logo
دولة الاحتلال وتصفية العقول العربية

دولة الاحتلال وتصفية العقول العربية

الجزيرةمنذ 5 أيام
في عالم تتسارع فيه الأمم نحو امتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا، يخوض الكيان الصهيوني حربًا مختلفة، لا تُخاض بالجيوش النظامية ولا بصواريخ ذكية، بل عبر سلاح صامت وفعال: تصفية العقول.. إنها معركة تدور في الظل، ضد كل من يحاول إحياء مشروع علمي مستقل في الشرق الأوسط، سواء كان في بغداد، أو صفاقس، أو طهران، أو غزة.
صحيفة "يديعوت أحرونوت" وصفت الزواري بعد اغتياله بأنه "أحد العقول خلف مشروع الطائرات المسيّرة في حماس".. لم يكن التصريح تهديدًا بقدر ما كان تباهيًا بعملية استخباراتية ناجحة
النهضة العربية المستهدفة
منذ عقود، تدرك إسرائيل أن الخطر الأكبر على وجودها ليس فقط في الصواريخ أو الجيوش، بل في العقل العربي عندما يتحرر ويبدع. ولهذا، لم يكن استهداف العلماء العرب مصادفة أو رد فعل، بل سياسة ممنهجة تخضع لتخطيط إستراتيجي طويل المدى.
ففي العراق، خلال التسعينيات وحتى بعد الغزو الأميركي عام 2003، تمت تصفية مئات العلماء والباحثين في الفيزياء النووية والطب والهندسة. تقارير عديدة أكدت أن هذه التصفيات تمت بعلم وتنسيق مباشر مع أجهزة استخبارات أجنبية، على رأسها الموساد.
لم تكن الأسماء تهم بقدر ما كان يهم ما تمثّله تلك العقول من قدرة على إعادة بناء دولة متقدمة ومستقلة علميًّا.
الزواري.. حين يخاف العدو من مهندس تونسي
في 15 ديسمبر/ كانون الأول 2016، اهتزّت مدينة صفاقس التونسية على وقع اغتيال المهندس محمد الزواري أمام منزله. لم يكن الرجل عسكريًّا، بل باحثًا وأستاذًا جامعيًّا، لكن ذنبه أنه سخّر علمه لتطوير طائرات بدون طيار لصالح المقاومة الفلسطينية.
اعتبرته إسرائيل تهديدًا يستحق الموت، حتى لو كان على بعد آلاف الكيلومترات من فلسطين! صحيفة "يديعوت أحرونوت" وصفت الزواري بعد اغتياله بأنه "أحد العقول خلف مشروع الطائرات المسيّرة في حماس".. لم يكن التصريح تهديدًا بقدر ما كان تباهيًا بعملية استخباراتية ناجحة.
بالنسبة لإسرائيل، العالِم هو مشروع إستراتيجي قبل أن يكون فردًا، وإذا سُمح له بالبقاء والإنتاج، فقد تتحول دول مثل العراق أو إيران إلى قوى حقيقية قادرة على تغيير قواعد اللعبة
إيران وتصفية المشروع النووي بالعقول
وفي إيران، اغتيال محسن فخري زادة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 كان الحدث الأبرز في سلسلة طويلة من استهداف العلماء النوويين؛ وزادة لم يكن مجرد عالم، بل يُصنّف على أنه "أبو البرنامج النووي الإيراني". طريقة اغتياله أشبه بفيلم استخباراتي: كمين إلكتروني، مدافع آلية دون سائق، تكنولوجيا متقدمة.. والرسالة كانت واضحة: "نستطيع أن نصل إليكم أينما كنتم".
إسرائيل، التي لم تُخفِ رضاها الضمني، أرادت من هذا الاغتيال توجيه ضربة مزدوجة: للمشروع النووي الإيراني من جهة، وللثقة الإيرانية في قدرتها على حماية عقولها من جهة أخرى.
لماذا تخاف إسرائيل من العلماء؟
تقوم العقيدة الأمنية الإسرائيلية على أساس التفوق النوعي، خصوصًا في مجالات:
التكنولوجيا العسكرية.
الذكاء الاصطناعي.
الأمن السيبراني.
الأسلحة المتقدمة.
وأي مشروع عربي أو إسلامي يُهدّد بكسر هذا التفوق يُعتبر خطرًا وجوديًّا. فبالنسبة لإسرائيل، العالِم هو مشروع إستراتيجي قبل أن يكون فردًا، وإذا سُمح له بالبقاء والإنتاج، فقد تتحول دول مثل العراق أو إيران إلى قوى حقيقية قادرة على تغيير قواعد اللعبة.
في غزة مثلًا، رغم الحصار والدمار، استمر تطوير الطائرات المسيّرة والصواريخ، بقدرات محلية وبعقول مصممة على المقاومة بالتكنولوجيا، لا بالشعارات فقط
التأثير النفسي: القتل بالترويع
الاغتيالات ليست فقط لإسكات منجز علمي، بل لزرع الخوف داخل أوساط الباحثين، لتتحول العقول المهاجرة إلى عقول خائفة أو صامتة.. هي رسالة رعب موجهة إلى كل من تسوّل له نفسه أن يضع علمه في خدمة مشروع عربي أو مقاوم.
في هذا السياق، تنشأ معادلة خطيرة: كلما اقترب العالِم من همّ الأمة، اقترب منه رصاص القناص.
هل تنجح سياسة التصفية؟
نجحت جزئيًّا في تعطيل مشاريع أو تأخيرها، لكنها فشلت في إيقاف المدّ العلمي. فبعد اغتيال كل عالم، ينبثق جيل جديد أكثر وعيًا بأن المعركة لم تعد بين الجيوش، بل بين من يملك الذكاء والمعرفة والإرادة.
وفي غزة مثلًا، رغم الحصار والدمار، استمر تطوير الطائرات المسيّرة والصواريخ، بقدرات محلية وبعقول مصممة على المقاومة بالتكنولوجيا، لا بالشعارات فقط.
تصفية العلماء ليست أمرًا عارضًا، بل إستراتيجية، ومواجهة هذه الإستراتيجية تتطلب وعيًا عربيًّا رسميًّا وشعبيًّا بضرورة حماية العقول، وتوفير بيئة للإبداع، وربط الأمن القومي بالبحث العلمي
معركة بقاء تتطلب حماية العقول
في النهاية، ما تقوم به إسرائيل هو حرب وجود لا تخلو من الذكاء والخطورة؛ فهي لا تنتظر أن ترى المصانع الحربية، بل تراقب من يُمكنه التفكير في إنشائها.
تصفية العلماء ليست أمرًا عارضًا، بل إستراتيجية، ومواجهة هذه الإستراتيجية تتطلب وعيًا عربيًّا رسميًّا وشعبيًّا بضرورة حماية العقول، وتوفير بيئة للإبداع، وربط الأمن القومي بالبحث العلمي؛ فكما تحمي الدول حدودها، يجب أن تحمي عقولها، فحدود اليوم ليست على الخريطة، بل في المختبرات.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وول ستريت جورنال: نتنياهو أخبر ترامب أنه سيضرب إيران إذا سعت مجددا لامتلاك سلاح نووي
وول ستريت جورنال: نتنياهو أخبر ترامب أنه سيضرب إيران إذا سعت مجددا لامتلاك سلاح نووي

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

وول ستريت جورنال: نتنياهو أخبر ترامب أنه سيضرب إيران إذا سعت مجددا لامتلاك سلاح نووي

نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول إسرائيلي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن إسرائيل ستضرب إيران إذا سعت مجددا لامتلاك سلاح نووي. ووفق ما نقلته الصحيفة، فإن ترامب أعرب عن أمله في ألا يكون هناك مزيد من القصف الأميركي لإيران، موضحا لنتنياهو أنه يفضل تسوية دبلوماسية مع طهران، دون الاعتراض على خطة إسرائيل باستهداف إيران.

منعطف جديد في الدعاوى القضائية بحق زعيم المعارضة التركية
منعطف جديد في الدعاوى القضائية بحق زعيم المعارضة التركية

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

منعطف جديد في الدعاوى القضائية بحق زعيم المعارضة التركية

أنقرة – فتحت النيابة العامة في أنقرة، الأحد الماضي، تحقيقا جديدا بحق زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزيل ، على خلفية تصريحات أدلى بها عقب توقيف عدد من رؤساء البلديات التابعين لحزبه، تضمنت اتهامات للحكومة ودعوة إلى انتخابات مبكرة. وذكرت النيابة العامة، في بيان، أن تصريحات أوزيل خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب اجتماع اللجنة التنفيذية للحزب في الخامس من تموز/يوليو، تضمنت "إهانة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ، والتحريض العلني على ارتكاب جريمة، وإهانة وتهديد مسؤولين حكوميين". وقال أوزيل في تصريحاته "إذا كنتم الحزب الأول، فلتثبتوا ذلك عبر صناديق الاقتراع، لا تخافوا"، كما تحدى الحكومة بالدعوة إلى سن قانون يسمح بالتحقيق في ممتلكات كبار المسؤولين خلال العقد الماضي، في خطوة أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية. سلسلة ملاحقات ويأتي التحقيق الجديد في سياق سلسلة من الملاحقات القضائية بحق أوزيل منذ توليه رئاسة حزب الشعب الجمهوري، ففي شهر يونيو/حزيران الماضي، فتحت النيابة تحقيقا آخر ضده بتهمة "إهانة المدعي العام في إسطنبول وتوجيه تهديدات للقضاء" خلال تجمع جماهيري. كما رفع الرئيس أردوغان دعوى قضائية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، متهما أوزيل بـ"إهانة الرئيس علنا"، و"المساس بسمعة وشرف المنصب الرئاسي". ويواجه أوزيل دعوى أخرى تعود إلى فبراير/شباط الماضي تطعن في انتخابه رئيسا للحزب على خلفية مزاعم تتعلق بـ"شراء أصوات" خلال مؤتمر الحزب العام في نوفمبر/تشرين الثاني 2023. وفي سياق متصل، رفع محامو الرئيس دعوى تعويضية جديدة أمام القضاء، مطالبين أوزيل بدفع 500 ألف ليرة تركية (نحو 12 ألفا و500 دولار) بدعوى "الإضرار بسمعة رئيس الدولة". وتشير تقارير إعلامية محلية إلى أن البرلمان التركي قد يباشر قريبا إجراءات رفع الحصانة البرلمانية عن أوزيل، لتمهيد الطريق أمام محاكمته بتهم "إهانة مسؤول عام". ويأتي التصعيد القضائي الأخير على خلفية أجواء سياسية محتقنة، إذ شهدت البلاد مطلع الشهر الجاري توقيف ثلاثة من رؤساء بلديات حزب الشعب الجمهوري في أضنة وأنطاليا وأديامان بتهم تتعلق بالفساد، وهي الإجراءات التي أثارت جدلا واسعا بين مؤيدين يرون فيها "خطوة لحماية المال العام"، ومعارضين وصفوها بأنها "جزء من حملة لتضييق الخناق على الحزب المعارض". ردود الفعل أثار الإعلان عن التحقيق وتقديم الدعوى القضائية موجة من ردود الفعل المختلفة، فقد أدانت المعارضة هذه الإجراءات ووصفتها بـ"المعارضة للتعددية السياسية" ومحاولة لكبح حرية التعبير، معتبرة أنها حلقة جديدة في حملة مستمرة ضد الحزب ورموزه. ووصف المتحدث باسم الحزب دينيز يوجيل، الإجراءات بأنها "حلقة جديدة في حملة ممنهجة تستهدف الحزب وقياداته". ويربط المعارضون هذه الإجراءات بمسار القضية الأوسع التي بدأت بعد اعتقال عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو في مارس/آذار الماضي، إذ شهدت تركيا حينها احتجاجات واسعة وأجواء من الاضطراب الاقتصادي، وتوجيه اتهامات للحكومة بالتأثير على القضاء وتطبيق سياسات "معادية للديمقراطية". في المقابل، دافع حزب العدالة والتنمية الحاكم عن الإجراءات القضائية، مؤكدا أنها تأتي في إطار "حماية هيبة الدولة والدفاع عن مكانة المؤسسة الرئاسية". ووصف المتحدث باسم الحزب الحاكم عمر جليك تصريحات زعيم المعارضة بأنها "مليئة بالعبارات القبيحة والمنعدمة الأخلاق"، مؤكدا أن الحزب "سيقف بكل قوته السياسية في وجه أي تطاول على رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة". منعطف جديد تدخل القضية منعطفا جديدا مع انتقالها إلى ساحة البرلمان التركي، عقب إحالة لائحة الاتهام التي تطالب برفع الحصانة البرلمانية عن زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل إلى رئاسة البرلمان، تمهيدا لتشكيل لجنة مختصة تحدد موعدا لمناقشة طلب رفع الحصانة. وفي حال موافقة البرلمان، وهو ما يتطلب تأييد 360 نائبا على الأقل، قد يفتح الباب أمام محاكمة أوزيل بالتهم الموجهة إليه، والتي قد تصل عقوبتها إلى السجن، وفقا للقوانين التركية. تزامن ذلك مع تصاعد الجدل السياسي، بعد أن دعا أوزيل إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة للضغط على الحكومة في ظل الاحتقان القائم بين الجانبين. غير أن الرئيس التركي حسم الجدل، مؤكدا في كلمة أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الأربعاء الماضي، أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستجرى في موعدها المقرر عام 2028، دون أي تغيير. وقال أردوغان "الشخص الذي يترأس حزب الشعب الجمهوري يكرر منذ فترة عبارة الانتخابات، لكن أود أن أذكره بأن الدستور وقانون الانتخابات لم يتغيرا، وبالتالي فإن انتخابات الرئاسة والبرلمان ستجرى في 2028، وانتخابات الإدارات المحلية في 2029". في السياق، يرى المحلل السياسي عمر أفشار أن احتمالية رفع الحصانة البرلمانية عن أوزغور أوزيل قائمة، لكنها ليست محسومة بعد، إذ تخضع لحسابات سياسية دقيقة أكثر من كونها مسألة قانونية بحتة. ويشير أفشار، في حديث للجزيرة نت، إلى أن حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية يمتلكان أغلبية مريحة داخل البرلمان، ما يمنحهما القدرة العددية على تمرير طلب رفع الحصانة. كما يرى أن أحزابا صغيرة مثل "هدى بار"، التي غالبا ما تصوت لصالح الحكومة في القضايا المرتبطة بمكانة الدولة، قد تمثل عنصر دعم إضافيا في هذا الاتجاه. لكن، في المقابل، يحذر أفشار من أن خطوة كهذه قد تحدث ردود فعل قوية داخليا وخارجيا، معتبرا أن رفع الحصانة عن زعيم أكبر أحزاب المعارضة قد ينظر إليه كتصعيد سياسي، من شأنه إشعال مواجهة مفتوحة بين الحكومة والمعارضة، فضلا عن إثارة انتقادات دولية تتعلق بالحريات السياسية. ارتباك داخلي ترى باحثة سياسية في جامعة الأناضول أن التطورات الأخيرة بين الرئيس رجب طيب أردوغان وأوزغور أوزيل، وما صاحبها من مواقف متبادلة، تمثل بداية مسار قانوني واضح المعالم. وتشير (إ.ج) في حديث للجزيرة نت، إلى أن اللقاءات التي جمعت الجانبين خلال مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين أثارت حينها تكهنات في وسائل الإعلام حول احتمال دخول تركيا مرحلة من التهدئة السياسية بين أكبر الأحزاب التركية، إلا أن عودة أوزيل إلى الواجهة السياسية -برأيها- أحدثت ارتباكا داخل الحزب الحاكم، حتى وإن كان ذلك غير معلن بشكل صريح. وتطرح الباحثة تساؤلا حول ما إذا كانت العمليات التي استهدفت رؤساء البلديات التابعين لحزب الشعب الجمهوري تدخل ضمن ما تسميه بـ"السياسة المتعرجة" للرئيس أردوغان، والتي تتسم بمحاولات تقسيم المعارضة من الداخل، ومباغتة خصومه، والأهم من ذلك إعادة فرض أجندة حزب العدالة والتنمية على الرأي العام، بهدف استعادة ثقة الشارع التركي. وبرأيها، فإن القضايا المرفوعة ضد أوزيل تلعب دورا رئيسيا في إدارة الرأي العام، إذ تسعى الحكومة -كما تقول- إلى خلق انطباع لدى الشارع بأنها تواجه التهديدات السياسية ضمن إطار القانون، مما يعزز الثقة الشعبية بحزب العدالة والتنمية. كما ترى أن هذه الخطوة تمثل أيضا محاولة من الرئيس أردوغان لحماية هيبة مؤسسة الرئاسة، والحفاظ على مكانة مؤسسات الدولة من خلال المسار القضائي.

تحقيق لنيويورك تايمز: نتنياهو تعمّد إطالة أمد حرب غزة وغلّب مصلحته السياسية والشخصية
تحقيق لنيويورك تايمز: نتنياهو تعمّد إطالة أمد حرب غزة وغلّب مصلحته السياسية والشخصية

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

تحقيق لنيويورك تايمز: نتنياهو تعمّد إطالة أمد حرب غزة وغلّب مصلحته السياسية والشخصية

اتهم مسؤولون إسرائيليون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإطالة أمد الحرب على قطاع غزة خلافا لرؤية القادة العسكريين، وأكدوا أن قراراته طغت عليها المصلحة السياسية والشخصية. ونشرت صحيفة نيويورك تايمز اليوم الجمعة تحقيقا قالت إن العمل عليه استمر 6 أشهر، واستندت فيه إلى تصريحات أكثر من 100 مسؤول من إسرائيل والولايات المتحدة والعالم العربي ومراجعة عشرات السجلات الحكومية ووثائق أخرى. وذكرت الصحيفة أن نهج نتنياهو تجاه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قبل الحرب ساهم في تقويتها وأتاح لها الاستعداد للحرب. وأوضحت أنه حين كان نتنياهو يتعافى في المستشفى في يوليو/تموز 2023 أحضر له جنرال رفيع المستوى تقييما استخباراتيا مقلقا يحذر من أن "أعداء إسرائيل -بمن فيهم حماس- لاحظوا الاضطرابات الداخلية في البلاد التي أثارتها خطة نتنياهو المثيرة للجدل لإضعاف القضاء، وكانوا يستعدون لهجوم". وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو تجاهل تلك التحذيرات وغيرها، ومضت حكومته قدما في التغييرات القضائية، مما أدى إلى مزيد من الاضطرابات، وهو ما أقنع حماس بأن الوقت مناسب لتنفيذ هجوم مخطط له منذ فترة طويلة. طوفان الأقصى حاول نتنياهو تحويل المسؤولية وإلقاء اللوم على القادة العسكريين، واستثمار الوضع في السعي لتمديد بقائه على رأس السلطة. وذكرت "نيويورك تايمز" أن أعضاء فريق نتنياهو وجّهوا في بداية الحرب المؤثرين المتعاطفين، قائلين لهم إن الجنرالات هم المسؤولون عن أسوأ إخفاق دفاعي في إسرائيل، كما تحركوا لمنع تسرب المحادثات التي قد تسبب مشكلة لنتنياهو، ومنعوا الجيش من الاحتفاظ بتسجيلات رسمية للاجتماعات. كما سعى فريق نتنياهو إلى تفتيش الجنرالات -بمن فيهم رئيس الأركان آنذاك هرتسي هاليفي- بحثا عن أجهزة تنصت خفية. وفي وقت لاحق من الحرب، أمر فريق نتنياهو أمناء المحفوظات بتغيير السجلات الرسمية لأولى مكالماته الهاتفية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ثم سربوا وثيقة حساسة إلى صحيفة أجنبية -متحايلين على نظام الرقابة العسكرية الإسرائيلية- من أجل تشويه سمعة منتقدي نتنياهو، بمن في ذلك عائلات الأسرى المحتجزين في غزة. إعلان ائتلاف المتطرفين وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو رفض عرضا من زعيم المعارضة الإسرائيلية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، مفضلا البقاء في ائتلاف مع متطرفين من اليمين الذين كانوا أكثر ميلا للسماح له بالبقاء في السلطة بعد الحرب، في قرار جعله رهينة طوال الحرب لمطالب اليمين المتطرف، خاصة فيما يتعلق بمسألة ما إذا كان يجب التوصل إلى هدنة مع حماس ومتى. وعندما بدأ الزخم نحو وقف إطلاق النار يتزايد أعطى نتنياهو أهمية مفاجئة لأهداف عسكرية لم يكن يبدو في السابق مهتما بتحقيقها، والتي قال له كبار المسؤولين العسكريين إنها لا تستحق التكلفة، مثل الاستيلاء على مدينة رفح ثم احتلال المنطقة الحدودية بين قطاع غزة ومصر. ووفقا للصحيفة الأميركية، أطالت قرارات نتنياهو أمد القتال في غزة خلافا لرؤية القيادة العسكرية، وطغت عليها المصلحة السياسية والشخصية، إذ أبطأ المفاوضات في لحظات حاسمة تحت ضغط من حلفائه. كما واصل الحرب في أبريل/نيسان ويوليو/تموز 2024 رغم إبلاغه من الجنرالات بعدم جدواها، وانتهك الهدنة في مارس/آذار 2025 حفاظا على ائتلافه بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني. في بداية الحرب بغزة تجنب نتنياهو اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى توسيع الصراع إلى حرب شاملة مع حزب الله وإيران، فألغى هجوما كبيرا على حزب الله في الأيام الأولى للحرب وتجنب التصعيد غير المحسوب مع إيران. لكن بعد مرور عام تقريبا أدت سلسلة من النجاحات الاستخباراتية غير المتوقعة إلى مقتل العديد من قادة حزب الله، وأصبح نتنياهو أكثر جرأة، فأمر باغتيال الأمين العام لحزب الله وغزو معقله في جنوب لبنان، مما أدى إلى تدمير جزء كبير من ترسانته، ثم تمكنت إسرائيل من تدمير جزء كبير من نظام الدفاع الجوي الإيراني. ومع "ضعف طهران بشكل غير معتاد" شرع نتنياهو في شن هجوم على إيران أصبح أكبر حدث في مسيرته السياسية، واحتفت إسرائيل بهذه الحملة العسكرية باعتبارها انتصارا، مما جعل حزب نتنياهو في وضع أقوى باستطلاعات الرأي أكثر من أي وقت مضى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store