
آثار مصر المنهوبة... تريليون دولار اتلفتها لعنة الصفوة
تشير التقديرات إلى وجود أكثر من مليون قطعة أثرية مصرية في الخارج، قيمتها لا تقدر بثمن وإن كانت تقديرات الباحثين تؤكد أنها تخطت تريليون دولار، ورغم ذلك يستمر بعض المصريين في التنقيب عن الآثار إذ اكتشف بالصدفة الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، أعمال تنقيب داخل قصر ثقافة الطفل بالأقصر، فمتى تنتهي ممارسات التنقيب عن الآثار وتهريبها، وما هي العقوبات والثغرات القانونية، وكم عدد الآثار المصرية المستردة من الخارج، وكيف تستفيد مصر من آثارها في الخارج؟
يقول الدكتور مجدي شاكر كبير الاثريين في وزارة السياحة والآثار، لـ"النهار" إن عدد قطع الآثار المصرية في الخارج يقدر بأكثر من مليون قطعة في 40 متحفاً حول العالم، أبرزها المتحف البريطاني - لندن الذي يعرض 110 آلاف قطعة أبرزها حجر رشيد، متحف "Neues" – برلين الذي يعرض 80 ألف قطعة أبرزها تمثال رأس نفرتيتي الشهير غالب هذه الآثار تم الحصول عليها من تل العمارنة والأقصر، متحف اللوفر – باريس الذي يعرض 55 ألف قطعة أبرزها تمثال رمسيس الثاني، أوكسفورد 16 ألفاً، ليفربول 16 ألفاً، متحف المتروبوليتان - نيويورك يحتوي على أكثر من 26 ألف قطعة أثرية مصرية، ومتحف تورينو المصري - إيطاليا يضم نحو 32.5 ألف قطعة أثرية.
وتشير التقديرات الى أن قيمة الآثار المصرية في الخارج تتجاوز 20 مليار دولار ، لكن شاكر أكد أن هذا الرقم المتداول أقل بكثير من القيمة الفعلية "التي لا تقدر بثمن" على حد قوله، مضيفاً أن أقل قيمة لآثار مصر في الخارج تبدأ من تريليون دولار، وبرهن ذلك بأن قناع الملك توت عام 1976 أثناء نقله الى أحد المعارض كان مؤمناً عليه بقيمة 150 مليون جنيه إسترليني، فإذا كان هذا الرقم الضخم هو تكلفة التأمين فقط، فكم يكون سعر بيع القناع نفسه؟
كيف سافرت آثار مصر الى الخارج؟
يقول شاكر إن الآثار المصرية سافرت الى الخارج وفق 3 آليات: الأولى عبر البعثات الأجنبية العاملة في مجال التنقيب، لأنه قبل عام 1983 كان يسمح لهذه البعثات بالحصول على نسبة من الآثار المكتشفة، وانتهى ذلك بصدور قانون حماية الآثار عام 1983.
والآلية الثانية هي تهريب اللصوص والعصابات للآثار خلسة، ياللأسف لا يمكن استعادة هذه الآثار المنهوبة؛ لأن الدولة لا تعرف عنها شيئاً ولا توجد لها سجلات موثقة، والآلية الثالثة هي الآثار المكتشفة والمسجلة بالفعل لدى الدولة ولكن تمت سرقتها وتهريبها. وهذه القطع يحق للحكومة المصرية طلب استردادها.
كيف تستفيد مصر من آثارها في الخارج؟
فجر شاكر مفاجأة بأن الآثار المصرية لا تخضع لقانون الملكية الفكرية، وأنه في حالة إضافتها الى قانون الملكية الفكرية يحق للدولة المصرية طلب نسبة من المتاحف الأجنبية التي تعرض آثاراً مصرية، مثل المتحف البريطاني الذي يجني 15 مليون جنيه إسترليني سنوياً، وفي هذه الحالة يمكن لمصر طلب نسبة 5% من الإيرادات السنوية.
ويضيف أنه يمكن لمصر ألا تحصل على هذه العائدات كقيمة نقدية ولكن يمكن تحويلها الى بعثات تمنحها هذه الدول للمواطنين المصريين، أو لجان ترميم أجنبية تأتي إلى مصر لترميم الآثار.
وبسؤاله عن سيناريو رفض الدول المستحوذة على الآثار المصرية التعاون، قال كبير الباحثين في الآثار المصرية لـ"النهار" أنه يمكن الضغط على هذه الدول من خلال رفض استقبال القاهرة للبعثات الأجنبية، إذ توجد 20 جامعة حول العالم تدرس علم المصريات، وفي حالة رفض مصر استقبال بعثاتها ستخسر الدول الرافضة للتعاون ملايين الدولارات.
عقوبة التنقيب والاتجار بالآثار في القانون المصري
يُجرّم القانون المصري تهريب الآثار الى الخارج، وفق المادة 42 مكرر "2" من قانون حماية الآثار يعاقب بالسجن المشدد، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تزيد على 10 ملايين جنيه كل من حاز أو أحرز أو باع أثراً أو جزءاً من أثر خارج مصر، ما لم يكن بحوزته مستند رسمي يفيد خروجه من مصر بطريقة مشروعة، ويحكم فضلاً عن ذلك بمصادرة الأثر محل الجريمة.
وبالحديث عن جرائم التنقيب، يقول شاكر إن القانون المصري يُعاقب كل من يثبت محاولته التنقيب عن الآثار بشكل غير شرعي بالسجن من 3 إلى 7 سنوات، وذلك في حالة التنقيب وليس استخراج الآثار ومحاولة التصرف بها.
ولفت إلى وجود ثغرات قانونية تسمح بتخفيف عقوبة الإتجاربالآثار المصرية من مؤبد إلى 3 سنوات فقط، مشيراً إلى قضية تهريب الآثار المصرية إلى أوروبا والتي كان متهماً فيها الفنان بطرس رؤوف بطرس غالي، شقيق وزير المال الأسبق يوسف بطرس غالي، وحكم عليه بالمشدد 15 سنة ، ثم خُفف الحكم إلى 5 سنوات فقط وتم رفع الحظر على أمواله في مقابل غرامة مالية بمليون جنيه فقط (نحو 20 ألف دولار)، فهل يعقل أن تهرب آثار لا تقدر بثمن ثم تسدد غرامة 20 ألف دولار فقط؟ هذه الإجراءات والثغرات تشجع المواطنين على التنقيب وتهريب كنوز مصر؛ لإنها غير رادعة، معلقاً: "مصر لا تعاني لعنة الفراعنة وإنما لعنة الصفوة ممن يسرقون كنوز مصر ويأمنون العقاب".
وطالب الدولة المصرية بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية والتخلي عن فكرة "الغفير أبو نبوت"، والتحول إلى التكنولوجيا الحديثة واستخدام الأقمار الصناعية في المراقبة، وإطلاق حملات لزيادة الوعي المجتمعي نحو أهمية الآثار المصرية ودورها في الحفاظ على الهوية المصرية وتاريخ مصر الممتد لأكثر من 7 آلاف عام.
وانتقد الإجراءات التي تتبعها الدولة في تعظيم عائدات المناطق الأثرية، قائلاً هل يُعقل أن تؤجر الحكومة المصرية منطقة الأهرامات إلى الملياردير نجيب ساويرس لمدة 15 عاماً في مقابل 20 مليون جنيه فقط (403 آلاف دولار،) مع منحه امتيازات أبرزها أن أول 3 سنوات من العقد مجاناً، وفي المقابل في عام 2007، وقّعت حكومة أبوظبي اتفاقية شراكة ثقافية مع فرنسا لإنشاء متحف اللوفر أبوظبي، تضمنت دفع ما مجموعه نحو 1.3 مليار دولار (974.5 مليون يورو)في مقابل استخدام اسم "اللوفر" وخدمات متعلقة بالمتحف لمدة 30 عاماً، مع تمديد لاحق حتى عام 2047، متسائلاً لماذا لم تحصل مصر على هذا العرض المغري!
وفي السياق نفسه انتقد شاكر استمرار قانون حيازة الآثار لدى العائلات التي كانت في حيازتها قطع آثار وطلبت من الحكومة الاحتفاظ بها في مقابل خضوعها للرقابة الحكومية المستمرة، ومثال على ذلك مدرسة السلام في أسيوط التي تضم متحفاً كاملاً بداخلها يخضع لحيازة عائلة خشبة.
يقول كبير الأثريين إن مصر نجحت في الأيام القليلة الماضية في استرداد 25 قطعة من الولايات المتحدة، و20 من اوستراليا، و7 قطع من باريس، و67 قطعة من ألمانيا، وقطعة من هولندا، وتمثالين من بلجيكا، واستردت أمس 11 قطعة من نيويورك.
وفي عام 2023، استعادت 25 قطعة أثرية من الولايات المتحدة، بما في ذلك توابيت ومجوهرات.
ومنذ عام 2014 حتى آبأغسطس 2024، نجحت مصر في استرداد أكثر من 30,000 قطعة أثرية من الخارج، وذلك من خلال متابعة صالات المزادات والمواقع الإلكترونية، والتنسيق مع الجهات الدولية المعنية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ يوم واحد
- النهار
آثار مصر المنهوبة... تريليون دولار اتلفتها لعنة الصفوة
تشير التقديرات إلى وجود أكثر من مليون قطعة أثرية مصرية في الخارج، قيمتها لا تقدر بثمن وإن كانت تقديرات الباحثين تؤكد أنها تخطت تريليون دولار، ورغم ذلك يستمر بعض المصريين في التنقيب عن الآثار إذ اكتشف بالصدفة الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، أعمال تنقيب داخل قصر ثقافة الطفل بالأقصر، فمتى تنتهي ممارسات التنقيب عن الآثار وتهريبها، وما هي العقوبات والثغرات القانونية، وكم عدد الآثار المصرية المستردة من الخارج، وكيف تستفيد مصر من آثارها في الخارج؟ يقول الدكتور مجدي شاكر كبير الاثريين في وزارة السياحة والآثار، لـ"النهار" إن عدد قطع الآثار المصرية في الخارج يقدر بأكثر من مليون قطعة في 40 متحفاً حول العالم، أبرزها المتحف البريطاني - لندن الذي يعرض 110 آلاف قطعة أبرزها حجر رشيد، متحف "Neues" – برلين الذي يعرض 80 ألف قطعة أبرزها تمثال رأس نفرتيتي الشهير غالب هذه الآثار تم الحصول عليها من تل العمارنة والأقصر، متحف اللوفر – باريس الذي يعرض 55 ألف قطعة أبرزها تمثال رمسيس الثاني، أوكسفورد 16 ألفاً، ليفربول 16 ألفاً، متحف المتروبوليتان - نيويورك يحتوي على أكثر من 26 ألف قطعة أثرية مصرية، ومتحف تورينو المصري - إيطاليا يضم نحو 32.5 ألف قطعة أثرية. وتشير التقديرات الى أن قيمة الآثار المصرية في الخارج تتجاوز 20 مليار دولار ، لكن شاكر أكد أن هذا الرقم المتداول أقل بكثير من القيمة الفعلية "التي لا تقدر بثمن" على حد قوله، مضيفاً أن أقل قيمة لآثار مصر في الخارج تبدأ من تريليون دولار، وبرهن ذلك بأن قناع الملك توت عام 1976 أثناء نقله الى أحد المعارض كان مؤمناً عليه بقيمة 150 مليون جنيه إسترليني، فإذا كان هذا الرقم الضخم هو تكلفة التأمين فقط، فكم يكون سعر بيع القناع نفسه؟ كيف سافرت آثار مصر الى الخارج؟ يقول شاكر إن الآثار المصرية سافرت الى الخارج وفق 3 آليات: الأولى عبر البعثات الأجنبية العاملة في مجال التنقيب، لأنه قبل عام 1983 كان يسمح لهذه البعثات بالحصول على نسبة من الآثار المكتشفة، وانتهى ذلك بصدور قانون حماية الآثار عام 1983. والآلية الثانية هي تهريب اللصوص والعصابات للآثار خلسة، ياللأسف لا يمكن استعادة هذه الآثار المنهوبة؛ لأن الدولة لا تعرف عنها شيئاً ولا توجد لها سجلات موثقة، والآلية الثالثة هي الآثار المكتشفة والمسجلة بالفعل لدى الدولة ولكن تمت سرقتها وتهريبها. وهذه القطع يحق للحكومة المصرية طلب استردادها. كيف تستفيد مصر من آثارها في الخارج؟ فجر شاكر مفاجأة بأن الآثار المصرية لا تخضع لقانون الملكية الفكرية، وأنه في حالة إضافتها الى قانون الملكية الفكرية يحق للدولة المصرية طلب نسبة من المتاحف الأجنبية التي تعرض آثاراً مصرية، مثل المتحف البريطاني الذي يجني 15 مليون جنيه إسترليني سنوياً، وفي هذه الحالة يمكن لمصر طلب نسبة 5% من الإيرادات السنوية. ويضيف أنه يمكن لمصر ألا تحصل على هذه العائدات كقيمة نقدية ولكن يمكن تحويلها الى بعثات تمنحها هذه الدول للمواطنين المصريين، أو لجان ترميم أجنبية تأتي إلى مصر لترميم الآثار. وبسؤاله عن سيناريو رفض الدول المستحوذة على الآثار المصرية التعاون، قال كبير الباحثين في الآثار المصرية لـ"النهار" أنه يمكن الضغط على هذه الدول من خلال رفض استقبال القاهرة للبعثات الأجنبية، إذ توجد 20 جامعة حول العالم تدرس علم المصريات، وفي حالة رفض مصر استقبال بعثاتها ستخسر الدول الرافضة للتعاون ملايين الدولارات. عقوبة التنقيب والاتجار بالآثار في القانون المصري يُجرّم القانون المصري تهريب الآثار الى الخارج، وفق المادة 42 مكرر "2" من قانون حماية الآثار يعاقب بالسجن المشدد، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تزيد على 10 ملايين جنيه كل من حاز أو أحرز أو باع أثراً أو جزءاً من أثر خارج مصر، ما لم يكن بحوزته مستند رسمي يفيد خروجه من مصر بطريقة مشروعة، ويحكم فضلاً عن ذلك بمصادرة الأثر محل الجريمة. وبالحديث عن جرائم التنقيب، يقول شاكر إن القانون المصري يُعاقب كل من يثبت محاولته التنقيب عن الآثار بشكل غير شرعي بالسجن من 3 إلى 7 سنوات، وذلك في حالة التنقيب وليس استخراج الآثار ومحاولة التصرف بها. ولفت إلى وجود ثغرات قانونية تسمح بتخفيف عقوبة الإتجاربالآثار المصرية من مؤبد إلى 3 سنوات فقط، مشيراً إلى قضية تهريب الآثار المصرية إلى أوروبا والتي كان متهماً فيها الفنان بطرس رؤوف بطرس غالي، شقيق وزير المال الأسبق يوسف بطرس غالي، وحكم عليه بالمشدد 15 سنة ، ثم خُفف الحكم إلى 5 سنوات فقط وتم رفع الحظر على أمواله في مقابل غرامة مالية بمليون جنيه فقط (نحو 20 ألف دولار)، فهل يعقل أن تهرب آثار لا تقدر بثمن ثم تسدد غرامة 20 ألف دولار فقط؟ هذه الإجراءات والثغرات تشجع المواطنين على التنقيب وتهريب كنوز مصر؛ لإنها غير رادعة، معلقاً: "مصر لا تعاني لعنة الفراعنة وإنما لعنة الصفوة ممن يسرقون كنوز مصر ويأمنون العقاب". وطالب الدولة المصرية بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية والتخلي عن فكرة "الغفير أبو نبوت"، والتحول إلى التكنولوجيا الحديثة واستخدام الأقمار الصناعية في المراقبة، وإطلاق حملات لزيادة الوعي المجتمعي نحو أهمية الآثار المصرية ودورها في الحفاظ على الهوية المصرية وتاريخ مصر الممتد لأكثر من 7 آلاف عام. وانتقد الإجراءات التي تتبعها الدولة في تعظيم عائدات المناطق الأثرية، قائلاً هل يُعقل أن تؤجر الحكومة المصرية منطقة الأهرامات إلى الملياردير نجيب ساويرس لمدة 15 عاماً في مقابل 20 مليون جنيه فقط (403 آلاف دولار،) مع منحه امتيازات أبرزها أن أول 3 سنوات من العقد مجاناً، وفي المقابل في عام 2007، وقّعت حكومة أبوظبي اتفاقية شراكة ثقافية مع فرنسا لإنشاء متحف اللوفر أبوظبي، تضمنت دفع ما مجموعه نحو 1.3 مليار دولار (974.5 مليون يورو)في مقابل استخدام اسم "اللوفر" وخدمات متعلقة بالمتحف لمدة 30 عاماً، مع تمديد لاحق حتى عام 2047، متسائلاً لماذا لم تحصل مصر على هذا العرض المغري! وفي السياق نفسه انتقد شاكر استمرار قانون حيازة الآثار لدى العائلات التي كانت في حيازتها قطع آثار وطلبت من الحكومة الاحتفاظ بها في مقابل خضوعها للرقابة الحكومية المستمرة، ومثال على ذلك مدرسة السلام في أسيوط التي تضم متحفاً كاملاً بداخلها يخضع لحيازة عائلة خشبة. يقول كبير الأثريين إن مصر نجحت في الأيام القليلة الماضية في استرداد 25 قطعة من الولايات المتحدة، و20 من اوستراليا، و7 قطع من باريس، و67 قطعة من ألمانيا، وقطعة من هولندا، وتمثالين من بلجيكا، واستردت أمس 11 قطعة من نيويورك. وفي عام 2023، استعادت 25 قطعة أثرية من الولايات المتحدة، بما في ذلك توابيت ومجوهرات. ومنذ عام 2014 حتى آبأغسطس 2024، نجحت مصر في استرداد أكثر من 30,000 قطعة أثرية من الخارج، وذلك من خلال متابعة صالات المزادات والمواقع الإلكترونية، والتنسيق مع الجهات الدولية المعنية.


الديار
منذ 2 أيام
- الديار
احتياطيات البلاتين ومعادن نفيسة أخرى على القمر تقدر بتريليون دولار
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب يُحتمل أن تحتوي الفوهات والحفر القمرية على بلاتين ومعادن نفيسة أخرى، نقلتها النيازك عند اصطدامها بسطح القمر، بقيمة قد تتجاوز تريليون دولار. يُشير ذلك إلى أن الاستخراج الاقتصادي للموارد القمرية قد يكون أكثر جدوى من تعدين الكويكبات، رغم أن الوضع القانوني لمثل هذه الأنشطة ما زال غامضًا. وفي هذا الصدد، قدَّرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Planetary and Space Science وجود كميات تجارية مهمة من معادن مجموعة البلاتين (البلاتين، البلاديوم، الروديوم، الروثينيوم، الإيريديوم، الأوزميوم) على القمر، والتي خلَّفتها اصطدامات الكويكبات بسطحه. صرح عالم الفلك جاينت شينامانغالام، أحد مؤلفي الدراسة، قائلا: "تُجرى دراسات علم الفلك اليوم في الغالب لإشباع فضولنا العلمي. فمعظمها يمتلك تطبيقات عملية محدودة للغاية، وتعتمد تمويلاتها بشكل أساسي على الأموال العامة، مما يجعل التقدم العلمي رهينا بالتوجهات السياسية. لكن إذا نجحنا في تحقيق عوائد مادية من موارد الفضاء - سواء على القمر أو الكويكبات - فسنشهد تحولا جذريا حيث ستبادر الشركات الخاصة إلى ضخ استثماراتها في أبحاث استكشاف النظام الشمسي." أخذت الحسابات العلمية في الاعتبار ثلاثة عوامل رئيسية: نسبة الفوهات القمرية التي يُعتقد أنها تشكلت بفعل اصطدام كويكبات معدنية عدد الكويكبات التي تحتوي على تركيزات كافية من معادن مجموعة البلاتين الكويكبات التي اصطدمت بالقمر بسرعة منخفضة تكفي لترك بقايا كبيرة وقد كشفت النتائج أنه من بين نحو 1.3 مليون فوهة قمرية يتجاوز قطرها كيلومترا واحدا، هناك حوالي 6,500 فوهة تشكلت بواسطة كويكبات كانت تحمل كميات تجارية كبيرة من البلاتين. أضاف شينامانغالام: "هذه النتائج تُشير إلى احتمال وجود عدد أكبر بكثير من الفوهات القمرية الحاوية على بقايا معدنية ناتجة عن اصطدام الكويكبات، مقارنةً بعدد الكويكبات القابلة للتعدين فعليا في الفضاء." وبحسب تقديراته الأولية، فإن القيمة الإجمالية للبلاتين والمعادن النفيسة القابلة للاستخراج من هذه الفوهات قد تصل إلى تريليون دولار - وهو رقم يستحق التوقف عنده. وسيكون التعدين على القمر أسهل منه على الكويكبات، لأن معظم الكويكبات أبعد، وتخلق جاذبيتها الضعيفة جدا صعوبات تقنية. أما جاذبية القمر فهي أضعف بست مرات فقط من جاذبية الأرض، الأمر الذي يبسط المهمة مقارنة بالكويكبات.


ليبانون 24
منذ 2 أيام
- ليبانون 24
هكذا ستغير "المُسيرات" مسار الحرب.. تقريرٌ مثير
نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريراً جديداً قالت فيه إنّ هجوم عملية العنكبوت الأوكرانية على القواعد الجوية الروسية، أحدث صدمة بين الإستراتيجيين والمخططين العسكريين في جميع أنحاء العالم، وأضاف: "بعكس ما تشهده هذه التكنولوجيا من تغير أسرع مما يتصوره الناس، فهي تعيد كتابة تاريخ الحرب". ووصف المقال هذه العملية بـ"الضربة الجريئة، قائلاً إنه "مفاجئة وغير مُتوقعة وكشفت عن نقاط ضعف عميقة"، وأضاف: "هذه التكنولوجيا الجديدة، المستخدمة بشكل مبتكر وجريء، تحرم روسيا من مزاياها الإستراتيجية؛ من الحجم الكبير لمساحة البلاد، حيث كان من المفترض أن تكون القواعد في عمق سيبيريا آمنة، إلى عدد سكانها الذي يزيد على 3 أضعاف سكان أوكرانيا". وذكر أنَّ "هذا التحول دفع المخططين العسكريين عالمياً، بما في ذلك في بكين وواشنطن ولندن، إلى إعادة تقييم دفاعاتهم الإستراتيجية"، لافتاً إلى أنَّ "تقرير مراجعة الدفاع الإستراتيجي البريطاني (SDR) أقر بالتأثير العميق للذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار الجديدة، حيث ذُكرت فيه المسيرات 28 مرة، مؤكدا أنَّ التكنولوجيا تُغيّر طريقة خوض الحروب". وقدّم المقال أيضاً وجهة نظر مُعمّقة، حيث حذّر خبراء مثل الجنرال السير ريتشارد بارونز من اعتبار المسيرات "حلاً سحرياً"، مُجادلين بأنَّ التكنولوجيا العسكرية تميل إلى "بلوغ مستوى مُعين في سياق الحرب" بمرور الوقت. وعلى الرغم من ذلك، قدّمت بريطانيا دعماً كبيراً لمشاريع الأسلحة غير المأهولة في أوكرانيا، مُستخلِصةً دروسًا قيّمة من تطور هذه الأسلحة ونجاعتها وتنامي الطلب عليها. ويوضح المقال أن "المسيرات" تشمل اليوم مجموعة واسعة من الأسلحة، بدءاً من قنابل ساحة المعركة الصغيرة القصيرة المدى، وصولاً إلى الأنظمة الذاتية التشغيل البعيدة المدى مثل Helsing HX-2، وتلك القادرة على ضرب أهداف على بُعد يزيد على 1400 كيلومتر. وبحسب المقال، فقد ظهرت في هذه الحرب اكتشافات روسية عكسها نشر موسكو صواريخ لانسيت المتسكعة وأنظمة حرب إلكترونية فعّالة للتشويش على المسيرات الأوكرانية، مما دفع كييف إلى إعطاء الأولوية للطائرات الذاتية التشغيل التي تعمل من دون الحاجة إلى مشغلين، مثل نظام أفندجرز "Avengers" الذي يستخدم قواعد بيانات بصرية للبحث عن الأهداف بشكل مستقل. وهذا يعني أن كييف وموسكو كليهما تطوران بشكل متزايد تقنيات المسيرات، وبينما انصب تركيز أوكرانيا على مسيرات ذاتية التشغيل تستخدم الذكاء الاصطناعي وقواعد البيانات البصرية للبحث عن الأهداف وضربها من دون تدخل المشغل، خاصة عند تشويش الإشارات، نشرت روسيا مسيرات موجهة بالألياف الضوئية لتجنب التشويش. ووفقاً للمقال، فقد عفا الزمن على الأنظمة القديمة الباهظة الثمن، مثل مسيرة "واتش كيبر" البريطانية التي بلغت تكلفتها مليار جنيه إسترليني، أو مسيرات "ريبرز" الأميركية التي تبلغ تكلفة الواحدة منها 30 مليون دولار. ويقول المقال إن هذا الوضع دفع المحللين إلى التشكيك في مشروع طائرة "تيمبست" المقاتلة البريطانية التي تبلغ تكلفتها 14 مليار جنيه إسترليني، مُجادلين بأن الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المسيرات قد تتفوق عليه قبل دخوله الخدمة. ويعتبر التقرير أنَّ التحول المُطلق لهذه التكنولوجيا يكمنُ في دمج الذكاء الاصطناعي والاستقلالية وأجهزة الاستشعار في القتال، مما قد يُبعد البشر عن اتخاذ القرارات السريعة. ولكن بينما تُعزز المسيرات القدرة على تجاوز العوامل المعيقة على الأرض، فإنها قد تُسهم أيضاً في الوصول إلى طريق مسدود في أوكرانيا، مما سيُحد من القدرة على الحركة وتحقيق انتصارات حاسمة. ويمكن تلخيص ما جاء في هذا المقال بالقول إن المسيرات تمثل بالفعل فصلا جديداً لا يزال يتكشف في عالم الحروب، حيث تؤثر بشكل عميق على الإستراتيجيات، وتكشف عن نقاط ضعف الخصم، وتجبر الجيوش على إعادة تقييم الإنفاق الدفاعي التقليدي والمقاربات العملياتية.