
أول صبي من غزة يتلقى العلاج في بريطانيا نتيجة إصابته في الحرب
ماجد شغنوبي يصل إلى مطار هيثرو في لندن
ماجد شغنوبي لا يستطيع تناول الطعام أو الحديث كما كان يفعل سابقاً، ولا يبتسم.
ومع ذلك، فقد غطى فمه المصاب بكمامة طبية، وكانت عيناه تلمعان لدى وصوله إلى مطار هيثرو بلندن على متن رحلة من القاهرة، برفقة والدته وشقيقه وشقيقته الصغيرة.
قال لي الفتى البالغ من العمر خمسة عشر عاماً: "أنا سعيد بوجودي في إنجلترا وتلقي العلاج".
كان يحاول الحصول على مساعدات إنسانية في المنطقة الكويتية شمال غزة في فبراير/شباط من العام الماضي، عندما انفجرت قذيفة دبابة إسرائيلية بالقرب منه، مما أدى إلى تحطم عظم فكه وإصابة ساقه.
شرح ما حدث له قائلاً: "ساعدني أحد أصدقائي ونقلني إلى المستشفى. ظنوا أنني ميت. فاضطررت إلى تحريك يدي لأريهم أنني على قيد الحياة".
أنقذ أطباء غزة حياته، وقضى ماجد عدة أشهر في المستشفى يتنفس عبر أنبوب القصبة الهوائية، قبل أن يُنقَل إلى مصر في فبراير/شباط من هذا العام، بعد سماح إسرائيل له، لتلقي المزيد من العلاج الطبي.
وهو الآن في المملكة المتحدة لإجراء عملية جراحية في مستشفى "غريت أورموند ستريت" للأطفال في لندن لاستعادة وظائف وجهه.
ويعد ماجد أول صبي من غزة يصل إلى المملكة المتحدة لتلقي العلاج بعد إصابته في الحرب، بعد مرور ما يقرب من عامين قُتل وأصيب خلالهما أكثر من 50 ألف طفل، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
BBC
أدى انفجار قذيفة الدبابة إلى تدمير عظم فك ماجد
وصل ماجد بعد أشهر من انطلاق المشروع الذي أسسه أطباء متطوعون، كانوا قد اجتمعوا في نوفمبر/تشرين الأول 2023 لوضع لبنة مشروع "بيور هوب" أو "الأمل الخالص" القائم على التبرعات، لمساعدة أطفال غزة المصابين والمرضى، على الوصول إلى المملكة المتحدة لتلقي العلاج.
ويقول القائمون على مشروع "بيور هوب": "تحتضن المملكة المتحدة بعض أفضل مرافق طب الأطفال في العالم. ومع ذلك، وبينما بادرت دول كالولايات المتحدة وبلجيكا وإيطاليا وسويسرا وغيرها الكثير للمساعدة، لم تحذُ المملكة المتحدة حذوها بعد".
ويأتي وصول ماجد إلى المملكة المتحدة بعد أقل من أسبوع من تعهد رئيس الوزراء السير كير ستارمر بإجلاء المزيد من الأطفال المصابين بجروح بالغة، على الرغم من أن الحكومة لم تُفصح إلا عن تفاصيل قليلة حول الخطة.
وسيضم الفريق الطبي لماجد - وهو فريق يعمل أفراده مجاناً - جرّاحين متخصصين في جراحة الوجه والجمجمة والتجميل وتقويم الأسنان، على أن تُدفع تكاليف المستشفى من تبرعات خاصة.
وصرح الجراح الرئيسي نور العواس جيلاني، أستاذ جراحة أعصاب الأطفال في مستشفى غريت أورموند ستريت قائلاً: "إذا تمكنا من منحه وجهاً وفكاً يستطيع استخدامهما، فلن يكون الأمر طبيعياً تماماً، لكننا نأمل أن يتمكن من التحدث وتناول الطعام دون مساعدة، وأن تتحسن تعابير وجهه".
وأضاف جيلاني: "نأمل أن يكون لذلك تأثير كبير على حياته ومستقبله. نأمل أن نتمكن من مساعدة المزيد من أمثاله من الأطفال في الأشهر المقبلة. إنها مسؤوليتنا الأخلاقية الجماعية".
وسبق لأطباء المستشفى أن عالجوا مرضى من أوكرانيا، وساعدوا العام الماضي في فصل توأم ملتصق في إسرائيل.
وقد أعرب البروفيسور جيلاني عن شعوره بالإحباط؛ لتأخر علاج أول طفل قادم من حرب غزة، في المملكة المتحدة.
وقال: "بصفتي طبيباً وإنساناً، لا أفهم تماماً لمَ استغرقنا أكثر من 20 شهراً للوصول إلى هذه اللحظة".
حدد مشروع "بيور هوب" 30 طفلاً من غزة، من المصابين بجروح خطيرة، آملاً في المساعدة في نقلهم إلى المملكة المتحدة. ويؤكد المشروع على أن إعلان الحكومة "حيوي ومتأخر"، لكن الوقت جوهري.
وقال عمر الدين، المؤسس المشارك في المشروع: "كل يوم تأخير، يُعرّض حياة ومستقبل الأطفال، الذين يستحقون فرصة العيش والتعافي وإعادة بناء حياتهم، للخطر".
BBC
راما (على اليمين) وغناء في حديقة في بريطانيا
في أبريل/نيسان، نجحت مجموعة المتطوعين في الحصول على تأشيرات لفتاتين، وهما راما، 13 عاماً، وغِنى، 5 أعوام؛ اللتين تعانيان من مشكلات صحية مزمنة، وذلك لإجراء عمليات جراحية بتمويل خاص في المملكة المتحدة.
نُقلت الفتاتان إلى لندن بعد إجلائهما من غزة إلى مصر؛ حيث لم تتلقيا العلاج اللازم بسبب تدمير نظام الرعاية الصحية هناك.
ومنذ أن التقيت بهما في أوائل مايو/أيار، ازداد وزن راما، وأصبحت غِنى، التي كانت انطوائية نتيجة صدمة نفسية عميقة، أكثر مرحاً بشكل ملحوظ.
خضعت غِنى لجراحة ليزر لتخفيف الضغط في عينها اليسرى، التي كانت معرضة لخطر فقدانها، فيما خضعت راما لجراحة استكشافية لمشكلة خطيرة في الأمعاء.
BBC
كانت غنى معرضة لخطر فقدان عينها اليسرى
وقالت والدة الفتاتين إن حالتهما جيدة.
ومع ذلك، فإنهما تشعران بالقلق الذي تجلى في صعوبة في الأكل والنوم، خوفاً على أفراد عائلتهما المتبقين في غزة، الذين يكافحون الآن لإطعام أنفسهم.
قالت راما: "الوضع هنا أفضل من غزة. لا قنابل ولا خوف"؛ بيد أن أصدقاءها من غزة يبعثون إليها رسائل يخبرونها فيها أنهم لم يذقوا الخبز منذ عشرة أيام، وتقول راما إن شقيقها الأكبر ينام في الشارع بعد قصف منزله أولاً، ثم خيمته.
وأضافت: "إنهم جائعون. لذا لا أريد أن آكل أيضاً. أشعر وكأنني ما زلت معهم".
وأفاد خبراء على صلة بالأمم المتحدة هذا الأسبوع، بوجود أدلة على أن انتشار الجوع وسوء التغذية والأمراض، يُساهم في ارتفاع الوفيات المرتبطة بالجوع بين نحو مليوني فلسطيني في غزة.
أما ماجد، الذي تعرض لإصابات غيّرت حياته أثناء محاولته توفير الطعام لعائلته، فهو قلق أيضاً على شقيقيْه اللذين لا يزالان في غزة.
ويقول: "أخشى أن يموتا أو أن يصيبهما مكروه. كل ما أريده هو أن يكونا بخير".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 7 ساعات
- الوسط
«يونيسف»: أطفال السودان أصبحوا مجرد جلد على عظم بسبب خفض التمويل وسوء التغذية
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، اليوم الثلاثاء إن خفض التمويل يدفع جيلًا كاملًا من الأطفال في السودان إلى حافة ضرر لا يمكن تداركه مع تقليص الدعم واستمرار حالات سوء التغذية في أنحاء البلاد. وتواجه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات الأمم المتحدة الأخرى واحدة من أسوأ أزمات التمويل منذ عقود والتي تفاقمت بسبب قرارات الولايات المتحدة ودول مانحة أخرى خفض تمويل المساعدات الخارجية، بحسب «رويترز». وقال شيلدون يت ممثل «يونيسف» في السودان متحدثًا عبر رابط فيديو من بورتسودان «لا يستطيع الأطفال الحصول على المياه الصالحة للشرب والغذاء والرعاية الصحية. سوء التغذية منتشر، والعديد من الأطفال الأصحاء أصبحوا مجرد جلد على عظم». خطر المجاعة.. وتشريد الملايين وأدى الصراع الدائر في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية إلى تشريد الملايين وتقسيم البلاد إلى مناطق يتصارع الطرفان للسيطرة عليها في ظل استمرار انتشار قوات الدعم السريع في غرب السودان. وقال برنامج الأغذية العالمي في يوليو إن عددًا من المناطق الواقعة إلى الجنوب من العاصمة السودانية الخرطوم معرض لخطر المجاعة. وقالت «يونيسف» إن الأطفال محرومون من الخدمات المنقذة للحياة بسبب خفض التمويل، في حين أن حجم الاحتياجات ضخم. وقال يت «مع أحدث خفض للتمويل، اضطر عدد من شركائنا في الخرطوم وأماكن أخرى إلى تقليص حجم عملياتها… ونعمل بأقصى طاقتنا في أنحاء السودان حيث يموت الأطفال من الجوع». وأضاف «نحن على وشك إلحاق ضرر لا يمكن تداركه في جيل كامل من الأطفال في السودان». خطة الاستجابة الإنسانية العالمية للسودان وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنه لم ي تمويل سوى 23% فقط من خطة الاستجابة الإنسانية العالمية للسودان التي تبلغ قيمتها 4.16 مليار دولار. وقالت «يونيسف» إن الوصول إلى المناطق المحتاجة لا يزال يشكل تحديا أيضا وسط تعذر الوصول إلى بعض الطرق بسبب موسم الأمطار، مما يعوق جهود إيصال المساعدات. ولا تزال مناطق أخرى تحت الحصار، مثل الفاشر. وقال الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لاركه «مر عام على تأكيد المجاعة في معسكر زمزم ولم يصل أي طعام إلى هذه المنطقة. ولا تزال الفاشر تحت الحصار. نحن بحاجة إلى الوصول الآن».


الوسط
منذ 14 ساعات
- الوسط
«يونيسف»: خفض التمويل يدفع أطفال السودان إلى ضرر لا يمكن إصلاحه
أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، اليوم الثلاثاء، أن خفض التمويل يدفع جيلاً كاملاً من الأطفال في السودان إلى حافة ضرر لا يمكن إصلاحه، مع تقليص الدعم واستمرار حالات سوء التغذية في جميع أنحاء البلاد. وقال ممثل «يونيسف» في السودان، شيلدون يت: «الأطفال يعانون محدودية الوصول إلى المياه النظيفة والغذاء والرعاية الصحية، وينتشر سوء التغذية، ويعاني العديد من الأطفال الأصحاء قلة الطعام». وتواجه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وغيرها من وكالات الأمم المتحدة، واحدة من أسوأ أزمات التمويل منذ عقود، وهي أزمة تفاقمت بسبب قرارات الولايات المتحدة وغيرها من الدول المانحة خفض تمويل المساعدات الخارجية. الكوليرا تهدد حياة 640 ألف طفل شمال دارفور أول من أمس الأحد، قالت «يونيسف» إن حياة أكثر من 640 ألف طفل دون سن الخامسة معرضة لخطر متزايد بسبب تفشي مرض «الكوليرا» في ولاية شمال دارفور غرب السودان. وقالت المنظمة إنه منذ اكتشاف أول حالة، في 21 يونيو، جرى الإبلاغ عن أكثر من 1180 حالة إصابة بالكوليرا، بينها نحو 300 حالة بين الأطفال، وما لا يقل عن عشرين حالة وفاة، في منطقة طويلة بولاية شمال دارفور.


الوسط
منذ 2 أيام
- الوسط
أمهات "زيكا" المنسيات: أطفالهن لا يستطيعون الأكل أو الكلام أو المشي
BBC تعيش روتي فرييريس مع ابنتها تامارا المصابة بمتلازمة زيكا عندما أبلغ الطبيب روتي فرييريس بأن ابنتها حديثة الولادة تامارا لن تعيش طويلاً، بدأت تبكي بلا توقف. كانت تامارا مصابة بصِغَر الرأس، أي حجم رأس أصغر من الطبيعي، وهو أحد الأعراض الناتجة عن إصابة الأم بفيروس زيكا أثناء الحمل. اليوم، تبلغ تامارا التاسعة من عمرها، وتتغذى عبر أنبوب في المعدة. يداها أصبحتا أكثر تيبّساً وتشنجاً، وتعاني صعوبة في تثبيت رأسها. تقول روتي: "أُخبرت في البداية أنها لن تمشي، ولن تتكلم أو تبتسم"، وتضيف: "ومع ذلك كنت أسأل كل طبيب أزوره: هل ستمشي ابنتي يوماً ما؟" ابنة روتي واحدة من نحو ألفي طفل وُلدوا لنساء أصبن بالفيروس الذي ينقله البعوض في البرازيل بين عامي 2015 و2016. في ذلك الوقت، كانت البلاد تستعد لاستضافة الألعاب الأولمبية، والعالم يراقب بقلق تفشي الفيروس في البرازيل وعشرات الدول الأخرى. أعلنت منظمة الصحة العالمية والسلطات البرازيلية حالة طوارئ صحية عامة، واستمر التحذير حتى مايو/أيار 2017. ولا يزال السبب وراء توقف التفشي بشكل مفاجئ، وعدم عودته خلال العقد الماضي، غير واضح. اختفى زيكا من دائرة الاهتمام، وباتت العائلات التي تتعامل مع آثاره طويلة الأمد منسية إلى حد كبير. وفقاً للأرقام الحكومية، توفي 261 طفلاً تم تشخيصهم بمتلازمة زيكا الخلقية -وهي مجموعة من التشوهات الخَلقية الناتجة عن الإصابة أثناء الحمل- بينما تدهورت الحالة الصحية لمئات آخرين. وتامارا واحدة منهم. تعيش في ماسايو، المدينة الساحلية في شمال شرق البرازيل، حيث سُجّل 75 في المئة من حالات متلازمة زيكا الخلقية في البلاد. ولا يملك العلماء حتى الآن تفسيراً قاطعاً لسبب تركز الحالات في تلك المنطقة. Felix Lima/BBC News Brasil أقامت روتي صداقة مع جارتها آن كارولين روزا وطفليها مويسيس وماريا تتميز المتلازمة بمشكلات في القلب والمفاصل، وصعوبات في تنسيق المضغ والبلع. ومعظم المصابين بها لا يحققون مراحل النمو المعتادة مثل الحبو، أو الأكل، أو المشي، أو الكلام، أو التدرب على استخدام المرحاض. وللتغلب على تحديات تربية ابنتها، تعاونت روتي مع أمهات أخريات في الوضع نفسه، بعد أن التقت بهن لأول مرة في مجموعة دعم شكّلتها السلطات الصحية المحلية عام 2016. تقول: "كان هناك العديد من الأطفال المصابين بالمتلازمة نفسها مثل تامارا. بدأنا نتبادل الحديث والمعلومات… وعندها بدأت الأمور تتضح". لكن الحياة ظلت صعبة. فبعد عام، شعرت الأمهات أن الدعم الذي يتلقينه من السلطات المحلية غير كافٍ. لذلك شكّلن مجموعة مستقلة، بقمصان صفراء خاصة بهن، لمساندة بعضهن بعضاً، والمطالبة بالمزيد من الحقوق. الانتقال للعيش معاً توقفت العديد من الأمهات عن العمل، واعتمدن على إعانات حكومية بنحو 265 دولاراً (199 جنيهاً إسترلينياً) شهرياً، وهو الحد الأدنى للأجور. وجدن أنفسهن في معارك قانونية ضد النظام الصحي للحصول على عمليات جراحية، وكراسٍ متحركة، وأدوية، وحليب للأطفال. كما تخلّى عن كثيرات منهن أزواجهن. بعضهم تزوج وأنشأ أسراً جديدة. تقول مؤسسة الجمعية، أليساندرا هورا، إن الرجال نادراً ما شاركوا في المجموعة. وتضيف لبي بي سي: "سمعت من كثير من النساء أن أزواجهن شعروا بأنهن وضعن دور الأمومة قبل دور الزوجة". وقد وجدت النساء طرقاً جديدة لتنظيم حياتهن. Felix Lima/BBC News Brasil ربت أليساندرا هورا حفيدها المصاب بمتلازمة زيكا الخلقية بعد فقدانها ابنها بعد تقديم طلبات إلى سلطات الإسكان العامة، تمكنت نحو 15 منهن من الانتقال إلى المجمع السكني نفسه، حيث يعشن منذ خمس سنوات. وتقول أليساندرا: "كان هدفنا أن يعشن بالقرب من بعضهن ليدعمن بعضهن، ليكنّ شبكة الدعم التي تفتقر إليها معظمهن". بدأت أليساندرا رعاية حفيدها إريك، المصاب بمتلازمة زيكا الخلقية، بعد مقتل ابنها في حيّهما على أطراف ماسايو. انتقلت روتي إلى مجمع "أمهات زيكا" بعد طلاقها، وأصبحت قريبة من جارتَيها آن كارولين دا سيلفا روزا ولينيسي فرانسا، اللتين لديهما طفلان مصابان بالمتلازمة، وهما مويسيس وإنزو. Felix Lima/BBC News Brasil ساندت لينيسي فرانسا وآن كارولين روزا وروتي فرييريس بعضهن خلال تحديات تربية أطفال مصابين بمتلازمة زيكا مثل تامارا، يتغذى مويسيس عبر أنبوب يخرج من معدته. لم يعد قادراً على الوقوف، لكنه يتمكن من رسم ابتسامة خفيفة حين تغمره شقيقته الصغيرة ماريا بالقبلات. أما إنزو، فهو من بين قلة من الأطفال الذين لديهم استقلالية أكبر. فبعد سنوات من دخول المستشفيات والخروج منها، أصبح قادراً الآن على المشي والكلام. العيش بالقرب من بعضهن أتاح للأمهات تبادل النصائح حول التعامل مع الحالات الصحية المعقدة لأطفالهن. لكن كانت هناك فوائد أخرى أيضاً. فقد بدأت روتي حضور دروس مسائية بعد أن تكفلت آن كارولين ولينيسي برعاية تامارا مما مكنها من استكمال دراستها والحصول على شهادة الثانوية. لا تزال تامارا غير قادرة على المشي أو الكلام، كما توقع الأطباء. قبل سنوات قليلة، لم تكن تستطيع تثبيت نظرها على أي شيء بعينه، لكن بفضل العلاج الطبيعي باتت الآن قادرة على التعرّف إلى نفسها في المرآة. وعيناها تتابعان والدتها في كل مكان. وغالباً ما تتبادلان النظرات عندما تجلس روتي بجانبها على الأريكة وتداعب شعرها الطويل المجعّد. الحصول على تعويضات أكبر كما أثمرت معركة الأمهات التي استمرت عقداً من الزمن من أجل الحصول على دعم مالي أفضل. ففي ديسمبر/كانون الأول، أقرّ البرلمان البرازيلي مشروع قانون قُدّم عام 2015 يمنح العائلات المتضررة من زيكا تعويضاً بقيمة 8,800 دولار، إضافة إلى دفعات شهرية قدرها 1,325 دولاراً، أي خمسة أضعاف الإعانة السابقة. لكن الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا استخدم حق النقض ضد القانون، قائلاً إن تبعاته المالية غير واضحة، واقترحت إدارته بدلاً من ذلك دفعة واحدة بقيمة 10 آلاف و500 دولار. إلا أن خبراء مثل الدكتورة مارجاني ليموس، التي شخّصت أولى حالات صِغَر الرأس المرتبطة بزيكا، رأوا أن هذا غير كافٍ. وقالت إن السلطات أخفقت في حماية الأسر على مستويات عدة، مثل الفشل في احتواء الفيروس وعدم تعويض الأطفال بما يكفي لسنوات. Felix Lima/BBC News Brasil ساعدت لينيسي، مع ابنها إنزو، في رعاية تامارا لتتمكن روتي من استكمال تعليمها وأشارت وزارة الصحة في ولاية ألاغواس إلى أن وضع الفيروس في المنطقة تحسّن بفضل جهودها في توعية المواطنين بإزالة المياه الراكدة وتدريب فرق المراقبة الصحية. لكنها لم ترد على أسئلة حول كيفية دعم الأسر المتضررة. لكن في النهاية، انتصرت الأمهات. فقد أُلغي قرار لولا، وأُبلغن بأنهن سيحصلن على كامل التعويضات المقررة في مشروع قانون عام 2015. تراجع غامض في الحالات رغم التراجع الكبير في عدد حالات زيكا وولادات الأطفال المصابين بالمتلازمة، تقول الدكتورة ليموس إن تفشياً جديداً يظل ممكناً، لأن سبب التراجع لا يزال مجهولاً. وتوضح: "يبدو أن الطفرة توقفت تلقائياً. وهذا يدعم نظرية وجود مناعة طبيعية. لكن هل هذا صحيح؟ كم تدوم؟ لا نعرف". وبعد عقد من التفشي، لا تزال أسئلة كثيرة بلا إجابة بسبب نقص الأبحاث. لماذا مثلاً تأثر شمال شرق البرازيل بشدة، ولا سيما النساء الفقيرات هناك؟ تشير إحدى الدراسات إلى أن السبب قد يكون سوء تغذية الأمهات. وتفترض أخرى أن المياه الملوثة ببكتيريا ربما أفرزت سماً عصبياً زاد من حدة تأثير الفيروس على أدمغة الأجنة. Felix Lima/BBC News Brasil مارجاني ليموس شخّصت أولى حالات صِغَر الرأس الناجمة عن زيكا في ولاية ألاغواس وتقول الباحثة في التشوهات الخَلقية للدماغ باتريسيا غارسيس وعالم الأعصاب ستيفنز ريهن، اللذان قادا المشروعين، لبي بي سي إن الإجابة قد تكون مزيجاً من هذه العوامل وأخرى. وتضيف الدكتورة غارسيس، التي تُدرّس في كلية كينغز بلندن: "نعرف الآن قليلاً عن العوامل البيئية التي ربما ساهمت في ارتفاع الانتشار، لكننا لا نفهم تماماً كيف ساهمت"، مشيرة إلى أن نقص الأبحاث يمثل مشكلة. وترى الدكتورة ليموس أن هذا النقص ربما يعود إلى أن غالبية المتضررين من الفقراء. ورغم الغموض، منح الفوز في معركة التعويضات روتي شعوراً جديداً بالتفاؤل. تقول: "شعرت بفرح هائل عندما سمعت الخبر، أردت أن أصرخ". وهي الآن تسعى للحصول على مؤهل في مجال التعليم ووظيفة جيدة الأجر، وتطمح لتأمين صحي خاص لابنتها، وتحلم بشراء سيارة يوماً ما لتأخذها إلى مواعيد العلاج. وتضيف: "بعض الأمهات اعتقدن أن هذا اليوم لن يأتي. لكنني لم أفقد الأمل".