
زلزال يضرب سوق الشغل بالمغرب! دراسة تكشف أسراراً صادمة عن مستقبل وظيفتك!
أريفينو.نت/خاص
لا يُعد مستقبل العمل مجرد استشراف لمآلات بعيدة، بل هو صيرورة تتشكل لبناتها الأولى حاليًا في كنف المقاولات المغربية. فقد أماط استطلاع رأي حصري، شمل 232 مديرًا للموارد البشرية، اللثام عن أبرز التحديات والأولويات التي سترسم معالم بيئة العمل في المستقبل المنظور. وتُجمع النتائج على توقع تسارع وتيرة التحول الرقمي بشكل شبه كلي، وهو ما يتلازم مع ندرة متوقعة في المهارات الحيوية وضرورة قصوى لإعادة هيكلة الأطر التنظيمية وأساليب القيادة. تطرح هذه الدراسة، التي أعدها موقع 'DRH.ma' المتخصص في شؤون مديري الموارد البشرية، تساؤلات جوهرية حول الاستراتيجيات العملية الكامنة خلف هذه الاستنتاجات، والمهارات التي ستكتسب أهمية حاسمة، والدور المرتقب للذكاء الاصطناعي، مقدمةً إجابات تفصيلية ورؤى معمقة.
تقف وظيفة الموارد البشرية في طليعة الجهود الرامية لبناء مؤسسة الغد، في مواجهة تسارع التحول الرقمي، وتطور تطلعات الموظفين، واحتدام المنافسة على أصحاب الكفاءات. وفي هذا السياق، تندرج الدراسة الأخيرة التي أجراها 'DRH.ma' بين 9 و14 مايو 2025، والتي استطلعت آراء 232 من مديري الموارد البشرية العاملين في شركات مغربية يزيد عدد موظفيها عن 250 شخصًا. تقدم هذه الدراسة إضاءات قيمة حول تصوراتهم للتغيرات الجذرية القادمة في تنظيم العمل، مستكشفة ستة محاور رئيسية، من التحولات المتوقعة إلى المهارات الأساسية التي يجب تطويرها. وترسم نتائجها صورة لقسم موارد بشرية واعٍ بالتحديات، لكنه لا يزال في مرحلة تحديد المعالم الاستراتيجية.
الرقمنة تكتسح المشهد… إجماع شبه كلي على تسارعها!
من بين أبرز الاستنتاجات المثيرة للانتباه، يتوقع 96% من مديري الموارد البشرية تسارع وتيرة التحول الرقمي. ويُنظر إلى هذا التحول باعتباره التغيير الأكبر خلال الخمس إلى العشر سنوات القادمة، متقدمًا على تغييرات هامة أخرى. وتحتل ندرة الكفاءات الرئيسية المرتبة الثانية، حيث أشار إليها 84% من المشاركين، تليها أتمتة المهام (بنسبة 55%)، ثم تطور العمل عن بُعد أو النمط الهجين (49%). أما تطور تطلعات الموظفين (18%)، وشيخوخة القوى العاملة (9%)، أو عولمة المواهب (2%)، فقد اعتبرها مديرو الموارد البشرية المستطلعة آراؤهم أقل تأثيرًا. هذه الأرقام تؤكد على محورية التحول الرقمي والأتمتة في التغيرات المستقبلية.
تحويل النماذج واستقطاب العقول… أولويات قصوى تفرض نفسها!
في مواجهة هذه التحولات، حدد مديرو الموارد البشرية المغاربة تحديات ذات أولوية. يتصدر القائمة تحويل النماذج التنظيمية، الذي يعتبره 98% منهم أولوية. ويأتي استقطاب المواهب والاحتفاظ بها في مرتبة قريبة جدًا، حيث يراها 97% من المديرين ذات أولوية. كما تُعتبر إعادة تعريف القيادة ضرورية من قبل 95% من المشاركين. تبرز هذه النسب الحاجة الملحة لتكييف الهياكل والممارسات الإدارية لمواجهة التحديات التكنولوجية والمجتمعية، وفي الوقت نفسه خوض 'حرب المواهب'. ومن اللافت أن التدريب المستمر وتنمية المهارات، رغم أهميتهما (31%)، جاءا في مرتبة أقل من هذه التحديات التنظيمية والبشرية، مما يوحي بالحاجة إلى دمج استراتيجي أكبر لتطوير المهارات ضمن التحولات الشاملة.
الذكاء الاصطناعي: هل يصبح السلاح السري لمديري الموارد البشرية في المغرب؟
في سياق متصل، وفي توجه يعكس الأهمية المتزايدة للتقنيات الحديثة، شهد يوم الثلاثاء 13 مايو 2025 بالدار البيضاء، لقاءً استراتيجيًا نظمته 'لينكدإن' وشريكتها الرسمية في المغرب 'Trusted Advisors'. جمع هذا الحدث أكثر من مئة مدير للموارد البشرية لمناقشة دور الذكاء الاصطناعي كرافعة لتحويل قطاع الموارد البشرية. وهدف هذا اللقاء، غير المسبوق من حيث حجمه، إلى تزويد الشركات المغربية بالأدوات والممارسات اللازمة لاستباق تحولات سوق العمل وتعزيز قدرتها التنافسية في العصر الرقمي.
الذكاء الاصطناعي… تحول مُدرَك ولكن بحذر شديد!
يثير دور الذكاء الاصطناعي تصورات متباينة. يعترف 87% من مديري الموارد البشرية بدور هام للذكاء الاصطناعي في تحويل المهن والمؤسسات. ويعتقد جزء كبير منهم (37% من الإجابات المتعلقة بدور الذكاء الاصطناعي) أنه سيُحدث تحولاً عميقًا. ومع ذلك، يسود الحذر، حيث يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كأداة للتطور أكثر من كونه تهديدًا مباشرًا. وترى أقلية فقط أن تأثيره سيكون معتدلاً (7%) أو ضئيلاً (6%) على المدى القصير. ورغم الإقرار بتأثيره المحتمل، يبدو أن الذكاء الاصطناعي لم يُدمج بعد كرافعة ذات أولوية على المدى القصير في خطط العمل، وهو ما قد يعكس حاجة إلى مزيد من التأقلم الثقافي مع هذه التقنية.
إقرأ ايضاً
بيئة العمل المتناغمة… معادلة دقيقة بين الأداء والرفاهية والمرونة!
ما هو مفهوم العمل المتناغم بالنسبة لمديري الموارد البشرية؟ بالنسبة لـ 81% من المشاركين، يتعلق الأمر في المقام الأول بتحقيق توازن بين الأداء والرفاهية. كما تُعتبر الإدارة التشاركية والداعمة حاسمة، حسب 59% منهم. ويُعد التعاون السلس بين الفرق (45%) ومرونة أنماط العمل (43%) أيضًا من المكونات الهامة للعمل المتناغم. ورغم تقدير أهميتهما، فإن الاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا (31%) والثقافة الشاملة والمحترمة (35%) ذُكرا بنسب أقل. يعكس هذا التصور تطورًا نحو نماذج إدارية أكثر إنسانية وتعاونية.
معركة المهارات… الكفاءات الشخصية تتصدر والمقومات الرقمية تتراجع بشكل مفاجئ!
فيما يتعلق بالمهارات الأساسية للمستقبل، تهيمن المهارات الشخصية (soft skills) بشكل كبير. فقد أشار 67% من مديري الموارد البشرية إلى أهمية القيادة والتأثير الإيجابي. ويأتي الإبداع والابتكار في المرتبة الثانية (65%)، تليهما القدرة على التعلم المستمر (61%) والذكاء العاطفي (59%). وفي حين تظل المهارات الرقمية مهمة، إلا أنها أقل أولوية (43%) من هذه القدرات السلوكية. هذا التركيز على المهارات الشخصية التكيفية جدير بالملاحظة، لكن الدراسة تشير إلى احتمال وجود تقليل من شأن المهارات التقنية، مما قد يحد من قدرة الشركات على تنفيذ تحولها الرقمي.
التعليم والتكوين… حجر الزاوية لبناء مستقبل العمل المنشود!
لبناء مستقبل العمل هذا، يضع مديرو الموارد البشرية تعزيز التعليم والتكوين المهني على رأس الإجراءات ذات الأولوية، حيث أشار إليه 88% من المشاركين. ويلي ذلك تحقيق تكافؤ الفرص والتنوع في الشركات (59%)، ودعم ريادة الأعمال والابتكار الاجتماعي (55%)، والتوعية بأهمية تحويل العقليات (53%). كما يُعتبر تطوير النظم البيئية الإقليمية والرقمية مهمًا أيضًا (49%). تُظهر هذه الأولويات أن مديري الموارد البشرية يعولون على التكوين المستمر والشمولية كرافعات أساسية لنجاح التحول.
بين بصيرة التحديات وضرورة المواءمة… رسالة إلى قادة الغد!
تسلط الدراسة الضوء على تحدٍ ثلاثي الأبعاد يواجه مديري الموارد البشرية: إعادة ابتكار النماذج الداخلية (التنظيم، القيادة، المهارات)، وتسريع المواءمة بين الطموحات الرقمية والكفاءات المتوفرة، وترسيخ بيئة عمل متناغمة من خلال ممارسات إدارية قوية. وتكشف عن وظيفة موارد بشرية واعية بالتحديات، ولكنها لا تزال تبحث عن مواءمة استراتيجية بين التحولات التي يُنظر إليها على أنها حتمية (الرقمنة الشاملة، الذكاء الاصطناعي) والرافعات التشغيلية المفعلة (التكوين، القيادة، الرفاهية). يتم التركيز على التحولات الداخلية والحوكمة البشرية، مع نهج عملي قد يتطلب مزامنة استراتيجية أفضل لتجنب الفجوات الهيكلية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أريفينو.نت
منذ 4 ساعات
- أريفينو.نت
ماذا قالت الصحف الصينية عن المصنع الضخم بالناظور؟
أريفينو.نت/خاص تستعد مجموعة 'أيولون تكنولوجي' الصينية، المتخصصة في صناعة شفرات توربينات الرياح، لتدشين مرحلة الإنتاج الفعلي في مصنعها الجديد بمدينة الناظور. ويمثل هذا الإطلاق خطوة استراتيجية بالغة الأهمية في إطار توسع 'أيولون' نحو الأسواق الأوروبية، الإفريقية، والشرق أوسطية. من قلب الصين إلى شواطئ الناظور: 'أيولون' تضع حجر الأساس لقاعدة صناعية عملاقة! تتهيأ 'أيولون تكنولوجي' لإطلاق عجلة الإنتاج في أول مصنع لها خارج الصين، والذي يتخذ من منطقة التسريع الصناعي 'بيتويا' بالناظور مقراً له. ووفقاً لتصريحات حديثة أدلى بها نائب المدير العام للموقع لوكالة الأنباء الصينية الرسمية 'شينخوا'، من المنتظر أن يشكل هذا المصنع الجديد قاعدة صناعية كبرى لخدمة أسواق أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط. ويمتد المصنع على مساحة 50 هكتاراً، باستثمار إجمالي يُقدر بنحو 1,749 مليار يوان (ما يعادل حوالي 220,8 مليون أورو). ومن المتوقع أن ينتج المصنع ما يصل إلى 600 مجموعة من شفرات توربينات الرياح سنوياً، مع قدرة استيعابية للتوظيف تفوق 3,300 شخص. كما تتوقع 'أيولون' تحقيق رقم معاملات يناهز 626 مليون أورو. العد التنازلي يبدأ: نهاية يونيو موعد انطلاق أولى شفرات 'صنع في الناظور'! يأتي هذا المشروع تتويجاً لاتفاقية استثمار وُقعت في أكتوبر 2023 مع الحكومة المغربية. وقد انطلقت أعمال البناء في نهاية العام الماضي، وأصبحت التجهيزات الصناعية الآن جاهزة لبدء عمليات الإنتاج الأولى، المتوقع انطلاقها بحلول نهاية الربع الثاني من عام 2025. ونقلت وكالة 'شينخوا' عن نائب المدير العام قوله إن 'المغرب يوفر موقعاً استراتيجياً قريباً من الأسواق الأوروبية والشرق أوسطية الكبرى، مما يسمح بتقليص كبير في التكاليف اللوجستية وتسريع وتيرة سلسلة التوريد'. كما شدد على الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يتمتع به المغرب، بالإضافة إلى الدعم الحكومي النشط، لا سيما في إطار مبادرة 'الحزام والطريق' الصينية. وأكد المسؤول على جودة الموارد البشرية المتوفرة في المغرب، مشيراً إلى برامج التكوين المدعومة من الدولة والتي تسهل توظيف الكفاءات المؤهلة للصناعات المتقدمة مثل صناعة الطاقات المتجددة. طموحات عالمية من بوابة الناظور: سدّ الطلب المتزايد على 'طاقة الرياح' في ثلاث قارات! يطمح مصنع 'أيولون' في الناظور إلى أن يصبح واحداً من أكبر مراكز إنتاج شفرات توربينات الرياح لمنطقة أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط. وسيساهم في تلبية الطلب القوي في هذه الأسواق، خاصة في أوروبا وأمريكا، حيث يعيق نقص الشفرات تطوير مشاريع طاقة الرياح. ويندرج بدء الإنتاج في الناظور ضمن استراتيجية 'أيولون' الرامية إلى زيادة حصتها في السوق العالمية مع تعزيز قدراتها الإنتاجية والخدماتية. وعلاوة على ذلك، يمثل هذا المشروع رافعة مهمة للتنمية الاقتصادية المحلية، من خلال خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، فضلاً عن دعم القطاعات الصناعية المرتبطة به. المغرب يعزز مكانته كقطب إقليمي للتكنولوجيا النظيفة! يمثل دخول هذا المصنع حيز التشغيل مرحلة هامة في تعزيز مكانة المغرب في مجال الطاقات المتجددة، مؤكداً دوره المتنامي كمركز صناعي إقليمي في قطاع التكنولوجيات النظيفة. إقرأ ايضاً


أريفينو.نت
منذ 4 ساعات
- أريفينو.نت
شركة مياه تستعد لغزو موائد المغاربة؟
أريفينو.نت/خاص أعلنت مجموعة 'موتانديس' عن خطط طموحة لتعزيز قطاع المشروبات لديها، وذلك في أعقاب الأداء الاستثنائي الذي حققته علامتها التجارية للمياه المعدنية 'عين إفران' خلال عام 2024. وتستعد شركة 'أورو-أفريكين ديزو'، التابعة للمجموعة والمسؤولة عن استغلال منبع بنصمیم الشهير لمياه 'عين إفران'، لضخ استثمارات تفوق 20 مليون درهم لإضافة خط تعبئة جديد ومتطور. بعد عام 2024 'الصاروخي': 'عين إفران' تستعد لغزو جديد بـ 120 ألف طن إضافية! وتهدف هذه الخطوة الاستراتيجية، التي تأتي في ظل اقتراب معدلات استغلال الطاقة الإنتاجية الحالية من 90% نتيجة للنمو القوي في المبيعات، إلى رفع القدرة الإنتاجية السنوية بمقدار 120 ألف طن، أي ما يعادل زيادة بنسبة 20%. وتقع وحدة الإنتاج الخاصة بعلامة 'عين إفران' في قلب جبال الأطلس المتوسط، على مقربة من مدينة إفران. 20 مليون درهم لخط إنتاج 'فائق الحداثة': كيف سترفع 'موتانديس' سقف الطموحات في قلب الأطلس المتوسط؟ ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل خط الإنتاج الجديد في شهر يوليو من عام 2025، مما سيمكن علامة 'إفران' من تجاوز عتبة 300 مليون درهم كرقم معاملات سنوي. من 'كاستيل' إلى 'الدويري': قصة استحواذ ناجح جعل قطاع المشروبات 'قاطرة نمو' لموتانديس! يُذكر أن مجموعة 'موتانديس'، التي يقودها وزير السياحة الأسبق عادل الدويري، كانت قد استحوذت على شركة 'أورو-أفريكين ديزو' في يوليو 2023، وذلك في صفقة بلغت قيمتها 380 مليون درهم من مجموعة 'كاستيل' الفرنسية، التي قررت بدورها التركيز على أنشطتها الأخرى في المغرب والمتعلقة بإنتاج الجعة والنبيذ. رغم تراجع إيرادات المجموعة: قطاع المشروبات بـ'عين إفران' و'مراكش' يُحقق قفزة نوعية… ما السر؟ ومنذ انضمامها، شكلت 'عين إفران' جزءاً محورياً من قطاع المشروبات في 'موتانديس'، والذي يضم أيضاً نشاط العصائر الصناعية تحت علامة 'مراكش' التجارية. وقد أثبت هذا القطاع أنه قاطرة نمو حقيقية للمجموعة، حيث سجل نمواً بنسبة 26% خلال عام 2024، ليصل رقم معاملاته إلى 335 مليون درهم، وذلك في الوقت الذي شهدت فيه الإيرادات المجمعة لمجموعة 'موتانديس' تراجعاً طفيفاً بنسبة 2% لتبلغ 2.11 مليار درهم. إقرأ ايضاً


أريفينو.نت
منذ 4 ساعات
- أريفينو.نت
الاسواق الممتازة توجه ضربة موجعة للجزارين المغاربة في عيد الأضحى؟
أريفينو.نت/خاص تشهد أروقة المساحات التجارية الكبرى توتراً متصاعداً قبل أيام قليلة من حلول عيد الأضحى لعام 2025. فعلى الرغم من الدعوة إلى الاعتدال والإغلاق شبه العام للمجازر في مختلف أنحاء المملكة، اختارت بعض هذه السلاسل التجارية الكبرى الإبقاء على عملية بيع الخراف كاملة، متجاوزة بذلك التوصيات الرسمية والأعراف الاجتماعية الداعية إلى الرصانة في هذه الفترة المقدسة. بين 'النداء الملكي' و'إغراءات السوق': كيف تتحدى المساحات الكبرى التوجيهات وتُشعل 'حمى الأضحية'؟ تتزامن مناسبة عيد الأضحى، وهي لحظة للتقاسم والتقوى، تقليدياً مع ذروة استهلاكية، تتجلى في شراء الأضحية الموجهة للشعيرة الدينية. لكن هذا العام، يكتسي السياق طابعاً خاصاً؛ فالدعوة الملكية إلى التعقل، بل وحتى الامتناع عن الأضحية، كانت تهدف إلى تخفيف الضغط الاقتصادي على الأسر والوقاية من المخاطر الصحية المرتبطة بالاستهلاك غير المراقب للحوم. وقد استجابت معظم مجازر البلاد لهذه الدعوة بإغلاق أبوابها، في إشارة إلى إرادة جماعية لاحترام روح الاعتدال والتضامن. ولكن، وفي اتجاه معاكس لهذا الزخم، يبدو أن المساحات التجارية الكبرى قد اختارت استراتيجية أكثر انتهازية. ففي العديد من نقاط البيع، يُعرض الخروف كاملاً بسعر يقارب 2300 درهم، وهو عرض مُصمم لتلبية الطلب القوي من الأسر الراغبة في إدامة التقليد مهما كلف الأمر. أرباح أم مسؤولية؟ الجدل يحتدم حول 'أخلاقيات' بيع الأضاحي في زمن التقشف! هذه المبادرة التجارية، التي تبدو في تناقض واضح مع التوجه العام للسلطات، أعادت إحياء الجدل حول مكانة المصالح الاقتصادية في مواجهة المبادئ الاجتماعية والروحية. فالمساحات الكبرى، من خلال إبقائها على بيع الخراف، تعيد تنشيط التوترات الكامنة بين ضرورات الربحية والمسؤولية الاجتماعية للشركات. فمن ناحية، هي تلبي حاجة حقيقية للمستهلكين، الحريصين على احترام شعيرة متوارثة. ومن ناحية أخرى، تندرج ضمن منطق ربحي قد يغذي المزايدة في الأسعار، على حساب الأسر الأكثر هشاشة. وفي هذا السياق، تكتسب مسألة الأخلاقيات التجارية صدى خاصاً. هل يمكن الحديث عن حرية المقاولة عندما تُمارس بشكل متعارض مع توجيهات رسمية تهدف إلى الرصانة الجماعية؟ ألا تخاطر المساحات الكبرى، بانقضاضها على الفجوة التي خلفها إغلاق المجازر، بتشويه روح العيد، واختزاله في فعل استهلاكي بدلاً من كونه لحظة للتدبر والمشاركة؟ القدرة الشرائية تحت الضغط: هل تُعمق عروض 'الأضاحي' جراح المغاربة في ظل غلاء المعيشة؟ ويزداد الوضع إثارة للقلق نظراً لأن القدرة الشرائية للأسر تتعرض لضغوط شديدة بسبب التضخم المستمر. ففي الوقت الذي تشهد فيه أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً عاماً، قد تؤدي عروض المساحات الكبرى إلى تفاقم التوترات، مما يثير شعوراً بالظلم لدى أولئك الذين يكافحون لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وقد يتحول الارتفاع الكبير في أسعار الخراف إلى عبء إضافي على الفئات الأكثر تواضعاً، بما يتعارض مع الأهداف المعلنة لدعوة الاعتدال. أمام هذا الواقع، تعود المسؤولية الاجتماعية للشركات إلى الواجهة. هل يجب على المساحات الكبرى، كفاعلين رئيسيين في قطاع التوزيع، أن تكتفي بتلبية الطلب، أم على العكس من ذلك، أن تنخرط في ديناميكية تضامنية وتحترم التوصيات الوطنية؟ ويصبح هذا المأزق أكثر حدة لأن عيد الأضحى يظل لحظة تأسيسية في الحياة الجماعية، حيث يجب أن تسمو فيها الأبعاد الروحية على المنطق التجاري البحت. إقرأ ايضاً