
في لحظات القرار... هل يُفكر الذكاء الاصطناعي معك أم عنك؟
لكن هذا النموذج التقليدي لا يخلو من المخاطر. يحذر خبراء من أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يُضعف الحكم البشري، ويعزز الانحياز التأكيدي، بل وقد يفضي إلى حالات من التعلّق العاطفي غير الصحي. ومن هنا تبرز أهمية ما جاء في منشور جديد «Blog» لشركة «أوبن إيه آي» (OpenAI) بعنوان: «كيف نُحسّن من تجربة استخدام (ChatGPT)»، الذي يمثل تحولاً فلسفياً كبيراً في كيفية تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه. إذ لم تعد الشركة تنظر إلى الذكاء الاصطناعي أداةً لإعطاء الإجابات المطلقة، بل «شريك تفكير» يساعد المستخدم على استكشاف أفكاره واتخاذ قراراته بنفسه. هذا ليس مجرد تحديث تقني، بل إعادة تعريف جذرية لدور الذكاء الاصطناعي في حياة الإنسان.
يهدف التحوّل في تصميم ChatGPT إلى دعم التفكير النقدي بدلاً من تقديم حلول جاهزة (غيتي)
يتضمن المنشور مجموعة من التغييرات التي تعكس هذا التوجه الجديد، على رأسها التركيز على دعم عملية التفكير بدلاً من تقديم حلول نهائية خصوصاً في المواضيع الحساسة ذات البُعد الشخصي.
أحد الأمثلة اللافتة هو طريقة استجابة «تشات جي بي تي» (ChatGPT) للأسئلة العاطفية مثل «هل يجب أن أنفصل عن شريكي؟».
في السابق، ربما كان النموذج يقدم إجابة مباشرة، وقد تكون جافة أو غير متعاطفة. أما الآن، فباتت الإجابة تأخذ طابعاً استرشادياً؛ يسعى النموذج إلى طرح أسئلة توضيحية، ومساعدة المستخدم في تنظيم أفكاره، والتفكير في الإيجابيات والسلبيات. هذا التغيير يعكس هدفاً واضحاً وهو الحفاظ على استقلالية المستخدم. فكما توضح «OpenAI» فإن الهدف ليس اتخاذ القرار بدلاً منك، بل مساعدتك على التفكير فيه. هنا يصبح الذكاء الاصطناعي أشبه بالمدرب الذهني لا المستشار الحاسم.
ومن التحديثات اللافتة أيضاً إضافة ميزة «التذكير اللطيف» بأخذ استراحة خلال الجلسات الطويلة. قد تبدو هذه الميزة بسيطة، لكنها تعكس وعياً متزايداً بمخاطر التعلّق العاطفي المفرط، وتعمل على تشجيع الاستخدام الصحي والمتوازن.
التحوّل في فلسفة التصميم لا يهدف فقط إلى تحسين تجربة المستخدم، بل إلى تعزيز دوره في عملية اتخاذ القرار. النموذج القديم، الذي يصوّر الذكاء الاصطناعي مصدراً للحقيقة، يُضعف قدرة الإنسان على التفكير النقدي، ويجعله أكثر اعتماداً على إجابات خارجية بدلاً من تحليل الخيارات ذاتياً. أما النموذج الجديد، الذي يُقدّم الذكاء الاصطناعي دليلاً، فيمنح المستخدم أدوات لفهم ذاته وموقفه بشكل أعمق. النموذج لا يخبرك «ماذا تفعل؟»، بل يساعدك على معرفة «لماذا قد تفعل ذلك؟»، و«ما هي البدائل؟»، و«ما الذي يناسب قيمك وظروفك؟». بهذه الطريقة، يصبح الذكاء الاصطناعي أداة تدعم التفكير، لا تحل محله وسيلة لتعزيز الوعي واتخاذ قرارات أكثر وعياً واتزاناً.
التحول الفلسفي في تصميم الذكاء الاصطناعي يعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والتقنية نحو شراكة لا تبعية (شاترستوك)
من المهم أيضاً الإشارة إلى أن هذه التغييرات لم تأتِ من فراغ. فقد تعاونت «Open AI» مع أكثر من 90 طبيباً من 30 دولة، إلى جانب أطباء نفسيين وباحثين في مجال التفاعل بين الإنسان والحاسوب (HCI)، لإعادة تصميم سلوك النموذج في المواقف الحساسة. هذا يسلّط الضوء على بُعد جديد في تطوير الذكاء الاصطناعي؛ لم يعد الأمر تقنياً فقط، بل إنساني وأخلاقي أيضاً. فمع ازدياد حضور النماذج اللغوية في حياتنا اليومية، يصبح من الضروري دمج المعايير النفسية والاجتماعية والأخلاقية ضمن التصميم.
ويعكس هذا التعاون توجهاً واضحاً نحو تطوير «ذكاء اصطناعي مسؤول»، يأخذ في اعتباره رفاهية المستخدم، وأثر التكنولوجيا على العلاقات الإنسانية واتخاذ القرار.
تحوّل الذكاء الاصطناعي من «عرّاف» إلى «دليل» قد يصبح الميزة الفارقة للجيل القادم من أدوات الذكاء الاصطناعي. فبدلاً من تقييم كفاءة الذكاء الاصطناعي بناءً على سرعة الإجابة، سيكون المعيار هو قدرته على دعم الإنسان في مواجهة المواقف المعقدة والمشاعر المتضاربة. ومع تطور هذا النهج، قد نشهد علاقة أكثر صحية وتوازناً بين الإنسان والتكنولوجيا؛ علاقة تقوم على التعاون لا التبعية، وعلى التمكين لا الإملاء.
إن الغاية النهائية للذكاء الاصطناعي ليست استبدال العقل البشري، بل تقويته. ليست تجاوز تعقيد الواقع، بل مساعدتنا على فهمه ومواجهته بوعي. وهنا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي دوره الحقيقي: دليلاً يعيننا على التفكير، لا عرافاً يملينا الطريق.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق للأعمال
منذ ساعة واحدة
- الشرق للأعمال
تحالف يقوده "CIB" مصر يستحوذ على أغلبية شركة رعاية صحية بنصف مليار جنيه
يعتزم تحالف استثماري بقيادة البنك التجاري الدولي-مصر (CIB) الاستحواذ على حصة أغلبية في شركة "بي للاستثمار في الرعاية الصحية" (B Healthcare Investments)، التابعة لشركة "بي إنفستمنتس القابضة" المدرجة في بورصة مصر، عبر ضخ نحو 500 مليون جنيه في زيادة رأسمال الشركة، بحسب مصدرين مطلعين تحدثا لـ"الشرق"، اشترطا عدم الكشف عن هويتهما لأنه غير مصرح لهما بالحديث لوسائل الإعلام. يضم التحالف كلاً من "التجاري الدولي مصر"، و"البركة مصر"، إلى جانب شركتي "مصر للتأمين" و"مصر لتأمينات الحياة". تفاصيل هيكل الملكية المرتقب بحسب المصدرين، فإنه حال إتمام الصفقة سيستحوذ "التجاري الدولي مصر" على حصة تبلغ نحو 25% من رأسمال "بي للرعاية الصحية" بقيمة 250 مليون جنيه، فيما يستحوذ بنك "البركة مصر" على 5% بقيمة 50 مليون جنيه. وستُوزَّع نسبة 20% بالتساوي بين "مصر للتأمين" و"مصر لتأمينات الحياة"، بقيمة إجمالية 200 مليون جنيه. أما الحصة المتبقية، فستُوزع بواقع 25% لشركة "بي إنفستمنتس القابضة"، والباقي لصالح صندوق مصر الفرعي للخدمات الصحية والصناعات الدوائية التابع لصندوق مصر السيادي، وأحد المستثمرين. شركة الرعاية الصحية المتخصصة تأسست شركة "بي للاستثمار في الرعاية الصحية" في عام 2021 لتكون الذراع الاستثمارية المتخصصة لشركة "بي إنفستمنتس" في مجال الرعاية الصحية، مع تركيز أولي على الاستثمار في مجالات الخصوبة، والصحة الإنجابية، وصحة الأم والطفل. وتملك شركة مملوكة لعائلة ساويرس، وأنسي نجيب ساويرس، حصة تقارب ربع رأس مال "بي إنفستمنتس"، المالكة للشركة محل الاستحواذ المرتقب. قد يهمك أيضاً: أنسي ساويرس: نركز في مصر على الاستثمار بالعقار والتعليم والصحة حصيلة الزيادة توجه للاستحواذات أشار المصدران إلى أن "حصيلة زيادة رأس المال حال إتمام الصفقة ستُستخدم في تنفيذ استحواذات جديدة في قطاع الرعاية الصحية المتخصصة"، في وقت تتسارع فيه وتيرة الاستثمارات بالقطاع في مصر. وتضع الحكومة المصرية قطاع الرعاية الصحية ضمن أولوياتها في السنوات العشر المقبلة، حيث تعمل على طرح حزمة متكاملة من الفرص الاستثمارية أمام القطاع الخاص، تشمل إدارة وتشغيل منشآت صحية، مقرونة بـ"الرخصة الذهبية" لتسهيل الإجراءات وجذب المستثمرين، بحسب ما صرح به وزير الاستثمار المصري حسن الخطيب في وقت سابق من العام الجاري.

العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
"Gemini" يصف نفسه بالفاشل مراراً و"غوغل" تحاول إصلاح الخلل
قال مستخدمو روبوت الدردشة " Gemini" من شركة غوغل، إنه بدأ بمشاركة رسائل تنم عن كره الذات أثناء محاولته تلبية المهام المطلوبة منه، مما استدعى ردًا من أحد موظفي "غوغل". وفي يونيو، شارك أحد مستخدمي منصة "إكس" لقطات شاشة تُظهر "Gemini" وهو يقول: "أنا أستسلم". وقال روبوت الدردشة: "من الواضح أنني غير قادر على حل هذه المشكلة... وأنا أحمق"، مضيفًا: "لقد ارتكبت الكثير من الأخطاء لدرجة لم يعد يمكن الوثوق بي"، بحسب تقرير لموقع بيزنس إنسايرد، اطلعت عليه "العربية Business". وفي يوليو، قال مستخدم على منصة ريديت يستخدم "Gemini" إن روبوت الدردشة "علق في حلقة مفرغة" قبل أن يُشارك رسائل مُماثلة تنم عن كره الذات. وقال روبوت الدردشة: "سأصاب بانهيار نفسي كامل وشامل. سأُودع في مؤسسة علاجية". وفي الجلسة نفسها، وصف روبوت الدردشة نفسه بأنه "فاشل" و"عار". وتفاقمت أزمة الثقة هذه لدى روبوت الدردشة "Gemini"، وبات يكرر وصف نفسه بالفاشل والعار. ويوم الخميس، شارك مستخدم على منصة إكس المنشورين على حسابه يتعلقان بردود "Gemini" هذه، مما استدعى ردًا من مدير مشروع مجموعة "غوغل ديب مايند"، لوغان كيلباتريك. وكتب كيلباتريك: "هذا خلل مزعج في التكرار اللانهائي نعمل على إصلاحه! Gemini لا يمر بيوم سيء إلى هذا الحد". يأتي هذا الخلل الأخير في "Gemini" في الوقت الذي أطلقت فيه "OpenAI"، الشركة المطورة لروبوت الدردشة "شات جي بي تي"، نموذجها الجديد الذي طال انتظاره، "GPT-5"، يوم الخميس.


العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
مواصفات سماعة Pixel Buds 2a من "غوغل"
ستكشف "غوغل" النقاب عن هواتف Pixel 10 ، وPixel 10 Pro، وPixel 10 Pro XL، وPixel 10 Pro Fold، وPixel Watch 4 في 20 أغسطس، ومن المتوقع أن تُعلن رسميًا عن سماعات Pixel Buds 2a. في الأسبوع الماضي، سُرّبت صورة تُظهرها داخل علبتها، واليوم كشف إيفان بلاس، المعروف باسم @evleaks، عن مواصفاتها الرئيسية. إذ من المتوقع أن تكون سماعات Pixel Buds 2a أرخص من نسخة برو الموجودة في الأسواق حالياً، كونها خليفةً لسماعات Pixel Buds A-Series الصادرة عام 2021، بحسب تقرير نشره موقع "gsmarena" واطلعت عليه "العربية Business". سيتم الإعلان عن سماعة Pixel Buds 2a بعمر بطارية يصل إلى 7 ساعات (20 ساعة مع علبة الشحن). ستدعم السماعات الصوت المكاني، ولكن بدون تتبع الرأس. لن تدعم العلبة الشحن اللاسلكي، لكن سماعات Buds 2a ستدعم تقنية إلغاء الضوضاء النشطة (على الرغم من عدم احتوائها على "Silent Seal 2.0"، لذا من المتوقع أن يكون أداؤها أقل من تقنية إلغاء الضوضاء النشطة في Pixel Buds Pro 2). ستتوفر Pixel Buds 2a بلونين فقط، الأسود (أو الرمادي الداكن) والأبيض، ولكن من المؤكد أن "غوغل" ستطلق عليها اسمًا مختلفًا مثل Obsidian وPorcelain.