logo
هل إسقاط السلطة ضرورة لوقف الإبادة وإنقاذ القضية؟

هل إسقاط السلطة ضرورة لوقف الإبادة وإنقاذ القضية؟

فلسطين اليوممنذ 3 أيام
فلسطين اليوم
الكاتب: خالد بركات
أمام العقبات الكثيرة والتحدّيات المصيرية التي تواجه الشعب الفلسطيني وقضية تحرير فلسطين وأمام حالة المنطقة العربية التي تمرّ بمرحلة خطيرة ومأساوية، لا تحتاج إلى شرح أو تحليل، يستمر كيان العدو الإسرائيلي في تنفيذ سياسات الإبادة والتهجير والتطهير العرقي في غزة ويواصل عدوانه على الضفّة ولبنان. وأمام حالة التخلّي الشامل الرسمي، العربي والدولي، تظهر السلطة الفلسطينية الوكيلة للاحتلال كعنصر مركزي في استمرار هذا الواقع، فهذه السلطة التي أسَّسها العدو وداعموه، تُجسّد حالة العبودية والتّبعية الاقتصادية والأمنية، إنها النموذج الصارخ للمرتزقة وكيانات التطبيع الصغيرة والكبيرة في المنطقة.
لقد انتقلت السلطة، تدريجياً، من عدم القدرة على توفير الحماية والأمن للفلسطينيّين إلى توفير الحماية لمستعمرات العدو وجيشه على حساب الفلسطينيّين وكرامتهم وحقوقهم. كما تجسّد دورها في تكريس الاحتلال عبر ما يسمّى «التنسيق الأمني»، ممّا ساهم في تشويه القضية الوطنية وإضعاف المقاومة وصادر كلّ مناعة داخلية في مواجهة الاستيطان وسهّل إجراءات الاحتلال في قمع الجماهير وشجّع المستوطنين على التغوّل وسرقة الأرض. فهذا «التنسيق» وصفه رئيس السلطة محمود عباس بـ«المقدّس»، بعد أن جعل السلطة، وفق عقيدة الجنرال الأمريكي كيث دايتون، شريكةً صغيرةً تابعةً مهمّتها تسهيل مهام الاحتلال بدلاً من مقاومته.
إضافة إلى ذلك، ساهمت «طبقة أوسلو» في إضفاء «شرعية فلسطينية» على كيان الاحتلال عبر الاعتراف بكيان العدو وقبولها باتفاقيات سياسية واقتصادية دولية تهمّش القضية الوطنية وتهدر الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، ممّا أضعف الموقف الفلسطيني داخلياً وخارجياً. ونتيجة لذلك، أصبحت «جماعة أوسلو» خصماً للأكثرية الساحقة من الشعب الفلسطيني، خصوصاً مع تفشّي القمع والفساد والجرائم السياسية، وإفقار الناس والمشاركة في العقوبات على غزة وانتشار الأمراض الاجتماعية ومع الوقت، انتقلنا من سلطة فاسدة إلى إدارة للفساد.
من هنا، فإنّ عزل السلطة على طريق إسقاطها يعني إزاحة هذه العقبة الكأداء من طريق التحرير والعودة، ويمكن أن يفتح المجال أمام إعادة تصويب البوصلة الوطنية نحو الهدف الجوهري لنضال الشعب الفلسطيني وترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني عبر المقاومة الشاملة. إنّ إزالة السلطة اللّاشرعية، التي تمثّل عقبة كبيرة وعنصراً معيقاً، يمكن أن تحرّر الشعب الفلسطيني من دوائر العبث والانتظار وتكسر القيود الأمنية والسياسية التي تفرضها الاتفاقيات السابقة وتعزّز قدرة شعبنا على مواجهة الاحتلال بشكل أكثر فاعلية.
وقد يقول البعض «لن تكترث إسرائيل إذا سقطت السلطة» وقد يقول آخرون «ألا ترون كيف يرفض نتنياهو أي دور لها في قطاع غزة»؟ وجوابنا على ذلك، هو أنّ العدو الصهيوني لا يريد للسلطة أن تقوم بأي دور باستثناء الوظيفة الأمنية المحدّدة، أي اعتبارها مرتزقة، دورها ملاحقة المقاومة وتصفيتها.
وإلا لما أبقى عليها يوماً واحداً في «يهودا والسامرة»! ولما واصل السماح لها بدورها في شمال الضفّة بالتحديد. ناهيك عن التحكّم بها واستخدامها لتعميق التفكّك الداخلي. فالعدو ينطلق من فهمه للسلطة بوصفها أجهزة تابعة له وعليها أن تمتثل لطلباته وتثبت الولاء الكامل للمشروع الصهيوني وحين تفشل في أداء مهمّتها، أو تمارس الحرد وتتقاعس، يحاسبها ويعاقبها، تماماً كما يفعل شرطي أمن مع كلب الحراسة.
من المعيب جداً أن نسمح للطبقة التي باعت فلسطين أن تشترط على قوى المقاومة، بل وعلى الكل الفلسطيني الالتزام باتفاقيات غير شرعية وقّعتها قيادة مهزومة من وراء ظهر الشعب وأكّدت التجربة أنها صكوك استسلام.
فهل المطلوب أن يتحوّل الفلسطيني إلى مهزوم سلفاً قبل أن يدخل «منظمة التحرير»؟ ولماذا لا يكون العكس هو الصحيح: أن تشترط المقاومة على السلطة الاعتذار للشعب الفلسطيني وتسليمه «المفاتيح» والمؤسسات كلها؟ فالشعب هو ولي الدم وصاحب الولاية والقضية وليس محمود عباس.
يجب إسقاط السلطة غير أنّ ثمّة شروط لا بدّ من توفيرها أولاً:
- وقف العدوان الصهيوني الأميركي على شعبنا في قطاع غزة باعتبارها المهمّة رقم واحد. فكل الجهود الوطنية يجب أن تنصبّ الآن على تحقيق هذا الهدف، دون تقديم تنازلات سياسية للعدو تنتقص من حق الشعب في غزة وتمسّ جوهر القضية الوطنية ومستقبل المقاومة وحتى لا تذهب عذابات وتضحيات الناس في مهبّ الريح.
- وبالتوازي، قيام جبهة وطنية فلسطينية موحّدة تشمل فصائل المقاومة المسلحة وكل فئات الشعب الفلسطيني داخل الوطن وفي الشتات وتجمَع القوى السياسية والعسكرية والشخصيات الوطنية ذات التأثير والقوى والحركات الشعبية التي تحظى باحترام شعبنا، تجمعها تحت مظلّة واحدة تمثّل إرادة الشعب بكل أطيافه.
- يجب أن تنبثق وحدة سياسية وتنظيمية ومرجعية حقيقية، تضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار وتنسّق الجهود بين مختلف المناطق والتجمعات الشعبية الفلسطينية، بما يضمن قوة وتماسك جبهة المواجهة. وأن تعتمد هذه الجبهة برنامجاً وطنياً صريحاً يرفض ما يسمّى «حلّ الدولتين»، ويؤكّد على المقاومة الشاملة بكل أشكالها كخيار إستراتيجي لإنهاء الاحتلال لكل فلسطين.
- إنّ البديل الشعبي الثوري عن السلطة الحالية يكون بتأسيس سلطة شعبية تولد من الشوارع والميادين والسجون وقواعد الشعب الفلسطيني المناضلة، تعبّر عن طموحات الجماهير الفلسطينية في فلسطين وعلى امتداد المنافي والشتات، وحدها سلطة الشعب تكون قادرة على بناء علاقة سوية مع المواطنين وجموع اللاجئين (الأكثرية الشعبية) وتضمن التعبير عن مصالحهم وحماية حقوقهم وتعزّز المشاركة الشعبية في صنع القرار.
- على الجبهة الجديدة المفترضة أن تعيد بناء المقاومة الشعبية والمسلحة على أسس وطنية سليمة، مع ضمان المشاركة الواسعة في قيادتها للنساء والشباب والعمّال وتوفير الحماية السياسية والاجتماعية لتجمّعات الشعب الفلسطيني، بخاصة اللاجئين والجاليات الفلسطينية ورفع مستوى التضامن الشعبي الدولي.
إنّ مهمّة عزل وإسقاط السلطة والتخلّص منها ليست مسألة سهلة ولا عملية إجرائية. ولن تحدث بقرار عابر أو فشّة خلق، غير أنّ مجرد طرح هذا الهدف السياسي في العلن وبوضوح، كعنوان ومهمّة وطنية، يفتح الباب أمام البديل الثوري، ويُعبّد الدرب أمام أجيال جديدة من الفلسطينيين ضاقت ذرعاً بوجود هذه المجاميع من المرتزقة، ولم تعد تحتمل شعارات فارغة عن «المصالحة» وجولاتها السياحية الكثيرة من الدوحة إلى القاهرة وصولاً إلى بكين.
ثمّة فرق كبير بين «مصالحة» شكليّة، على طريقة «بوس اللّحى» وبين وحدة وطنية ميدانية وشعبية على طريقة غسان كنفاني وفتحي الشقاقي ومحمد الضيف، أي وحدة البنادق والسواعد والعقول وقبل كل شيء: وحدة الشعب والهدف والمصير.
في الختام، إسقاط السلطة الفلسطينية لن يقود لما يراه البعض «انقساماً» ولا «حرباً أهلية»، هذه شعارات فارغة وفزّاعات ليس إلا. بل إنها خطوة كانت ضرورية في مسار ثورات الشعوب وأقدمت عليها كل حركات التحرّر التي قاومت الاستعمار الاستيطاني في مجتمعاتها، خطوة تحسمها الجماهير وليس السلاح أو الحوارات العقيمة وفي الحالة الفلسطينية ستشكّل المدخل الطبيعي لإعادة بناء المنظومة السياسية للشعب الفلسطيني على أسس وطنية جامعة وتعيد الاعتبار لجوهر حركة التحرّر الفلسطينية وللجبهة القادرة على وقف الإبادة والتهجير وحماية حقوق شعبنا وإنقاذ فلسطين من براثن التصفية.
* كاتب فلسطيني

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قوات الاحتلال تنفذ سلسلة اقتحامات واعتقالات بالضفة الغربية
قوات الاحتلال تنفذ سلسلة اقتحامات واعتقالات بالضفة الغربية

فلسطين اليوم

timeمنذ 22 دقائق

  • فلسطين اليوم

قوات الاحتلال تنفذ سلسلة اقتحامات واعتقالات بالضفة الغربية

شهدت مناطق متفرقة من الضفة الغربية، مساء السبت، سلسلة اقتحامات نفذتها قوات الاحتلال، تخللتها اعتداءات بحق المدنيين وممتلكاتهم، وسط حالة من التوتر الميداني المتصاعد. ففي بلدة كفردان غرب جنين، أفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال أضرمت النيران في منزل يعود لعائلة عابد "أبو سلطان"، قبل انسحابها من الموقع، ما أدى إلى أضرار جسيمة في الممتلكات. كما سُمع دوي انفجار في البلدة بالتزامن مع استمرار الاقتحام، دون أن تُعرف طبيعته حتى اللحظة. وفي سياق متصل، اقتحمت قوات الاحتلال قرية دير نظام شمال رام الله، وسط انتشار مكثف في الأزقة والمداخل الرئيسية. أما في قرية ترمسعيا شمال رام الله، فقد احتجزت قوات الاحتلال عددًا من الشبان ونكّلت بهم ميدانيًا، بحسب ما أفادت به مصادر محلية، في مشهد يعكس تصاعد الانتهاكات بحق السكان المدنيين. وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار سياسة الاقتحامات الليلية التي تنتهجها قوات الاحتلال في مناطق الضفة، وسط تحذيرات من تداعياتها الأمنية والإنسانية.

الثوابتة: الاحتلال يروّج لمشهد إنساني زائف لتغطية جريمة التهجير
الثوابتة: الاحتلال يروّج لمشهد إنساني زائف لتغطية جريمة التهجير

فلسطين اليوم

timeمنذ 22 دقائق

  • فلسطين اليوم

الثوابتة: الاحتلال يروّج لمشهد إنساني زائف لتغطية جريمة التهجير

قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، إن الاحتلال يحاول "تجميل" جريمة التهجير القسري الجماعي عبر الترويج لنقل المدنيين نحو جنوب القطاع وتوفير الخيام لهم، واصفًا هذه الخطوة بأنها "خدعة إعلامية تهدف إلى شرعنة الإبعاد القسري". وأوضح الثوابتة أن الاحتلال سبق أن حشر أكثر من مليون ونصف مواطن في منطقة المواصي الضيقة، بزعم أنها "آمنة وإنسانية"، قبل أن يستهدفها بالقصف أكثر من 72 مرة، ما يكشف زيف الادعاءات التي يسوقها أمام المجتمع الدولي. وأضاف أن ما يجري حاليًا هو جزء من سياسة ممنهجة لتفريغ محافظات قطاع غزة من سكانها، واستبدال حق العودة الطوعي والآمن بواقع مفروض من الخيام والمناطق المعزولة، في محاولة لفرض وقائع جديدة على الأرض تتجاوز القانون الدولي والحقوق الإنسانية.

تظاهرات أمام منزل مدير مؤسسة غزة في فيرجينيا لتورطه بالابادة
تظاهرات أمام منزل مدير مؤسسة غزة في فيرجينيا لتورطه بالابادة

فلسطين اليوم

timeمنذ 22 دقائق

  • فلسطين اليوم

تظاهرات أمام منزل مدير مؤسسة غزة في فيرجينيا لتورطه بالابادة

تجمّع ناشطون أميركيون وأجانب مساء اليوم أمام منزل جوني مور، مدير مؤسسة "غزة الإنسانية"، في ولاية فيرجينيا الأميركية، احتجاجًا على ما وصفوه بتورطه في دعم الإبادة الجماعية التي يتعرض لها المدنيون في قطاع غزة على يد الاحتلال. ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بمحاسبة مور على خلفية علاقاته المعلنة مع جهات داعمة للعدوان على غزة، متهمين المؤسسة التي يديرها بتوفير غطاء إنساني زائف لتبرير انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين. وسائل إعلام دولية نقلت عن منظمي التظاهرة قولهم إن التحرك يأتي في إطار حملة شعبية متصاعدة تهدف إلى فضح المتواطئين مع جرائم الاحتلال، لا سيما أولئك الذين يتسترون خلف شعارات العمل الإنساني. ويأتي هذا التحرك في ظل تصاعد الغضب الشعبي العالمي تجاه المجازر المرتكبة في غزة، وسط دعوات متزايدة لفرض عقوبات على الجهات والشخصيات التي تدعم الاحتلال سياسيًا أو ماليًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store