logo
مضيق هرمز من ورقة ضغط جيوسياسية إلى أزمة اقتصادية معقدة‎

مضيق هرمز من ورقة ضغط جيوسياسية إلى أزمة اقتصادية معقدة‎

العربيةمنذ 6 ساعات

تناولت في مقال سابق نشر في صحيفة مال بعنوان 'هل هناك أهمية اقتصادية لمضيق هرمز لدول الخليج' أهمية هذا الممر المائي الحيوي وانعكاساته على الاقتصادات الخليجية ومن بينها الاقتصاد السعودي.
واليوم مع تصاعد التوترات الإقليمية والجيوسياسية في منطقة الخليج خلال 2025 تعود أهمية طرح الموضوع من جديد في ضوء المستجدات العالمية وتأثيرها الأوسع على الاقتصاد السعودي والعالمي بشكل أكثر تعقيداً وترابطاً.
يعد مضيق هرمز أحد أخطر النقاط الجغرافية وأكثرها حساسية في الاقتصاد العالمي حيث تمر عبره بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية لعام 2024 ما يقارب 20 مليون برميل من النفط يومياً وهو ما يشكل ما يقارب 30% من إجمالي تجارة النفط البحرية العالمية إضافة إلى مرور حوالي 35% من تجارة الغاز المسال العالمية عبر هذا المضيق الحيوي.
وتعتمد السعودية بشكل مباشر على هذا المعبر البحري الحيوي لتصدير جزء كبير من إنتاجها النفطي نحو الأسواق الآسيوية والأوروبية حيث تشكل العوائد النفطية النسبة الأكبر من إجمالي دخل المملكة بالرغم من جهودها الحثيثة في تنويع الاقتصاد ضمن رؤية 2030.
تتصاعد خطورة هذا الموقع مع التهديدات الإيرانية المتكررة بإغلاق المضيق جزئياً أو كلياً. في حال تنفيذ أي إغلاق فعلي أو تعطل الملاحة بشكل محدود يتوقع بنك جي بي مورغان أن ترتفع أسعار النفط إلى مستويات قد تصل إلى 130 دولاراً للبرميل وهي مستويات من شأنها دفع أسواق الطاقة العالمية إلى حالة من الاضطراب السعري يصعب على الحكومات التحكم فيه في المدى القصير والمتوسط.
هذا الارتفاع الحاد في الأسعار سينعكس بصورة مباشرة على أسواق الوقود حول العالم حيث تشير تقديرات الاقتصاديين في السوق الأميركية أن أسعار البنزين قد ترتفع بنسبة 17% مما يعيد التضخم في الولايات المتحدة إلى مستويات حرجة تفوق قدرة الفيدرالي الأميركي على معالجتها عبر خفض معدلات الفائدة التي يعتمدها اليوم في إطار استهدافه لمستوى التضخم عند 2%.
وفي حال بقاء الأسعار مرتفعة لعدة أشهر فإن ذلك سيدفع الفيدرالي الأميركي لرفع أسعار الفائدة بشكل متواصل مما يهدد بتباطؤ اقتصادي عالمي واسع النطاق قد ينعكس على سلاسل الإمداد المالية والتجارية برمتها.
أما بالنسبة للاقتصاد السعودي فإن هذا الارتفاع الأولي في أسعار النفط قد يعزز عائدات الحكومة مؤقتاً لكنه يحمل مخاطر طويلة الأمد في حالة تذبذب الأسواق وارتفاع تكاليف الاستيراد والسلع والخدمات العالمية مما يؤدي إلى تضخم داخلي غير مرغوب في بيئة اقتصادية تسعى المملكة فيها لضبط معدلات التضخم والسيطرة على تكلفة تمويل مشاريع التنويع الاقتصادي.
كما أن اي توسع في النزاع الحالي قد يضعف من جاذبية المنطقة للاستثمار الأجنبي الذي يعتمد في قراراته الاستثمارية على استقرار بيئة الأمن البحري والمالي والتجاري، مع التأكيد أن المملكة في ظل قيادتها الرشيدة الأخف ضررا بحكم اقتصادها ومساحتها وجاذبيتها.
حيث نجد أن المملكة خلال السنوات الماضية سعت بشكل استباقي إلى تطوير موانئ بديلة على ساحل البحر الأحمر في ينبع وجدة كجزء من تقليل الاعتماد الاستراتيجي على المضيق إلا أن مضيق هرمز يبقى مع ذلك نقطة ضعف بنيوية في منظومة نقل الطاقة الخليجية يصعب تجاوزها بالكامل
كما عملت السعودية ضمن تحالفاتها الخليجية والدولية على تكثيف الجهود البحرية في تعزيز أمن المضيق بالتعاون مع الأسطول الأميركي والقوى البحرية المشتركة المتمركزة في الخليج لتأمين حرية الملاحة ومنع محاولات الابتزاز الجغرافي للطاقة.
ويؤكد هذا السيناريو من جديد مدى حساسية العلاقة العميقة بين الطاقة والجغرافيا في الخليج حيث يتحول كل تصعيد أمني في منطقة ضيقة جغرافياً مثل مضيق هرمز إلى أزمة طاقة عالمية مفتوحة تنعكس مباشرة على النمو والاستقرار الاقتصادي.
أخيراً في ظل استمرار التطورات الجيوسياسية فإن مضيق هرمز سيظل لعقود قادمة يشكل عنق الزجاجة الأكبر في أمن الطاقة العالمي وسيبقى واحداً من أعقد أدوات التأثير المتبادل بين السياسة والاقتصاد في العالم كله.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصين تُخفف ضوابط تصدير المعادن الأرضية النادرة
الصين تُخفف ضوابط تصدير المعادن الأرضية النادرة

أرقام

timeمنذ ساعة واحدة

  • أرقام

الصين تُخفف ضوابط تصدير المعادن الأرضية النادرة

أعلنت وزارة التجارة الصينية يوم الخميس عن تخفيف ضوابط تصدير المعادن الأرضية النادرة، في خطوة أولية على مسار تيسير الوصول لهذه المواد عبر سلاسل التوريد العالمية. قالت الوزارة في بيان إنها وافقت على عدد من تراخيص التصدير، لكنها لم توضح العدد تحديداً، أو ما إذا كان يتضمن تراخيص لشركات أمريكية. وذكر المتحدث باسم الوزارة "هي يادونج" في مؤتمر صحفي، أن الصين ستواصل تيسير عملية الموافقة على تراخيص التصدير، معرباً عن استعداد بلاده لتعزيز التواصل والحوار مع الدول المعنية بهذه المسألة. يأتي ذلك بعدما قررت الصين في أوائل أبريل الماضي تقليص صادرات بعض المعادن النادرة المستخدمة في قطاع صناعة السيارات، وذلك في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" عن حزمة الرسوم الجمركية الباهظة على كثير من الدول.

باول: اضطرابات الشرق الأوسط لن يكون لها آثار ممتدة على التضخم
باول: اضطرابات الشرق الأوسط لن يكون لها آثار ممتدة على التضخم

أرقام

timeمنذ ساعة واحدة

  • أرقام

باول: اضطرابات الشرق الأوسط لن يكون لها آثار ممتدة على التضخم

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" أن اضطراب الأوضاع في الشرق الأوسط تميل إلى رفع أسعار الطاقة بشكل حاد، لكن الأمر لا يكون له آثار طويلة الأمد على التضخم. ذكر "باول" في مؤتمر صحفي أمس، الأربعاء، عقب اجتماع السياسة النقدية، أن مسؤولي الفيدرالي يراقبون تطورات الوضع في الشرق الأوسط. وأضاف أنه في سبعينيات القرن الماضي، كان لزيادة أسعار الطاقة تداعيات ممتدة على التضخم، لكن السبب في ذلك كان سلسلة من الصدمات الاقتصادية الضخمة للغاية حدثت آنذاك. وأوضح "باول" أنه من بين تلك الصدمات كانت الثورة الإيرانية التي أدت إلى انخفاض كبير في الإنتاج العالمي من النفط، والحظر العربي لتصدير الخام في أعقاب حرب أكتوبر. وقلل "باول" من خطر حدوث سيناريوهات بهذه الحدة خلال الأزمة الراهنة بالشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الاقتصاد الأمريكي بات أقل اعتماداً بكثير على النفط الأجنبي مما كان عليه في سبعينيات القرن العشرين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store