logo
لحظة صعبة لعدّاء يصدم طفلا اقتحم مضمار الجري

لحظة صعبة لعدّاء يصدم طفلا اقتحم مضمار الجري

الجزيرةمنذ 8 ساعات

أظهرت لقطات فيديو كيف عاش طفل صغير لحظات من الرعب بعد أن صدمه أحد العدائين بعد اقتحام الطفل المضمار خلال سباق جري في رياضة ألعاب القوى.
يبدأ المقطع، الذي تبلغ مدته 7 ثوانٍ، بثلاثة رجال يركضون بأقصى سرعة نحو الكاميرا من مسافة بعيدة، في حين يقف طفل على كتلة مرتفعة بجانب المضمار.
وبدا أن الطفل لم ينتبه للسباق الجاري، فقفز إلى أقرب مسار قبل أن يبدأ بالسير نحو مركز المضمار.
في الأثناء انطلقت صرخات من المشجعين المذعورين وهم يرون ما سيحدث، لكن الطفل الغافِل لم يتمكن من الابتعاد عن الطريق في الوقت المناسب، فأسقطه العدّاء الذي لم يستطع إيقاف اندفاعه.
كان العداء الذي اصطدم بالطفل متصدرا السباق، فقرر مواصلة الجري بدلا من الاطمئنان على الصبي.
بدلا من ذلك، ركضت امرأة مذعورة بسرعة إلى المضمار بعد أن تجاوزها الرجال الثلاثة مسرعين للاطمئنان على الصبي.
أعرب مستخدمو "ريديت" المصدومون عن تعاطفهم مع الطفل الذي تعرض لصدمة الاصطدام.
وقال أحد المعلقين "إذا كنتَ غبيا، فعليك أن تكون قويا". وأضاف آخر "آمل أن يتذكر الطفل هذا الدرس من الحياة".
إعلان
وأكد ثالث "لقد تعلّم الصبي درسا قيّما في ذلك اليوم". في حين قال آخر "ربما أنقذ هذا حياته. ربما سينظر في الاتجاهين قبل عبور الطريق في المرة المقبلة".
إشادة بالمتسابق
في المقابل أشاد آخرون بالرياضي لعدم تأثر سباقه بالحادث. وقال أحدهم "نجا من خسارة مركزه، أمر مثير للإعجاب".
وأشار مستخدم آخر إلى أنه "حاول الابتعاد عن الطريق". وأضاف "يعتقد الناس أنه مجرد سباق، لكن بالنسبة له، قد يكون ذلك فرصته للالتحاق بالجامعة أو تأمين مستقبله".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حين يُغني الانتشار عن الاعتبار
حين يُغني الانتشار عن الاعتبار

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

حين يُغني الانتشار عن الاعتبار

كنت أريد توثيق هذه الخواطر من خلال مقطع مصور، وما زلت، ولا ضير أن أقيدها بالكلمات والحروف، علني أُحقق بذلك غايتين؛ فالنفس تميل إلى الكتابة، والسائد في عالم اليوم لغة المقاطع المصورة (الفيديو)، بمختلف أشكالها وطرقها وسرعاتها كذلك. وكي لا أنجرف في الحديث عن سطوة هذه المقاطع السريعة، التي نستهلكها حتى الثمالة، أريد التنبيه إلى أمرٍ بالغ الأهمية؛ ففي حديثي هذا لا أقصد أحدًا بعينه، ولا أستهدف شخصًا أو منصة أو غير ذلك، إنما هو حديث عام عن حالة استشرت في السنوات الماضية، وأردت تسليط الضوء على مثلبة تُقوّض ولا تبني، ونماذج تقلل من قدر صاحبها ولا ترفعه، وإليكم هذه القصة. شاركت مرةً في اجتماع ضمّ نخبة من كبار الأكاديميين والباحثين المخضرمين، وكان من بين المواضيع تحرير لفظ "الباحث"، وبيان الشروط التي يجب أن يتحلى بها المرء قبل إطلاق اللقب عليه، خاصة مع شيوع استخدام اللفظ، ودورانه على الألسنة في السنوات الماضية. وكانت المشاركات قيمة بلا شك، ولكنني طرحت وجهة نظرٍ مختلفة قليلًا عن الأخريات، إذ إنّ تحرير المصطلح لن يعني بحال من الأحوال ضبطه، وبالمحصلة ضبط استخدامه، وتحديد على من يُطلق. فالواقع أن كثيرين ممن يتصدرون المشهد على أنهم باحثون، وخاصة في التطورات ذات الصلة بالشأن العام وقضايا المنطقة، لا تنطبق عليهم أيٌ من الشروط التي طرحها الأساتذة الكرام، بل ترى الواحد منهم (أي الباحث المتوهم) لا تكاد تجد له ورقة أو فصلًا في كتاب، أو مقالًا رصينًا، أو مشاركة دائمة مكتوبة، ثم يتصدر في وسائل الإعلام. وبكل تأكيد، فإن هذه الجزئية وما يتصل بها بحاجة إلى مزيد من البحث والإيضاح، ولكني في هذا الحديث أريد توسيع دائرة النظر أكثر. هذا المثال الذي حاولت البدء به جزء من مشكلة مستشرية، متعلقة بالقفز على التخصصات، وتصدّر الحديث في كثير من القضايا والعلوم، من باب الاهتمام، ومن ثَم سعة الاطلاع، من دون أي التفاتة إلى أهمية التخصص، مهما كان شكله وطريقته وآلياته، وحول هذه الأخيرة، ولأنني متخصص في التاريخ، خضت غماره منذ سنوات طويلة طالبًا جامعيًّا وقارئًا نهمًا، ثم معلمًا وواضعًا لمناهج دراسية ركزت على التاريخ الإسلامي، أزعم أنني قادرٌ على معرفة الغث من السمين في الأطروحات التي تُقدَّم، وما يتم تداوله في المنصات والبرامج. يُمكن للمرء أن ينفق ساعات طويلة وهو يقلب المراجع والكتب ليكتب نصًّا صغيرًا عن حقبة تاريخية ما، أو حدثٍ بعينه، ولكنه كذلك يستطيع من خلال بحث بسيط في مواقع التواصل الاجتماعي، وصفحات الشابكة، أن يسجل مقطعًا قصيرًا عن حدثٍ تاريخي أو ملمحٍ حضاري ومن المفيد ها هنا الإشارة إلى أن ميدان التاريخ من الميادين التي طرق بابها كثرة من غير الدارسين في الأروقة الأكاديميّة (وهو ما سأعود إليه لاحقًا)، وبعيدًا عن تقييم ما قدموه تقييمًا دقيقًا، فإن عددًا منهم ترك بصمة واضحة، وتجاوز مرحلة التخصص الدراسي الأكاديمي المجرد من خلال سعة الاطلاع، والإصرار على المراجعات الدائمة، مع وجود ملاحظات لا يخلو منها أي عملٍ بشريّ، بسبب الخلفية الأيديولوجية، ومحاولة الدفاع المستميت عن شخصيات بعينها من التاريخ، وما سوى ذلك. أعود إلى الفكرة الأولى، وأضرب لكم حقل التاريخ مثلًا.. بطبيعة الحال، يُمكن للمرء أن ينفق ساعات طويلة وهو يقلب المراجع والكتب ليكتب نصًّا صغيرًا عن حقبة تاريخية ما، أو حدثٍ بعينه، ولكنه كذلك يستطيع من خلال بحث بسيط في مواقع التواصل الاجتماعي، وصفحات الشابكة، أن يسجل مقطعًا قصيرًا عن حدثٍ تاريخي أو ملمحٍ حضاري، وغير ذلك من شؤون. الأول جهدٌ متراكم رصين، والثاني تقميش سريع لمادة سيتم استهلاكها سريعًا، ولا ضير بهما، ولكن الضرر عندما يطغى المنتَج المستهلَك السريع على الإنتاج المتراكم، ويتحول صانع المحتوى إلى "مؤرخ"، ويتصدر في قضايا التاريخ والحديث عن الحضارات، بل ينزاح من تخصصه "المهمّ"، لكي يقفز في تخصص آخر لا يعدو فيه أن يكون مهتمًّا أو قارئًا، وإن كان باحثًا فبها ونعمت.. ولي في ذلك قصة كذلك.. على أثر اندحار النظام المجرم في سوريا، وتحرير البلاد، بدأت منصات التواصل باقتراح مضامين ومقاطع حول سوريا واقعًا وتاريخًا وغير ذلك، ولفت نظري مرة -وكنت في طريقٍ طويل في المواصلات العامة- واحدٌ من الشخصيات الفاضلة الكريمة المحترمة، يتحدث في ديوانية عن "تاريخ سوريا"، وقد رأيت له مقاطع كثيرة يتحدث فيها عن التاريخ مع علمي أن تخصصه شيء آخر، وهو مبدعٌ به. شاهدت في القطار نحو نصف المقطع المسجل، وهالني المغالطات التي وردت في المقطع، وهي معلومات لا أحسب أي متخصصٍ في التاريخ يقع بها، بل بعضها أشبه ما يكون بالمعلومات العامة، ولم يكن الحديث إلا عن البدايات الأولى والمراحل المبكرة لجزءٍ من سوريا في التاريخ قبل الإسلام وبعده، وأذكر أنني عددت نحو 4 أو 5 أغلاطٍ فظيعة في نصف المقطع فقط، فتوقفت عن الاستماع، وكلما شاهدت مقاطع للأستاذ الفاضل (ولا أدعي أنها سيئة، ولكنني لا أستطيع منع نفسي من أخذ موقف بعد النموذج الذي استمعت إليه) أسأل نفسي عن الهدف من هذا التطفل، إن لم نقل غير ذلك. سئل العلامة الشيخ سعيد الكملي مرة عن قضية مما انتشر في المعاملات الاقتصادية، فأجاب -بكل بساطة وثقة- بأنه لا يعلم، وهو المشهود له بالعلم والفهم وسعة الاطلاع لا أحاكم ما يقدمه الشخص من مقطعٍ واحد، ولكن هذه النماذج متكررة كثيرًا، في التاريخ وعلم النفس والشريعة والتربية وغيرها.. لم يعد "التحصيل" معيارًا لكي يتصدر البعض للحديث، بل أصبحت قدرة الحديث بنفسها هي المدخل الذي يسمح لأيٍّ كان أن يتحدث عما يريد وكيفما أراد، وإن أضفنا على الحديث طبقة من المُعدِّين الحاذقين، والإلمام بالإنجليزية، أو دعمًا من المنص معاينة التغييرات (يُفتح في علامة تبويب جديدة) ات الكبرى، فستجد الشخص نفسه يتحدث تارة عن اليهود، وطورًا عن الحضارة، وثالثة عن التاريخ السياسي لدولة معينة، ورابعة عن كنه علم التاريخ.. ولا حاجة لتوسيع الأمثلة لئلا يُفهم من كلامي استهداف لأشخاص أقدرهم، ولكن راعني هذا الحال، وهو مما لا يليق بهم من دون شك. وهنا لا بد من الوقوف عند ملمح مهم.. التفاعل مع هؤلاء من قبل المنصات أو المتلقي لا يتم بناءً على التحصيل والتراكم المعرفي، وجدارة ما يقولونه، وإنما لامتلاكهم جمهورًا واسعًا، ونتيجة لحضورهم الكبير في وسائل التواصل الاجتماعي، وانعكاس ذلك على مشاهدة ما يقدمونه مرئيًّا بكثافة، وهو ما أدى إلى تحويل معيار العمق والمعرفة إلى معيار الانتشار والحضور، وهذا – في تقديري- خلط خطير بين من يُعرف بعطائه العلمي، وبين من يُسلَّط عليه الضوء لأسباب تتصل بمنصات التواصل وسرعة التداول، وأحيانًا بسبب موقعه الجغرافي والبيئة التي تحيطه. ومشكلة هذا التحول أن الجمهور -مع الوقت- يربط الشهرة بالجدارة، ويتعامل مع المتصدر على أنه مرجع، لا لمحتواه بل لانتشاره، وهذه معضلة معرفية وأخلاقية تستحق التأمل والوقوف عندها طويلًا. سئل العلامة الشيخ سعيد الكملي مرة عن قضية مما انتشر في المعاملات الاقتصادية، فأجاب -بكل بساطة وثقة- بأنه لا يعلم، وهو المشهود له بالعلم والفهم وسعة الاطلاع، وفي الحديث عن التاريخ -مثلًا- أخاله هو وأمثاله من كبار الحفاظ أهلًا للحديث عن التاريخ، فلهم ملكات المحدث، وفوقها سعة اطلاع وفقه، ومعرفة بالأدب والأنساب واللغة وغيرها؛ ما يجعل ما يحدِّثون به الطلاب، وما يقولونه في البرامج والمنصات، دررًا لا يخفت وهجها! فاستمع له أو للعلامة الددو -حفظ الله الجميع- وستقف مذهولًا أمام هذه الحافظة المهولة، واللغة العالية من دون تكلف، وفوق ذلك الوقوف عند الحق، والرجوع عن الخطأ حال وجوده، ولا أريد أن أضرب أمثلة من الطرف المقابل، فما سبق فيه كفاية. أخيرًا، لا أشترط البتة التحصيل الأكاديمي الخالص، ففي هذا الباب أحاديث كثيرة وشجون؛ فهذا في بعض التخصصات أمرٌ دخيل وربما يكون غير أساسيّ، ولكنه في تخصصات أخرى ضرورة ملحّة. وليس لي أصلًا أن أحدّد ما يتكلم فيه الناس، وما ليس لهم حق الكلام فيه، ولكنّني أدعو إلى أن ينضبط هؤلاء فيما يُحسنونه، وألا يتطفلوا على ما لا يُحسنونه، ففي بعض الأحيان يكون حديثهم عن قضيةٍ ما، أو نقد علمٍ آخر، وبالًا على سامع لا يعي خطورة ما لديه وما يعانيه، أو على متلقٍ ليس لديه إدراك للبحث عن المعلومة الصحيحة. وأختم بتلك القصة اللطيفة التي رواها الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله- في أحد كتبه؛ ففيها منفعة عظيمة وعبرة: إعلان "سألني صيدلي عن حكم من أدرك الإمام راكعًا ولم يقرأ الفاتحة، أتسقط الركعة عنه أم يعيدها؟ قلت: الجمهور على سقوط الركعة عنه، وهناك من يرى قضاءها، فاختر لنفسك ما يحلو. قال: أعرف ذلك، ولكن أريد مناقشة من يرى عدم قضاء الركعة! قلت له: ما جدوى ذلك عليك؟ ولماذا تتكلف ما لا تُحسن وتترك ما تُحسن. قال: ما معنى ما تقول؟ قلت: أنت صيدلي، وجميع الأدوية في دكانك من صنع الصهيونيين.. أو الشيوعيين فإذا تركت أنت وزملاؤك هذا الميدان، ميدان صناعة الدواء، واشتغلت باللغو، أفتحسب ذلك يرفعك عند الله وعند الناس؟ إنك -للأسف- تسهم في سقوط الأمة، وتجعلها غير جديرة بالحياة. قال: إنني أبحث في حكم شرعي، ولا أشتغل باللغو. قلت: الحكم الشرعي -كما قرره أهل الذكر- بين أمرين، خذ منهما ما شئت، ولا يجوز أن تحول الموضوع إلى لبان يمضغه الفارغون.. إن كل ما يصرفك عن ميدان الدواء هو في حقيقته عبث أو عيب أو ذنب تؤاخذ به، أما أن تؤلف رابطة عنوانها: جماعة من يقضون الركعة إذا لم تقرأ الفاتحة، فهذا سخف.. ما قيمة هذا الرأي أو ذاك حتى تُحشى به عقول الناس؟".

"الجزيرة 360" تحصد 8 من جوائز "تيللي" العالمية في الإنتاج الرقمي
"الجزيرة 360" تحصد 8 من جوائز "تيللي" العالمية في الإنتاج الرقمي

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

"الجزيرة 360" تحصد 8 من جوائز "تيللي" العالمية في الإنتاج الرقمي

حصدت منصة الجزيرة 360 -التابعة لشبكة الجزيرة الإعلامية- 8 من جوائز "تيللي" العالمية المرموقة التي أعلنت نتائجها في وقت سابق من الشهر الجاري، وذلك لتميزها في مجال الإنتاج الرقمي. وتوزّعت الجوائز التي نالتها الجزيرة 360 على الفئات الذهبية والفضية والبرونزية، وشملت باقة متنوعة من الأفلامالوثائقية والبرامج التي حظيت بإشادة دولية واسعة. ونال فيلم "الشفاء" 3 جوائز ذهبية كأفضل فيلم وثائقي قصير، وأخرى عن فئة التصوير السينمائي، وفضية عن فئة الإخراج. ويوثق الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مجمع الشفاء الطبي شمالي قطاع غزة خلال الحرب. وفاز فيلم "غزة صوت الحياة والموت"، الذي نقل أصواتا من غزة، بجائزة ذهبية عن فئة الأفلام الوثائقية القصيرة. كما حصل فيلم "عيون غزة"، الذي تناول أوضاع الصحفيين خلال الحرب- على جائزة فضية عن فئة الفيلم الوثائقي الطويل. وحاز الفيلم الوثائقي "المخدرات والنظام"، جائزة فضية عن فئة الفيلم الوثائقي الطويل، بعدما كشف ارتباط النظام السابق بشبكات تهريب المخدرات. ونال برنامج "ضحايا وأبطال" جائزة فضية عن فئة الفيلم الوثائقي القصير، حيث نقل قصص أطفال عايشوا ويلات الحروب وآثارها المدمّرة. أما الفيلم الوثائقي "يوميات مقاتل من غزة"، فحصد برونزية عن فئة السيرة الذاتية، بعدما روى سيرة أحد مقاتلي المقاومة الفلسطينية. شهادة كبيرة وقال مدير إستراتيجية المحتوى بالمنصة جمال الشيال، إن هذا الفوز يمثل شهادة على الجهد الكبير والمهنية العالية التي تتمتع بها "الجزيرة 360″، إضافة إلى التقدير الذي تتمتع به لدى الجمهور والمؤسسات الدولية. وأضاف: "نحن مستمرون في تقديم محتوى أصيل، جريء وهادف يخاطب وعي الجمهور ويعبّر عن قضاياهم"، مؤكدا أن هذا التكريم "يمثل دافعا لمواصلة الابتكار وإنتاج أعمال ترتقي إلى تطلعات مشاهدينا، وتعالج قضاياهم بعمق وإبداع". ويضاف هذا الإنجاز إلى حصيلة أوسع لشبكة الجزيرة الإعلامية التي نالت أكثر من 100 جائزة "تيللي" هذا العام، مما يعكس مكانتها الريادية وتميز محتواها على الساحة الإعلامية العالمية. وتُعد جوائز "تيللي" من أعرق الجوائز العالمية في مجال الإنتاج المرئي والتلفزيوني، حيث تكرّم التميز الإبداعي عبرمختلف المنصات. وانطلقت منصة الجزيرة 360 منتصف سبتمبر/أيلول 2024، لتقديم المشاهدة وخدمة فيديو وفق الطلب (OTT)، وهي تضم مكتبة رقمية ضخمة للبرامج والوثائقيات، وتقدم أكثر من 20 برنامجا ينتج حصريا للمنصة.

محمد سمير ندا: القلق هو الصلاة السادسة التي يصليها العرب جماعة منذ عام 1948
محمد سمير ندا: القلق هو الصلاة السادسة التي يصليها العرب جماعة منذ عام 1948

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

محمد سمير ندا: القلق هو الصلاة السادسة التي يصليها العرب جماعة منذ عام 1948

أعلنت جائزة الرواية العربية فوز رواية "صلاة القلق" للروائي المصري محمد سمير ندا بجائزة الرواية لهذا العام. وقد أشادت الدكتورة "منى بيكر"، التي ألقت كلمة لجنة التحكيم من على المنصة، بما في الرواية من تجريب وخدع سردية، مشيرة إلى أن الرواية حوّلت القلق إلى حالة جمالية وحسية، حتى بدا القلق فيها كأنه كائن حي يعيش بيننا. كما أوضحت أن قرار اللجنة جاء بالإجماع على فوز الرواية. لكن ما حدث في القاهرة كان شيئا آخر، فبمجرد الإعلان عن فوز الرواية، خرجت أصوات عدد من المثقفين تطعن في حيثيات فوز الكاتب، وتطورت الأمور وتعالت النبرات، حتى خرجت عن دائرة النقد إلى مستوى السباب الشخصي الذي طال الكاتب وأسرته. بل تعالت بعض الأصوات لتطعن في هوية الكاتب، لدرجة أن وصفه البعض بالعمالة، وأن ملامحه "يهودية"، بزعم أن الرواية تنتقد شخص الرئيس جمال عبد الناصر وتنكر حرب أكتوبر 1973. في المقابل، لم يخل المشهد من مناصرين للفائز دافعوا عنه بشدة، وحدث ما يشبه "الواقعة الأدبية" بين مناصر ومهاجم. وفور عودة الروائي محمد سمير ندا من أبوظبي، حيث جرت مراسم تسليم الجائزة، التقيناه في القاهرة، وبدت عليه علامات التأثر الشديد بما جرى. فكان الحوار التالي: الجائزة نوع من أنواع التكريم، تكريم ذاتي ومادي وأدبي كبير جدا، ومن حقي أن أفرح، لكن دون أن يأخذني شعور بالتميز أو التفرد أو التفوق على الآخرين. فالروايات الست التي رافقت روايتي في القائمة القصيرة قرأتها جميعا، ولم تكن هناك فروق كبيرة بينها، وحتى أبناء جيلي من الكتاب في مصر، لست أفضل منهم، بل إن بعضهم يتميز عني بامتلاكه تجربة أطول في الكتابة. هل كنت تتوقع أن تفوز؟ وهل كنت تكتب وعينك على الجائزة؟ أو بمعنى آخر: هل كنت تكتب من أجل الجائزة؟ يقال إنني أكتب من أجل الجائزة، أو إن فلانا يكتب من أجل الجائزة. ولمن يردد هذا الكلام، أقول: قل لي ما هي الوصفة أو الطريقة التي أكتب بها من أجل الجائزة؟ أو بصيغة أخرى: كيف تكتب رواية لتفوز بجائزة؟ وبعيدا عن الإساءات، كما يقول البعض، إذا أردت الفوز بجائزة فـ"اشتم رموز مصر" أو "اكتب عن زنا المحارم"! وهذا كله غثاء لا قيمة له. إنما المنطقي الذي ينطلق من مفهوم أدبي أن هذه الرواية، هي رواية جوائز -بمعنى أنها تنتمي إلى النوع الأدبي الذي غالبا ما يلقى التقدير في هذا السياق- وسيبقى لدي الطموح لنيل مزيد من التكريم، الذي أهديه لأبي، وأن أكتب للفوز مرة ثانية. فالجائزة تمثل دعما معنويا وماديا مهما جدا، لكنها ليست نهاية المطاف، بل هي مرحلة مضيئة في حياتي، وهناك أعمال كثيرة لا تزال في طور الإنجاز. يعيبون عليك أنك نشرت روايتك خارج مصر، ولم تنشرها في دار نشر مصرية؟ نشرت روايتي في الخارج بعد أن تم تجاهلي في مصر. والرواية مكتوبة باللغة العربية، لذا هي رواية عربية، ويمكن أن تنشر في أي بلد عربي، بل إذا قيد لها أن تنشر في أوروبا، فلتنشر، فبالنهاية، العرب سيقرؤونها أينما كانت. وما العجب أن تنشر روايتي في تونس أو الكويت أو الجزائر؟ السنعوسي الكويتي نشر روايته في دار لبنانية، ومحمد النعاس الليبي نشر في دار تونسية، ورجاء عالم السعودية نشرت في دار مغربية، وزهران القاسمي العماني نشر في دار تونسية، وإبراهيم نصر الله الفلسطيني الأردني نشر في دار لبنانية. من بين 18 فائزا بالجائزة، منذ انطلاقها قبل 18 عاما، هناك 11 فائزا لم ينشروا رواياتهم في بلدانهم. والدار التونسية التي نشرت روايتي، وهي "مسكلياني"، فاز من خلالها 3 كتّاب بالجائزة: عماني، وليبي، ومصري، ووصل عبرها أيضا عدد من الكتاب إلى القائمتين الطويلة والقصيرة. ولم يحدث أن أثير من قبل أن كاتبا نشر روايته خارج بلده! ولمن يسوقون هذا الكلام، ويدفعون بتلك الاتهامات، أقول لهم إن الرواية بقيت حبيسة الأدراج ما يقارب من عامين، كنت خلالها أبحث عن ناشر في مصر. وأرسلت رغبتي إلى 3 دور نشر، ولم يكلف أحد نفسه عناء الرد. فقط دار واحدة اتصلت بي، وأشكرهم على اهتمامهم، لكنهم اشترطوا حذف أجزاء أساسية من الرواية بحكم "الرقيب الذاتي"، وهو ما رفضته بالطبع. ثم أرسلت النص إلى 3 دور نشر عربية. دار لبنانية اعتذرت، ودار ثانية لم تهتم ولم ترد، أما الدار الثالثة، وهي دار "مسكلياني" التونسية، فلم أكن قد أرسلت لها أصلا، لكن الصدفة قادتني إلى التعرف على مدير الدار، وطلب مني أن أرسل له نصا كتبته. فأرسلت إليه رواية "صلاة القلق"، وكانت تلك هي البداية.. وكانت النتيجة: النجاح والفوز. أعلم أنك تعد لعمل أدبي كبير يتناول أحداث المئة عام الماضية، وهو ما يتطلب اطلاعا واسعا على التاريخ والتغيرات الجيوسياسية. فما قراءتك الحالية؟ أعتقد أن الرواية هي الفن الجامع لكل صنوف الكتابة. والرواية التي أكتبها الآن ترتبط بمذابح الأرمن، وتمتد أحداثها من عام 1914 وحتى عام 2011، أي ما يقارب قرنا من الزمان. وتدور أحداث الرواية على أرض مصر، وفلسطين، وبلاد الشام، والجزيرة العربية، وتركيا قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى. ولكي أجهز نفسي لكتابة هذه الرواية، قرأت بطبيعة الحال عددا من كتب التاريخ، لكن الأهم من ذلك أنني قرأت 6 روايات تناولت هذه المذابح، من بينها روايات كتبها شهود عيان أرمن، كانوا حاضرين للمجزرة وعايشوا تفاصيلها. الرواية ليست عن الأرمن كجنس أو كقومية، بل هي في الحقيقة عن الإنسانية. فهي تحاكم العنف والقتل والإرهاب. وهي تحاكم الإنسان الذي تخلى عن رسالته التي أوكلها الله له وأنزله على الأرض من أجل عمرانها. لكني أعتقد أن خراب الأرض سيكون على يد الإنسان، وهو يؤدي مهمة عكسية لما أمره الله به. الرواية تعلي من قيمة الإنسان، ولا أتحدث هنا بوصفي مسلما، بل بوصفي إنسانا. انظر إلى ما جرى في الأندلس، ترى مسيحيين يقتلون مسلمين. وانظر إلى مذابح الأرمن، ترى مسلمين يقتلون مسيحيين. وانتقل إلى مذابح عام 1948 أو ما يجري الآن في غزة، ترى يهودا يقتلون مسلمين. تختلف الهوية والجنسية والديانة والعنف واحد. وهو ما تتحدث عنه سردية الرواية. وأعتقد أن هذه الرواية ستثير قلقا أكبر مما أثارته رواية صلاة القلق وإن كنت، في الحقيقة، لا أتمنى ذلك. المشكلة كلها أنني لا أكتب عملا مؤدلجا، أنا أكتب رواية، لا أكتب كتابا في التاريخ، ولا أتحدث عن نظرية سياسية أو اقتصادية أو حياتية، أو أكتب كتابا عن التنمية البشرية. أنا أكتب رواية متخيلة، أبتكر عوالم معينة وأكتب وأقول ما لدي. وأي كاتب حين يكتب عملا سرديا متخيلا ويحكي بصورة روائية، فلا يمكن أن يحاكم أيديولوجيا. ما عليك إلا أن تحاكم النص، ولا يليق لك أن تتعرض للكاتب وتوجهاته. لكن البعض لم يكتف بذلك، بل تعرض لشخصي، واتهمني بالعمالة، وشتمني في شخصي وفي أسرتي، بل إن أحدهم قال إن ملامحي "يهودية"! وأنا أجمع كل هذه الاتهامات، لأنها طعن في هويتي وانتمائي لوطن أعيش فيه وأحبه، وكلها اتهامات لا صلة لها بالنقد وخروج عن أبجديات النقد الأدبي. والعجيب أن كثيرين ممن انتقدوا الرواية لم يقرؤوها أصلا، أو قرؤوا جزءا منها ولم يكملوا. ثم أفاجأ بمن يقول إنني "أنكرت حرب أكتوبر"! وهذا طعن في وطنيتي من شخص لم يقرأ أو لم يفهم، لأن الرواية ذات ظرف خاص متخيل، لقرية انعزلت عن العالم تماما لمدة 10 سنوات، ولم تعرف ما جرى خارجها. وأهل القرية كانوا يعيشون لحظة "الانتصار" التي روج لها الإعلام المصري في الأيام الأولى من حرب 1967، حين قيل إن قواتنا على مشارف تل أبيب! وفي ظل حالة التغييب الإعلامي هذه والانتصار الوهمي، انعزلت القرية عن العالم بعد الأيام الثلاثة الأولى للحرب. وما فعلته في تكنيك الرواية هو أنني جعلت هذه الأيام الثلاثة، 10 سنوات في ظل هذا الانتصار الوهمي، حتى عام 1977، ولهذا لم ترد في الرواية لا حرب الاستنزاف ولا حرب أكتوبر. قلت إنك تقوم بتجميع الإساءات أو الشتائم التي وجهها لك البعض وأرسلتها إلى المحامي. هل تنوي مقاضاة من تعدى عليك بالسب في أسرتك وهويتك؟ هذا أمر لم أقرره بعد، ولكن ماذا أفعل تجاه من سبوا والدي، واتهموني في وطنيتي، وقالوا إنني حصلت على الجائزة بطرق غير نزيهة؟ وأنا شخص لم أسع إلى الجائزة، ولم أنافس أحدا في وظيفته أو مهنته. بل على العكس، أنا رجل أعترف بأنني بعيد تماما عن الوسط الثقافي والأدبي، ولا أنتمي إلى "شلة" أو جماعة ما، ولا أسعى وراء أي مآرب. وأنا أعمل محاسبا في شركة سياحة لا علاقة لها بالأدب لا من قريب ولا من بعيد، وعلاقتي بالوسط الثقافي تقتصر على أنني أقرأ بنهم، وأكتب متى أشاء. وقد تعرفت إلى مجموعة من الكتاب الكبار أعدهم أساتذتي، مثل إبراهيم عبد المجيد، وأشرف العشماوي. أبدا، كانت الكتابة عملية ممتعة. والكاتب متأثر بما مر به وتراكم عليه من أحداث في حياته. عمري الآن 47 سنة، ولم أوجه انتقادا للرئيس عبد الناصر أو لأي شخص بعينه، بل انتقدت مرحلة. هل كفرت وخرجت عن الملة لمجرد أنني قلت هذا في الرواية؟ إذن، ما الذي كتبه الأستاذ نجيب محفوظ في رواية "الكرنك"؟ وماذا قاله فيلم "زوار الفجر"؟ وماذا جرى لأبطال فيلم "إحنا بتوع الأتوبيس"؟ وفيلم "البريء"؟ كلها أعمال فنية تناولت حاكما كان يسجن المواطنين ويعذبهم. وإذا كان نظام عبد الناصر قد عذب الناس بطريقة وحشية، فماذا كان يفعل صدام حسين إذن؟ الذي حرق شعبه من الأكراد بالكيميائي! وماذا فعل بشار الأسد بمعارضيه؟ وماذا فعل القذافي بمعارضيه؟ إعلان وما كتبته في الرواية هو نموذج للأنظمة الشمولية، وأنا مصر على هذه النقطة. وهذا النموذج ليس اختراعا مصريا، بل تعرضنا له كما تعرضت له العديد من الدول العربية، وما زالت تتعرض له، من تزييف للوعي وتزوير للتاريخ. من يكتب التاريخ إذن؟ هل الروائي هو من يتصدى لكتابة التاريخ من وجهة نظرك؟ ما أقوله وأؤكد عليه هو أن الروائي أصدق من المؤرخ، ولقد شهدنا تاريخا مزيفا في كثير من مراحلنا الدراسية، بل حجبت حقب وأحداث تاريخية إرضاء للحاكم، كما حدث مع الرئيس محمد نجيب، أول رئيس لجمهورية مصر، حيث بقي اسمه وصوره محجوبة في كتب التاريخ والمناهج الدراسية لأكثر من نصف قرن. وما جرى في صور نصر أكتوبر/تشرين الأول خير دليل، إذ أزيلت صورة رئيس أركان الجيش المصري في "حرب أكتوبر"، الفريق سعد الدين الشاذلي، من الصورة الرسمية للحرب. لكن عندما يكتب الروائي التاريخ، يكون الأمر مختلفا تماما. أستطيع أن أقول لأي شخص: إذا أردت أن تعرف التاريخ الحقيقي لفلسطين، فاقرأ روايات إبراهيم نصر الله، فهو خير من أرخ للنكبة وتاريخ فلسطين. هذا الروائي العظيم كان في رواياته أصدق من كثير من المؤرخين، عبر سلسلة أدبية تحكي التاريخ بكل تفاصيله وأسراره وخباياه. كذلك الكاتب الفلسطيني الكبير وليد الشرفا، الذي أرخ أدبيا لفلسطين التاريخية والحديثة. وإذا أردت أن تفهم حقيقة المجتمع الكويتي، فاقرأ "ساق البامبو" لسعود السنعوسي، تلك الرواية العظيمة التي قدم فيها صورة دقيقة للمجتمع الكويتي، وأشار إلى العوار في المجتمع، ولم يقلل من قيمة وطنه، ولم يقل إن المجتمع فاسد، بل أضاء على العيوب والثقوب التي بدأت تظهر في ثوب المجتمع. لقد كشف ببسالة عن بعض ما يسكت عنه، وانتقد لأنه أشار إلى مشكلة العمالة الأجنبية في الكويت. وهذا هو دور الكاتب الحقيقي، أن يرفع الستار عن المسكوت عنه اجتماعيا، حتى لا يعتاد المجتمع على خطايا ويعتبرها حقائق. وهذا هو دور الأدب، دوره ليس السعي لحل مشاكل العروبة، بل الكشف عن عوار المجتمعات، أما الباقي فيرجع إلى وعي المتلقي. ويكفي أن ندرك أن 3 قوانين مصرية تغيرت نتيجة أعمال سينمائية، وهي: "كلمة شرف"، و"أريد حلا"، و"جعلوني مجرما"، وكان سيناريو فيلم "جعلوني مجرما" من تأليف الأستاذ نجيب محفوظ. الجديد في حيثيات الفوز للجنة التحكيم التي ألقتها الناقدة "منى بيكر" هو أن الرواية اختيرت بإجماع الأصوات، فما الجديد في "صلاة القلق" لتنال هذا الإجماع؟ اللجنة كانت شجاعة جدا وجريئة للغاية، إلى درجة أنها غيرت من مقاييس الجائزة العربية، ورفعت سقف الطموح لدى كل كاتب، وكأنها تقول للكتاب: "لا تخافوا". فهناك فرق بين أن تكتب بمكاشفة، وجلد للذات، ومواجهة للواقع العربي، وبين أن تكتب أرائك بمنتهى الصراحة، وبين أن تكتب أدبا أو أن تسب وتشتم. والرواية في النهاية عمل فني، ولا فرق بين رواية سياسية ورواية أخرى، الرواية هي عالم أو حالة. فكيف تكتب رواية سياسية من دون أن يكون فيها بشر ومجتمع يغلي سياسيا؟ وكيف تكتب رواية اجتماعية دون أن تمر بالسياسة؟ واللجنة رفعت سقف الطموحات باختيارها رواية "صلاة القلق" بصوتها العالي، رواية جريئة (Bold)، مكتوبة بخط ثقيل، رواية تحمل جزءا من الصدمة، وجزءا من تعرية الجسد العربي المثخن بالجراح والهموم والتناحر. تخيل أن هذا الجسد العربي أعضاؤه تتصارع مع بعضها البعض! هذا هو واقع العرب وخيباتهم التي لا تنتهي. وها أنت ترى ما يجري في غزة، وكلنا نشاهد ما يحدث على الهواء مباشرة، لكننا لم نتصرف يوما كجسد واحد، بل كأعضاء متفرقة. ولقد كانت هزيمة 1967 المسمار الأخير في نعش نكبة 1948. هناك أشكال مختلفة للحروب، أما الحرب في "نجع المناسي" فهي حرب مختلفة، أليس كذلك؟ حالة الحرب والحصار التي يعيشها سكان "نجع المناسي" لا تقتصر على أهل النجع وحدهم، فهم صورة مصغرة لكل العرب، وهذا ما قاله لي بعض من قرؤوا الرواية في مسقط. فالرواية، إن رفعنا منها اسم الرئيس عبد الناصر وعبد الحليم حافظ، يمكن أن تحدث في أي نجع أو قرية عربية. إعلان والرواية موضوعها هو "اختطاف الوعي"، وهي تدين، بطريقة ما، الحرب المختلقة الوهمية، الحرب التي تصنع عمدا لتقليص سقف الطموح والحرية لدى كل مواطن. فعندما نشيع ونؤكد أننا في حالة حرب دائمة، يصبح المقابل أن تقبل عنوة بالتنازل عن كل الحقوق، مقابل الإحساس بالأمان. وعندما أضعك في هذه الحالة النفسية (السيكولوجية) بشكل دائم، ستكتفي بلقمة عيشك، وأن تبيت ليلتك مستورا، وتكتفي بـ4 حيطان ورغيف خبز. وإذا تجاوزنا العرب، سنجد أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت اليوم أكبر وسيلة لتزييف الوعي لدى العالم برمته. فلقد أعيد تشكيل خرائط العقل البشري عالميا من خلال وسائل "السوشيال ميديا"، ومن يسيطر عليها. ومع ازدياد غزو التكنولوجيا لحياتنا، أصبح اختطاف العقل، وتشكيل الوعي، وتزييف الحقيقة، وتزوير التاريخ، عملية أكثر سهولة على المستويين العالمي والمحلي. "الموبايل" الأخ الكبير هناك مقاربة كبيرة بينك وبين جورج أورويل من حيث الأفكار، هل ترى ذلك صحيحا؟ أورويل هو المعلم الأكبر، وهناك من قارنوا الرواية بقرية "ماكوندو" في رواية ماركيز "100 عام من العزلة"، ومنهم من قارنها برواية "العمى" لساراماجو، ويُعد الاثنان من أكبر قامات الرواية في العالم. ولا أقارن نفسي بهم، لكن لا أنكر تأثري الكبير بالأفكار نفسها. وبخلاف "الأخ الكبير" عند جورج أورويل، الذي يتكلم عن الشكل الشخصي -وهي صورة متكررة عبر التاريخ- لا أنكر تأثري بالفكرة نفسها، وإن كنت لا أقارن نفسي بعبقرية جورج أورويل. لكني متأثر كثيرا به وعندي التوجه نفسه، ومشغول بعالمه الذي صوره لنا من عشرات السنين. ورواية صلاة القلق تدور فكرتها حول "التغييب والسيطرة"، أو ما يطلق عليه عند أورويل بـ "الأخ الكبير". والأخ الكبير كما هو موجود في السياق العربي، فهو أيضا حاضر عالميا، في أشكال وسائل التواصل الاجتماعي. فالموبايل الذي بين يديك، لم يعد مجرد آلة تستخدمها، بل هو الذي يستخدمك. فحين تتحدث عن رغبتك في القيام بشيء ما أو شراء بضاعة ما -سيارة مثلا- ترى الموبايل يقوم بعروض متعددة لما أنت مشغول به، فهو يتصنت عليك ويراقبك ويعد عليك أنفاسك. والمفارقة أنك منحته هذه الصلاحية بإرادتك. نحن مراقبون على مدار الساعة، في كل ما نفكر فيه أو ننشغل به. وتجرى إحصاءات ودراسات على أفكارنا وسلوكنا، ولا نعلم حقا ما الذي يراد بهذه المعلومات، ولا ما الذي يخطط له. وهناك دراسات تجرى على الشاب العربي: ما اهتماماته؟ ماذا يشغله؟ ما رغباته وشهواته؟ هل سؤال "ما جدوى الكتابة؟" ما زال يؤرقك؟ وماذا بعد الجائزة؟ ما زال السؤال يشغلني كما كان من قبل، بالرغم من فوزي بالجائزة، فإن الجائزة ليست سوى نقطة مضيئة في حياتي. أنا مشغول بشيء آخر، مشغول بالأثر الذي سيبقى. الآن أقرأ رواية "فساد الأمكنة" للراحل الكبير صبري موسى، التي كتبت عام 1959، وأعيد قراءتها بعد 60 عاما بشغف أكبر. أو إذا ما قرأت "أيام الإنسان السبعة" للروائي عبد الحكيم قاسم، فهل يعلم أحد كم إعلان صدر عنها؟ أو كم جائزة حصلت عليها؟ هذا هو جوهر السؤال حول جدوى الكتابة، أنه بعد 60 عاما أو 100 عام، هل سيتذكر أحد صلاة القلق؟ كم شخصا سيقرؤها؟ وهل سيؤرخ بها لحالة أدبية معينة؟ أتمنى ذلك. ولهذا السبب يبقى السؤال عن جدوى الكتابة، والسعي الذي أحكم به روايتي، سيفا مسلطا على رقبتي ما حييت. أما سؤال "ما بعد الجائزة"، فهو لا يشغلني كثيرا وغير مهتم به. لأن لدي مشاريع روايات أخطط لكتابتها واستكمالها. ولن أفكر في كتابة شيء يكون بمستوى الجائزة، بل سأنسى كل شيء، وأعود إلى قوقعتي وجهاز "اللابتوب"، وأكتب من جديد. الشهرة والأضواء تزعجني كثيرا، وأفضل أن أتعامل معها ببوصلة خفاش. الروائية السورية مها حسن قالت كلاما مهما عن فكرة "اكتئاب ما بعد الكتابة"، وأنه يشبه اكتئاب ما بعد الولادة، وهذا حقيقي. فالأم تصاب بالاكتئاب بعد الولادة لشعورها بأنها فقدت شيئا منها، جزءا من جسدها بعد أن اعتادت عليه. الأمر نفسه يحدث عندما تكتب رواية وتعيش مع شخوصها، تحاورهم ويكلمونك، وهذا أمر حقيقي، وليس مجرد مجاز. وعندما أكتب عملا ما، يصبح سقف غرفتي، فوق سرير النوم، أشبه بشاشة عرض. وعاشت رواية "صلاة القلق" معي أكثر من عامين، وعندما دخلت مرحلة التدقيق مرة ثم مرة أخرى، بدأت أمل من ملاحظاتهم الصغيرة، حتى قلت لهم في النهاية: "خلاص، مليت وزهقت، لن أطبع الرواية". وكل ذلك كان بسبب كثرة التدقيق والتحوط من دار النشر. في نهاية مرحلة التحرير، أبلغوني بأن الرواية انتهت تحريريا وستدخل مرحلة التدقيق. وهنا شعرت بأن علاقتي بالرواية قد انتهت، بعد أكثر من عامين من المعايشة الكاملة لكل الأبطال. وهنا شعرت بالحزن، لأني لن أراهم مرة أخرى. لدي في الأدراج 7 روايات قصيرة (نوفيلا)، ورواية كاملة جاهزة للنشر، بخلاف الرواية التي أعمل عليها حاليا، والتي من المتوقع أن تكون جاهزة خلال بضعة أشهر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store