
كيف انتقلت سينما أندرسون من خشونة النفط إلى هدوء عالم الأزياء وصمته
ما من فنين يلتقيان لقاء يكاد يكون طبيعياً بقدر ما يلتقي فن السينما وفن صناعة الأزياء. ففي نهاية الأمر يلتقي هذان الإبداعان اللذان يكاد كل منهما يكون فردي المنبع وذاتي السمات بشكل أخاذ وفاتن، وفي الأقل، في سماته الخارجية، غير أنه يمكنه أن يكون مسرحاً لأقصى العواطف والصراعات وحيزاً للجريمة والقتل الذي قد يبدو أحياناً أكثر مجانية مما ينبغي. صحيح أن عدد الأفلام التي كرستها السينما العالمية والسينما الهوليوودية بصورة خاصة، لحكايات تدور داخل عالم الأزياء، ليس كبيراً، وأن اهتمام السينما بالأزياء نفسها يفوق آلاف المرات اهتمامها بما يدور في كواليس ذلك الفن - الصناعة، غير أن عالم الأزياء في حد ذاته يحمل قدراً كبيراً من الإبهار وتحديداً من خلال اللقاء الذي يعبر عنه بين أعلى درجات الجمال، بما فيه جمال العارضات المطلق، وأقسى أنواع الصراعات وضروب التنافس. ومن هنا تتخذ كل سماتها تلك العنونة التي حملها واحد من أشهر الأفلام عن عالم الأزياء "الشيطان يرتدي براداً"، كما تتخذ قوتها تلك الجريمة القبيحة التي حركت مخرجاً كبيراً كريدلي سكوت لتحقيق فيلم عن "منزل آل غوتشي". ولئن بدا لنا أن في الإمكان دائماً وضع لائحة بالأفلام العديدة التي تدور حكاياتها داخل عالم الأزياء ودوره، وبخاصة من خلال حياة المبدعين الأساسيين الذين هم المصممون وأكسسوارياً إلى حد ما، حياة العارضات، فإن ثمة في الأقل دزينة من تلك الأفلام تبدو في هذا المجال متميزة.
حكاية حب خالص
والعدد الأكبر من هذه الأفلام هوليوودي بالطبع، ومن بينها ما ذكرنا حتى الآن، ولكن من بينها كذلك تحف سينمائية كلاسيكية تحمل عناوين وتوقيعات لا تنسى، وتراوح ما بين "بلو- أب" للإيطالي الكبير مايكل أنغلو أنطونيوني، والمتمرد الهوليوودي روبرت ألتمان الذي ما كان من شأنه أن تفوته الإمكانات التي يتيحها له عالم الأزياء، فحقق في عام 1994 تحفة سينمائية من المؤسف أنها تكاد تكون منسية اليوم، ونتحدث هنا طبعاً عن فيلمه "ثياب جاهزة للبيع"، ويقود هذان الفيلمان بالطبع، القافلة عبر أفلام أخرى مثل "كوكو قبل شانيل" عن ملكة الأزياء الفرنسية، و"شيطان النيون" لنيكولاس رافين، و"إفطار لدى تيفاني"، و"فاني فيس"، علماً أن هذين الفيلمين الأخيرين صنعا مجد أودري هيبورن، بطلتهما، والتي كانت عرفت أصلاً بكونها عارضة أزياء.
ويمكن لهذه اللائحة أتطول لتشمل أفلاماً عديدة تناولت عالم الأزياء من خلال عناوين تتحدث عن دور حقيقية على غرار فيلم ريدلي سكوت المذكور قبل سطور، أو حكايات حقيقية أو متخيلة تدور من حول أسماء كبيرة في هذا المجال، كالفيلم الإنجليزي من بطولة ليزلي مانفيل المتحدث عن عاملة خياطة إنجليزية شاركت في حراك اجتماعي حول مؤسسة "كريستيان ديور". لكننا نتوقف في الإحصاء هنا لننتقل إلى واحد من آخر أفلام بول توماس أندرسون من بطولة دانيال داي لويس الذي كان أعلن قبل قيامه ببطولة هذا الفيلم، وعنوانه "القطبة الخفية"، أنه سيعتزل التمثيل السينمائي من بعده وهو فعل ذلك حقاً. ولئن كان داي لويس قد لعب في واحد من الأفلام السابقة لأندرسون نفسه، دور مستخرج نفط في أدغال هذه الصناعة في أميركا، وهو فيلم "ستكون هناك دماء"، ها هو يمسك الخيط والإبرة هنا في "القطبة الخفية"، ليلعب دور مصمم أزياء مرهف وأنيق، مقابل لعبه في الفيلم السابق دوراً ملطخاً بالطين والبترول والقذارة الأخلاقية. غير أن الأساس في حكاية الفيلم الذي نحن في صدده هنا هو أنها أولاً وأخيراً حكاية حب، وبين هذا وذاك إطلالة إنسانية على مسألة الهجرة التي تقيم العالم ولا تقعده منذ عقود.
مصمم حقيقي ومموه
كتب بول توماس أندرسون سيناريو "القطبة الخفية" بنفسه، وكان من الواضح أن المشروع ينبع لديه من رغبتين أولاهما تحقيق فيلم "مختلف" عن عالم الأزياء، وثانيتهما كتابة دور لداي لويس يليق بتوق هذا الأخير إلى اعتزال التمثيل السينمائي بمعنى أن يكون الفيلم وصية فنان حقيقي، ولئن كان كل ما في المشروع يوحي بأوسكارات عديدة، فإن الفيلم لم يفز في النهاية في جوائز الأكاديمية إلا بجائزة واحدة، هي أوسكار أفضل تصميم للأزياء ما بدا بديهياً. فالفيلم الذي تدور أحداثه في لندن أواسط الخمسينيات يتحدث عن عالم الأزياء، وتحديداً عن مصمم لا وجود له في الواقع التاريخي. لكنه ليس تماماً من ابتكار مخيلة كاتب الفيلم ومخرجه. ففي نهاية الأمر يبدو المصمم في الفيلم توماس وودكوك (ويلعب دوره داي لويس) حقيقياً أكثر من أي مصمم نعرفه، وكذلك حال أخته في الفيلم، الفنانة الرائعة ليزلي مانفيل. والسبب بسيط لأن صانع الفيلم قرر الانتظام في المشروع تحديداً بعدما أثار شغفه قراءته سيرة المصمم كريستوبال بالانسياغا، وامتزج ذلك الشغف لديه بالسيرة التي اطلع عليها المصمم الأميركي تشارلز جيمس. وهكذا ولدت شخصية وودكوك الخيالية من تينك الشخصيتين الحقيقيين. أما الأحداث، فحتى وإن كانت تدور في لندن أواسط الخمسينيات، فإنها تبدو معاصرة تماماً لأيامنا هذه، وليس فقط لأن الفيلم يحاول أن يقول لنا إنه لا أشياء كثيرة تغيرت في عالم الأزياء، بل لأن أندرسون نفسه إنما أراد أن يمرر، من طريق حكاية الغرام "المستحيل" في الفيلم بين المصمم وودكوك الشديد الفردية والمذهل الإبداع، والمغرق في حساسية استثنائية، وعارضة تعمل لديه، جملة من قضايا معاصرة على رأسها قضية الهجرة والمكانة المتروكة للمهاجرين في عالم اليوم.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من خلال خصوصية الفرد
في الحقيقة إن إشارتنا إلى "أحداث الفيلم" في السطور السابقة تحمل قدراً من المبالغة. ففي "القطبة الخفية" ليست ثمة أحداث بالمعنى المعتاد للكلمة ولا حتى بالمعنى الدرامي البسيط. كل ما في الأمر أن الفيلم يصور عالم الأزياء وخصوصيته وأجواءه وأهله من خلال ذلك اللقاء الذي كان يمكنه أن يكون عابراً بين المصمم اللندني الشهير الذي اعتاد وحدته الإبداعية محاطة بالعاملات معه، واللاتي يعاملهن كسيد مطاع يقف على مسافة منهن جميعاً متكلاً على أخته كي تدير حساباته وشؤونه الدنيوية وحياته. وفي الأقل، حتى اللحظة التي يلتقي فيها بنادلة مهاجرة يجد فيها المقاييس التي يمكنها أن تجعل منها موديلاً في محترفه. وهي تقدم على المغامرة معه لتنشأ بينهما تدريجاً تلك العلاقة التي تشغل ساعتي الفيلم وتكون ذريعة لتسلل هذا العمل السينمائي البسيط شكلياً إلى عالم إبداع من نوع لم نره في السينما كثيراً. ولكن، وبالتوازي مع ذلك إلى عالم من الصمت والأحاسيس المسكوت عنها والخوف من الآخر... وهو، على أية حال، ما كنا اعتدناه دائماً من سينما صانع تحف سينمائية مثل "مانيوليا"، و"السيد"، و"عيب موروث" عن إحدى أشهر روايات "جيل البيتنيكس" الأميركي، وصولاً طبعاً إلى "ستكون هناك دماء" تلك التحفة السينمائية المقتبسة عن رواية "نفط" للأميركي أبتون سنكلير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- Independent عربية
كيف انتقلت سينما أندرسون من خشونة النفط إلى هدوء عالم الأزياء وصمته
ما من فنين يلتقيان لقاء يكاد يكون طبيعياً بقدر ما يلتقي فن السينما وفن صناعة الأزياء. ففي نهاية الأمر يلتقي هذان الإبداعان اللذان يكاد كل منهما يكون فردي المنبع وذاتي السمات بشكل أخاذ وفاتن، وفي الأقل، في سماته الخارجية، غير أنه يمكنه أن يكون مسرحاً لأقصى العواطف والصراعات وحيزاً للجريمة والقتل الذي قد يبدو أحياناً أكثر مجانية مما ينبغي. صحيح أن عدد الأفلام التي كرستها السينما العالمية والسينما الهوليوودية بصورة خاصة، لحكايات تدور داخل عالم الأزياء، ليس كبيراً، وأن اهتمام السينما بالأزياء نفسها يفوق آلاف المرات اهتمامها بما يدور في كواليس ذلك الفن - الصناعة، غير أن عالم الأزياء في حد ذاته يحمل قدراً كبيراً من الإبهار وتحديداً من خلال اللقاء الذي يعبر عنه بين أعلى درجات الجمال، بما فيه جمال العارضات المطلق، وأقسى أنواع الصراعات وضروب التنافس. ومن هنا تتخذ كل سماتها تلك العنونة التي حملها واحد من أشهر الأفلام عن عالم الأزياء "الشيطان يرتدي براداً"، كما تتخذ قوتها تلك الجريمة القبيحة التي حركت مخرجاً كبيراً كريدلي سكوت لتحقيق فيلم عن "منزل آل غوتشي". ولئن بدا لنا أن في الإمكان دائماً وضع لائحة بالأفلام العديدة التي تدور حكاياتها داخل عالم الأزياء ودوره، وبخاصة من خلال حياة المبدعين الأساسيين الذين هم المصممون وأكسسوارياً إلى حد ما، حياة العارضات، فإن ثمة في الأقل دزينة من تلك الأفلام تبدو في هذا المجال متميزة. حكاية حب خالص والعدد الأكبر من هذه الأفلام هوليوودي بالطبع، ومن بينها ما ذكرنا حتى الآن، ولكن من بينها كذلك تحف سينمائية كلاسيكية تحمل عناوين وتوقيعات لا تنسى، وتراوح ما بين "بلو- أب" للإيطالي الكبير مايكل أنغلو أنطونيوني، والمتمرد الهوليوودي روبرت ألتمان الذي ما كان من شأنه أن تفوته الإمكانات التي يتيحها له عالم الأزياء، فحقق في عام 1994 تحفة سينمائية من المؤسف أنها تكاد تكون منسية اليوم، ونتحدث هنا طبعاً عن فيلمه "ثياب جاهزة للبيع"، ويقود هذان الفيلمان بالطبع، القافلة عبر أفلام أخرى مثل "كوكو قبل شانيل" عن ملكة الأزياء الفرنسية، و"شيطان النيون" لنيكولاس رافين، و"إفطار لدى تيفاني"، و"فاني فيس"، علماً أن هذين الفيلمين الأخيرين صنعا مجد أودري هيبورن، بطلتهما، والتي كانت عرفت أصلاً بكونها عارضة أزياء. ويمكن لهذه اللائحة أتطول لتشمل أفلاماً عديدة تناولت عالم الأزياء من خلال عناوين تتحدث عن دور حقيقية على غرار فيلم ريدلي سكوت المذكور قبل سطور، أو حكايات حقيقية أو متخيلة تدور من حول أسماء كبيرة في هذا المجال، كالفيلم الإنجليزي من بطولة ليزلي مانفيل المتحدث عن عاملة خياطة إنجليزية شاركت في حراك اجتماعي حول مؤسسة "كريستيان ديور". لكننا نتوقف في الإحصاء هنا لننتقل إلى واحد من آخر أفلام بول توماس أندرسون من بطولة دانيال داي لويس الذي كان أعلن قبل قيامه ببطولة هذا الفيلم، وعنوانه "القطبة الخفية"، أنه سيعتزل التمثيل السينمائي من بعده وهو فعل ذلك حقاً. ولئن كان داي لويس قد لعب في واحد من الأفلام السابقة لأندرسون نفسه، دور مستخرج نفط في أدغال هذه الصناعة في أميركا، وهو فيلم "ستكون هناك دماء"، ها هو يمسك الخيط والإبرة هنا في "القطبة الخفية"، ليلعب دور مصمم أزياء مرهف وأنيق، مقابل لعبه في الفيلم السابق دوراً ملطخاً بالطين والبترول والقذارة الأخلاقية. غير أن الأساس في حكاية الفيلم الذي نحن في صدده هنا هو أنها أولاً وأخيراً حكاية حب، وبين هذا وذاك إطلالة إنسانية على مسألة الهجرة التي تقيم العالم ولا تقعده منذ عقود. مصمم حقيقي ومموه كتب بول توماس أندرسون سيناريو "القطبة الخفية" بنفسه، وكان من الواضح أن المشروع ينبع لديه من رغبتين أولاهما تحقيق فيلم "مختلف" عن عالم الأزياء، وثانيتهما كتابة دور لداي لويس يليق بتوق هذا الأخير إلى اعتزال التمثيل السينمائي بمعنى أن يكون الفيلم وصية فنان حقيقي، ولئن كان كل ما في المشروع يوحي بأوسكارات عديدة، فإن الفيلم لم يفز في النهاية في جوائز الأكاديمية إلا بجائزة واحدة، هي أوسكار أفضل تصميم للأزياء ما بدا بديهياً. فالفيلم الذي تدور أحداثه في لندن أواسط الخمسينيات يتحدث عن عالم الأزياء، وتحديداً عن مصمم لا وجود له في الواقع التاريخي. لكنه ليس تماماً من ابتكار مخيلة كاتب الفيلم ومخرجه. ففي نهاية الأمر يبدو المصمم في الفيلم توماس وودكوك (ويلعب دوره داي لويس) حقيقياً أكثر من أي مصمم نعرفه، وكذلك حال أخته في الفيلم، الفنانة الرائعة ليزلي مانفيل. والسبب بسيط لأن صانع الفيلم قرر الانتظام في المشروع تحديداً بعدما أثار شغفه قراءته سيرة المصمم كريستوبال بالانسياغا، وامتزج ذلك الشغف لديه بالسيرة التي اطلع عليها المصمم الأميركي تشارلز جيمس. وهكذا ولدت شخصية وودكوك الخيالية من تينك الشخصيتين الحقيقيين. أما الأحداث، فحتى وإن كانت تدور في لندن أواسط الخمسينيات، فإنها تبدو معاصرة تماماً لأيامنا هذه، وليس فقط لأن الفيلم يحاول أن يقول لنا إنه لا أشياء كثيرة تغيرت في عالم الأزياء، بل لأن أندرسون نفسه إنما أراد أن يمرر، من طريق حكاية الغرام "المستحيل" في الفيلم بين المصمم وودكوك الشديد الفردية والمذهل الإبداع، والمغرق في حساسية استثنائية، وعارضة تعمل لديه، جملة من قضايا معاصرة على رأسها قضية الهجرة والمكانة المتروكة للمهاجرين في عالم اليوم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) من خلال خصوصية الفرد في الحقيقة إن إشارتنا إلى "أحداث الفيلم" في السطور السابقة تحمل قدراً من المبالغة. ففي "القطبة الخفية" ليست ثمة أحداث بالمعنى المعتاد للكلمة ولا حتى بالمعنى الدرامي البسيط. كل ما في الأمر أن الفيلم يصور عالم الأزياء وخصوصيته وأجواءه وأهله من خلال ذلك اللقاء الذي كان يمكنه أن يكون عابراً بين المصمم اللندني الشهير الذي اعتاد وحدته الإبداعية محاطة بالعاملات معه، واللاتي يعاملهن كسيد مطاع يقف على مسافة منهن جميعاً متكلاً على أخته كي تدير حساباته وشؤونه الدنيوية وحياته. وفي الأقل، حتى اللحظة التي يلتقي فيها بنادلة مهاجرة يجد فيها المقاييس التي يمكنها أن تجعل منها موديلاً في محترفه. وهي تقدم على المغامرة معه لتنشأ بينهما تدريجاً تلك العلاقة التي تشغل ساعتي الفيلم وتكون ذريعة لتسلل هذا العمل السينمائي البسيط شكلياً إلى عالم إبداع من نوع لم نره في السينما كثيراً. ولكن، وبالتوازي مع ذلك إلى عالم من الصمت والأحاسيس المسكوت عنها والخوف من الآخر... وهو، على أية حال، ما كنا اعتدناه دائماً من سينما صانع تحف سينمائية مثل "مانيوليا"، و"السيد"، و"عيب موروث" عن إحدى أشهر روايات "جيل البيتنيكس" الأميركي، وصولاً طبعاً إلى "ستكون هناك دماء" تلك التحفة السينمائية المقتبسة عن رواية "نفط" للأميركي أبتون سنكلير.


Independent عربية
٢٢-٠٢-٢٠٢٥
- Independent عربية
"النجاة من سقوط بلاك هوك" وثائقي "نتفليكس" المروع
عندما عُرض الفيلم الحربي "سقوط بلاك هوك" Black Hawk Down الصادر عام 2001 للمخرج ريدلي سكوت، أدى إلى انقسام آراء النقاد الذين شاهدوه للمرة الأولى في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول). كان الفيلم الحربي المشوق، الذي يضم طاقماً من النجوم اللامعين مثل جوش هارتنت وإيوان مكغريغور وإيريك بانا، قد استوحى أحداثه من "معركة مقديشو" التي وقعت في الصومال عام 1993. وقد حقق الفيلم نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر، كما فاز بجائزتي أوسكار عن أفضل مونتاج وصوت. مع ذلك، تعرض الفيلم لانتقادات من بعض الأوساط لعدم دقته في معالجة الوقائع. حيث قام كين نولان بتكييف كتاب مارك بودين "سقوط بلاك هوك: قصة حرب معاصرة" الصادر عام 1999 ليختصره في نص سينمائي، ما أدى إلى اتهامه بتشويه الحقيقة وتقديمها بطريقة سطحية. وفي مقال نشرته "اندبندنت" عام 2002، تساءل المخرج أليكس كوكس، صاحب فيلم "رجل الاسترجاع" Repo Man، عن سبب تجاهل الفيلم وفاة مواطنين صوماليين، وأشار إلى أنه تم تغيير اسم الشخصية التي يجسدها مكغريغو ليكون مستوحى من جندي حقيقي تمت إدانته في واقعة اغتصاب طفلة في الثانية عشرة من عمرها. الآن، تعود "معركة مقديشو" إلى الواجهة من خلال سلسلة وثائقية جديدة من ثلاث حلقات بعنوان "النجاة من سقوط بلاك هوك" Surviving Black Hawk Down، من إنتاج الشركة الخاصة بـ ريدلي سكوت وإخراج جاك ماكينيس. تعيد السلسلة النظر في المعركة من خلال عدسة وثائقية، حيث تدعو الناجين الأميركيين والصوماليين لإعادة رواية الأحداث بسرديتهم الخاصة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقعت المعركة التي شهدت تحطم مروحيتين من طراز "بلاك هوك" في السماء وسقوطهما، في الثالث والرابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1993، لكن يمكن تتبع أصولها إلى بداية الحرب الأهلية الصومالية. في أواخر الثمانينيات، كانت البلاد تمر بفترة من الاضطرابات السياسية، وكان النظام الاستبدادي للرئيس سياد بري قد انهار عام 1991. في العام التالي، تسبب نقص المواد الغذائية والجفاف الشديد في حدوث مجاعة واسعة النطاق. تم إرسال قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلى البلاد، لكنها سرعان ما وجدت نفسها في صدامات مع زعيم تحالف الصوماليين الوطنيين، محمد فرح عيديد. أطلقت القوات الأميركية عملية "الثعبان القوطي" للقبض على عيديد، الذي اعتبرته القوات الأميركية زعيماً متمرداً. في بداية أكتوبر عام 1993، أرسلت قوات أميركية إلى مقديشو في محاولة للقبض على عيديد ومساعديه، لكن ميليشياته قاومت بشدة. وبعد سقوط مروحيتين من طراز "بلاك هوك" تحولت العملية العسكرية التي كانت تهدف إلى الهجوم إلى مهمة إنقاذ فوضوية. كما كتب مارك بودن في كتابه: "تمكن المتمردون من إسقاط مروحيتين أميركيتين من طراز 'بلاك هوك' بقذائف صاروخية. وعندما سارعت مجموعة من نحو 90 جندياً من قوات المارينز وقوات دلتا الأميركية إلى مهمة الإنقاذ، وقعوا في تبادل كثيف لإطلاق النار وعلقوا في المنطقة طوال الليل". لم تكن عملية الإنقاذ سهلة على الإطلاق. كما كتب مراسل "اندبندنت"، ستيف بلومفيلد، لاحقاً: "قُتل ثمانية عشر جندياً أميركياً من قوات الصاعقة (رانجرز) في تبادل إطلاق النار الذي تلا ذلك. تم سحب جثثهم الممزقة عبر شوارع مقديشو المدمرة بفعل المعارك. قُتل نحو ألف صومالي أيضاً في ذلك اليوم، على كل حال، لم يُنتج فيلم هوليوودي عنهم". ومع أن الفيلم الذي أخرجه ريدلي سكوت حاول تصوير الحادثة بطريقة بطولية، إلا أن معظم الناس يتذكرونها على أنها كارثة فاشلة. مسعى وثائقي "النجاة من سقوط بلاك هوك" هو أن يكون شهادة من قلب معركة مقديشو وتصحيح هذا التفاوت إلى حد ما، حيث يضم مقابلات مع سكان مقديشو الذين وجدوا أنفسهم محاصرين في منطقة الحرب، وكذلك مع الميليشيات المحلية إلى جانب جنود من حراس الجيش الأميركي وقوات دلتا الذين كانوا يقاتلونهم. من بين الذين تم إجراء مقابلات معهم، سعيدو محمد، وهي من سكان مقديشو، التي استولى الجنود الأميركيون على منزلها للاحتماء من ميليشيات عيديد. تقدم شهادة مروعة تمتد على مدار حلقتين، إذ تتذكر مخاوفها من كل من الأميركيين الذين غزوا منزلها والمقاتلين الصوماليين الذين أحاطوا به. كان الجنود من كلا الجانبين صريحين حول العنف الذي مارسوه. يروي أحد الجنود الأميركيين: "قررت أن أقتل كل شخص أراه عدائياً أو يتصرف بعدوانية بأي شكل. لا أعتقد أن إصبعي ترك الزناد لفترة طويلة على الإطلاق". بينما قال أحد المقاتلين الصوماليين: "كان سقوط المروحية أسعد لحظة في حياتي"، ويضيف: "لم يتوقف سلاحي عن إطلاق النار أبداً." لم يكن هناك ما يدعو للفخر في ما حدث بعد ذلك أيضاً. في أعقاب معركة مقديشو، سحبت القوات الأميركية نفسها من البلاد، وتبعتها بقية قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بعد وقت قصير. كما أشار بلومفيلد: "تُركت الصومال لتعود إلى الفوضى." وثائقي "النجاة من سقوط بلاك هوك" متوافر للمشاهدة الآن عبر منصة "نتفليكس".

مجلة سيدتي
٠١-١٢-٢٠٢٤
- مجلة سيدتي
فيلم الهوى سلطان في قائمة Top 5 في شباك التذاكر السعودي
تشهد دور العرض السعودية ، حالة تنافسية شديدة بين 40 فيلمًا متنوعًا، وسط إقبالٍ جماهيري ضخم، الأمر الذي انعكس على حجم الإيرادات، خلال الأسبوع الأخير في شهر نوفمبر الماضي، وتحديدًا في الفترة من 24 إلى 30 نوفمبر. فيلم "Moana 2" يتصدر شباك التذاكر كشفت هيئة الأفلام السعودية، عن حجم الإيرادات التي حققها شباك التذاكر السعودي ، خلال الأسبوع الماضي، فقد حقق مبيعات ضخمة تجاوزت 312.5 ألف تذكرة مباعة، بقيمة 16.2 مليون ريال، فيما تصدر فيلم "2 Moana" بالتزامن مع الأسبوع الأول لعرضه هناك، مُحققًا 5.6 مليون ريال، مقابل 108.4 ألف تذكرة مباعة. وتدور أحداث الجزء الثاني من الفيلم، والذي يُعرض بعد مرور 8 سنوات من الجزء الأول، حول ظهور "موانا" وطاقمها في مهمة للبحث عن جزيرة موتوفيتو المفقودة، والتي كانت يومًا جزءًا من المحيط، إلا أنها الآن مخفية تحت سيطرة إله العواصف الغيور، وبعد تلقي "موانا" نداءً غير متوقع من المستكشفين الذين سبقوها، تجد "موانا" نفسها في رحلة عبر البحار البعيدة في مهمة لاستكشاف المياه الخطرة التي فقدت منذ زمن طويل، وبذلك تخوض مغامرة غير مسبوقة خلال أحداث الفيلم. فيلم "Moana 2" يشارك في بطولته دوين جونسون، نيكول شيرزينجر، ألن توديك، جيماين كليمان، تيمويرا موريسون ويأتي الفيلم من إخراج رون كليمنتس وجون ماسكر. فيلم Gladiator II يتراجع للمركز الثاني أما فيلم Gladiator II، تراجع إلى المركز الثاني، بعدما احتفظ بالصدارة لمدة أسبوعين على التوالي، حيث حقق خلال الأسبوع الماضي 3.5 مليون ريال، مقابل 57.9 ألف تذكرة، ليصل إجمالي ما حققه منذ طرحه هناك قبل 3 أسابيع، نحو 14.5 مليون ريال، مقابل 234.2 ألف تذكرة. وتدور أحداث الفيلم حول "لوشيوس"، ابن حبيبة "ماكسيموس" والتي تُعرف باسم "لوسيا"، ذلك في أعقاب وفاة "ماكسيموس" وانقلاب موازين القوة، وهو بطولة: بول ميسكال، بيدرو باسكال، دينزل واشنطن ، فريد هشينجر، جوزيف كوين، كوني نيلسن. والعمل تأليف ديفيد سكاربا، وإخراج ريدلي سكوت. "الهوى سلطان" بالمركز الثالث أما فيلم "الهوى سلطان" بطولة الثنائي منة شلبي وأحمد داود، جاء في المركز الثالث، بعدما حقق في شباك التذاكر السعودي 2.5 مليون ريال، مقابل 47.5 ألف تذكرة، ليبلغ إجمالي ما حققه على مدار الـ3 أسابيع الماضية 8.9 مليون ريال، مقابل 174.4 ألف تذكرة. تدور أحداث فيلم "الهوى سلطان" في إطار رومانسي اجتماعي، عن العلاقات بين الأصدقاء، وكيف أنها تتحول بسبب الهوى، من خلال إلقاء الضوء على علاقة الصداقة التي تجمع بين أحمد داود ومنة شلبي خلال أحداث العمل. View this post on Instagram A post shared by Sea Cinema Productions (@seacinemaproductions) لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي». وللاطلاع على فيديوجراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي». ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن».