logo
"أعيادي خلصت"... الطِّفل "أمين" يواجه الحرب على كرسيّ متحرِّك

"أعيادي خلصت"... الطِّفل "أمين" يواجه الحرب على كرسيّ متحرِّك

غزة/ نبيل سنونو:
من داخل أسوار الحزن، يرفض الطفل أمين عطا الله شراء ملابس لعيد الأضحى المرتقب. ينظر إلى الأرض طويلا ويهمس: "ليش أشتري؟ أعيادي خلصت.. أبويا وأخويا راحوا".
في 10 يناير/ كانون الثاني الماضي، كان أمين، ابن العشر سنوات، يلهو مع أخيه بحضور والده في ساحة صغيرة قرب منزلهم في مخيم البريج وسط قطاع غزة. كانوا يلونون بالطين، ويضحكون، ويركضون. لحظة واحدة فقط، قلبت المشهد إلى مجزرة.
"فجأة صار استهداف إسرائيلي، واستشهد زوجي عطا الله عطا الله وابني عصام، وأمين أصيب"، تقول بدرية عطا الله، الأم التي لا تزال تحاول لملمة ما تبقى من حياتها بعد أن فقدت زوجها وابنها الأكبر، ونجا ابنها الآخر بجسد جريح وأعصاب ممزقة.
إصابة مركبة.. وطفولة محطمة
أمين اليوم على كرسي متحرك. لا يستخدم يده اليسرى ولا قدمه اليسرى. "عنده تهتك في شبكة الأوتار والأعصاب بإيده، وعجز 70% فيها، وبيزيد المشكلة إنه الولد شمالي"، تشرح الأم لصحيفة "فلسطين"، بصوت متماسك تخنقه العبرة، وقد باتت تقيم اليوم مع طفلها في مدينة غزة، عند أهلها بعد أن أفقدها القصف أغلى من تحب في البريج.
تضيف الأم أن قدم أمين اليسرى كذلك تعاني تمزقًا شديدًا: "كان في شريانين مفتوحين ونزيف، وأخذوا رقعة من رجله اليمنى ووصلوا الشرايين، كمان الوتر الرئيس مقطوع، وسبب عنده سقوط في القدم، وبسبب عدم الحركة حدث قصر في بقية الأعصاب".
في خضم حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حتى أبسط الأدوات الطبية لم تكن متاحة.
لم يكن توفير جهاز طبي لساق أمين أمرا سهلا. كانت قدمه اليسرى تميل بشدة نحو الداخل أسفل الكاحل، بسبب إصابته. بحثت والدته طويلا عن جهاز يثبت القدم ويعيد مشطها إلى وضعه الطبيعي، لكنه لم يكن متاحا.
"لقيت جهاز مش للرجل الشمال، كمان للرجل اليمين، ومفش عليه السويتشات"، تقول "بدرية"، في إشارة إلى غياب الأشرطة أو المفاصل المساندة.
لم يكن أمامها خيار سوى شراء القطع الناقصة، وخياطة الجهاز بيديها، ليصبح قابلا للاستخدام ولو جزئيا.
وهذا الجهاز يشبه الجبيرة البلاستيكية، يُلبس من أسفل الساق لتثبيت القدم وتعديل وضعها.
ولكن كل هذه الحلول مؤقتة وهشة أمام واقع طبي منهار بسبب استهدافه الممنهج خلال الحرب: "لو الخدمة الطبية متوفرة في غزة، كانوا أجروا له العمليات هنا، زرعوا له شبكة لليد ووتر لرجله، لكن مفش".
أمين يحتاج السفر فورا للعلاج. "لازم يزرع شبكة كاملة للأوتار والأعصاب في إيده، ويزرع وتر ويعالج قصور الأوتار برجله، إذا أجرى هذه العمليات رح يرجع يمشي أحسن من أول"، تحكي الأم.
تتذكر لحظة أمل ضائعة: "قالي طبيب مصري في مستشفى غزة الأوروبي وقت إصابته لازم خلال شهر يعمل العملية، بس مر الوقت، وتضررت باقي أوتار رجله".
لكن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الحدودي مع مصر منذ مايو/أيار، جعل سفره للعلاج حلما.
ولطالما عرف عن أمين عشقه كرة القدم، "كنا مسجلينه في نادي، واسمه كان مرشح يسافر على مصر هو وأخوه بالصيف"، تواصل "بدرية" حديثها. "كان دايما يفوز في مباريات النادي.. ونفسه يصير دكتور ولاعب كرة مشهور".
اليوم، صار الكلام ثقيلا عليه: "بيحكيلي ياريتني استشهدت معاهم.. ليش أضل أتعذب؟". كلمات تصيب الأم بالعجز: "مش عارفة أرد عليه..".
عيد بلا فرح
قبيل عيد الأضحى الذي يحل الجمعة، لا يريد أمين أن يشتري ملابس جديدة. يقول لأمه بأسى: "أعيادي خلصت.. لايش هدا العيد؟"، فترد: "ربنا شرعه عشان نفرح.."، لكنه يجيب: "كيف أفرح، أبويا وأخويا راحوا، راحوا".
تلك اللحظة التي رأى فيها أباه وأخاه أشلاء أمام عينيه، لا تغيب عنه: "الصورة مش راضية تروح من باله". حتى مشاهد الحرب الأخرى لم تترك فيه الأثر ذاته: "شفنا شاب انقطع نصين من قذيفة، بس أمين ما خاف وقتها زي ما خاف لما شاف أبوه وأخوه".
والآن، "عنده هاجس كبير.. خايف ينشل"، وهو ما يعبر عنه لأمه. يعيش أمين في خوف دائم من أن يتدهور وضعه، من أن لا يفتح المعبر، وأن يظل حبيس الكرسي المتحرك.
بصوت خافت وموجوع، يوجه أمين رسالة إلى العالم:
"بدي أسافر.. أتعالج.. بدي أتغلب على إصابتي وأرجع ألعب كورة.. افتحوا المعبر، بدي الحرب تخلص.. بخاف يصير معي شلل وأضل قاعد طول عمري..".
المصدر / فلسطين أون لاين

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"فلسطين اليوم" تنعى شهيديها الصحفيين سليمان حجاج وإسماعيل بدح
"فلسطين اليوم" تنعى شهيديها الصحفيين سليمان حجاج وإسماعيل بدح

فلسطين اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • فلسطين اليوم

"فلسطين اليوم" تنعى شهيديها الصحفيين سليمان حجاج وإسماعيل بدح

فلسطين اليوم نعت قناة فلسطين اليوم الفضائية شهيديها المراسل سليمان حجاج والمصور اسماعيل بدح، والذين ارتقيا صباح اليوم الخميس في غارة إسرائيلية استهدفتهما بشكل مباشر في ساحة المستشفى الأهلي العربي "المعمداني" في مدينة غزة. وفي بيان لها، قالت القناة: "بتسليم بقضاء الله وقدره تنعى فضائية فلسطين اليوم أثنين من خيرة صحفييها سليمان حجاج مراسل ومحرر الإعلام الرقمي في القناة واسماعيل بدح المصور النشط المتفاني، اللذين ارتقيا في استهداف مباشر بطائرة مسيرة إسرائيلية للصحافيين أثناء تأدية عملهم في ساحة مستشفى المعمداني بغزة، والذي أدى أيضا إلى إصابة مراسل القناة الزميل عماد دلول إصابة خطيرة واستشهاد الصحافي في وكالة شمس نيوز سمير رفاعي وإصابة مراسل ومصور قناة العربي إسلام بدر وأحمد قلجة. وتابعت القناة، "يأبى الاحتلالى الإسرائيلي إلا ان يستمر في حرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة مستهدفا كل مناحي الحياة من حجر وبشر ، وجديده اليوم مجزرة بحق الصحافيين كما دأبه منذ بداية عدوانه على القطاع بلا وازع أو رادع، في محاولة منه لحجب الرؤية ومنع نقل الصورة عن جرائمه وارتكاباته". وأشارت فلسطين اليوم في بيانها إلى أن هذه الجريمة تعد جريمة حرب مزدوجة موصوفة أولاً لاستهدافها صحافيين بشكل مباشر في مخالفة لاتفاقية جنيف وكل المواثيق الدولية وثانيا لاستهدافها مستشفى مدنياً يفترض أنه محمي بموجب القانون الدولي . وأضافت، إن "الاحتلال الإسرائيلي ما كان ليستمر في عدوانه وجرائمه لولا عجز وصمت، وأحيانا تواطؤ المنظومات العربية والدولية، التي توفر غطاء لمجرمي الحرب الإسرائيليين للمضي في حرب الإبادة التي يشنها كيان الاحتلال على قطاع غزة ،وآخر فصول هذا التواطؤ لجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى استخدام امتياز الفيتو ضد مشروع قرار أمام مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار في غزة رغم تصويت أربع عشرة دولة لصالح هذا المشروع ، ما يجعلها شريكا فعليا في هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال". كما لفتت إلى أن "بيانات الشجب والاستنكار ما عادت تجدي نفعا إزاء حرب الابادة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة ولا تقدم الحماية للصحافيين الذين يعملون في أصعب وأخطر ظروف من دون أي حماية ما يضع كل الأطر المعنية بالدفاع عنهم أمام مسؤولياتها للقيام بالدور المنوط بها". وأكدت فضائية فلسطين اليوم أن هذا الاستهداف لصحافييها ، وهو ليس الأول من نوعه، لن يثنيها عن الاستمرار في تأدية رسالتها وواجبها في نشر الكلمة والصورة لفضح جرائم الاحتلال رغم كل التضحيات . وختمت البيان بالقول: إن "فضائية فلسطين اليوم ،إدارةً وموظفين ،إذ تعبّر عن بالغ حزنها وألمها بهذا المصاب الجلل ، فإنها تتقدم من ذوي شهيديها سليمان حجاج واسماعيل بدح والشهيد الزميل سمير الرفاعي بأحر التعازي سائلين الله أن يتغمدهم برحمته وان يلهم ذويهم الصبر والسلوان ، وتتمنى للزميل عماد دلول وسائر الزملاء الجرحى الشفاء العاجل".

تقرير "رجعت بالكفن"... شهادة طفل فقد أمَّه في مذبحة المساعدات المشبوهة برفح
تقرير "رجعت بالكفن"... شهادة طفل فقد أمَّه في مذبحة المساعدات المشبوهة برفح

فلسطين أون لاين

timeمنذ ساعة واحدة

  • فلسطين أون لاين

تقرير "رجعت بالكفن"... شهادة طفل فقد أمَّه في مذبحة المساعدات المشبوهة برفح

غزة/ نبيل سنونو: في عتمة الليل، كانت تمشي بثقل الجوع، تقود اثنين من أبنائها نحو منطقة العلم غرب رفح، وكل ما تفكر به: "والله يما لاجبلكوا كيلو طحين". أمسكت الأم بيدي ابنيها وهمست: "طملوا روسكم"، بينما كان جنود الاحتلال يمارسون هوايتهم في إطلاق النار المباشر عشوائيا تجاه الجوعى. فجأة، صرخت ابنتها: "يما". سقط جسد الأم، رصاصة استقرت في جبينها. هذا المشهد، لن ينساه الطفل أحمد زيدان الذي كان مع أخته وأمه يحاولون يوم الثلاثاء تحت وطأة المجاعة وحرب الإبادة الجماعية في غزة، الحصول على طرد غذائي مما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" التي أنشأتها سلطات الاحتلال بدعم أمريكي لأغراض عسكرية وأمنية تحت ستار إنساني، كما تؤكد المنظمات الدولية المعنية. في ذلك اليوم، ارتكبت قوات الاحتلال، مجزرة جديدة قرب مركز "المساعدات الأمريكي – الإسرائيلي" في محافظة رفح، أسفرت عن استشهاد 27 مدنيا مُجوّعا، وإصابة أكثر من 90 آخرين بجراح متفاوتة، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي. وارتفعت حصيلة الضحايا المُجوَّعين إلى 102 شهيدا و490 مصابا خلال ثمانية أيام فقط. وبذلك، يحول الاحتلال مراكز توزيع "المساعدات الأمريكية - الإسرائيلية" إلى مصائد موت جماعي وأفخاخ دموية. ووجد الطفل أحمد نفسه ضحية للجوع وتهديد الحياة، على مدار حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومنذ الثاني من مارس/آذار الماضي، تمنع قوات الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية لغزة. "بقول للشباب ميروحوش" "أنا وأختي ضلينا فوقها.. لو قمنا بنموت.. بيطخوا علينا مباشر.. ضلينا هيك لحد ما طلع النهار"، بدموع وقلب مكسور، يصف أحمد، المكلوم باستشهاد أمه، هذه الفاجعة، بينما لا تزال مصائب حرب الإبادة، تعصف به وبإخوته. على مدار ستة أيام، كان أحمد يخرج مع والدته وأخته كل مساء من السابعة حتى الفجر، إلى منطقة العلم، على أمل الحصول على ما تُسمى "كوبونة" مساعدات. "كل يوم بنمشي ٢ كيلو.. وبنضل نركض وهم بيطخطخوا علينا مباشر.. مش في السما.. مباشر"، يتابع شهادته في في مقاطع فيديو انتشرت كالنار في الهشيم بمواقع التواصل. يصف مشهدا يوميا يتكرر: "بيوقفونا (الاحتلال) على جنب الحيط.. بـ(السلاح) الجوي والكواد كابتر والزنانات والقناصات.. الإصابات والشهداء بالمئات.. مدنيين، مش عساكر". "الاحتلال والأمريكان بيكذبوا.. بيقولوا عليكم الأمان تاخدوا الكوبونة.. بس ما بناخدها.. بيذلوا فينا وبيقتلونا.. من المغرب للفجر وهم بيرموا علينا قنابل صوت وغاز وبيطخوا علينا كل دقيقة". قبل استشهادها، كانت الأم تهمس بحبها المعتاد: "والله يما لاجبلكوا كيلو طحين".. لكنها لم تصل. "الرصاصة إجت في جبينها.. أختي صرخت.. وضلينا فوقها.. لو تحركنا كنا استشهدنا، وأخيرا شردنا بالذل والمعاناة"، يواصل حديثه. بقي الطفل وأخته بجوار جثمان والدتهما لفترة، عجزت خلالها حتى اللجنة الدولية للصليب الأحمر من انتشال جثمانها تحت النار الكثيف. "إحنا مدنيين، مش عساكر.. حاملين شنط شخصية مش سلاح"، يدحض بذلك مزاعم جيش الاحتلال. ويؤكد أنه لو حصل على حقه في الغذاء، لما أجبره الجوع على سلك هذه الطريقة الخطرة للحصول على طرد غذائي مغمس بالدم. أحمد فقد أخاه أيضا في هذه الحرب: "أنا عندي ٨ إخوة.. واحد فيهم استشهد". أما إخوته الأصغر، فما زالوا يرفضون تصديق استشهاد والدتهم: "بنقولهم هيها.. بيقولوا لا مش ماما.. ماما رايحة تجيب طحين". يلخص أحمد سنة ونصف من الحرب والجوع بكلمات موجعة: "٣ شهور المعبر مسكر.. ما دقنا حبة خبز أو طحين.. ولما أمي قالت بدي أجبلكم كيس طحين.. رجعت بالكفن الأبيض". ويتابع: "غزة ماتت من الجوع.. نفسي يوم آكل لقمة منيحة.. لقمتنا مغمسة بدم أمي". ويختم بنداء: "بقول للشباب ميروحوش.. ملعونة هاي الكوبونة.. يا بتيجي باحترام يا بلاش... أمي راحت.. وقبلها أخويا.. ومش ضامنين أرواحنا"، مردفا بأسى: "بدنا نعيش بكرامة.. بدون إهانة.. لأننا بنشوف الذل والموت مية مرة كل يوم". بجوار جثمانه أمه، صرخ أحمد كثيرا، لكن الأمل في داخله انطفأ. ومع استمرار "مسرحية المساعدات" الإسرائيلية - الأمريكية بعيدا عن مؤسسات الأمم المتحدة، يبقى المجوعون، عرضة للقتل بالنيران والجوع في آن واحد. المصدر / فلسطين أون لاين

الحجاج يتوافدون إلى عرفات لأداء ركن الحج الأعظم
الحجاج يتوافدون إلى عرفات لأداء ركن الحج الأعظم

معا الاخبارية

timeمنذ 9 ساعات

  • معا الاخبارية

الحجاج يتوافدون إلى عرفات لأداء ركن الحج الأعظم

بيت لحم- معا- يواصل حجاج بيت الله الحرام التوافد إلى مشعر عرفات، للوقوف اليوم الخميس، على صعيده الطاهر، وأداء ركن الحج الأعظم. وأعلنت المملكة العربية السعودية أن أكثر من 1.5 مليون حاج من خارج البلاد وصلوا إلى المملكة لأداء فريضة الحج هذا العام. ويمكث ضيوف الرحمن بعرفة من زوال الشمس حتى غروبها ثم يتوجهون إلى مزدلفة. ويصلي الحجاج صلاتي الظهر والعصر قصرا وجمعا بعد الاستماع إلى خطبة يوم عرفة وفق السنة النبوية الشريفة. وأعلنت السلطات السعودية تجنيد أكثر من 250 ألف موظف، وتنسيقا بين أكثر من 40 جهة حكومية، لمواجهة موجات الحرّ المحتملة، وفق ما أفاد به وزير الحج توفيق الربيعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store