
موجة اعتقالات جديدة ضمن تحقيقات بشبهات فساد في بلدية إسطنبول
واعتقلت الشرطة التركية 20 مشتبهاً بهم جديداً في جولة مداهمات، فجر الثلاثاء، ضمن التحقيقات المستمرة حول شبهات الفساد في بلدية إسطنبول، التي يسيطر عليها حزب الشعب الجمهوري، والإدارات التابعة لها.
وجاءت الحملة بموجب مذكرة توقيف جديدة أصدرها المدعي العام لمدينة إسطنبول، شملت 25 شخصاً، بينهم رئيس شركة النقل العام في المدينة.
أنصار إمام أوغلو يواصلون الاحتجاجات على اعتقاله ويطالبون بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
ولم تتوقف الموجة الجديدة، التي أتت بعد يوم واحد من الإفراج عن مدير إدارة الأسفلت في البلدية بعدما استفاد من مبدأ «التوبة الفعالة» وتحول شاهداً، عند حدود إسطنبول، بل امتدت إلى 5 ولايات أخرى.
وتتهم النيابة المشتبه بهم بتزوير مناقصات عامة طرحتها شركة شق الطرق البلدية من بين أمور أخرى، في حين قالت المعارضة إن التحقيقات تستهدف قياداتها السياسية، وتأتي ضمن سلسلة من التحقيقات «ذات الطابع السياسي» التي تستهدف إضعاف الحزب الذي تفوق للمرة الأولى، منذ أكثر من 20 عاماً، على حزب العدالة والتنمية الحاكم، في الانتخابات المحلية الأخيرة التي أجريت في 31 مارس (آذار) 2024، ومنع مرشح الحزب الرئاسي، أكرم إمام أوغلو، من خوض الانتخابات كونه أكبر منافس لإردوغان.
على صعيد آخر، بدا أن هناك عقبات تعترض تشكيل لجنة برلمانية ستعمل على وضع الأساس القانوني لعملية نزع أسلحة حزب العمال الكردستاني، بعدما قام 30 من أعضائه بعملية رمزية لتدمير الأسلحة في السليمانية، شمال العراق، في 11 يوليو (تموز) الحالي.
وألقى زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، بظلال من الشك على مشاركة الحزب في اللجنة قبل 48 ساعة فقط من تقديم أسماء أعضاء الأحزاب إلى البرلمان، الخميس.
أوزيل خلال تصريحات للصحافيين الثلاثاء (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
وقال أوزيل، في تصريحات، الثلاثاء، رداً على سؤال حول اختصاصات اللجنة، إن «هذه اللجنة ليست مختصة بصياغة دستور، من ينوي القيام بذلك لن يجدنا في صفه؛ لأنه لا يمكن صياغة دستور جديد من جانب من لا يلتزم بالدستور الحالي».
وحدَّد عدداً من الشروط حتى يشارك حزبه في اللجنة، في مقدمتها عدم التطرق إلى تعديل الدستور والإفراج عن السياسيين المحتجزين، وفي مقدمتهم الرئيسان المشاركان السابقان لحزب «الشعوب الديمقراطية» المؤيد للأكراد، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، ورئيس بلدية أسنيورت، أحمد أوزر، والتخلي عن ممارسة الاحتجاز دون محاكمة.
وأضاف أنه يجب تشكيل اللجنة بتمثيل متساوٍ، أي تمثيل جميع الأحزاب بالتساوي، وإذا لم يتحقق ذلك فيجب أن تتخذ قراراتها بالأغلبية المؤهلة الضرورية حتى ننضم إليها، ولا يجب أن تكون لجنة هدفها تمكين حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية من القيام بما يريدون.
وتمّ تحديد عدد أعضاء اللجنة، التي من المقرر أن تبدأ عملها مطلع أغسطس (آب)، بـ51 عضواً من نواب البرلمان، بينهم 21 نائباً من حزب «العدالة والتنمية»، و10 من حزب «الشعب الجمهوري»، و4 من كل من حزبي «الديمقراطية والمساواة للشعوب» و«الحركة القومية»، و3 نواب لكل من حزبي «الجيد» و«الطريق الجديد»، ونائب واحد من كل من الأحزاب التي ليس لها مجموعات برلمانية، وهي: «الرفاه الجديد»، و«هدى بار»، و«العمال التركي»، و«العمل»، و«الديمقراطي» و«اليسار الديمقراطي».
وأفادت تقارير بأن اللجنة ستتخذ قراراتها بأغلبية 31 من أعضائها، وأنها سترسم خريطة طريق حل حزب العمال الكردستاني ونزع أسلحته، وستناقش اللوائح والتعديلات اللازمة لتشريعها، بما في ذلك لوائح مماثلة لـ«قانون العودة للوطن» الذي طُبّق عام 2003، والذي نصّ على أحكام مخففة لأعضاء حزب العمال الكردستاني غير المتورطين في هجمات إرهابية ممن يختارون الخروج من الحزب.
أوجلان وجّه نداء للسلام والمجتمع الديمقراطي في 27 فبراير الماضي (إ.ب.أ)
من جانبه، اعترض حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد والذي قاد المفاوضات بين الحكومة وزعيم حزب العمال الكردستاني السجين، عبد الله أوجلان، قادت إلى قرار الحزب حل نفسه وإلقاء أسلحته، على تسمية اللجنة البرلمانية باسم «لجنة تركيا خالية من الإرهاب» في إشارة إلى المبادرة التي أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، ويتمسك الحزب بتسميتها لجنة «السلام والمجتمع الديمقراطي»؛ تطابقاً مع النداء الذي أطلقه أوجلان في 27 فبراير (شباط) الماضي.
وقالت نائبة رئيس الكتلة البرلمانية للحزب غوليستان كيليتش كوتشيغيت،: «نحن نرفض بشدة هذه التسمية، إذا أردنا تحقيق حل ديمقراطي للمشكلة الكردية في هذا البلد، فأود أن أقول إنه سيكون من الأصح استخدام وصف يرتكز حقاً على السلام والمجتمع الديمقراطي، بدلاً من التعبير عنها من خلال الإرهاب والسياسات الأمنية».
وكان رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش استخدم اسم «لجنة تركيا خالية من الإرهاب» للجنة في تصريحات أدلى بها الأحد.
في الوقت ذاته، قررت أحزاب «العدالة والتنمية»، و«الحركة القومية»، و«الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، و«الطريق الجديد» (الديمقراطية والتقدم والسعادة والمستقبل)، و«اليسار الديمقراطي» و«العمل» و«هدى بار»، ترشيح أعضاء في اللجنة، التي أعلن حزب «الجيد القومي» مقاطعته لها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 5 دقائق
- Independent عربية
ترمب يربك "وول ستريت" والبيانات الضعيفة تهز ثقة المستثمرين
لأشهر عدة، تجاهلت "وول ستريت" حرب دونالد ترمب التجارية وموقف البنك المركزي الأميركي المتشدد في الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة فترة أطول، مدفوعة بثقة في أن الاقتصاد القوي سيواصل دعم الأسواق الأميركية. لكن في الأسبوع الماضي بدأت تلك الثقة تتلاشى، إذ أربكت بيانات الوظائف الضعيفة والجولة الجديدة من الرسوم الجمركية التي أطلقها ترمب المستثمرين، مما زاد الضغط على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، لخفض أسعار الفائدة، وكشف عن حال من القلق المتصاعد في شأن التوجه الحمائي للبيت الأبيض. ما الذي أحدثه تقرير تباطؤ سوق العمل؟ وانهار الهدوء الذي خيم على الأسواق مدة ثلاثة أشهر تقريباً، بعدما أظهر تقرير أميركي تباطؤاً حاداً في سوق العمل، وسارع المتداولون إلى اللجوء إلى أصول الملاذ الآمن مثل السندات الحكومية، مما أدى إلى تراجع عوائد سندات الخزانة لأجل عامين إلى 3.68 في المئة، وهو أكبر هبوط يومي منذ ديسمبر (كانون الأول) 2023. في الوقت نفسه زادت رهانات المستثمرين على خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل، وانخفض الدولار، وواصل مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" تراجعه من أعلى مستوى قياسي له، مسجلاً أسوأ أسبوع له منذ مايو (أيار) الماضي. وقال رئيس قسم الإستراتيجية الاقتصادية في شركة "كلير بريدج إنفستمنت"، جيف شولتزه، "البيانات الصادرة يمكن وصفها بأنها مثال على أن الأنباء السيئة تظل أنباء سيئة. فمع توقف خلق الوظائف تقريباً، ووجود رياح معاكسة ناجمة عن الرسوم الجمركية في الأفق، هناك احتمال قوي بأن نشهد قراءة سلبية للوظائف في الأشهر المقبلة، مما قد يثير مخاوف من ركود اقتصادي". لماذا أقال ترمب رئيسة مكتب إحصاءات العمل؟ ودفعت النتائج الضعيفة للوظائف الرئيس ترمب إلى إصدار أوامر بإقالة مفوضة مكتب إحصاءات العمل، إريكا ماكنتارفر، متهماً إياها بتسييس البيانات من دون أي دليل. وقال رئيس قسم الاقتصاد في "رينيسانس ماكرو"، نيل دوتا، "الإحصاءات العامة الأميركية تمثل المعيار الذهبي، والتشكيك فيها لمجرد أنها لا تروق لك، يقوض ثقة السوق". وزادت التوترات الجيوسياسية من موجة العزوف عن المخاطرة في الأسواق، إذ قال ترمب إنه أمر بنشر غواصات نووية "في المناطق المناسبة"، مشيراً إلى تصريحات "استفزازية للغاية" أدلى بها الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف. ويمثل هذا التراجع في الأسواق تحولاً حاداً عن أداء يوليو (تموز) الماضي، حين ارتفع الدولار، وتخلى المستثمرون عن أصول الملاذ الآمن، وتفوقت الأسهم الأميركية على نظيراتها العالمية بدعم من نتائج أرباح قوية واقتصاد لا يزال متماسكاً. لماذا ظهر ضعف الاقتصاد الأميركي فجأة؟ لكن مع نهاية الأسبوع، باتت تلك السردية أكثر هشاشة، إذ جاءت الرسوم الجديدة التي فرضها ترمب، والتي رفعت متوسط التعريفة الجمركية الأميركية على الواردات العالمية إلى 15 في المئة – وهي النسبة الأعلى منذ ثلاثينيات القرن الماضي – في الوقت نفسه الذي أظهرت فيه البيانات أن نمو الوظائف بلغ متوسطه 35 ألف وظيفة فقط خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهو الأضعف منذ الجائحة، ويعزى ذلك جزئياً إلى جهود ترمب لتقليص الإنفاق. ودفعت هذه المؤشرات المتداولين إلى رفع احتمالية خفض سعر الفائدة في سبتمبر (أيلول) المقبل إلى 91 في المئة، ارتفاعاً من 40 في المئة في بداية الأسبوع. ماذا يخطط المستثمرون في "وول ستريت" الآن؟ قال الرئيس المشارك لقسم تداول الأسهم في "ثيمس تريدينغ"، جو سالوزي، "كثير من الناس بدأوا يفكرون في الخروج من السوق. الأرقام الضعيفة للوظائف من شأنها أن تعزز سيناريو خفض الفائدة في سبتمبر، لكن هناك قلقاً من أن الاحتياطي الفيدرالي قد يتأخر أكثر من اللازم". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأدى شبح خفض الفائدة إلى تراجع الدولار بنسبة وصلت إلى واحد في المئة، في أكبر انخفاض يومي له منذ أبريل (نيسان) الماضي، وقادت الشركات الحساسة اقتصادياً التراجع في مؤشر "ستاندرد أند بورز 500"، وسط مخاوف في شأن النمو. وواصل مؤشر "راسل 2000" للأسهم الصغيرة انخفاضه لليوم الخامس، مسجلاً أسوأ أسبوع له في أكثر من شهرين. وتسلط البيانات الأخيرة – التي أظهرت أيضاً أن قطاع التصنيع الأميركي انكمش بأكبر وتيرة منذ تسعة أشهر – الضوء على المعضلة التي يواجهها باول وبقية أعضاء لجنة السياسة النقدية في "الاحتياطي الفيدرالي"، في الأسابيع والأشهر المقبلة، مع تصاعد انتقادات ترمب وإدارته بأن البنك المركزي لا يتحرك بالسرعة الكافية لخفض الفائدة. هل بدأ تأثير الرسوم الجمركية يظهر بالاقتصاد الأميركي؟ وأشار كثير من الاقتصاديين إلى أن الرسوم الجمركية العقابية التي فرضها ترمب، ومحاولته لإعادة كتابة قواعد التجارة الدولية من طرف واحد، بدأت تقوض الاقتصاد الذي يفترض أن تخفيض أسعار الفائدة سيدعمه، وذلك من خلال رفع كلفة الإنتاج على الشركات الأميركية، وفرض ضريبة غير مباشرة على المستهلكين العاديين. وفي الوقت نفسه قد تؤدي هذه الرسوم نفسها إلى ارتفاع التضخم، مما قد يمنع "الاحتياطي الفيدرالي" من التيسير، حتى مع ضعف سوق العمل. أضعف الوضع الراهن ثقة المستثمرين في اتجاه الاقتصاد الأميركي، ومن ثم في مستقبل أسعار الأصول، وازدادت التقلبات في الأسواق مع إعادة تقييم المتداولين للواقع الاقتصادي، بعد إضافة 15 تريليون دولار إلى قيمة الأسهم منذ أبريل الماضي. وقفز مؤشر تقلبات السوق Cboe (VIX)، وهو مقياس لكلفة خيارات الأسهم، إلى ما فوق المستوى النفسي 20 للمرة الأولى منذ اضطرابات أبريل الماضي، والناجمة عن الرسوم الجمركية، في حين ارتفعت مؤشرات مماثلة على السندات العالية العائد وسندات الدرجة الاستثمارية. وقال كبير إستراتيجيي الاستثمار في "أليانز إنفستمنت"، تشارلي ريبلي، "ربما أصبح المستثمرون مفرطين في الاطمئنان أثناء انتظارهم تأثير التباطؤ الاقتصادي الناتج من الرسوم الجمركية وارتفاع أسعار الفائدة. ويبدو أن تباطؤ الاقتصاد المرتبط بالرسوم بدأ يؤتي ثماره، ويجب أن تثير أوضاع سوق العمل الضعيفة قلق الاحتياطي الفيدرالي، وبالنظر إلى أنه كان يتصرف برد فعل في الأعوام الأخيرة، فإننا نتوقع احتمالاً أكبر لاتخاذ الفيدرالي إجراء خلال الأشهر المقبلة". ما توقعات "وول ستريت" الآن؟ ويعد التراجع المتزامن في كل من الدولار والأسهم تذكيراً بأن الأصول الأميركية ليست محصنة ضد الصدمات الاقتصادية والجيوسياسية، وثبت أن الرهان ضد الدولار – الذي اعتبر "الرهان الأكثر ازدحاماً" للمرة الأولى في استطلاع "بنك أوف أميركا" لمديري الأموال – كان من أكبر الأخطاء، بعدما سجل أول مكسب شهري له منذ تولي ترمب منصبه. وتكبد المشككون في أداء السوق الأميركية، الذين واصلوا الهيمنة في استطلاع "بنك أوف أميركا"، خسائر في الأسهم أيضاً، إذ تفوق أداء مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" على الأسواق العالمية للشهر الثالث على التوالي. وبحسب محللين، من المرجح أن يمثل هذا الضعف المتجدد تطوراً مرحباً به لأولئك الذين ظلوا يفضلون الأصول غير الأميركية في الآونة الأخيرة، إذ واصل كبير مسؤولي الاستثمار في الإستراتيجيات المتعددة الأصول لدى "أميركان سينتشري إنفستمنت"، ريتش فايس، تقليل الوزن النسبي للأسهم الأميركية، مشيراً إلى التقييمات المرتفعة. وقال "هناك عوامل سلبية محتملة كبيرة مثل العجز والرسوم الجمركية والتضخم، كذلك فإن التقلب العام، الذي يتسبب فيه الرئيس ترمب نفسه إلى حد كبير، يشير إلى أننا لا نزال في حاجة إلى توخي الحذر".


Independent عربية
منذ 5 دقائق
- Independent عربية
دمشق تستعد لإطلاق صندوق الإعمار وسط ضغوط العقوبات وشح الموارد
تستعد الحكومة السورية لإطلاق صندوق تنموي جديد يهدف إلى تمويل مشاريع إعادة الإعمار في المناطق الأكثر تضرراً من الحرب وتسهيل عودة النازحين إلى مدنهم وقراهم. ووفق ما نقلته مصادر حكومية لـ"تلفزيون سوريا" فإن الصندوق يمثل "نقلة نوعية" في هيكل التعافي، وسيوفر آلية دائمة لضمان استمرارية العمل "حتى عودة آخر نازح إلى منزله". سيعتمد الصندوق على "آليات شفافة وسريعة" لتنفيذ المشاريع مع التركيز على إعادة تأهيل البنى التحتية الأساسية كالمياه والكهرباء والمدارس لضمان الحد الأدنى من شروط العودة الآمنة. لماذا صندوق الإعمار الآن؟ وأكدت المصادر أن المشروع جاء ثمرة عمل استمر أربعة أشهر بإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية التي تعد تأسيس هذا الصندوق أداة استراتيجية لإعادة الحياة إلى المناطق المنكوبة وإنعاش الأرياف والمدن المنسية. في المشهد الأوسع تقف سوريا اليوم على ركام حرب طاحنة دمرت الاقتصاد وفتتت البنية التحتية، إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة والبنك الدولي إلى أن كلفة إعادة الإعمار تراوح ما بين 250 و500 مليار دولار، بينما تقول "الأسكوا" إن الخسائر الاقتصادية تجاوزت 442 مليار دولار حتى نهاية 2023. وتقدر نسبة الدمار في البنية التحتية بنحو 40 إلى 50 في المئة، مع انهيار شبه كامل في القطاعات الخدمية والصحية والتعليمية في بعض المناطق. أكثر من مليوني منزل تضررت كلياً أو جزئياً، فيما لا تزال مشاريع "السكن البديل" الحكومية تعاني بطء التمويل وضعف التنفيذ، وتحتاج البلاد إلى ما لا يقل عن 200 ألف وحدة سكنية سنوياً لتعويض النقص المتراكم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويرى متخصصون أن الفصل بين الإعمار والعمل الإنساني لم يعد واقعياً، وأن التأخير في ترميم البنية التحتية يطيل أمد الاعتماد على المساعدات، ومع غياب التمويل الدولي، تبقى جهود الإعمار رهينة الشعارات. ماذا بعد رفع العقوبات الدولية؟ أما على الصعيد الاقتصادي فيرسم تقرير البنك الدولي (ربيع 2024) صورة قاتمة للوضع، إذ تراجعت قيمة الليرة بنسبة 141 في المئة خلال عام 2023، وارتفعت نسب الفقر والتضخم بصورة قياسية. وهبطت الصادرات من 8.8 مليار دولار (2010) إلى مليار فقط (2023)، والواردات من 17.5 إلى 3.2 مليار دولار، كما لم يجمع جمع سوى ثلث المساعدات المطلوبة في 2023 (2.8 مليار من أصل 9 مليارات تقريباً). ويعيش ربع السوريين في فقر مدقع، بينما دمرت الزلازل والضربات الحربية مزيداً من شبكات الطرق والمنشآت الحيوية، أما إنتاج النفط فانخفض من 383 ألف برميل يومياً إلى أقل من 90 ألفاً عام 2023. ودعت الحكومة السورية إلى رفع العقوبات الدولية تمهيداً لانطلاق عملية إعادة الإعمار عقب سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024. وتعد هذه العقوبات أحد أبرز التحديات أمام المرحلة الجديدة، إذ تعوق جهود التنمية وعودة ملايين النازحين واللاجئين، من بينهم نحو 6 ملايين سوري يقيمون في دول عربية وأوروبية.


Independent عربية
منذ 5 دقائق
- Independent عربية
نتنياهو يعزل إسرائيل دوليا وستارمر لا يملك كبح يده
بمعايير بنيامين نتنياهو، بدا رد فعله على تحول كير ستارمر في السياسة باتجاه الاعتراف بدولة فلسطينية أقرب إلى الطقوس المتكررة. فقد أطلق اتهامات مضللة مفادها أن إقامة دولة كهذه ستكون "مكافأة على الإرهاب الوحشي"، وأرفقها بتلميح مبطن إلى تقاعس شبيه بما حدث عام 1939 في مواجهة النازية، عبر حديثه عن "استرضاء"، "حماس". وكرر الزعم الفارغ بأن فلسطين المستقلة ستمثل "تهديداً جهادياً" لبريطانيا نفسها. لكن خلال الوقت الراهن، لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي ما هو أكثر إلحاحاً من تصاعد الغضب الأوروبي إزاء التجويع والقتل الجماعي للمدنيين في غزة، لأن هذا الغضب بات مشتركاً –في الأقل في بعض الأيام– مع دونالد ترمب نفسه. واضطر نتنياهو إلى التراجع سريعاً من خلال الموافقة على "وقفات إنسانية"، والسماح بوصول الحد الأدنى من مساعدات الأمم المتحدة للتخفيف من المجاعة، التي كان لا يزال ينكر وجودها قبل أيام فحسب. هذا لا يعني أن ترمب مستعد خلال الوقت الراهن لممارسة ضغط لا يقاوم على نتنياهو للقبول بوقف لإطلاق النار، وفق شروط تقبل بها "حماس". لكن في جميع الأحوال، فإن التنازلات –مهما كانت محدودة– لم تكن ما وافق عليه اثنان من أكثر وزرائه تطرفاً وأهمية بالنسبة إلى بقائه السياسي: بتسلئيل سموتريتش (الذي هدد بالاستقالة في بداية الأسبوع فور سماعه بالتراجع عن قرار وقف المساعدات) وإيتمار بن غفير. وهذه معضلة لنتنياهو، لأن استقالتهما كانت قد تعني نهاية الائتلاف الحكومي. هذا التوازن السام كان جوهرياً في سعي نتنياهو المستمر منذ 22 شهراً نحو ما وصفه بدقة بأنه "حرب انتقام عظيم" بعد مقتل وخطف إسرائيليين خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وسلطت أحداث الأسبوع الماضي –من صور المجاعة، إلى تحركات بريطانيا وفرنسا وكندا نحو الاعتراف بفلسطين، وصولاً إلى ضغط ترمب– الضوء مجدداً على كيفية إدارة نتنياهو للحرب في غزة، وأثارت تساؤلات حول مدى قدرته على البقاء في السلطة. ما دامت الحرب مستمرة، يستطيع بنيامين نتنياهو أن يؤجل الاحتمال شبه الحتمي لتشكيل لجنة تحقيق، من شأنها أن تكشف عن سلسلة الإخفاقات التي سمحت بوقوع أحداث السابع من أكتوبر خلال توليه السلطة. وهو يلقي اللوم باستمرار على الجيش وأجهزة الاستخبارات في تلك الإخفاقات، فيما يؤكد رؤساؤها –الذين استقال معظمهم أو أقيلوا– أنهم حذروه مراراً خلال عام 2023 من أن الانقسامات العميقة التي سببتها محاولاته لتقويض سلطة القضاء تضعف إسرائيل وتمنح أعداءها فرصة للهجوم. وقد تدين لجنة التحقيق أيضاً ما ينظر إليه –عبر طيف واسع من الآراء السياسية داخل إسرائيل– على أنه استعداد نتنياهو المستمر، قبل السابع من أكتوبر، للسماح لقطر بتمويل حركة "حماس" والإبقاء عليها في السلطة. وهو سيناريو أتاح له التهرب من أية مفاوضات سلام مع الفلسطينيين، بحجة أن قيادتهم منقسمة بين "حماس" داخل غزة و"فتح" في الضفة الغربية. لكن الحفاظ على تماسك أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل يخدم هدفاً آخر لا يزال قيد التنفيذ. فمثل هذه الحكومة وحدها –مقابل تسهيلات مثل التوسع الاستيطاني غير المعارض في الضفة الغربية– ستكون مستعدة لاتخاذ خطوات مثل "إصلاح" القضاء وإقالة المستشارة القانونية للحكومة، غالي باهراف-ميارا، وهي الخطوة المخطط لها حالياً. وتعد هذه الإجراءات معاً أفضل فرصة لنتنياهو لعرقلة محاكمته المستمرة في ثلاث قضايا فساد (ينكر جميع التهم الموجهة إليه). ومع ذلك، فإن نجاح نتنياهو حتى الآن في التوفيق بين الضغوط الأميركية –مهما كانت محدودة خلال معظم فترات الحرب– ومطالب وزرائه المتطرفين، يعد شهادة على مهاراته السياسية العالمية، فهو لم يصبح ذا أطول فترة خدمة في منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي من طريق الصدفة. لقد تمكن نتنياهو من تجاوز سلسلة من الأزمات إلى أن بلغ عطلة الكنيست الصيفية، إذ ينخفض تلقائياً –وإن موقتاً– خطر انهيار ائتلافه. وكما تكهن عاموس هاريل المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" الليبرالية الأربعاء الماضي، يبدو أن نتنياهو يبعث خلال الأيام الأخيرة برسالة مزدوجة على طريقته المعهودة: يطمئن سموتريتش وبن غفير بأنه سيستأنف الحرب بمجرد تهدئة ترمب، بينما يلمح لعائلات الرهائن القلقين بأن وقف إطلاق النار لإطلاق سراح بعضهم في الأقل بات وشيكاً. وطوال فترة رئاسة جو بايدن، اصطف نتنياهو إلى جانب سموتريتش وبن غفير مفضلاً ذلك على الانصياع للبيت الأبيض، وهو موقف عززه معارضته الأيديولوجية القديمة لفكرة الدولة الفلسطينية التي يؤيدها بايدن. وتمكن من الإفلات من أية عقوبات حقيقية –باستثناء توقف موقت، ألغاه ترمب لاحقاً، في تسليم قنابل من زنة 2000 رطل شديدة التدمير– على رغم تجاهله المتكرر لتحذيرات واشنطن في شأن حماية المدنيين في غزة. بل إن موقفه من بايدن يذكر بتصريح خاص أدلى به لبعض المستوطنين وصور عام 2001، قال فيه "إذا قالوا شيئاً... فماذا في ذلك؟.. الأميركيون يمكن التلاعب بهم بسهولة". ومع وصول ترمب إلى السلطة، بدا لنتنياهو أنه لم يعد في حاجة حتى إلى "التلاعب". فقد استمرت التمويلات وتوريد الأسلحة بلا انقطاع، وظهر مبتسماً في البيت الأبيض بينما كشف ترمب عن خطته لإخلاء سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة، وإنشاء "ريفييرا" على ساحل البحر المتوسط. ولا يزال نتنياهو يؤيد طرد سكان غزة –وهو جريمة حرب– باعتبارها "خطة ترمب". لا أحد –وربما حتى ترمب نفسه المعروف بتقلباته المزاجية– يعلم ما إذا كان الرئيس الأميركي سيستمر في تحمل مقاومة رئيس الوزراء الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب. لكن الآن، وبعدما بدأت قناة "فوكس نيوز" نفسها في عرض صور الدمار والأطفال الجائعين في غزة، لم يعد بإمكان نتنياهو أن يكون واثقاً كما كان من قبل. أما داخلياً، فنتنياهو، الذي يتعين عليه خوض انتخابات بحلول أكتوبر 2026، لا يتمتع بشعبية خارج قاعدته المتشددة. الأمر لا يقتصر على أن استطلاعات الرأي تظهر أن أكثر من 75 في المئة من الإسرائيليين مستعدون لإنهاء الحرب من أجل استعادة الرهائن الـ50 المتبقين –أحياءً أو أمواتاً– بل إن حتى النشوة التي أثارتها الحرب التي شنها نتنياهو على إيران لمدة 12 يوماً لم تترجم إلى ارتفاع في شعبيته. فقد أظهر استطلاع لقناة "كان 12" الإسرائيلية أن ائتلافه الحالي سيحصل على 49 مقعداً فقط من أصل 120 في الكنيست، مقابل 61 مقعداً للمعارضة. من السابق لأوانه استبعاد قدرة سياسي بارع كنتنياهو على البقاء في السلطة خلال العام المقبل، أو حتى إمكانية نجاحه في تشكيل ائتلاف فائز عندما يحين موعد الانتخابات. ولا يزال من غير الواضح كيف سيؤثر قرار بريطانيا –ومن بعدها كندا– بالاعتراف الموقت بدولة فلسطينية على هذا المشهد. فعلى رغم الترحيب الرمزي بهذه الخطوة، فإن تأثيرها العملي يظل محدوداً ما لم ترفق بعقوبات ملموسة تدعمها. وقد يجد كثر أنفسهم حائرين إزاء الطابع المشروط لتحول كير ستارمر في الموقف. فإذا كان للفلسطينيين حق في الدولة، فهل ينتقص هذا الحق إذا ما توصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة؟ ومع ذلك، مرت 16 شهراً منذ أن حذر السيناتور الديمقراطي تشاك شومر –أرفع سياسي يهودي في الولايات المتحدة– من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي البالغ من العمر 75 سنة يخاطر بجعل بلاده "منبوذة دولياً". ويبدو أن الزخم المتزايد –وإن جاء متأخراً– لمعارضة الحرب على غزة من قبل الحكومات الأجنبية يشير إلى أن هذا التحذير بدأ يتحقق بالفعل.