logo
الصين والبحر الأحمر: من يملك الممرات يملك القرار

الصين والبحر الأحمر: من يملك الممرات يملك القرار

السوسنة٢٦-٠٧-٢٠٢٥
لم تعد خطوط الملاحة البحرية مجرد مسارات تجارية، بل تحولت إلى شرايين جيوسياسية تمارس الدول من خلالها النفوذ والضغط وإعادة تشكيل موازين القوى. وفي قلب هذا التحول، تبرز الصين كلاعب اقتصادي عملاق يسعى لإعادة تشكيل النظام العالمي من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، التي لم تُصمّم فقط لضمان تدفق البضائع، بل لضمان النفوذ عبر الممرات الحيوية، وأبرزها البحر الأحمر.يرتبط البحر الأحمر ارتباطًا عضويًا بالخليج العربي كممر تجاري متصل، حيث يمرّ أكثر من 12% من التجارة العالمية عبر مضيق باب المندب، وهو ما يجعله نقطة ارتكاز لأي قوة اقتصادية صاعدة. ولعل ما يُثير الانتباه أن أكثر من 60% من واردات الصين من الطاقة تمر عبر هذا الممر، مما يفسّر التوسع الصيني في إنشاء قواعد لوجستية وتجارية من جيبوتي إلى جدة، وربطها عبر استثمارات ثقيلة بالموانئ ومناطق التجارة الحرة.تراجع الحضور الأمريكي النسبي في المنطقة، بفعل إعادة التموضع الاستراتيجي نحو آسيا، منح الصين فرصة ذهبية لملء هذا الفراغ. فالولايات المتحدة لطالما اعتبرت الخليج والبحر الأحمر "منطقة نفوذ أمني"، بينما تنظر إليهما الصين على أنهما "منطقة نفوذ لوجستي وتجاري". وبهذا التمايز، تتقدم الصين بهدوء وبلا مواجهة مباشرة، لكنها تترك أثرًا عميقًا في بنية القرار الاقتصادي في المنطقة.التمدد الصيني في البحر الأحمر ليس معزولًا عن الخليج، بل هو امتداد لسياسة استراتيجية تربط شرق آسيا بأفريقيا وأوروبا. فميناء "جوادر" في باكستان، وميناء "السخنة" في مصر، ومنطقة التجارة الحرة في جبل علي بالإمارات، تشكل جميعها محطات في "طريق الحرير البحري الجديد"، الذي تسعى الصين لتحويله إلى منظومة بديلة عن الممرات التي تسيطر عليها القوى الغربية.لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في التوسع الصيني ذاته، بل في موقف الدول العربية من هذا التوسع: هل ستكون شريكًا في صياغة التوازنات الجديدة؟ أم مجرد ممر تمر عبره المصالح دون أن تترك أثرًا؟. إن تحسين البنية التحتية للموانئ العربية، وإعادة هيكلة السياسات الجمركية، وربط سلاسل الإمداد بالأسواق المحلية، تشكل شروطًا أساسية لتحويل الموقع إلى قيمة مضافة لا إلى مجرد مساحة جغرافية.تشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات الصينية في مشاريع البنية التحتية بالمنطقة يتجاوز 100 مليار دولار، تشمل الموانئ والطرق والمناطق الصناعية. لكن السؤال الذي يجب أن يُطرح عربيًا: كم من هذه الاستثمارات يُترجم إلى فرص عمل محلية، ونقل معرفة، وتكامل مع الخطط التنموية العربية؟.التنافس الصيني-الغربي على الممرات الحيوية في العالم لن يظل محصورًا في التصريحات أو المبادرات، بل سيتجسد في السيطرة على الواقع اللوجستي، وفي القدرة على ضمان الأمن البحري، وفي صياغة القواعد الحاكمة للملاحة والربط الرقمي. وهنا، يجب أن يكون للعرب موقف ووعي استباقي لا ردّ فعل متأخر.المنطقة أمام مفترق طرق: فإما أن تستثمر في موقعها الاستراتيجي وتفرض شروط شراكة عادلة، وإما أن تُختزل إلى مجرد ممر تسيطر عليه القوى الكبرى. فالموانئ العربية ليست فقط بوابات تجارية، بل أوراق ضغط في اللعبة الجيوسياسية، إن أُحسن استخدامها.في الختام، يمكن القول إن من يملك الممرات اليوم، قد يملك القرار غدًا. وإن لم يكن ذلك القرار سياسيًا، فسيكون اقتصاديًا وأمنيًا بالضرورة. ومَن يُحسن قراءة خرائط التجارة والملاحة، يدرك أن زمن النفوذ الناعم قد بدأ، وأن من يُحسن توظيف موقعه قد يكتب تاريخه بيديه.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أخبار العالم : "ضمانات مالية مقابل التأشيرات".. تفاصيل برنامج تقترحه الخارجية الأمريكية
أخبار العالم : "ضمانات مالية مقابل التأشيرات".. تفاصيل برنامج تقترحه الخارجية الأمريكية

نافذة على العالم

timeمنذ 7 دقائق

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : "ضمانات مالية مقابل التأشيرات".. تفاصيل برنامج تقترحه الخارجية الأمريكية

نافذة على العالم - (CNN)-- اقترحت وزارة الخارجية الأمريكية إلزام طالبي تأشيرات العمل والسياحة بإيداع ضمانات مالية تصل إلى 15 ألف دولار لدخول الولايات المتحدة، وهي خطوة قد تجعل العملية باهظة التكلفة بالنسبة للكثيرين. وفي إشعار سيُنشر في السجل الفيدرالي، الثلاثاء، أعلنت الوزارة أنها ستبدأ برنامجًا تجريبيًا مدته 12 شهرًا، يُطلب بموجبه من الأشخاص القادمين من دول تُعتبر ذات معدلات عالية من تجاوز مدة الإقامة وتفتقر إلى ضوابط أمنية داخلية للوثائق، دفع ضمانات مالية تتراوح ما بين 5 آلاف دولار، أو 10 آلاف، أو 15 ألف دولار عند التقدم بطلب للحصول على تأشيرة. ويأتي هذا المقترح في الوقت الذي تُشدد فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شروط الحصول على التأشيرة. وفي الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الخارجية أن العديد من طالبي تجديد التأشيرات سيُطلب منهم الخضوع لمقابلة شخصية إضافية، وهو أمر لم يكن مطلوبًا في السابق. وبالإضافة إلى ذلك، تقترح الوزارة أن يكون لدى المتقدمين لبرنامج يانصيب تأشيرات التنوع جوازات سفر سارية المفعول من بلد جنسيتهم. وأفادت معاينة لإشعار الضمانات، الذي نُشر على موقع السجل الفيدرالي، الاثنين، بأن البرنامج التجريبي سيدخل حيز التنفيذ في غضون 15 يومًا من نشره رسميًا، وهو ضروري لضمان عدم تحمّل حكومة الولايات المتحدة أي مسؤولية مالية في حال عدم امتثال الزائر لشروط تأشيرته. قد يهمك أيضاً وأشار الإشعار إلى أن "الأجانب المتقدمين للحصول على تأشيرات كزوار مؤقتين للعمل أو الترفيه، والذين يحملون جنسية دول حددتها الوزارة على أنها ذات معدلات عالية لتجاوز مدة التأشيرة، حيث تُعتبر معلومات الفحص والتدقيق ناقصة، أو الذين يعرضون الجنسية عن طريق الاستثمار، إذا حصل الأجنبي على الجنسية دون شرط الإقامة، قد يخضعون للبرنامج التجريبي". وأضاف الإشعار أنه سيتم إدراج الدول المتأثرة بمجرد دخول البرنامج حيز التنفيذ، ويمكن الإعفاء من الضمان المالي بناءً على الظروف الشخصية لمقدم الطلب. ولن يُطبق هذا الضمان على مواطني الدول المُسجلة في برنامج الإعفاء من التأشيرة، الذي يُتيح السفر لأغراض العمل أو السياحة لمدة تصل إلى 90 يومًا. وتقع غالبية الدول الـ42 المُسجلة في البرنامج في أوروبا، بينما تقع دول أخرى في آسيا والشرق الأوسط وأماكن أخرى. وطُرح في الماضي تطبيق سندات التأشيرة، ولكن لم يُطبق. ودأبت وزارة الخارجية الأمريكية على تثبيط هذا الشرط نظرًا لتعقيد عملية إصدار وإصدار الضمان، واحتمالية وجود تصورات خاطئة لدى الجمهور. مع ذلك، صرّحت الوزارة بأن هذا الرأي السابق "لا تدعمه أي أمثلة أو أدلة حديثة، حيث لم تكن سندات التأشيرة مطلوبة بشكل عام في أي فترة حديثة".

مجلس إدارة "تسلا" يوافق على منح أسهم بقيمة 29 مليار دولار لإيلون ماسك
مجلس إدارة "تسلا" يوافق على منح أسهم بقيمة 29 مليار دولار لإيلون ماسك

المغرب اليوم

timeمنذ 7 دقائق

  • المغرب اليوم

مجلس إدارة "تسلا" يوافق على منح أسهم بقيمة 29 مليار دولار لإيلون ماسك

منحت " تسلا"، رئيسها التنفيذي إيلون ماسك 96 مليون سهم بقيمة تقارب 29 مليار دولار، في خطوة تهدف إلى إبقاء رائد الأعمال الملياردير على رأس الشركة في الوقت الذي يواجه فيه حكماً قضائياً ألغى اتفاق راتبه الأصلي لعدم إنصافه للمساهمين. في عام 2024، ألغت محكمة في ولاية ديلاوير حزمة تعويضات ماسك لعام 2018، والتي قُدرت قيمتها بأكثر من 50 مليار دولار، مشيرةً إلى أن عملية الموافقة التي أجراها مجلس إدارة تسلا كانت معيبة وغير عادلة للمساهمين. بدأ ماسك استئنافاً في مارس ضد الأمر، مدعياً أن قاضياً في محكمة أدنى ارتكب أخطاء قانونية متعددة في إلغاء هذا التعويض القياسي، بحسب ما ذكرته "رويترز". في وقت سابق من هذا العام، صرحت شركة صناعة السيارات الكهربائية أن مجلس الإدارة شكل لجنة خاصة للنظر في بعض مسائل التعويضات المتعلقة بماسك، دون الكشف عن أي تفاصيل. تمر شركة تسلا بمرحلة تحول، حيث يُحوّل ماسك، أكبر مساهميها بحصة 13%، تركيزه من منصة سيارات كهربائية بأسعار معقولة، إلى سيارات أجرة آلية والروبوتات الشبيهة بالبشر، مما يضع الشركة في موقع أكثر كشركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي والروبوتات منها في صناعة السيارات. وصرحت اللجنة الخاصة في الملف: "مع أننا نُدرك أن مشاريع إيلون التجارية واهتماماته والمتطلبات المحتملة الأخرى التي تتطلب وقته واهتمامه واسعة النطاق... فإننا على ثقة بأن هذه التعويضات ستُحفز إيلون على البقاء في تسلا". وأضافت اللجنة أن منحة الأسهم تهدف إلى تعزيز قوة ماسك التصويتية تدريجياً، وهو أمر لطالما أكد عليه هو والمساهمون أنه أساسي لإبقائه مُركزاً على مهمة تسلا. وذكرت اللجنة في الملف أن ماسك سيدفع لشركة تسلا 23.34 دولاراً أميركياً لكل سهم من الأسهم المقيدة المستحقة له، وهو ما يُعادل سعر ممارسة السهم لمكافئة الرئيس التنفيذي لعام 2018. وارتفعت أسهم تسلا بأكثر من 2% في تداولات ما قبل السوق. وفي سياق متصل، قال يوسف حميد الدين، مدير شريك في VentureX، إن شركة "تسلا" أكدت من خلال قرارها الأخير، أن إيلون ماسك هو الشخص الوحيد القادر على تحقيق رؤيتها المستقبلية، وذلك رغم انشغالاته الأخرى. وأقرت "تسلا" حزمة تعويضات جديدة لماسك، تُقدر قيمتها بـ 29 مليار دولار، بعد رفض حزمة سابقة بقيمة 50 مليار دولار في عام 2024. وأوضح حميد في مقابلة صحفية أن قرار "تسلا" هذا هو بمثابة "تصويت ثقة مذهل" في قدرة ماسك على تحويل الشركة إلى "أكثر شركات الذكاء الاصطناعي والروبوتات تقدمًا في العالم". وأشار إلى أن الحزمة الجديدة تختلف عن سابقتها، حيث تتطلب من ماسك شراء 89 مليون سهم بسعر ثابت، مما يضيف تعقيدًا جديدًا للصفقة. وأضاف أن الحزمة السابقة رُفضت بسبب اعتراضات تتعلق بالحوكمة، حيث اعتبر القاضي أن مجلس الإدارة كان منحازًا لماسك. وأكد أن الحزمة الجديدة ستمر بآلية تصويت من المساهمين، رغم التوقعات بأن يحظى ماسك بموافقتهم جميعًا، إلا أن احتمال وجود من يتحدى العرض ما زال قائمًا. وأفاد بأن بقاء ماسك على رأس "تسلا" يُعد ضروريًا لتحقيق طموحاتها المستقبلية.

ماسك يحصل على 96 مليون سهم من تسلا وسط جدل قانوني حول تعويضاته السابقة
ماسك يحصل على 96 مليون سهم من تسلا وسط جدل قانوني حول تعويضاته السابقة

صدى الالكترونية

timeمنذ 39 دقائق

  • صدى الالكترونية

ماسك يحصل على 96 مليون سهم من تسلا وسط جدل قانوني حول تعويضاته السابقة

منحت شركة نسلا الرئيس التنفيذي إيلون ماسك حزمة أسهم ضخمة تضم 96 مليون سهم، تُقدر قيمتها السوقية بنحو 29 مليار دولار، وذلك بعد قرار محكمة ديلاوير في وقت سابق بإلغاء حزمة تعويضاته السابقة التي كانت تُقدّر بـ56 مليار دولار. وكانت المحكمة قد قضت في يناير 2024 ببطلان تلك الحزمة، معتبرة أنها خضعت لمفاوضات غير مستقلة، وهو ما أدى إلى تجميدها رغم موافقة غالبية المساهمين عليها. وقد أعادت تسلا طرح خطة جديدة لضمان استمرار ماسك في قيادة الشركة، وسط تحولات استراتيجية كبيرة وتوسع في قطاعات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المستقبلية. وتشمل الحزمة الجديدة شروطًا صارمة، من بينها التزام ماسك بمنصبه التنفيذي حتى نهاية عام 2027، مع منع بيع الأسهم الممنوحة لمدة خمس سنوات، باستثناء ما يتعلق بالضرائب أو تكلفة ممارسة الأسهم، ويُحدد سعر السهم ضمن هذه الحزمة بـ23.34 دولارًا، وهو نفس السعر الذي تم تحديده في الحزمة السابقة. ويُنتظر أن ترتفع حصة ماسك في تسلا من 12.7% إلى نحو 15% في حال تفعيل الحزمة الجديدة بالكامل، لكن العقد يتضمن بندًا واضحًا يُلغي تلقائيًا هذا التخصيص إذا نجح ماسك في الطعن القانوني وإعادة تفعيل الحزمة السابقة، منعًا لأي ازدواجية في التعويض. وبحسب مراقبين، يأتي هذا التحرك من تسلا في وقت دقيق، تسعى فيه الشركة لتأمين استقرار إدارتها العليا، خاصة في ظل انتقالها القانوني من ولاية ديلاوير إلى تكساس، وما يتطلبه ذلك من إعادة ضبط لهيكلة الحوكمة والقرارات الاستراتيجية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store