
أخبار العالم : ما هي أسوأ السيناريوهات المحتملة في الصراع بين إيران وإسرائيل؟
الأحد 15 يونيو 2025 02:00 مساءً
نافذة على العالم - صدر الصورة، Reuters
التعليق على الصورة،
شهد السبت تبادلا للضربات الجوية بين إسرائيل وإيران
Article information
في الوقت الحالي، يبدو أن القتال بين إسرائيل وإيران يقتصر على البلدين فقط. وفي الأمم المتحدة وأماكن أخرى، صدرت دعوات كثيرة لضبط النفس.
لكن ماذا لو لم تجد تلك الدعوات آذانًا صاغية؟ وماذا لو تصاعد القتال واتسع نطاقه؟
فيما يلي أسوأ السيناريوهات المحتملة.
تورط الولايات المتحدة
رغم النفي الأمريكي، فإن إيران تعتقد بوضوح أن القوات الأمريكية أيدت – وبدعم ضمني على الأقل – الهجمات الإسرائيلية.
وقد تلجأ إيران إلى ضرب أهداف أمريكية في أنحاء الشرق الأوسط، مثل معسكرات القوات الخاصة في العراق، والقواعد العسكرية في الخليج، والبعثات الدبلوماسية في المنطقة. ورغم أن القوى التابعة لإيران، مثل حماس وحزب الله، قد تراجعت قوتها بشكل كبير، فإن الميليشيات الموالية لها في العراق ما زالت مسلحة وموجودة.
وقد توقعت الولايات المتحدة احتمال وقوع مثل هذه الهجمات، وسحبت بعض أفرادها كإجراء احترازي. وفي رسائلها العلنية، حذرت واشنطن إيران بشدة من عواقب أي هجوم على أهداف أمريكية.
لكن ماذا لو قُتل مواطن أمريكي في تل أبيب مثلًا، أو في أي مكان آخر؟
قد يجد دونالد ترامب نفسه مضطرًا إلى التحرك، ولطالما اتُّهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يسعى لجرّ الولايات المتحدة إلى معركته ضد إيران.
ويقول محللون عسكريون إن الولايات المتحدة وحدها تملك القاذفات والقنابل الخارقة للتحصينات القادرة على اختراق أعمق المنشآت النووية الإيرانية، وخاصة منشأة فوردو.
وقد وعد ترامب أنصاره من حركة "اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا" بأنه لن يخوض أي "حروب" في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن العديد من الجمهوريين يدعمون حكومة إسرائيل ورؤيتها القائلة إن الوقت قد حان للسعي إلى تغيير النظام في طهران.
لكن إذا أصبحت الولايات المتحدة طرفًا نشطًا في القتال، فسيُعد ذلك تصعيدًا هائلًا قد تكون له تبعات طويلة الأمد ومدمرة.
تورط دول خليجية
إذا فشلت إيران في إلحاق الضرر بالأهداف العسكرية وغيرها من المواقع المحمية جيدًا داخل إسرائيل، فقد تلجأ إلى توجيه صواريخها نحو أهداف أكثر هشاشة في منطقة الخليج، وخصوصًا تلك الدول التي تعتقد إيران أنها ساعدت ودعمت أعداءها على مدى السنوات.
وهناك العديد من الأهداف المتعلقة بالطاقة والبنية التحتية في المنطقة. تذكّر أن إيران اتُّهمت بقصف حقول النفط السعودية في عام 2019، كما استهدفت ميليشياتها الحوثية أهدافًا في الإمارات عام 2022.
ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقات نوعًا من المصالحة بين إيران وبعض دول المنطقة.
لكن هذه الدول تستضيف قواعد جوية أمريكية، وبعضها – بشكل غير معلن – ساعد في الدفاع عن إسرائيل من هجوم صاروخي إيراني العام الماضي.
وإذا تعرّضت منطقة الخليج لهجوم، فقد تطالب بدورها بتدخل الطائرات الحربية الأمريكية للدفاع عنها، إلى جانب الدفاع عن إسرائيل.
صدر الصورة، Reuters
التعليق على الصورة،
متظاهر في نيويورك يحمل لافتة خلال احتجاج ضد الضربات الإسرائيلية على إيران
فشل إسرائيل في تدمير القدرات النووية الإيرانية
ماذا لو فشل الهجوم الإسرائيلي؟ وماذا لو كانت المنشآت النووية الإيرانية عميقة للغاية ومحميّة جيدًا؟ وماذا لو لم يتم تدمير 400 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة وهو الوقود النووي الذي لا يفصله عن درجة التخصيب اللازمة للأسلحة سوى خطوة صغيرة، وهو ما يكفي لصنع نحو عشر قنابل نووية؟
ويُعتقد أن هذا اليورانيوم قد يكون مخبّأً في مناجم سرّية عميقة. قد تكون إسرائيل قتلت بعض العلماء النوويين، لكن لا توجد قنابل قادرة على تدمير المعرفة والخبرة الإيرانية.
وماذا لو أقنع الهجوم الإسرائيلي القيادة الإيرانية بأن السبيل الوحيد لردع المزيد من الهجمات هو الإسراع قدر الإمكان في الحصول على قدرة نووية؟
وماذا لو كان القادة العسكريون الجدد على طاولة القرار أكثر تهورًا وأقل حذرًا من أسلافهم الذين قُتلوا؟
وفي الحد الأدنى، قد يُجبر ذلك إسرائيل على شن مزيد من الهجمات، مما قد يربط المنطقة بحلقة مستمرة من الضربات والضربات المضادة، ولدى الإسرائيليين عبارة قاسية لوصف هذه الاستراتيجية؛ يسمونها "جزّ العشب".
حدوث صدمة اقتصادية عالمية
يشهد سعر النفط ارتفاعًا حادًا بالفعل.
فماذا لو حاولت إيران إغلاق مضيق هرمز، مما سيقيّد حركة النفط بشكل أكبر؟
وماذا لو في الجهة الأخرى من شبه الجزيرة العربية كثّف الحوثيون في اليمن هجماتهم على الملاحة في البحر الأحمر؟ فهم آخر حلفاء إيران من الوكلاء، ولديهم تاريخ من السلوك غير المتوقع والاستعداد لتحمّل مخاطر عالية.
وتعاني العديد من الدول حول العالم بالفعل من أزمة في تكاليف المعيشة، وارتفاع أسعار النفط سيزيد من التضخم في نظام اقتصادي عالمي يعاني أصلًا من أعباء حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها ترامب.
ولا ننسى أن المستفيد الأكبر من ارتفاع أسعار النفط هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي سيشهد تدفق مليارات الدولارات إلى خزائن الكرملين، لتمويل حربه ضد أوكرانيا.
فراغ ناجم عن سقوط النظام الإيراني
وماذا لو نجحت إسرائيل في تحقيق هدفها طويل الأمد بإسقاط النظام الثوري الإسلامي في إيران؟
ويزعم نتنياهو أن هدفه الأساسي هو تدمير القدرات النووية الإيرانية، لكنه أوضح في بيانه الجمعة أن هدفه الأوسع يشمل تغيير النظام.
فقد قال "للشعب الإيراني الفخور" إن هجومه "يمهّد الطريق أمامكم لنيل حريتكم" من ما وصفه بـ"النظام الشرير والقمعي".
وقد يجد إسقاط الحكومة الإيرانية صدى إيجابيًا لدى بعض الأطراف في المنطقة، خاصة لدى بعض الإسرائيليين. لكن، ما الفراغ الذي قد يتركه ذلك؟ وما العواقب غير المتوقعة التي قد تترتب عليه؟ وكيف سيكون شكل الصراع الداخلي في إيران؟
لا يزال كثيرون يتذكرون ما حدث في العراق وليبيا عندما تم إسقاط الحكم المركزي القوي فيهما.
لذلك سيتوقف الكثير على كيفية تطور هذه الحرب في الأيام المقبلة.
وكيف وبأي حدة سترد إيران؟ وما مقدار ضبط النفس، إن وُجد، الذي يمكن أن تمارسه الولايات المتحدة على إسرائيل؟.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 10 دقائق
- نافذة على العالم
أخبار العالم : ترامب: إسرائيل وإيران ستنعمان بالسلام "قريبا"
الأحد 15 يونيو 2025 10:00 مساءً قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ( الأحد ) إن إيران وإسرائيل ستنعمان بالسلام 'قريبا'، مضيفا أن هناك اجتماعات كثيرة غير محددة تُعقد وأنه ينبغي للبلدين التوصل إلى اتفاق. وتبادلت إسرائيل وإيران موجة جديدة من الهجمات خلال الليل وحتى صباح الأحد، مما أسفر عن مقتل العشرات. وقال ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال 'على إيران وإسرائيل التوصل إلى اتفاق، وسوف نتوصل إلى اتفاق… سنصل إلى السلام قريبا'. ولم يقدم ترامب أي تفاصيل حول الاجتماعات أو أي دليل على إحراز تقدم نحو السلام. وتناقض تأكيده مع تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قال يوم السبت إن حملة إسرائيل ضد إيران ستشتد. ولم تجب متحدثة باسم البيت الأبيض بعد على طلب للتعليق على كيفية عمل ترامب والبيت الأبيض على تهدئة الوضع في الشرق الأوسط. وذكر ترامب، الذي يصور نفسه صانع سلام وتعرض لانتقادات من قاعدته السياسية لعجزه عن منع الصراع الإسرائيلي الإيراني، نزاعات أخرى تحمل مسؤولية حلها، ومنها بين الهند وباكستان، وعبر عن أسفه لعدم حصوله على المزيد من الثناء على ذلك. وكتب 'أفعل الكثير ولا أنال أي تقدير لكن لا بأس، فالشعب متفهم. اجعلوا الشرق الأوسط عظيما مرة أخرى!'.


بوابة الأهرام
منذ 17 دقائق
- بوابة الأهرام
أمريكا وإدارة الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية
شكلت الجولة الحالية من المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران, تحولا نوعيا فى قواعد الاشتباك التقليدية بين البلدين التى سادت خلال الفترات الماضية, التى اقتصرت على ضربات إسرائيلية محدودة ضد المنشآت العسكرية الإيرانية ورد إيران عليها بصواريخ باليستية بعيدة المدى. فقد تجاوزت إسرائيل فى هجومها الذى بدأ فجر الجمعة 13 يونيو ما اعتبرته إيران خطوطا حمراء, حيث استهدفت لأول مرة وبشكل مباشر وواسع المنشآت النووية الإيرانية فى مفاعل نطنز ومؤسسة فوردو المحصنة وأراك وبوشهر وغيرها إلى جانب اغتيال ستة علماء نوويين إيرانيين , كما استهدفت قيادات عسكرية إيرانية، وعلى رأسهم رئيس أركان الجيش الإيرانى محمد باقرى ورئيس الحرس الثورى حسين سلامى وأكثر من 20 قيادة عسكرية أخرى, إضافة إلى استهداف مصانع إنتاج الصواريخ الباليستية ومنصات إطلاقها والعديد من القواعد العسكرية المنتشرة فى المدن الإيرانية, وفى المقابل قامت إيران بعد استيعاب هذه الضربات الموجعة, والتى كشفت عن اختراق أمنى كبير, بالرد بموجات عديدة من الصواريخ الباليستية, ضمن عملية الوعد الصادق 3, طالت المدن الإسرائيلية الكبرى خاصة تل أبيب وأوقعت العديد من الضحايا من القتلى والمصابين, ليدخل الطرفان فى صراع مفتوح على كل السيناريوهات. الموقف الأمريكى من التصعيد الحالى بين إسرائيل وإيران يرتكز على عدة أبعاد: أولا: حرصت الإدارة الأمريكية على عدم الانخراط بشكل مباشر فى الصراع, وتأكيد أن الضربات الإسرائيلية ضد إيران بشكل منفرد رغم إقرارها بأنها كانت على علم بتلك الهجمات, لكن الهجوم الإسرائيلى على إيران بهذا الحجم وتوسيع نطاق الأهداف خاصة المنشآت النووية لم يكن ليتم إلا بضوء أخضر أمريكى وبدعم عسكرى ولوجيستى كامل وهو ما اعترف به الرئيس ترامب حيث أشار إلى أن إسرائيل قامت بضربات ناجحة بالعتاد الأمريكى العظيم. كما أن الرئيس ترامب أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لأول مرة باستهداف المنشآت النووية الإيرانية على خلاف إدارة بايدن وأوباما، واللتين نجحتا فى كبح الاندفاع الإسرائيلى وعدم استهداف المنشآت النووية الإيرانية, كما حدث فى المواجهة التى جرت بين البلدين فى أكتوبر الماضى على خلفية الحرب الإسرائيلية على غزة, حيث اقتصرت الضربات الإسرائيلية فقط على المنشآت العسكرية. وبالتالى يمكن القول إن هناك تنسيقا كاملا بين الجانبين الأمريكى والإسرائيلى فيما يتعلق بتوقيت وطبيعة الضربات الإسرائيلية على إيران, فتوقيت الضربة جاء فى اليوم الـ61 لمهلة الرئيس ترامب التى منحها لإيران, والتى تقوم على إما التوصل إلى اتفاق نووى جديد خلال شهرين، وإما ستواجه بعواقب وخيمة, وضغط ترامب بالفعل على نيتانياهو لعدم شن الضربات واستنفاد الخيار الدبلوماسى أولا, وهو ما اعترف به نيتانياهو عندما أشار إلى تأجيل الضربة لإيران من أبريل الماضى إلى يونيو, ومع تعثر جولات المفاوضات النووية الخمس السابقة بين أمريكا وإيران, سمح ترامب لنيتانياهو بالهجوم الواسع على إيران بعد انقضاء مهلة الشهرين. ثانيا: تسعى إدارة ترامب إلى توظيف الضربات الإسرائيلية الموجعة لإيران سياسيا فى الضغط على النظام الإيرانى لدفعه نحو تقديم تنازلات والتوصل لاتفاق نووى جديد وفقا للشروط الأمريكية والتى تضمنها مقترح مبعوث الرئيس ترامب ويتكوف, والتى ترتكز بشكل أساسى على تصفير البرنامج النووى الإيرانى وتفكيكه, من خلال وقف إيران للتخصيب، وإنشاء بدلا من ذلك اتحاد إقليمى لتخصيب اليورانيوم يقوم بتزويد إيران فقط باليورانيوم المخصب بنسبة 3% اللازمة للأغراض السلمية، خاصة إنتاج الكهرباء والأبحاث العلمية, إضافة إلى تخلص إيران من كمية اليورانيوم المخصب التى تمتلكها, والتى تصل إلى 409 كليو جرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%, وتصل إلى 9247 كيلو جراما من اليورانيوم المخصب بجميع درجاته, كذلك تخلص إيران من أجهزة الطرد المركزى المتقدمة، خاصة من نوع آى6, أى شل قدرة إيران فى إمكانية تخصيب اليورانيوم بنسبة مرتفعة وبالتالى إمكانية إنتاج السلاح النووى فى أى وقت, وهذا بالطبع ما رفضته إيران وشددت على حقها فى تخصيب اليورانيوم على أراضيها, مع تقديم ضمانات لتبديد المخاوف الأمريكية والغربية بشأن عدم إنتاجها للسلاح النووي, مع مطالبتها برفع العقوبات الأمريكية أولا. وبالتالى يسعى ترامب من خلال تجريد إيران من قوتها العسكرية وإضعافها أن يدفعها للتوصل إلى اتفاق جديد, فى إطار إعطاء فرصة ثانية لإيران وإلا ستكون الضربات الإسرائيلية أشد شراسة. ثالثا: إدارة أمريكا للصراع الحالى بين إسرائيل وإيران والتى تقوم على المزج بين سياسة العصا والجزرة, أى السماح لإسرائيل باستمرار الهجمات ودعمها عسكريا, وبين الدعوة إلى استئناف المفاوضات النووية والتوصل إلى اتفاق نووى جديد, قد تقود بالفعل إلى الهاوية, فعدم كبح إدارة ترامب لاندفاع حكومة نيتانياهو ومنعها من توسيع نطاق الصراع، خاصة المنشآت النووية واغتيال القيادات الإيرانية, قد يقود بالفعل إلى توسيع نطاق الحرب, خاصة أن النظام الإيرانى يواجه الآن تحديا وجوديا، وقد يضطر من أجل الحفاظ على بقائه التوجه بالفعل نحو خيار امتلاك سلاح نووى, رغم الضربات التى وجهت لبعض المنشآت النووية, حيث إن هناك مؤسسات محصنة تحت الأرض مثل منشآت فوردو. التصعيد الإقليمى بين إسرائيل وإيران ينذر بعواقب خطيرة على الأمن والاستقرار فى المنطقة, وتداعيات سلبية اقتصادية وأمنية وسياسية, ويتطلب دورا أكثر فاعلية من جانب الولايات المتحدة لضبط مسار التفاعلات ومنع خروج الأمور عن السيطرة بالضغط على الجانب الإسرائيلى من ناحية والتركيز على إبرام اتفاق نووى جديد لنزع فتيل الانفجار فى المنطقة.


بوابة الأهرام
منذ 17 دقائق
- بوابة الأهرام
النهاية لم تكتب بعد
من المقولات الراسخة فى تحليل الحروب «من اليسير معرفة لحظة بدء الحرب، بينما من الصعوبة إلى حد الاستحالة أحيانا معرفة النهاية وكيف ستكون نتائجها». إسرائيل بدأت عدوانها السافر على إيران بعد عملية خداع ومناورة أمريكية إسرائيلية، بدا فيها الرئيس ترامب وكأنه يحذر نيتانياهو من شن عملية عسكرية ضد المنشآت الإيرانية النووية، مع تفضيل التفاوض وصولا إلى اتفاق يُنهى قدرات إيران فى تخصيب اليورانيوم، ويحول دون امتلاكها قنبلة نووية، ما يحقق الهدف الإسرائيلى الأمريكى الأسمى فى تجريد إيران من أهم قدراتها العلمية بشقيها السلمى الثابت، والعسكرى المحتمل نظريا. الخداع الأمريكى الإسرائيلى لم يكن مُحكما، رغم تغريدات الرئيس ترامب المراوغة، فكل الدلائل كانت تصب فى حتمية شن إسرائيل عدوانا كبيرا وشرسا مدعوما من قبل واشنطن بالمعلومات والخرائط والقنابل شديدة التدمير، وطائرات الإمداد بالوقود والتشويش على منظومات الدفاع الجوى الإيرانية فى توقيتات محددة بدقة فى أثناء شن الغارات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية المختلفة. كان التقدير الإسرائيلى الأمريكى أن ضربة مكثفة للمنشآت النووية الإيرانية، وقتل العديد من العلماء والقيادات العسكرية، سوف تُحرم إيران من كل أوراق التفاوض، ما يدفعها الى الإذعان والانصياع الكامل لكل ما تطلبه واشنطن، وبذلك تنتهى حقبة لعبت فيها طهران أدواراً رئيسية فى سياسات الشرق الأوسط، وتبدأ معها حقبة إسرائيل المتوحشة، مشبعة بالعنجهية والاستعلاء الصهيونى غير المحدود، كما بشر بذلك نيتانياهو اكثر من مرة فى الأشهر الأخيرة، معتبرا أن إسرائيل تعيد هيكلة الإقليم ككل بقيادتها المطلقة، ليس كمجرد وكيل للغرب، بل كقائد له الكلمة العليا فى الإقليم ككل. ومن اليسير ملاحظة أن أهداف إسرائيل وواشنطن لم تتوقف عند حد إنهاء قدرات التخصيب الإيرانية، بل تطورت إلى إنهاء كل القدرات النووية الإيرانية، ثم تطور الأمر إلى القضاء على النظام، وتحريض الإيرانيين على التمرد وهدم النظام وخلق فوضى تحقق لإسرائيل بعضا من طموحاتها الاستعمارية. وفقا لمجريات الأحداث فى الأيام الثلاثة الماضية، ورغم إصابة العديد من منشآت إيران النووية وفقدان عدد من قيادات الصف الأول فى الجيش والحرس الثورى الإيرانى، فإن قدرة إيران على الرد بالصواريخ والطائرات المسيرة، والآخذة فى التصاعد، والوصول إلى العديد من المواقع العسكرية والمطارات ومقار الموساد والتجسس السيبرانى فى قلب تل أبيب، وتحقيق إصابات كبيرة رغم قيود النشر المعمول بها فى الكيان، تبدو نظرية إسرائيل فى التفوق المطلق وإذلال إيران، ثم التحول إلى قوى أخرى فى الإقليم، نظرية عبثية، غير قابلة للتحقق، ولها نتائج عكسية على وجود إسرائيل ذاتها. صحيح أن الدعم الأمريكى العسكرى والسياسى لن يضعف، والدعم البريطانى المباشر للمشاركة فى العدوان الإسرائيلى على إيران بات مكشوفا ومُعلنا عنه رسميا من قبل لندن، لكن قضية الوجود ذاتها لا تقف عند حد القدرات العسكرية مهما كانت كبيرة، إذ تتعلق أساسا بمدى إيمان المجلوبين من دول متباعدة بمشروعية البقاء فى أراض مغتصبة لا حق لهم فيها. ذلك الإيمان ورغم كل عمليات اصطناعه قسرا، طوال العقود الثمانية الماضية، بات يواجه الحقائق المرة، فالمستقبل لأصحاب الأرض الأصلاء، وأصحاب الحضارة والتاريخ المتجذر فى النفوس، وليس للغرباء. لن يقف العدوان الإسرائيلى عند حد إيران، فنيتانياهو له موقف مُعلن وصريح، يتجاوز إيران إلى كل العالم الإسلامى، معتبرا رسالته الكبرى تتمثل فى إنهاء القدرات العلمية والمادية للدول الإسلامية كافة فى امتلاك أى قدرات نووية سلمية أو غير سلمية، وذكر باكستان بوضوح لا لبس فيه، كهدف تال للقضاء على قدراتها العسكرية النووية، بعد الانتهاء من مهمة إيران وفقا لتطلعاته العدوانية الصارخة. هذا التفكير العدوانى والاستعلاء الاستعمارى للكيان، يؤكد أن المعركة الجارية مع إيران الآن ليست نهاية الطريق، بل هى بداية لعدوان أكبر، سيجر بالفعل الكثير من الدول إلى التورط المباشر فى مواجهات كبرى، حفظا لوجودها، وفى النهاية المؤجلة بعض الوقت، سيُعاد تشكيل الشرق الأوسط وجنوب آسيا على نحو كارثى، لن تبقى معه أى كيانات مصطنعة، فقط أصحاب الأرض والحضارة والتاريخ هم الباقون. انظروا الى باكستان ورؤيتها التى عبر عنها وزير خارجيتها بضرورة الوقوف ومساندة إيران، لان العقل الاستراتيجى والسياسى الباكستانى يدرك تماما ما تضمره إسرائيل ومن ورائها دول كبرى فى العالم، وفى الجوار الباكستانى ذاته، تؤمن بما تؤمن به نخبة التطرف والعدوان الإسرائيلية، وتوفر لها كل أسباب العدوان والدمار. وفى الخلفية قناعات مضمرة بمواجهة الإسلام والعالم الإسلامى ومحاصرته فى دائرة الضعف والتخلف. لقد أرسلت إسلام أباد تحذيرا واضحا إلى كل من واشنطن ولندن وموسكو، انه فى حالة قيام إسرائيل بمهاجمة إيران نووياً، ستضطر لمهاجمة إسرائيل نوويا. تحذير قوى يوضح إلى اى حد يمكن ان تتطور الأمور لتصبح كارثة إقليمية عالمية كبرى، الإشارات من طهران تنذر بإغلاق مضيق هرمزإن تطورت الأمور إلى نقطة يصعب فيها السيطرة على مجريات المواجهة العسكرية. المهم ملاحظة ان طهران بعد أن فقدت شقا مهما من قدرات الدفاع الجوى بعد الهجوم الإسرائيلى الاول، تمكنت من تشغيل منظومات جديدة، وصلت إليها من الأصدقاء، أصابت وأوقعت عددا من الطائرات الإسرائيلية أمريكية الصنع، وأسر 3 من طياريها، وفقا للمعلن. ومن اقصى شرق آسيا، تعلن كوريا الشمالية استعدادها لمساعدة إيران، ومعروف ان لدى بيونج يانج قدرات صاروخية معتبرة، من حيث الحمولة التفجيرية والمسافات البعيدة. وتلك بدورها لم تكن فى الحسابات الإسرائيلية الأمريكية، هكذا تتفاعل التطورات على الارض، وتخرج عن مسارها المرسوم أمريكيا وإسرائيليا، وتجذب كثيرين لتكون لهم كلمة حاسمة، لم تتصورها عقول مريضة بالعنجهية والكذب والنفاق.