
توفيق الزايدي: السينما السعودية تسير بخطى واثقة نحو العالمية
وعُرض «نورة» للمرّة الأولى في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» عام 2023، وشارك في العام التالي ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان «كان»، وحصل على تنويه خاص من لجنة التحكيم، فيما نال بطله يعقوب الفرحان جائزة أفضل ممثل في النسخة الأخيرة من مهرجان «مالمو للسينما العربية».
وأضاف الزايدي، في حواره مع «الشرق الأوسط»، أنّ مشاركة فيلمه في «كان» شكّلت لحظة مفصلية في مسيرته، مؤكداً أنّ هذا الحضور العالمي كشف له عن ملامح المرحلة الجديدة من تجربته الفنّية والشخصية على السواء، فالتجربة أفسحت له المجال لرؤية المشهد من زاوية مختلفة، خصوصاً ما يتعلق بالدوائر الاجتماعية التي تحيط بالفنان.
ورأى أنّ فيلم «نورة» قدَّمه إلى العالم بشكل مباشر، وتحوَّل إلى نافذة حقيقية أطلَّ من خلالها الجمهور العالمي على السينما السعودية، مضيفاً: «تلك التجربة جعلتني أكثر وعياً بمسؤولية تمثيل بلدي فنّياً أمام جمهور متعدّد الثقافة والخلفية».
خلال حضور عرض الفيلم في آسيا (الشرق الأوسط)
وتدور أحداث «نورة» في قرية سعودية خلال التسعينات، حول فتاة تُدعى «نورة» تحلم بعالم يتجاوز حدود قريتها، ويشكّل قدوم مُدرِّس جديد إلى القرية حافزاً يدفع بأحلامها نحو آفاق جديدة، تكتشف من خلالها صوت الإبداع والفنّ. وتؤدي ماريا بحراوي دور «نورة»، بمشاركة الفنانَيْن عبد الله السدحان ويعقوب الفرحان.
وأشار الزايدي إلى أنه «حين عُرض الفيلم في مهرجان (البحر الأحمر)، تجاوزت ردود الفعل توقّعاتي، ما حفَّزني على تقديمه إلى مهرجان (كان)، وكانت المفاجأة حين اختير ضمن المسابقة الرسمية»، مضيفاً أنّ حضور الفيلم في «كان»، وحصوله على تنويه خاص من لجنة التحكيم، «شكّلا لحظة استثنائية، ليس لي شخصياً فحسب، وإنما لجميع صانعيه، ولصناعة السينما السعودية التي تخطو خطوات متقدّمة نحو العالمية».
ورأى أنّ «نورة» لا يمثل إنجازاً شخصياً فقط، وإنما خطوة متقدّمة في مشروع أشمل لصناعة سينمائية سعودية آخذة مكانها على الخريطة العالمية، مشدداً على أنَّ هذه النقلة لم تكن وليدة المصادفة، وإنما ثمرة سنوات من العمل والتجريب والعزلة أحياناً.
وأوضح أنه بدأ مشواره في صناعة الأفلام القصيرة منذ 2006، لكنه شعر عام 2012 بأنّ ما يقدّمه لا يعكس طموحه أو رؤيته الفنّية، فقرَّر حينها التوقف وإعادة ترتيب أولوياته، ودخل في عزلة اختيارية انشغل خلالها بالمطالعة ومشاهدة الأفلام ودراسة السينما بشكل ذاتي.
خلال تسلّمه تنويه لجنة التحكيم من مهرجان «كان» (الشرق الأوسط)
وأشار إلى أنه لم يدرس الفنّ أكاديمياً، لأنه يرى أنّ التكوين النظري يمنح الأدوات، لكنه لا يصنع الفنان. فهو يرى أنّ صانع الأفلام الحقيقي ينبع من داخله، وأنّ التجربة والصدق والتأمل عناصر لا توفّرها الكتب وحدها.
وأوضح أنّ تلك العزلة كانت ضرورية ومهَّدت لكتابة سيناريو «نورة» عام 2015؛ وهو مشروع وضع فيه تفاصيل شخصية كثيرة، بدءاً من اسم والدته الذي اختاره عنواناً للفيلم، وصولاً إلى ملامح بصرية ومكانية عاشها أو تأثَّر بها.
وتحدَّث الزايدي عن تفاصيل صغيرة داخل الفيلم ترتبط بذكرياته، مثل السيارة التي ظهرت في أحد المَشاهد، والتي كانت أول سيارة يقودها في حياته، أو الإشارات البصرية التي استلهمها من مخرجين عالميين تأثَّر بأعمالهم.
خلال حضوره في «مالمو» (إدارة المهرجان)
وأكد أنّ الفيلم كان فرصة للتعبير عن الذات بأدقّ تفاصيلها، وهذه الصيغة الشخصية منحته شعوراً بالتماسك والصدق، ما جعله يرفض التنازل عن أي جانب من رؤيته رغم الصعوبات، موضحاً أنّ عملية الحصول على تمويل لم تكن سهلة، إذ لم تكن الجهات المموِّلة واثقة من قدراته الإخراجية، رغم إعجابها بالنصّ، لكنه قرَّر البحث عن داعمين يؤمنون به هو، لا بالنص فقط.
وأضاف: «الإيمان بالمُخرج شرطٌ أساسي لأي مشروع ناجح، وقد فضّلتُ الانتظار على أن يُنتَج الفيلم تحت ضغوط أو تحفّظات تُفسد روحه»، مشيراً إلى أنه لم يكن يسعى للوصول إلى مهرجان «كان»، وإنما صبَّ تركيزه على إنجاز عمل صادق يحمل قيمة.
وعن أسلوبه في الإخراج، أوضح الزايدي أنه يتعامل مع الممثلين بكونهم شركاء حقيقيين، يمنحهم حرّية التفاعل مع الشخصية، ويُشجّعهم على التعبير والمشاركة في صياغة الأداء، مؤكداً أنه لا يعتمد على شهرة الممثل، وإنما على مدى تطابقه مع الشخصية نفسياً وجسدياً، مشيراً إلى أنّ العمل مع مواهب جديدة لا يقلقه، وإنما يراه فرصة لاكتشاف طاقات غير مستثمرة.
وتطرَّق إلى تجربة الكتابة، موضحاً أنه كتب سيناريو «نورة» لعدم عثوره على كاتب يكتب للشاشة بالشكل الذي يبحث عنه، لافتاً إلى أنّ القصة هي نقطة البداية، لكن الفيلم يُعاد خلقه في مرحلتَي الإخراج والمونتاج، إذ يُعاد ترتيب المَشاهد أو حذفها أو إضافة أخرى وفق ما يخدم السرد.
وأشار إلى أنَّ بعض المَشاهد تطلب يوماً كاملاً من التصوير، لكنه لم يُدرَج في النسخة النهائية، مؤكداً أنّ هذا القرار لا ينتقص من الجهد المبذول، وإنما ينبع من الحرص على الحفاظ على إيقاع الفيلم وجودته السردية والبصرية. وقال: «نجاح الفيلم لا يُقاس بعنصر واحد، فهو حصيلة عدد من العوامل. أن يبحث الجمهور عن (نورة) حتى اليوم، بعد أكثر من عام ونصف عام على عرضه، هو برأيي دليل على الأثر العميق الذي تركه العمل».
وأكد الزايدي أنه يفضّل أن يصنع أفلاماً تبقى في الذاكرة، لا مجرّد أعمال مؤقتة تُنسى بمجرد مغادرة صالة العرض، مشيراً إلى أنه بعد تصوير «نورة» في العُلا، اضطر للبقاء عاماً كاملاً في المونتاج، واصفاً حالته آنذاك بأنه كان مثل مَن يحمل جنيناً على وشك الموت.
وأوضح أنَّ لكل مرحلة من مراحل صناعة الفيلم صعوباتها، سواء في الكتابة أو الإخراج أو الإنتاج، لكنه يرى نفسه مُخرجاً أولاً، ويؤمن بأنّ المخرج الناجح لا بدَّ أن يكون بداخله كاتب ومنتج أيضاً. وأشار إلى أنه لا يسعى لتقديم فيلم ثانٍ لمجرّد المتابعة، وإنما يبحث عن مشروع يُحرّكه ويشعر تجاهه بالحماسة.
وختم الزايدي مؤكداً أنه يتعلّم من أخطائه باستمرار، وأنّ كل تجربة تضيف إلى وعيه الفنّي وتساعده في اتخاذ قرارات أكثر دقة مستقبلاً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
شاهد.. متنزه الخلب في المندق ينبض جمالًا بأجواء ماطرة تتخللها لحظات ضبابية
في منظر بديع فوق أعالي جبال محافظة المندق امتزجت السحب مع أشجار غابة "متنزه الخلب" المطل على الأودية العميقة، لتتشكل واحة طبيعية خلابة تجذب عشاق الطبيعة وهواة الرحلات على مدار العام. ويسهم "متنزه الخلب" شمال المحافظة في تعزيز السياحة، وجذب الزائرين، ويشهد إقبالًا كبيرًا من العائلات والشباب، الذين استمتعوا بجلسات الهواء الطلق، والمشي بين الممرات الطبيعية، وسط تساقط الأمطار التي تتخللها لحظات ضبابية تضفي سحرًا خاصًا على المشهد. وأوضح رئيس بلدية محافظة المندق المهندس موسى بن فيحان الزهراني لـ"واس" أن الخلب تبلغ مساحته الإجمالية 91.914 مترًا مربعًا، فيما بلغ عدد المواقع الاستثمارية الدائمة والمؤقتة 35 موقعًا، ومساحة المسطحات الخضراء 4000 متر مربع، ويتوفر بالمتنزه دورات مياه ومصلى وألعاب للأطفال عامة, إضافة للمرافق المتوفرة بالمواقع المستثمرة، وممشى على امتداد يزيد على ٦٠٠ متر طولي يتوفر بها مرافق ترفيهية رياضية متكاملة، ويُعد من المبادرات النوعية الموجهة لتعزيز أسلوب الحياة، ويعمل على تشجيع المجتمع على ممارسة المشي، وتسهم في تعزيز الصحة العامة وتشجيع الأنشطة الرياضية المجتمعية بالمنطقة. وأفاد بأن متنزه الخلب يحتوي عددًا من المواقع السياحية والترفيهية منها سيدة السحاب التي تقع على مساحة تتجاوز الـ29 ألف متر مربع في أعلى قمة بمتنزه الخلب بمحافظة المندق، الذي جاءت فكرته وفق طابع معماري مميز يتناسب مع طبيعة المحافظة، وصمم بشكل دائري، تتنوع فيه الإطلالات من جميع الجوانب، وحديقة الفراشة الترفيهية، وفندق الأرين روتانا والقرية التراثية بحديقة المبرد، وحديقة الرج التي أُنشئت على سفح جبل متنزه الخلب بإطلالة تمنح الزائر والسائح صورة بانورامية للمحافظة وأوديتها وجسورها المعلقة، استوحت تصاميمها من وحي طبيعة المحافظة، لتشكل إضافة في سلسلة المواقع السياحية المميزة على مستوى منطقة الباحة. وبيّن رئيس بلدية المندق أن حديقة البرج تقدر مساحتها حوالي 11.000 متر مربع تقريبًا، وتتكون من برج يطل على المحافظة مكون من سبعة أدوار يضم صالات طعام وصالات ضيافة، إضافة إلى وجود 30 جلسة مصممة ومطرزة بديكورات مستوحاة من طبيعة المحافظة بطابع يعطي للأسرة خصوصيتها، بالإضافة إلى مسطحات خضراء، وممرات وشلالات مائية. وأشار إلى أنه يتوسط الحديقة الكهف الاصطناعي مستوحى من طبيعة المحافظة وهو مكون من دورين بداخله جلسات متعددة، إضافة إلى سطح الكهف الذي يطل على كامل الحديقة، ويوجد مسرح يتسع لأكثر من 300 شخص، والعديد من المرافق الأخرى التي تلبي راحة الزائر. وتعيش محافظة المندق شمال شرق منطقة الباحة هذه الأيام أجواءً صيفية مميزة، وامتزجت خضرة الجبال وبهاء الطبيعة بزخات المطر المنعشة ودرجات الحرارة المعتدلة، لتصنع مشهدًا فريدًا يضاهي أجمل الوجهات السياحية الجبلية، إذ تُعد هذه الأجواء الماطرة، المصحوبة بعبق الأرض ورائحة الأشجار بعد المطر، جعلت من المندق محطة جذب رئيسة لزوار والمصطافين من مختلف مناطق المملكة وخارجها. وتحتضن محافظة المندق خلال صيف هذا العام فعاليات للقرى التراثية والمزارع الريفية التي أصبحت وجهة سياحية للكثير من السياح وزوار المنطقة، وحظيت تلك المزارع باهتمام أصحابها وإعادة تأهيليها لتكون وجهة سياحية تجسد هوية منطقة الباحة الزراعية والسياحية، والفعاليات، والأنشطة الترفيهية تناسب جميع الأعمار، وعروض للفنون الشعبية وفعاليات زراعية وريفية. يذكر أن منظمة الصحة العالمية اعتمدت محافظة المندق مؤخرًا مدينة صحية عالمية، وجاء ذلك بعد أن استوفت جميع المعايير لما تتمتع به من طبيعة ومساحات خضراء، إضافة إلى ما تقدمه البلدية من جهود في المحافظة على مقدراتها وتنميتها.


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
جناح "صقار المستقبل" يجذب الأطفال في المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور
خصص نادي الصقور السعودي جناحًا تفاعليًا بعنوان "صقار المستقبل"، ضمن فعاليات المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025، الذي يقام في مقر النادي بمَلهم (شمال مدينة الرياض)، ويتواصل حتى 25 أغسطس الجاري. ويستهدف الجناح تعريف النشء بعالم الصقّارة من خلال عرض الأدوات المستخدمة في تدريب الصقور والعناية بها، وتقديم شروحات حول أساليب الصيد وطرق الرعاية، إلى جانب عروض مرئية لمشاركات "صقّاري المستقبل" في منافسات مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور في دوراته السابقة. وأتاح النادي لهذه الفئة أشواطًا تنافسية خاصة ضمن المهرجان، دعمًا للهواة الصغار، وتمكينهم من خوض تجارب تحاكي بيئة الصقّارة الحقيقية مع تخصيص جوائز مالية وتكريم للفائزين بالمراكز الأولى. وأكد أحد المشاركين في "صقّار المستقبل" جابر الودايع، أن حضوره هذا العام برفقة أبناء عمومته يأتي بهدف شراء صقور مناسبة للمنافسة في أشواط "صقّار المستقبل" بمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور المقبل، مشيرًا إلى أن البرنامج الذي أطلقه نادي الصقور السعودي في الأعوام الماضية أسهم في تعلّم فنون الصقّارة، وطرق الهدد الداخلي والخارجي، وأساليب العناية بالصقور وتغذيتها. ويقدّم الجناح تحت إشراف مختصين, معلومات عملية تساعد الأطفال على فهم مراحل تدريب الصقور والتعامل معها، بما يسهم في بناء وعي مبكر لدى الجيل الجديد. ويُعد المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور منصة عالمية تجمع نخبة المنتجين والهواة والمحترفين من مختلف الدول، لتبادل الخبرات، وإبرام الصفقات، وتوسيع الشراكات، في إطار جهود المملكة للحفاظ على إرث الصقارة ودعمه بوصفه جزءًا من الهوية الثقافية والتراثية، وترسيخ موقعها الريادي عالميًا في هذا المجال.


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
جمعية خيركم تكرم 53 مجازًا في ختام الدورة الصيفية المكثفة للإقراء
احتفلت جمعية "خيركم" لتحفيظ وتعليم القرآن الكريم بمنطقة مكة المكرمة بطلاب الدورة الصيفية المكثفة للإجازة والإقراء الثالثة، والبالغ عددهم 53 مجازًا، وذلك في حفل أقيم بجامع بن يماني في جدة. بدأ الحفل بتلاوة مباركة من كتاب الله لأحد طلاب الدورة من المجازين، أعقبها كلمة ألقاها راعي الحفل الدكتور عبدالله بن صالح الغامدي، مدير عام جمعية خيركم، أشاد فيها بالقائمين على الدورة التي امتدت لستة أسابيع في مسجدي بن يماني والهويش. وأوضح أنه أجيز خلالها 53 طالبًا بعدة روايات متصلة السند إلى النبي ﷺ على يد نخبة من المقرئين، موصيًا الطلاب بمواصلة المسيرة بعد الإجازة بتعليم القراءات ومنحها للراغبين، استنادًا لقول النبي ﷺ: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه". واختتم الحفل، الذي تنوعت فقراته بين كلمات خطابية وفيلم تعريفي وختمات قرآنية، بتكريم مدير عام الجمعية ومساعد المدير العام للشؤون التعليمية عبدالعزيز باحداد للمقرئين وطلابهم، وذلك بحضور أولياء الأمور الذين غمرتهم الفرحة، وكان من بين المكرمين أب خمسيني وابنه تنافسا على مائدة القرآن ونالا الإجازة على يد معلمهما.