
النمسا.. قانون يسمح بمراقبة المحادثات عبر خدمات التراسل المشفرة
وافقت الحكومة النمساوية على خطة تُمكّن الشرطة من مراقبة الرسائل المؤمنة للمشتبه بهم لإحباط هجمات المتشددين، منهيةً ما وصفه مسؤولو الأمن بأنه غفلة نادرة وخطيرة لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي.
تفتقر النمسا إلى إطار قانوني لمراقبة خدمات الرسائل مثل واتساب، لذلك جهاز الاستخبارات المحلي الرئيسي والشرطة يعتمدان على حلفاء يتمتعون بصلاحيات أوسع بكثير، مثل بريطانيا والولايات المتحدة، لتنبيههم إلى أي محادثات حول هجمات مُخطط لها أو تجسس.
وأدى هذا النوع من البلاغات إلى كشف الشرطة لما وصفته بهجوم مُخطط له على حفل لتايلور سويفت في فيينا، مما أدى إلى إلغاء جميع حفلاتها الثلاثة المُخطط لها هناك في أغسطس من العام الماضي.
وقال يورج ليشتفريد، الوزير المُكلف بالإشراف على مديرية أمن الدولة والاستخبارات (DSN)، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في مؤتمر صحافي: "الهدف هو جعل الأشخاص الذين يُخططون لهجمات إرهابية في النمسا يشعرون بأمان أقل، وزيادة شعور الجميع بالأمن".
وأضاف: "لهذا السبب، يُعدّ قرار مجلس الوزراء إنجازاً هاماً في مكافحة الإرهاب والتجسس في النمسا".
المراقبة الجماعية
بموجب النظام الجديد، يجب أن توافق لجنة من ثلاثة قضاة على مراقبة رسائل الأشخاص، وأن تُطبّق على عدد محدود من الحالات فقط، وقال وزير الداخلية جيرهارد كارنر في المؤتمر الصحافي بأنه من المتوقع أن يُطبّق النظام على 25-30 شخصاً سنوياً فقط.
وأوضحت الحكومة أنه في حال تجاوز العدد 30 شخصاً، فيجب إرسال تقرير إلى لجنة برلمانية، لمعالجة المخاوف بشأن المراقبة الجماعية وانتهاك خصوصية الأفراد.
وذكر بيان حكومي أنه "يجب أن يكون لدى الشرطة شكّ قويّ في احتمال وقوع هجوم إرهابي"، لمراقبة رسائل الأشخاص بموجب النظام الجديد.
وأضافت الحكومة أنه بمجرد إقرار البرلمان لهذا التشريع، سيتم طرح مناقصة لتكنولوجيا المراقبة، وسيبدأ الرصد في عام 2027.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
«ورقة عمل» شاملة أعدتها باريس لاجتماع جنيف حول نووي إيران
استبق الرئيس الفرنسي انطلاق اجتماع جنيف الذي التأم بعد ظهر الجمعة ويضم، من جهة، وزراء خارجية فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي (جان نويل بارو، وديفيد لامي، ويوهان وادفول وكايا كالاس)، ومن جهة أخرى وزير خارجية إيران عباس عراقجي؛ في محاولة لاحتواء الحرب الدائرة منذ أسبوع بين إيران وإسرائيل ومنع تصعيدها، والاستفادة من «مهلة الأسبوعين» التي أقرّها الرئيس الأميركي دونالد ترمب تاركاً للدبلوماسية الأوروبية الفرصة للتحرك قبل أن يقرر ما إذا كانت بلاده ستشارك في الحرب إلى جانب إسرائيل. وكشف ماكرون عن أن باريس أعدت «ورقة عمل» تم التشاور بشأنها بين عواصم الترويكا الأوروبية، ولكن أيضاً مع الجانب الأميركي من خلال التواصل الهاتفي، ولكن أيضاً بفضل المحادثات التي أجراها وزير الخارجية البريطاني مع نظيره ماركو روبيو في واشنطن، الخميس. الوفد الأوروبي المفاوض ويظهر في الصورة من اليسار إلى اليمين: وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الجمعة بمقر القنصلية الألمانية في جنيف (أ.ف.ب) وليس سراً أن ماكرون، بعد فترة من التعبير عن دعم باريس للحرب التي تقوم بها إسرائيل ضد إيران؛ بسبب ما تمثله إيران من «تهديد وجودي» لإسرائيل، وبسبب حق الأخيرة في «الدفاع عن النفس»، ابتعد قليلاً عن هذا الموقف وعبَّر عنه بعد انتهاء قمة مجموعة السبع في مقاطعة ألبرتا الكندية. والجمعة، زار ماكرون معرض الطيران والفضاء في مدينة لو بورجيه القائمة على مدخل باريس الشمالي، واستفاد من المناسبة لإعادة توضيح موقف بلاده الذي أصبح أكثر انتقاداً لما تقوم به إسرائيل، والمندد بمن يسعى إلى إسقاط النظام الإيراني، ليس حباً به، بل تخوفاً من حالة الفوضى التي ستتبعه. بداية، شدد ماكرون على أن الوضع في الشرق الأوسط «من الناحية الموضوعية، يشكل مصدر قلق، ويحمل في طياته مخاطر التصعيد التي تهدد أمن المنطقة والأمن الدولي». وأضاف الرئيس الفرنسي: «لهذه الأسباب؛ يجب أن نكون جميعاً يقظين وجديين، ونتعامل مع الوضع من خلال العودة إلى طاولة المفاوضات». واستدرك أنه لا تتعين الاستهانة بـ«الخطر الذي يشكّله امتلاك إيران السلاح النووي» الذي وصفه بـ«التهديد الجدي والحقيقي»، لا، بل إنه «تهديد وجودي لإسرائيل»، كما أنه يشكل خطراً بالنسبة للقارة الأوروبية. بيد أن ماكرون الذي سبق له أن اتصل، كما كثير من القادة الغربيين، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وينوي إعادة الاتصال به قريباً، دون أن يحدد موعداً دقيقاً، لا يرى أنه من الممكن إزالة الخطر النووي الإيراني من خلال العمليات العسكرية، وفي ذلك انتقاد ضمني لإسرائيل وللولايات المتحدة على السواء التي لا يستبعد رئيسها اللجوء إلى السلاح. جانب من لقاء ترمب وماكرون بالبيت الأبيض في فبراير الماضي (أ.ب) وقال ماكرون، رداً على سؤال بهذا الخصوص: «لا يمكن لأحد أن يعتقد بجدية أن هذا التهديد تمكن مواجهته من خلال العمليات الجارية حالياً. لماذا؟ لأن هناك منشآت نووية محمية للغاية، ولا أحد يعلم بدقة أين يُخزَّن اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة. لذلك؛ لا بد من استعادة السيطرة على هذا البرنامج من خلال الخبرة التقنية والمفاوضات». انتقادات باريس لما يجري في الحرب الدائرة لا تتوقف عند هذا الحد. فماكرون متمسك بموقفه الذي وصفه بـ«الواضح والبسيط» وفحواه: «لا شيء يبرر شن ضربات على البنية التحتية للطاقة أو على المدنيين. ومن الضروري إعطاء الأولوية المطلقة للعودة إلى مفاوضات جوهرية تشمل الملف النووي؛ بهدف الوصول إلى صفر تخصيب، وللحد من الأنشطة والقدرات الباليستية الإيرانية، ووقف تمويل (إيران) للجماعات الإرهابية والمزعزعة للاستقرار في المنطقة، وهو ما تفعله منذ سنوات». قادة أميركا واليابان وكندا وفرنسا وإيطاليا في اجتماع «مجموعة السبع» في كندا (إ.ب.أ) وبكلام آخر، فإن الرئيس الفرنسي حمَّل وزير خارجيته «مقترحاً شاملاً للتفاوض» مع طهران يتشكل من جزأين: أحدهما سياسي دبلوماسي والآخر تقني. ورغم تمسك باريس بالاتفاق النووي مع طهران الذي أبرمته مجموعة خمسة زائد واحد في عام 2015 وصادق عليه مجلس الأمن بقراره رقم 2231، فإنه يعدّه «ناقصاً». وحثّ ماكرون الرئيس ترمب، في عام 2018، خلال ولايته الأولى، على عدم الانسحاب من الاتفاق المذكور وعلى المحافظة عليه، شرط إعادة فتح باب التفاوض مع طهران من أجل تشديد القيود المفروضة على برنامجها النووي من جهة، واستكماله بالتفاوض حول أنشطتها الباليستية وسياستها «المزعزعة للاستقرار» في الإقليم. بيد أن طهران رفضت دوماً توسيع دائرة التفاوض وحصرتها بالأنشطة النووية. وعندما يتحدث ماكرون عن «صفر تخصيب» للنووي، فإنه يتبنى الشروط الأميركية؛ إذ إن ترمب يريد حرمان طهران من تخصيب اليورانيوم على أراضيها نهائياً، ويقترح بدلاً من ذلك إنشاء هيئة دولية تقوم بالتخصيب وتستطيع إيران المشاركة فيها والاستفادة منها. وتفيد معلومات متداولة في الأوساط المتابعة للملف النووي بأن إيران «أبدت انفتاحاً باقتراحها حلاً وسطاً» بحيث تحتفظ بالتخصيب حتى النسبة التي كان منصوصاً عليها في اتفاق 2015 أي 3.67 في المائة من النقاء على أن التخصيب بدرجات أعلى يمكن أن يتم خارج أراضيها. ولخَّص ماكرون العرض الفرنسي بنقاط ثلاث: قادة «مجموعة السبع» مع رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي في كاناناسكيس الاثنين الماضي (رويترز) 1. استئناف أعمال التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذهاب إلى سفر تخصيب صفر، وتمكين الوكالة الدولية من الوصول إلى جميع المواقع التي ترغب في تفتيشها. وبذلك، يشير ماكرون، عملياً، إلى العوائق التي بدأت إيران بوضعها أمام عمل مفتشي الوكالة منذ أن خرج ترمب من اتفاق عام 2018، وإلى المواقع التي لم تحصل الوكالة على أجوبة «مقنعة» لليروانيوم المشبع الذي وجدت آثاره فيها والتي يمكن أن تدل على وجود برنامج نووي عسكري سعت طهران لإخفائه. 2. وضع قيود على الأنشطة الباليستية الإيرانية، ومصدر القلق الإسرائيلي والغربي أن يكون تطوير إيران قدراتها الباليستية بمثابة تمهيد لتصنيع صاروخ يمكن تحميلة برأس نووي. ولا شك أن تزايد التكهنات بأن إيران قادرة على تصنيع ما لا يقل عن عشر قنابل نووية بفضل مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة والبالغ نحو 400 كلغ، فضلاً عن تقلص المدة الزمنية التي تحتاج إليها لذلك ضاعف من الشكوك الإسرائيلية والغربية. 3. فرض رقابة على تمويل الميليشيات ووكلاء إيران في المنطقة، في إشارة إلى الحوثيين في اليمن و«حزب الله» في لبنان والميليشيات العراقية المرتبطة بطهران، فضلاً عن «حماس» و«الجهاد الإسلامي». يتضح مما سبق أن باريس تعارض السياسة الإسرائيلية القائمة على القضاء على برنامج إيران النووي بقوة السلاح ومن خلال عمليات القصف، كما أنها تعارض مسعى تل أبيب للتخلص من النظام الإيراني، وهو ما لمح إليه نتنياهو وكبار المسؤولين الإسرائيليين، في الكثير من المرات، في الأيام الأخيرة. كذلك، فإن ماكرون ينبه الرئيس ترمب من الانضمام المباشر للحرب، وسبق له أن ذكَّر واشنطن بما حصل في العراق وليبيا على وجه الخصوص. متظاهرون عراقيون من أتباع السيد مقتدى الصدر يتظاهرون الجمعة في «مدينة الصدر» منددين بالولايات المتحدة (أ.ب) يبقى أن اجتماع جنيف لا يمكن أن يفضي إلى نتيجة من غير قبول ودعم أميركيين. وترى الترويكا الأوروبية التي تتفاوض مع إيران منذ عام 2003 حول برنامجها النووي أنها يمكن أن تلعب دوراً مفيداً بإبقاء باب الحوار قائماً مع طهران التي، من جانبها، تشعر بعزلة مميتة في حربها مع إسرائيل ولا تجد ضيراً في الانفتاح على الأوروبيين. إلا أن ما تريده حقيقة هو اتفاق مع واشنطن وقد يساعدها هؤلاء على بلوغ مبتغاها.


الشرق السعودية
منذ 3 ساعات
- الشرق السعودية
ترفض الحرب على إيران.. كيف وصلت تولسي جابارد إلى ترمب وأثارت غضبه؟
وسط التوترات المستمرة في الشرق الأوسط، وتفكير الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانضمام إلى الهجوم الإسرائيلي ضد إيران، برزت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي جابارد، كأحد الأصوات المخالفة لرأي الرئيس. وحذّرت المسؤولة الأميركية في 10 يونيو الجاري خلال مقطع فيديو على منصة "إكس" من أن النخبة السياسية ومحبي الحرب "يعملون بلا مبالاة على إثارة الخوف والتوترات بين القوى النووية". جابارد التي شاركت ترمب الموقف العلني المعارض للتدخلات العسكرية الأميركية، يبدو أنها تواجه تهميشاً متعمداً من الرئيس الأميركي الذي يتبنى اليوم نبرة مختلفة عن نبرتها. وفي وقت سابق، الجمعة، قال ترمب للصحافيين إن مديرة المخابرات الوطنية تولسي جابارد أخطأت في الإشارة إلى عدم وجود أدلة على أن إيران تصنع سلاحاً نووياً. وسبق أن نفى ترمب هذا العام صحة تقييمات نقلتها مديرة المخابرات والتي أفادت بأن طهران لا تعمل على تطوير سلاح نووي، وذلك خلال حديثه مع صحافيين بمطار موريستاون بولاية نيوجيرسي. وبعد حديث ترمب مباشرة اتهمت جابارد من أسمته بـ"الإعلام غير النزيه" بأنه يتعمد إخراج شهادتها بشأن إيران، من سياقها ونشر أخبار زائفة كوسيلة لخلق الانقسام. وقالت عبر منصة "إكس": "تمتلك الولايات المتحدة معلومات استخباراتية تفيد بأن إيران وصلت إلى مرحلة يمكنها فيها إنتاج سلاح نووي خلال أسابيع أو أشهر، إذا قررت استكمال عملية التجميع، وقد كان الرئيس دونالد ترمب واضحاً في أن ذلك لا يمكن السماح بحدوثه، وأنا أؤيده في ذلك". النووي وحرب إيران برزت التوترات بين ترمب وجابارد يوم الثلاثاء 17 يونيو، عندما سأل مراسل على متن طائرة الرئاسة ترمب عن تصريح جابارد أمام الكونجرس في مارس الماضي، بأن إيران "لا تسعى إلى صنع سلاح نووي"، فأجاب الرئيس: "لا يهمني ما قالته. أعتقد أن الإيرانيين كانوا قريبين للغاية من الحصول عليه". خلاف ترتب عليه تهميش ترمب لجابارد التي شهدت رحلتها السياسية تحولات غير متوقعة، من عضوية الكونجرس عن الحزب الديمقراطي، إلى تأييد السيناتور المستقل بيرني ساندرز، ومغادرتها الكونجرس لخوض سباق الرئاسة، حتى انسحابها من الحزب الديمقراطي وتأييدها لترمب، قبل أن تتولى منصب مديرة الاستخبارات الوطنية في إدارته. مرشحة مثيرة للجدل دفاعاً عنها، قال السيناتور الجمهوري المتقاعد من ولاية نورث كارولينا، ريتشارد بور، في تصريحات صحافية سابقة: "إذا كانت تولسي مذنبة بشيء ما، فهو أن آرائها ومعتقداتها وأفكارها تطورت منذ ولادتها لتعكس تجارب حياتها". أظهرت جابارد مرونة كبيرة في رحلتها السياسية، التي بدأتها منذ 23 عاماً، عندما انتُخبت لعضوية المجلس التشريعي لولاية هاواي، ممثلة الدائرة 42 في غرب أواهو حتى عام 2004. مرونة جابارد جعلتها تتخطى شكوك بعض الجمهوريين عندما اختارها ترمب لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية في ولايته الثانية. روّج مؤيدو جابارد بأنها من قدامى المحاربين، وخدمت لأكثر من عقدين من 2003 حين انضمت إلى الحرس الوطني لجيش هاواي ثم في جيش الاحتياط الأميركي، كما خدمت لمدة عامين في لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب. وهي عوامل يراها نائب وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط، وضابط وكالة الاستخبارات المركزية CIA المتقاعد، مايك مولوري، كافية لدعم وجود جابارد في هذا المنصب،وقال لـ"الشرق": "ربما ليست الأكثر خبرة، لكن لديها من الخبرة ما يؤهلها لهذا المنصب". أما منتقدوها فقد اتهموها بانعدام الخبرة الاستخباراتية المعتادة التي يتمتع بها شاغلو المناصب السابقون، خاصة أنها لم تشغل أي مناصب حكومية رفيعة المستوى من قبل. وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة "ويبستر" ويليام هال لـ"الشرق" إن جابارد تثير مخاوف جدية للغاية بشأن مستوى كفاءتها ومؤهلاتها لتولي المنصب الذي عيّنها فيه الرئيس ترمب. علاقة مضطربة مع ترمب تطورت علاقة جابارد بترمب، كما تطورت حياتها السياسية من مساعدة تشريعية للسيناتور دانيال ك. أكاكا في عام 2009، إلى عضوية مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي عام 2013، وتعيينها نائبة لرئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية، حتى الانضمام للحزب الجمهوري في 2024. في عام 2019، مع اقتراب نهاية سنواتها الثماني في الكونجرس، وأثناء تنافسها على نيل ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة آنذاك، أدانت جابارد الرئيس ترمب بسبب جهوده للضغط على أوكرانيا للإعلان عن تحقيق مع منافسه، حينها، جو بايدن، وقالت إنه "انتهك الثقة العامة". ورغم أن جابارد لم تصوت بـ"بنعم أو لا" على مواد عزل ترمب فإنها قررت التصويت بـ"الحضور"، وقالت في بيان صدر بعد إدلائها بصوتها: "وقفت في وسط القاعة، وقررتُ التصويت حضورياً". وأضافت: "لا أستطيع، بضمير حي، التصويت ضد العزل لأني أعتقد أن الرئيس ترمب مذنب بارتكاب مخالفات. كما لا أستطيع، بضمير حي، التصويت لصالح العزل لأن عزل رئيس في منصبه لا ينبغي أن يكون تتويجاً لعملية حزبية، تُغذيها العداوات القبلية التي قسمت بلادنا بشدة". أثناء حملة ترمب الانتخابية 2024، تغير خطاب جابارد تماماً، إذ أيّدته، وساعدته في التحضير لمناظرته ضد المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس. وقالت، وهي تقف على المنصة الانتخابية في ولاية نورث كارولينا بجانبه: "إنه ينهي الحرب ولا يبدأها". الحرب والإحباط طالما، كانت الحرب نقطة فيصلية بالنسبة لجابارد التي قضت عاماً في وحدة طبية بالعراق بعد الغزو الأميركي لها، وحصلت على شارة طبية قتالية في 2005، وقضت عاماً آخر في الكويت لتدريب وحدات مكافحة الإرهاب. في حملتها الرئاسية التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي 2020، جادلت بأن حروب الولايات المتحدة في الشرق الأوسط زعزعت استقرار المنطقة، وجعلت أميركا أقل أماناً، وأزهقت أرواح آلاف الأميركيين. وألقت باللوم على حزبها (الديمقراطي" لعدم معارضته الحروب. من هذا المنطلق، احتلت قضية سوريا مكانة مركزية في اهتمامات جابارد، إذ اعتبرت أن معارضة الولايات المتحدة لنظام بشار الأسد قد تؤدي إلى صعود جماعات مثل "داعش" و"القاعدة"، وربما تتسبب في اندلاع حرب أوسع. وفي عام 2016، صرّحت جابارد بأن موقفها من سوريا كان أحد الأسباب الرئيسية لتأييدها لبيرني ساندرز، بسبب نهجه الأكثر حذراً تجاه المشاركة العسكرية في الخارج. وجادلت بأن منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون مؤيدة للتدخل العسكري الأميركي، وأن ساندرز أكثر جدارة بالثقة في "قضايا الحرب والسلام". وقالت جابارد، في فيديو أعدته لحملة ساندرز التمهيدية للرئاسة 2016: "بصفتي جندية مخضرمة شاركت في مهمتين بالشرق الأوسط، أعرف جيداً تكلفة الحرب. أعرف أهمية أن يتمتع قائدنا العام بالحكمة اللازمة، ليعرف متى يستخدم القوة العسكرية الأميركية ومتى لا يستخدمها". وفي خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أجرت جابارد زيارة إلى سوريا، والتقت الرئيس السابق بشار الأسد وزوجته، في وقت كانت الولايات المتحدة قد علّقت علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، وفرضت عقوبات متعددة على الأسد، وهو ما أثار قلق زملاءها من الحزبين. اعتبر الخبير السياسي ومدير معهد الدراسات النووية بالجامعة الأميركية في واشنطن بيتر كوزنيك، أن خدمتها في الحرس الوطني للجيش لأكثر من 20 عاماً، وذهابها إلى العراق والكويت، أثَّر فيها وجعلها رافضة لفكرة الحرب. وقال كوزنيك لـ"الشرق": "يبدو أنها أصبحت مستنيرة ومن ثم محبطة، كما حصل مع صديقي أوليڤر ستون". ويوضح كوزنيك التقارب بين تجربة مدير الاستخبارات الأميركية، والمخرج الشهير، قائلاً إن أوليڤر ستون تغيّر بسبب تجربته القتالية في فيتنام، وأعتقد أن تولسي تغيّرت بسبب خدمتها القتالية، خاصة في العراق. و"تماماً كما أدرك أوليڤر، أدركت هي أن الولايات المتحدة خُدعت ودُفعت إلى الحرب". أدرك أوليڤر أن قادة الولايات المتحدة "كذبوا "على الشعب الأميركي لجره إلى حرب فيتنام، وتولسي أدركت أن الولايات المتحدة (خُدعت) للدخول في حرب العراق، "وأعتقد أن هذا ما يُؤثر أيضاً على آرائها الحالية بشأن إيران، وبعض تصريحاتها وتصرفاتها الأخيرة". في شهادتها كمديرة للاستخبارات الوطنية، قالت جابارد إن إيران تخلت عن برنامجها النووي، وأنها لم تُعد تشغيله، وذلك على خلاف تصريحات رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بأن طهران قريبة من الحصول على قنبلة نووية. وقال كوزنيك إن جابارد تعلم أن نتنياهو كان يكذب عندما قال إن إيران تُشكّل تهديداً وجودياً لإسرائيل. "لذلك، رأت أن ما يحدث الآن هو إعادة لما حدث في 2002-2003، عندما استعد جورج بوش لغزو العراق. وهي تدرك أيضاً أن هذه الحروب – حروب تغيير الأنظمة التي تُختار طوعاً – تنتهي دائماً بكوارث". وأضاف كوزنيك أن جابارد تعلم أن هذا أيضاً قد يؤدي إلى حرب إقليمية كبرى، وربما حرب عالمية ثالثة؛ لأن إيران حليفة لروسيا، ومهمة جداً للصين، "وإذا لم تتمكن إسرائيل من تدمير منشأة فوردو النووية بأسلحة تقليدية، فقد تلجأ إلى استخدام سلاح نووي تكتيكي لتدميرها". "تقدمية ومتشككة" قضت صاحبة الـ43 عاماً، أكثر من 15 عاماً من عمرها داخل الحزب الديمقراطي، لكنها كانت متشككة في قياداته. ترشحت جابارد لمقعد في مجلس النواب الأميركي عن هاواي في 2012. ورغم أن فرصتها في البداية كانت ضئيلة، فإنها فازت في الانتخابات التمهيدية لحزبها، ثم في الانتخابات العامة. وعندما تولت منصبها في العام التالي، دعمت قضايا تقدمية، بما في ذلك ضبط الأسلحة، وحقوق الإجهاض، والرعاية الصحية الشاملة، ومجانية التعليم الجامعي. لكنها كانت، عكس كثير من الديمقراطيين، من دعاة الانعزالية، داعية إلى انسحاب الولايات المتحدة من مختلف الصراعات الخارجية. وخلال سنواتها في الحزب، شغلت منصب نائب رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية في 2013، لكنها استقالت بعد 3 سنوات لتتمكن من تأييد السيناتور بيرني ساندرز في الانتخابات التمهيدية الرئاسية لعام 2016، ما منحها شعبية كبيرة في الأوساط التقدمية. لم يتوقف طموح جابارد السياسي عند عتبات الكونجرس، إذ سعت في 2019 إلى الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، مستندة إلى برنامج تقدمي وانتقاداتها العلنية لتدخلات الولايات المتحدة العسكرية في الخارج. وفي وقت لاحق، علّقت حملتها الرئاسية، وأعلنت تأييدها للفائز النهائي، جو بايدن. لكن مع مرور الوقت، شعرت جابارد بالابتعاد عن توجهات الحزب، وبدأت تنتقده بشدة وتتهمه بالخضوع لنخبة من "محرضي الحروب" و"مؤدلجوا الصحوة". وفي عام 2022، أعلنت انسحابها من الحزب الديمقراطي وانضمامها إلى المستقلين، معتبرة أن الحزب لم يعد يشبه الكيان الذي انضمت إليه قبل عقدين. يجد كوزنيك انسحابها من الحزب منطقياً، قائلاً إن العديد من "المحافظين الجدد" من عهد جورج بوش الابن انتقلوا إلى الحزب الديمقراطي، "لذا من نواحٍ عدة، لم تترك الحزب بقدر ما تركها". وأضاف أن الديمقراطيين أصبحوا "حزباً للشركات والمحافظين الجدد". عقب ترك المعسكر الديمقراطي اتجهت قليلاً نحو اليمين. وشاركت في حملات انتخابية لعدد من الجمهوريين البارزين، لمدة عامين قبل أن تعلن تأييد ترمب في انتخابات 2024. وهي خطوة "ساذجة"، في رأي كوزنيك. وأوضح كوزنيك أن ترويج ترمب لنفسه بأنه مرشح مناهض للحروب، لامس وتراً حساساً عند جابارد التي تتوق لحزب ضد الحروب التي عاشتها، ثم منحها فرصة للبقاء ذات صلة سياسية، وذات نفوذ، فانتهزت الفرصة فوراً. "علم الهوية" التحول الصاخب في رحلة جابارد السياسية لا يمكن فصله عن والدها مايك جابارد، عضو مجلس شيوخ ولاية هاواي الذي انتُخب في البداية جمهورياً، ثم غيّر انتماءه الحزبي ليصبح ديمقراطياً. وبقدر ما كان التشابه بينهما واضحاً في الاهتمام بالسياسة والتحولات الأيديولوجية، كانت جابارد حريصة على توضيح أنها ووالدها كانت لديهما حياة سياسية منفصلة تماماً. و قالت، في تصريحات صحافية سابقة: "كان يتحدث عن الحفر والقمامة والصرف الصحي، وكنت أتحدث عن التعليم والبيئة وقضايا أخرى. كنا نرى بعضنا البعض من حين لآخر". سبقت تولسي جابارد والدها، بـ 4 سنوات، حين أصبحت أصغر شخص يُنتخب على الإطلاق لعضوية المجلس التشريعي لولاية هاواي عن عمر لم يتجاوز الـ21 عاماً. كان لأسرة جابارد دور كبير في نشأتها السياسية لتصبح ما هي عليه اليوم. وُلدت جابارد في ساموا الأميركية، وهو إقليم تابع للولايات المتحدة يقع في جنوب وسط المحيط الهادئ، والدها ساموي، ووالدتها بيضاء. نشأت جابارد، منذ سنواتها الأولى في هاواي، واحدة من بين 5 أطفال. في مراهقتها، اعتنقت جابارد ديانة والدها مايك، الهندوسية. وفي الكونجرس كانت أول ممثل يؤدي اليمين الدستورية على "بهاجافاد جيتا"، وهو كتاب هندوسي مقدس. تلقت جابارد تعليمها في المنزل على يد والديها. وتنافست والدتها كارول للحصول على مقعد في مجلس التعليم بالولاية عام 2000، وفازت به. كان والدها من أتباع ما يُعرف بـ"علم الهوية"، وهي حركة روحية أسسها كريس بتلر في السبعينيات في هاواي، تمزج بين تعاليم روحية هندوسية، وبعض الممارسات الخاصة مثل اليوجا. ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن جابارد كانت مرتبطة بهذه الجماعة منذ طفولتها، حيث التحقت بمدرسة يديرها أتباع بتلر في الفلبين لمدة عام، وحصلت على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة هاواي باسيفيك عام 2009. وعملت لاحقاً في متجر أغذية تابع للجماعة، وتزوجت من أحد أعضائها، وهو إبراهام ويليامز، الذي كان يعمل مصوراً سينمائياً. على مر السنين، دعم أعضاء الجماعة حملات جابارد من خلال التبرعات والعمل التطوعي، وبالمقابل حصلت شركات مرتبطة بالجماعة على عقود من حملاتها، بحسب تقارير صحافية أميركية محلية. ومع إعلان ترمب ترشيحه جابارد مديرة للاستخبارات، وُجهت انتقادات شديدة للجماعة وقائدها بتلر، ووصفت بأنها طائفة دينية يتحكم فيها بشكل صارم، إذ يطيعه أتباعه في كل شيء، ويقومون بخدمته اليومية. وأرسلت العضو السابق لمدة 15 عاماً في مؤسسة علم الهوية، أنيتا فان دوين، رسائل إلى المشرعين الديمقراطيين، حذّرت من أن جابارد تخضع "لتأثير كامل" من رئيس المؤسسة باتلر، ذي الطموحات السياسية طويلة الأمد، وأكدت أنه يدفع تلاميذه لتولي المناصب العامة من أجل أهدافه الخاصة. لكن المتحدثة باسم جابارد، أليكسا هينينج، أنكرت وجود أي علاقة تنظيمية تربطها بالجماعة، واعتبرت أن الأسئلة عن خلفيتها الدينية فيها نوع من التعصب ضد الهندوسية. بينما تحدثت جابارد، نفسها، بإيجابية عن تجاربها الروحية مع بتلر، وعبّرت عن امتنانها له، في حين وصفها هو بأنها "طالبة ناجحة" لديه. توافق ثم اختلاف لم يمر تأكيد تعيين جابارد في منصب مديرة الاستخبارات الوطنية، بسهولة. ففي فبراير الماضي، واجهت تحديات كبيرة بعد جلسة استماع أثارت قلق عدد من أعضاء مجلس الشيوخ، حتى من الحزب الجمهوري. أحد الأسباب الرئيسية لهذا القلق كان ردود جابارد غير المباشرة عندما طُلب منها تحديد ما إذا كان المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن "خائناً". وفي عام 2020، حثّت جابارد ترمب علناً على العفو عن سنودن، ومؤسس ويكيليكس جوليان أسانج، قائلةً إنهما "كشفا، بتضحيات شخصية جسيمة، خداعَ وإجرامَ مَنْ في الدولة العميقة". وفي عامها الأخير في الكونجرس، قدّمت تشريعاً يدعو الولايات المتحدة إلى إسقاط جميع التهم الموجهة إليهما وإصلاح قانون التجسس. وقالت: "يجب حماية المُبلّغين الشجعان الذين يكشفون الأكاذيب والأعمال غير القانونية في حكومتنا". وأشارت حينها إلى أنها ستعفو عنه لو أصبحت رئيسة، لكن في جلسة الاستماع الأخيرة، تجنّبت تكرار هذا الموقف، وأكدت التزامها بأمن أميركا، ومنع أي تسريبات مستقبلية. مرّت الجلسة، وتم تأكيد تعيين جابارد مديرة للاستخبارات الوطنية الأميركية في 12 فبراير 2025، بأغلبية 52 صوتاً، مقابل 48، وكان السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل الشخص الوحيد الذي انشق عن حزبه، وصوّت ضد تأكيد تعيينها. جابارد، التي وُصِفت بأنها من أكثر اختيارات ترمب إثارة للجدل، تواجه استياءه حالياً بعد نشرها، في 10 يونيو، مقطعاً يحذر من الحرب النووية، عقب زيارتها لمدينة هيروشيما في اليابان، وهو ما اعتبره ترمب، الذي يفكر في مشاركة الولايات المتحدة في ضربات عسكرية تستهدف البرنامج النووي الإيراني، إشارة لرفض التصعيد مع طهران. وقال عدد من كبار مسؤولي الإدارة لشبكة NBC News، إن جابارد تتعرض للتهميش في نقاشات داخلية للإدارة تتعلّق بالصراع بين إسرائيل وإيران، حيث لم تُدعَ إلى بعض اجتماعات كبار المسؤولين الأمنيين، وكان من المفترض أن تكون مديرة الاستخبارات الوطنية في صلب هذه الاجتماعات. قال نائب وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط، وضابط وكالة الاستخبارات المركزية CIA المتقاعد، مايك مولوري، إن جابارد رغم اتفاقها مع ترمب في عدد من المواقف السياسية، فإنها تختلف معه عندما يتعلق الأمر بالحديث عن إيران والسلاح النووي. وأوضح مولوري أن جابارد في هذه المسألة، تعتمد على تقييمات مجتمع الاستخبارات الأميركي، والتي تشير إلى أن إيران لا تمتلك سلاحاً نووياً جاهزاً الآن، وأنها قد تحتاج إلى وقت طويل لتطوير واحد يمكن استخدامه فعلياً. وأكد مولوري أن مجتمع الاستخبارات يمتلك أكبر قدر من المعلومات من جميع المصادر، بما في ذلك جمع المعلومات السري "ولذلك فهو الأكثر دقة". ويرى مولوري أن المسافة بين ترمب وجابارد تبدو كبيرة بشأن إيران "حتى لو جمعتهما توجهات سياسية مشتركة في ملفات أخرى". ويحاول جيه دي فانس، نائب ترمب، تقليص المسافة بين الرئيس وجابارد بشأن إيران، مع إصراره على دعمها، رغم غضب ترمب، ويقول نائب الرئيس إنها "عضو أساسي في فريقنا، ونحن ممتنون لعملها الدؤوب للحفاظ على أميركا آمنة من التهديدات الأجنبية". أرجع كوزنيك استمرار دعم فانس لجابارد بأنه يرجع إلى أنه يشترك معها في رفض التدخلات العسكرية. قائلاً إن فانس، رغم دعمه لإسرائيل، يدرك أن تأييد الحرب قد يُغضب قاعدة ترمب الشعبية التي تُعارض عموماً دخول أميركا حرباً من أجل إسرائيل، "وبما أن ترمب يبدو وكأنه يغيّر موقفه، ففانس لا يريد أن يعارضه علناً، خوفاً على مستقبله السياسي". ويعتقد كوزنيك أن فانس ربما يأمل أن تتراجع جابارد وتعود لدعم ترمب، كما فعل هو من قبل، "هو يرى أن التودد إليها قد يُقنعها بالبقاء ضمن الصف الجمهوري". لكن كوزنيك يرى أن جابارد إذا كانت بالفعل متمسكة بمبادئها، فقد تستقيل إن قررت الإدارة خوض حرب مع إيران، لكنه في الوقت نفسه يستبعد ذلك، قائلاً إنها مثل كثيرين قبلها قد تفضل البقاء داخل الإدارة أملاً في التأثير، كما فعل وزير الخارجية كولن باول في عهد الرئيس جورج دبليو بوش. وتابع: "أستطيع أن أفهم تفكيرها. نفس ما حصل مع كولن باول. كان عليه أن يستقيل عندما غزت أميركا العراق، لكنه بدلاً من ذلك ذهب إلى الأمم المتحدة، وكرّر الكثير من الأكاذيب بشأن امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل".


الشرق الأوسط
منذ 4 ساعات
- الشرق الأوسط
الوساطة الأوروبية في حرب إسرائيل - إيران رغم القبول الأميركي غير مضمونة النتائج
أن يعقد اجتماع في جنيف ضم مسؤولي الدبلوماسية في «الترويكا» الأوروبية الثلاثية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، إضافة إلى نظيرتهم في المفوضية الأوروبية، مع وزير خارجية إيران، وبغض النظر عن النتيجة التي يمكن أن يفضي إليها، يمكن أن يعدّ حدثاً «إيجابياً» كونه الأول من نوعه منذ انطلاق الحرب الإسرائيلية - الإيرانية. والمهم أيضاً ما أكده وزير الخارجية البريطانية ديفيد لامي، العائد من واشنطن لجهة «وجود نافذة لأسبوعين لتحقيق حل دبلوماسي» للحرب. وهذا التأكيد يجب أن يعطف على ما قاله نظيره الألماني يوهان فاديبول، من أن المسؤولين الأميركيين «لا يعلمون فقط أننا نجري هذه المحادثات؛ بل يدعمون ذلك بشدة، لذا أعتقد أن على إيران أن تدرك الآن أن عليها التعاطي مع هذه المحادثات بجدية ومصداقية جديدة». وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي قبل انطلاق الاجتماع مع نظيرهم الإيراني بجنيف (إ.ب.أ) وبالطبع، تجدر الإشارة إلى أن الوزير الفرنسي جان نويل بارو اتصل بدوره بوزير الخارجية مارك روبيو، كذلك فعلت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وما يبرز مما سبق أمران: الأول أن واشنطن منحت الأوروبيين مهلة الأسبوعين لترى ما إذا كان بإمكانهم مخرج سياسي من الحرب، وبالتالي «إنقاذ» الرئيس ترمب من «محنة» الانخراط في حرب لا يريدها، لا بل تدفعه إليها إسرائيل التي لم يتردد رئيس وزرائها من استباق اجتماع تفاوضي في عمان في 15 الحالي لتنقضّ طائراته على طهران وعلى العشرات من المواقع العسكرية والنووية الإيرانية. والأمر الثاني أن الأوروبيين يعون تماماً أن جهداً كالذي يقومون به لا يمكن أن يكون له معنى من غير «مباركة أميركية» وضوء أخضر محدد زمنياً. علم الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمام مقر الوكالة المعنية بمراقبة استخدام الطاقة النووية في فيينا (رويترز) غير أن هذه المباركة لا تكفي لضمان تواصل الوساطة الأوروبية. المطلوب من الأوروبيين أن ينجحوا في الحصول من إيران على «تنازلات» في فترة زمنية قصيرة للغاية يمكن أن تكتفي بها الإدارة الأميركية. صحيح أن إيران اليوم غير إيران ما قبل انطلاق العملية العسكرية. فإيران اليوم معزولة: الغرب ضدها، وحلفاؤها التقليديون (روسيا والصين) قدموا لها الدعم السياسي في حده الأدنى. وتجد إيران نفسها اليوم أمام خيارين: إما رفض ما يطلب منها لجهة تصفير تخصيب اليورانيوم على أراضيها، وتحجيم قدراتها الصاروخية وتعديل سياستها الإقليمية، وإما مواصلة الحرب. وليس ترمب وحده في مأزق: فالمرشد الأعلى علي خامنئي في «ورطة» كبرى. فهو لا يبدو مستعداً لـ«تجرع السم» كما فعل الإمام الخميني في أواخر الحرب مع إيران، وخطابه الأخير دليل على ذلك. كذلك ليس مستعداً للبحث في تأطير القدرات الصاروخية لبلاده، وهو ما أكده وزير الخارجية عباس عراقجي في جنيف مستبقاً الاجتماع مع الأوروبيين. وأهمية هذه الإشارة تكمن في أن «ورقة العمل» التي نصها الرئيس ماكرون وحملها وزير خارجيته إلى جنيف، جاء في بندها الثاني تحديداً البحث في الملف الصاروخي - الباليستي. لذا، فإن مهمة الدبلوماسيين الأوروبيين ليست سهلة لجهة العثور على قاسم مشترك بين ما تقبل طهران التنازل عنه، وما يرضي واشنطن ومن ورائها تل أبيب. كذلك يتعنى البحث في المقابل الذي تريده القيادة الإيرانية لقاء تساهلها في الملفات المطروحة؛ ليس فقط بالنسبة للعقوبات المفروضة عليها، ولكن أيضاً بالنسبة لدور الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي ستعود إليها مهمة التأكد من تنفيذ طهران لالتزاماتها. ما يفاقم هذه الإشكالية أن الغربيين يريدون استغلال ضعف إيران اليوم، لإلزامها بقبول القيود المتشددة التي رفضتها خلال 5 جولات من المفاوضات مع الجانب الأميركي. وليس من الواضح، من جهة ثانية، كيف ستنجح إيران في المحافظة على ماء الوجه إذا قبلت الشروط الجديدة. وفي أي حال، لا يمكن استبعاد أن تكون مهلة الأسبوعين وسيلة أميركية لزيادة الضغوط على المفاوض الإيراني، كما أنه لا يمكن استبعاد فرضية أن ترمب يحتاجها للتوفيق بين تيارين في إدارته: تيار الصقور الذي يريد «قطف ثمرة» القضاء على الملف النووي الإيراني وتحجيم دور طهران الإقليمي. وفي الطرف المقابل، هناك جناح «الانعزاليين» الرافضين لدخول بلادهم في حرب شرق أوسطية جديدة يمكن أن تكلفهم الكثير، وتعرض قواعدهم ومصالحهم في المنطقة لأضرار كبيرة، وتصيب ما أكده ترمب مراراً من أنه لا يريد حروباً جديدة وأنه رجل سلام. ممثل إيران في الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني خلال إلقائه كلمة بلاده بمناسبة اجتماع المجلس الجمعة حول الحرب بين إيران وإسرائيل (أ.ف.ب) ثمة عاملان لا بد من أخذهما بعين الاعتبار: أولهما أن ملفاً معقداً كالملف النووي الإيراني الذي يتم لا يمكن أن يحل بجولة واحدة. وللتذكير، فإن المباحثات الأوروبية - الإيرانية بشأنه بدأت قبل 22 عاماً، ولم تنضم إليها الولايات المتحدة إلا بعد أكثر من 10 سنوات. وبعد أن سحبت الإدارة الأميركية الملف من أيدي الأوروبيين، فإن عودة هؤلاء له مجدداً تعيد التفاوض إلى مساره «الكلاسيكي» ربما البعيد عن المفاجآت. والعامل الثاني يتناول موقف إسرائيل التي عارضت اتفاق 2015، ودفعت إدارة ترمب إلى الخروج منه في عام 2018، ولم تتوقف يوماً عن العمل على الإطاحة به عن طريق اغتيال كثير من علماء الذرة الإيرانيين والقيام بهجمات سيبرانية... ولا شيء يمكن أن يضمن أن تقف إسرائيل مكتوفة اليدين في حال برز بالأفق احتمال أن تنجح الوساطة الأوروبية، وهي التي لم تتردد في نسف المفاوضات الأميركية - الإيرانية، رغم أن الرئيس ترمب طلب أكثر من مرة من تل أبيب، الامتناع عن استهداف البرنامج النووي الإيراني. وها هو رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير يعلن الجمعة، أنه يتعين على إسرائيل الاستعداد «لحملة طويلة» من الحرب مع إيران، وأن بلاده «تنتظرها أيام صعبة، وعلينا أن نستعد لاحتمالات عديدة». واضح أن الأمور ما زالت في بداياتها؛ أكان ذلك عسكرياً أو سياسياً. والعوامل المتداخلة تجعل توقع ما هو آتٍ بالغ الصعوبة.