
مندوبية المقاومة تخلد ذكرى معركة 'أنوال' المجيدة
إستمع للمقال
يخلد الشعب المغربي، إلى جانب أسرة المقاومة وجيش التحرير، اليوم الاثنين، الذكرى الـ104 لمعركة أنوال الخالدة، التي سجل فيها المجاهدون المغاربة بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي انتصاراً حاسماً على قوات الاحتلال الأجنبي. وتُعد هذه المعركة محطة مضيئة في تاريخ الكفاح الوطني، لما حملته من رمزية قوية في مسار التحرر الوطني.
وفي هذا السياق، ذكّرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأن جذور المقاومة في الريف تعود إلى مطلع القرن العشرين، عندما قاد الشريف محمد أمزيان بين 1907 و1912 حركة مقاومة شرسة ضد الاحتلال، خاض خلالها معارك ضارية وأحرز انتصارات لافتة، إلى أن استشهد في ساحة الشرف يوم 15 ماي 1912. وقد شكلت مقاومة محمد بن عبد الكريم الخطابي امتداداً لهذه الملحمة، حيث استطاع بفضل حنكته وشخصيته القوية تنظيم صفوف المقاومة وتوسيع رقعتها لتشمل مختلف مناطق الشمال المغربي.
وأبرزت المندوبية أن حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي التحريرية تميزت بالدقة والإحكام في التنظيم، وبالقدرة على الاستقطاب، وبالتخطيط المتقن، وجودة الأداء وإصابة الأهداف، إذ كانت معركة أنوال في يوليوز سنة 1921 بمثابة الضربة القاضية للقوات الأجنبية بفضل الأسلوب المتطور في حرب العصابات واستباق الأحداث واكتساح الميدان.
فبعد مواجهات ضارية مع قوات الاحتلال، وصل قائدها العام الجنرال سيلفستر، الذي اشتهر بخبرته وتجربته العسكرية، على رأس قوة عسكرية لفك الحصار عن قواته، لكنه عجز واضطر إلى الانسحاب والتراجع إلى مليلية، فلاحقه المجاهدون الريفيون، بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، وتوجت هذه المعركة الكبرى، التي دارت رحاها بمنطقة أنوال، بانتصار ساحق للمجاهدين الأشاوس، مما شكل ضربة موجعة للغزاة المعتدين الذين تكبدوا خسائر فادحة في الجنود والعتاد، حيث قدر عدد القتلى بالآلاف، من بينهم الجنرال سلفستر، بالإضافة إلى اغتنام المجاهدين أسلحة متطورة كثيرة ومتنوعة.
وبعدما تكبدت أفدح الهزائم، تراجعت القوات الاستعمارية وتمركزت بمدينة مليلية، بينما حظيت حركة التحرير الوطني بتأييد وإعجاب العديد من حركات التحرر الوطني في العالم، التي وجدت في معركة أنوال مرجعية في استراتيجية وفنون حرب العصابات.
وأشارت المندوبية إلى أن القوات الاستعمارية منيت خلال معركة أنوال بهزيمة ثقيلة أربكت حسابات الغزاة المحتلين، الذين اهتزت أركان جيوشهم الجرارة المدججة بأحدث الآليات والتجهيزات العسكرية وبقوة الحديد والنار، فاضطروا بذلك للتفاوض مع المجاهدين لحفظ ماء الوجه.
وبالرغم من تحالف قوات الاستعمارين الإسباني والفرنسي، استطاع البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي وأنصاره الصمود في وجه قوات الظلم والطغيان سنة كاملة، دخل خلالها في مفاوضات مع قيادتيهما، حيث جرت عدة لقاءات ومحادثات مع القوتين العسكريتين، أسفرت عن قبول شرط إيقاف الحرب الريفية دون تسليم الأسلحة.
في هذا السياق، وبعد أن تبين للبطل الصلب محمد بن عبد الكريم الخطابي أن هذه الحرب غير متكافئة بين الجانبين، فضل تسليم نفسه للمحتل الفرنسي حقنا للدماء، وكان ذلك صبيحة يوم 26 ماي 1926.
واعتبرت المندوبية أن مطلع ثلاثينيات القرن الماضي تميز بالتحول الجديد الذي شهده مسلسل الكفاح الوطني بالانتقال إلى النضال السياسي كواجهة مواكبة ومكملة للمقاومة المسلحة، وتصدى أبناء الريف الأشاوس لما سمي بالظهير البربري، الذي أصدرته سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية في 16 مايو 1930، والذي كانت تستهدف من خلاله تمزيق وحدة المغرب والتفريق بين أبنائه.
وتصاعدت بذلك وتيرة النضال الوطني بتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، بتشاور وتناغم بين بطل التحرير والاستقلال المغفور له محمد الخامس، طيب الله ثراه، وطلائع الحركة الوطنية، ثم جاءت رحلة الوحدة في 9 أبريل 1947 إلى مدينة طنجة، وخطاب جلالته التاريخي بالمناسبة لتذكي الصراع المحتدم بين العاهل المفدى والإقامة العامة للحماية الفرنسية.
وفي هذا الصدد اشتد الصراع في أعقاب المواقف البطولية للمغفور له محمد الخامس ومعه الحركة الوطنية في مواجهة الإقامة العامة للحماية الفرنسية، التي كانت تتوهم أنها بإقدامها على فعلتها النكراء، المتمثلة في نفي رمز السيادة المغربية المغفور له محمد الخامس، إلى جزيرة كورسيكا ومنها إلى جزيرة مدغشقر، يوم 20 غشت 1953، ستتمكن من إخماد جذوة المقاومة، غير أن هذه العملية الجائرة أججت وتيرة الكفاح الوطني، الذي امتدت شرارته إلى كافة أرجاء الوطن إلى حين العودة المظفرة لبطل التحرير والاستقلال حاملا معه مشعل الحرية والاستقلال.
وأبرزت المندوبية أن أسرة المقاومة وجيش التحرير لتغتنم هذه المناسبة الغراء لتؤكد استعدادها التام وتعبئتها المستمرة، تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس، من أجل الدفاع عن وحدة المملكة الترابية، وتثبيت المكاسب الوطنية.
كما تعرب عن دعمها اللامشروط للمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية المسترجعة في ظل السيادة الوطنية، باعتبار هذا المشروع ينسجم مع الشرعية الدولية، ويحظى بدعم المنتظم الأممي، ويعتبره المراقبون والمحللون الدوليون آلية ديمقراطية لإنهاء النزاع المفتعل بالمنطقة.
واعتبرت المندوبية أن مناسبة تخليد الذكرى الـ104 لمعركة أنوال المجيدة توحي للأجيال الجديدة والمتعاقبة بواجب التأمل والتدبر واستخلاص الدروس والعبر والعظات في تقوية الروح الوطنية وشمائل المواطنة الإيجابية لمواجهة التحديات وكسب رهانات الحاضر والمستقبل تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة للملك محمد السادس، الذي يحمل لواء بناء وإعلاء صروح المغرب الحديث، وارتقائه في مدارج التقدم والازدهار، وترسيخ دولة الحق والقانون.
وبهذه المناسبة، واحتفاء بهذه الذكرى المجيدة، تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، اليوم الاثنين، مهرجانا خطابيا وتكريميا بمقر عمالة إقليم الدريوش، تلقى خلاله كلمات وشهادات تستحضر الدلالات الرمزية والأبعاد التاريخية لهذه المحطة الوضاءة في مسلسل الكفاح الوطني، الذي خاضه الشعب المغربي دفاعا عن حمى الوطن وحياضه وثوابته.
وسيتم أيضا، بالمناسبة ذاتها، تكريم صفوة من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، وتوزيع إعانات مالية وإسعافات اجتماعية على عدد من أفراد هذه الأسرة.
كما أعدت كافة النيابات الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ومعها شبكة فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، وتعدادها 105 وحدات مفتوحة عبر التراب الوطني، عدة برامج وأنشطة وفعاليات تربوية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة التاريخية الوطنية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 7 دقائق
- هبة بريس
وجدة.. مصطفى بنحمزة يوضح ملابسات إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لفجيج
هبة بريس – أحمد المساعد أوضح العلامة الدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق، في تصريح له بشأن ما راج على وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لفجيج، أن ما وقع لا يتجاوز كونه إجراءً إداريًا عاديا جاء في إطار المتابعة والتقويم التي يقوم بها المجلس العلمي الأعلى لضمان حسن سير المجالس العلمية بالمملكة. وأكد بنحمزة أن المجلس العلمي الأعلى، وضمن مهامه الإشرافية، قرر إيفاد لجنة تفتيش إلى المجالس العلمية المحلية بجهة الشرق، والتي يبلغ عددها ثمانية، قصد مراقبة مدى احترام الضوابط القانونية والتنظيمية وتقييم مردودية الأداء. وقد ضمت اللجنة عضوين من المجلس العلمي الأعلى، إلى جانب رئيس المجلس العلمي المحلي ببركان، والمسؤول المالي للمجلس العلمي الجهوي بوجدة. وأشار إلى أن اللجنة زارت مدينة بوعرفة يوم الاثنين 2 يونيو 2025، ووصلت إلى مقر المجلس العلمي المحلي لفجيج حوالي الساعة التاسعة صباحًا، حيث لم تجد سوى موظف واحد وحارس، واستمر الوضع على هذا النحو حتى منتصف النهار. وأضاف أن هذا الغياب أثار استغراب اللجنة وأثر على قدرتها على إجراء تقييم شامل، ومع ذلك واصلت عملها من خلال فحص الوثائق والملفات المتوفرة. وبيّن العلامة بنحمزة أن اللجنة واصلت مهامها لتشمل باقي المجالس العلمية في الجهة، وصولًا إلى زيارة المجلس العلمي المحلي بوجدة يوم الأربعاء، قبل أن ترفع تقريرها النهائي إلى المجلس العلمي الأعلى، الذي اتخذ بعد الاطلاع عليه قرار الإعفاء. وشدّد رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق على أن هذه الخطوة تأتي في إطار الحرص على المردودية والانضباط، وليس بدافع التشهير أو الاستهداف، مشيرًا إلى أن المجالس العلمية ليست مؤسسات رمزية كما يظن البعض، بل هي أجهزة تضم آلاف العاملين من علماء ومرشدين، مما يستوجب رقابة دقيقة ومسؤولة. وفي ختام تصريحه، دعا العلامة بنحمزة إلى التثبت والتروي قبل إصدار الأحكام أو الخوض في ما لا علم به، مستشهدًا بقول الله تعالى: 'ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً'، مؤكدًا أن الكلمة مسؤولية، وأن ترويج الإشاعات أو التأويلات غير المؤسسة يضر بصورة المؤسسات ويعوق مسار الإصلاح.


هبة بريس
منذ 7 دقائق
- هبة بريس
بن غفير يدعو إلى إعادة احتلال قطاع غزة
هبة بريس دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتمار بن-غفير، اليوم الأحد خلال زيارته إلى جبل الهيكل في القدس، إلى إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل. وفي رسالة فيديو نشرها أثناء الزيارة، أشار بن-غفير إلى لقطات تم تداولها أمس السبت تظهر رهائن إسرائيليين محتجزين في غزة، واعتبر أن حركة حماس تستخدم هذه الفيديوهات للضغط على إسرائيل. وأكد بن-غفير أن إسرائيل يجب أن 'تحتل قطاع غزة بأكمله فورًا وتعلن سيادتها الكاملة'، مضيفًا أن الفلسطينيين يجب أن 'يشجعوا على الهجرة الطوعية'. وتتعرض إسرائيل في كثير من الأحيان لاتهامات من قبل منتقدين حول تطبيق سياسة 'التطهير العرقي' في قطاع غزة.


LE12
منذ 7 دقائق
- LE12
تقديراً لمسارها الحقوقي. آمنة بوعياش ضمن نساء إفريقيات ملهمات لسنة 2025
وضعت ' Pour Elle '، وهي منصة إعلامية إفريقيا متخصصة في قضايا النساء والفتيات في إفريقيا، آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، ضمن قائمة '50 امرأة إفريقية ملهمة' هذه السنة. ومن خلال هذه وجاءت آمنة و جاء اختيار آمنة بوعياش كامرأة إفريقية ملهمة، يقول القائمون على هذه المبادرة، نظير أدوارها ومكانتها في حركة النضال الحقوقي والإصلاح الاجتماعي في المغرب وعلى مستوى القارة الإفريقية. آمنة بوعياش، مناضلة كرّست حياتها للدفاع عن حقوق الإنسان وعن الكرامة الإنسانية والحريات الأساسية، وطنيا وإقليميا وإفريقيا ودوليا. هي اليوم صوت من الأصوات الحقوقية البارزة بإفريقيا، ووجه فاعل ضمن شبكة النساء الإفريقيات الرائدات. بوعياش اختيرت في هذه القائمة إلى جانب نساء إفريقيات من 20 دولة إفريقية ومن الجاليات الإفريقية بالخارج، يجسّدن التأثير المتزايد للقيادات النسائية في تشكيل مستقبل أكثر عدلاً وشمولاً في إفريقيا. تحت شعار 'نساء إفريقيات فاعلات في تحقيق العدالة وجبر الضرر من أجل إفريقيا شاملة'، تكرم هذه النسخة من « 50 امرأة إفريقية ملهمة » نساء يقدن التغيير في مجالات السياسة والاقتصاد والأعمال (المقاولة)، والنضال، والثقافة والفن والمجتمع. تجدر الإشارة إلى أن منصة PourElle ، أطلقت هذه المبادرة سنة 2019 لتكون منصة لتقدير النساء الإفريقيات الرائدات الملهمات والاعتراف بأدوارهن. كما تهدف إلى أن تكون مصدر إلهام للشابات الإفريقيات، تشجعهن على تبنّي قيم الالتزام والقيادة. فعل نضالي رمزي، يريده القائمون على المبادرة، من أجل المساهمة في ترسيخ مكانة النساء الإفريقيات في قلب تحوّلات المجتمعات بالقارة.