
العروبة الجديدة؟!
في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وفي خطاب ممتلئ بالأمل، ذكر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان: «أنا أعتقد أن أوروبا الجديدة سوف تقع في الشرق الأوسط»، وبعدها عدّد الإصلاح والانطلاق الجاري في دول مجلس التعاون الست، وذكر ما هو جارٍ لدى الجميع من تقدم. ومَن شاهد القول في التلفزيون أو «اليوتيوب» فإنَّ الأمير ضرب بيده على صدره قائلاً: «هذه حربي»، و«حتى أغادر الحياة سأسعى لتحقيق الهدف». وفي ظل الغيوم والدخان والحرائق الجارية في منطقتنا، فإنَّ مراقبة التقدم الجاري في العديد من الدول العربية، وعلى رأسها الدول الخليجية الست ومصر، ورغم «كوفيد - 19» والحرب ضد الإرهاب، والحروب الأخيرة؛ تُبين لنا أنَّ محصلة ما جرى خلال السنوات السبع الماضية كان، وبشكل ملحوظ إيجابياً، سواء كان في الجغرافيا التي واكبت مع الديموغرافية العربية إقامة المدن والبنية الأساسية على مساحات شاسعة، جرى ذلك من خلال مشروعات عملاقة وجريئة ربطت البحار بالصحاري، وأقيمت الزراعة والصناعات الحديثة، وزادت الرابطة العربية سياسياً واقتصادياً، بينما اكتسبت قناة السويس السرعة والكفاءة حول البحر الأحمر وخليج العقبة، خالقة منطقة للرخاء المشترك.
وخلال الأسابيع الأخيرة أطلّت علينا مرحلة «تاريخية» جديدة في عملية التقدم الشاملة، عندما حدثت زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى المنطقة، وبقدر ما كانت الرحلة تحتوي على معالجات «جيو سياسية» تتناسب مع الأحوال الحرجة في المنطقة، فإن ما غلب كان المبادرات «الجيو اقتصادية»، وبينما الأولى تحقق قفزات في القدرات الأمنية والعسكرية، فإن الثانية تقفز إلى أعتاب الثورة الصناعية والتكنولوجية الرابعة.
فكرة اللحاق بأوروبا وتقدمها كانت مطروحة منذ القرن التاسع عشر، عندما صرح الخديو إسماعيل بأنه يريد لمصر أن تكون قطعة من أوروبا، وخلال العقود التالية، فإن التصريح وما كان قبله من إرسال 324 طالباً أزهرياً مصرياً إلى أوروبا فاتحة الحداثة الأولى في المنطقة، ولكننا لم نصل إلى الأعتاب الأوروبية.
في العصر الحالي، وقبل عقود قليلة، فإن مئات الألوف من العرب، وخاصة من دول الخليج، ذهبت إلى أوروبا والولايات المتحدة للحصول على العلم والمعرفة، ولعل ذلك كان الدافع وراء الكلمات الواثقة لولي العهد، والتي تضيف لها التطورات الأخيرة الكثير من الإضافة للقدرات والطاقة المعرفية. والحقيقة أن اتباع طريق التنمية والتقدم يشكل في حد ذاته دافعاً قوياً لإقامة «العروبة الجديدة»، التي تختلف عن تلك التي سادت آيديولوجياً خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي. «الجديدة» هذه المرة تقوم على أسس جديدة نابعة مما حدث في العالم من تطورات، فلم يعد العالم كما كان في الفترة الاستعمارية وما بعدها من استقلال وما تلاها من حرب باردة ووفاق وعولمة. والأهم من ذلك حالة التنافس ما بين أميركا والصين وأوروبا والزائرين الجدد من الهند والبرازيل.
كثيراً ما أشرنا في هذا المقام إلى أن النهضة الأوروبية جاءت بعد الثورة الفرنسية والحروب النابليونية، وما جاء بعدها من إقامة القاعدة للسياسة الأوروبية The Concert of Europe التي ضمت وقتها بريطانيا وفرنسا وروسيا والنمسا وبروسيا، وقامت قاعدة الإصلاح في الداخل على أكتاف الثورة الصناعية، والاستعمار في الخارج بتقسيم العالم غير الأوروبي في آسيا وأفريقيا. هذه القاعدة هي التي قادت فيما بعد لإنشاء الاتحاد الأوروبي منعاً للحروب، وسبيلاً للتقدم في مجالات الطاقة النووية، والآن في منافسة الذكاء الاصطناعي مع العالم.
أنْ يكون العالم العربي هو القاعدة لأوروبا جديدة في الشرق الأوسط ليس بعيد المنال، وما تحقق من رؤية «2030» الذائعة في دول الإصلاح العربية يحتاج إلى «عروبة جديدة»، ليست فقط ممثلة لوحدة الثقافة العربية، وإنما لكي تقي من الحروب التي ازدادت حرائقها نتيجة «الربيع العربي» المزعوم في ناحية، والتطور التكنولوجي في ناحية أخرى. «التقدم» الذي يقي من الخلافات والانقسامات والقدرة على حل النزاعات يقع تاريخياً الآن على أكتاف الدول التي اختارت الإصلاح والاستقرار والسلام سبيلاً إلى المستقبل، وهو كذلك الذي يولد ما يكفي من الاعتماد المتبادل في الإنتاج والأسواق؛ لكي يتيح براحاً كافياً لتكامل موضوعي بين دول تجمعها حضارة واحدة. ما يحتاج الكثير من التفكير والدراسات أولاً هو المتابعة الفكرية لما تحقق خلال السنوات العشر الماضية وطريقها خلال السنوات الخمس المقبلة؛ وثانياً السعي نحو أشكال جديدة من التعاون والاستفادة من الاعتماد المتبادل، خاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وثالثاً استكشاف المزايا النسبية لكل دولة عربية مشاركة حتى يحسن استغلالها وتعظيم فوائدها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ 7 ساعات
- الدستور
أبو السعود : إنشاء خط ناقل لمياه الصرف الصحي من محطة الرمثا إلى الشلالة
الرمثا- محمد أبوطبنجة تفقد وزير المياه والري المهندس رائد ابو السعود ،امس الاول ، محطة تنقية الرمثا يرافقه امين عام سلطة المياه المهندس سفيان البطاينة ،بهدف الاطلاع ومتابعه تنفيذ توسعة وتأهيل محطة تنقية الرمثا. واطلع الوزير علي الأعمال الجاري تنفيذها في المحطة والتي ستتم على مرحلتين للعمل بطريقة متطورة حديثة ، وستمكن توسعة المحطة من تغطية وخدمة معظم المناطق في الرمثا حتى العام 2045 ورفع كفاءة معالجة المياه وفق أفضل المواصفات العالمية. وبين ابو السعود أن المشروع من المشاريع الوطنية المهمة لسلطة المياه في قطاع الصرف الصحي التي تاتي ضمن الاستراتيجية الوطنية للمياه 2023-2040 ، وان اعادة تاهيل المحطة جاء لاستيعاب التدفقات الكبيرة الى المحطة، ورفع كفاءة المحطة على مرحلتين وزيادة طاقتها الاستيعابية من 5400 متر إلى 22400 متر مكعب يومياً، مما ينعكس على تحسين خدمة المناطق في الرمثا المكتظة بوجود اللاجئين السوريين وخدمتها بالصرف الصحي وفق أحدث التقنيات الحديثة . وأوضح أبو السعود أن تنفيذ المرحلة الأولى سيتم جنباً إلى جنب مع المحطة القائمة لخدمة مناطق: الرمثا، وسهل حوران، والطرة، والشجرة والبويضة وعمراوة، والذنيبة لخدمة 200 ألف نسمة متوقعا انجازها خلال عام 2027،لتصل طاقة المحطة إلى 11 الف متر مكعب يوميا ، فيما تتضمن المرحلة الثانية رفع طاقة المحطة بمعدل 11 ألف متر مكعب إضافية لتصبح طاقتها الإجمالية 22400 ألف متر مكعب حتى العام 2045 . وأضاف ابو السعود أنه سيتم إنشاء خط ناقل لنقل مياه الصرف الصحي من محطة تنقية الرمثا إلى مخرج محطة تنقية الشلالة على أن يجري إنشاء مخارج للخط وربط خطوط لتزويد المزارعين بمياه الري المعالجة، وفق أفضل المواصفات ، حيث ستتم معالجة مياه الصرف الصحي حسب المواصفة الأردنية وتتطابق مع المعايير الدولية العالمية للزراعات الرعوية والمقيدة، حيث سيتم الاستفادة من كميات المياه المعالجة لري المناطق المجاورة للمحطة، وإحداث تنمية اقتصادية محلية . من الجدير بالذكر أن وزير المياه والري المهندس رائد أبو السعود وقع اتفاقية تنفيذ وتوسعة وتأهيل محطة تنقية الرمثا مع المقاول شركة حسين عطية للمقاولات المهندس مازن عطية وباسافنت Passavant بحضور ممثلي الاتحاد الأوروبي والوكالة الفرنسية AFD وحضور امين عام سلطة المياه بالوكالة المهندس رامي أبو رواق والمساعد لشؤون الصرف الصحي م. وائل الدويري والمساعد لشؤون العطاءات م. أسماء الوهادنة وعدد من كبار مسؤولي المياه البالغة قيمتها حوالي (50.652) مليون دولار امريكي الممولة كقروض ومنح من الوكالة الفرنسية للتنمية AFD و الاتحاد الأوروبي EU .

عمون
منذ 13 ساعات
- عمون
أوربان: يجب إبقاء أوكرانيا خارج الاتحاد الأوروبي
عمون - قال رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان، أن أوكرانيا دولة خطرة، ومن الأفضل "إبقاء الأوكرانيين خارج" الاتحاد الأوروبي. وجه أوربان هذا التحذير، خلال مشاركته في البرنامج الصباحي لإذاعة كوشوت، حيث تحدث عن تزايد الجرائم المالية وحالات الاحتيال الهاتفي التي تنفذها عصابات أوكرانية إجرامية منظمة. وأشار رئيس الوزراء إلى أن 80% من هذه الجرائم في هنغاريا ترتكب بمشاركة أوكرانية، وفقا لبيانات أمنية. كما أضاف أنه تم مؤخرا تفكيك مركز اتصال أوكراني غير قانوني كان يستخدمه المحتالون، حيث بلغت الأضرار التي لحقت بالمواطنين الهنغاريين نتيجة الاحتيال 20 مليون يورو في السنوات الأخيرة. ولفت أوربان إلى أن العصابات الإجرامية المنظمة الأوكرانية تستخدم تقنيات حديثة وتشكل "شبكات مافيا واسعة النطاق"، قائلا: "أوكرانيا دولة خطرة"، مضيفا أنه "من الأفضل إبقاء الأوكرانيين خارج الاتحاد". وأكد معارضته للانضمام المتسرع لكييف إلى الاتحاد الأوروبي، وأنه "بعد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ستصبح حياة الأوساط الإجرامية أسهل بكثير"، والتصدي لها سيكون أكثر صعوبة.


جفرا نيوز
منذ 21 ساعات
- جفرا نيوز
محكمة أميركية تعيد فرض رسوم ترامب غداة تعليقها
جفرا نيوز - أعادت محكمة استئناف اتحادية أميركية، الخميس، فرض الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، وذلك بعد يوم من حكم محكمة تجارية بوقف تنفيذها بأثر فوري قائلة إن ترامب تجاوز سلطته بإصدار هذه الرسوم. ولم يقدم قرار دائرة محكمة الاستئناف الاتحادية في واشنطن أي رأي أو تعليل، وإنما وجّه المدعين في القضية باتخاذ إجراء بحلول الخامس من حزيران والإدارة الأميركية بحلول التاسع منه. وكان الحكم المفاجئ الصادر عن محكمة التجارة الدولية الأميركية الأربعاء قد هدد بإلغاء الرسوم أو على الأقل تأجيل فرضها على معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين، بالإضافة إلى رسوم الاستيراد على السلع من كندا والمكسيك والصين والمتعلقة باتهامه الدول الثلاث بتسهيل تدفق الفنتانيل إلى الولايات المتحدة. وفي وقت سابق اليوم هون مسؤولون كبار في إدارة ترامب من شأن التأثير الناجم عن قرار محكمة التجارة، وعبروا عن ثقتهم في إلغاء القرار بعد الطعن وأكدوا وجود سبل قانونية أخرى يمكن استخدامها حتى صدور قرار جديد. وشهدت الأسواق المالية، التي تذبذبت بشدة مع كل منعطف في حرب ترامب التجارية الفوضوية، تفاؤلا حذرا اليوم. وطعنت إدارة ترامب فورا على الحكم وطلبت من محكمة استئناف وقفه والسماح ببقاء نظام الرسوم الجمركية ساريا. ووضع ترامب الرسوم الجمركية في القلب من جهوده لانتزاع تنازلات من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، بما في ذلك الحلفاء التقليديون مثل الاتحاد الأوروبي. وفي مقابلة مع فوكس بيزنس الخميس، عبر المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت عن ثقته في أن الحكم سيُلغَى في نهاية المطاف. وقال إن الأمر لن يعوق توقيع اتفاقات تجارية جديدة. وقال هاسيت "إذا كان هناك عراقيل صغيرة هنا أو هناك بسبب قرارات يتخذها قضاة يتصرفون مثل النشطاء السياسيين، فالأمر غير مقلق على الإطلاق، وبالتأكيد لن يؤثر ذلك على المفاوضات". وفي مقابلة مع بلومبرج قال المستشار التجاري للبيت الأبيض بيتر نافارو، وهو من أشد المؤيدين لزيادة الرسوم الجمركية، إن إدارة ترامب ربما تعتمد على قوانين أخرى لتطبيق رسوم الاستيراد إذا ظل قرار المحكمة ساريا. واستند ترامب في قراراته إلى قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة، وهو قانون يهدف إلى مواجهة التهديدات في أثناء حالات الطوارئ الوطنية، لفرض رسوم جمركية على كل شريك تجاري للولايات المتحدة تقريبا، مما أثار مخاوف من حدوث ركود عالمي. وعلق الرئيس العديد من الرسوم الجمركية حتى أوائل تموز بعد أن شهدت الأسواق حالة من الاضطراب.