
قمة ألاسكا.. تقدم دبلوماسى دون اتفاق!
ورغم ترقب العالم لاتفاق يضع حدًا للنزاع الدامى، خرجت القمة دون إعلان لوقف إطلاق النار، لكنها حملت إشارات واضحة على تبدّل فى الموقف الأمريكى وتقدّم روسى على الساحة الدبلوماسية.
فبينما سعى ترامب إلى تسويق فكرة «السلام الشامل» بدلا من هدنة مؤقتة، استغل بوتين اللحظة لاستعادة موقعه الدولى وتثبيت حضوره فى ملفات أوكرانيا وأمن أوروبا.
القمة التى وصفها المراقبون بأنها «نصر رمزى لروسيا» و«تراجع تكتيكى للغرب»، تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الضغوط على كييف، وتضع العواصم الأوروبية أمام اختبار صعب بين التمسك بدعم أوكرانيا أو التكيف مع قواعد لعبة يعاد رسمها فى الشمال الأمريكى.
تجديد الثقة وتعزيز التعاون وتوقع لقاء آخر
كان غريبا أن يوكل المضيف لضيفه افتتاح المؤتمر الصحفى الذى أعقب مباحثاتهما التى وعلى النقيض من كل التوقعات لم تستمر أكثر من الساعتين ونصف الساعة، وكان متوقعا لها أن تستمر لمدة خمس أو ست ساعات. وفيما أسهب الرئيس فلاديمير بوتين فى سرد تاريخ العلاقات بين البلدين والدور الذى لعبته آلاسكا فى توطيد علاقات البلدين قبل أن تبيعها الإمبراطورية الروسية إلى الولايات المتحدة فى عام 1867، استهل الرئيس الأمريكى كلمته بإيجاز نتائج مباحثاتهما فى بضع كلمات مفادها أن «الجانبين لم يتوصلا إلى الحلول المنشودة»، وإن أشار إلى ما أحرزاه من تقدم ملموس يتمثل فى أن لقاء آلاسكا يعتبر نقطة انطلاق لما سوف يتلوها من خطوات ولقاءات وكان من الغريب أن يعترف الرئيس الأمريكى بصحة ما يطرحه نظيره الروسى حول ضرورة العمل من أجل التوصل إلى اتفاق حول السلام يضع حدا لإنهاء الحرب بين الجانبين، وليس حول وقف إطلاق النار الذى كتب ترامب على منصة «تروث سوشيال»: أن وقف إطلاق النار لا يتم احترامه فى كثير من الأحيان. وكان الرئيس بوتين قد سبق وقال فى معرض رفضه لقبول مثل هذه الفكرة، أن الجانب الأوكرانى سوف يستغل ذلك لإعادة حشد قواته وتنظيم خطوط دفاعاته وتعزيزها بالمزيد من الأسلحة الغربية، وهو ما سبق ورفضه الرئيس الأمريكى نزولا على رأى الرئيس الأوكرانى وحلفائه الغربيين. وبينما عكست قسمات وجهى الرئيسين بما يفيد بعدم «ارتياحهما» لما توصلا إليه من نتائج لمباحثاتهما، حاول كل منهما إضفاء أكبر قدر من الواقعية على اتفاقهما حول تأكيد أنها كانت «بناءة وإيجابية ومفيدة». وإذ حرص الرئيسان على تأكيد ضرورة العمل من أجل التوصل إلى حلول لإزالة أسباب الحرب، خلصا إلى القول باتفاقهما حول ضرورة ضمان أمن كل الأطراف. وفى هذا الصدد قال بوتين: «نحن مقتنعون بأنه لكى تكون التسوية الأوكرانية مستدامة وطويلة الأجل، يجب القضاء على جميع الأسباب الجذرية للأزمة، التى تم ذكرها مرارا وتكرارا، ويجب أخذ جميع المخاوف المشروعة لروسيا فى الاعتبار، ويجب استعادة التوازن العادل فى المجال الأمنى فى أوروبا وفى العالم ككل»، مضيفا أنه يتفق مع فكرة ترامب بالحاجة إلى ضمان أمن أوكرانيا أيضا. ومن جانبه أكد الرئيس الأمريكى ضرورة إقرار مبدأ تبادل الأراضى، وأهمية عقد لقاء آخر قال بأهمية أن يشارك فيه «الرئيس» الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى وثلاثة أو أربعة من زعماء البلدان الأوروبية. وذلك ما يمكن أن يكون تبريرا على ما يبدو لتراجع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن سابق إنذاراته وتهديداته بتوقيع العقوبات على روسيا ومضاعفة الرسوم الجمركية على صادراتها من النفط والغاز إلى الهند والصين، التى سبق وحدد الثامن من أغسطس موعدا لتنفيذها. وهو ما قال إنه من غير المنطقى فرض مثل هذه العقوبات فى الوقت الذى تجرى فيه المباحثات حول تسوية الأزمة الأوكرانية، وهو ما يقف على طرفى نقيض مما تطالب به أوكرانيا وحلفاؤها من الدول الغربية.
وكان الرئيس بوتين قد اختتم حديثه فى المؤتمر الصحفى الذى اقتصر على كلمتى الرئيسين، بقوله بالإنجليزية «الخطوة التالية فى موسكو». وذلك ما لابد أن يخلق العراقيل أمام مشاركة زيلينسكى وزعماء البلدان الأوروبية.
ومن اللافت أن الرئيس ترامب بدا أكثر إرهاقا عن نظيره الروسى، فضلا عن شدة تأثره بما أصيب به من إحباط نتيجة عدم توصله إلى النتائج التى كان ينشدها من اجتماع آلاسكا، ما جعله يختصر كلمته التى أوجز فيها نتائج القمة، ليغادرا المكان على عجل، حيث سرعان ما استقل طائرته عائدا إلى واشنطن.
وكان بوتين الذى يعتبر أول رئيس روسى يزور آلاسكا فى التاريخ، قد لقى استقبالا «أسطوريا» من جانب الرئيس الأمريكى الذى حرص على استقباله بنفسه واصطحابه فى سيارته الرئاسية من مطار أحد أكبر القواعد العسكرية الأمريكية «المندورف ــ ريتشاردسون»، إلى مقر المباحثات داخل تلك القاعدة. وإذ كشف بوتين عما يراوده من آمال فى أن يصبح ما توصلا إليه من اتفاق فى آلاسكا نقطة مرجعية ليس فقط لحل المشكلة الأوكرانية، ولكن أيضا لبداية استعادة العلاقات التجارية والبراجماتية بين روسيا والولايات المتحدة». وكان بوتين قد حرص فى كلمته بالمؤتمر الصحفى المختصر، على التوقف أيضا عند ما يمكن أن يجنيه البلدان من نتائج مثمرة فى المجالات التجارية والاقتصادية ولاسيما فى مجال التنقيب واستخراج المعادن النادرة، إلى جانب الاستفادة من الموقع الجغرافى لولاية آلاسكا التى لا يفصلها عن روسيا سوى أربعة كيلومترات فقط عبر ممر بيرينج.
وكشفت المصادر الأمريكية عن أن الرئيس ترامب أجرى خلال رحلة العودة من آلاسكا إلى واشنطن، محادثة هاتفية طويلة مع زيلينسكى. وقالت السكرتيرة الصحفية الرئاسية الأمريكية كارولين ليفيت، إن المحادثة بين الرئيس ترامب والرؤساء الأوروبيين استغرقت جزءا كبيرا من الرحلة. وذكر مراقبون كُثُر أن مسئولين فى بعض الدول الأوروبية أعربوا عما يساورهم من شكوك فى نوايا الرئيس بوتين، بينما أبدت أوكرانيا تحفظها على أى حل يتضمن تنازلات إقليمية. وذلك فى الوقت الذى كشفت فيه بعض المصادر الغربية ومنها وكالة «بلومبرج» أن «مجرد عقد القمة يعد انتصارا لبوتين، كسر به عزلته الدولية».
وثمة من يقول إن القمة لم تسفر عن وقف فورى لإطلاق النار، لكن ذلك لم يقلل من أهمية انعقادها. كما انه وعلى الرغم مما صادف فكرة تحقيقها من عقبات عديدة، فقد خلق انعقادها هذا التفاعل بين الزعيمين الروسى والأمريكى، وكانت بمثابة قناة اتصال، ومصدرا لتجديد الثقة بينهما. ولما كانت الثقة جزءا رئيسيا لإحراز المزيد من التقدم والتفاهم المتبادل، فإنه يمكن القول إن قمة آلاسكا «خطوة فى الاتجاه الصحيح».
ويبقى أن ننقل تساؤلات الكثيرين حول الأسباب التى قد تكون وراء ظهور سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسية لدى وصوله قادما من موسكو قبيل لقاء القمة، مرتديا «فانلة» مكتوبا عليها الأحرف الأربعة «CCCP» التى لطالما كانت اختصارا للكلمات الأربع «اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية»، الاسم السابق للاتحاد السوفيتى قبل انهياره فى ديسمبر 1991، وهو ما أثار الكثير من تعليقات الصحفيين الغربيين ممن ربطوا بين ذلك وبما يدور فى خلد الكثيرين من أبناء الاتحاد السوفيتى السابق، من رغبة فى استعادة ذلك الاتحاد، ومعه بطبيعة الحال بلدان البلطيق الثلاثة التى حرص حلف الناتو على سرعة انضمامها إلى عضويته فى عام 2004. وذلك انطلاقا مما سبق وقاله بوتين حول أن «انهيار الاتحاد السوفيتى كان أكبر كارثة جيوسياسية فى القرن العشرين، من لم يتأثر بها فهو إنسان بلا قلب، ومن يريد عودته إنسان بلا عقل».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فيتو
منذ ساعة واحدة
- فيتو
زيلينسكي في واشنطن.. وترامب يضع "شروط السلام الفوري"
أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدى وصوله إلى واشنطن، لإجراء محادثات مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، أن جميع الأطراف تريد نهاية سريعة للحرب، داعيا للتوصل إلى سلام دائم. وكتب زيلينسكي على مواقع التواصل الاجتماعي: "جميعنا نتشارك رغبة قوية بإنهاء هذه الحرب بسرعة وعلى نحو موثوق". وأوضح: "أنا ممتن لرئيس الولايات المتحدة على الدعوة. نحن جميعا نريد على حد سواء إنهاء هذه الحرب بسرعة وبشكل موثوق". وأضاف الرئيس الأوكراني: "آمل أن قوتنا المشتركة مع أمريكا ومع أصدقائنا الأوروبيين ستجبر روسيا على السلام الحقيقي". ومن المقرر أن يلتقي زيلينسكي مع ترامب، اليوم الإثنين، إلى جانب مجموعة من القادة الأوروبيين. ماذا قال ترامب؟ من جانبه، أكد الرئيس الأمريكي أن نظيره الأوكراني قادر على إنهاء الحرب مع روسيا "على الفور"، لكنه استبعد استعادة أوكرانيا لشبه جزيرة القرم أو انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو". وكتب ترامب على منصته "تروث سوشال" عشية اجتماعه المقرر في البيت الأبيض مع زيلينسكي وقادة أوروبيين، "بإمكان الرئيس الأوكراني زيلينسكي إنهاء الحرب مع روسيا على الفور تقريبا، في حال أراد ذلك، أو يمكنه مواصلة القتال". وأضاف: "لا استعادة للقرم التي منحها أوباما (قبل 12 عاما من دون إطلاق رصاصة واحدة) ولا انضمام لأوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي". يشار إلى أنه من المرتقب أن يلتقي ترامب وزيلينسكي، الإثنين في البيت الأبيض، لمناقشة سبل إنهاء الحرب المستعرة منذ فبراير 2022. وسيعرف هذا اللقاء حضور عدد من قادة أوروبا، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، وأورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، والأمين العام لحلف الناتو، إلى جانب شخصيات أخرى. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


المشهد العربي
منذ ساعة واحدة
- المشهد العربي
زيلينسكي يصل أمريكا للقاء ترامب
قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، اليوم الإثنين، إنه وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لمقابلة نظيره الأمريكي دونالد ترامب. ونشر زيلينسكي تدوينة عبر منصة "إكس" أعرب خلالها عن امتنانه للرئيس ترامب على دعوته لزيارة الولايات المتحدة ضمن جهوده لوقف الحرب. وأكد في تدوينته: "وصلتُ بالفعل إلى واشنطن، وسألتقي بالرئيس ترامب، كما سنتحدث مع قادة أوروبيين، ممتن للرئيس ترامب على دعوته، نتشاطر جميعًا رغبةً قويةً في إنهاء هذه الحرب بسرعةٍ وثقة".


مصر اليوم
منذ ساعة واحدة
- مصر اليوم
ترامب: استعادة القرم وعضوية الناتو أمران غير واردين لأوكرانيا
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن استعادة القرم وعضوية الناتو أمران غير واردين لأوكرانيا. وأضاف ترامب أن الرئيس الأوكرانى بإمكانه إنهاء الحرب أو مواصلة القتال. وأكد ترامب "اليوم سيكون حافلا فى البيت الأبيض باجتماع القادة الأوروبيين، فلم يسبق لى الاجتماع بهذا العدد من القادة الأوروبيين فى وقت واحد". وأفادت صحيفة نيويورك تايمز، نقلا عن مسؤولين أوروبيين رفيعى المستوى، أن عددا من القادة الأوروبيين تلقوا دعوة لحضور اجتماع يُعقد اليوم الإثنين فى البيت الأبيض، يجمع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي. ويأتى هذا الاجتماع بعد قمة جمعت ترامب بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى ألاسكا، الجمعة، والتى قالت واشنطن إنها حققت "تقدما كبيرا" فى مناقشات الأزمة الأوكرانية، دون التوصل إلى اتفاق نهائى لإنهاء الصراع. ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة. انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مصر اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مصر اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.