logo
حفصة الإدريسي: صدق يضيء بين باريس وجنيف

حفصة الإدريسي: صدق يضيء بين باريس وجنيف

المغربية المستقلة إبراهيم بن مدان
في زمن يتسابق فيه الكثيرون نحو الأضواء، تختار حفصة الإدريسي أن تسير عكس التيار: بصدق لا يعلو صوته، لكنه يُسمع. بين خشبة المسرح وعدسة الكاميرا، بين باريس النابضة بالحياة وجنيف الهادئة، تشقّ هذه الفنانة والمخرجة المغربية طريقها بخطى ثابتة، لا تلهث خلف الشهرة، بل تصنع مجدها الخاص بهدوء وتأمل.
تقول حفصة: 'أنا إنسانة قبل كل شيء. مرهفة الإحساس، قوية وقت اللزوم، وعاشقة للفن لأنه كان دائماً ملجأي وسلاحي. بعيداً عن الأضواء، أنا أخت، صديقة، وبنت تحب الحياة، الطبيعة، واللحظات اللي فيها صدق وأصالة.'
استقرت حفصة في سويسرا، حيث وجدت في هذا البلد مرآة لروحها الهادئة والمتزنة. تصف تجربتها في فرنسا بمحطة غنية درّستها الكثير وفتحت أمامها أبواب النجاح، لكنها تعتبر سويسرا البيت الذي تعود إليه دائمًا، وهناك بدأت مغامراتها الفنية الجديدة، بخطوات مستقلة ونظرة ناضجة.
ورغم ابتعادها الجغرافي، لم تغادر حفصة المغرب من قلبها. العودة لم تكن انسحابًا، بل إعادة تموضع: 'رجوعي للمغرب ما كانش قرار مهني فقط، كان قرار من القلب. كنت محتاجة نكون قريبة من الناس اللي كيحبوني، ونقدّم فنّ فيه بصمتي وهويتي المغربية. رجوعي ما كانش هروب، بل عودة بحب وشغف أكبر.'
وعندما يُطرح عليها سؤال متكرر عن مكان وجود الفرص الحقيقية للفنان المغربي، تجيب ببساطة الخبيرة: 'الفرص موجودة في كل مكان، لكن البيئة والدعم هما الفرق. فرنسا منفتحة على الطاقات، والمغرب فيه مواهب مذهلة تستحق الاحتضان. الفنان الصادق يلقى طريقه، أينما كان.'
حفصة لا تقيس نجاحها بالأضواء، بل بعمق التجربة. شاركت في أعمال سينمائية أوروبية لقيت صدى واسع، من بينها فيلم 'The Holiday' المستلهم من مشاعر واقعية، وفيلمها كمخرجة 'Der heiliger Tag' الذي فاز بعدة جوائز وأثبت حضورها خلف الكاميرا. كما تألقت على المسرح السويسري بدور صحفية من New York Times، قدّمت فيه صورة معاصرة وراقية للمرأة المغربية: قوية، حرة، وصادقة.
وعن مفاهيم الجمال والنجومية، ترى حفصة الأمور بعمق: 'الجمال قد يفتح الباب، لكن الموهبة والصدق هما اللي يخلّيك تبقى. الكاميرا ترى كل شيء… ترى حتى الصمت.'
ولا تخفي مواقفها من الأدوار الجريئة: 'أنا ضد توظيف الجسد كأداة استعراض. ممكن أؤدي أدوارًا جريئة على المستوى الفكري أو النفسي، لكن دون المساس بكرامتي أو راحتي كإنسانة. الجرأة الحقيقية هي أنك تعرف تقول (لا)، حتى لما يكون (نعم) هو الأسهل.'
بعيدًا عن الفن، تظل حفصة تلك الفتاة البسيطة، العاشقة للطبيعة، التي تكتب وتغني وتقدّر اللحظات الصامتة. 'أعيش توازنًا بين العالم اللي قدّام الكاميرا، والعالم الداخلي اللي فيه طفولتي، كتاباتي، وأغنياتي اللي ما يسمعها غير أنا.'
ربما سرّ حفصة لا يكمن في مسيرتها فقط، بل في إنسانيتها التي ظلّت وفية لنفسها. هي فنانة لا تسعى للضوء… بل تضيء بما تقدّمه.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

علي بوزردة من الرباط إلى واشنطن... الصحافيون بين مطرقة السلطة وسندان المصالح الاقتصادية الثلاثاء 20 ماي 2025
علي بوزردة من الرباط إلى واشنطن... الصحافيون بين مطرقة السلطة وسندان المصالح الاقتصادية الثلاثاء 20 ماي 2025

لكم

timeمنذ 2 أيام

  • لكم

علي بوزردة من الرباط إلى واشنطن... الصحافيون بين مطرقة السلطة وسندان المصالح الاقتصادية الثلاثاء 20 ماي 2025

كان بوب ديلان Bob Dylan، الحائز على جائزة نوبل للشعر، يغني في ستينيات القرن الماضي: « TheThe Times They Are A-Changing' » 'الأزمنة تتغير…' — وبعد ستين سنة، يبدو أن هذا المقطع الشيق أصبح نبوءة حزينة بالنسبة للصحافيين في العالم، الذين يواجهون ضغوطًا متعددة ومتزايدة يوماً بعد يوم. اليوم، لم تعد الصحافة تعمل فقط في مناخ من انعدام الثقة، بل تجد نفسها وسط عاصفة تتقاطع فيها الرقابة المقنعة، الضغوط القضائية، التبعية المالية، والتلاعبات الأيديولوجية. إنها مرحلة غامضة يقف فيها الصحافي «بين المطرقة والسندان»: من جهة، واجبه المقدس في نقل المعلومة بكل حرية وتجرد، ومن جهة أخرى، تهديد القوى السياسية والاقتصادية التي تسعى إلى إسكات صوته. المغرب ليس استثناءً. عدد المحاكمات المرتبطة بحرية التعبير منذ مطلع القرن لازال يثير القلق. صحافيون متابعون بتهم القذف، وسائل إعلام معاقبة لكشفها وقائع حساسة: مساحات التعبير تقلصت مع مرور الزمن، رغم التصريحات الرسمية المتكررة عن «الحداثة الديمقراطية» و«احترام حرية تعبير الصحافة». ويبدو أن الرقابة الذاتية، بل الصمت الكامل عما يزعج، أصبحت سيدة الموقف في المشهد الإعلامي المغربي، مقابل التركيز على الحوادث العابرة، والفضائح الجنسية، و«التفاهة» التي تضمن النقرات، ولكن قد تجلب الصفعات أيضًا. وإذا كنا نتوقع (بحق أو بغير حق) مثل هذه الانحرافات في ديمقراطيات ناشئة، فإن المفاجأة تكون أكبر عندما تقع في معاقل الحرية المعلنة، كحال الولايات المتحدة الأمريكية. نشرت صحيفة نيويورك تايمز New York Times في عددها الصادر بتاريخ 18 ماي 2025 سؤالًا يبعث على القشعريرة: 'كيف يمكن أن يحدث هذا هنا، في بلد يتفاخر بالتعديل الأول؟' The first amendment وينص هذا التعديل في الدستور الأمريكي على أنه: 'لا يجوز للكونغرس إصدار أي قانون يحد من حرية التعبير أو حرية الصحافة.' ويعني ذلك أن الدولة لا يمكنها قانونيًا فرض رقابة على الصحافيين أو منع المواطنين من التعبير بحرية — وهي ركيزة أساسية للديمقراطية الأمريكية. تطرقت هذه الصحيفة الواسعة الانتشار إلى شكلين من أشكال قمع الإعلام: الأول مباشر ووحشي، كما في الأنظمة السلطوية مثل الصين أو روسيا، حيث يُسجن الصحافيون أو يُقتلون. والثاني أكثر مكرًا وخطورة، يوجد في الديمقراطيات الحديثة، حيث لا رقابة رسمية، بل مضايقات قضائية، ضغوط تنظيمية، ملاحقات تعسفية، أو استهداف مصالح ملاك وأصحاب وسائل الإعلام الاقتصادية. الهدف: ردع الصحافيين عن التطرق للمواضيع الحساسة، وإجبارهم على الرقابة الذاتية، أو صرف نظرهم عن ما تود السلطة إبقاءه في الظل بعيدا عن فضول الجمهور . لقد ولّى الزمن الذي كشفت فيه صحيفة واشنطن بوست فضيحة ووترغيت Watergate وتسببت في إسقاط الرئيس نيكسون. هذه الآلية ليست بجديدة. ففي سبعينيات القرن الماضي، تَسرّب الصحافي الألماني غونتر فالراف إلى صحيفة Bild الشعبوية، والتي تطبع ملايين من النسخ يومياً، تحت هوية مزيفة، لكشف ممارسات صحافة منحرفة في خدمة أصحاب المال والنفوذ. وفي كتابه: الصحافي غير المرغوب فيه (1977)، لم يتردد في وصف صحافة تكذب، وتشوه، وتضلل لإرضاء الممولين والمعلنين. واشتهرت عبارته اللاذعة: 'الصحافيون كالعاهرات، يفعلون ما يُطلب منهم مقابل المال.' رغم قسوتها، إلا أنها لا تزال تُحدث صدى، خاصة في زمن باتت فيه الاستقلالية التحريرية مشروطة بالمصالح المالية. وفي كتابه: كبش فداء (1985)، ذهب الكاتب الألماني هذا إلى أبعد من ذلك، منتقدًا التهميش المنهجي للعمال المهاجرين خاصة الأتراك، ودور الإعلام في هذا التواطؤ. وقد لجأ بعد ذلك إلى هولندا بعد الحملة الشعواء التي شنتها عليه وسائل الإعلام المقربة من أصحاب المال والجاه مطالبة بمحاكمته. وهكذا أصبحت العلاقة المشتبه فيها بين الإعلام والسلطة مكشوفة للرأي العام. فحسب تحليل نشره الموقع الإخباري الأمريكي Splinter، وحدهم الديمقراطيون الأمريكيون فوق سن الخمسين يحتفظون ببعض الثقة في الإعلام التقليدي، أما باقي الفئات — على اختلاف انتماءاتهم السياسية — فتعبر عن شكوك عميقة تجاه الصحافة الرصينة. هذا مثال صارخ: فرغم الشكوك حول تلقي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رشوة فاضحة من قطر، لم تجرؤ الصحافة الأمريكية الكبرى على استعمال مفردات مثل «رشوة» أو «فساد». هذه قضية استغلال السلطة يعترف به بعض المؤثرين من اليمين المتطرف المساندين لترامب، في حين تمتنع المؤسسات الإعلامية الكبرى عن تسميته علنًا. تقرأ، كل يوم، هذه العبارة تحت شعار صحيفة واشنطن بوست Washington Post : 'الديمقراطية تموت في الظلام' ( Democracy dies in darkness) ولا يُراد من هذا الكلام شيطنة «الإعلام» بجملته. هناك الكثير من الصحافيين الذين لا يزالون يقاومون، يحققون، يكشفون — وغالبًا على حساب مستقبلهم المهني، وأحيانًا حياتهم. لكن المؤشرات الحمراء تتكاثر: فلا ديمقراطية بدون صحافة مستقلة وشجاعة. فالمعركة من أجل إعلام حر لا تُخاض فقط في ساحات المحاكم، بل في كل غرف التحرير، وكل خط افتتاحي، وفي العلاقة بين الصحافي وقارئه. وفي هذا الزمن الملتبس، أصبحت المعركة ضرورة قصوى. ولا غرابة أن تذكّر واشنطن بوست قراءها، للأسف، بأن «الديمقراطية تموت في الظلام». وهي جملة تعيدنا إلى المقولة الشهيرة للفيلسوف والمناضل أنطونيو غرامشي Antonio Gramsci من زنزانته: 'العالم القديم يحتضر، والعالم الجديد لم يولد بعد، وفي هذه الحالة الملتبسة بين النور والظلام تظهر الوحوش.' منعطف تاريخي حافل بالغموض… حادث له علاقة بالموضوع في 2012، نشر موقع Gawker الجريء والرائد في الصحافة الرقمية مقطعًا حميميًا لنجم المصارعة الشهير هالك هوغان (تيري بوليا). فرفع هذا الأخير دعوى بتهمة التعدي على الخصوصية، وكسب تعويضًا بقيمة 140 مليون دولار سنة 2016. لكن خلف الكواليس، كان يقف الملياردير بيتر ثيل (أحد مؤسسي PayPal)، الذي موّل سرًا القضية بدافع الانتقام: إذ كشف الموقع عن مثليته سنة 2007 دون موافقته.

من الرباط إلى واشنطن.. الصحافيون بين مطرقة السلطة وسندان المصالح الاقتصادية
من الرباط إلى واشنطن.. الصحافيون بين مطرقة السلطة وسندان المصالح الاقتصادية

اليوم 24

timeمنذ 3 أيام

  • اليوم 24

من الرباط إلى واشنطن.. الصحافيون بين مطرقة السلطة وسندان المصالح الاقتصادية

كان بوب ديلان Bob Dylan، الحائز على جائزة نوبل للموسيقى، يغني في ستينيات القرن الماضي: « TheThe Times They Are A-Changing' » 'الأزمنة تتغير…' — وبعد ستين سنة، يبدو أن هذا المقطع الشيق أصبح نبوءة حزينة بالنسبة للصحافيين في العالم، الذين يواجهون ضغوطًا متعددة ومتزايدة يوماً بعد يوم. اليوم، لم تعد الصحافة تعمل فقط في مناخ من انعدام الثقة، بل تجد نفسها وسط عاصفة تتقاطع فيها الرقابة المقنعة، الضغوط القضائية، التبعية المالية، والتلاعبات الأيديولوجية. إنها مرحلة غامضة يقف فيها الصحافي «بين المطرقة والسندان»: من جهة، واجبه المقدس في نقل المعلومة بكل حرية وتجرد، ومن جهة أخرى، تهديد القوى السياسية والاقتصادية التي تسعى إلى إسكات صوته. المغرب واختبار الحق في الإعلام دون «قيود» المغرب ليس استثناءً. عدد المحاكمات المرتبطة بحرية التعبير منذ مطلع القرن لازال يثير القلق. صحافيون متابعون بتهم القذف، وسائل إعلام معاقبة لكشفها وقائع حساسة: مساحات التعبير تقلصت مع مرور الزمن، رغم التصريحات الرسمية المتكررة عن «الحداثة الديمقراطية» و«احترام حرية التعبير الصحافة». ويبدو أن الرقابة الذاتية، بل الصمت الكامل عما يزعج، أصبحت سيدة الموقف في المشهد الإعلامي المغربي، مقابل التركيز على الحوادث العابرة، والفضائح الجنسية، و«التفاهة» التي تضمن النقرات، ولكن قد تجلب الصفعات أيضًا. وإذا كنا نتوقع (بحق أو بغير حق) مثل هذه الانحرافات في ديمقراطيات ناشئة، فإن المفاجأة تكون أكبر عندما تقع في معاقل الحرية المعلنة، كحال الولايات المتحدة الأمريكية. نشرت صحيفة نيويورك تايمز New York Times في عددها الصادر بتاريخ 18 ماي 2025 سؤالًا يبعث على القشعريرة: 'كيف يمكن أن يحدث هذا هنا، في بلد يتفاخر بالتعديل الأول؟' The first amendment وينص التعديل هذا في الدستور الأمريكي على أنه: 'لا يجوز للكونغرس إصدار أي قانون يحد من حرية التعبير أو حرية الصحافة.' ويعني ذلك أن الدولة لا يمكنها قانونيًا فرض رقابة على الصحافيين أو منع المواطنين من التعبير بحرية — وهي ركيزة أساسية للديمقراطية الأمريكية. تطرقت هذه الصحيفة الواسعة الإنتشار إلى شكلين من أشكال قمع الإعلام: الأول مباشر ووحشي، كما في الأنظمة السلطوية مثل الصين أو روسيا، حيث يُسجن الصحافيون أو يُقتلون. والثاني أكثر مكرًا وخطورة، يوجد في الديمقراطيات الحديثة، حيث لا رقابة رسمية، بل مضايقات قضائية، ضغوط تنظيمية، ملاحقات تعسفية، أو استهداف مصالح ملاك وأصحاب وسائل الإعلام الاقتصادية. الهدف: ردع الصحافيين عن التطرق للمواضيع الحساسة، وإجبارهم على الرقابة الذاتية، أو صرف نظرهم عن ما تود السلطة إبقاءه في الظل بعيدا عن فضول الجمهور . لقد ولّى الزمن الذي كشفت فيه صحيفة واشنطن بوست فضيحة ووترغيت Watergate وتسببت في إسقاط الرئيس نيكسون. قناع الصحافة الخانعة هذه الآلية ليست بجديدة. ففي سبعينيات القرن الماضي، تَسرّب الصحافي الألماني غونتر فالراف إلى صحيفة Bild الشعبوية، والتي تطبع ملايين من النسخ يومياً، تحت هوية مزيفة، لكشف ممارسات صحافة منحرفة في خدمة أصحاب المال والنفوذ. وفي كتابه : الصحافي غير المرغوب فيه (1977)، لم يتردد في وصف صحافة تكذب، وتشوه، وتضلل لإرضاء الممولين والمعلنين. واشتهرت عبارته اللاذعة: 'الصحافيون كالعاهرات، يفعلون ما يُطلب منهم مقابل المال.' رغم قسوتها، إلا أنها لا تزال تُحدث صدى، خاصة في زمن باتت فيه الاستقلالية التحريرية مشروطة بالمصالح المالية. وفي كتابه : كبش فداء (1985)، ذهب الكاتب الألماني هذا إلى أبعد من ذلك، منتقدًا التهميش المنهجي للعمال المهاجرين خاصة الأتراك، ودور الإعلام في هذا التواطؤ. وقد لجأ بعد ذلك إلى هولندا بعد الحملة الشعواء التي شنتها عليه وسائل الإعلام المقربة من أصحاب المال والجاه مطالبة بمحاكمته. وهكذا أصبحت العلاقة المشتبه فيها بين الإعلام والسلطة مكشوفة للرأي العام. فحسب تحليل نشره الموقع الإخباري الأمريكي Splinter، وحدهم الديمقراطيون الأمريكيون فوق سن الخمسين يحتفظون ببعض الثقة في الإعلام التقليدي، أما باقي الفئات — على اختلاف انتماءاتهم السياسية — فتعبر عن شكوك عميقة تجاه الصحافة الرصينة. هذا مثال صارخ: فرغم الشكوك حول تلقي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رشوة فاضحة من قطر، لم تجرؤ الصحافة الأمريكية الكبرى على استعمال مفردات مثل «رشوة» أو «فساد». هذه قضية استغلال السلطة يعترف به بعض المؤثرين من اليمين المتطرف المساندين لترامب، في حين تمتنع المؤسسات الإعلامية الكبرى عن تسميته علنًا. تقرأ، كل يوم، هذه العبارة تحت شعار صحيفة واشنطن بوست Washington Post : 'الديمقراطية تموت في الظلام' ( Democracy dies in darkness) ولا يُراد من هذا الكلام شيطنة «الإعلام» بجملته. هناك الكثير من الصحافيين الذين لا يزالون يقاومون، يحققون، يكشفون — وغالبًا على حساب مستقبلهم المهني، وأحيانًا حياتهم. لكن المؤشرات الحمراء تتكاثر: فلا ديمقراطية بدون صحافة مستقلة وشجاعة. فالمعركة من أجل إعلام حر لا تُخاض فقط في ساحات المحاكم، بل في كل غرف التحرير، وكل خط افتتاحي، وفي العلاقة بين الصحافي وقارئه. وفي هذا الزمن الملتبس، أصبحت المعركة ضرورة قصوى. ولا غرابة أن تذكّر واشنطن بوست قراءها، للأسف، بأن «الديمقراطية تموت في الظلام». وهي جملة تعيدنا إلى المقولة الشهيرة للفيلسوف والمناضل أنطونيو غرامشي Antonio Gramsci من زنزانته: 'العالم القديم يحتضر، والعالم الجديد لم يولد بعد، وفي هذه الحالة الملتبسة بين النور والظلام تظهر الوحوش.' منعطف تاريخي حافل بالغموض… حادث له علاقة بالموضوع في 2012، نشر موقع Gawker الجريء والرائد في الصحافة الرقمية مقطعًا حميميًا لنجم المصارعة الشهير هالك هوغان (تيري بوليا). فرفع هذا الأخير دعوى بتهمة التعدي على الخصوصية، وكسب تعويضًا بقيمة 140 مليون دولار سنة 2016. لكن خلف الكواليس، كان يقف الملياردير بيتر ثيل (أحد مؤسسي PayPal)، الذي موّل سرًا القضية بدافع الانتقام: إذ كشف الموقع عن مثليته سنة 2007 دون موافقته.

حفصة الإدريسي: صدق يضيء بين باريس وجنيف
حفصة الإدريسي: صدق يضيء بين باريس وجنيف

المغربية المستقلة

time٠١-٠٥-٢٠٢٥

  • المغربية المستقلة

حفصة الإدريسي: صدق يضيء بين باريس وجنيف

المغربية المستقلة إبراهيم بن مدان في زمن يتسابق فيه الكثيرون نحو الأضواء، تختار حفصة الإدريسي أن تسير عكس التيار: بصدق لا يعلو صوته، لكنه يُسمع. بين خشبة المسرح وعدسة الكاميرا، بين باريس النابضة بالحياة وجنيف الهادئة، تشقّ هذه الفنانة والمخرجة المغربية طريقها بخطى ثابتة، لا تلهث خلف الشهرة، بل تصنع مجدها الخاص بهدوء وتأمل. تقول حفصة: 'أنا إنسانة قبل كل شيء. مرهفة الإحساس، قوية وقت اللزوم، وعاشقة للفن لأنه كان دائماً ملجأي وسلاحي. بعيداً عن الأضواء، أنا أخت، صديقة، وبنت تحب الحياة، الطبيعة، واللحظات اللي فيها صدق وأصالة.' استقرت حفصة في سويسرا، حيث وجدت في هذا البلد مرآة لروحها الهادئة والمتزنة. تصف تجربتها في فرنسا بمحطة غنية درّستها الكثير وفتحت أمامها أبواب النجاح، لكنها تعتبر سويسرا البيت الذي تعود إليه دائمًا، وهناك بدأت مغامراتها الفنية الجديدة، بخطوات مستقلة ونظرة ناضجة. ورغم ابتعادها الجغرافي، لم تغادر حفصة المغرب من قلبها. العودة لم تكن انسحابًا، بل إعادة تموضع: 'رجوعي للمغرب ما كانش قرار مهني فقط، كان قرار من القلب. كنت محتاجة نكون قريبة من الناس اللي كيحبوني، ونقدّم فنّ فيه بصمتي وهويتي المغربية. رجوعي ما كانش هروب، بل عودة بحب وشغف أكبر.' وعندما يُطرح عليها سؤال متكرر عن مكان وجود الفرص الحقيقية للفنان المغربي، تجيب ببساطة الخبيرة: 'الفرص موجودة في كل مكان، لكن البيئة والدعم هما الفرق. فرنسا منفتحة على الطاقات، والمغرب فيه مواهب مذهلة تستحق الاحتضان. الفنان الصادق يلقى طريقه، أينما كان.' حفصة لا تقيس نجاحها بالأضواء، بل بعمق التجربة. شاركت في أعمال سينمائية أوروبية لقيت صدى واسع، من بينها فيلم 'The Holiday' المستلهم من مشاعر واقعية، وفيلمها كمخرجة 'Der heiliger Tag' الذي فاز بعدة جوائز وأثبت حضورها خلف الكاميرا. كما تألقت على المسرح السويسري بدور صحفية من New York Times، قدّمت فيه صورة معاصرة وراقية للمرأة المغربية: قوية، حرة، وصادقة. وعن مفاهيم الجمال والنجومية، ترى حفصة الأمور بعمق: 'الجمال قد يفتح الباب، لكن الموهبة والصدق هما اللي يخلّيك تبقى. الكاميرا ترى كل شيء… ترى حتى الصمت.' ولا تخفي مواقفها من الأدوار الجريئة: 'أنا ضد توظيف الجسد كأداة استعراض. ممكن أؤدي أدوارًا جريئة على المستوى الفكري أو النفسي، لكن دون المساس بكرامتي أو راحتي كإنسانة. الجرأة الحقيقية هي أنك تعرف تقول (لا)، حتى لما يكون (نعم) هو الأسهل.' بعيدًا عن الفن، تظل حفصة تلك الفتاة البسيطة، العاشقة للطبيعة، التي تكتب وتغني وتقدّر اللحظات الصامتة. 'أعيش توازنًا بين العالم اللي قدّام الكاميرا، والعالم الداخلي اللي فيه طفولتي، كتاباتي، وأغنياتي اللي ما يسمعها غير أنا.' ربما سرّ حفصة لا يكمن في مسيرتها فقط، بل في إنسانيتها التي ظلّت وفية لنفسها. هي فنانة لا تسعى للضوء… بل تضيء بما تقدّمه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store