغامراته السياسية والعسكرية لتحقيق حلمه التوراتي؟ المصيبة الكبرى أن قواعد اللعبة، أو بالأحرى تكتيكات اللعبة، تغيّرت بصورة شبه كاملة في المنطقة وربّما في العالم كله، والعرب يراوحون مكانهم، وما زالت ساعتهم السياسية معدّلة وفق "السلام العادل والشامل"، و"الأرض مقابل السلام"، ويراهنون على الوسيط "غير النزيه" و"غير العادل" لتحقيق العدل وتقريب وجهات النظر، هذا في وقتٍ انتقل فيه نتنياهو، وحلفاؤه من الصهاينة والإنجيليين، إلى السرعة القصوى، فغيّروا قاموسهم السياسي جملةًُ وتفصيلاً، وما عادوا في حاجة أصلاً إلى مسكّنات إسحاق رابين وشمعون بيريس وإيهود باراك حول حلّ الدولتين والسلام العادل أو غير العادل، وبات همّهم أكبر قدر ممكن ممّا تناله أيديهم وأسلحتهم من غنائم الأرض والثروات والأموال العربية، بدعم أميركي (مُعلَن وغير مُعلَن). فقاموس إسرائيل السياسي تغيّر جملةً وتفصيلاً، وهي منخرطة فعلياً في إعادة كتابة التاريخ والجغرافيا بالقوة النارية العارية، وما عادت في حاجة إلى بيع مقولات أو أوهام السلام والتعايش وحلّ الدولتَين، بينما بقي العرب يستخدمون المفاهيم والمصطلحات ذاتها، وكأنّهم من زمن غير هذا الزمن، ويتكلّمون لغةً بابليةً قديمةً أو هيلوغريفية لا يفهمها أحد، نتنياهو يقول لهم: الحرب ثمّ الحرب، وهم يجيبونه: السلام ثمّ السلام. يدرك نتنياهو جيّداً أن الأنظمة العربية أعجز من أن تقف في وجه مشروعه، ولا هي تمتلك الإرادة أصلاً، خاصّة أنه قد ألف سماع الحكام العرب (وأن يسمع منهم) في الغرف المغلقة وغير المغلقة أن إسرائيل هي حليف استراتيجي في مواجهة الخطر الإيراني المشترك أو مغامرات حركة حماس وتهديدات الإسلام السياسي، وقد جاهر بذلك في بداية الحرب، وطلب منهم (الحكّام العرب) أن يلزموا الصمت، لأنه بكلّ بساطة يخوض معركته ضدّ المتطرّفين نيابةً عنهم، وما زاد في غيبوبة العرب وهشاشتهم أكثر، صعود أيديولوجيا ليبرالية مشوّهة، ملخّصها أن القضية الفلسطينية صداع مزمن ينبغي التخلّص منه، والتفرّغ بدلاً من ذلك لبناء الشرق الأوسط الجديد، شرق المشاريع الكُبرى وتقنيات الابتكار والاستثمارات والصفقات. لم يسبق للعرب، بل لشعوب الشرق عامّةً، أن عاشوا هذه الحالة من العجز والهوان بحجم ما يعيشونه اليوم. مرّت المنطقة بأهوال واجتياحات وغزوات، لكنّها لم تفقد توازنها أو تستباح إلى هذا الحدّ. كانت في الغالب تتشكّل نواة صلبة من قلب المنطقة أو حتى من أطرافها في أجواء التفتت والصراع لاستعادة قدر من الوحدة والمنعة، ومن ثمّ ردّ العدوان وحماية الثغور، أمّا اليوم فلا شيء غير مشهد الصراع والتفتّت وغياب البوصلة. تستمرّ حرب الإبادة الجماعية المفتوحة في غزّة منذ نحو سنتَين مع ما رافقها من تقتيل وتجويع وتعطيش وتخريب للعمران ولكلّ مقوّمات الحياة، ومع ذلك وقف النظام الرسمي العربي مشلولاً وعاجزاً ولم يتجرّأ حتى على إدخال قنّينة ماء واحدة. تذبل أجسام أطفال غزّة ونسائها وعجائزها ويتضوّر الجميع جوعاً وعطشاً، ويكتفي عرب الجوار بتقديم أعذار لعدم دخول المساعدات، هي أقبح من ذنب. يرى نتنياهو نفسه بصدد استكمال مشروع الحركة الصهيونية، بل بمثابة جابوتنسكي جديد انعقدت قمم عربية وإسلامية، وصدرت بيانات وقرارات حول رفع الحصار، ولكنّها كانت بمثابة رفع العتب والملامة عن الرؤساء والملوك الكرام، وبقيت حبراً على ورق. بل أكثر من ذلك، فإنّ معدّلات التبادل التجاري وعقود الطاقة ماضية في طريقها التصاعدي، والعلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال صامدة ولم يتغيّر منها شيء. مصر وقّعت صفقة غاز بقيمة 35 مليار دولار مع دولة الاحتلال، وبزيادة في الأسعار لا تقلّ عن 40%، إذا احتسبنا زيادات الشهر الماضي، ثمّ ترفيع الأسعار مع توقيع العقد، وقد تباهى نتنياهو بما اعتبره "صفقة القرن"، وقس على ذلك المبادلات والعقود مع دول عربية أخرى في المشرق والمغرب. وإذا كان العرب غير قادرين حتى على مجرّد إدخال المساعدات الغذائية والطبّية إلى شعب عربي محاصر ومجوّع، فماذا هم فاعلون إذا تحرّكت الدبّابات فوق أراضيهم وحلّقت الطائرات فوق رؤوسهم؟ تتفاوت تفسيرات الدراما العربية الراهنة، وما إذا كان ذلك منتج عجز حقيقي أو تواطؤ متعمّد أم خليط بين هذا وذاك. ولكن تتعدّد الأسباب والنتيجة واحدة: العجز والوهن. والآن، يواجه العرب الحقيقة الكاشفة والعارية: لا يريد نتنياهو قضم غزّة فحسب، ولا ضمّ ما يسمّيها "يهودا والسامرة" فقط، بل هو منخرط في مهمّة تاريخية وروحية لتنفيذ مشروع "إسرائيل الكبرى"، من النيل إلى الفرات، فقد بات الحريق يقترب من خيام العرب أكثر فأكثر، وما عاد يقتصر على خيام الفلسطينيين المحروقة أصلاً.

العربي الجديد
منذ 18 ساعات
- العربي الجديد
اعتقالات خلال إضراب للضغط على الحكومة الإسرائيلية لإبرام اتفاق تبادل أسرى مع حماس
بدأت صباح الأحد فعاليات الإضراب الذي دعت إليه عائلات الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، للضغط على الحكومة الإسرائيلية لإبرام صفقة تبادل مع حركة حماس تؤدي للإفراج عنهم. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إنّ أولى فعاليات الإضراب الشامل بدأت بإغلاق مئات النساء القسم الشمالي من شارع أيالون الحيوي وسط مدينة تل أبيب، فيما تعرّض متظاهرون للاعتقال. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "لن نجعل الحكومة تضحي بالمختطفين (الأسرى)". وانضم عدد من الشركات الخاصة والبلديات والمنظمات في أنحاء دول الاحتلال إلى الإضراب، ومن المتوقع أن تنضم جهات أخرى في وقت لاحق اليوم، وفق الهيئة. ودعا المتظاهرون الحكومة الإسرائيلية إلى إنهاء الحرب في غزة على الفور والتوسط في اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين والتراجع عن قرارها الأخير بتوسيع عملياتها العسكرية في مدينة غزة. بدورها، قالت وكالة أسوشييتد برس إن المتظاهرين أغلقوا الطرق في مختلف أنحاء إسرائيل، بما في ذلك طريق سريع رئيسي في تل أبيب، ملوحين بالأعلام الإسرائيلية الزرقاء والبيضاء وأعلام صفراء ترمز إلى التضامن مع الأسرى. واعتُقل 38 متظاهراً إسرائيلياً، وفقاً لبيان لشرطة الاحتلال، أكّدت فيه أنه "في الأماكن التي تتحول فيها التظاهرات إلى أعمال شغب، سيُعتقل المحتجون". انقسام إسرائيلي وإن كانت غالبية إسرائيلية تؤيد وقف الحرب مقابل استعادة الأسرى المحتجزين لدى حماس، وفقاً لاستطلاعات رأي مختلفة، إلا أن الانتقادات الشديدة الموجهة من جانب وزراء الائتلاف الحاكم إلى المتظاهرين لم تتوقف؛ إذ أدان نائب رئيس الكنيست، ورئيس لجنة المالية، حانوخ ميلفيتسكي، التظاهرات، معتبراً أنها "أعمال شغب داعمة لحماس"، كما كتب في حسابه على منصة إكس. ولفت ميلفيتسكي إلى أنه كما حدث الأمر في التاريخ، وهذه المرة أيضاً: "يهود، إسرائيليون يخربون البلاد في محاولة لمنع تدمير حماس. في تاريخنا كان هناك أشخاص مثل هؤلاء وقد تغلبنا عليهم. وهكذا سنفعل هذه المرة". أمّا وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، فادعى في حسابه على منصة إكس أن "الشعب الإسرائيلي استفاق صباح اليوم على حملة شريرة ومضرة تقوّي حماس، تدفن المختطفين في الأنفاق، وتحاول جر دولة إسرائيل إلى الاستسلام أمام أعدائها، وتعرض أمنها ومستقبلها للخطر". ووصف الإضراب بأنه "أقل من المتوقع، كما تطالب جهات سياسية ذات مصالح ضيقة". وأضاف: "كما يبدو إلى الآن، على الرغم من الحملة الإعلامية الصبيانية عديمة المسؤولية وسلسلة المسؤولين السياسيين ذوي المصالح، الحملة بعون الله ليست واسعة وتضم عدداً قليلاً من الأشخاص". وأضاف: "دولة إسرائيل لم تتوقف، ولم تُضرب (..) في العموم بضعة أشخاص اختاروا المس بروتين يوم مواطني إسرائيل، إذ يقومون في الأثناء بإغلاق الشوارع أمامهم وهم في طريقهم لأعمالهم". ورد متظاهرون في القدس على أقوال سموتريتش، معلنين خلال التظاهرة: "نقول للكذّاب سموتريتش أن ثمة مئات الآلاف من المشاركين في الإضراب ويتوزعون على أكثر من 300 نقطة في أرجاء البلاد. وأن أكثر من مئة بلدية انضمت للمشاركة. على دولة إسرائيل إنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع المختطفين"، وفقاً لتصريحات نقلتها صحيفة "يسرائيل هيوم". أمّا وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، فهاجم هو الآخر المتظاهرين، مشيراً إلى أن "التظاهرة اليوم قد اُنتجت في كابلان (ساحة كابلان في تل أبيب حيث انطلقت منذ عام 2023 احتجاجات ضد الانقلاب القضائي الذي قادته حكومة نتنياهو، وقبلها ضد الأخير بسبب قضايا الفساد التي تورط فيها)، وهي استمرار للإضرابات وتشجيع الرفض قبل 7 أكتوبر"، واصفاً المتظاهرين بأنهم "الاشخاص أنفسهم الذين أضعفوا حينها إسرائيل، ويحاولون فعل ذلك الآن". واعتبر أن الإضراب "يقوّي حماس ويبعد إعادة المختطفين. وكما هو واضح، سيتهمون عقب ذلك دولة إسرائيل (بإفشال المفاوضات)، وهكذا تبدو جولة سياسية وقحة على أظهر المختطفين". تقارير عربية التحديثات الحية حرب الإبادة على غزة | إضراب في إسرائيل وتحضير لتهجير سكان مدينة غزة من جهتها، اعتبرت وزيرة المواصلات، ميري ريغيف، أن "الانتصار في الحرب يكون في الوحدة. هذا الصباح رأينا مجدداً القلة التي قررت الانقسام، وتحويل التضامن مع المختطفين الأعزاء إلى حملة سياسية. إنهم يحرقون الشوارع ويمسون بالبنى التحتية. وبدلاً من تقوية شعب إسرائيل والمختطفين يقوّون ويعززون حماس". من جهته، ردّ "مقر عائلات المختطفين"، ويقصد بهم الأسرى والمحتجزون في غزة، على إدانات الوزراء، مشيراً في بيان له إلى أنه "ندعو وزراء الليكود وأعضاء الكنيست للتوقف عن الإساءة والتشهير والمس بعائلات المختطفين، وبالمختطفين أنفسهم، وبالغالبية العظمى من شعب إسرائيل"، داعياً الأعضاء والوزراء إلى الانضمام للإضراب من أجل "إظهار التضامن غير المسبوق الممتد من دان (مركز إسرائيل) حتّى إيلات (جنوباً)، وأن يكونوا شركاء في الفعل الصهيوني الوطني الأكثر أهمية على الإطلاق، وهو استعادة الأسرى فوراً". وأضاف المقر: "بإمكانكم مواصلة الاختباء خلف المراوغة والحسابات السياسية، ولكنكم لن تتمكنوا من التنصل من المسؤولية. هذا اليوم سيؤرخ في الذاكرة القومية الإسرائيلية، من اختار الوقوف مع العائلات ومن أدار ظهره لها. انتهت الأعذار". أخبار التحديثات الحية احتجاج أمام منزل مدير مؤسسة غزة الإنسانية في فيرجينيا: مجرم حرب من جهته، قال رئيس المعارضة الصهيونية، يئير لبيد، في صفحته على منصة "إكس"، إن "الاتهامات الجديدة النكراء من جانب الوزراء للمضربين والمحتجين من أجل المختطفين هي أنهم يدعمون حماس.. ألا تخجلون؟ لم يكن ثمة أحد قوّى حماس وعززها أكثر منكم. لقد مررتم لها ملايين الدولارات بالحقائب، وعززتموها على مدى سنوات. وقع المختطفون في أسرها خلال ولايتكم. الأمر الوحيد الذي سيضعف حماس حقاً هو إسقاط حكومة الحقد الفاشلة هذه. إن الأمر الوحيد الذي يقوي الدولة هو الروح الرائعة لأولئك الأشخاص الذين خرجوا اليوم من بيوتهم من أجل التضامن الإسرائيلي". إلى ذلك، دعا عضو الكنيست، بني غانتس، إلى تقوية العائلات، معتبراً أن "مهاجمة عائلات المختطفين، بينما أنت المسؤول عن أن أولادهم في أسر حماس منذ عامين، إنما يضعفنا ويقسّمنا. دعمنا هو ما يقوينا ويقويهم".


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
قتل أنس الشريف وزملائه: هل انتهى زمن الثقة العمياء بإسرائيل؟
في 10 أغسطس/آب الحالي، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ستة صحافيين، هم أنس الشريف ومحمد قريقع وإبراهيم ظاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة ومحمد الخالدي، باستهداف خيمتهم أمام مستشفى الشهداء في مدينة غزة، لينضموا إلى 232 صحافياً وعاملاً في المجال الإعلامي استشهدوا منذ بدء العدوان على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. أقر جيش الاحتلال بقتل مراسل "الجزيرة" أنس الشريف حصراً، ونشر ما زعم أنها "أدلة" على أنه "قيادي في حركة حماس تظاهر بصفة صحافي في شبكة الجزيرة"، واتهمه بأنه كان يقود "خلية تابعة للحركة ومسؤولاً عن تنسيق هجمات صاروخية ضد مدنيين إسرائيليين وقوات الجيش". لكن، كما أوضح مراسل الشرق الأوسط، ماثيو دوران، في موقع هيئة البث الأسترالية (إيه بي سي)، كان من الخطأ أن يتوقع الجيش الإسرائيلي أن تُستقبل هذه المزاعم من دون نقاش، ولا سيما أن استهداف الصحافيين يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي. تقرير دوران نشرته "إيه بي سي"، أكبر هيئة بث في أستراليا، التي لطالما وُصفت بالانحياز لإسرائيل. فقد تعرضت الهيئة لانتقادات حادة لإظهارها تحيزاً في تغطيتها للعدوان الإسرائيلي، كذلك طردت صحافية لنشرها تقريراً ينتقد إسرائيل، مع سياسات تمنع استخدام مصطلحات مثل "جرائم حرب"، و"إبادة جماعية"، و"تطهير عرقي"، "فصل عنصري"، أو "احتلال" لوصف جرائم إسرائيل في غزة والضفة الغربية المحتلة. وأشار التقرير إلى أن التشكيك في أي تصريحات إسرائيلية عما ترتكبه في غزة أصبح واسع الانتشار، حتى إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد مؤتمرات صحافية نادرة لمواجهة ما أسماه "حملة أكاذيب عالمية". وأضاف التقرير أن "عقلية 'ثقوا بنا' فقدت قوتها منذ زمن بعيد بعد 22 شهراً من الموت والدمار في غزة". يذكر أن إسرائيل تنكر غالبية الأخبار الواردة من غزة بزعم أنها "دعاية لحماس"، بينما تمنع وسائل الإعلام الأجنبية من الدخول إلا تحت إشراف جنود في مناطق محددة، بهدف إظهار أجزاء من القطاع تعزز روايتها للعالم. ولطالما وُجهت لإسرائيل اتهامات باستهداف الصحافيين الفلسطينيين، ما أدى إلى استشهاد 238 عاملاً في المجال الإعلامي. سلطات الاحتلال برّرت ذلك من خلال دعاية تتهمهم بالإرهاب، فيما لفتت صحيفة ذا غارديان البريطانية إلى أن المسؤولين الإسرائيليين قدّموا مراراً روايات مضللة ومتغيرة، وأكدت منظمة مراسلون بلا حدود أن الأدلة التي اعتمدت عليها إسرائيل لتبرير اغتيال أنس الشريف مليئة بالتناقضات. إعلام وحريات التحديثات الحية أنس الشريف وزملاؤه... مرايا الدم في غزة ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إذ كُلّفت وحدة خاصة في جيش الاحتلال الإسرائيلي تحديد الصحافيين الذين يمكن تشويه سمعتهم واتّهامهم بأنهم مقاتلون؛ لاستهدافهم والتقليل من حدّة الغضب الدولي إزاء قتل العاملين في مجال الإعلام في قطاع غزة، وفقاً لما كشفته مجلة 972+ الإلكترونية ومنصة لوكال كول الإخبارية. وأفاد التقرير، المنشور الخميس الماضي، بأن "خلية إضفاء الشرعية" (legitimisation cell) أُنشئت بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذها المقاومون الفلسطينيون في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لجمع معلومات يمكنها تعزيز صورة إسرائيل ودعم المساندة الدبلوماسية والعسكرية من الحلفاء الرئيسيين، وذلك استناداً إلى ثلاثة مصادر استخبارية. وبحسب التقرير، ففي حالة واحدة على الأقل، شوّهت الوحدة المعلومات عمداً لوصف صحافي زوراً بأنه مقاتل، وهي صفة تعني فعلياً في غزة حكماً بالإعدام. وقالت مصادر استخبارية لـ"972+" إن "خلية إضفاء الشرعية" عملت على تقويض عمل الصحافيين الفلسطينيين، وكذلك مكانتهم المحمية بموجب القانون الدولي. ونُقل عن أحد المصادر قوله إن الضباط كانوا متحمسين لإيجاد عامل في الإعلام يمكن ربطه بـ"حماس"، لاقتناعهم بأن الصحافيين في غزة "يشوّهون سمعة إسرائيل أمام العالم". وأضاف المصدر أنه في حالة واحدة على الأقل شوّهت الوحدة الأدلة لاتهام مراسل زوراً بأنه مقاتل متخفٍّ، على الرغم من أن هذه الصفة أُزيلت قبل إصدار أمر بالاغتيال، وقال أحد المصادر: "كانوا متحمّسين لوضعه على قائمة الأهداف، واعتباره إرهابياً، ليقولوا إن مهاجمته مبرّرة. قالوا: في النهار هو صحافي، وفي الليل قائد فصيل. كان الجميع متحمّساً، لكن حدثت سلسلة من الأخطاء وتجاوزات للإجراءات"، وأضاف المصدر نفسه: "في النهاية، أدركوا أنه كان بالفعل صحافياً، فحذف اسمه من قائمة الأهداف".