
خاص مدير "الإغاثة الطِّبِّيَّة": القطاع الصِّحِّيُّ يلفظ أنفاسه الأخيرة ونخسر مرضانا بصمت
غزة/ صفاء عاشور:
حذر مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة د.بسام زقوت، من أن المنظومة الصحية "تعيش انهيارًا حقيقيًا، وأي تأخير في التدخل يعني مزيدًا من الأرواح التي ستفقد بصمت".
ووصف زقوت هذا الوضع في حديثه مع صحيفة "فلسطين" أمس بأنه الأسوأ منذ سنوات، مؤكدًا أن استمرار العدوان وحرب الإبادة الإسرائيلية والحصار جعل من القطاع الصحي في غزة هيكلًا بلا روح، مبيناً أن المستشفيات العاملة تآكلت قدراتها.
وأوضح أنه من أصل 36 مستشفى، تدمرت 20 بالكامل، في حين أُعيد تشغيل 17 منها جزئيًا، لكن أربعة منها توقفت عن العمل مجددًا بفعل القصف المتكرر واستهداف الاحتلال الإسرائيلي له، ولم يتبقَ سوى 13 مستشفى قادرًا على تقديم خدمات محدودة، بعضها لا يمكن وصفه فعليًا بالمستشفى.
وأكد زقوت أن مراكز الرعاية الصحية الأولية تلقت ضربة قاسية، فقد دمّر الاحتلال 80 مركزًا من أصل 200 في غزة، و60 مركزًا منها لا تزال متوقفة لأسباب منها موقعها الخطِر، أو لانعدام الأدوية والمستلزمات، أو استهداف الطواقم الطبية.
تحديات كبيرة
ونبه أن واحدة من أخطر التحديات التي يواجهها القطاع الصحي اليوم هي نقص الكوادر الطبية المؤهلة، فمع استشهاد أكثر من 1500 من العاملين في القطاع الصحي، واعتقال آخرين، ونزوح بعضهم قسرا إلى الخارج، لم يتبقَ سوى عدد محدود من الأطباء المنهكين الذين يعملون في ظروف قاسية. وأردف: "إن تخصصات حيوية مثل جراحة الأعصاب، الأوعية الدموية، الأورام، وجراحة القلب تكاد تختفي بالكامل، الأمر الذي يترك المرضى دون أمل في العلاج بسبب نقص الأطباء المهرة أصحاب الخبرة".
وأضاف زقوت: "هناك طبيب واحد فقط في تخصص الأوعية الدموية، واثنان أو ثلاثة في جراحة الأعصاب، لا يمكننا تقديم العلاج لحالات تحتاج تدخلات دقيقة، ببساطة لأننا نفتقر إلى الأطباء والأجهزة".
ولفت إلى أن غياب الأجهزة التشخيصية زاد من تعقيد المشهد، فالأشعة، والتحاليل الخاصة بالهرمونات والإنزيمات، وحتى أجهزة الرنين المغناطيسي، كلها إمّا دُمّرت على يد جنود الاحتلال أو لم يسمح الأخير بإدخالها.
ارتفاع معدلات الوفاة
وذكر زقوت أنه مع تراجع خدمات التشخيص والعلاج، ارتفعت معدلات الوفاة بصورة غير مسبوقة وبنسبة 100% بين كبار السن، والنساء الحوامل، والأطفال، خصوصًا دون سن الخامسة"، موضحاً أن الأرقام الصحية تضاعفت بشكل كارثي، نتيجة التلوث البيئي وسوء التغذية، واعتماد النازحين على مياه ملوثة ووسائل طبخ بدائية وغيرها من أساليب الحياة الصعبة التي فرضتها الحرب على المواطنين.
وأفاد زقوت أن حرب الإبادة تركت آثاراً مدمرة على النساء الحوامل، مشيرًا إلى أن 53% منهن يعانين من فقر الدم، ما يُعد مؤشرًا خطيرًا لنقص العناصر الغذائية، كما رُصدت زيادة في حالات الولادة المبكرة، والإجهاض، ووفاة أكثر من 300 جنين بسبب سوء التغذية والرعاية، أما وفيات الأطفال حديثي الولادة فقد تضاعفت بنسبة 100% مقارنة بالفترات السابقة.
"من الناحية الوبائية، ورغم التخوفات الكبيرة من تفشي أمراض كالكوليرا والطاعون، إلا أن العدوى المنتشرة حتى الآن ترتبط بشكل أساسي بسوء النظافة الشخصية وتلوث المياه، سجلت المؤسسات الصحية انتشارًا واسعًا للكبد الوبائي من النوع (A)، إضافة إلى الجُدري والنكاف وبعض الفيروسات التنفسية، "كنا نسجل 500 إصابة بالكبد الوبائي سنويًا، الآن نستقبل هذا الرقم يوميًا"، قال زقوت.
أما عن عمل الجمعية خلال الحرب، أوضح أنهم مرّوا بتحديات هائلة أجبرتهم على التوقف أحيانًا، خصوصًا في بداية العدوان على مدينة غزة. "لم يكن هناك كهرباء أو مياه أو حتى كوادر تستطيع الوصول إلى مواقع عملها"، يتابع، "لكننا عدنا بعد شهرين، وافتتحنا مراكز جديدة حسب وجود السكان، ونشّطنا 40 نقطة طبية في مختلف أنحاء القطاع".
واستدرك زقوت أنه رغم الجهود المبذولة إلا أن المنظومة الصحية على وشك الانهيار التام"، فنسبة العجز وصلت إلى 70% الأدوية والمستهلكات وقد تصل إلى 90% خلال الفترة المقبلة"، محذراً من أن المستشفيين الوحيدين اللذان لا يزالا يعملان هما مستشفى "ناصر" و"شهداء الأقصى"، "وهما آخر القلاع الصامدة"، كما يقول.
في ختام حديثه، وجّه زقوت صرخة للعالم، قال فيه: "نحن لا نطلب المستحيل، نريد فقط حماية أبسط حقوق الإنسان، الحق في الحياة والعلاج، فاستمرار الحرب هو الخطيئة الكبرى التي يتواطأ فيها العالم، وصمت المجتمع الدولي هو بمثابة شراكة في الجريمة".
وترتكب (إسرائيل) بدعم أميركي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 176 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود
المصدر / فلسطين أون لاين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 4 ساعات
- فلسطين أون لاين
تقرير بين الرُّكام والدُّموع... غزَّة تؤدِّي فريضة الصَّبر بدلاً من الحجِّ
غزة/ محمد عيد: للعام الثاني على التوالي، تحرم حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة آلاف الحجاج من أداء فريضة الحج، بعد أن أحكم جيش الاحتلال سيطرته العسكرية على جميع المنافذ والمعابر، وسط أزمات إنسانية وكارثية غير مسبوقة في العصر الحديث. وعلى الرغم من تعذّر السفر وأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، وخنق الحرب لأمنيات رافقت أصحابها لسنوات طويلة، فإن رسائل الغزيين إلى الحجاج في مكة المكرمة، من جميع أنحاء العالم، تحمل رجاءً واحدًا: ألا تغيب غزة عن دعائكم أمام "البيت العتيق"، عسى أن تُوقف هذه الحرب الهمجية. وأمام شاشة تلفاز تعمل على ألواح الطاقة الشمسية، بعد انقطاع الكهرباء منذ بدء الحرب المستمرة للشهر التاسع عشر، يجلس الحاج صبحي الجعيدي (62 عامًا) يتابع مراسم سفر ووداع الحجاج الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، ومن جميع أنحاء العالم. لم يتوقف الجعيدي وزوجته عن متابعة تلك المشاهد الإيمانية، تغمرهما الحسرة لغيابهما عن أداء الفريضة التي طالما انتظراها بعد عقود من العمل والمشقة. يقول لصحيفة "فلسطين": "كانت أمنية مشتركة مع زوجتي... أن نؤدي الحج بعد التقاعد"، لافتًا إلى أنهما انتظرا خروجهما في قرعة وزارة الأوقاف بعد سبع سنوات من التسجيل. وكان من المفترض أن يسافرا موسم 2024، لكن جيش الاحتلال احتل محافظة رفح ومعبرها الحدودي مع مصر، قبيل الموعد. يضيف: "حينها شعرنا بالهم والحزن، خصوصًا بعد استشهاد زوج ابنتي، وكنا نأمل بأداء الفريضة العام القادم (2025)". فقد الجعيدي جزءًا من منزله بصاروخ إسرائيلي، كما خسر مبلغًا كبيرًا من مخصصات السفر نتيجة النزوح والغلاء الفاحش. وتساءل بحرقة: "ألا تكفي مشاهد الموت في غزة لوقف هذه الحرب؟ لماذا يصمت العرب والمسلمون عن هذه الإبادة؟"، آملاً أن يخصّه الحجاج بدعواتهم، وأن يُطفئ الله هذه النار المستعرة. ذات الحسرة والمشاعر المشاعر ذاتها تسكن قلب الحاجة عطاف العصار (60 عامًا)، التي حلمت طوال العقد الأخير بأداء الحج برفقة زوجها، بعد 10 سنوات من التسجيل. لكن الحرب حرمتها منه، بعد وفاته نتيجة نقص الرعاية الطبية في مستشفيات غزة، فباتت أمنيتها أداء الفريضة وحدها والدعاء له بالرحمة. تقول لـ"فلسطين": "القتل والحصار والتجويع هي المشاهد اليومية في غزة، ولا أفق لأي حلول توقف هذه الحرب الهمجية". وتتابع: "قضينا أعمارنا نحلم بهذه الرحلة الإيمانية... ولم يتبقّ في قلوبنا سوى أمل واحد: أن تتوقف هذه المحرقة الإسرائيلية". ورغم آلامها، لا تزال تأمل أن تكون هناك "دعوة صادقة أمام الكعبة" تغيّر الواقع، ويتحقق حلم حجاج غزة العام القادم. في المقابل، يختزن الحاج صهيب درويش (58 عامًا) جراحه بعدما فقد منزله واثنين من أبنائه في قصف استهدف منزل العائلة العام الماضي. ينتظر دوره في الحج منذ 9 سنوات، لكنه فقد كل مدخراته. ومع ذلك، لا يقطع الأمل بأن يكون العام المقبل واقفًا على جبل عرفة. موسمان ضائعان رئيس جمعية الحج والعمرة في غزة، محمد الأسطل، يقول إن القطاع خسر موسمي حج (بواقع 2500 حاج لكل موسم) نتيجة حرب الإبادة التي تخللتها المجازر، والدمار، والإغلاق الكامل للمعابر. ويوضح الأسطل لـ"فلسطين" أن نحو 200 حاج من غزة استشهدوا أو توفوا العام الماضي، قبل تمكنهم من أداء الفريضة. وأشار إلى أن إغلاق معبر رفح -المنفذ الوحيد لغزة إلى العالم- يعيق تحركات وسفر السكان. ولتفادي ضياع الحصة المخصصة لغزة، سمحت وزارة الأوقاف للنازحين إلى مصر أو العالقين هناك بالتسجيل لأداء الحج، وهو ما نُفّذ في الموسمين الماضي والحالي، إضافة إلى استكمال العدد عبر زيادة حجاج الضفة. وأعرب الأسطل عن أمله بوقف الحرب، وتثبيت حصة غزة، بل وزيادتها في الموسم القادم، إن شاء الله. المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 7 ساعات
- فلسطين أون لاين
"أعيادي خلصت"... الطِّفل "أمين" يواجه الحرب على كرسيّ متحرِّك
غزة/ نبيل سنونو: من داخل أسوار الحزن، يرفض الطفل أمين عطا الله شراء ملابس لعيد الأضحى المرتقب. ينظر إلى الأرض طويلا ويهمس: "ليش أشتري؟ أعيادي خلصت.. أبويا وأخويا راحوا". في 10 يناير/ كانون الثاني الماضي، كان أمين، ابن العشر سنوات، يلهو مع أخيه بحضور والده في ساحة صغيرة قرب منزلهم في مخيم البريج وسط قطاع غزة. كانوا يلونون بالطين، ويضحكون، ويركضون. لحظة واحدة فقط، قلبت المشهد إلى مجزرة. "فجأة صار استهداف إسرائيلي، واستشهد زوجي عطا الله عطا الله وابني عصام، وأمين أصيب"، تقول بدرية عطا الله، الأم التي لا تزال تحاول لملمة ما تبقى من حياتها بعد أن فقدت زوجها وابنها الأكبر، ونجا ابنها الآخر بجسد جريح وأعصاب ممزقة. إصابة مركبة.. وطفولة محطمة أمين اليوم على كرسي متحرك. لا يستخدم يده اليسرى ولا قدمه اليسرى. "عنده تهتك في شبكة الأوتار والأعصاب بإيده، وعجز 70% فيها، وبيزيد المشكلة إنه الولد شمالي"، تشرح الأم لصحيفة "فلسطين"، بصوت متماسك تخنقه العبرة، وقد باتت تقيم اليوم مع طفلها في مدينة غزة، عند أهلها بعد أن أفقدها القصف أغلى من تحب في البريج. تضيف الأم أن قدم أمين اليسرى كذلك تعاني تمزقًا شديدًا: "كان في شريانين مفتوحين ونزيف، وأخذوا رقعة من رجله اليمنى ووصلوا الشرايين، كمان الوتر الرئيس مقطوع، وسبب عنده سقوط في القدم، وبسبب عدم الحركة حدث قصر في بقية الأعصاب". في خضم حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حتى أبسط الأدوات الطبية لم تكن متاحة. لم يكن توفير جهاز طبي لساق أمين أمرا سهلا. كانت قدمه اليسرى تميل بشدة نحو الداخل أسفل الكاحل، بسبب إصابته. بحثت والدته طويلا عن جهاز يثبت القدم ويعيد مشطها إلى وضعه الطبيعي، لكنه لم يكن متاحا. "لقيت جهاز مش للرجل الشمال، كمان للرجل اليمين، ومفش عليه السويتشات"، تقول "بدرية"، في إشارة إلى غياب الأشرطة أو المفاصل المساندة. لم يكن أمامها خيار سوى شراء القطع الناقصة، وخياطة الجهاز بيديها، ليصبح قابلا للاستخدام ولو جزئيا. وهذا الجهاز يشبه الجبيرة البلاستيكية، يُلبس من أسفل الساق لتثبيت القدم وتعديل وضعها. ولكن كل هذه الحلول مؤقتة وهشة أمام واقع طبي منهار بسبب استهدافه الممنهج خلال الحرب: "لو الخدمة الطبية متوفرة في غزة، كانوا أجروا له العمليات هنا، زرعوا له شبكة لليد ووتر لرجله، لكن مفش". أمين يحتاج السفر فورا للعلاج. "لازم يزرع شبكة كاملة للأوتار والأعصاب في إيده، ويزرع وتر ويعالج قصور الأوتار برجله، إذا أجرى هذه العمليات رح يرجع يمشي أحسن من أول"، تحكي الأم. تتذكر لحظة أمل ضائعة: "قالي طبيب مصري في مستشفى غزة الأوروبي وقت إصابته لازم خلال شهر يعمل العملية، بس مر الوقت، وتضررت باقي أوتار رجله". لكن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الحدودي مع مصر منذ مايو/أيار، جعل سفره للعلاج حلما. ولطالما عرف عن أمين عشقه كرة القدم، "كنا مسجلينه في نادي، واسمه كان مرشح يسافر على مصر هو وأخوه بالصيف"، تواصل "بدرية" حديثها. "كان دايما يفوز في مباريات النادي.. ونفسه يصير دكتور ولاعب كرة مشهور". اليوم، صار الكلام ثقيلا عليه: "بيحكيلي ياريتني استشهدت معاهم.. ليش أضل أتعذب؟". كلمات تصيب الأم بالعجز: "مش عارفة أرد عليه..". عيد بلا فرح قبيل عيد الأضحى الذي يحل الجمعة، لا يريد أمين أن يشتري ملابس جديدة. يقول لأمه بأسى: "أعيادي خلصت.. لايش هدا العيد؟"، فترد: "ربنا شرعه عشان نفرح.."، لكنه يجيب: "كيف أفرح، أبويا وأخويا راحوا، راحوا". تلك اللحظة التي رأى فيها أباه وأخاه أشلاء أمام عينيه، لا تغيب عنه: "الصورة مش راضية تروح من باله". حتى مشاهد الحرب الأخرى لم تترك فيه الأثر ذاته: "شفنا شاب انقطع نصين من قذيفة، بس أمين ما خاف وقتها زي ما خاف لما شاف أبوه وأخوه". والآن، "عنده هاجس كبير.. خايف ينشل"، وهو ما يعبر عنه لأمه. يعيش أمين في خوف دائم من أن يتدهور وضعه، من أن لا يفتح المعبر، وأن يظل حبيس الكرسي المتحرك. بصوت خافت وموجوع، يوجه أمين رسالة إلى العالم: "بدي أسافر.. أتعالج.. بدي أتغلب على إصابتي وأرجع ألعب كورة.. افتحوا المعبر، بدي الحرب تخلص.. بخاف يصير معي شلل وأضل قاعد طول عمري..". المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 6 أيام
- فلسطين أون لاين
خاص مسؤول في "الصَّيدلة" لـ "فلسطين": تدهور غير مسبوق في الوضع الدَّوائيِّ بغزَّة (بالصور)
غزة/ جمال غيث: حذر نائب المدير العام للصيدلة بوزارة الصحة في غزة د. زكري أبو قمر، من تدهور غير مسبوق في الوضع الدوائي بالقطاع، نتيجة استمرار الاحتلال في إغلاق المعابر منذ ثلاثة أشهر، ومنعه إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية. وقال أبو قمر لصحيفة "فلسطين" أمس: "منذ خرق (الاحتلال) اتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس 2025، لم تدخل أي كميات من الأدوية، سواء عبر وزارة الصحة أو المؤسسات الدولية أو حتى القطاع الخاص"، ما تسبب في تفاقم الأزمة الصحية وارتفاع معدلات النقص الدوائي الحاد. وأشار إلى أن العجز في الأدوية والمستهلكات الطبية خلال فترة حرب الإبادة الجماعية المستمرة على القطاع، أثر تأثيرًا مباشرًا في تقديم الخدمات العلاجية، مبينًا أن القطاع الصحي يرزح تحت ضغط هائل، مع تزايد عدد الجرحى والمرضى، وانعدام الموارد اللازمة لعلاجهم. خدمات طبية تتوقف وفقًا لآخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في الشهر الماضي، بلغت نسبة الأدوية التي نفد رصيدها تمامًا 43% من القائمة الأساسية المستخدمة في المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية، في حين وصلت نسبة العجز في المستهلكات الطبية إلى 64%، وهي أرقام وصفها أبو قمر بـ"الكبيرة جدًا"، مشيرًا إلى أن العديد من الخدمات الطبية أصبحت على وشك التوقف. وأوضح أن خدمة القسطرة القلبية وجراحة القلب المفتوح قد توقفت فعليًا بسبب نفاد أصنافها العلاجية، ما يهدد حياة المرضى بشكل مباشر، كما تعتبر جراحة العظام التخصصية من أكثر الأقسام تضررًا، حيث نفدت 87% من الأدوية المرتبطة بها، مما يعرض حياة المرضى الذين يحتاجون لتثبيت الكسور بعد العمليات الطارئة لمضاعفات خطيرة نتيجة تأجيل العمليات. وفيما يخص الرعاية الأولية، كشف أبو قمر، عن فقدان ما نسبته 48% من أدوية الأمراض المزمنة، ما اضطر الطواقم الطبية لتحويل المرضى إلى بدائل علاجية أقل فعالية، محذرًا من مضاعفات صحية قد تصيب المرضى بسبب هذه البدائل غير الكافية. كما تطرّق إلى حالة مرضى الأورام وأمراض الدم، مشيرًا إلى أن أكثر من 60% من أدويتهم قد نفدت، ونظرًا لاعتماد هؤلاء المرضى على بروتوكولات علاجية مركبة، فإن غياب صنف واحد على الأقل من البروتوكول يضعف فعاليته، والأسوأ، أن هذه البروتوكولات توقفت تمامًا، في حين لا تتوفر حتى المسكنات الأساسية لتخفيف الألم عن المرضى. مخازن فارغة وتحدث أبو قمر، عن أن جزءًا من مستودعات وزارة الصحة، بما فيها الموجودة في المستشفيات، تعرض للاستهداف المباشر من قبل جيش الاحتلال، ما أدى إلى خسارة كميات إضافية من المخزون الدوائي المحدود أصلًا. وأضاف: "نحن في تواصل دائم مع المؤسسات الدولية لتوفير الأصناف الدوائية من مخازنهم، لكن المخازن نفسها أصبحت شبه خالية بسبب منع الاحتلال إدخال أي مساعدات طبية". وأوضح أن الوزارة تزوّد تلك المؤسسات باحتياجاتها من الأدوية والمستلزمات الطبية وقطع الغيار بشكل دوري، إلا أن إغلاق الاحتلال المعابر حال دون قدرتها على تلبيتها. ولفت إلى أن هناك وعودًا من بعض الجهات المختصة بإدخال أدوية في حال موافقة سلطات الاحتلال، لكن معظم هذه الوعود لا تزال معلقة، فيما يزداد العجز الدوائي بشكل يومي. وأضاف: "الأدوية الموجودة على معابر القطاع الآن تمثل احتياجاتنا منذ ثلاثة أشهر، ومنذ ذلك الوقت دخلت أصناف جديدة في دائرة العجز الطارئ". وأكد نائب المدير العام للصيدلة، أن الاحتياج الشهري من الأدوية والمستهلكات الطبية في مستشفيات ومراكز الرعاية في قطاع غزة، يتجاوز 4 ملايين دولار، ما يعكس ضخامة الأزمة التي يعيشها القطاع الصحي في ظل استمرار الحصار وتجاهل المجتمع الدولي لمخاطره الإنسانية. وترتكب (إسرائيل) بدعم أميركي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 176 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.. المصدر / فلسطين أون لاين