logo
كيف يستخدم ترامب "نظرية الرجل المجنون" لمحاولة تغيير العالم؟

كيف يستخدم ترامب "نظرية الرجل المجنون" لمحاولة تغيير العالم؟

سرايا - عندما سُئل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الشهر الماضي عمّا إذا كان يخطط للانضمام إلى إسرائيل في مهاجمة إيران، قال: "قد أفعل ذلك. وقد لا أفعل. لا أحد يعلم ما سأفعله".
أوحى للعالم بأنه وافق على مهلة لمدة أسبوعين للسماح لإيران باستئناف المفاوضات. ثم قصفها، كما تعلمون.
ثمة نمط آخذ في الظهور: أكثر ما يمكن التنبؤ به في ترامب هو عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته، فهو يغير رأيه، ويناقض نفسه، إنه متناقض.
يقول بيتر تروبويتز، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد: "لقد بنى ترامب عملية صنع سياسات شديدة المركزية. يمكن القول إنها الأكثر مركزية، على الأقل في مجال السياسة الخارجية، منذ عهد ريتشارد نيكسون".
"وهذا يجعل قرارات السياسة أكثر اعتماداً على شخصية ترامب وتفضيلاته ومزاجه".
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يلقي كلمة أمام القوات الأمريكية خلال زيارة لقاعدة العديد الجوية في الدوحة قطر
قاعدة العديد في قطر: أكبر قاعدة جوية أمريكية في الخارج
لقد وظّف ترامب هذا الأمر سياسياً؛ لقد جعل من عدم قابليته للتنبؤ رصيداً استراتيجياً وسياسياً أساسياً لنفسه. لقد ارتقى بعدم قابليّته للتنبؤ إلى أن باتت مبدأً. والآن، تُوجّه سمات الشخصية التي جلبها إلى البيت الأبيض السياسة الخارجية والأمنية.
إنها تُغيّر شكل العالم.
يُطلق علماء السياسة على هذه النظرية اسم "نظرية الرجل المجنون"، حيث يسعى زعيم عالمي إلى إقناع خصمه بأنه قادر على فعل أي شيء وفق حالته المزاجية المتقلبة، لانتزاع تنازلات. إذا استُخدمت بنجاح، فقد تُصبح شكلاً من أشكال الإكراه، ويعتقد ترامب أنها تُؤتي ثمارها، إذ تضع حلفاء الولايات المتحدة في المكان الذي يريده.
ولكن هل هذا نهج يُمكن أن يُجدي نفعاً ضد الأعداء؟ وهل يمكن أن يكون العيب في هذا الأسلوب أنه ليس مجرد خدعة مصممة لخداع الخصوم، بل هو في الواقع مبني على سمات شخصية راسخة وموثقة بوضوح، مما يجعل من السهل التنبؤ بسلوكه؟
هجمات وإهانات وتفاهمات
بدأ ترامب رئاسته الثانية بالانفتاح على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومهاجمة حلفاء أمريكا. أهان كندا بقوله إنها يجب أن تصبح الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة.
وقال إنه مستعد للنظر في استخدام القوة العسكرية لضم غرينلاند، وهو إقليم يتمتع بالحكم الذاتي تابع لحليفة أمريكا، الدنمارك. وأضاف أن على الولايات المتحدة استعادة ملكية قناة بنما والسيطرة عليها.
تُلزم المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (ناتو) كل عضو بالدفاع عن جميع الأعضاء الآخرين. وقد أثار ترامب شكوكاً حول التزام أمريكا بذلك. وصرّح بن والاس، وزير الدفاع البريطاني السابق، قائلاً: "أعتقد أن المادة الخامسة على وشك الانهيار".
وقال المدعي العام المحافظ دومينيك غريف: "في الوقت الحالي، انتهى التحالف عبر الأطلسي".
كشفت سلسلة من الرسائل النصية المسربة عن ثقافة الازدراء السائدة في البيت الأبيض بقيادة ترامب تجاه الحلفاء الأوروبيين. وقال وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، لزملائه (في إدارة ترامب): "أشارككم تماماً كراهيتكم للمستغلين الأوروبيين"، مضيفاً: "هذا مثير للشفقة".
في ميونيخ، في وقت سابق من هذا العام، صرّح نائب الرئيس ترامب، جيه دي فانس، بأن الولايات المتحدة لن تكون بعد الآن ضامنة للأمن الأوروبي.
بدا أن هذا يُطوي صفحة 80 عاماً من التضامن عبر الأطلسي. يقول البروفيسور تروبويتز: "ما فعله ترامب هو إثارة شكوك وتساؤلات جديّة حول مصداقية التزامات أمريكا الدولية".
"مهما كانت التفاهمات التي تربط تلك البلدان (في أوروبا) مع الولايات المتحدة، فيما يتعلق بالأمن أو الاقتصاد أو غير ذلك من المسائل، فإنها أصبحت الآن موضع تفاوض في أي لحظة".
"أشعر أن معظم من يُحيطون بترامب يعتقدون أن عدم القدرة على التنبؤ (بسلوكه) أمر جيد، لأنه يسمح لدونالد ترامب باستغلال نفوذ أمريكا لتحقيق أقصى مكاسب..."
"هذا أحد الدروس التي استخلصها من التفاوض في عالم العقارات".
لقد أتى نهج ترامب بثماره. فقبل أربعة أشهر فقط، صرّح رئيس الوزراء البريطاني السير، كير ستارمر، أمام مجلس العموم بأن بريطانيا ستزيد إنفاقها الدفاعي والأمني من 2.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5 في المئة.
في الشهر الماضي، خلال قمة لحلف الناتو، ارتفعت هذه النسبة إلى 5 في المئة، وهي زيادة هائلة، تُضاهيها الآن جميع الدول الأعضاء الأخرى في الحلف.
إمكانية التنبؤ بعدم القدرة على التنبؤ
ليس ترامب أول رئيس أمريكي يتبنى مبدأ عدم القدرة على التنبؤ. ففي عام 1968، عندما كان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون يحاول إنهاء حرب فيتنام، وجد عدوه (فيتنام الشمالية) عنيداً.
يقول مايكل ديش، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نوتردام: "في مرحلة ما، قال نيكسون لمستشاره للأمن القومي هنري كيسنجر: 'عليك أن تُخبر المفاوضين الفيتناميين الشماليين بأن نيكسون مجنون، وأنك لا تعرف ما الذي سيفعله، لذا من الأفضل أن يتوصلوا إلى اتفاق قبل أن تتفاقم الأمور'". ويضيف: "هذه هي نظرية الرجل المجنون".
تتفق جولي نورمان، أستاذة العلوم السياسية في كلية لندن الجامعية، على وجود مبدأ عدم القدرة على التنبؤ.
وتُجادل قائلةً: "من الصعب جداَ معرفة ما سيحدث بين يوم وآخر. وهذا هو نهج ترامب دائماً".
نجح ترامب في استغلال سمعته كرجل متقلب المزاج لتغيير العلاقة الدفاعية عبر الأطلسي. ويبدو أن بعض القادة الأوروبيين، للحفاظ على دعم ترامب، قد أثنوا عليه وتملقوه.
كانت قمة الناتو الشهر الماضي في لاهاي بمثابة تمرين على التودد المذل. وكان الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، قد أرسل في وقت سابق رسالة نصية إلى الرئيس ترامب أو "عزيزي دونالد"، كما سرّبها ترامب.
وكتب: "تهانينا، وشكراً لك على عملكم الحاسم في إيران، لقد كان استثنائياً حقاً".
وحول الإعلان المرتقب عن موافقة جميع أعضاء الناتو على زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تابع قائلاً: "ستحققون شيئاً لم يستطع أي رئيس (أمريكي) تحقيقه لعقود".
وقال أنتوني سكاراموتشي، الذي شغل سابقاً منصب مدير الاتصالات في إدارة ترامب في ولايته الأولى: "السيد روته، إنه يحاول إحراجك يا سيدي. إنه يجلس حرفياً على متن طائرة الرئاسة (الأمريكية) ويضحك عليك".
وقد تكون هذه هي نقطة الضعف في جوهر مبدأ ترامب "عدم القدرة على التنبؤ": فقد تكون أفعالهم مبنية على فكرة أن ترامب يتوق إلى الإطراء، أو أنه يسعى إلى تحقيق مكاسب قصيرة الأجل، مفضلاً إياها على العمليات الطويلة والمعقدة.
إذا كان هذا هو الحال وكان افتراضهم صحيحاً، فإن ذلك يحد من قدرة ترامب على ممارسة الحيل لخداع خصومه - بل إنه يمتلك سمات شخصية راسخة وموثقة بوضوح أصبحوا على دراية بها.
ثم هناك سؤالٌ، حول ما إذا كان مبدأ عدم القدرة على التنبؤ أو نظرية الرجل المجنون سينجحان مع الخصوم.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الحليف الذي تعرض لتوبيخ شديد من ترامب وفانس في المكتب البيضاوي، وافق لاحقاً على منح الولايات المتحدة حقوقاً مربحة لاستغلال الموارد المعدنية الأوكرانية.
من ناحية أخرى، يبدو أن فلاديمير بوتين لا يزال غير متأثر بسحر ترامب وتهديداته على حد سواء. يوم الخميس، عقب مكالمة هاتفية، قال ترامب إنه "يشعر بخيبة أمل" لعدم استعداد بوتين لإنهاء الحرب ضد أوكرانيا.
وعد ترامب قاعدته الشعبية بأنه سينهي التدخل الأمريكي في "حروب الشرق الأوسط التي لا تنتهي". ولعل قراره بضرب المنشآت النووية الإيرانية كان الخيار السياسي الأكثر تقلباً في ولايته الثانية حتى الآن. والسؤال هو: هل سيحقق هذا القرار التأثير المنشود؟.
يرى وزير الخارجية البريطاني الأسبق، ويليام هيغ، أن ذلك سيؤدي إلى عكس المنشود تماماً: "سيزيد، ولا يقلل، من احتمال سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية".
ويتفق البروفيسور مايكل ديش، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نوتردام، مع هذا الرأي. يقول: "أعتقد أنه من المرجح جداً الآن أن تتخذ إيران قراراً بالسعي لامتلاك سلاح نووي. لذا لن أتفاجأ إذا ما التزموا الصمت وبذلوا قصارى جهدهم لإكمال دورة الوقود النووي الكاملة وإجراء تجربة نووية".
ومن السيناريوهات المحتملة تماسك الجمهورية الإسلامية، وفقا لـ محسن ميلاني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جنوب فلوريدا ومؤلف كتاب "صعود إيران وتنافسها مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط".
ويقول: "في عام 1980، عندما هاجم صدام حسين إيران، كان هدفه انهيار الجمهورية الإسلامية. ما حدث هو العكس تماماً".
"كانت هذه هي الحسابات الإسرائيلية والأمريكية أيضاً... إذا تخلصنا من كبار القادة، فستستسلم إيران بسرعة أو سينهار النظام بأكمله".
بالنظر إلى المستقبل، قد لا يُجدي عدم القدرة على التنبؤ نفعاً مع الخصوم، ولكن من غير الواضح ما إذا كان من الممكن الحفاظ على التحولات الأخيرة التي أحدثتها بين الحلفاء.
وإن كانت هذه العملية ممكنة، إلا أنها مبنية إلى حد كبير على الاندفاع. وقد يكون هناك قلق من أن يُنظر إلى الولايات المتحدة كوسيط غير موثوق.
تقول البروفيسور جولي نورمان: "لن يرغب الناس في التعامل مع الولايات المتحدة إذا لم يثقوا بها في المفاوضات، وإذا لم يكونوا متأكدين من أنها ستدعمهم في قضايا الدفاع والأمن".
"لذا، أعتقد أن العزلة التي يسعى إليها الكثيرون في عالم ماغا - حركة ماغا (لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً) المؤيدة لترامب - ستأتي بنتائج عكسية".
قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، على سبيل المثال، إن أوروبا بحاجة الآن إلى أن تصبح مستقلة عملياً عن الولايات المتحدة.
يقول البروفيسور تروبويتز: "تكمن أهمية تعليق المستشار الألماني في أنه إدراكٌ لتغير الأولويات الاستراتيجية الأمريكية. لن تعود هذه الأولويات إلى ما كانت عليه قبل تولي ترامب منصبه".
"لذا، نعم، سيتعين على أوروبا أن تصبح أكثر استقلالية عملياً".
يجادل البروفيسور ديش بأن هذا سيتطلب من الدول الأوروبية تطوير صناعة دفاع أوروبية أكبر بكثير، للحصول على معدات وقدرات لا تمتلكها حالياً سوى الولايات المتحدة. على سبيل المثال، يمتلك الأوروبيون بعض القدرات الاستخباراتية العالمية المتطورة، كما يقول، لكن الولايات المتحدة تزودهم بالكثير منها.
ويتابع: "إذا اضطرت أوروبا إلى الاعتماد على نفسها، فستحتاج أيضاً إلى زيادة كبيرة في قدرتها على إنتاج الأسلحة بشكل مستقل. ستكون القوى العاملة أيضاً مشكلة. سيتعين على أوروبا الغربية أن تنظر إلى بولندا لمعرفة مستوى القوى العاملة التي ستحتاجها".
سيستغرق بناء كل ذلك سنوات.
فهل دفع عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب الأوروبيين، حقاً، إلى إجراء أكبر تغيير جذري في البنية الأمنية للعالم الغربي منذ نهاية الحرب الباردة؟.
يقول البروفيسور تروبويتز: "لقد ساهم ذلك في الأمر بالفعل. لكن الأهم من ذلك، أن ترامب قد كشف النقاب عن أمرٍ ما... لقد تغيرت السياسة في الولايات المتحدة، وتغيرت الأولويات. بالنسبة لتحالف ماغا، تُمثل الصين مشكلة أكبر من روسيا. ربما لا ينطبق هذا على الأوروبيين".
ووفقاً للبروفيسور ميلاني، يحاول ترامب ترسيخ النفوذ الأمريكي في النظام العالمي.
"من المستبعد جداً أن يُغير النظام الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. إنه يريد ترسيخ مكانة أمريكا فيه، لأن الصين باتت تُشكل تحدياً لها".
لكن كل هذا يعني أن ضرورات الدفاع والأمن التي تواجهها الولايات المتحدة وأوروبا متباينة.
قد يكون الحلفاء الأوروبيون راضين عن أنهم، من خلال الإطراء والتحولات السياسية الحقيقية، قد حافظوا على ترامب في صفّهم بشكل عام، لقد أعاد، في نهاية المطاف، تأكيد التزامه بالمادة الخامسة في أحدث قمة لحلف الناتو. لكن عدم القدرة على التنبؤ يعني استحالة ضمان ذلك - ويبدو أنهم قد تقبلوا أنه لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الولايات المتحدة، للوفاء بالتزامها التاريخي بالدفاع عنهم.
وبهذا المعنى، حتى لو كانت عقيدة - عدم القدرة على التنبؤ - نابعة من مزيج من الاختيار الواعي وسمات شخصية ترامب الحقيقية، فإنها تُجدي نفعاً، على الأقل، على الأقل مع البعض.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يريد إنهاء الحرب والعودة للمفاوضات.. وبيان من حماس
ترامب يريد إنهاء الحرب والعودة للمفاوضات.. وبيان من حماس

البوابة

timeمنذ 2 ساعات

  • البوابة

ترامب يريد إنهاء الحرب والعودة للمفاوضات.. وبيان من حماس

صرّحت المتحدثة باسم البيت الأبيض بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد أن يتوقف القتال في قطاع غزة، وبدء التفاوض لوقف إطلاق النار والإفراج عن "الأسرى"، فيما أصدرت حركة حماس بيانا حول مساعي وقف إطلاق النار. وأضافت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولينا ليفيت أن "الرئيس ترامب يرى أن الحرب في غزة طالت وأن القتال أصبح أكثر دموية في الأيام الأخيرة"، وأنه "يريد دخول المساعدات إلى غزة بطريقة آمنة". وفي وقت سابق، أصدرت حركة حماس بيانًا حول مساعي وقف إطلاق النار قالت فيه إن "الاحتلال يمارس الابتزاز بارتكاب المجازر في حق أبناء شعبنا كمحاولة يائسة لفرض مواقف عجز عن فرضها سابقا". وأضافت حماس "نبذل جهدنا على مدار الساعة لإنهاء المعاناة المتفاقمة في غزة من خلال تحركنا المتواصل مع الوسطاء والمعنيين". على صعيد آخر، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندي وإصابة ضابط من لواء غولاني بجروح خطيرة خلال معارك في جنوب قطاع غزة. وتحدثت وسائل إعلام ومواقع إسرائيلية عن "حدثين أمنيين صعبين" في غزة، فيما قالت مواقع إنه مبنى "انهار على قوة إسرائيلية في غزة وأن الجنود ما يزالون تحت الأنقاض". إلى ذلك، أفادت وزارة الصحة في قطاع غزة بوصول 61 شهيدا إلى مستشفيات القطاع وسط منذ فجرالاثنين، من بينهم 7 من طالبي المساعدات الإنسانية، في حين أطلق جيش الاحتلال عملية برية في مدينة دير البلح وسط القطاع. وخلفت حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 أكثر من 200 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين. المصدر: وكالات

"الخطة العملاقة".. مشروع صهيوني لتجاوز القضية الفلسطينية وتحويل غزة لمنصة اقتصادية
"الخطة العملاقة".. مشروع صهيوني لتجاوز القضية الفلسطينية وتحويل غزة لمنصة اقتصادية

جهينة نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • جهينة نيوز

"الخطة العملاقة".. مشروع صهيوني لتجاوز القضية الفلسطينية وتحويل غزة لمنصة اقتصادية

تاريخ النشر : 2025-07-24 - 12:16 am الخوالدة: الكيان الصهيوني يسوق مشروعًا تنمويًا لخداع المنطقة بعد فشله العسكري الشوبكي: المشروع المسرب يعيد تعريف غزة كمنصة تجارية لا كقضية إنسانية البستنجي: "الكيان الصهيوني الرابح الأكبر والمشروع يكرس هيمنة أمريكية في وجه الصين الأنباط – رزان السيد في تطور لافت، كشفت تسريبات إعلامية عبرية عن تفاصيل خطة وُصفت بـ"العملاقة"، كان يحاط بها بجدار من السرية، ويعدّها رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بالتنسيق مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لما بعد انتهاء الحرب في غزة. ووفق تقرير بثّته "القناة 14" العبرية، فإن الخطة تم إعدادها داخل أروقة البيت الأبيض بمشاركة بعض الدول، وتهدف إلى إنشاء محور اقتصادي واستراتيجي يمتد من الشرق الأقصى، مرورًا بالشرق الأوسط، وصولًا إلى أوروبا والولايات المتحدة، في محاولة لمواجهة مبادرة "الحزام والطريق" الصينية. وبحسب التسريبات، تضطلع إسرائيل بدور محوري في هذا المشروع، كونها تمثل نقطة وصل جغرافية حيوية بين آسيا وأوروبا. ويُعدّ وقف الحرب في غزة شرطًا أساسيًا لانضمام السعودية ودول الخليج إليه، ما يجعل إنهاء العمليات العسكرية جزءًا من تفاهمات أوسع تُحركها مصالح اقتصادية وجيوسياسية. ويكشف المشروع، بطموحاته وحجمه، جانبًا من حسابات نتنياهو في التعامل مع ملف غزة، كما يعكس حجم تداخل المصالح الإقليمية والدولية في لحظة مفصلية تمر بها المنطقة. توقيت الخطة ليس بريئًا وفي هذا السياق، قال الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء المتقاعد هلال الخوالدة، إن توقيت الكشف عن هذه الخطة ليس بريئا، بل اعتبر أنه مرتبط بجملة من الأهداف السياسية والإعلامية، في مقدمتها محاولة إسرائيل صرف الأنظار عن المأزق الإنساني والسياسي في غزة بعد الحرب، وذلك من خلال الترويج لأفق اقتصادي يرتبط بمسار إعادة الإعمار، لكنه في جوهره يسعى لربط الفلسطينيين ضمن منظومة إقليمية ودولية تهمش البعد الوطني لقضيتهم. وأوضح أن هذه الخطة تشكل أيضًا محاولة لإعادة تقديم كل من بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب كصناع لرؤى استراتيجية كبرى، فترامب يسعى لكسب أوراق قوة في حملته الانتخابية المقبلة، بينما يوظفها نتنياهو كجزء من أدواته السياسية الداخلية لمواجهة أزماته وتعزيز صورته كزعيم لديه مشروع يتجاوز حدود الدولة. وأضاف الخوالدة خلال حديثه لـ"الأنباط"، أن هذه المبادرة تأتي أيضًا في سياق تنافس دولي متصاعد، إذ تسعى إسرائيل والولايات المتحدة إلى استباق المبادرات الصينية والروسية، من خلال الترويج لمشروع استراتيجي بديل يحمل طابعًا غربيًا هنديًا خليجيًا، يطرح كبديل لمبادرة الحزام والطريق، خصوصًا في ظل تنامي النفوذ الصيني في الإقليم، معتبرًا أن التوقيت ليس عفويًا، بل يحمل طابعًا سياسيًا وإعلاميًا واستراتيجيًا يراد منه بناء سردية مستقبلية تخدم الطرفين، وتخفف من حجم الضغط الواقع عليهما، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. تحول في أدوات الصراع وردًا على سؤال حول ما إذا كانت هذه الخطة تعبر عن تحول في أهداف الحرب الإسرائيلية، من أهداف عسكرية مباشرة إلى أهداف اقتصادية وجيوسياسية أوسع، أكد الخوالدة أن هذا التحول واضح ويعكس تغيرًا استراتيجيًا في أدوات الصراع، موضحًا أن إسرائيل ومنذ بداية عدوانها ركزت على القضاء على حركة حماس عسكريًا، كما سعت إلى تفريغ قطاع غزة ديموغرافيا أو ربطه بمسارات إقليمية اقتصادية، باعتقادها أن ذلك من شأنه إضعاف مركزية القضية الفلسطينية، غير أن تعثر تحقيق الأهداف العسكرية، والتصريحات المتكررة من الجيش الإسرائيلي حول صعوبة الحسم بهذه الطريقة، دفع صانع القرار الإسرائيلي إلى تسويق أبعاد جديدة للصراع ذات طابع اقتصادي وجيوسياسي. وأشار إلى أن من بين هذه الأبعاد مشروع الربط بين الهند والخليج وإسرائيل، والذي يسوق له كحل تنموي، في حين أن الهدف الحقيقي هو تكريس موقع إسرائيل كبوابة آسيوية نحو أوروبا، كما أضاف أن الأهم من ذلك هو محاولة دمج إسرائيل إقليميًا على حساب الحقوق الفلسطينية، تحت عنوان السلام الاقتصادي، وهو الطرح الذي يروج له ترامب تحديدًا، ويكشف عن هندسة جيواقتصادية جديدة للمنطقة، تتجاهل بالكامل جوهر الصراع. تحالف ثلاثي بمصالح متقاطعة أما بخصوص التعاون الثلاثي بين ترامب ونتنياهو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، فقد أوضح الخوالدة أن هذا التحالف يعكس تقاطعًا بين تيارات قومية يمينية ذات أهداف استراتيجية متقاربة، فترامب يمثل اليمين القومي الأميركي الذي يدعم إسرائيل دون شروط، فيما يعد نتنياهو من أكثر الزعماء الإسرائيليين تطرفًا، ويقود حكومة تتبنى أجندة توسعية واضحة تستهدف تفكيك القضية الفلسطينية، أما مودي، فهو يروج لمكاسب هندوسية داخلية، ويرى في التحالف مع الولايات المتحدة وإسرائيل طريقًا لتعزيز النفوذ الهندي عالميًا، ومنافسة مباشرة للمشروع الصيني في المنطقة. وأكد الخوالدة أن هذا التحالف الثلاثي يسعى إلى تقديم مشروع استراتيجي مضاد لمحور الصين روسيا إيران، عبر مبادرات للبنية التحتية تهدف إلى ربط الشرق الأوسط بالهند والغرب، لكن من دون أي اعتبار لمركزية القضية الفلسطينية، بل على العكس، فإن هذا المشروع يحاول تجاوزها كليًا، من خلال فرض مسار تنموي مشروط بتنازلات سياسية فلسطينية تمس بالحقوق الأساسية. وختم بالقول إن ما تطرحه هذه القوى الثلاثية هو تسوية إقليمية مفروضة، لا تستند إلى الشرعية الدولية، وتقدم على شكل مشاريع تنموية خادعة تسعى إسرائيل من خلالها إلى تحقيق مكاسب إقليمية واقتصادية، رغم الإخفاقات العسكرية المتكررة التي واجهتها في غزة. أجندة اقتصادية تتجاوز الإعمار من جهته، أكد الخبير الأمني والسياسي، محسن الشوبكي، أنه تم تسريب مشروع اقتصادي ضخم، تزعم مصادر إعلامية صهيونية أن بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب يقفان خلفه، ويروج له كخطة لما بعد الحرب على غزة، تحت مظلة إعادة الإعمار، إلا أن مضامينه تتجاوز البعد الإنساني، إذ يستهدف إعادة تشكيل غزة كممر استثماري يربط الشرق بالغرب، بمشاركة الهند ودول الخليج، في إطار ينافس مبادرة الحزام والطريق الصينية. وأوضح الشوبكي في حديثه لـ"الأنباط"، أن هذا الطرح ينسجم مع تصريحات سابقة للرئيس الأميركي ترامب، التي تحدث فيها عن تهجير مؤقت لسكان غزة، بهدف إعادة بنائها وتحويلها إلى ريفييرا شرق أوسطية، وهو ما يتقاطع بشكل مثير للقلق مع السياسات الصهيونية المعلنة مسبقا حول عمليات تهجير واسعة، مما يكشف عن وجود نوايا تتجاوز مجرد إعادة الإعمار إلى إعادة هندسة ديمغرافية وسياسية لغزة. تشكيك في جدية التنفيذ وتحذير من التوظيف السياسي وأشار إلى أنه، رغم ضخامة المشروع المتداول، لا توجد أدلة على وجود تقارير جدوى أو فرق عمل أميركية مكلفة بتقدير التكاليف، ما يضعف من فرضية كونه مشروعًا تنفيذيًا فعليًا، وبدلًا من ذلك، تبدو ملامحه أقرب إلى عمل دعائي صهيوني، يهدف إلى استمالة الرئيس ترامب ومجاراة توجهاته، واستخدام ذلك كورقة ضغط سياسية في مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية. ونوّه الشوبكي إلى أن مضمون التسريب يشابه إلى حد بعيد ما تم الإعلان عنه في قمة مجموعة العشرين عام 2023، بمشروع الممر الاقتصادي الهندي - الشرق الأوسط - أوروبا، الذي شاركت فيه الولايات المتحدة لمواجهة المبادرة الصينية، ما يلمح إلى محاولة صهيونية لاستغلال زخم أميركي قائم وإعادة إنتاجه في سياق غزة، ليس بصفتها قضية إنسانية ذات أولوية، بل كمنصة تجارية مؤقتة تندرج ضمن معادلة السلام مقابل الاستثمار، التي كانت محورية في اتفاقيات أبراهام. وختم الشوبكي بالقول إن الطرح المسرب لا يحمل مقومات مشروع حقيقي بقدر ما يكشف عن رغبة صهيونية في تطويع الأزمة الإنسانية لتحقيق مكاسب استراتيجية، وتوظيف لغة الاستثمار لإعادة تعريف غزة خارج منطق الحقوق والعدالة، في مشهد تتداخل فيه الرؤية الأميركية السابقة، والدعاية الصهيونية، والتنافس الاقتصادي العالمي. خطة اقتصادية أم أداة للهيمنة؟ من جانب آخر، قال خبير العلاقات الدولية، الدكتور عمر البستنجي، إن ما يروج له كمشروع إعادة إعمار اقتصادي لما بعد الحرب على غزة، ليس مجرد خطة تنموية، بل هو مخطط استراتيجي واسع النطاق، صيغ بتنسيق مباشر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحت مسمى الجسر الأخضر. وأوضح البستنجي في حديثه لـ"الأنباط"، أن هذا المشروع الذي كشفت عنه القناة 14 العبرية، يتجاوز بكثير مفردات الإعمار، ويهدف إلى إنشاء ممر اقتصادي عملاق على أنقاض غزة والمنطقة، ليشكل بديلًا أمريكيًا إسرائيليًا في مواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية. وبين أن هذا المشروع المعروف باسم ممر الهند الشرق الأوسط أوروبا (IMEC) يروج له كخطوة نوعية في مجال التجارة العالمية، حيث يتوقع أن يقلص زمن الشحن من مومباي إلى أوروبا من 16 إلى 11 يوما، ويوفر نحو 30% من تكاليف النقل الحالية، مشيرًا إلى أن طوله يتجاوز 6,000 كيلومتر، بينها قرابة 3,000 كيلومتر من السكك الحديدية والأنابيب التي لم تنجز بعد. وأشار إلى أن التكلفة التقديرية لكل مسار رئيسي تتراوح بين 3 إلى 8 مليارات دولار، فيما أعلنت السعودية نيتها استثمار ما يقارب 20 مليار دولار في البنية التحتية الخاصة بالمشروع، في إطار مبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية التي تقودها مجموعة السبع (G7) بقيمة إجمالية تبلغ نحو 600 مليار دولار. ولفت البستنجي إلى أن المشروع يمنح الهند فرصة لتقليل اعتمادها على سلاسل الإمداد الصينية، كما يفتح الباب أمام دول الخليج لتنويع اقتصاداتها عبر قطاع الخدمات اللوجستية والطاقة المتجددة. أما إسرائيل، فهي المستفيد الأكبر، إذ يضعها المشروع كمحور عبور دولي رئيسي، ما يمنحها عوائد مالية هائلة ونفوذًا جيواقتصاديًا متصاعدًا. مكاسب اقتصادية على السطح وأبعاد سياسية أعمق في العمق وشدد البستنجي على أن خلف هذه المكاسب الاقتصادية تكمن أبعاد سياسية عميقة، إذ يعد المشروع أداة لتعزيز الهيمنة الأمريكية في منطقة يشهد فيها النفوذ الصيني تصاعدًا، كما يمنح إسرائيل ورقة ضغط استراتيجية على المجتمع الدولي، بحيث تصبح تل أبيب لاعبًا لا يمكن تجاوزه في التجارة العالمية، مما قد يدفع دولًا عديدة إلى التغاضي عن انتهاكاتها مقابل استمرار تدفق المصالح الاقتصادية. وأكد أن إدراج المشروع ضمن سياق ما بعد الحرب يعكس محاولة لإعادة تشكيل الخريطة الإقليمية، إذ لا يقتصر الإعمار على إعادة بناء البنية التحتية، بل يشمل إعادة صياغة توازنات تكون فيها إسرائيل محورًا أساسيًا، الأمر الذي يمنح الولايات المتحدة قدرة أكبر على التحكم بحركة التجارة العالمية وتضييق الخناق على الصين. ورغم أن المشروع قابل للتنفيذ من الناحية التقنية، إلا أن البستنجي يرى أن طريقه مليء بالعقبات الجيوسياسية، إذ يمر عبر أراض تعاني من صراعات مزمنة، موضحًا أن غياب تسوية سياسية عادلة على طول خط الممر قد يفجر صراعات جديدة، ما يجعل المشروع محفوفًا بالمخاطر رغم مغرياته الاقتصادية. وعلى الصعيد الدولي، لم يستبعد أن تنظر الصين إلى هذا المشروع كمنافس مباشر لمبادرتها الحزام والطريق، ما قد يدفعها إلى توسيع نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي في الدول التي يعبرها الممر، أو حتى إلى تأجيج النزاعات غير المباشرة، كما تفعل الولايات المتحدة في بعض نقاط مرور المبادرة الصينية، مثل أفغانستان وبحر الصين الجنوبي والقرن الإفريقي. وختم البستنجي بالقول، إن المشروع الذي يسوق كخطة إنقاذ اقتصادي لما بعد الحرب، يخفي في جوهره محاولة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بموازين جديدة، تفرض فيها واشنطن وتل أبيب نفوذهما عبر حزم اقتصادية مغرية، لكن نجاح هذا المشروع سيبقى مرهونا بوعي الشعوب والحكومات وقدرتها على التمييز بين تنمية حقيقية تقوم على الشراكة، وتلك التي تستخدم كأداة للهيمنة. تابعو جهينة نيوز على

لوقف إطلاق النار في غزة..ويتكوف يتوجه لأوروبا للقاء قادة من الشرق الأوسط
لوقف إطلاق النار في غزة..ويتكوف يتوجه لأوروبا للقاء قادة من الشرق الأوسط

جهينة نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • جهينة نيوز

لوقف إطلاق النار في غزة..ويتكوف يتوجه لأوروبا للقاء قادة من الشرق الأوسط

تاريخ النشر : 2025-07-23 - 10:53 pm قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، الأربعاء، إن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف سيتوجه إلى أوروبا، حيث سيلتقي بقادة رئيسيين من الشرق الأوسط لمناقشة مقترح وقف إطلاق النار بهدف إنهاء هذا الصراع في غزة والإفراج عن الرهائن. وأضافت ليفيت خلال الإحاطة اليومية للبيت الأبيض: "هذه مفاوضات حساسة للغاية تجري في الوقت الحالي. لقد تحدثت مع المبعوث الخاص ويتكوف الليلة الماضية بشأن هذه المفاوضات، وسأترك له المجال للحديث عنها بمزيد من التفصيل". وأشارت إلى أن الرئيس دونالد ترمب والمبعوث الخاص ويتكوف أوضحا أهداف الإدارة بشكل واضح،وهي "أننا نريد أن يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن، ونريد إطلاق سراح هؤلاء الرهائن". تابعو جهينة نيوز على

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store