logo
فلسطين، ايرلندا، الجزائر...الضحك والمقاومة

فلسطين، ايرلندا، الجزائر...الضحك والمقاومة

المدنمنذ 2 أيام

ثلاثة رجال يقفون أمام باب الجنة، أيرلندي وفلسطيني وبريطاني. الملاك يسأل الأول عما فعله ليستحق الدخول، فيجيب الأيرلندي بأنه حمل السلاح وحارب من أجل من حرية أرضه وشعبه، فيدعه يدخل. ثم يسأل الثاني السؤال نفسه، فيخبره الفلسطيني بأنه قاوم من أجل تحرير أرضه وشعبه، فيسمح له بالدخول أيضاً. ثم يأتي دور البريطاني فيردّ بكل ثقة: لولاي، لما دخلا هذان الرجلان الجنة.
في تلك المزحة التي يلقيها الفنان الكوميدي سامي أبو وردة في عرضه المسرحي "Peace de Resistance"(سلام المقاومة)، تتكثف التيمات التي يتناولها، وتنعكس أيضاً خلفياته الشخصية، وهو نصف فلسطيني من جهة الأب، ونصف إيرلندي من جهة الأم، وحامل الجنسية البريطانية أيضاً. بحسب تلك الأصول العائلية المتشابكة، يرث أبو وردة قسطاً من إرث الرجال الثلاثة في نُكتته، وهي التركة المصبوغة بكثير من العنف الاستعماري والمقاومة المسلحة. ويرث أيضاً تلك الهوية الملتبسة، كونه نصف أبيض، وهو ما لا يؤهله ليكون أبيض على الإطلاق، ولعله متوسطي أو "زيتوني البشرة" كما تصفه امرأة، فيرد عليها ساخراً: "هل رأيت زيتوناً من قبل؟"
"المقاومة ككوميديا؟ أم الكوميديا كمقاومة؟ يمكنك الهروب من المقاومة، لكنها ستلاحقك دائمًا، كما يكتشف سامي في "بيس ده رزيستان" طوال ساعة من الكوميديا المسرحية. انضموا إلى دعوته المفتوحة للعصيان المدني الشامل، والتوزيع العادل لدمى التحريك اليدوية، والمزيد! اكتشفوا مرة واحدة وإلى الأبد: هل يمكن للمقاومة أن تكون مضحكة حقًا؟"... هكذا يقدم النص التعريفي العرض الذي يقدم حالياً في لندن ضمن برنامج مهرجان "شباك" للثقافة العربية في بريطانيا، ويطرح أسئلة حول علاقة الكوميديا بالمقاومة بل ويعدنا بإجابات.
الأكيد هو أن أبو وردة ينجح في انتزاع الكثير من موجات الضحك المتتابعة من جمهوره. عبر مزيج من فنون المهرج، والكوميديا الجسدية مع الستاند آب وفن الحكي، يقدّم العرض خطَّين للسرد. الخط الأول يتعلّق بالسيرة العائلية لأبو وردة نفسه، عن والده الذي غادر فلسطين مرغماً مثل كثيرين، وحاول العودة في شبابه لحمل السلاح، لكن تم إرجاعه من الحدود الأردنية. وعن زيارة أبو وردة الأولى لفلسطين بجواز سفره البريطاني، هناك حيث منعه جندي إسرائيلي من دخول ساحة المسجد الأقصى لأنه مسموح بدخوله للمسلمين وحدهم... ويستدير أبو وردة ليغادر قبل أن يتذكر فجأة أنه مسلم.
أما الخط الثاني، فهو خط خيالي تقع أحداثه في العام 1961، ويحكي عن مرجاز، وهو فلسطيني آخر يغادر بلده، لكن لأسباب لا تتعلق بالحرب ولا التطهير العرقي. يسرق مرجاز يختاً ويبحر به بعيداً، ولاحقاً يقع في غرام امرأة فرنسية، أو الأصح أنها جزائرية تتظاهر بأنها فرنسية. مرجاز لا يبدو معنياً بالسياسية، لكنه يجد نفسه متورطاً في عملية للمقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي. حبيبته فرانسين، التي يتضح أن اسمها الحقيقي فاطمة، كانت في حاجة لأن تكون برفقة رجل أوروبي للتغطية على عمليتها، فاستعانت بمرجاز الذي ظنّته إسبانياً. بين تلك الطبقات من سوء الفهم، يربط أبو وردة بحذق وخفة بين المقاومة في فلسطين وأيرلندا والجزائر، ويتضح أنه لا مهرب من العنف الاستعماري ولا مهرب من مقاومته.
يتم إعدام فاطمة ويستقل بلدها، ويواصل مرجاز إبحاره على سطح يخته مع عشيقة جديدة، إيطالية هذه المرة. ولا يمر وقت طويل قبل أن تسمع العشيقة الجديدة في المذياع أن الانتفاضة الأولى اندلعت.
هل الكوميديا مقاومة حقاً؟ يدعو أبو وردة جمهوره أن يفعلوا شيئاً، كما أنه على خشبة المسرح يخبرنا بأنه سيفعل شيئاً غداً صباحاً، لكنه سيخصص هذه الليلة لفنه، ويجلس ليرسم بتركيز شديدة لوحات تثير ضحك الجمهور بسبب ركاكتها. هل كانت هذه سخرية من الفن لصالح فعل المقاومة؟ أم أن أبو وردة يقول لنا إنه من الأفضل أن تتخلّل المقاومة ليالٍ مفعمة بالضحك؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فلسطين، ايرلندا، الجزائر...الضحك والمقاومة
فلسطين، ايرلندا، الجزائر...الضحك والمقاومة

المدن

timeمنذ 2 أيام

  • المدن

فلسطين، ايرلندا، الجزائر...الضحك والمقاومة

ثلاثة رجال يقفون أمام باب الجنة، أيرلندي وفلسطيني وبريطاني. الملاك يسأل الأول عما فعله ليستحق الدخول، فيجيب الأيرلندي بأنه حمل السلاح وحارب من أجل من حرية أرضه وشعبه، فيدعه يدخل. ثم يسأل الثاني السؤال نفسه، فيخبره الفلسطيني بأنه قاوم من أجل تحرير أرضه وشعبه، فيسمح له بالدخول أيضاً. ثم يأتي دور البريطاني فيردّ بكل ثقة: لولاي، لما دخلا هذان الرجلان الجنة. في تلك المزحة التي يلقيها الفنان الكوميدي سامي أبو وردة في عرضه المسرحي "Peace de Resistance"(سلام المقاومة)، تتكثف التيمات التي يتناولها، وتنعكس أيضاً خلفياته الشخصية، وهو نصف فلسطيني من جهة الأب، ونصف إيرلندي من جهة الأم، وحامل الجنسية البريطانية أيضاً. بحسب تلك الأصول العائلية المتشابكة، يرث أبو وردة قسطاً من إرث الرجال الثلاثة في نُكتته، وهي التركة المصبوغة بكثير من العنف الاستعماري والمقاومة المسلحة. ويرث أيضاً تلك الهوية الملتبسة، كونه نصف أبيض، وهو ما لا يؤهله ليكون أبيض على الإطلاق، ولعله متوسطي أو "زيتوني البشرة" كما تصفه امرأة، فيرد عليها ساخراً: "هل رأيت زيتوناً من قبل؟" "المقاومة ككوميديا؟ أم الكوميديا كمقاومة؟ يمكنك الهروب من المقاومة، لكنها ستلاحقك دائمًا، كما يكتشف سامي في "بيس ده رزيستان" طوال ساعة من الكوميديا المسرحية. انضموا إلى دعوته المفتوحة للعصيان المدني الشامل، والتوزيع العادل لدمى التحريك اليدوية، والمزيد! اكتشفوا مرة واحدة وإلى الأبد: هل يمكن للمقاومة أن تكون مضحكة حقًا؟"... هكذا يقدم النص التعريفي العرض الذي يقدم حالياً في لندن ضمن برنامج مهرجان "شباك" للثقافة العربية في بريطانيا، ويطرح أسئلة حول علاقة الكوميديا بالمقاومة بل ويعدنا بإجابات. الأكيد هو أن أبو وردة ينجح في انتزاع الكثير من موجات الضحك المتتابعة من جمهوره. عبر مزيج من فنون المهرج، والكوميديا الجسدية مع الستاند آب وفن الحكي، يقدّم العرض خطَّين للسرد. الخط الأول يتعلّق بالسيرة العائلية لأبو وردة نفسه، عن والده الذي غادر فلسطين مرغماً مثل كثيرين، وحاول العودة في شبابه لحمل السلاح، لكن تم إرجاعه من الحدود الأردنية. وعن زيارة أبو وردة الأولى لفلسطين بجواز سفره البريطاني، هناك حيث منعه جندي إسرائيلي من دخول ساحة المسجد الأقصى لأنه مسموح بدخوله للمسلمين وحدهم... ويستدير أبو وردة ليغادر قبل أن يتذكر فجأة أنه مسلم. أما الخط الثاني، فهو خط خيالي تقع أحداثه في العام 1961، ويحكي عن مرجاز، وهو فلسطيني آخر يغادر بلده، لكن لأسباب لا تتعلق بالحرب ولا التطهير العرقي. يسرق مرجاز يختاً ويبحر به بعيداً، ولاحقاً يقع في غرام امرأة فرنسية، أو الأصح أنها جزائرية تتظاهر بأنها فرنسية. مرجاز لا يبدو معنياً بالسياسية، لكنه يجد نفسه متورطاً في عملية للمقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي. حبيبته فرانسين، التي يتضح أن اسمها الحقيقي فاطمة، كانت في حاجة لأن تكون برفقة رجل أوروبي للتغطية على عمليتها، فاستعانت بمرجاز الذي ظنّته إسبانياً. بين تلك الطبقات من سوء الفهم، يربط أبو وردة بحذق وخفة بين المقاومة في فلسطين وأيرلندا والجزائر، ويتضح أنه لا مهرب من العنف الاستعماري ولا مهرب من مقاومته. يتم إعدام فاطمة ويستقل بلدها، ويواصل مرجاز إبحاره على سطح يخته مع عشيقة جديدة، إيطالية هذه المرة. ولا يمر وقت طويل قبل أن تسمع العشيقة الجديدة في المذياع أن الانتفاضة الأولى اندلعت. هل الكوميديا مقاومة حقاً؟ يدعو أبو وردة جمهوره أن يفعلوا شيئاً، كما أنه على خشبة المسرح يخبرنا بأنه سيفعل شيئاً غداً صباحاً، لكنه سيخصص هذه الليلة لفنه، ويجلس ليرسم بتركيز شديدة لوحات تثير ضحك الجمهور بسبب ركاكتها. هل كانت هذه سخرية من الفن لصالح فعل المقاومة؟ أم أن أبو وردة يقول لنا إنه من الأفضل أن تتخلّل المقاومة ليالٍ مفعمة بالضحك؟

مسلسلات رمضان ومسلسل نتنياهو في القدس
مسلسلات رمضان ومسلسل نتنياهو في القدس

البناء

time١١-٠٣-٢٠٢٥

  • البناء

مسلسلات رمضان ومسلسل نتنياهو في القدس

تهتمّ معظم الشعوب العربية خلال شهر رمضان المبارك بمتابعة المسلسلات التي تُعرض على الشاشات العربية والتي تغيب عنها القدس ويحضر بدلاً عنها مسلسلات تصنّف اجتماعية تتحدّث عن العادات والتقاليد الجديدة والمجدّدة وفساد بعض الموظفين وتجارة الآثار والمخدرات والثأر والفوارق العائلية والطبقية وأخلاق الراقصات… القاسم المشترك بين هذه المسلسلات هو إصابة الناس بالخيبة والإحباط تجاه هموم وقضايا الوطن وآلامه وآماله، إضافة إلى تغييب تلك المسلسلات لقضية القدس بقرار يخضع له الرؤساء والوزراء والمخرجون والممثلون والمنتجون والكومبارس الملتزمون بالتعليمات الأمنية والسياسية العليا، حفاظاً على التطبيع الممتدّ من القاهرة إلى أنقرة، وعلى العلاقة مع الغرب الذي يسمح بعرض مسلسلات تثير الجدل والخلافات ويمنع عرض مسلسلات تتعلق بدراما الصراع مع الاحتلال بما قد يحوّل شهر رمضان المبارك إلى شهر القدس والمسجد الأقصى. ومع انتشار مسلسلات رمضان في العالم العربي لوحظ بشكل واضح غياب القدس التي يعمل نتنياهو على إطلاق مسلسله ضدها مستغلاً تسمّر المؤلفين والمخرجين والمتفرّجين العرب أمام الشاشات ليقوم بعرض الحلقة الأولى من مسلسله والتي تبدأ بزيادة عمليات الاقتحام والتدنيس وصولاً إلى حلقة إحضار خمس بقرات حمراء من ولاية تكساس الأميركية ووضعها في مزرعة سرية قرب مدينة بيسان حتى تبلغ من العمر عامين ليتمّ ذبح إحداها على جبل الطور ونثر رمادها بعد أحراقها بخشب الزيتون على أكبر عدد من اليهود، كما يعدّ نتنياهو حلقة خاصة تتضمّن تصعيداً أمنياً وعسكرياً يغطي على فشله في الحرب على غزة والعدوان على لبنان، وهذا يعني أنّ الأوضاع في القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني مرشحة للاشتعال… ولا يترك الاحتلال الإسرائيلي فرصة للتضييق على الفلسطينيين وسط حالة من الفرجة والتخمة والخذلان، إلا ويستغلها حيث يقوم بإصدار أوامر الإبعاد عن المسجد الأقصى، بحق عدد كبير من المصلين بالتزامن مع تزايد أعداد المستوطنين الذين ينفذون اقتحامات وجولات استفزازية داخل باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال التي تكثف من وجودها العسكري على الحواجز المحيطة بالقدس وإحكام قبضتها على 82 حاجزاً عسكرياً على طرقات تؤدي إلى القدس بعضها مغلق بسواتر ترابية وبوابات حديدية، وذلك لمنع حركة المصلين وإرهابهم خاصة في الأيام العشر الأواخر والجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك. ويحارب نتنياهو في مسلسل عدوانه المستمر على القدس أيّ مشهد سياسي أو ديني أو ثقافي في المدينة بهدف طمس هويتها الصامدة بمواجهة كلّ محاولات التصفية والتهويد، وتحضيراً لهذا المسلسل قام نتنياهو بعقد اجتماعات أمنية وعسكرية تحت عنوان مواجهة أخطار شهر رمضان على أمن (إسرائيل) عبر نشر عشرة آلاف جندي وشرطي بمحيط المسجد الأقصى وفرض قيود تحدّد عدد وهوية وأعمار من «يحق» لهم الصلاة، وهذا المسلسل لا ينتهي مثل مسلسلات شهر رمضان على الشاشات العربية التي تبخل حتى بالدعاء للمقدسيّين والقدس وفلسطين لأنه مسلسل مستمرّ طالما استمرّ وجود الاحتلال في القدس وكلّ فلسطين.

متحف "محفوظ" يحتفي بإرث الأديب عبر مناقشة كتاب "أحب رائحة الليمون"
متحف "محفوظ" يحتفي بإرث الأديب عبر مناقشة كتاب "أحب رائحة الليمون"

صدى البلد

time٠٤-٠١-٢٠٢٥

  • صدى البلد

متحف "محفوظ" يحتفي بإرث الأديب عبر مناقشة كتاب "أحب رائحة الليمون"

ينظم متحف نجيب محفوظ بتكية أبو الدهب، بشارع الأزهر، لقاءً ثقافيًا جديداً يوم الأحد الموافق 5 يناير في تمام الواحدة ظهرًا، لمناقشة كتاب "أحب رائحة الليمون... حوارات مع نجيب محفوظ" للكاتبة سهام ذهني. يقام اللقاء بمكتبة المتحف ويهدف إلى تسليط الضوء على أبرز الحوارات التي أجرتها الكاتبة مع الأديب العالمي، مستعرضةً أبعاد شخصيته وأفكاره التي أثرت بعمق في الأدب العربي. يُدير اللقاء الكاتب الصحفي طارق الطاهر، المشرف على المتحف، حيث سيناقش الكتاب الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، والذي يوثق سلسلة حوارات امتدت على مدار 20 عامًا. تتناول هذه الحوارات تفاصيل شخصية للأديب، مثل طفولته، علاقته بأسرته، مسيرته الوظيفية وتأثيرها على إبداعاته، مواقفه من القضايا السياسية، وأبرزها القضية الفلسطينية، وعلاقاته بمثقفي عصره. الفعالية تأتي ضمن أنشطة المتحف المستمرة لإحياء ذكرى نجيب محفوظ وتعزيز التواصل مع إرثه الأدبي، وهي مفتوحة للجمهور ومحبي الأدب. حصلت الكاتبة سهام ذهني على بكالوريوس الإعلام من جامعة القاهرة عام 1977. عملت صحفية في مجلة صباح الخير من 1976 إلى 2007، وشغلت منصب مسؤولة تحرير مجلة سيدتي في مصر بين 1984 و1991، حازت على عدة جوائز منها: جائزة مصطفى وعلي أمين (2007). جائزة أحمد بهاء الدين في المقال (2002). جائزة نقابة الصحفيين المصريين في الحوار (2000). جائزة علي وعثمان حافظ في التحقيقات الصحفية (1990). أصدرت عدة كتب بارزة، منها: كلام خاص جدًا (1998). ثرثرة مع نجيب محفوظ (2001). أيام عبد الناصر والسادات (2003). مروان البرغوثي (2007). الشهوة والوجدان (2007). تصبح على خير أيها الحزين (2010). أهوال ضد المسجد الأقصى (2011). آخر إصداراتها تتضمن كتاب "تحرير الأقصى" الصادر عام 2024.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store