هل سيشارك "حزب الله" في المعركة؟
شكّل بيان الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، قبل أيام، رسالة سياسية واضحة بأن "حزب الله" ليس على الحياد في المواجهة الدائرة بين إيران وإســرائيل. فرغم أن البيان لم يُعلن صراحة عن نية الدخول في الحرب، إلا أن تأكيده "أننا لسنا محايدين" يفتح الباب أمام احتمال أن يُقدِم الحزب في لحظة ما على خطوة ميدانية تضعه في قلب المعركة، إن بشكل مباشر أو غير مباشر.
هذا الموقف، وإن بدا منسجمًا مع الخطاب العقائدي للحزب، يطرح علامات استفهام عديدة حول مدى واقعية دخوله في الحرب اليوم. فالمعطيات الداخلية والإقليمية تشير إلى أن مصلحة الحزب الفعلية تكمن في التريّث، لا في التورط. أولًا، لأن إيران – بحسب ما يردده بعض قياديي الحزب أنفسهم – ليست بحاجة لمن يدافع عنها، وتمتلك قدرات كافية لإدارة المعركة بنفسها. وثانيًا، لأن الحزب لم يُكمل بعد عملية ترميم قدراته العسكرية والبشرية التي تضررت بفعل المواجهات المتواصلة منذ السابع من تشرين، ما يجعله في وضع غير مثالي لأي مواجهة شاملة.
أما السبب الأهم، فهو الواقع الاجتماعي والاقتصادي المتأزم في بيئة الحزب الداخلية. فالشارع الجنوبي والشيعي عمومًا يرزح تحت ضغوط معيشية بعد الحرب، والقدرة على تحمّل تبعات حرب جديدة – في الأرواح أو في البنى التحتية – باتت محدودة. هذا الواقع يجعل قرار التصعيد مكلفًا شعبيًا، حتى لو غُلِّف بالشعارات الكبرى.
وبالتالي، فإن بيان قاسم يمكن اعتباره جزءًا من لعبة التوازن بين الرسائل السياسية والواقع الميداني. هو إعلان عن موقف مبدئي، أكثر مما هو تمهيد لتحرك فعلي ووشيك. الحزب يدرك أنه لا يستطيع أن يبدو خارج الصراع، لكنه في الوقت نفسه لا يرى مصلحة مباشرة في الانخراط الكلي به، أقله في هذه المرحلة. لذلك، يبقى الخيار الأقرب هو الاستمرار في سياسة "ضبط النار"، مع إمكانية المناورة بحدود محسوبة، دون الانزلاق إلى حرب لا يريدها، ولا تتحمّلها بيئته الداخلية اليوم.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ 10 دقائق
- المدن
خطط ودراسات الجيش الإسرائيلي للحرب على إيران منذ 2021
نشر موقع "العربي الجديد" تقريراً للصحفي والباحث الفلسطيني مالك سمارة، شرح فيه كل الخطط والأهداف الإسرائيلية للحرب على إيران المبنية على دراسات للجيش الإسرائيلي، ويقول التقرير:" ثمّة إجماع لدى جنرالات إسرائيل وباحثيها، وكذلك خبراء نوويين، على أن تدمير أصول المشروع النووي الإيراني من الجو غير ممكن. آخر شهادة في هذا الصدد هي من وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق الذي كان في صلب المناقشات الداخلية حول ضرب إيران بين 2009 و2012، إيهود باراك، الذي أقرّ، في مقابلة مع "سي أن أن" قبل يومين، بأن الضربات الإسرائيلية "ربّما أخّرت القدرات النووية الإيرانية شهرًا على الأكثر". حتى دخول المقاتلات الأميركية الحرب، وأهمّها قاذفة بي 2، الوحيدة القادرة على حمل قنابل Bunker Buster، وإسقاطها على مفاعل "فوردو" المحصّن على عمق 90 مترًا تحت الأرض في أحد جبال قم، لن يجدي إلا في "شراء بعض الوقت الإضافي"، كما يقول إيريك برور، وهو محلل سابق في "سي آي إيه"، لوكالة "رويترز". السبب الرئيسي في ذلك هو أن المشروع النووي الإيراني يتجاوز المفاعلات إلى التقنيات، "والتي يمكن أن تخبأ في مصنع صغير، أو في أعماق أبعد من فوردو"، كما يقول جيمس أكتون، وهو عالم بريطاني يدير برنامج السياسة النووية في مبادرة كارنيغي للسلام. السؤال البديهي، إذن: لو كان حلّ المسألة النووية الإيرانية غير ممكن عسكريًّا -أقلّه من الجو- فما حسابات إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، من وراء الحرب، ولا سيّما أنها تحظى بتزكية أوروبية لافتة؟ يمكن أن نجد بعض الإجابات في الدراسات العسكرية المنشورة خلال السنوات القليلة الماضية، الصادرة تحديدًا عن معهد "دادو"، وهي مؤسسة بحثية تتبع لجيش الاحتلال، ويكتب فيها ضباط احتياط وآخرون في الخدمة. يعدّ عام 2021 مهمًّا بوصفه نقطة ارتكاز، لأنه العام الذي حظي فيه جيش الاحتلال بميزانية ضخمة لثلاث سنوات، مرصودة لإعداد خطة شاملة من أجل ضرب إيران؛ ويمكن القول إن كثيرًا مما رسم في الخطط والتصورات النظرية يحدث اليوم. قصّ أظافر القط: حزب الله أولويةً تعود استعارة "القط" هذه إلى تهديد مبطن، جرى على لسان وزير الاستخبارات الإيراني السابق، محمود علوي، مطلع عام 2021. خاطب علوي القوى الغربية حينها بالقول: "النووي محرّم في فتوى المرشد، لكن لا يمكن التنبؤ بسلوك قطّ حين يُحشر في الزاوية". لاحقًا في العام ذاته، نشر رئيس معهد "دادو"، العميد عيدان أورتال، دراسة بعنوان "إرهاق القط"؛ وفيها يفصّل استراتيجية شاملة لهزيمة إيران تقوم على ركيزتين: "قصّ أظافر القط، وإرهاقه حتى الانهيار". تذهب هذه الاستراتيجية عكس كثير مما نسمعه في تعليقات الساسة والمحللين عن "ضرب رأس الأخطبوط"، في إشارة إلى إيران، إذ تحدد التهديدات المحيطة، المتّصلة أساسًا بإيران، باعتبارها أولوية، وتحديدًا "حزب الله". ينبع تقدير أورتال هذا من عاملين رئيسيين، أوّلًا أن "الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران لن يلحق إلا ضرراً مؤقتاً ببرنامجها النووي (...) كما أن عمليات التخريب والمعلومات الاستخبارية وحدها لا تكفي لتقويض التهديد الإيراني"؛ وثانيًا أنه "على الرغم من التفوق الاقتصادي والتكنولوجي البيّن لإسرائيل، لكن قدرة إيران على تهديد إسرائيل بالقوة تفوق قدرة إسرائيل بما لا يقاس"، في إشارة إلى الحزام الناري "الأقل كلفة والمؤثر نسبياً" المحاطة به إسرائيل، عبر حركة حماس وحزب الله. إلى ذلك، يرى أورتال أن هزيمة حماس، وحزب الله على وجه الخصوص، من شأنه أن يحقق "ركيزتي" النصر المقترحتين على إيران: "قص أظافر القط وإرهاقه"، ذلك بأنه "حتى بعد صراع واسع النطاق في الشمال، ستبذل إيران جهوداً كبيرة لاستعادة قوتها في لبنان وسورية"، وأيضاً "استثماراً ضخماً في حماية منشآتها من هجوم إسرائيلي متوقع". ومن ثم، فإن "تدمير قاعدة إطلاق النار الإيرانية في لبنان سيجرّ إيران إلى جهود إعادة إعمار مكلفة وطويلة الأمد، وإن كانت ميؤوسًا منها، تحت أعين إسرائيل الساهرة، ومع استخلاص دروس الماضي". ما المطلوب لتحقيق هذه الغاية؟ اللافت أن الجنرال الإسرائيلي لا يتحدث عن "نصر مطلق" هنا، أو حتى هجوم برّي، بل تحديداً "بناء القدرات العسكرية التي تمكّن من هزيمة حزب الله وإزالة التهديد الصاروخي من لبنان"، ثمّ عدم تكرار سيناريو حرب تموز؛ أي إن الهزيمة وفق هذه الرؤية لا تعني تفكيك حزب الله بالكامل، وإنما تفكيك "معادلة الردع" التي حكمت العلاقة معه منذ الانسحاب من جنوب لبنان، والتي بموجبها حظي بأريحية مراكمةِ القوة. نرى هذه الرؤية قائمة اليوم على أرض الواقع، مع انفتاح الساحة اللبنانية أمام الغارات الإسرائيلية بشكل شبه يومي، عدا عن طيرانه الاستطلاعي. تذهب الدراسات الصادرة في الأعوام اللاحقة إلى الاستخلاص ذاته: أولويّة حزب الله لا تكمن فقط في حسابات التهديد الفعلي المباشر، بل في الصراع الأكبر مع إيران. على هذا النحو، يكتب العميد احتياط، مئير فينكل، في دراسة أخرى منشورة عام 2022، أنه في سيناريو حرب متعددة الجبهات "من الصواب أن يكون التركيز على العدو الأقرب والأكثر قدرة، وهو حزب الله"، معتقداً بأن "أي نصر حاسم سيكون أكثر تأثيراً على أعداء إسرائيل الآخرين من ضربة غير حاسمة على إيران". الجنرال احتياط عاموس غلعاد يذهب في الاتجاه ذاته، موصياً بأن يكون الهدف الرئيسي في أية حرب واسعة "هزيمة حزب الله عسكرياً بما يُمكّن من تشكيل حكومة جديدة تُمثل جميع عناصر القوة في لبنان، وتحظى بدعم الغرب ودول الخليج ومساعدتهم، وتُشكّل أيضاً ثقلاً موازناً للنفوذ الإيراني في لبنان". يضيف رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، اللواء يعقوب عميدرور، في دراسة منشورة عام 2022، أنه "على المدى البعيد، سيمنح تدمير هذه القدرات الإيرانية على (الحدود) إسرائيلَ حرية في اتخاذ القرار والتصرف عند الحاجة إلى تدمير القدرة النووية الإيرانية". يكفي هذا لفهم الانسجام الإسرائيلي الراهن، على امتداد العصبتين السياسية والأمنية حول الضربة، والمعبّر عنه، مثلًا، بمشاركة رئيس "الشاباك" المقال، رونين بار، في اجتماعات ما قبل ساعة الصفر. في الواقع، كلّ تلك السيناريوهات المطروحة آنفًا كانت مرصودة لحالات أسوأ، تكون فيها إسرائيل أمام حرب مفتوحة على امتداد الجبهات، وفرضيات تقتضي "سقوط مئات القتلى من الجنود والمدنيين، واحتلالًا مؤقتًا لأراضٍ في شمال البلاد، وأسرى حرب إسرائيليين"، كما يقول فينكل ذاته. كان سيناريو الحرب المتعددة الجبهات هذا أيضًا في صلب خطّة خمسية وضعها رئيس الأركان الأسبق، أفيف كوخافي، وأسماها "تنوفا"، وترمي إلى تجاوز حالة الردع نحو "إلحاق الهزيمة بالمنظمات الإرهابية"، وتوسيع دائرة العمل إلى "الدول المعادية غير المحاذية لإسرائيل". خاضت إسرائيل حربها هذه تواليًا، جبهة تلو جبهة، في سيناريو أكثر تفضيلًا؛ والخطط كانت مرسومة سلفًا. "الاحتواء العدواني" تبعًا لمقاربة "إرهاق القط" ذاتها، يرى أورتال أن هزيمة إيران في محيط إسرائيل القريب سيضعها أمام خيارين "إعادة النظر في سياستها الإقليمية العدوانية، أو الانهيار على نفسها". هنا، ومع مغادرة العقيدة العسكرية إزاء حركات المقاومة مفهوم "الاحتواء السلبي"، وفق خطة "تنوفا"، يقترح أورتال في مقابل ذلك مفهوم "الاحتواء العدواني" في التعامل مع إيران. يوازن هذا النوع من الاحتواء ما بين "حرب حاسمة على الحدود، وسياسة احتواء عدوانية طويلة الأمد في جميع أنحاء المنطقة"، تستتبع استنزاف قدرات إيران في ترميم بنيتها التحتية ودعم وكلائها، على طريقة "الإماتة عبر ألف طعنة صغيرة". لكن ذلك يتطلّب أيضًا "قدرة إسرائيلية على استعراض القوة داخل إيران، رغم الإقرار بمحدوديتها"، بالإضافة إلى "بناء قدرة دفاعية واسعة ونشطة". يذهب المقدّم إيتاي خيمينيز في المسلك ذاته، لكنه يقترح أيضًا "نقل الحرب إلى الأراضي الإيرانية عبر العمل السري"، وكذلك إنشاء "قواعد حصار أمامية، قريبة من الحدود البرية أو البحرية لإيران". بطبيعة الحال، فقد رأينا شيئًا من ذلك أيضًا في الحرب الراهنة؛ ولعلّ مبدأ "استعراض القوة" هذا هو ما يبرّر نشر "الموساد" مقطع فيديو، يفترض أن يبقى طيّ العمل السري، لعملاء له يطلقون طائرات مسيّرة من داخل إيران. في المحصّلة، فإن الاستنزاف المقترح هنا ذو طابع ديناميكي، يجمع ما بين "استعراض القوة" فحسب داخل إيران، وتدمير بنيتها التحتية العسكرية بشكل حيوي وفعلي خارج حدودها. الأصول الداعمة لذلك هو أن "إسرائيل، ليست كما السابق، دولة غنية الآن وتستطيع مواكبة حرب استنزاف كتلك، فيما يظلّ الاقتصاد الإيراني هشًّا"، وفق قراءة أورتال. المنطق الاستراتيجي وراء هذا الطرح، الذي تتفق معه معظم الدراسات اللاحقة أيضًا، هو عدم جدوى أي حرب مباشرة مع إيران بالنظر إلى أن الأخيرة، من جهة، "تمتلك قدرة كبيرة على الاستيعاب والصمود بسبب حجمها ومواردها الوافرة"، كما يكتب عقيدان في مكتب الاستراتيجية والدائرة الثالثة، التي تأسست بموجب خطة "تنوفا"، في دراسة نشرها معهد الجيش بالأحرف الأولى من اسميها؛ ومن جهة أخرى، لأن "إسرائيل لن تتمكن من الحفاظ على قوة عسكرية مؤثرة تشمل قدرة مناورة واسعة النطاق، وضربات (تدمج الاستخبارات والنيران)، ودفاعًا مضادًّا للصواريخ على نطاق كافٍ لتحقيق إنجاز استراتيجي كبير"، كما يكتب العميد فينكل؛ وهذا مع عدم احتساب الخسائر المادية المباشرة من أثر القصف المتبادل. رغم ذلك، تتفق الدراسات الأربع المذكورة عند مبدأ "إظهار القوة"، وإن بشكل مباشر، مع إيران. من هذا المنطلق، يوصي خيمينيز، استشرافًا لحرب ممكنة مع إيران، بالتركيز على "الأهداف ذات القيمة المعنوية"، كالمراكز الحكومية، والقادة، والمؤسسات، وهذا إدراكًا للأفضلية التي تتمتع بها إيران في تعويض الخسائر المادية، والتكلفة الثقيلة للحملات الجوية الإسرائيلة؛ وكذلك خدمة للهدفين الاستراتيجيين المذكورين: دفع النظام إلى نقطة "الانهيار الذاتي" في "أفضل الأحوال"، وفي "أسوئها"، دفعه إلى الإقرار بالمقدرة الإسرائيلية، وقبول توازنات جديدة مع فقدانه أوراق القوة. هذا منطلق من قناعة أن "إيران مصممة على عقيدة براغماتية استراتيجية تقوم على تفكير بعيد المدى"، كما يكتب العقيدان بالأحرف الأولى من اسميها. على هذا النحو، يرى البروفيسور مئير ليتفيك، في دراسة نشرها معهد الجيش، أنه وفق مبدأ الاستنزاف هذا، فإن "الفهم الصحيح لطبيعة التفكير في إيران يفضي إلى استنتاج أن الوقت يعمل ضد النظام هناك، وأن النظام سيضطر إلى تغيير سياسته الحالية إذا أراد البقاء". وهذا متطابق أيضًا مع طرح أورتال، الذي يدعو إلى "استراتيجية تنافسية قائمة على احتواء عسكري وسياسي عدواني لإيران وإجبارها على الاعتراف بفشل استراتيجيتها". ينطوي ذلك أيضًا على اعتراف مقابل "بمكانة إيران الإقليمية". يذهب خيمينز في هذا الاتجاه، ثم يخلص إلى القول: "هل ستكون إيران مستعدة للتنازل عن القضايا التي تُمثل "خطوطًا حمراء" لإسرائيل- البرنامج النووي والتدخل العسكري في بلاد الشام؟ في رأيي، الإجابة هي نعم. إن تحقيق المصالح الجوهرية لإيران -الحفاظ على النظام والاعتراف بمكانتها القوية في المنطقة– يدفع إيران إلى تقديم تنازلات صعبة وعملية، كما أثبتت استعدادها لذلك في الماضي". أيضًا، رأينا تجلّيات من ذلك على أرض الواقع؛ من قبيل ما كشفه قادة في جماعة الحوثيين باليمن عن عرض أميركي بالاعتراف بسلطتهم مقابل الانكفاء عن دعم غزة. كذلك أيضًا، يمكن أن نضع الاغتيال المتكرر للقادة، والتلويح باستهداف المرشد، وإفراغ طهران، وقصف مقرّ التلفزيون الإيراني، ضمن فكرة "الأهداف ذات القيمة المعنوية" التي يقترحها المقدّم خيمينيز، ومن ورائها استراتيجية دفع النظام إلى أحد مصيرين: الانهيار أو المساومة للحفاظ على ديمومته. نموذج الاتحاد السوفييتي فكرة "الاعتراف بمكانة إيران في المنطقة" التي يقترحها خيمينيز ليست بناشزة، بل مشتقة من دروس التاريخ، وقد تبنّتها أيضًا دراسات لاحقة. في واحدة منشورة في مجلة "بين القطبين"، التابعة لجيش الاحتلال، عشية "طوفان الأقصى"، يدعو العميد إيال بيخت إلى اعتماد منهجية مركّبة من نموذجي حرب أكتوبر (المصرية) والحرب الباردة لهزيمة إيران. يستدعي الضابط الإسرائيلي هنا مثال الرئيس المصري، أنور السادات، الذي لم يكسب الحرب بالمطلق في الميدان، لكنه أفلح في دفع عملية سياسية حصل من خلالها على تنازلات. لكن للفروقات الجوهرية في الحالة الإيرانية، الأكثر عقائدية بالطبع، فإنه يقترح نموذجًا هجينًا مع الحرب الباردة، التي يتخللها سباق تسلح استراتيجي وحروب غير مباشرة، ولكن أيضًا، تقدير متبادل من كلّ طرف لمقدرة الآخر. تعدّ هذه المقاربة الهجينة تكثيفًا للأفكار السابقة: تركيز القوة في مواضع ألم إيران من جهة، حتى في داخلها، وتقدير مكانها في الإقليم من جهة أخرى. لكن النهاية المتصوّرة هي ذاتها التي انتهى إليها الاتحاد السوفييتي: الاحتواء، ثم الاستنزاف حتى التفكك. يرى بيخت أن ثمة مشتركات جوهرية بين إيران والاتحاد السوفييتي: العقائدية، والقمعية، والانغلاق الثقافي الدافع إلى الغطرسة، والتوسع الزائد عن المقدرة الاقتصادية الهشة. من هنا، تذهب الدراسة إلى اقتباس نظرية "التوسع المفرط"، التي صاغها المؤرخ والباحث البريطاني، بول كينيدي، والتي ترى علاقة سببية بين تراجع القوى الكبرى عبر التاريخ وتوسعها في تدخلات عسكرية أكبر من سعتها الاقتصادية. لكن رغم ذلك، لم تكن الولايات المتحدة لترى نهاية خصمها الألد في عهد القطبين لولا مزيج من حروب الظل والاعتبار المتبادل. يشرح جون شيتل، في مقال منشور عام 1995 في مجلة "ذا ناشونال إنترست"، كيف أن عهد الانفتاح على الاتحاد السوفييتي، الذي دشّن في سنوات الضعف الظاهري للولايات المتحدة إبّان حرب فيتنام، كان بادئة سلسلة من التقلبات التي أفضت إلى تفكك النظام الشيوعي. دفع هذا الانفتاح السوفييت إلى الانكشاف على ثقافة الغرب، والارتباط الوثيق بأسواقها، حتى دخلوا في حالة من "الارتياح المفرط"، قبل أن يصطدموا بصلف الرئيس الأميركي السابق، رونالد ريغان الذي سدّ عليهم كل المنافذ؛ ثم لم يكن الانهيار بعيدًا. وقع شيء شبيه مع إيران، بعد انفراجة الاتفاق النووي التي حررت مدخراتها في الخارج، وفتحت الأسواق العالمية أمام ثرواتها النفطية والغازية الهائلة؛ قبل أن يسدّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. بين هذه التقلبات العنيفة، من العقوبات إلى الانفراجة إلى الضغط الأقصى فالحرب المباشرة، ربما ينتظر خصوم إيران أن تأتي لحظة الانهيار من تلقاء نفسها. حدود "الصبر الاستراتيجي" كلّ ما ذكر كان مجرد استقراء للرؤية الاستراتيجية الكبيرة تجاه إيران، وتحديدًا من منظورها العسكري -المهني، لا السياسي- وليس تبنّيًا لها. بطبيعة الحال، نرى كثيرًا مما رسم سلفًا يتنزّل على أرض الواقع اليوم، لكن هذا أيضًا لا يعني بالضرورة نجاحه. على المقلب الآخر، فإن لدى إيران، في صورة نظامه الحالي، تاريخ طويل من العناد والمرونة، يمتدّ من حرب السنوات الثماني مع العراق، والتي كانت هي من رفض قرار وقف إطلاق النار فيها بعد صدوره عن مجلس الأمن. لكن الأهم، في الوجه المقابل من الصورة، أن كل تلك المعطيات توثّق حقيقة أن خطط الحرب موضوعة سلفًا، لا على الورق فحسب، بل في العقيدة العسكرية، والموازنة، والرؤية الاستراتيجية الأوسع، وحتى المخيال؛ وأنها عند اللحظة المؤاتية لن تعوزها ذريعة.


الديار
منذ 23 دقائق
- الديار
محفوظ عن كلام وليد عبود: للالتزام بخطاب القسم ومساءلة القناة وتنبيهها
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أشار رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ في بيان، انه وصل الى المجلس الوطني "مراسلات عديدة بصدد كلام الزميل وليد عبود على القناة الإعلامية "هلا ارابيا"، وقد التبس على البعض بأن هذا الكلام كان على تلفزيون لبنان". وقال: "للأمانة، أنا شخصيا فوجئت بكلامه، وقد عملنا معًا في "النهار العربي والدولي" ولم تكن "لغته السياسية" مشابهة لما جاء في "يا أبيض يا أسود"، حيث في مناسبة الحرب "الاسرائيلية" على ايران يستهدف حزب الله وايران معا. وإن كان لم يحدد بوضوح لمصلحة من يقول "حلوا عنا". فـ "إسرائيل" هي عدو للبنان في الدستور والقوانين. كما هي عليه في حسابات رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وقائد الجيش العماد رودولف هيكل الذي يعتبرها العدو الأول". أضاف: "وأكثر من ذلك، يلزم القانون المرئي والمسموع رقم ٣٨٢/٩٤ المؤسسة الاعلامية، أيًا كانت بما فيها التلفزيون الرسمي العام، عدم بث كل ما من شأنه الترويج للعدو الاسرائيلي. هذا في المادة السابعة من القانون. كما يشدد دفتر الشروط في المرسوم ٧٩٩٧/٩٦ على عدم الترويج للعدو الاسرائيلي واعتبار ذلك شرطا لإعطاء الترخيص. والمفاجأة أن كلام عبود جاء في اليوم نفسه الذي عقدت فيه اللجنة البرلمانية الإعلامية اجتماعا لمناقشة تقرير عرضه وزير الاعلام بول مرقص، وطرح فيه السياسة الإعلامية لتلفزيون لبنان الذي يعمل فيه الزميل وليد عبود. وجاء في هذه السياسة الالتزام بالوحدة الوطنية وتعزيز فكرة المواطنة واحترام التنوع والموضوعية وعدم الترويج لـ "اسرائيل"". وأردف: "السؤال: هل الخطأ الذي وقع فيه عبود ناجم عن سياسة المؤسسة التلفزيونية التي طرح فيها فكرة "حلوا عنا"، أم هفوة شخصية"، ورأى أن على الحكومة "مساءلة القناة ولحسابات من تعمل وتوجيه تنبيه لها، وأن تتقدم باعتذار مباشر عن البرنامج. كما أتوجه الى عبود وهو الذي يدير برنامجا في تلفزيون لبنان، أن يلتزم خطاب القسم للرئيس عون، والذي اعتبرته اللجنة البرلمانية الإعلامية خريطة طريق يعتمدها الإعلام الرسمي، حيث لا مناص مستقبلا من تطبيق القانون الذي يحمي الحرية الإعلامية ويحول دون المخالفات وهذا ينطبق في الوقت نفسه على المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها".


الديار
منذ 23 دقائق
- الديار
وقفات تضامنيّة لحزب الله والإعلام اللبناني مع الاعلام الايراني
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب نظم حزب الله أمس وقفات تضامنية مع الشعب الإيراني وقيادته، في الضاحية الجنوبية وبلدات جنوبية، تنديدا بالعدوان "الإسرائيلي"- الأميركي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ورفضا للتوحش الصهيوني ومجازره المتنقلة من غزة إلى إيران. كما وأقيم لقاء تضامني مع الإعلام الإيراني تحت شعار "إسرائيل تقتل الإعلاميين"، بدعوة من المؤسسات الإعلامية في لبنان، بالتعاون مع نقابة الإعلام المرئي والمسموع في لبنان، واللقاء الإعلامي الوطني، ولجنة دعم الصحفيين…، حيث أطلق الاعلاميون صرخة وفاء من بيروت إلى طهران، مع الإعلام الإيراني في وجه آلة القتل الصهيونية وتضامنًا مع الشهداء. بل متجذرة في عمق التاريخ نظم حزب الله وقفة تضامنية مع الشعب الإيراني وقيادته أمام مجمع القائم في الضاحية الجنوبية، شارك في الوقفة عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي عمار، مسؤول منطقة بيروت في حزب الله حسين فضل الله، علماء دين وشخصيات وحشد من الأهالي. بداية تلاوة آيات بينات من القرآن الكريم، ثم تشابكت أيادي الحاضرين وقرأ "دعاء الوحدة" الذي يؤكد في على "الوحدة والتضامن والتكاتف بين المسلمين في مواجهة التحديات"، تلاه النشيدان الوطنيان اللبناني والإيراني ونشيد حزب الله، بعدها قال علي عمّار باسم الحزب: "لقد تكالب الاستكبار العالمي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها إسرائيل مستهدفين القلعة المحمدية العلوية الشماء، متوهّمين أنهم يستطيعون النيل من جذورها وصلابتها ووجودها وحضورها، ولكنهم لا يعلمون أن جذور هذه الدولة المباركة ليست جذورا هشّة، وإنما جذور متجذرة في عمق التاريخ، تستمد شرايينها من عبق الرسالة المحمدية ومن نهج الإمامة العلوية"، مضيفا "إننا نجدد بيعتنا لقائدنا مستلهمين من الله النصر والثبات، ونقول لكل اللبنانيين، إننا حينما نجتمع الآن للدفاع عن مرجع من مراجع المسلمين في العالم، وعن قائد من قادة الأحرار والشرفاء في العالم، إنما نستحضر في ذلك كل الأحرار والشرفاء والقضايا التي تعنينا في الحاضر والمستقبل". بدوره، قال إمام مجمع القائم علي الموسوي: "إننا نعبّر وبأشد عبارات الإدانة والاستنكار، التعرّض للمرجعية الدينية العُليا الممثلة بسماحة آية الله العظمى الإمام علي الخامنئي، فهي جريمة تضاف إلى سجل هذا العدو الحافل بالجرائم ". ولا حياد في هذه المعركة نظم حزب الله في قطاع صيدا، وقفة تضامنية امام مجمع السيدة فاطمة الزهراء، تحت عنوان "جمعة التضامن مع الجمهورية الاسلامية في إيران"، دعما لها في حربها ضد العدو الصهيوني واستنكارا للعدوان الذي يستهدفها ويستهدف غزة، في حضور عدد من العلماء والفاعليات وحشد من أبناء المدينة. ورفع المشاركون اعلام الجمهورية الاسلامية والاعلام اللبنانية وصور الخامنئي، ولافتات نددت بالعدوان واطلقوا هتافات وصرخات (الموت لاميركا وإسرائيل)، داعية الدول الاسلامية الى الوحدة والتكاتف في مواجهة العدوان الظالم. والقى امام المجمع الشيخ صادق النابلسي، كلمة ندد فيها بـ "التهديدات الاميركية و "الاسرائيلية " للخامنئي، وقال:" أن كل تلك الارمادا السياسية والعسكرية والإعلامية لم تستطع أن تهز من ثبات وشموخ الخامنئي، وكل تلك المليارات والأسلحة والمشاريع التآمرية لم تتمكن أن تنال من عزيمة القائد الإسلامي الكبير". وقال: "هذه الحرب ليست حرب إيران وحدها بل حرب المسلمين وحرب الأحرار، لذلك عندما تكون إيران في خطر يكون لبنان في خطر، وعندما تكون إيران في خطر تكون فلسطين في خطر، وعندما تكون إيران في خطر يكون الإسلام والمسلمون في خطر"، مضيفا "إن المسّ بالخامنئي معناه ان كل الشوارع سوف تنفجر وكل الخنادق سوف تنفجر، لذلك نحذر كل الغزاة من أن لا أمن ولا مصالح لهم إن وصل الأمر إلى تجاوز هذا الخط الأحمر". وختم النابلسي: "إن الأمين العام لحزب الله قال لا حياد في هذه المعركة، وهذا يعني أن هذه المعركة هي معركة الأمة، وحزب الله وانصار الله والحشد الشعبي جزء من هذه الأمة". من جهته، أكد رئيس تيار الارتقاء الشيخ خضر الكبش، "هذه الحرب هي على محور المقاومة ليكون خاضعا ذليلا للادارة الاميركية وللصهاينة وللمطبعين اللاهثين لتوقيع سلام ذليل مع العدو، لكنهم خابوا وخسئوا ". في جبشيت شهدت بلدات وقرى في منطقة النبطية وقفات تضامنية مع إيران، انطلقت أولاها من بلدة جبشيت، حيث غص مسجد البلدة بالمصلين والمناصرين، ورفعت اللافتات المعبرة عن الولاء لنهج الجمهورية الإسلامية وقائدها الخامنئي . وقال معاون رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ عبد الكريم عبيد: "ما تتعرض له الجمهورية الإسلامية من عدوان هو جزء من الحرب الشاملة على محور المقاومة لكنها ستبقى شامخة صامدة وستنتصر. ونحن باقون على طريق المقاومة، ماضون خلف قيادة الخامنئي الذي يمثّل الامتداد الحقيقي لنهج الإمام الخميني" . في جبل عامل الثانية نظمت في مختلف قرى وبلدات منطقة جبل عامل الثانية وقفات مماثلة، حيث شهدت المساجد في إقليم التفاح والبقاع الغربي وصيدا والزهراني والشقيف والنبطية، عقب صلاة الجمعة. وتخلل الوقفات كلمات شددت على "عمق العلاقة بين شعوب المنطقة وايران التي كانت ولا تزال الحاضن والداعم الأساسي لقوى المقاومة في وجه المشروع الصهيو-أميركي في المنطقة"، معتبرة "أن العدوان هو عدوان على كل من يؤمن بخيار المقاومة والكرامة"، لافتة إلى أن "إسرائيل واهمة إن ظنّت أن بإمكانها إخضاع هذه الأمة". وفي ختام الوقفات التضامنية، أكد المشاركون في رسالة أن "أي اعتداء على الجمهورية الإسلامية هو اعتداء على كل حر وشريف في هذه الأمة". الى ذلك، أكد مدير عام قناة المنار إبراهيم فرحات، خلال مشاركته في اللقاء التضامني مع الإعلام الإيراني تحت شعار "إسرائيل تقتل الإعلاميين"، أن "الإعلام الإيراني يتعرض لاستهداف مباشر من قبل الاحتلال "الإسرائيلي"، نتيجة دوره المحوري في مواجهة الباطل، وفضح الجرائم التي تُرتكب ضد شعوب المنطقة"، مشددا "على أن الوقوف إلى جانبه في هذه اللحظة هو أقل الواجب، وواجب وفاء وأخلاق وموقف." وقال: "إن ما تعرضت له هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية مؤخرًا من عدوان صهيوني مباشر، لا يمكن فصله عن نهج الاحتلال التاريخي في استهداف الصوت الحر والكلمة المقاومة"، مضيفا "نقف مع الإعلام الإيراني، ومع أولئك الإعلاميين الثابتين في مواقعهم، الذين يواجهون جبهة الباطل لإعلاء كلمة الحق. ونحن في لبنان، كما في فلسطين، نعرف تماماً طبيعة العدو الصهيوني وعدوانيته تجاه الإعلام المقاوم". وفي ختام كلمته، وجّه فرحات تحية للإعلاميين الإيرانيين المرابطين في الميدان، قائلا: "نقف إلى جانبكم، وأنتم تواجهون التحديات بكل ثبات وإخلاص".