logo
37 كيلومترًا من الخذلان .. هل يتعلم من بقي..؟!

37 كيلومترًا من الخذلان .. هل يتعلم من بقي..؟!

يمنات الأخباري٢٨-٠٧-٢٠٢٥
أيوب التميمي
لم يكن يحمل حقيبة، ولا هاتفًا، ولا حتى خارطة طريق.
كان يحمل فقط وجهه المُتعب، وخيبة ثقيلة تمشي على قدميها، وسبعةً وثلاثين كيلومترًا من الأسى.
الرجل الذي كان يملك اليمن، لم يجد منزلًا… والذي صفّق له الملايين، مات وحيدًا.
لم يكن المشهد عاديًا… رئيسٌ حكم اليمن لأكثر من 33 عامًا، عاش في القصور، وتحت يده دولة وجيش وشيوخ قبائل، ينتهي به المطاف مطاردًا، هاربًا في سيارة، يبحث عن مأوى، فلا يجد من يفتح له بابًا.
المسافة من منزله في قلب صنعاء إلى مسقط رأسه في سنحان، لا تتجاوز 37 كيلومترًا، لكنها كانت أطول مسافة في حياته… كل مترٍ منها كان يحمل طعنة من قريب، أو خيبة من حليف.
الفيلم الوثائقي 'المعركة الأخيرة'، الذي بثّته قناة 'العربية'، لم يلفت انتباهي من زاوية الإخراج أو الصوت، بل مشهدٌ واحدٌ ظلّ عالقًا في ذهني: شهادة ابنه 'مدين' وهو يروي لحظة هروب والده من منزله، بعد أن تخلّى عنه الجميع.
لم يكن هروبًا عاديًا… كان خروجًا صادمًا من عالم السلطة إلى واقع الحقيقة.
الرئيس الذي أغدق الأموال على كبار المشايخ، والذي زرع رجاله في كل مكان، لم يجد بيتًا تُفتح أبوابه، ولا طيقانًا تشاهد ما يحدث، ولا آذانًا تسمع أزيز الرصاص.
الطرقات التي فرشها نفوذًا، تحولت إلى صحراء موحشة.
والناس الذين طالما نادوه بـ'الزعيم'، أغلقوا أبوابهم حين سمعوا أنه قادم.
هذا المشهد لا يخص علي عبدالله صالح وحده، بل يكشف كيف يمكن أن تسقط الأنظمة التي تُبنى على المصالح لا المبادئ، وعلى شراء الولاء لا بنائه.
فالمال قد يشتريك رجالًا، لكنه لا يصنع منهم أوفياء.
والنفوذ قد يجعل حولك الكثير، لكنهم سيصمتون حين تسقط، أو يختفون.
والشعب الذي لم تكن معه في لحظات ضعفه، لن يقف معك حين تأتي لحظة ضعفك.
ومن لم يكن مع شعبه… فلا يظن أن الشعب سيكون معه.
فالخذلان لا يأتي من الخصوم، بل من أقرب الناس… من الذين ظننت أنهم السند، فإذا هم أول من يبيعك حين تهب رياح التغيير.
37 كيلومترًا من الخذلان… تكفي لتعلّم كل مسؤول درسًا لا يُنسى:
لا تغترّ بكثرة المصفّقين، ولا تظن أن الناس من حولك سيبقون معك إذا ضعفت.
مشهد الهروب في الفيلم الوثائقي 'المعركة الأخيرة'، لم يكن مجرد لحظة هروبٍ من الرصاص، بل فرارًا من الوهم.
كان سقوطًا مهينًا لرجلٍ ظنّ أن الدولة شبكة علاقات، وأن الزعامة حشد أصوات، وأن الولاء سلعة قابلة للشراء.
فإذا به يكتشف، بعد ثلاثين عامًا من الحكم، أن لا شيء في قبضته… سوى الفراغ.
لم يكن وحده من سقط في تلك اللحظة، بل سقطت معه حقبة بأكملها.
سقطت ثقافة سياسية بُنيت على شراء الذمم، وبيع الكرامة، ومكافأة الانتهازي على حساب الشريف.
سقط وهم القوة، ووهم المال، ووهم الحشد.
في السياسة، لا يُغني الحلفاء عن الرجال.
وفي لحظة الحقيقة، لا يحميك إلا من وقف معك حين لم يكن في يدك شيء.
لذلك، فإن 37 كيلومترًا من الخذلان ليست مجرد مسافة هروب… بل هي طريق طويل من الغرور إلى العزلة، ومن القصور إلى العراء.
ومن يظن أن المنصب يصنع الأوفياء والصادقين، فهو واهم.
فالرجال لا يُصنعون بقرارات جمهورية، ولا يُخلقون في لجان وهيئات… الرجال يُعرفون عند السقوط، لا عند الظهور على شاشات التلفاز.
وإلى أولئك الذين يظنون أن المال كفيلٌ بشراء الولاء…
فالولاء الذي يُشترى، يُباع عند أول رصاصة.
والنفوذ الذي لا يقوم على الاحترام، يُهدم عند أول زلزال.
اختر من حولك بعناية…
لا تبحث عن المنافقين الذين يقولون 'نعم' دائمًا، بل عن الأوفياء الذين ينبهونك حين تخطئ، ويقفون معك حين تقع.
فإن أخطر ما في السياسة ليس الخصم الذي يحاربك، بل الصديق الذي يطعنك.
والزعامة الحقيقية لا تُبنى بالهتافات، بل بالمواقف.
لم يكن علي عبدالله صالح أول من يختبر هذا الدرس، لكنه كان أكثرهم درامية.
وقد لا يكون الأخير.
37 كيلومترًا من الخذلان لم تكن طريقًا بين موقعين على الخريطة، بل بين موقعين في التاريخ:
من رجلٍ كانت تُصنع باسمه المهرجانات، إلى رجلٍ يُبحث عنه في الجبال كخطرٍ يجب تصفيته.
فهل يتعلّم من بقي؟
ربما…
إن قرأ '37 كيلومترًا من الخذلان' كدرس، لا كفيلم.
وإن نظر حوله، لا إلى فوقه.
وإن اختار رجاله من معدن الموقف، لا من ذهب السلطة.
فالتاريخ لا يرحم من لا يتعلّم،
ولن يعيد نفسه على نحوٍ أكرم،
إن لم نحسن قراءته ونحن لا نزال واقفين.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عوائق خورمكسر تزيل استحداثاث عشوائية لفتح طريق عام بمنطقة العريش
عوائق خورمكسر تزيل استحداثاث عشوائية لفتح طريق عام بمنطقة العريش

اليمن الآن

timeمنذ 3 دقائق

  • اليمن الآن

عوائق خورمكسر تزيل استحداثاث عشوائية لفتح طريق عام بمنطقة العريش

نفّذ مكتب الأشغال العامة والطرق بمديرية خورمكسر، عبر قسم العوائق، حملة لإزالة عدد من الأساسات والأحواش العشوائية والمخالفة في منطقة العريش – غازي علوان، وذلك بتوجيهات من وزير الدولة، محافظ العاصمة عدن، أحمد حامد لملس، وإشراف مباشر من مدير عام المديرية، عواس الزهري. واستهدفت الحملة إزالة الاستحداثات التي أقيمت بشكل مخالف على طريق عام بعرض 25 مترًا في وحدة الجوار 61 4A، والتي شملت أساسات حجرية وأحواشًا عشوائية ، حيث قامت فرق الحملة بإزالتها بشكل كامل تمهيدًا لفتح الطريق أمام المواطنين. وأوضح رئيس قسم العوائق بالمديرية، قاسم الدابولي، أن القسم يعمل بشكل مستمر على رصد وإزالة التعديات على أراضي الدولة والمواطنين، وفق توجيهات قيادة المديرية ممثلة بالمدير العام، عواس الزهري، الذي شدد على عدم التهاون مع أي أعمال بسط أو تعدٍ على الممتلكات العامة والخاصة. وأكد الدابولي أن الحملات ستستمر لضمان الحفاظ على المخطط العمراني والحد من العشوائيات، بما يسهم في تحسين البنية التحتية وخدمة المواطنين في المديرية.

رئيس الوزراء اليمني: على الأسعار أن تعكس تحسن العملة
رئيس الوزراء اليمني: على الأسعار أن تعكس تحسن العملة

يمن مونيتور

timeمنذ 3 دقائق

  • يمن مونيتور

رئيس الوزراء اليمني: على الأسعار أن تعكس تحسن العملة

يمن مونيتور/ قسم الأخبار عقد مجلس الوزراء اليمني اجتماعه الدوري اليوم الأربعاء في العاصمة المؤقتة عدن، برئاسة رئيس الوزراء سالم بن بريك، لمناقشة التحديات الاقتصادية والخدمية، والسبل الكفيلة بتحويل التحسن النقدي إلى نتائج ملموسة في حياة المواطنين. وأكد المجلس أن التحسن الأخير في قيمة الريال اليمني يعكس تكامل السياسات النقدية والمالية التي انتهجتها الحكومة مؤخرًا، داعيًا كافة الوزارات والمؤسسات إلى تفعيل هذا الإنجاز من خلال كبح جماح الأسعار، وضبط الأسواق، ومكافحة الاحتكار والمضاربة. وقال إن 'تحسّن سعر صرف العملة الوطنية ليس مجرد رقم اقتصادي، بل التزام حكومي بضرورة انعكاسه المباشر على أسعار السلع والخدمات'. في السياق ذاته، اعتبر رئيس الوزراء أن الحرب الاقتصادية التي تقودها جماعة الحوثي – عبر استهدافها المتكرر للبنية التحتية النفطية، وفرضها قيودًا على تداول العملة الوطنية – تمثل تحديًا استراتيجيًا لا يقل خطورة عن المعركة العسكرية، مشددًا على أن الانتصار فيها هو جزء من معركة استعادة الدولة. ووجّه رئيس الوزراء السلطات المحلية بتنفيذ حملات مكثفة للرقابة التموينية، لضمان تراجع أسعار السلع الأساسية بما يتناسب مع تحسن سعر الصرف، إلى جانب ضبط هوامش الأرباح ومواجهة كل أشكال التلاعب التجاري. كما شدد المجلس على ضرورة الالتزام بالتعامل الحصري بالريال اليمني في المعاملات التجارية والعقارية، دعمًا للسيادة النقدية، داعيًا البنك المركزي إلى مواصلة دوره الرقابي على القطاع المصرفي وتعزيز الإجراءات لضبط سوق الصرف. وأشاد المجلس بجهود وزارة الصناعة والتجارة وفرقها الرقابية، خصوصًا في عدن والمحافظات المحررة، مع التأكيد على أهمية استمرار التنسيق بين مختلف الجهات لضمان حماية المستهلك وتحقيق قدر أكبر من الاستقرار الاقتصادي. مقالات ذات صلة

الضالع.. مليشيا الحوثي تحشد مئات المقاتلين من الحشُاء وتدفع بهم نحو جبهات القتال في حجر
الضالع.. مليشيا الحوثي تحشد مئات المقاتلين من الحشُاء وتدفع بهم نحو جبهات القتال في حجر

اليمن الآن

timeمنذ 3 دقائق

  • اليمن الآن

الضالع.. مليشيا الحوثي تحشد مئات المقاتلين من الحشُاء وتدفع بهم نحو جبهات القتال في حجر

المرسى- الضالع دفعت مليشيا الحوثي الإرهابية بتعزيزات بشرية جديدة إلى المواقع المتقدمة في جبهة حجر شمال غرب محافظة الضالع، قادمة من مناطق سيطرتها في مديرية الحشُاء. وأكدت مصادر خاصة لـ' المركز الإعلامي لجبهة الضالع'، أن المئات من عناصر المليشيا، الذين أنهوا مؤخراً دورة تدريبية عسكرية في معسكر 'المشواس' شرق الحشاء، شوهدوا وهم يتجهون إلى مواقع قريبة من خطوط التماس في جبهة حجر، مشياً على الأقدام في تشكيلات استعراضية، وهم مدججون بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة. وأظهرت صور نشرها المركز الإعلامي مسيراً عسكرياً لعناصر الحوثي تم تنظيمه في مناطق مجاورة للحشُاء، تمهيداً للزج بهم إلى جبهات القتال في الضالع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store