logo
فضيحة استغلال قاصرات في سوق تجارة البويضات في نيبال، فما القصة؟

فضيحة استغلال قاصرات في سوق تجارة البويضات في نيبال، فما القصة؟

سيدر نيوزمنذ 2 أيام
في قلب العاصمة النيبالية كاتماندو، اعتادت كونسانغ، بين الحين والآخر، أن تُلقي نظرة على هاتف شقيقتها دولما، التي تبلغ من العمر 17 عاماً، وأن تطالع حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي.
جذب انتباه الفتاة البالغة من العمر، 21 عاماً، منشوراً على حساب دولما في تطبيق سناب شات، فضلاً عن عدد من الرسائل على إنستغرام.
قالت كونسانغ لبي بي سي: 'رأيت شيئاً أشبه بمحلول وريدي في يد شخص ما… وأثار ذلك فضولي، فقمت بإجراء مزيد من البحث'.
وقد هالها ما وجدته.
وأضافت: 'تبيّن لي أن شقيقتي وصديقتها الحميمة (ياسمين) كانتا تتحدثان مع فتاة أخرى، عن قضايا مثل التبرع بالبويضات وزيارات العيادات. وكانت تلك الفتاة، التي تعمل وسيطة، صديقة لياسمين'.
وبعد إجراء بعض البحث على شبكة الإنترنت، رجّحت كونسانغ أن شقيقتها وصديقتها الحميمة وقعن ضحايا لإحدى عيادات التلقيح الاصطناعي في كاتماندو، والتي كانت تستدرج القاصرات، عبر وسطاء، لبيع بويضاتهن مقابل مبالغ مالية.
ويعتمد أي علاج بالتلقيح الاصطناعي خارج الرحم، الذي يسعى إليه الأزواج العاجزون عن الإنجاب، على دمج البويضات المتبَرع بها مع الحيوانات المنوية من أجل تكوين جنين.
نوربو، البالغ من العمر 39 عاماً، والد صديقة دولما الحميمة، ياسمين، التي جرى استدراجها كذلك لبيع بويضاتها، سعى إلى التواصل مع الوسيطة المشتبه بها وسؤالها، بيد أن أسرتي الفتاتين تقدمتا بالقضية إلى الشرطة.
وقال: 'الفتاتان تبلغان من العمر 17 عاماً، بيد أن (الوسيطة المشتبه بها) اصطحبتهما إلى العيادة مدعيةً أنهما في سن 22 عاماً، بأسماء مستعارة، وفي العيادة، أخبرنا الطبيب بأنه لا توجد أسس قانونية تتيح لنا سؤالهما'.
وأضاف نوربو: 'توجهنا، بعد ذلك، إلى إدارة مكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية التابع للشرطة. كانت هذه قضية حديثة النوع بالنسبة لهم، وأدهشهم الأمر كذلك، ولا نعلم كم من الوقت سيستغرق التحقيق من أجل تحقيق العدالة'.
'ضحايا قاصرات وسجلات مزورة'
BBC
لم يمض وقت طويل حتى تناولت وسائل الإعلام المحلية تلك الحادثة، وأثارت التحقيقات ردود فعل غاضبة في الرأي العام، كما سلطت الضوء على الحاجة الملحة لتنظيم هذا المجال.
وأظهرت الحادثة وجود ثغرات قانونية وعدم الرقابة على ما يزيد على 50 عيادة إخصاب في البلاد، والتي إما أنها تزاول المهنة بترخيص أو تنتظر الحصول على ترخيص من وزارة الصحة والسكان النيبالية، وقد أفاد المسؤولون لبي بي سي بأن عدداً كبيراً من هذه العيادات يعمل دون ترخيص.
وقال وزير الصحة النيبالي لبي بي سي إن الحكومة تولي القضية اهتماماً جاداً، وستتخذ التدابير اللازمة لضمان التزام علاجات الخصوبة بالمعايير القانونية والأخلاقية.
وأعلنت السلطات النيبالية، في منتصف شهر يوليو/تموز، فتح تحقيق في معايير ممارسة عيادات الإخصاب خارج الرحم لأنشطتها.
وبحسب شاندره كوبير خابونغ، رئيس مكتب التحقيقات المركزي بشرطة نيبال، الذي تولى التحقيقات بعد إدارة مكافحة الاتجار بالأعضاء، يُعتقد أن الوسيط يتلقى مبلغاً يقارب 330 دولاراً عن كل عملية استخراج بويضة، ويجري عمليات تحويل جزء ضئيل من المبلغ إلى الفتيات.
وأضاف قائلاً: 'جرى استغلال الفتيات القاصرات دون سن الثامنة عشرة لاستخراج بويضاتهن دون الحصول على موافقة أولياء أمورهن أو الأوصياء القانونيين عليهن'.
وقال خابونغ: 'اكتشفنا أيضاً أن الفتيات خضعن لعملية جراحية مؤلمة، بعد إعطائهن حقناً لمدة عشرة أيام لضمان نضوج البويضات بالكامل في المبيض. ثم أجريت الجراحة لاستخراج البويضات، ولم يكن هناك أي موافقة من أولياء الأمور أثناء إجراء الجراحة، والتي قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة'.
ويرى مسؤولو الشرطة أن سجلات المستشفى تعرضت للتلاعب، وتضمنت أسماء وأعمار مزيفة للمتبرعات، وأن بعض من هؤلاء الفتيات التي دفعت لهن مبالغ مالية في البداية مقابل بويضاتهن تحوّلن لاحقاً إلى وسيطات، وقمن بتجنيد أخريات، ووصف المفتش العام للشرطة، هوبيندرا بوغاتي، هذه العملية بأنها مؤلمة وتنطوي على انتهاكات أخلاقية.
وأضاف بوغاتي قائلاً: 'توريط القاصرات في مثل هذا الوضع الصعب يعد عملاً سيئ السمعة'.
وكانت الشرطة قد اعتقلت خمسة أفراد، في يوليو/تموز الماضي، من بينهم ثلاثة أطباء، بيد أنها أُفرجت عنهم جميعاً بكفالة مالية إلى حين استكمال التحقيق.
'غياب تشريعات قانونية'
BBC
لا تفرض نيبال حالياً أية قيود عمريّة على التبرع بالبويضات أو الحيوانات المنوية، وبناءً عليه، تتعامل الشرطة مع القضية وفقاً لقانون نيبال المعني بالأطفال لعام 2018، والذي ينص على تغريم من يشارك في التسبب بإصابات جسدية للأطفال أو استخدامهم لأغراض طبية بمبلغ يقارب 550 دولاراً، وقد يواجهون عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
و تعمل أكثر من 50 عيادة تلقيح اصطناعي في نيبال، ويُعتقد أن العديد منها غير مرخص لها بسبب ضعف الرقابة القانونية، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام المحلية.
و على الرغم من أن تنظيم الصحة العامة لعام 2020 صنّف تقنية التلقيح الاصطناعي في المختبر كخدمة طبية متخصصة تابعة لوزارة الصحة، تستلزم من المؤسسات المزودة لهذه الخدمة تجديد تراخيصها بشكل دوري لضمان معايير رعاية محددة، إلا أن البعض يرى أن تطبيق هذه الضوابط كان متراخياً.
ويقول شري براساد أدهيكاري، مدير مستشفى باروباكار للنساء والولادة في كاتماندو، قائلاً: 'لا يوجد لدينا قانون يحدد المعايير المطبقة عند التبرع أو الاستلام للبويضات أو الحيوانات المنوية، مما أدى إلى حدوث سوء إدارة كبير'.
كما أضاف أن نيبال ينبغي أن تشرّع قوانين تكفل أن يكون التبرع مقتصراً على البالغين فقط، بعد خضوعهم لفحوص طبية شاملة.
وقال الطبيب بولا ريجال، أخصائي أمراض النساء والعقم البارز، الذي أجرى أول ولادة أطفال أنابيب في نيبال عام 2004، والذي يحث على تعزيز الالتزام القانوني في هذا القطاع: 'لطالما طالبنا الحكومة بإصدار توجيهات منذ فترة طويلة'.
وأضاف: 'يجب علينا إصدار سياسات تضمن وصول خدماتنا إلى المحتاجين، لا سيما أولئك المقيمين في المناطق الريفية المحرومة في نيبال'.
وقال وزير الصحة والسكان النيبالي، براديب بوديل، إن الحادثة المزعومة أثارت مخاوف جديّة بشأن حوكمة القطاع الصحي.
وأضاف لبي بي سي: 'بدأنا بالفعل تحقيقا في هذه الحادثة، وسنصدر قريباً توجيهات جديدة لسد الثغرات القائمة'.
وأوضح أن الحكومة ستراعي الحد الأدنى القانوني للزواج في نيبال، المحدد بعشرين عاماً، عند وضع قيود عمريّة للمتبرعين.
'ما الوضع في الدول الأخرى؟'
وفرضت العديد من الدول بالفعل قوانين صارمة بشأن التبرع بالبويضات والحيوانات المنوية.
وينص قانون تقنية الإنجاب المساعد في الهند لعام 2021 على السماح بالتبرع بالبويضات فقط للنساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 23 و35 عاماً، وبالتبرع بالحيوانات المنوية للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و55 عاماً.
ويجوز للمتبرعات بالبويضات التبرع مرة واحدة فقط، ويُعد استخدام الوسطاء في تجنيد المتبرعات جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة تصل إلى ثماني سنوات وغرامات تصل إلى نحو 23 ألف دولار.
وفي المملكة المتحدة، يُسمح بأخذ البويضات من المتبرعات اللاتي تقل أعمارهن عن 36 عاماً، والحيوانات المنوية من المتبرعين الذين تقل أعمارهم عن 46 عاماً.
ويعد جريمة لجوء شخص أو حامل ترخيص إلى تقديم أو تلقي مدفوعات أو حوافز مقابل توفير الأمشاج أو الأجنة.
وقد تؤدي الإدانة إلى عقوبة السجن، أو غرامة مالية، أو كليهما وفقاً لأنظمة هيئة التلقيح والخصوبة.
وعلى الرغم من ذلك، تحصل المتبرعات بالبويضات في المملكة المتحدة على تعويض يتجاوز 1300 دولار عن كل دورة، لتغطية تكاليف السفر والإقامة وغيرها من النفقات.
وفي الولايات المتحدة، يُشترط أن تكون المتبرعات بالبويضات بالغات قانونياً، ويفضّل أن تكون أعمارهن بين 21 و34 عاماً، ويجب أن تكون أعمارهن مناسبة بغية تقليل المخاطر الصحية على النسل، مثل تلك المرتبطة بتقدم عمر الوالدين.
كما ينبغي أن يكون المتبرعون في حالة صحية جيدة وخالين من الأمراض الوراثية المعروفة، ورغم أن إثبات القدرة على الخصوبة يعتبر مرغوباً، إلا أنه ليس شرطاً، وفقاً للجمعية الأمريكية للطب التناسلي.
'ضغوط نفسية وجسدية'
قال نوربو لبي بي سي إنهم يسعون جاهدين لضمان عدم تكرار حوادث مشابهة مع أشخاص آخرين في المستقبل.
وأضاف قائلاً: 'اضطررنا لمواجهة هذا الوضع غير المرغوب فيه، لكننا نرغب في حماية المراهقات الأصغر سناً، ولجأنا إلى الشرطة خوفاً من استغلال الوكلاء لفتيات أصغر سناً في المستقبل'.
كما يخشى نوربو من إمكانية وصم عائلته اجتماعياً في حال انتهاك خصوصيتهم.
وقال لبي بي سي: 'تعاني عائلتي من ضغط نفسي كبير، واضطرت زوجتي إلى تناول أدوية ارتفاع ضغط الدم من جديد بعد وقوع الحادث'.
وأضاف: 'تعاني ابنتي من ضغوط نفسية، وأشار الأطباء إلى احتمال فرط التفكير مما قد يفضي إلى الاكتئاب. ولا نزال في انتظار التقرير الطبي الكامل'.
وقال نوربو إنه يطالب الحكومة بوضع تشريعات قانونية صارمة لمواجهة التجاوزات في مراكز التلقيح الاصطناعي.
وأضاف: 'أخبرت الطبيب في المستشفى مؤخراً بأنه إذا جرى استخراج البويضات من فتيات تتراوح أعمارهن بين 16 و17 عاماً، فلن تكون هناك فتيات قاصرات في نيبال يشعرن بأمان، وإذا جرى استغلال فتيات قاصرات، فأنا على يقين بأن نساء بين سن 20 و 35 عاماً يجري استغلالهن بكثرة في تلك العيادات التي تحقق أرباحاً طائلة'.
كما يشعر كونسانغ بقلق شديد.
وقال: 'إنها ممارسة غير أخلاقية للغاية وجريمة بشعة تنطوي على توريط فتيات قاصرات. أشعر أنها جريمة في فيلم سينمائي. ينبغي وضع الجناة في السجون'.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عمليات احتيالية موثّقة... احذروا الوقوع في "شبكة الحُسيني"!
عمليات احتيالية موثّقة... احذروا الوقوع في "شبكة الحُسيني"!

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ يوم واحد

  • القناة الثالثة والعشرون

عمليات احتيالية موثّقة... احذروا الوقوع في "شبكة الحُسيني"!

في إطار متابعة حالات النصب والاحتيال التي تستهدف الباحثين عن فرص عمل في لبنان، تقدمت جهات حقوقية واجتماعية بأخبار أمام النيابة العامة ضد المدعو حيدر الحسيني بجرم النصب والاحتيال مستندة إلى تسجيلات له ووثائق تملكها. وحصل "ليبانون ديبايت" على تسجيلات صوتية للحسيني توثق تضليله لطالبي وظائف بتأكيده أن الدليل الوطني لم تعد تعتمده الشركات والجمعيات للتوظيف، بمعنى أن شركته هي المرجع الوحيد للتوظيف. كما أن هناك صوراً لمحادثات واتس آب يطلب فيها من فتاة أن تخرج معه ليلاً وإذا تأخر الوقت تنام عنده على اعتبار أنها ستكون سكرتيرته، في محاولة للتغرير بها. ووثقت الجهات المعنية شهادات عدة أشخاص تعرضوا لعمليات احتيال منظمة من قبل الحسيني يقوم بإرسال مستندات مزورة تحمل شعار الأمم المتحدة، ويطلب مبالغ مالية مقابل وعود وهمية بالتوظيف. وفقًا للمعلومات الواردة، يقوم الحسيني بإرسال مستندات توظيف مزيفة لكل متقدم للوظيفة، ويتم ملء بياناتها بأسماء الأشخاص وتاريخ بداية العمل المفترض، مع عرض راتب مغرٍ يصل إلى 1050 دولاراً شهريًا، كحيلة لجذب الباحثين عن عمل، خصوصًا من يعانون من اليأس في الحصول على فرصة عمل حقيقية. وطلب الحسيني مبلغ 60 دولارًا من اللبنانيين و80 دولارًا من السوريين لاستكمال إجراءات التوظيف المزيفة. وبعد استلام المبالغ، يُبلغ السوريون عبر مستندات تحمل شعار الأمم المتحدة بأن التوظيف قد تأجل قبل أن يقوم بحظرهم نهائياً. أما اللبنانيون، فيُرسل إليهم حيدر الحسيني مستندات مزيفة باسم جمعيات موثوقة للغاية تفيد بتأجيل التوظيف، مع استمرار طلب المبالغ المالية. وقامت هذه الجهات الحقوقية بالتواصل مع مكتب الأمم المتحدة الذي نفى أي علاقة له بهذه الممارسات، مؤكدًا أن هذه الآليات غير معتمدة وأنهم يعملون على متابعة القضية مع القسم القانوني لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن انتحال الصفة واستخدام الشعار الرسمي. كما تم التواصل مع الجمعيات التي استُخدم اسمها من قبل الحسيني والتي أكدت براءتها من هذه العمليات، مشددة على اتخاذها كافة الإجراءات القانونية لملاحقة المتورطين. وأصدرت مؤسسات رسمية وخاصة بيانات تحذر فيها من استغلال اسمها والوقوع في فخ أشخاص يستخدمون اسمها في إطار التوظيف الوهمي. وعَلِمَ "ليبانون ديبايت" أنه سيتم تقديم شكاوى رسمية من المتضررين أمام النيابة العامة المختصة، مع عرض كافة الأدلة والمستندات التي تثبت التزوير وانتحال الصفة والاحتيال بهدف استرداد الحقوق وملاحقة الفاعلين قانونيًا. ويذكر أن حيدر الحسيني من أصحاب السوابق حيث ضجّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بعمليات التزوير التي قام بها إضافة إلى اصطياد الفتيات عبر إغرائهن بوظائف وهمية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

نشطاء سوريون يخشون الاعتقال والتضييق إن عادوا إلى سوريا
نشطاء سوريون يخشون الاعتقال والتضييق إن عادوا إلى سوريا

سيدر نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • سيدر نيوز

نشطاء سوريون يخشون الاعتقال والتضييق إن عادوا إلى سوريا

بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، اعتُبرت الحريات السياسية من أبرز المكاسب التي نالها السوريون الحالمون بواقع ديمقراطي جديد. غير أنّ نشطاء وصحفيين باتوا يتحدثون في الآونة الأخيرة عن تراجع مساحة حرية التعبير وعودة القيود، لا سيما بعد أحداث الساحل والسويداء، ما يعيد إلى الأذهان مشاهد القمع القديمة، ويثير مخاوف متزايدة لدى سوريين كثر بشأن مستقبل الحريات في البلاد، سواء على الصعيد الفردي أو الوطني. تحدثت بي بي سي في هذا التقرير إلى نشطاء سوريين عبّروا عن شعورهم المتزايد بالخوف، واضطرار بعضهم لمغادرة البلاد مجدداً رغم آمالهم السابقة ببناء مستقبل جديد داخل سوريا، في ظل ما وصفوه بانتهاكات متكررة تطال سوريين في الساحتين الثقافية والسياسية. 'الإساءة لهيبة الدولة' ندى (اسم مستعار)، ناشطة سورية كانت قد عاشت لحظة الأمل بعد سقوط النظام، روت لبي بي سي ما تعرضت له قبل مغادرتها سوريا مؤخراً. تقول: 'كان الحلم بسوريا جديدة، لكن الواقع جاء مناقضاً للتوقعات. لم أعد قادرة على التأقلم، خاصة بعد أحداث الساحل'. وتضيف: 'مدرسة الأسد لا تزال قائمة. المشاركة السياسية لا تزال محفوفة بالمخاطر، والوضع يزداد سوءاً'. توضح ندى أن ما ظنّه النشطاء فترة حرية، كان قصيراً جداً. 'بعد سقوط النظام مباشرة، استمتعنا بحرية التعبير، خاصة على مواقع التواصل. لكن لم تمر سوى أشهر قليلة حتى بدأ استدعاء النشطاء للتحقيق، وتمت ملاحقتهم بتهم الإساءة لهيبة الدولة'. تحكي عن حادثة خاصة بها على الحدود اللبنانية، حين كانت مدعوة إلى مؤتمر يخص العدالة الانتقالية في سوريا. 'خلال حكم الأسد، كنت أخفي أي نشاط سياسي. لكن بعد السقوط، اعتقدت أن الأمور تغيرت، فحملت معي الدعوة الرسمية. إلا أنني خضعت لتحقيق مطول عند الحدود. سُئلت عن طبيعة عملي، المدينة التي أنتمي إليها، ومفهومي للعدالة، وصولاً إلى الجهة الداعية. تم منعي من الدخول، ولم يُسمح لي بالعبور إلا بعد تبرير آخر ونقاش طويل دام أكثر من ساعة. يومها مسحت كل ما في هاتفي، وعاد إليّ الخوف القديم: خوف الحواجز، خوف الحدود'. تستطرد قائلة: 'في عهد الأسد، كنا نعرف حدود التعبير. كنا نخفي آراءنا بذكاء لحماية أنفسنا. أما اليوم، فقد أفصحنا عن كل شيء في لحظة حرية خاطفة، ليتم استخدام هذه الآراء لاحقاً ضدنا. أنا لا أريد العودة إلى زمن القمع، لكنني أشعر بأننا نُساق نحوه مجدداً'. ندى لا تفكر بالعودة إلى سوريا حالياً. تقول بوضوح: 'لن أعود طالما أن هذه السلطة موجودة. هناك خطر حقيقي على حياتي، ليس فقط من الأجهزة الأمنية، بل من الشبيحة والفوضى الأمنية. أي مواطن معرض للخطر، والقانون غائب بالكامل. لا توجد ضمانات أو عدالة، ولا مشاركة حقيقية للمكونات السورية في صناعة القرار. الأقلية تُعامل بفوقية، وليس كمواطنين متساويين'. وتتابع: 'حتى حديثي الآن يعرّض عائلتي للخطر. التجربة مع نظام الأسد علمتنا أن التهديد قد يطال الأحباء، وهذا ما أخشاه. لذلك أتكلم تحت اسم مستعار، كمحاولة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه'. 'لم أصمت في عهد الأسد… ولن أصمت الآن' 'أعيش حالة من الخوف والقلق، خاصة على عائلتي التي لا تزال داخل سوريا'، بهذه الكلمات يبدأ يامن حسين، الكاتب والناشط الحقوقي المقيم في برلين، شهادته حول واقع الحريات في سوريا اليوم. يامن زار سوريا للمرة الأولى بعد أكثر من عقد من الغياب، وكان من المفترض أن يقوم بزيارة ثانية، لكنه اضطر لإلغائها، خشية التعرض لـ'استهداف مباشر'، على حد تعبيره، قد يُلفّق له لاحقاً كاتهام بالإرهاب أو ما شابه. يقول: 'لم أعد أفكر بالذهاب مجدداً. ليست المشكلة فقط في الأجهزة الأمنية، بل في البيئة العامة التي أصبحت مهيّأة للتحريض والخوف'. ويضيف يامن أن بعد أحداث الساحل تحديدا، 'ظهرت طبقة من الداعمين للسلطة، تتصدى لأي صوت معارض. إما بالنفي أو بالهجوم الشخصي العلني، من دون أي حماية أو مساءلة'، ويقول: 'السلطة قد لا تعتقلك مباشرة بسبب منشور على فيسبوك، لكنها تسمح بحملات تحريض مكثفة من قبل هؤلاء' يشير يامن إلى أن بعض هذه الحملات تستهدف حتى من يكتفون بالتضامن الرمزي. ويضرب مثالاً بما حدث مع طلاب دروز من السويداء: 'بعض المنشورات الداعمة لموقف المدينة انتشرت على صفحات محلية، وكان الناس يخشون حتى الضغط على 'لايك' خوفاً من المساءلة. البعض أخبرني أنهم امتنعوا عن التفاعل نهائياً'. ويضيف: 'حتى أنا، لاحظت أن كثيرين ألغوا صداقتهم معي على فيسبوك خوفاً من منشوراتي. وهناك من قالها لي صراحة: نحن نتابعك، لكن لا يمكننا الظهور علناً ضمن قائمة أصدقائك'. وعن حياته الشخصية ونشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، يروي يامن أنه سأل والدته بصراحة: 'هل تفضّلين أن أخفف من انتقاداتي العلنية؟' فأجابته: 'لا. حتى في ظل حكم الأسد لم تصمت، ونحن أيضاً لم نصمت رغم التحقيقات والضرب الذي تعرضنا له. فلا تتوقف الآن'. ومع ذلك، اضطر يامن في مرات عدّة إلى حذف صور من منشوراته تظهر أشخاصاً يحملون لافتات مؤيدة للسويداء، حرصاً على سلامتهم. يوضح يامن أن النشاط الحقوقي والمدني داخل سوريا أصبح اليوم أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، مضيفاً: 'معظم النشطاء حالياً يمارسون عملهم بسرية تامة، وحتى من يشاركون في فعاليات مدنية علنية يحرصون على إخفاء وجوههم أثناء رفع اللافتات خشية الملاحقة'. 'أخشى الاعتقال' ليلى (اسم مستعار)، ناشطة سورية مقيمة في الخارج، زارت سوريا بعد سقوط النظام، وتستعد لزيارة أخرى قريباً. تقول: 'سمعت عن كثيرين تتم مراقبة هواتفهم. شعرت بالخوف من التهديدات التي تلقيتها على وسائل التواصل بسبب آرائي. لم أعد أشارك ما أفكر به بسهولة'. توضح ليلى أن أكبر مخاوفها اليوم لا تتعلق بالوضع الاقتصادي، بل بانعدام الأمان الشخصي. 'قد أتحمل غلاء الأسعار وسوء المعيشة، لكن لا أستطيع تحمل التضييق على الحريات. أخشى من الاعتقال، ومن انعدام الحماية القانونية'. وتضيف: 'الوضع اليوم أفضل من عهد الأسد، لكنه بعيد عن المثالية. لا يجب أن نقيس الأمور بمقياس الأسد. ما يحدث اليوم يثير القلق أيضاً. لدي جنسية أخرى وهذا يمنحني نوعاً من الحماية، لكنني لا أشعر بالأمان الكامل للتعبير'. تواصلت بي بي سي مع وزارة الإعلام السورية، وردّاً على ما ورد في التقرير، يقول عمر حاج أحمد، مدير الشؤون الصحفية في الوزارة، إن 'حرية التعبير حق دستوري ومبدأ أساسي لا غنى عنه في بناء الدولة الجديدة'، مشيراً إلى أن الوزارة اتخذت خطوات عملية لتوسيع هامش الحريات الإعلامية، وتجميد بعض القوانين القديمة التي كانت تحدّ من هذا الهامش. وأضاف أن الوزارة تعمل حالياً على إعداد مدونة سلوك مهني بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية والنقابات، تهدف إلى تنظيم العمل الإعلامي بشكل أخلاقي ومهني، بما يضمن حرية التعبير من جهة، والمسؤولية والموضوعية من جهة أخرى. وحول المخاوف المتعلقة بالتضييق على الإعلاميين، شدد حاج أحمد على أن الوزارة 'تعمل على توفير بيئة آمنة للإعلاميين والدفاع عن حقوقهم، ولدينا يومياً أكثر من 40 فريقاً صحفياً نسهّل عملهم ونتابع مشاكلهم'، مشيراً إلى أن الحالات التي أثرت سلباً على الصحفيين قليلة جداً ولم تصل إلى مستوى الظاهرة. وختم بالتأكيد أن حرية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي 'مصونة ما دامت ضمن إطار القانون والدستور'، وأن أي تدخل قضائي لا يتم إلا في حالات التحريض أو مخالفة القوانين النافذة، كما هو معمول به في معظم دول العالم. حريات ثقافية في مهب الرقابة لا تقتصر القيود على المجال السياسي فقط، بل تمتد إلى الحقل الثقافي أيضاً. ففي تموز الماضي، أعلن الروائي السوري خليل صويلح أن لجنة الرقابة منعت طباعة روايته 'جنة البرابرة' في سوريا، رغم صدورها قبل أكثر من عشر سنوات عن 'دار العين' في القاهرة. وقال صويلح في منشور على صفحته في فيسبوك إن لجنة الرقابة طلبت حذف عشرات العبارات، معظمها يوثق مراحل من الصراع السوري، وطالبت كذلك بتغيير عنوان الرواية، وحذف الإشارة إلى رواية 'خريف البطريرك' لغابرييل غارسيا ماركيز، التي ورد ذكرها في سياق الحديث عن أدب الديكتاتوريات. علق صويلح بسخرية: 'هو أمر لا سلطة لي عليه بعد غياب صاحبها'، مضيفاً في نهاية منشوره: 'ربما عليّ أن أبحث مجدداً عن منفى آخر لهذه الرواية'. وفي حادثة أخرى، نشر الروائي السوري ممدوح عزام صورة لمنزله المحترق في ريف السويداء، ومكتبته الكبيرة وكتب: 'ليسوا برابرة، بل سوريون هؤلاء الذين أحرقوا بيتي'. ردا على بي بي سي، نفى مدير الشؤون الصحفية حاج أحمد منع الرواية من النشر، موضحاً أن ما طُلب هو 'تصويب بعض الكلمات التي وردت في النص، لما تضمنته من معلومات تاريخية مغلوطة ووصف مسيء للثوار السوريين وعناصر الجيش الحر'، مثل اتهامهم بـ'جهاد النكاح' و'قطاع الطرق'. وأكد أن 'لم يُطلب تغيير عنوان الرواية أو حذف فصول كاملة، بل فقط تعديل بعض العبارات، وبعلم الجسم النقابي المعني بالكتّاب والروائيين'. وأشار إلى أن الوزارة منحت خلال الأشهر الثمانية الماضية الموافقة على تداول أكثر من ألف كتاب جديد، ولم يُمنع أي كتاب من النشر، مضيفاً أن المعيار الوحيد لعدم السماح بالتداول هو 'احتواء العمل على تحريض طائفي أو إساءة للأديان أو تمجيد للنظام البائد'. حوادث متكررة وشهدت الآونة الأخيرة تصاعداً في الانتهاكات التي طالت صحفيين وناشطين في سوريا، شملت التضييق على حرية التعبير والملاحقة الأمنية وحتى حالات تعذيب وقتل غامضة. قبل أسابيع، عُثر في مدينة دير الزور على جثة الناشط الإعلامي كندي العداي مشنوقاً داخل شقته، وقد ظهرت عليها آثار تعذيب واضحة. التسريبات تشير إلى أن الجريمة وقعت في الأول من آب، وأثارت حالة من الغضب بين الناشطين، خاصة وأن العداي كان معروفاً بتوثيقه لانتهاكات جميع الأطراف منذ بداية الثورة في 2011. كما أثار اعتقال الصحفية السورية نور سليمان ضجة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أفرج عنها بعد أن أصبحت قضية رأي عام أدت إلى انقسام واسع بين نشطاء. وعن مسألة نور، قال وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى إن السلطات حريصة على ضمان الحريات الصحافية وحقوق الصحافيين، داعياً إلى 'الابتعاد عن خطاب الكراهية، الشعبوية والتحريض الطائفي'. ولاحقاً، قال المصطفى في تدوينة أخرى على 'إكس': 'الدعوة إلى الإفراج عن الصحافيين وعدم احتجازهم لا يسقط المسار القضائي، بل يفتح له طرقاً مختلفة، ولكن بأساليب مغايرة، وهذا النهج الذي ينبغي أن يسود في دولة العدل والكرامة'.

فضيحة استغلال قاصرات في سوق تجارة البويضات في نيبال، فما القصة؟
فضيحة استغلال قاصرات في سوق تجارة البويضات في نيبال، فما القصة؟

سيدر نيوز

timeمنذ 2 أيام

  • سيدر نيوز

فضيحة استغلال قاصرات في سوق تجارة البويضات في نيبال، فما القصة؟

في قلب العاصمة النيبالية كاتماندو، اعتادت كونسانغ، بين الحين والآخر، أن تُلقي نظرة على هاتف شقيقتها دولما، التي تبلغ من العمر 17 عاماً، وأن تطالع حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي. جذب انتباه الفتاة البالغة من العمر، 21 عاماً، منشوراً على حساب دولما في تطبيق سناب شات، فضلاً عن عدد من الرسائل على إنستغرام. قالت كونسانغ لبي بي سي: 'رأيت شيئاً أشبه بمحلول وريدي في يد شخص ما… وأثار ذلك فضولي، فقمت بإجراء مزيد من البحث'. وقد هالها ما وجدته. وأضافت: 'تبيّن لي أن شقيقتي وصديقتها الحميمة (ياسمين) كانتا تتحدثان مع فتاة أخرى، عن قضايا مثل التبرع بالبويضات وزيارات العيادات. وكانت تلك الفتاة، التي تعمل وسيطة، صديقة لياسمين'. وبعد إجراء بعض البحث على شبكة الإنترنت، رجّحت كونسانغ أن شقيقتها وصديقتها الحميمة وقعن ضحايا لإحدى عيادات التلقيح الاصطناعي في كاتماندو، والتي كانت تستدرج القاصرات، عبر وسطاء، لبيع بويضاتهن مقابل مبالغ مالية. ويعتمد أي علاج بالتلقيح الاصطناعي خارج الرحم، الذي يسعى إليه الأزواج العاجزون عن الإنجاب، على دمج البويضات المتبَرع بها مع الحيوانات المنوية من أجل تكوين جنين. نوربو، البالغ من العمر 39 عاماً، والد صديقة دولما الحميمة، ياسمين، التي جرى استدراجها كذلك لبيع بويضاتها، سعى إلى التواصل مع الوسيطة المشتبه بها وسؤالها، بيد أن أسرتي الفتاتين تقدمتا بالقضية إلى الشرطة. وقال: 'الفتاتان تبلغان من العمر 17 عاماً، بيد أن (الوسيطة المشتبه بها) اصطحبتهما إلى العيادة مدعيةً أنهما في سن 22 عاماً، بأسماء مستعارة، وفي العيادة، أخبرنا الطبيب بأنه لا توجد أسس قانونية تتيح لنا سؤالهما'. وأضاف نوربو: 'توجهنا، بعد ذلك، إلى إدارة مكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية التابع للشرطة. كانت هذه قضية حديثة النوع بالنسبة لهم، وأدهشهم الأمر كذلك، ولا نعلم كم من الوقت سيستغرق التحقيق من أجل تحقيق العدالة'. 'ضحايا قاصرات وسجلات مزورة' BBC لم يمض وقت طويل حتى تناولت وسائل الإعلام المحلية تلك الحادثة، وأثارت التحقيقات ردود فعل غاضبة في الرأي العام، كما سلطت الضوء على الحاجة الملحة لتنظيم هذا المجال. وأظهرت الحادثة وجود ثغرات قانونية وعدم الرقابة على ما يزيد على 50 عيادة إخصاب في البلاد، والتي إما أنها تزاول المهنة بترخيص أو تنتظر الحصول على ترخيص من وزارة الصحة والسكان النيبالية، وقد أفاد المسؤولون لبي بي سي بأن عدداً كبيراً من هذه العيادات يعمل دون ترخيص. وقال وزير الصحة النيبالي لبي بي سي إن الحكومة تولي القضية اهتماماً جاداً، وستتخذ التدابير اللازمة لضمان التزام علاجات الخصوبة بالمعايير القانونية والأخلاقية. وأعلنت السلطات النيبالية، في منتصف شهر يوليو/تموز، فتح تحقيق في معايير ممارسة عيادات الإخصاب خارج الرحم لأنشطتها. وبحسب شاندره كوبير خابونغ، رئيس مكتب التحقيقات المركزي بشرطة نيبال، الذي تولى التحقيقات بعد إدارة مكافحة الاتجار بالأعضاء، يُعتقد أن الوسيط يتلقى مبلغاً يقارب 330 دولاراً عن كل عملية استخراج بويضة، ويجري عمليات تحويل جزء ضئيل من المبلغ إلى الفتيات. وأضاف قائلاً: 'جرى استغلال الفتيات القاصرات دون سن الثامنة عشرة لاستخراج بويضاتهن دون الحصول على موافقة أولياء أمورهن أو الأوصياء القانونيين عليهن'. وقال خابونغ: 'اكتشفنا أيضاً أن الفتيات خضعن لعملية جراحية مؤلمة، بعد إعطائهن حقناً لمدة عشرة أيام لضمان نضوج البويضات بالكامل في المبيض. ثم أجريت الجراحة لاستخراج البويضات، ولم يكن هناك أي موافقة من أولياء الأمور أثناء إجراء الجراحة، والتي قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة'. ويرى مسؤولو الشرطة أن سجلات المستشفى تعرضت للتلاعب، وتضمنت أسماء وأعمار مزيفة للمتبرعات، وأن بعض من هؤلاء الفتيات التي دفعت لهن مبالغ مالية في البداية مقابل بويضاتهن تحوّلن لاحقاً إلى وسيطات، وقمن بتجنيد أخريات، ووصف المفتش العام للشرطة، هوبيندرا بوغاتي، هذه العملية بأنها مؤلمة وتنطوي على انتهاكات أخلاقية. وأضاف بوغاتي قائلاً: 'توريط القاصرات في مثل هذا الوضع الصعب يعد عملاً سيئ السمعة'. وكانت الشرطة قد اعتقلت خمسة أفراد، في يوليو/تموز الماضي، من بينهم ثلاثة أطباء، بيد أنها أُفرجت عنهم جميعاً بكفالة مالية إلى حين استكمال التحقيق. 'غياب تشريعات قانونية' BBC لا تفرض نيبال حالياً أية قيود عمريّة على التبرع بالبويضات أو الحيوانات المنوية، وبناءً عليه، تتعامل الشرطة مع القضية وفقاً لقانون نيبال المعني بالأطفال لعام 2018، والذي ينص على تغريم من يشارك في التسبب بإصابات جسدية للأطفال أو استخدامهم لأغراض طبية بمبلغ يقارب 550 دولاراً، وقد يواجهون عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. و تعمل أكثر من 50 عيادة تلقيح اصطناعي في نيبال، ويُعتقد أن العديد منها غير مرخص لها بسبب ضعف الرقابة القانونية، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام المحلية. و على الرغم من أن تنظيم الصحة العامة لعام 2020 صنّف تقنية التلقيح الاصطناعي في المختبر كخدمة طبية متخصصة تابعة لوزارة الصحة، تستلزم من المؤسسات المزودة لهذه الخدمة تجديد تراخيصها بشكل دوري لضمان معايير رعاية محددة، إلا أن البعض يرى أن تطبيق هذه الضوابط كان متراخياً. ويقول شري براساد أدهيكاري، مدير مستشفى باروباكار للنساء والولادة في كاتماندو، قائلاً: 'لا يوجد لدينا قانون يحدد المعايير المطبقة عند التبرع أو الاستلام للبويضات أو الحيوانات المنوية، مما أدى إلى حدوث سوء إدارة كبير'. كما أضاف أن نيبال ينبغي أن تشرّع قوانين تكفل أن يكون التبرع مقتصراً على البالغين فقط، بعد خضوعهم لفحوص طبية شاملة. وقال الطبيب بولا ريجال، أخصائي أمراض النساء والعقم البارز، الذي أجرى أول ولادة أطفال أنابيب في نيبال عام 2004، والذي يحث على تعزيز الالتزام القانوني في هذا القطاع: 'لطالما طالبنا الحكومة بإصدار توجيهات منذ فترة طويلة'. وأضاف: 'يجب علينا إصدار سياسات تضمن وصول خدماتنا إلى المحتاجين، لا سيما أولئك المقيمين في المناطق الريفية المحرومة في نيبال'. وقال وزير الصحة والسكان النيبالي، براديب بوديل، إن الحادثة المزعومة أثارت مخاوف جديّة بشأن حوكمة القطاع الصحي. وأضاف لبي بي سي: 'بدأنا بالفعل تحقيقا في هذه الحادثة، وسنصدر قريباً توجيهات جديدة لسد الثغرات القائمة'. وأوضح أن الحكومة ستراعي الحد الأدنى القانوني للزواج في نيبال، المحدد بعشرين عاماً، عند وضع قيود عمريّة للمتبرعين. 'ما الوضع في الدول الأخرى؟' وفرضت العديد من الدول بالفعل قوانين صارمة بشأن التبرع بالبويضات والحيوانات المنوية. وينص قانون تقنية الإنجاب المساعد في الهند لعام 2021 على السماح بالتبرع بالبويضات فقط للنساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 23 و35 عاماً، وبالتبرع بالحيوانات المنوية للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و55 عاماً. ويجوز للمتبرعات بالبويضات التبرع مرة واحدة فقط، ويُعد استخدام الوسطاء في تجنيد المتبرعات جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة تصل إلى ثماني سنوات وغرامات تصل إلى نحو 23 ألف دولار. وفي المملكة المتحدة، يُسمح بأخذ البويضات من المتبرعات اللاتي تقل أعمارهن عن 36 عاماً، والحيوانات المنوية من المتبرعين الذين تقل أعمارهم عن 46 عاماً. ويعد جريمة لجوء شخص أو حامل ترخيص إلى تقديم أو تلقي مدفوعات أو حوافز مقابل توفير الأمشاج أو الأجنة. وقد تؤدي الإدانة إلى عقوبة السجن، أو غرامة مالية، أو كليهما وفقاً لأنظمة هيئة التلقيح والخصوبة. وعلى الرغم من ذلك، تحصل المتبرعات بالبويضات في المملكة المتحدة على تعويض يتجاوز 1300 دولار عن كل دورة، لتغطية تكاليف السفر والإقامة وغيرها من النفقات. وفي الولايات المتحدة، يُشترط أن تكون المتبرعات بالبويضات بالغات قانونياً، ويفضّل أن تكون أعمارهن بين 21 و34 عاماً، ويجب أن تكون أعمارهن مناسبة بغية تقليل المخاطر الصحية على النسل، مثل تلك المرتبطة بتقدم عمر الوالدين. كما ينبغي أن يكون المتبرعون في حالة صحية جيدة وخالين من الأمراض الوراثية المعروفة، ورغم أن إثبات القدرة على الخصوبة يعتبر مرغوباً، إلا أنه ليس شرطاً، وفقاً للجمعية الأمريكية للطب التناسلي. 'ضغوط نفسية وجسدية' قال نوربو لبي بي سي إنهم يسعون جاهدين لضمان عدم تكرار حوادث مشابهة مع أشخاص آخرين في المستقبل. وأضاف قائلاً: 'اضطررنا لمواجهة هذا الوضع غير المرغوب فيه، لكننا نرغب في حماية المراهقات الأصغر سناً، ولجأنا إلى الشرطة خوفاً من استغلال الوكلاء لفتيات أصغر سناً في المستقبل'. كما يخشى نوربو من إمكانية وصم عائلته اجتماعياً في حال انتهاك خصوصيتهم. وقال لبي بي سي: 'تعاني عائلتي من ضغط نفسي كبير، واضطرت زوجتي إلى تناول أدوية ارتفاع ضغط الدم من جديد بعد وقوع الحادث'. وأضاف: 'تعاني ابنتي من ضغوط نفسية، وأشار الأطباء إلى احتمال فرط التفكير مما قد يفضي إلى الاكتئاب. ولا نزال في انتظار التقرير الطبي الكامل'. وقال نوربو إنه يطالب الحكومة بوضع تشريعات قانونية صارمة لمواجهة التجاوزات في مراكز التلقيح الاصطناعي. وأضاف: 'أخبرت الطبيب في المستشفى مؤخراً بأنه إذا جرى استخراج البويضات من فتيات تتراوح أعمارهن بين 16 و17 عاماً، فلن تكون هناك فتيات قاصرات في نيبال يشعرن بأمان، وإذا جرى استغلال فتيات قاصرات، فأنا على يقين بأن نساء بين سن 20 و 35 عاماً يجري استغلالهن بكثرة في تلك العيادات التي تحقق أرباحاً طائلة'. كما يشعر كونسانغ بقلق شديد. وقال: 'إنها ممارسة غير أخلاقية للغاية وجريمة بشعة تنطوي على توريط فتيات قاصرات. أشعر أنها جريمة في فيلم سينمائي. ينبغي وضع الجناة في السجون'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store