
الرحلة الروحية
فوزي عمار
ولد ليوبولد فايس النمساوي المجري في ما يُسمى أوكرانيا الآن عام 1900. وفي عام 1945 كتب كتابه الذي اعتبر من الأعمال الأدبية والفكرية المُهمة التي تسلط الضوء على رحلة الكاتب الروحية والفكرية.
يروي الكاتب قصة تحوله من يهودي نمساوي إلى مسلم مقتنع بالإسلام وكيف وجد في الإسلام إجابات للأسئلة الوجودية التي كانت تشغله.
زار الكاتب الذي اختار اسم "محمد أسد" بعد إسلامه العالم العربي وتحديدًا الحجاز (مكة المكرمة والمدينة) وتعرف على الثقافة الإسلامية وتحدث في كتابه المعروف "الطريق إلى مكة" كيف وجد الإسلام وبه نظاما متكاملا للحياة ويقدم في الكتاب رؤية عميقة للإسلام من منظور شخصي جاء من خليفة أوروبية وهو سيرة ذاتية تسرد رحلته من أوروبا إلى الجزيرة العربية عن قناعة ليصبح محمد أسد، بعد ذلك أبرز المترجمين والمفسرين للقرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية.
في الحجاز تزوج من امرأة عربية مسلمة وأنجب منها طفلًا، والتقى لاحقًا الزعيم الليبي أحمد السنوسي الذي طلب منه السفر إلى ليبيا؛ حيث التقى في مطلع العام 1931 القائد التاريخي سيدي عمر المختار. وهناك، ساهم محمد أسد في الجهاد ضدّ الاستعمار الإيطالي، وقدّم المشورة والمؤازرة في تمويل المقاتلين، وبقي شهرين في ليبيا تحت الخطر.
سافر بعد ذلك أسد إلى الهند؛ حيث التقى العلّامة محمد إقبال، المعروف بـ"الأب الروحي" لباكستان، والذي شجّع أسد على البقاء ومساعدته في صياغة وتوضيح المقدّمات النظرية والفكرية لدولة إسلامية مستقبلية، ستنفصل عن الهند، وتكون بمثابة جسر علمي بين إسلام جنوب آسيا والغرب.
في كتابه الأشهر "رسالة القرآن The message of the Quran" يقول محمد أسد: "لقد وجدت في الإسلام ذلك التوازن بين الروح والمادة وبين الفرد والمجتمع وبين العقل والقلب".
ويعتبر كتابه "الطريق إلى مكة" عملا في الأدب الروحي واستكشافا عميقا للفكر الإسلامي ويقدم منظورًا فريدًا للإسلام من منظور غربي اعتنق الإسلام وفهم بعمق ثقافات الشرق والغرب معًا.
يصف أسد حياته المبكرة في أوروبا وعدم ارتياحه المتزايد من القيم المادية والمجزأة للمجتمع الغربي. لقد شعر أسد أن الغرب فقد جوهره الروحي وأصبح مستهلكًا بالجشع والسطحية طوال الكتاب. ويتأمل أسد في طبيعة الإيمان، وأهمية الخضوع لله (الإسلام)، وعالمية رسالة الإسلام.
ويؤكد على ضرورة حياة متوازنة تجمع بين الروحانيات والماديات، ويرفض الانقسام الزائف بين الدين والحداثة.
ينتقد أسد تأثير الاستعمار الغربي على العالم الإسلامي، قائلًا إنه عطّل المجتمعات التقليدية وأضعف قيمها الروحية والثقافية. ويحذر من التقليد الأعمى للحداثة الغربية، داعيًا المسلمين إلى الحفاظ على هويتهم وإيمانهم مع التكيف مع تحديات العالم الحديث.
ولا تزال رحلة أسد تُلهم القراء، خاصة أولئك الذين يسعون لفهم الأبعاد الروحية والفكرية للإسلام.
وأخيرًا كتاب "الطريق إلى مكة" هو نسيج غني من الرحلات والفلسفة والروحانية، يقدم رؤى خالدة عن البحث الإنساني عن المعنى وقوة الإيمان التحويلية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
العنصرية في الشعر العربي: المتنبي وكافور الإخشيدي
بدر بن خميس الظفري @waladjameel مع ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، حدث تحول جذري في المفاهيم الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك النظرة إلى العنصرية والتمييز على أساس اللون أو النسب، التي كانت سائدة في العصر الجاهلي. ومع ذلك، لم تختفِ العنصرية تمامًا من المجتمع العربي بعد الإسلام، بل استمرت بعض مظاهرها، خاصة مع اتساع الدولة الإسلامية وامتزاج العرب بغيرهم من الشعوب. وقد انعكس ذلك في الشعر؛ حيث نجد بعض الشعراء يمارسون العنصرية في أشعارهم، خاصة في سياق الهجاء، كما هو الحال مع المتنبي في هجائه لكافور الإخشيدي. ويُعدّ أبو الطيب المتنبي من أعظم شعراء العربية على مر العصور، وقد اشتهر بقصائده في المدح والفخر والحكمة. ومع ذلك، فقد مارس المتنبي العنصرية في بعض قصائده، خاصة في هجائه لكافور الإخشيدي، حاكم مصر في ذلك الوقت. كان كافور الإخشيدي عبدًا أسود من أصل حبشي، اشتراه محمد بن طغج الإخشيد، حاكم مصر، ثم أعتقه وقربه إليه حتى أصبح من كبار قادته. وبعد وفاة الإخشيد، تولى كافور الوصاية على ابنيه، ثم استقل بحكم مصر والشام. انتقل المتنبي إلى مصر سنة 346هـ، بعد أن ساءت علاقته بسيف الدولة الحمداني في حلب. وقد مدح المتنبي كافورًا في البداية بقصائد رائعة، طمعًا في أن يوليه كافور ولاية أو إمارة. ومن أشهر قصائده في مدح كافور قصيدته التي مطلعها: كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا *** وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُن أَمانِيا وفيها يخاطب كافور قائلًا: أبا المِسكِ ذا الوَجهُ الذي كُنتُ تائِقًا // إِلَيهِ وَذا اليَومُ الذي كُنتُ راجيا أبا كُل طيبٍ لا أَبا المِسكِ وَحدَهُ // وَكُل سَحابٍ لا أَخَص الغَواديا لكن عندما أيقن المتنبي أن كافورًا لن يحقق له طموحه في الولاية، غادر مصر غاضبًا، وبدأ يهجو كافورًا بقصائد لاذعة، استخدم فيها خطابًا عنصريًا يعير فيه كافورًا بلونه الأسود وأصله كعبد سابق. من أشهر قصائد المتنبي في هجاء كافور الإخشيدي قصيدته المعروفة "عيد بأي حال عدت يا عيد"، التي نظمها بعد مغادرته مصر سنة 350هـ. وتعد هذه القصيدة نموذجًا صارخًا للخطاب العنصري في الشعر العربي، حيث استخدم فيها المتنبي ألفاظًا وعبارات تحط من قدر كافور بسبب لونه الأسود وأصله كعبد. تبدأ القصيدة بمطلع حزين يعبر فيه الشاعر عن حاله في العيد، وهو بعيد عن أحبته: عيدٌ بأيّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ // بما مضى أم بأمرٍ فيكَ تجديدُ ثم ينتقل إلى هجاء كافور، مستخدمًا خطابًا عنصريًا صريحًا: أكُلَمَا اغْتَالَ عَبْدُ السُوءِ سيدهُ // أو خانه فله في مصر تمهيدُ صار الخصيُّ إمام الآبقين بها // فالحر مستعبد والعبد معبود في هذين البيتين، يشير المتنبي إلى أصل كافور كعبد، ويتهمه بالخيانة والغدر بسيده الإخشيد، ويصفه بأنه "خصي" و"عبد السوء"، في إشارة عنصرية واضحة. ويستمر المتنبي في هجائه العنصري لكافور، مؤكدًا على أن العبد لا يمكن أن يكون أخًا للحر، مهما تغيرت ظروفه: العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ // لَوْ أنهُ في ثِيَابِ الحُرِّ مَوْلُودُ لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلا وَالعَصَا مَعَهُ // إن العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكيدُ في هذين البيتين، يؤكد المتنبي على نظرة عنصرية تجاه العبيد، معتبرًا أنهم "أنجاس مناكيد" لا يصلحون إلا بالعصا، وأن العبد لا يمكن أن يكون أخًا للحر، حتى لو ولد في ثياب الحر، في إشارة إلى أن أصله (العبودية) لا يمكن تغييره. ويتابع المتنبي هجاءه العنصري، مشيرًا إلى لون كافور الأسود بشكل مباشر: وَأن ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ // تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرعاديد مَنْ عَلمَ الأسْوَدَ المَخصِي مكرُمَة // أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصيدُ في هذين البيتين، يشير المتنبي إلى لون كافور الأسود، ويصفه بأنه "مثقوب المشفر"، في تشبيه له بالحيوان، ويتساءل استنكارًا عمن علّم هذا العبد الأسود المكرمة، هل هم قومه البيض أم آباؤه الأشراف، في إشارة ساخرة إلى أن كافورًا لا أصل له ولا نسب. وفي قصيدة أخرى، يقول المتنبي هاجيًا كافورًا: وَإنكَ لا تَدْري ألَوْنُكَ أسْوَدٌ من // الجهلِ أمْ قد صارَ أبيضَ صافِيًا في هذا البيت، يسخر المتنبي من لون كافور الأسود، متسائلًا إن كان كافور لا يدري أن لونه أسود من الجهل، أم أنه يظن أن لونه قد صار أبيض صافيًا. ولفهم عنصرية المتنبي في هجائه لكافور الإخشيدي، لا بُد من النظر إلى الدوافع النفسية والاجتماعية التي كانت وراء هذا الهجاء العنصري. إذ من الناحية النفسية، كان المتنبي يتمتع بشخصية طموحة ومغرورة، وكان يرى نفسه أهلًا للإمارة والحُكم. وقد ذهب إلى مصر، كما أشرنا سابقًا، طمعًا في أن يوليه كافور ولاية أو إمارة، كما يتضح من قوله في إحدى قصائده المادحة لكافور: وَغَيرُ كَثيرٍ أَن يَزورَكَ راجلٌ // فَيَرجِعَ مَلكًا لِلعِراقَينِ والِيًا لكن عندما خاب أمله ولم يحقق كافور طموحه، شعر بالإحباط والغضب، وتحول مدحه إلى هجاء لاذع، استخدم فيه كل ما يمكن أن يحط من قدر كافور، بما في ذلك لونه وأصله. من الناحية الاجتماعية، كان المتنبي ابن عصره، متأثرًا بالنظرة العنصرية السائدة في ذلك الوقت تجاه السود والعبيد. فرغم أن الإسلام جاء بمبادئ المساواة، إلّا أن المجتمع العربي في العصر العباسي لم يتخلص تمامًا من النظرة العنصرية تجاه غير العرب، خاصة السود والعبيد. وقد استغل المتنبي هذه النظرة العنصرية في هجائه لكافور، معتمدًا على أنها ستجد صدى لدى المتلقي في ذلك العصر. كما أن المتنبي كان يتمتع بقومية عربية مُتعصِّبة، وكان يرى في وصول عبد أسود مثل كافور إلى الحكم إهانة للعرب وللعروبة. وقد عبّر عن ذلك في قوله: ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ // يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ ولا تَوَهمْتُ أن الناسَ قَدْ فُقِدوا // وَأن مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ في هذين البيتين، يُعبِّر المتنبي عن استيائه من أن يعيش في زمن يسيء إليه فيه عبد مثل كافور، وهو محمود من الناس، ويتعجب من أن يُفقد الناس (يقصد العرب الأحرار) ويوجد مثل كافور (العبد الأسود). وهكذا، نجد أن العنصرية استمرت في الشعر العربي في العصور الإسلامية، رغم المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى المساواة. وقد تجلت هذه العنصرية بشكل خاص في شعر الهجاء؛ حيث كان الشعراء يستغلون الفروق العرقية واللونية في الهجوم على خصومهم.


عمان اليومية
٢٦-٠٣-٢٠٢٥
- عمان اليومية
فلسفة العيد التي علينا البحث عنها
فلسفة العيد التي علينا البحث عنها ينتظر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها وهم يحيون العشر الأواخر من رمضان يوم الجائزة وهو يوم العيد. والعيد في الفكر الإسلامي لحظة وجودية بالغة العمق، تتجلّى فيها روح الإنسان بعد أن تُصقل بالتهذيب والتطهر المعنوي طوال شهر كامل من الصيام والقيام، يخرج الصائم منها كيوم ولدته أمه؛ لذلك تبدو فكرة عيد الفطر السعيد أكبر من كونها مناسبة تأتي بعد أن أكمل المسلم صوم شهره الذي هو أحد أركان الإسلام الخمسة فهي أقرب إلى الولادة المعنوية للإنسان بعد أن يكون قد نجح في مجاهدة النفس، وتكون العبادة قد نقته من شوائب العادة، فأصبح أكثر صفاء وطهرا، والصوم هو ثورة داخلية على شهوات الإنسان وترسيخ لحالة السمو النفسي، وقرب من الذات العليا للإنسان.. وهي الفطرة التي فطر الله الإنسان عليها؛ لذا يكون العيد لحظة احتفاء بانبثاق الإنسان الجديد الذي هذبه الصيام ونقته العبادة. وفي فلسفة العيد، يتلاقى البعد الفردي مع الجماعي، إذ يخرج الناس من حالة الاعتكاف والعبادة التي يبدو عليها في الكثير من الأوقات البعد الفردي إلى حالة الفرح الجماعية وكأن العيد يقول لهم: أنتم أكثر نقاء الآن وأكثر تسامحا وأقل أنانية، وبهذا البعد وهذه الفلسفة تتجلّى عبقرية الإسلام في مزجه بين الروح والواقع، بين الإيمان والسلوك، بين الذات والآخر. ويتجاوز العيد بمنطقه الإنساني الحدود الجغرافية وأسوار اللغة واللون ليتحول إلى رمز كوني تبدو فيه حاجة الإنسان أكثر وضوحا للحظة يتوقف فيها الزمن ليستطيع تأمل ذاته ويعاهد نفسه على أن يبدأ من جديد. وتبدو هذه الفرصة/ المناسبة مواتية للصفح، وموعدا لمحو الضغائن، وإعلانا للخروج على العادات السيئة، يبدأها الفرد من ذاته، وينسجها في علاقاته مع من حوله. والعيد كما يربي الإسلام أفراده عليه أكبر بكثير من فرحة تعاش في يوم واحد ولكنه معنى يُبنى وسؤال يُطرح في وجدان الجميع: هل خرجت من رمضان كما دخلت؟ أو أنك الآن أكثر صفاء، وأكثر قربا من حقيقتك الكبرى؟ هنا، تبدأ صفحة جديدة تسطر بالنوايا الصادقة والأعمال الخيرة التي تتعالى فوق الضغائن وفوق الأحقاد وفوق المصالح الفردية المؤقتة؛ لذلك يكون المجتمع بعد العيد أكثر تماسكا وأكثر قدرة على فهم بعضه البعض والعمل في إطار واحد. وهذه المعاني التي على الإنسان أن يستحضرها وهو مقبل على أيام العيد السعيد، حتى يستطيع أن يعيش العيد في معناه العميق لا في لحظته الآنية التي قد يبدو فيها الاحتفاء أقرب إلى احتفاء مادي بعيدا عن العمق المعنوي المقصود من فكرة بناء الإسلام للمسلمين في يوم العيد.


جريدة الرؤية
١٨-٠٣-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
الرحلة الروحية
فوزي عمار ولد ليوبولد فايس النمساوي المجري في ما يُسمى أوكرانيا الآن عام 1900. وفي عام 1945 كتب كتابه الذي اعتبر من الأعمال الأدبية والفكرية المُهمة التي تسلط الضوء على رحلة الكاتب الروحية والفكرية. يروي الكاتب قصة تحوله من يهودي نمساوي إلى مسلم مقتنع بالإسلام وكيف وجد في الإسلام إجابات للأسئلة الوجودية التي كانت تشغله. زار الكاتب الذي اختار اسم "محمد أسد" بعد إسلامه العالم العربي وتحديدًا الحجاز (مكة المكرمة والمدينة) وتعرف على الثقافة الإسلامية وتحدث في كتابه المعروف "الطريق إلى مكة" كيف وجد الإسلام وبه نظاما متكاملا للحياة ويقدم في الكتاب رؤية عميقة للإسلام من منظور شخصي جاء من خليفة أوروبية وهو سيرة ذاتية تسرد رحلته من أوروبا إلى الجزيرة العربية عن قناعة ليصبح محمد أسد، بعد ذلك أبرز المترجمين والمفسرين للقرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية. في الحجاز تزوج من امرأة عربية مسلمة وأنجب منها طفلًا، والتقى لاحقًا الزعيم الليبي أحمد السنوسي الذي طلب منه السفر إلى ليبيا؛ حيث التقى في مطلع العام 1931 القائد التاريخي سيدي عمر المختار. وهناك، ساهم محمد أسد في الجهاد ضدّ الاستعمار الإيطالي، وقدّم المشورة والمؤازرة في تمويل المقاتلين، وبقي شهرين في ليبيا تحت الخطر. سافر بعد ذلك أسد إلى الهند؛ حيث التقى العلّامة محمد إقبال، المعروف بـ"الأب الروحي" لباكستان، والذي شجّع أسد على البقاء ومساعدته في صياغة وتوضيح المقدّمات النظرية والفكرية لدولة إسلامية مستقبلية، ستنفصل عن الهند، وتكون بمثابة جسر علمي بين إسلام جنوب آسيا والغرب. في كتابه الأشهر "رسالة القرآن The message of the Quran" يقول محمد أسد: "لقد وجدت في الإسلام ذلك التوازن بين الروح والمادة وبين الفرد والمجتمع وبين العقل والقلب". ويعتبر كتابه "الطريق إلى مكة" عملا في الأدب الروحي واستكشافا عميقا للفكر الإسلامي ويقدم منظورًا فريدًا للإسلام من منظور غربي اعتنق الإسلام وفهم بعمق ثقافات الشرق والغرب معًا. يصف أسد حياته المبكرة في أوروبا وعدم ارتياحه المتزايد من القيم المادية والمجزأة للمجتمع الغربي. لقد شعر أسد أن الغرب فقد جوهره الروحي وأصبح مستهلكًا بالجشع والسطحية طوال الكتاب. ويتأمل أسد في طبيعة الإيمان، وأهمية الخضوع لله (الإسلام)، وعالمية رسالة الإسلام. ويؤكد على ضرورة حياة متوازنة تجمع بين الروحانيات والماديات، ويرفض الانقسام الزائف بين الدين والحداثة. ينتقد أسد تأثير الاستعمار الغربي على العالم الإسلامي، قائلًا إنه عطّل المجتمعات التقليدية وأضعف قيمها الروحية والثقافية. ويحذر من التقليد الأعمى للحداثة الغربية، داعيًا المسلمين إلى الحفاظ على هويتهم وإيمانهم مع التكيف مع تحديات العالم الحديث. ولا تزال رحلة أسد تُلهم القراء، خاصة أولئك الذين يسعون لفهم الأبعاد الروحية والفكرية للإسلام. وأخيرًا كتاب "الطريق إلى مكة" هو نسيج غني من الرحلات والفلسفة والروحانية، يقدم رؤى خالدة عن البحث الإنساني عن المعنى وقوة الإيمان التحويلية.