logo
عن دولة برّاك ودولتنا…

عن دولة برّاك ودولتنا…

الناس نيوزمنذ 4 أيام
ميديا – الناس نيوز ::
د. مروان قبلان – العربي الجديد – يتزايد الحديث في وسائل الإعلام العربية والعالمية عن تبنّي إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، توجّهاً جديداً في المنطقة العربية (لا نعرف إذا كان ممكناً وصفه بعد بأنه سياسة)، هدفه إعادة الاعتبار للدولة الوطنية عبر تفكيك التنظيمات والجماعات والمليشيات، التي أخذت تحلّ محلها في المشرق العربي، منذ مطلع الألفية تقريباً، وراحت تنازعها العديد من وظائفها، بدءاً بحمل السلاح بداعي الدفاع عن الدولة أو الطائفة أو القبيلة في مواجهة تهديداتٍ داخليةٍ وخارجيةٍ تتربّص بها، إلى توفير فرص العمل (في إطار زبائني أو محاصصة طائفية)، وصولاً إلى إنشاء شبكات دعم اجتماعي، وتقديم خدمات لجمهورها في مجالات الصحّة والتعليم، وحتى التسهيلات المصرفية والمالية، فضلاً عن تأسيس وسائل إعلام خاصّة بها، وخلافه.
يتولى قيادة هذا التوجّه (إعادة الاعتبار للدولة) على ما يبدو سفير الولايات المتحدة إلى تركيا، ومبعوثها الخاصّ إلى سورية ولبنان، توماس برّاك، الذي يتحفنا، بين الفينة والأخرى، بتصريحات يؤكّد فيها فضائل إعادة بناء الدولة الوطنية، وأهمية استرداد وظائفها، وترميم سلطتها وسيادتها.
لا بل بلغ الحماس به مبلغاً أن صرّح مرّةً بإمكانية حتى إعادة النظر باتفاقات سايكس بيكو وحدودها، والذهاب نحو بناء دولة فوق وطنية في بلاد الشام، تضمّ سورية ولبنان، إذا لم تستطع الدولة اللبنانية نزع سلاح حزب الله (في تهديد مبطّن بإمكانية عودة سورية لممارسة دورها في ضبط الأوضاع في لبنان، في استعادة لتفاهمات الأسد ــ كيسنجر 1975، أو الأسد ــ بيكر 1990).
لا بدّ أن يلقى توجّه كهذا (إعادة بناء الدولة) ترحيباً بين دعاة الدولة الوطنية القوية ومحازبيها في المشرق العربي، بعد عقدَين من الفوضى التي خلّفتها المليشيات والتنظيمات والجماعات المسلّحة، التي ازدهرت في ظلّ غياب سلطتها، خاصّة أن الحديث عن ذلك يأتي من جانب الولايات المتحدة، التي كانت المتسبّب الرئيس في انهيار الدولة الوطنية المشرقية، عندما غزت العراق عام 2003، فحلّت جيشه، وجاءت إلى الحكم بجماعات تتملّكها نوازع انتقامية وأحقاد طائفية، وتفتقر إلى الحدّ الأدنى من الثقافة والوعي بأهمية الدولة الوطنية، دع جانباً مسألة القدرة على إعادة بنائها وإدارتها، واستكملت تفكيك بقيّة مؤسّسات الدولة العراقية، وأعادت تشكيلها على أسس غير وطنية، مقصيةً فئات اجتماعية كاملة، بموجبات طائفية بحتة، بداعي أنها كانت تؤيّد النظام السابق، أو تشكّل قاعدة حكمه.
لكن إذا قرأنا أعمق قليلاً في تصريحات توماس برّاك، وحماسته الطارئة، لإعادة الاعتبار للدولة الوطنية المشرقية، لا بدّ أن نجد فرقاً كبيراً بين ما تريده إدارته من عودة الدولة وما تريده شعوب المنطقة.
يريد برّاك دولةً مركزيةً قوية، طابعها أمني عسكري (بوليسي إن شئت)، غير ديمقراطية حتماً، مهمتها الرئيسة ضبط مجتمعاتها، وحراسة حدود إسرائيل، والعمل وكيلاً محلّياً (شرطياً) نيابة عن أجهزة مكافحة الإرهاب الأميركية المختلفة.
بكلمة أخرى، يريد برّاك دولةً تؤدّي كلّ المهام التي لا تستطيع (أو لا ترغب) واشنطن القيام بها، لأسباب قانونية، مثل أعمال القتل خارج إطار القانون والاعتقال والتعذيب… إلخ، أو بالنسبة إلى ترامب لأسباب اقتصادية، خاصّةً أن أغلب الجماعات المسلّحة والمليشيات المنتشرة في طول المنطقة وعرضها هي، إمّا معادية للمصالح الأميركية وتحتاج من 'يضبُّها'، أو أن الغرض من إنشائها انتفى أصلاً (قوات سوريا الديمقراطية مثلاً).
أمّا الدولة التي تنشدها شعوب المنطقة فهي تماما خلاف ما يقصده برّاك، وهي عين الدولة التي بسببها وقعنا في فخ الحروب الأهلية والطائفية، ونتيجة فقدان الثقة بها انهارت هُويَّاتنا الوطنية، وانقسمت مجتمعاتنا، واستعان بعضها بالأجنبي ضدّ بعضها الآخر، فيما نشد آخرون الحماية لدى جماعاتهم الأولية (طوائف وقبائل…) التي أخذت تحلّ محلّ الدولة في كلّ شيء تقريباً، من إدارة العلاقات الخارجية إلى حفظ أمن أعضائها، عبر تأسيس مليشيات وجماعات مسلّحة صارت بمثابة جيوش خاصّة لتلك الطوائف المتحاربة.
الدولة التي تريدها شعوب المنطقة، ولا يستطيع برّاك تحمّلها، هي الدولة القوية المستقلّة ذات السيادة، المُمثِّلة لكلّ أبنائها، والقادرة على الدفاع عن مصالحهم، في مواجهة أعداء الخارج، وحفظ أمنهم، وتأمين قوتهم، وتحقيق العدل بينهم في الداخل.
الدولة التي ينشدها برّاك هي وصفة قديمة تقودنا إلى جولة إضافية من الاحتراب الأهلي، احتمالها كبير (للأسف!) بوجود جماعات حاكمة في المشرق العربي تتبنّى رؤيته، بوعي أو من دونه، وتسير بنا من خلالها إلى هاوية جديدة.
كاتب وباحث سوري.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بالفيديو.. امرأة منتمية لحزب الله تهدد: "خلينا عايشين في دولة لبنانية أفضل من تحويل القصر الجمهوري لحسينية"
بالفيديو.. امرأة منتمية لحزب الله تهدد: "خلينا عايشين في دولة لبنانية أفضل من تحويل القصر الجمهوري لحسينية"

المرصد

timeمنذ 3 ساعات

  • المرصد

بالفيديو.. امرأة منتمية لحزب الله تهدد: "خلينا عايشين في دولة لبنانية أفضل من تحويل القصر الجمهوري لحسينية"

بالفيديو.. امرأة منتمية لحزب الله تهدد: "خلينا عايشين في دولة لبنانية أفضل من تحويل القصر الجمهوري لحسينية" صحيفة المرصد: هددت امرأة منتمية إلى حزب الله اللبناني بتحويل القصر الجمهوري في لبنان إلى "حسينية" شيعية. نزع سلاح الحزبوقالت ردا على نزع سلاح الحزب: "نصيحة لوجه الله، خلينا عايشين في جمهورية لبنانية لكل اللبنانيين أفضل من أن يتحول القصر الجمهوري إلى حسينية". انسحاب الوزراءوأصدرت الحكومة اللبنانية، الأسبوع الماضي، مرسوما تلتزم بموجبه بنزع سلاح حزب الله تمامًا بحلول 31 ديسمبر 2025، وعلى إثر ذلك انسحب وزراء الحزب من الحكومة.

تطور خطير.. الانتقالي يدفع بقوة عسكرية كبيرة إلى حضرموت بقيادة قائد عسكري ارتبط بإيران
تطور خطير.. الانتقالي يدفع بقوة عسكرية كبيرة إلى حضرموت بقيادة قائد عسكري ارتبط بإيران

حضرموت نت

timeمنذ 9 ساعات

  • حضرموت نت

تطور خطير.. الانتقالي يدفع بقوة عسكرية كبيرة إلى حضرموت بقيادة قائد عسكري ارتبط بإيران

في خطوة تُنذر بمرحلة جديدة من التصعيد، دفعت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، بتعزيزات عسكرية إلى ساحل حضرموت شرقي اليمن، بقيادة العميد صالح علي حسين بن طالب الشيخ أبو بكر، المعروف بـ'أبو علي الحضرمي'، وهو شخصية مثيرة للجدل ارتبط اسمها في السابق بدعم إيراني وتدريبات تلقاها من حزب الله، وفق ما كشفته منصة 'ديفانس لاين'. القوة الجديدة، التي تحمل اسم 'قوات الدعم الأمني' ضمن تشكيلات 'النخبة الحضرمية'، جرى إعدادها من مجندين جُلبوا من محافظات الضالع ولحج وعدن. وبحسب المنصة، خضع هؤلاء لتدريبات في معسكر جبل حديد خلال الأسابيع الماضية، قبل نقلهم إلى معسكرات ساحلية في بروم ميفع ومناطق أخرى جنوب وغرب حضرموت. عودة الحضرمي إلى الواجهة بعد غياب دام منذ 2016 تحمل دلالات لافتة. فقد شغل سابقًا منصب مدير قناة 'عدن لايف' بإشراف حزب الله، ثم عمل مستشارًا لعيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، قبل أن ينخرط في الترتيبات في الجنوب منذ حرب 2014، وسط تنافس متصاعد على النفوذ في حضرموت الغنية بالموارد والموقع الاستراتيجي.

ممر ترامب 'زنغزور' الأهداف والغايات الجيوسياسية
ممر ترامب 'زنغزور' الأهداف والغايات الجيوسياسية

مركز الروابط

timeمنذ 12 ساعات

  • مركز الروابط

ممر ترامب 'زنغزور' الأهداف والغايات الجيوسياسية

2025-08-09 Editor بتاريخ 8 آب 2025 وقع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب في إحدى قاعات البيت الأبيض اتفاقية سلام دائمة تنهي فيها نزاعًا تاريخيًا بين البلدين امتد لأربع عقود من الزمن، والاتفاق يعتبر إنجازاً سياسيًا واقتصاديًا مهمًا للبلدين في جنوب القوقاز، وهي المنطقة الاستراتيجية التي تمثل إحدى دعامات التجارة الدولية وتصدير الطاقة من النفط والغاز والطريق الرئيسي الذي يمتد إلى بحر قزوين والبحر الأسود ويشكل أهمية بالغة في الحفاظ على المصالح والمنافع لدول أوربية وأسيوية، ونتيجة لهذه الاتفاقية السلمية الإقليمية وقع الرئيس ترامب عدة اتفاقيات مع أذربيجان وأرمينيا تتعلق بشؤون الطاقة والتكنولوجيا والتعاون الاقتصادي وأمن الحدود والبنية التحتية والتجارة، ومع تمتع الولايات المتحدة الأمريكية باحقيتها في التمتع بتواجد ميداني لعملية تطوير ممر عبور استراتيجي عبر جنوب القوقاز سيطلق عليه اسم ( طريق ترامب للسلام والازدهار). وتحصل أذربيجان بموجب الاتفاقية على رفع القيود عن المعاملات الدفاعية عنها وتعزيز من التعاون العسكري والدفاعي بينهما والعمل على تعزيز التعاون في مجال الربط الإقليمي في مجالات الطاقة والتجارة والنقل والاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية والتعاون الأمني في مكافحة الإرهاب،وستحصل أرمينيا على تعاون استراتيجي مع واشنطن في المجالات الاقتصادية والتبادلات التجارية والاستثمار ات المالية ودعم الوجود الإقليمي لها. أن من أهم ما تحقق للولايات المتحدة الأمريكية هو التواجد الاستراتيجي الذي يخدم مصالحها ويدعم أهدافها الجيوسياسية ومصالحها الاقتصادية عبر العمل على تنفيذ الربط الإقليمي ل(ممر زنغزور ) ورؤية أمريكية طرحها السفير الأمريكي في أنقرة (توم باراك) بتأجير الممر البالغ طوله 43 كم والذي يمر عبر إقليم سيونيك جنوبي أرمينيا ويربط أذربيجان وجمهورية ناخيتشيفان الواقعة بين أرمينيا وإيران، لمدة 99 عامًا وبحماية عسكرية لشركات أمنية خاصة. يشكل انشاء الممر أهمية سياسية واقتصادية في العقيدة الإيرانية العسكرية والأمنية، وكانت طهران من أشد المعارضين لإنشائه وتحالفت مع أرمينيا لمنع إقامته في السنوات الماضية، ولكن لضعف الدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط بعد الضربات الجوية والصاروخية الإسرائيلية التي انطلقت فجر يوم 13 حزيران 2025 وما سبقه من خسائر كبيرة للمشروع الإيراني في الجنوب اللبناني ومقتل معظم قيادات حزب الله السياسية والعسكرية وسقوط نظام الأسد وهروب رئيسه لموسكو وافتقاد طهران للدعم الروسي في منع إقامة الممر بسبب ضعف التواجد الروسي في منطقة القوقاز، أدت إلى الحد من الخيارات السياسية والتأثيرات الإقليمية الإيرانية ومنها معارضتها لإنشاء ممر (زنغزور ) مما اتاح المجال لتركيا التي سعت لتدعيم العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان عبر الزيارة التاريخية التي قام بها رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في 27 حزيران 2025 لأنقرة ولقائه الرئيس أردوغان والاتفاق على تعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما والسعي التركي للمصالحة الدائمة مع أذربيجان الحليف التركي الدائم في المنطقة، وما أكده رئيس الوزراء الأرميني عن جهوده في حث الأرمن عن تجاوز فكرة أرمينيا التاريخية التي تشمل الأراضي الموجودة داخل تركيا، ووضع أول مرتكزات اساسي للعلاقة مع أنقرة التي بادرت لتسهيل عملية التواصل والحد من العمليات العدائية والعسكرية بين أرمينيا وأذربيجان باتفاق البلدين على مسودة معاهدة سلام في آذار 2025، والتي تكللت بنجاح في عقد اجتماع لمحادثات سلام بين الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في عاصمة دولة الامارات العربية المتحدة ( ابو ظبي) بتاريخ 10 تموز 2025، وكانت البداية لمناقشة انشاء ممر زنغزور. أن انشاء الممر سيعرض مصالح إيران الجيوسياسية في منطقة جنوب القوقاز للخطر بإضعاف نفوذها الإقليمي سياسيًا واقتصاديًا ويساعد على تكوين اتحاد سياسي واقتصادي للدول ذات الامتداد التركي في الجهة الشمالية وهي ( أذربيجان أوزبكستان قيرغيزستان وتركمستان) مع تعزيز للدور الأمني والنفوذ العسكري التركي الأذربيجاني، ويتم عزل طهران بقطع حدودها البرية مع أرمينيا ويفقدها أهميتها كمعبر إقليمي حيوي ويضعف قدرتها على التحكم بطرق تجارتها مع روسيا وأوروبا وخسارتها إلى 30٪ من دورها الإقليمي في طرق المواصلات، وستكون السيطرة والهيمنة الاقتصادية والتجارية وطرقها تحت ارادة تركيا وأذربيجان. تنظر إيران إلى الآثار التي تهدد أمنها القومي بسيطرة واشنطن على ممر (زنغزور ) عبر قيام الأجهزة الاستخبارية الأذربيجانية بتأجيج حالة الصراع القومي في المحافظات الشمالية الإيرانية التي يمثل الأذريون فيها نسبة 19٪ من الشعوب الإيرانية ويبلغ عددهم حوالي (18) مليون أذري، وتتجاوز الحدود الجغرافية بين إيران وأذربيجان مسافة 689 كم مع اشتراكهما في موارد بحر قزوين والتي تشكل خلافًا لا زال قائمًا بينهما، ومنع أي خلافات وتوترات وصراعات سياسية مع الحكومة الأذربيجانية، تساهم في إثارة أبناء القومية الأذربيجانية بإيران التي يسكن اغلب أبنائها في محافظات ( أذربيجان الشرقية وأذربيجان الغربية وأردبيل وزنجان وقزوين) شمال غربي إيران بالتحادد مع أذربيجان، والتأثير على باقي القوميات الأخرى مثل الأكراد والعرب والبلوش التركمان واحتواء أي تأثير على استقرار إيران وأمنها القومي. ولكن يبقى الأمر الأهم الذي يقلق إيران هو ما يتعلق بطبيعة العلاقات الأمنية والاستخبارية والتعاون العسكري بين إسرائيل وأذربيجان، حيث تستورد الحكومة الأذربيجانية 70٪ من معداتها العسكرية من إسرائيل مع وجود التحالف الأمني الذي أصبح أكثر وضوحًا في بداية المواجهة الإسرائيلية الإيرانية الأخيرة واتهام طهران لباكو بوجود شراكة عسكرية وأمنية لمساندة ودعم إسرائيل واستخدام الأجواء الأذربيجانية في مهاجمة أهداف عسكرية في مدن ( تبريز وشاهرود وأردبيل ورشت) داخل العمق الإيراني. سعت إيران ورغم محدودية تأثيرها السياسي الإقليمي الآن إلى تحركها باتجاه روسيا والهند في محاولة لمواجهة ما تراه مشروعًا أمريكيًا اسرائيليًا تركيًا في انشاء ممر ( زنغزور ) بمنطقة القوقاز يهدد وجودها ويؤثر على أمنها ومستقبل مصالحها الاقتصادية والتجارية مع روسيا، ولكن بسبب التطورات والمتغيرات السياسية التي شهدتها الأحداث في القوقاز وابتعاد القيادة الروسية وانشغالها في حربها مع أوكرانيا وعدم رغبة الهند في تصعيد أي خلاف لها مع الولايات المتحدة الأمريكية والحفاظ على علاقتها الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية معها، سوف لا تتمكن إيران من الحصول على أي نتيجة ممكن الوصول إليها، وأن موازين القوى تميل لصالح المحور الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي التركي بعد أن أبدت أرمينيا مرونة بشأن إنشاء ممر زنغزور والذي كان أهم البنود التي رافقت عقد معاهدة السلام مع أذربيجان في البيت الأبيض، رغم أنها بموافقتها تضعف مكانتها الإقليمية وتنتقص من سيادتها وتمنح فرصة للوجود الأمريكي بمحاصرة أراضيها. أن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر للفوائد المالية والاقتصادية والسياسية التي تمكنها من انشاء ممر ( زنغزور )، الذي سيحقق لها مردودات مالية تتراوح ما بين (20-50) مليار دولار بحلول عام 2027 وهو ما يرغب فيه ويسعى إليه الرئيس دونالد ترامب، كما يساهم في رسم الملامح المستقبلية لموازين القوى في جنوب القوقاز واستغلال غياب وتراجع النفوذ الروسي وتعزيز التواجد الأمريكي في أكثر البقاع الجغرافية أهمية حيث خطوط الطاقة والنقل والتجارة، ووجود المصالح الجيوسياسية لعديد من الجهات الإقليمية والدولية بما فيها الصين وروسيا، مع أهمية بالغة الاستراتيجية الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط بعزل إيران سياسيًا ولوجستيًا وقطع وصولها القوقاز ودول أسيا الوسطى. اما على المستوى السياسي التركي، فإن إنشاء ممر( زنغزور ) يشكل غاية استراتيجية وأهمية بالغة لأنقرة إذ يمنحها سيطرة كاملة على جنوب القوقاز بالمشاركة مع حليفتها الرئيسية أذربيجان ويجعلها شريكًا مهما للولايات المتحدة الأمريكية والغرب، وعقدة مواصلات لوجستية لخطوط التجارة والنقل بين آسيا الوسطى وأوروبا وسيكون مردودها المالي لتركيا بحدود (20-15) مليار دولار بحلول عام 2030، مع توفير اتصال بري مباشر لأذربيجان مع تركيا عبر أرمينيا وناخيتشيفان متجاوزة طرق النقل الجورجية ويساهم في تدفق البضائع الأذربيجانية للأسواق الأوربية والعالمية. شكل الاتفاق الأمريكي على انشاء الممر فقدان روسيا جانب مهم من نفوذها جنوب القوقاز بسبب مواقفها المترددة من الصراع بين أرمينيا وأذربيجان وتدهور العلاقات بينهم وانشغالها بالحرب الأوكرانية، وإضعاف الجهة الجنوبية الروسية ونفوذ الحلفاء ( الصين وروسيا وإيران) منطقة عبور حيوية والسعي لتنويع مصادر الطاقة الأوربية يتيح الوصول لاحتياط الطاقة في بحر قزوين وإضعاف النفوذ الروسي على أسواق الطاقة الأوربية بنسبة 10-15٪ خلال العقد القادم ويساهم بتواجد جيوسياسي لواشنطن وأوروبا في ممر مهم يربط بين بحر قزوين والبحر الأسود، وهذا ما يمثل تحديًا مباشرًا للمصالح الاستراتيجية الروسية. ان اتفاقية السلام بين أذربيجان وأرمينيا لا تشكل نهاية نزاع حدودي تاريخي وإنما بداية لإعادة تموضع جديد للاستراتيجية الأمريكية في منطقة القوقاز وتقليص للدور الروسي الإيراني وتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثمار المالي لدول آسيا الوسطى في جميع المجالات بعيدًا عن النفوذ والهيمنة الروسية والدور الإيراني. وحدة الدراسات الدولية مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتجية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store