logo
تحقيق 'البلاد': التأمين الصحي لا يصمد أمام الأمراض الخطيرة

تحقيق 'البلاد': التأمين الصحي لا يصمد أمام الأمراض الخطيرة

للمتضرر التقدم بشكوى لدى الإدارة المعنية بمصرف البحرين المركزي
محليا.. لا توجد شركة تأمين تغطي جراحات السمنة أو إبر التخسيس
الامتناع عن تغطية الأمراض الخطيرة ليس مسألة مالية بل قضية أخلاقية
شركة تأمين أبلغت الصيدليات برفع نسبة التحمل على أدوية الأمراض المزمنة إلى 30 %
توثيق حالة امتنعت فيها شركة عن تغطية أدوية أمراض الأطفال الموسمية
تتخذ العديد من الدول المتقدمة إجراءات صارمة لحماية حقوق المرضى ومحاسبة شركات التأمين التي تخل بالتزاماتها، بيد أن بعض الدول الخليجية تواجه تحديات في ضبط ممارسات هذه الشركات وضمان شمولية التغطية الصحية، خصوصا فيما يتعلق بالأمراض الخطيرة.
في الولايات المتحدة، تفرض القوانين عدم التمييز ضد المرضى بناءً على حالتهم الصحية السابقة، وتُلزم الشركات بتغطية العلاجات المكلفة مثل السرطان وأمراض القلب من دون استثناء. أما في أوروبا، فإن نظام التأمين الصحي الاجتماعي يفرض رقابة صارمة ويوفر تغطية شبه شاملة لجميع المواطنين، بما في ذلك العلاجات المزمنة والجراحات المعقدة. وفي المقابل، تُظهر تقارير منشورة رصدتها 'البلاد' أن العديد من شركات التأمين في الخليج تفرض قيودًا على التغطية أو تتحايل على شروط الوثائق، ما يؤدي إلى حرمان كثير من المرضى من حقوقهم العلاجية.
المعاناة
يعاني كثير من الأسر والأفراد في دول الخليج من سياسات بعض شركات التأمين الصحي، التي ترفض تغطية علاجات الأمراض الخطيرة على الرغم من الحاجة الماسة لها.
وتم توثيق حالات عديدة امتنعت فيها الشركات عن تحمل تكاليف علاج السرطان بمختلف أنواعه، وبعض الأمراض الفيروسية، فضلاً عن العديد من العمليات الجراحية الكبرى، بحسب أحد المصادر الاقتصادية.
هذا الرفض لا يقتصر على حالات نادرة، بل أصبح ظاهرة يواجهها المرضى في أكثر اللحظات حرجا وحاجة للعلاج.
وفي تقرير لمنصة 'أرقام' السعودية، اشتكى مرضى في الإمارات والسعودية من اضطرارهم لدفع ثمن أدويتهم المنقذة للحياة من مالهم الخاص؛ بسبب تهرب شركات التأمين من التزاماتها بحجة أن العلاج خارج الوثيقة أو أنه غير مدرج ضمن المنافع.
وفي البحرين، أشار الكاتب الاقتصادي أسامة مهران لممارسات مشابهة أثارت استياء المستهلكين، خصوصًا عند رفض تغطية بعض الإجراءات الطبية الضرورية دون تبرير واضح.
وقال مهران في سياق مقاله: 'كثيرة هي الأمراض التي تحتاج إلى تغطيات تأمينية، لكن بعض شركات التأمين لا تقبل بها، والخطر في السكوت على هذا الأمر؛ لأنه قد يعرّض صاحب الوثيقة للموت، لا سمح الله، مثل السرطانات بأنواعها، وبعض الأمراض الفيروسية - إن لم يكن جميعها - والعديد من العمليات الجراحية، إن لم تكن كلها'.
وأضاف: 'شركة التأمين لا يمكن أن تتحول إلى مغسلة موتى، ولا أن تضمن الجنة، ولا يجوز أن تُسلّع حالة المريض المصاب بمرض خطير للحصول على أكبر عائد ممكن، وإلا فإن طلب شركة التأمين يُرفض، ولا يستطيع أحد مناقشة الشركة، مهما كان المتضرر أو صاحب الخدمة'.
وتابع: 'إحدى الشركات أرسلت إلى الصيدليات رسائل تفيد بإضافة نسبة 10 % على تكلفة الدواء المصروف للمصابين بأمراض مزمنة، بعدما كان المعدل السابق 20 %. هذه النسب كلها تعود إلى طبيعة الوثيقة... هذا صحيح، ولكن الزيادة تتفاوت من صيدلية لأخرى، ومن دواء لآخر، ومن حالة إلى حالة'.
شكوى
وقالت سميرة محمد إن الغطاء التأميني العائلي لها ولأسرتها تم رفعه من قبل شركة التأمين هذا العام، من دون أي اخطار مسبق، لافتة إلى أن هذا الرفع في الرسوم لم يواكبه أي تحسين في مزايا البوليصة.
وأشارت إلى أن الغطاء التأميني الجديد لم يشمل العديد من الأدوية التي يحتاجها الشخص بشكل اعتيادي، لاسيما أدوية الأطفال المرتبطة بالأمراض الموسمية، متسائلة عن الأسباب وراء ذلك، خصوصا في ظل الأرباح المالية المرتفعة التي تحققها شركات التأمين.
مخاطر
إلى ذلك، إن امتناع شركات التأمين عن تغطية الأمراض الخطيرة ليس مسألة مالية فحسب، بل قضية أخلاقية وإنسانية في المقام الأول، فعليه وعندما يُحرم مريض سرطان أو قلب أو غيرها من الأمراض الحرجة من العلاج اللازم بسبب قرار تجاري، فإن حياته قد تكون فعليًا على المحك.
هذه السياسات لا تهدد حياة الأفراد فحسب، بل تنال من المنظومة القيمية للمجتمع. وعندما يصبح الحصول على علاج السرطان مثلاً امتيازًا لمن يستطيع الدفع فقط، نكون أمام خلل في مبدأ التكافل الاجتماعي.
وفي السعودية، دعا مجلس الضمان الصحي المرضى إلى عدم التردد في تقديم شكاوى رسمية ضد شركاتهم في حال رفض التغطية من دون مسوغ.
وفي دبي، أكدت هيئة الصحة تطبيق عقوبات تصل إلى نصف مليون درهم (قرابة 51 ألفا و100 دينار بحريني) ضد الشركات التي تتكرر مخالفتها، إضافة إلى إلغاء تراخيصها مؤقتًا.
سياسات
وفي دول الخليج، تختلف أنظمة التأمين الصحي لكن القاسم المشترك هو الدور المتنامي للشركات الخاصة. وفي السعودية والإمارات التأمين الصحي إلزامي على المقيمين، وتحدد الجهات الرقابية حدًا أدنى للمنافع.
أما في البحرين، فقد صدر قانون الضمان الصحي رقم (23) لسنة 2018، وألزم أصحاب العمل بالتأمين على الموظفين الأجانب وأفراد أسرهم.
ويهدف النظام الجديد في البحرين إلى تخفيف العبء عن الدولة، وفقًا لتصريحات مسؤولين في وزارة الصحة.
ولقد أبدت الجمعيات الأهلية قلقها من احتمال استثناء بعض العلاجات المكلفة من الوثائق الجديدة، مثل أدوية السرطان أو التصلب المتعدد. وتأكيدًا لذلك، طالبت جمعية البحرين لمكافحة السرطان بمرئيات قدمتها لمجلس النواب بضمان إدراج جميع أنواع العلاج ضمن التغطية التأمينية، كما شددت جمعية مرضى التصلب المتعدد على ضرورة توفير أدويتهم ضمن حزمة المنافع الأساسية.
مقارنة
في الولايات المتحدة، يمنع قانون الرعاية الميسرة شركات التأمين من رفض التغطية بسبب الحالة المرضية السابقة، ما يضمن تغطية الأمراض الخطيرة مثل السرطان، أما في المملكة المتحدة، فيوفر نظام الصحة الوطني تغطية كاملة للعلاج من دون تمييز.
وفي دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا، فإن صناديق التأمين ملزمة بتغطية العلاجات المزمنة والمكلفة بنسبة كبيرة.
وفي قطر، تم البدء حديثا في تطبيق نظام تأمين صحي إلزامي يشمل المقيمين، مع تغطية أساسية للعلاجات الحادة.
أما في الأردن، فيُدار صندوق خاص لعلاج مرضى السرطان يشمل حتى المواطنين غير المشمولين بالتأمين العام.
دعوات
وفي البحرين، دعا الاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين إلى إلزام أصحاب العمل بتوفير رعاية صحية شاملة للموظفين، خصوصا بعد تطبيق قانون التأمين الجديد.
كما طالبت أصوات نيابية بضرورة إشراك الجمعيات الصحية المتخصصة في مراجعة بنود وثائق التأمين.
ويخلص التحقيق إلى ضرورة مراجعة شاملة لنصوص الوثائق التأمينية، خصوصا للموظفين في المهن الحساسة أو الذين يحتاجون لرعاية طبية دورية.
إن وجود وثيقة تأمين لا يجب أن يكون مجرد إجراء شكلي، بل تعهد حقيقي بحماية حياة الإنسان في لحظات ضعفه، بعيدًا عن منطق الربح والخسارة.
من المسؤول؟
من جهته، قال رئيس جمعية الأطباء البحرينية د. عامر الدرازي لصحيفة 'البلاد': إن التأمين الطبي ينقسم إلى نوعين: التأمين الخاص، وهو المتعارف عليه عادة، والآخر هو التأمين الحكومي، مبينًا أن التأمين يخضع كاتفاقية تجارية بين الجهة المؤمِّنة والمؤمَّن عليه.
وأشار إلى أن وثيقة 'بوليصة' التأمين، والتي تتكون من صفحات عديدة، لا يقرأها كثيرون قبل التوقيع، ولا يتعمقون في تفاصيلها، وعليه فإن أي إجراءات قانونية تتخذها الشركة، أو أي تغيير أو إضافة في الشروط، تكون مدونة ومثبتة مسبقًا، وتحظى بالحماية القانونية.
وأكد أن أي إجراءات مستقبلية يجب أن تكون أيضًا مدونة في الوثيقة.
وفيما يتعلق بالأمور الصحية، أوضح أن المرجعية تكون لوزارة الصحة والمجلس الأعلى للصحة، باستثناء وثائق التأمين الصحي، التي تخضع فيها شركات التأمين لمصرف البحرين المركزي، 'وهنا يكمن مربط الفرس'، بحسب تعبيره.
وقال: 'أنا جراح سمنة، ولقد اكتشفت من خلال ممارستي للمهنة، أنه لا توجد شركة تأمين في البحرين تغطي جراحات السمنة أو إبر التخسيس، بخلاف ما هو معمول به في دول الخليج. علمًا بأن بعض الشركات هنا، والتي لا تغطي ذلك، لديها فروع في دول الخليج، حيث تُلزمها الأنظمة الصحية هناك بتغطية هذا النوع من العمليات، بل وحتى تغطية تكلفة إبر التخسيس، فكيف يمكن تفسير هذا التناقض؟'.
وأضاف: 'لابد من وجود تشريع قانوني واضح المعالم ينظم هذا الأمر، ويحدد الجهة المسؤولة عن تنظيم عمل شركات التأمين الصحي، إذ لا يوجد حاليًا طرف واضح للتعامل معه في هذا الشأن، وكذلك من الضروري تحديث القوانين المنظمة الخاصة بالتأمين الصحي'.
قوانين
إلى ذلك، قال المحامي إسلام غنيم إن من المهم الإشارة إلى أن شركات التأمين ملزمة، في جميع أعمالها بما في ذلك تسعير وثائق التأمين وتعديلها، بأحكام القانون رقم (64) لسنة 2006 بشأن مصرف البحرين المركزي والمؤسسات المالية، واللوائح والتوجيهات التنظيمية الصادرة عن المصرف، والتي تشترط الحصول على الموافقة المسبقة من المصرف عند إدخال أي تعديل على أسعار الاشتراكات التأمينية.
وأضاف: 'لا يجوز لشركات التأمين القيام برفع أسعار اشتراكات التأمين من تلقاء نفسها من دون الرجوع إلى مصرف البحرين المركزي، إذ إن أي تعديل في الاشتراكات أو في نسب التحمل يجب أن يُعرض على المصرف للحصول على الموافقة المسبقة؛ وذلك لضمان عدم الإضرار بالمستهلكين. ويُعتبر مصرف البحرين المركزي هو الجهة المختصة بإقرار أو رفض تلك الزيادات، بناءً على المعايير التي يعتمدها'.
وأشار إلى أن سلطة المصرف الرقابية تشمل أيضًا التدخل في تسعير الوثائق حين يقتضي الأمر ذلك لحماية الحقوق التأمينية، إذا ما تبين وجود مخالفة أو استغلال من قبل شركات التأمين، وذلك عملاً بنص المادة (77) من ذات القانون، والتي نصت على أنه: (يجوز للمصرف المركزي أن يطلب من شركة التأمين، في أي وقت، إجراء أية تعديلات على وثيقة التأمين تكون ضرورية لحماية مصالح حاملي وثائق التأمين، وذلك إذا حدث ما من شأنه الإضرار بمصالح حاملي وثائق التأمين).
وتابع: 'يحق لأي شخص أو جهة متضررة من زيادة سعر التأمين، أو من أي استغلال في هذا الشأن، التقدُّم بشكوى لدى الإدارة المعنية بمصرف البحرين المركزي، والتي تملك حق الرقابة والتعديل على وثائق التأمين، إذا لزم الأمر، حمايةً لحقوق المستهلكين المتعاملين مع شركات التأمين'.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دراسة: المشي اليومي يخفض خطر الإصابة بـ13 نوعا من السرطان
دراسة: المشي اليومي يخفض خطر الإصابة بـ13 نوعا من السرطان

البلاد البحرينية

time١٦-٠٥-٢٠٢٥

  • البلاد البحرينية

دراسة: المشي اليومي يخفض خطر الإصابة بـ13 نوعا من السرطان

كشفت دراسة جديدة قامت بها مجموعة من العلماء، أن المشي اليومي مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بـ13 نوعًا من السرطان. وفقًا للدراسة التي شملت أكثر من 85,000 شخص في المملكة المتحدة، فإنه كلما زادت الخطوات التي يخطوها الإنسان يوميًا، تنخفض فرص الإصابة بما يصل إلى 13 نوعًا مختلفًا من السرطان. في الدراسة، ارتدى المشاركون أجهزة تتبع النشاط التي تقيس مقدار وكثافة حركتهم اليومية. في المتوسط، تابع الباحثون المشاركين بعد ست سنوات. ووجدوا نمطًا واضحًا: كلما زادت الخطوات، انخفضت مخاطر الإصابة بالسرطان، بغض النظر عن سرعة تلك الخطوات. وبدأت الفوائد بالظهور عند نحو 5000 خطوة يوميًا، وأي خطوة أقل من ذلك لم تقدم حماية كبيرة. وعند 7000 خطوة، انخفض خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 11%. وعند 9000 خطوة، انخفض بنسبة 16%. أما عند تجاوز 9000 خطوة، فقد استقرت الفوائد. وأصبح الفرق في تقليل المخاطر هامشيًا، وتفاوت بشكل طفيف بين الرجال والنساء. وتدعم هذه النتائج التوصية الشائعة بالسعي إلى 10000 خطوة يوميًا، ليس فقط للصحة العامة، بل للوقاية من السرطان أيضًا. كما تم تحليل شدة الخطوات، أي سرعة المشي لدى المشاركين. ووجد الباحثون أن المشي السريع مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسرطان. ومع ذلك، عند أخذ إجمالي النشاط البدني في الاعتبار، لم تعد سرعة المشي تحدث فرقًا ذا دلالة إحصائية. بمعنى آخر: إن إجمالي مدة المشي هو المهم، وليس سرعته. ودرس الباحثون 13 نوعًا محددًا من السرطان، بما في ذلك سرطان المريء، والكبد، والرئة، والكلى، والمعدة، وبطانة الرحم، وسرطان الدم النخاعي، والورم النقوي، والقولون، والرأس والرقبة، والمستقيم، والمثانة، والثدي. وخلال فترة المتابعة التي استمرت ست سنوات، أصيب نحو 3% من المشاركين بأحد هذه السرطانات. وكانت أكثرها شيوعًا سرطان القولون والمستقيم والرئة لدى الرجال، وسرطان الثدي والقولون وبطانة الرحم والرئة لدى النساء. ووجد أن ارتفاع مستويات النشاط البدني يرتبط ارتباطًا وثيقًا بانخفاض خطر الإصابة بستة أنواع من السرطان: المعدة، والمثانة، والكبد، وبطانة الرحم، والرئة، والرأس والرقبة.

دراسة: المشي اليومي يخفض خطر الإصابة بـ 13 نوعا من السرطان
دراسة: المشي اليومي يخفض خطر الإصابة بـ 13 نوعا من السرطان

البلاد البحرينية

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • البلاد البحرينية

دراسة: المشي اليومي يخفض خطر الإصابة بـ 13 نوعا من السرطان

المشي.. مهما كان نوعه، البطيء أو المعتدل أو السريع.. المتقطع أو المتواصل، علاج بسيط لا يكلف شيئا يمكنه أن يقي من الإصابة بـ13 نوعا من السرطان، بحسب دراسة علمية واسعة النطاق قامت بها جامعة أكسفورد البريطانية، وشملت أكثر من 85 ألف شخص. لذلك عزيزي القارئ، دع عنك الخمول والجلوس المفرط.. وتحرك فورا واحصل على الحماية الحقيقية من العديد من الأمراض الخطيرة. ووفقا للدراسة، كلما زادت الخطوات التي يخطونها يوميا، انخفضت فرص الإصابة بما يصل إلى 13 نوعا مُختلفا من السرطان. في الدراسة، ارتدى المشاركون أجهزة تتبع النشاط التي تقيس مقدار وكثافة حركتهم اليومية. في المتوسط، تابع الباحثون المشاركين بعد 6 سنوات، ووجدوا نمطا واضحا: كلما زادت الخطوات، انخفضت مخاطر الإصابة بالسرطان، بصرف النظر عن سرعة تلك الخطوات. بدأت الفوائد بالظهور عند حوالي 5000 خطوة يوميا - أي خطوة أقل من ذلك لم تُقدم حماية كبيرة. عند 7000 خطوة، انخفض خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 11%. عند 9000 خطوة، انخفض بنسبة 16%. أكثر من 9000 خطوة، استقرت الفوائد، وأصبح الفرق في تقليل المخاطر هامشيا، وتفاوت بشكل طفيف بين الرجال والنساء. تدعم هذه النتائج التوصية الشائعة بالسعي إلى 10,000 خطوة يوميا - ليس فقط للصحة العامة، بل للوقاية من السرطان أيضا. كما ثبتت هذه الارتباطات عند تعديل النتائج وفقا للعوامل الديموغرافية ومؤشر كتلة الجسم وعوامل نمط الحياة الأخرى، مثل التدخين، مما يشير إلى أن التغيرات الملحوظة في خطر الإصابة بالسرطان تعود في الواقع إلى متوسط عدد الخطوات اليومية التي يخطوها المشارك. كما تم تحليل شدة الخطوات - أي سرعة المشي لدى المشاركين. ووجد الباحثون أن المشي السريع مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسرطان. ومع ذلك، عند أخذ إجمالي النشاط البدني في الاعتبار، لم تعد سرعة المشي تُحدث فرقا ذا دلالة إحصائية. بمعنى آخر: إن إجمالي مدة المشي هو المهم، وليس سرعته. وبالمثل، فإن استبدال وقت الجلوس بنشاط خفيف أو متوسط يقلل من خطر الإصابة بالسرطان، ولكن استبدال النشاط الخفيف بالنشاط المعتدل لم يقدم فوائد إضافية. لذا يبدو أن مجرد الحركة أكثر، بأي سرعة، هو الأهم. درس الباحثون 13 نوعا محددا من السرطان، بما في ذلك سرطان المريء، والكبد، والرئة، والكلى، والمعدة، وبطانة الرحم، وسرطان الدم النخاعي، والورم النقوي، والقولون، والرأس والرقبة، والمستقيم، والمثانة، والثدي. خلال فترة المتابعة التي استمرت 6 سنوات، أصيب حوالي 3% من المشاركين بأحد هذه السرطانات. وكانت أكثرها شيوعا سرطان القولون والمستقيم والرئة لدى الرجال، وسرطان الثدي والقولون وبطانة الرحم والرئة لدى النساء. وكانت مستويات النشاط البدني الأعلى مرتبطة ارتباطا وثيقا بانخفاض خطر الإصابة بستة أنواع من السرطان: المعدة، والمثانة، والكبد، وبطانة الرحم، والرئة، والرأس والرقبة. تقسيم النشاط اعتمدت الدراسات السابقة على سجلات النشاط الذاتي، التي قد تكون غير موثوقة، فكثيرا ما ينسى الناس أو يخطئون في تقدير مستويات نشاطهم. استخدمت هذه الدراسة أجهزة قابلة للارتداء، مما يوفر صورة أدق عن مقدار وكثافة حركة الأشخاص. تتميز الدراسة أيضا بأنها لم تركز فقط على التمارين الرياضية الشاقة، فقد أظهرت العديد من الدراسات السابقة أن التمارين الشاقة يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالسرطان، ولكن ليس كل شخص قادرا (أو راغبا) في ممارسة التمارين الرياضية المكثفة. يُظهر هذا البحث الجديد أن حتى النشاط الخفيف مثل المشي يمكن أن يُحدث فرقا، مما يجعل الوقاية من السرطان في متناول المزيد من الناس. المشي لمسافة ميلين فقط يوميا، حوالي 4000 خطوة، أو حوالي 40 دقيقة من المشي الخفيف، يمكن أن يُحدث تأثيرا كبيرا على صحتك على المدى الطويل. ليس عليك القيام بكل ذلك دفعة واحدة. قسّم نشاطك على مدار اليوم من خلال: استخدام الدرج بدلا من المصعد؛ التنزه في وقت الغداء؛ المشي أثناء المكالمات الهاتفية؛ ركن السيارة بعيدا قليلا عن وجهتك. قد يكون زيادة عدد الخطوات في الروتين اليومي، وخاصة في منتصف العمر، من أبسط الطرق لتقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. بالطبع، فإن العلاقة بين النشاط البدني والسرطان معقدة. هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث طويلة الأمد، وخاصة تلك التي تركز على أنواع السرطان المختلفة، لفهم أفضل لفائدة المشي، وكيف يمكننا جعل الحركة جزءا أساسيا من استراتيجيات الوقاية من السرطان.

تحقيق 'البلاد': التأمين الصحي لا يصمد أمام الأمراض الخطيرة
تحقيق 'البلاد': التأمين الصحي لا يصمد أمام الأمراض الخطيرة

البلاد البحرينية

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • البلاد البحرينية

تحقيق 'البلاد': التأمين الصحي لا يصمد أمام الأمراض الخطيرة

للمتضرر التقدم بشكوى لدى الإدارة المعنية بمصرف البحرين المركزي محليا.. لا توجد شركة تأمين تغطي جراحات السمنة أو إبر التخسيس الامتناع عن تغطية الأمراض الخطيرة ليس مسألة مالية بل قضية أخلاقية شركة تأمين أبلغت الصيدليات برفع نسبة التحمل على أدوية الأمراض المزمنة إلى 30 % توثيق حالة امتنعت فيها شركة عن تغطية أدوية أمراض الأطفال الموسمية تتخذ العديد من الدول المتقدمة إجراءات صارمة لحماية حقوق المرضى ومحاسبة شركات التأمين التي تخل بالتزاماتها، بيد أن بعض الدول الخليجية تواجه تحديات في ضبط ممارسات هذه الشركات وضمان شمولية التغطية الصحية، خصوصا فيما يتعلق بالأمراض الخطيرة. في الولايات المتحدة، تفرض القوانين عدم التمييز ضد المرضى بناءً على حالتهم الصحية السابقة، وتُلزم الشركات بتغطية العلاجات المكلفة مثل السرطان وأمراض القلب من دون استثناء. أما في أوروبا، فإن نظام التأمين الصحي الاجتماعي يفرض رقابة صارمة ويوفر تغطية شبه شاملة لجميع المواطنين، بما في ذلك العلاجات المزمنة والجراحات المعقدة. وفي المقابل، تُظهر تقارير منشورة رصدتها 'البلاد' أن العديد من شركات التأمين في الخليج تفرض قيودًا على التغطية أو تتحايل على شروط الوثائق، ما يؤدي إلى حرمان كثير من المرضى من حقوقهم العلاجية. المعاناة يعاني كثير من الأسر والأفراد في دول الخليج من سياسات بعض شركات التأمين الصحي، التي ترفض تغطية علاجات الأمراض الخطيرة على الرغم من الحاجة الماسة لها. وتم توثيق حالات عديدة امتنعت فيها الشركات عن تحمل تكاليف علاج السرطان بمختلف أنواعه، وبعض الأمراض الفيروسية، فضلاً عن العديد من العمليات الجراحية الكبرى، بحسب أحد المصادر الاقتصادية. هذا الرفض لا يقتصر على حالات نادرة، بل أصبح ظاهرة يواجهها المرضى في أكثر اللحظات حرجا وحاجة للعلاج. وفي تقرير لمنصة 'أرقام' السعودية، اشتكى مرضى في الإمارات والسعودية من اضطرارهم لدفع ثمن أدويتهم المنقذة للحياة من مالهم الخاص؛ بسبب تهرب شركات التأمين من التزاماتها بحجة أن العلاج خارج الوثيقة أو أنه غير مدرج ضمن المنافع. وفي البحرين، أشار الكاتب الاقتصادي أسامة مهران لممارسات مشابهة أثارت استياء المستهلكين، خصوصًا عند رفض تغطية بعض الإجراءات الطبية الضرورية دون تبرير واضح. وقال مهران في سياق مقاله: 'كثيرة هي الأمراض التي تحتاج إلى تغطيات تأمينية، لكن بعض شركات التأمين لا تقبل بها، والخطر في السكوت على هذا الأمر؛ لأنه قد يعرّض صاحب الوثيقة للموت، لا سمح الله، مثل السرطانات بأنواعها، وبعض الأمراض الفيروسية - إن لم يكن جميعها - والعديد من العمليات الجراحية، إن لم تكن كلها'. وأضاف: 'شركة التأمين لا يمكن أن تتحول إلى مغسلة موتى، ولا أن تضمن الجنة، ولا يجوز أن تُسلّع حالة المريض المصاب بمرض خطير للحصول على أكبر عائد ممكن، وإلا فإن طلب شركة التأمين يُرفض، ولا يستطيع أحد مناقشة الشركة، مهما كان المتضرر أو صاحب الخدمة'. وتابع: 'إحدى الشركات أرسلت إلى الصيدليات رسائل تفيد بإضافة نسبة 10 % على تكلفة الدواء المصروف للمصابين بأمراض مزمنة، بعدما كان المعدل السابق 20 %. هذه النسب كلها تعود إلى طبيعة الوثيقة... هذا صحيح، ولكن الزيادة تتفاوت من صيدلية لأخرى، ومن دواء لآخر، ومن حالة إلى حالة'. شكوى وقالت سميرة محمد إن الغطاء التأميني العائلي لها ولأسرتها تم رفعه من قبل شركة التأمين هذا العام، من دون أي اخطار مسبق، لافتة إلى أن هذا الرفع في الرسوم لم يواكبه أي تحسين في مزايا البوليصة. وأشارت إلى أن الغطاء التأميني الجديد لم يشمل العديد من الأدوية التي يحتاجها الشخص بشكل اعتيادي، لاسيما أدوية الأطفال المرتبطة بالأمراض الموسمية، متسائلة عن الأسباب وراء ذلك، خصوصا في ظل الأرباح المالية المرتفعة التي تحققها شركات التأمين. مخاطر إلى ذلك، إن امتناع شركات التأمين عن تغطية الأمراض الخطيرة ليس مسألة مالية فحسب، بل قضية أخلاقية وإنسانية في المقام الأول، فعليه وعندما يُحرم مريض سرطان أو قلب أو غيرها من الأمراض الحرجة من العلاج اللازم بسبب قرار تجاري، فإن حياته قد تكون فعليًا على المحك. هذه السياسات لا تهدد حياة الأفراد فحسب، بل تنال من المنظومة القيمية للمجتمع. وعندما يصبح الحصول على علاج السرطان مثلاً امتيازًا لمن يستطيع الدفع فقط، نكون أمام خلل في مبدأ التكافل الاجتماعي. وفي السعودية، دعا مجلس الضمان الصحي المرضى إلى عدم التردد في تقديم شكاوى رسمية ضد شركاتهم في حال رفض التغطية من دون مسوغ. وفي دبي، أكدت هيئة الصحة تطبيق عقوبات تصل إلى نصف مليون درهم (قرابة 51 ألفا و100 دينار بحريني) ضد الشركات التي تتكرر مخالفتها، إضافة إلى إلغاء تراخيصها مؤقتًا. سياسات وفي دول الخليج، تختلف أنظمة التأمين الصحي لكن القاسم المشترك هو الدور المتنامي للشركات الخاصة. وفي السعودية والإمارات التأمين الصحي إلزامي على المقيمين، وتحدد الجهات الرقابية حدًا أدنى للمنافع. أما في البحرين، فقد صدر قانون الضمان الصحي رقم (23) لسنة 2018، وألزم أصحاب العمل بالتأمين على الموظفين الأجانب وأفراد أسرهم. ويهدف النظام الجديد في البحرين إلى تخفيف العبء عن الدولة، وفقًا لتصريحات مسؤولين في وزارة الصحة. ولقد أبدت الجمعيات الأهلية قلقها من احتمال استثناء بعض العلاجات المكلفة من الوثائق الجديدة، مثل أدوية السرطان أو التصلب المتعدد. وتأكيدًا لذلك، طالبت جمعية البحرين لمكافحة السرطان بمرئيات قدمتها لمجلس النواب بضمان إدراج جميع أنواع العلاج ضمن التغطية التأمينية، كما شددت جمعية مرضى التصلب المتعدد على ضرورة توفير أدويتهم ضمن حزمة المنافع الأساسية. مقارنة في الولايات المتحدة، يمنع قانون الرعاية الميسرة شركات التأمين من رفض التغطية بسبب الحالة المرضية السابقة، ما يضمن تغطية الأمراض الخطيرة مثل السرطان، أما في المملكة المتحدة، فيوفر نظام الصحة الوطني تغطية كاملة للعلاج من دون تمييز. وفي دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا، فإن صناديق التأمين ملزمة بتغطية العلاجات المزمنة والمكلفة بنسبة كبيرة. وفي قطر، تم البدء حديثا في تطبيق نظام تأمين صحي إلزامي يشمل المقيمين، مع تغطية أساسية للعلاجات الحادة. أما في الأردن، فيُدار صندوق خاص لعلاج مرضى السرطان يشمل حتى المواطنين غير المشمولين بالتأمين العام. دعوات وفي البحرين، دعا الاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين إلى إلزام أصحاب العمل بتوفير رعاية صحية شاملة للموظفين، خصوصا بعد تطبيق قانون التأمين الجديد. كما طالبت أصوات نيابية بضرورة إشراك الجمعيات الصحية المتخصصة في مراجعة بنود وثائق التأمين. ويخلص التحقيق إلى ضرورة مراجعة شاملة لنصوص الوثائق التأمينية، خصوصا للموظفين في المهن الحساسة أو الذين يحتاجون لرعاية طبية دورية. إن وجود وثيقة تأمين لا يجب أن يكون مجرد إجراء شكلي، بل تعهد حقيقي بحماية حياة الإنسان في لحظات ضعفه، بعيدًا عن منطق الربح والخسارة. من المسؤول؟ من جهته، قال رئيس جمعية الأطباء البحرينية د. عامر الدرازي لصحيفة 'البلاد': إن التأمين الطبي ينقسم إلى نوعين: التأمين الخاص، وهو المتعارف عليه عادة، والآخر هو التأمين الحكومي، مبينًا أن التأمين يخضع كاتفاقية تجارية بين الجهة المؤمِّنة والمؤمَّن عليه. وأشار إلى أن وثيقة 'بوليصة' التأمين، والتي تتكون من صفحات عديدة، لا يقرأها كثيرون قبل التوقيع، ولا يتعمقون في تفاصيلها، وعليه فإن أي إجراءات قانونية تتخذها الشركة، أو أي تغيير أو إضافة في الشروط، تكون مدونة ومثبتة مسبقًا، وتحظى بالحماية القانونية. وأكد أن أي إجراءات مستقبلية يجب أن تكون أيضًا مدونة في الوثيقة. وفيما يتعلق بالأمور الصحية، أوضح أن المرجعية تكون لوزارة الصحة والمجلس الأعلى للصحة، باستثناء وثائق التأمين الصحي، التي تخضع فيها شركات التأمين لمصرف البحرين المركزي، 'وهنا يكمن مربط الفرس'، بحسب تعبيره. وقال: 'أنا جراح سمنة، ولقد اكتشفت من خلال ممارستي للمهنة، أنه لا توجد شركة تأمين في البحرين تغطي جراحات السمنة أو إبر التخسيس، بخلاف ما هو معمول به في دول الخليج. علمًا بأن بعض الشركات هنا، والتي لا تغطي ذلك، لديها فروع في دول الخليج، حيث تُلزمها الأنظمة الصحية هناك بتغطية هذا النوع من العمليات، بل وحتى تغطية تكلفة إبر التخسيس، فكيف يمكن تفسير هذا التناقض؟'. وأضاف: 'لابد من وجود تشريع قانوني واضح المعالم ينظم هذا الأمر، ويحدد الجهة المسؤولة عن تنظيم عمل شركات التأمين الصحي، إذ لا يوجد حاليًا طرف واضح للتعامل معه في هذا الشأن، وكذلك من الضروري تحديث القوانين المنظمة الخاصة بالتأمين الصحي'. قوانين إلى ذلك، قال المحامي إسلام غنيم إن من المهم الإشارة إلى أن شركات التأمين ملزمة، في جميع أعمالها بما في ذلك تسعير وثائق التأمين وتعديلها، بأحكام القانون رقم (64) لسنة 2006 بشأن مصرف البحرين المركزي والمؤسسات المالية، واللوائح والتوجيهات التنظيمية الصادرة عن المصرف، والتي تشترط الحصول على الموافقة المسبقة من المصرف عند إدخال أي تعديل على أسعار الاشتراكات التأمينية. وأضاف: 'لا يجوز لشركات التأمين القيام برفع أسعار اشتراكات التأمين من تلقاء نفسها من دون الرجوع إلى مصرف البحرين المركزي، إذ إن أي تعديل في الاشتراكات أو في نسب التحمل يجب أن يُعرض على المصرف للحصول على الموافقة المسبقة؛ وذلك لضمان عدم الإضرار بالمستهلكين. ويُعتبر مصرف البحرين المركزي هو الجهة المختصة بإقرار أو رفض تلك الزيادات، بناءً على المعايير التي يعتمدها'. وأشار إلى أن سلطة المصرف الرقابية تشمل أيضًا التدخل في تسعير الوثائق حين يقتضي الأمر ذلك لحماية الحقوق التأمينية، إذا ما تبين وجود مخالفة أو استغلال من قبل شركات التأمين، وذلك عملاً بنص المادة (77) من ذات القانون، والتي نصت على أنه: (يجوز للمصرف المركزي أن يطلب من شركة التأمين، في أي وقت، إجراء أية تعديلات على وثيقة التأمين تكون ضرورية لحماية مصالح حاملي وثائق التأمين، وذلك إذا حدث ما من شأنه الإضرار بمصالح حاملي وثائق التأمين). وتابع: 'يحق لأي شخص أو جهة متضررة من زيادة سعر التأمين، أو من أي استغلال في هذا الشأن، التقدُّم بشكوى لدى الإدارة المعنية بمصرف البحرين المركزي، والتي تملك حق الرقابة والتعديل على وثائق التأمين، إذا لزم الأمر، حمايةً لحقوق المستهلكين المتعاملين مع شركات التأمين'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store