
هل تعيد الانتخابات البلدية الطرابلسية الاعتبار لتمثيل المسيحيين والعلويين؟
المفاجأة الوحيدة التي ينتظرها الطرابلسيون وهم يستعدون للإقبال على صناديق الاقتراع لانتخاب مجلسهم البلدي المؤلف من 24 عضواً، تكمن بأن يؤدي فرز الأصوات إلى إعادة الاعتبار للتمثيل المسيحي والعلوي، الذي خلا منهما المجلس البلدي الحالي الممدد له، برغم أن عدد المرشحين إليهما هو أقل من العدد المطلوب لتوزيعهم على 6 لوائح، وربما أكثر، حيث يتم التنافس لخوض السباق البلدي في مرحلته الثانية التي تنطلق الأحد المقبل، وتشمل محافظتي الشمال وعكار.
فخلو المجلس البلدي الحالي من تمثيل الأقليات لا يعود إلى تبادل التشطيب فحسب، الذي حرم المسيحيين والعلويين من التمثيل، وإنما إلى قلة إقبال الناخبين المنتمين إليهما على صناديق الاقتراع بسبب تعدد قوى النفوذ بداخلهما، وتعذُّر توحّدهما على نحوٍ يؤمن لهما الحضور الوازن فيه بغياب المرجعية المسيحية والعلوية التي كانت وراء تراجع نسبة الإقبال على الاقتراع، بخلاف زحمة المرشحين من الطائفة السنية، ما أدى إلى التضحية بتمثيل الأقليات.
وبرغم أن القيمين على تشكيل اللوائح يصرون على تمثيل العلويين بمقعدين في المجلس البلدي لعاصمة الشمال، وبعدد مماثل للأرثوذكس، وواحد للموارنة؛ فإن المشكلة تبقى في القانون البلدي المعمول به حالياً؛ كونه لا ينص على توفير الحماية السياسية لتمثيل الأقليات الطائفية في مجلسها البلدي، وهذا ما دفع بنوابها للمطالبة بتعديله باعتماد اللوائح المقفلة، لقطع الطريق على استبعادها من الحضور بذريعة الاحتكام إلى العملية الديمقراطية والتسليم سلفاً بنتائجها.
ويبدو مع إقفال الباب أمام الترشح لعضوية المجلس البلدي أن المنافسة تدور بين 6 لوائح، وربما أكثر، وبعضها ليس مكتملاً بسبب تدني عدد المرشحين العلويين والمسيحيين الذي يحول دون اكتمالها، وهي محصورة بين ثلاث لوائح، الأولى تحمل اسم «رؤية طرابلس» التي يرأسها العضو الحالي في المجلس البلدي، رئيس جمعية «مكارم الأخلاق» ومدير «روضة الفيحاء» الصيدلي عبد الحميد كريمة، والمدعومة من النواب: فيصل كرامي، أشرف ريفي، كريم كبارة وطه ناجي «جمعية المشاريع الخيرية - الأحباش».
أما اللائحة الثانية فتحمل اسم «نسيج طرابلس»، ويرأسها المهندس وائل إزمرلي، والمدعومة بشكل أساسي من النائب إيهاب مطر، ومن «جمعية عمران» التي انفصلت عن مجموعة «حراس المدينة» التي رأت النور مع انطلاق الانتفاضة الشعبية على المنظومة الحاكمة آنذاك في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، إضافة إلى عدد من رجال الدين المسلمين؛ في حين تحمل الثالثة اسم «حراس المدينة» برئاسة الناشط خالد تدمري، الذي يحمل أيضاً الجنسية التركية، والمدعومة من «الجماعة الإسلامية» و«هيئة الإسعاف الشعبي» وعدد من المشايخ وأعضاء سابقين في المجلس البلدي.
ويتردد طرابلسياً أن الهوى السياسي للائحة «حراس المدينة» تركي، بخلاف لائحة «نسيج طرابلس» ذات الهوى الإسلامي المعتدل، في حين يقف رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي على الحياد ويرفض التدخل ترشحاً واقتراعاً، كما يُنقل عنه في الشارع الطرابلسي، وإن كانت تربطه علاقة مميزة بالنائب مطر الذي استعان ببعض العاملين في ماكينته الانتخابية لما لديهم من خبرة في تنظيم الحملات الانتخابية، وذلك وفق ما يؤكده عدد من نواب طرابلس، لـ«الشرق الأوسط»، انطلاقاً من مواكبتهم من كثب للعلاقة القائمة بينهما التي لا تشوبها شائبة.
لكن أكثر ما يلفت أنظار الطرابلسيين، غياب الأحزاب التاريخية عن المنافسة الانتخابية وتراجع حضورها في النسيج الطرابلسي، ما أدى إلى إحداث فراغ استفادت منه بعض التيارات الإسلامية، ومعظمها حديث النشأة، في حين لا تلحظ المصادر أي دور فاعل للنائب الأرثوذكسي جميل عبود، الذي يشغل المقعد النيابي الحالي بحصوله على 79 صوتاً تفضيلياً، وكان ترشّح على لائحة ريفي بخلاف زميله الماروني على اللائحة نفسها، إيلي خوري، المنتمي إلى كتلة «الجمهورية القوية» (حزب القوات اللبنانية)، الذي يتمتع بحضور انتخابي في المينا، وبنسبة أقل في عاصمة الشمال.
أما بخصوص «تيار المستقبل»، فتتوقع المصادر، في ضوء عزوفه عن الترشح والاقتراع بلدياً، بأن يحصر معركته بالمجالس الاختيارية في طرابلس، ومن ثم اختبار مدى صدقيته من خلال جمهوره بوقوفه على الحياد. والموقف نفسه ينسحب على المينا الذي يتألف مجلسها البلدي من 21 عضواً؛ بينهم 6 مسيحيين، وهذا ما يضع المعنيين بالعملية الانتخابية أمام تحدٍّ يكمن في الحفاظ على التمثيل المسيحي، علماً بأن الرئيس ميقاتي يتمتع بحضور وازن في المينا وتربطه علاقة وطيدة بعدد من المرشحين.
وعليه؛ تبقى الأنظار مشدودة إلى طرابلس للتأكد من أن المنافسة، هذه المرة، لن تكون كسابقتها، وستعيد الاعتبار للتمثيل المسيحي والعلوي الذي يشكو من تعدد أصحاب النفوذ داخل الطائفة العلوية، والذي بلغ ذروته مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، مع أن ممثلها في طرابلس النائب حيدر ناصر يحض الناخبين من طائفته على الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع لتفادي الخلل في تمثيلها في المجلس البلدي الحالي، رغم أن عدد ناخبيها يبلغ نحو 28 ألفاً.
لذلك تُرجّح مصادر طرابلسية أن تبقى المنافسة بشكل أساسي بين لائحتي «رؤية طرابلس» و«نسيج طرابلس»، دون التغاضي عن حضور لائحة «حراس المدينة» في صناديق الاقتراع، وهذا ما يبرر ارتفاع المخاوف من تبادل التشطيب، وما إذا كان سيرتدّ سلباً بتهديده التمثيل المسيحي والعلوي، أم أن المنافسة تأخذ في الحسبان استرداد حق الأقليات بالتمثيل البلدي، وتطعيم مجلسها بعدد من النساء المرشحات على اللوائح الأساسية، وبينهن رسّامة وصحافية من الطائفة العلوية.
محمد شقير - "الشرق الأوسط"

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 2 أيام
- الديار
الدبيبة: القضاء على الميليشيات مشروع مستمر
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أكد رئيس الوزراء الليبي، عبد الحميد الدبيبة، أن "القضاء على الميليشيات مشروع مستمر في الوقت الذي ظل فيه وقف إطلاق النار قائماً". وقال الدبيبة، في خطاب متلفز بحسب ما أفادت وكالة "رويترز"، إنه "لن نرحم أحداً يواصل الفساد والابتزاز. هدفنا هو بناء ليبيا خالية من الميليشيات والفساد". وشهدت العاصمة طرابلس اشتباكات عنيفة بعدما أمر الدبيبة، بتفكيك الجماعات المسلحة، في أعقاب مقتل زعيم الميليشيا الرئيسي، عبد الغني الككلي، الاثنين الماضي. وأشار المكتب الإعلامي للدبيبة إلى أن "رئيس الوزراء أكد أن هذه العملية تأتي ضمن الرؤية الثابتة للدولة للقضاء على التشكيلات المسلحة خارج مؤسسات الشرطة والجيش". وكان ثلاثة وزراء على الأقل قدموا استقالاتهم، يوم الجمعة، تعاطفاً مع مئات المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين بإقالة دبيبة. في حين لم يعلق الدبيبة على استقالاتهم، قائلاً إن "الاحتجاجات مزعجة، لكنني تحمّلتها. أعلم أن بعضها حقيقي، لكن الكثير منها مدفوع الأجر"، وفق تعبيره.


الديار
منذ 3 أيام
- الديار
الدبيبة: نؤكد المضي في القضاء على الجماعات المُسلّحة والفساد في ليبيا
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، إن مشروع "ليبيا خالية من المليشيات والفساد مستمر"، وذلك مع صمود وقف إطلاق النار في أعقاب الاشتباكات الدامية التي شهدتها العاصمة طرابلس خلال الأيام القليلة الماضية. وأضاف الدبيبة في كلمة مسجلة، من مقر مجلس الوزراء بالعاصمة طرابلس "من يستمر في الفساد أو الابتزاز لن نتركه. هدفنا هو ليبيا خالية من المليشيات والفساد". وأشار "إلى أنه تأخر في التعليق على أحداث طرابلس الأخيرة، خوفا من بث الفتنة بين الليبيين، أو محاولة طرف ما استغلال كلامه، لافتا إلى أن حكومته استلمت السلطة في وقت كانت فيه المليشيات تسيطر على المشهد السياسي والمالي والاقتصادي في كل مدن وقرى ليبيا". وكان استقبل الدبيبة وفدا من كبار الشخصيات من مصراتة، أعربوا "عن دعمهم القوي والثابت لرؤيته التي تهدف إلى إنهاء سلطة الجماعات المسلحة وتعزيز سلطة الدولة"، بحسب الحكومة. وشهدت طرابلس الأسبوع الماضي أعنف اشتباكات منذ سنوات بين مجموعات مسلحة، بعضها موال لحكومة الوحدة الوطنية والآخر محسوب على المجلس الرئاسي، وقالت الأمم المتحدة إن 8 أشخاص على الأقل قتلوا في الاشتباكات. وأعلنت الحكومة وقف إطلاق النار الأربعاء الماضي. وجاء ذلك في أعقاب مقتل قائد جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي (غنيوة)، والهزيمة التي لحقت بهذا الجهاز على يد الفصائل المتحالفة مع الدبيبة. ويخضع جهاز دعم الاستقرار للمجلس الرئاسي الذي جاء إلى السلطة عام 2021 مع حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها الدبيبة من خلال عملية دعمتها الأمم المتحدة. وكان مقر جهاز دعم الاستقرار في حي أبو سليم المكتظ بالسكان. وقالت وزارة الداخلية في بيان، إنه تم العثور على 9 جثث متحللة في ثلاجة مشرحة في مستشفى الخضراء في أبو سليم"، مضيفة "أن جهاز الأمن الوطني لم يبلغ السلطات عنها". ومنذ 2011 تشهد ليبيا حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، تغذيها الانقسامات التي تحول دون تنظيم انتخابات شاملة.


الديار
منذ 3 أيام
- الديار
هل بدأت معركة رئاسة بلديّة طرابلس؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اسفرت الانتخابات البلدية في طرابلس عن فوز ١٢ عضوا من لائحة "رؤية طرابلس"، التي يرأسها الصيدلي الدكتور عبد الحميد كريمة، و١١ عضوا من لائحة "نسيج طرابلس"، التي يرأسها المهندس وائل أزمرلي، وعضو واحد من لائحة "حراس المدينة". كانت المعركة طاحنة بين اللائحتين، "رؤية طرابلس" المدعومة من النواب كرامي وريفي وناجي وكبارة ، و"نسيج طرابلس" المدعومة من النائب ايهاب مطر، وهي اللائحة التي فشلت في حياكة تحالف مع "حراس المدينة"، الذين عملوا على تشكيل لائحتهم بالتحالف مع "الجماعة الاسلامية"، الذين وزعوا اصواتهم بين هذه اللائحة ولائحة "نسيج طرابلس". بانتهاء المعركة الانتخابية، بدأت معركة رئاسة البلدية، فلمن تؤول هذه الرئاسة؟ هل يستطيع كريمة الحصول على الصوت الثالث عشر، باعتباره يحوز على ١٢ صوتا للفوز بالرئاسة؟ ام يتمكن أزمرلي من استمالة صوتين لاضافتهما الى الـ 11 صوتا من اعضاء لائحته؟ في الجلسة الاولى، يحتاج المرشح للرئاسة الى نيل اصوات نصف الاعضاء زائد واحد، وفي حال التعادل يفوز من ينال الاكثرية، وفي حال التعادل يفوز الاكبر سنا، وفي هذه الحالة تكون الرئاسة لأزمرلي. معركة رئاسة البلدية هي على صوت واحد، والعين على الفائز من لائحة "حراس المدينة" الوحيد ابراهيم العبيد، فالى من يمنح صوته؟ مصادر طرابلسية تشير الى ان للعبيد وجهة نظر ورؤية خاصة به، وان صوته سيمنحه لمن يتلاقى معه في الرؤية الواحدة الى مشروع انماء ونهوض طرابلس. وترى المصادر ان كريمة الحامل لمشروع ورؤية انمائية شاملة لطرابلس، هو في موقع الاقرب الى الفوز، نتيجة خبرته في العمل البلدي حيث كان عضوا بلديا لعدة سنوات، وتشير المصادر الى ان لائحته متماسكة ومتعاضدة ومتوافقة على مشروع انمائي، وجميع الاعضاء حاسمون في مساعي الفوز بالرئاسة لانجاز رؤيتهم وتطلعاتهم الانمائية، في وقت يخوض فيه أزمرلي معركة الفوز بالرئاسة، مرتكزا على ما انجزه من مشاريع ومبادرات في المدينة. وتضيف المصادر، ان ثمة لقاءات تعقد بين الاعضاء الفائزين لتجنب المعركة والتوافق على الرئيس ونائب الرئيس، وتوحيد الرؤية والجهود، منعا لتكرار نموذج المجلس البلدي السابق الذي اصيب بنكسات وانقسامات، انعكست على الاداء البلدي وانتاجية المجلس وعرقلة الكثير من المشاريع. ويأمل الاعضاء ان يلعب النواب دورا في توحيد الرؤية والجهود حرصا على مصلحة المدينة، وكي تنطلق الورشة الانمائية البلدية، دون عثرات او تعسر في مسيرة العمل البلدي. وترى مصادر انه من الضروري ترفّع الاعضاء عن الانقسامات بتغليب المصلحة العامة وتوحيد الرؤية، حيث يتوجب ان يكون هاجس الانماء هو الغالب لدى الجميع بعيدا عن الفردية، لا سيما وان الانقسامات في المجالس السابقة تركت آثارا سلبية على المدينة، وادت الى اهمال وحرمان على مختلف المستويات.