
رويترز: إدارة ترامب تحث الدول على رفض سقف لإنتاج البلاستيك
ويأتي ذلك مع بداية مفاوضات معاهدة البلاستيك التي تعقدها الأمم المتحدة في جنيف، للتوصل إلى إجماع بشأن إبرام اتفاق دولي ملزم قانونا بشأن التلوث البلاستيكي ومخاطره الجسيمة، وذلك بعد فشل جولة المفاوضات الخامسة في بوسان بكوريا الجنوبية في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.
وفي المراسلات والمذكرات التي اطلعت عليها رويترز والمؤرخة في 25 يوليو/تموز وتم توزيعها على الدول في بداية المفاوضات يوم الاثنين، حددت الولايات المتحدة خطوطها الحمراء للمفاوضات التي تضعها في معارضة مباشرة لأكثر من 100 دولة دعمت تلك التدابير.
وفي الجولة السادسة والأخيرة من المفاوضات التي بدأت عام 2022، تضاءلت الآمال في التوصل إلى معاهدة عالمية طموحة تمثل "الفرصة الأخيرة" وتتناول دورة حياة التلوث البلاستيكي الكاملة من إنتاج البوليمرات إلى التخلص من النفايات، مع تجمع الوفود للمشاركة.
ولا تزال هناك انقسامات كبيرة بين الدول المنتجة للنفط، التي تعارض بعضها فرض قيود على إنتاج البلاستيك الخام المشتق أساسا من البترول والفحم والغاز، والأطراف مثل الاتحاد الأوروبي والدول الجزرية الصغيرة، التي تدعو إلى فرض قيود، فضلا عن إدارة أقوى للمنتجات البلاستيكية والمواد الكيميائية الخطرة.
وأرسل الوفد الأميركي، بقيادة مسؤولين محترفين في وزارة الخارجية، مذكرات إلى الدول توضح موقفها، وتقول إنها لن توافق على معاهدة تعالج التلوث البلاستيكي.
وجاء في المذكرة -التي علمت رويترز أنها أُرسلت إلى دول لم يتسنَّ تسميتها بسبب الحساسيات المحيطة بالمفاوضات- "لن ندعم النهج العالمي غير العملي مثل تحديد أهداف لإنتاج البلاستيك أو حظر أو فرض قيود على المواد المضافة أو المنتجات البلاستيكية، والتي من شأنها زيادة تكاليف جميع المنتجات البلاستيكية المستخدمة في حياتنا اليومية".
السقف العالي
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لرويترز "إن كل طرف يجب أن يتخذ التدابير وفقا لسياقه الوطني، وأن بعض البلدان قد تختار فرض حظر، في حين قد ترغب بلدان أخرى في التركيز على تحسين عملية جمع النفايات وإعادة تدويرها".
من جهته، أكد جون هوسيفار، مدير حملة المحيطات في منظمة السلام الأخضر في الولايات المتحدة، أن تكتيكات الوفد الأميركي في عهد ترامب تمثل عودة إلى الترهيب القديم من جانب الحكومة الأميركية التي تحاول استخدام قوتها المالية لإقناع الحكومات بتغيير مواقفها بطريقة تعود بالنفع على ما تريده الولايات المتحدة، حسب تعبيره.
كما قال مصدر دبلوماسي من دولة تدعم معاهدة البلاستيك لرويترز إن المعاهدة ستكون مثالا رئيسيا لمحاولة الحفاظ على النظام المتعدد الأطراف في سياق عالمي مليء بالتحديات.
وأضاف المصدر: "إما أن تصبح التعددية هي القاسم المشترك الأدنى، ونكون قادرين على المضي قدما فقط في أمور غير طموحة، أو أن نظهر أننا قادرون على الحصول على إطار عالمي بشأن القضايا المهمة".
واقترحت الولايات المتحدة، وهي أحد أكبر منتجي البلاستيك في العالم، مراجعة مسودة هدف المعاهدة للحد من التلوث البلاستيكي من خلال إزالة الإشارة إلى "نهج متفق عليه يتناول دورة حياة البلاستيك الكاملة"، في قرار مقترح اطلعت عليه رويترز.
قال خوان كارلوس مونتيري غوميز، رئيس وفد بنما، لرويترز: "رفض إدراج إنتاج البلاستيك في هذه المعاهدة ليس موقفا تفاوضيا، بل هو تخريب اقتصادي ذاتي، وإن من يعيقون التقدم لا يحمون صناعاتهم، بل يحرمون شعوبهم من موجة الازدهار المقبلة".
ويتماشى الموقف الأميركي بشكل عام مع مواقف حددتها صناعة البتروكيماويات العالمية، حتى قبل المحادثات، وعدد من الدول القوية المنتجة للنفط والبتروكيماويات التي تمسكت بهذا الموقف طوال المفاوضات، بينما تؤيد أكثر من 100 دولة فرض حد أقصى على الإنتاج العالمي للبلاستيك.
ويتسق الموقف الأميركي من معاهدة البلاستيك مع الإجراءات والتدابير التي اتخذتها إدارة ترامب لإلغاء سياسات المناخ والبيئة والتي تقول إنها تفرض أعباء كثيرة على الصناعة، ومن أهمها الخروج من اتفاق باريس للمناخ لعام 2015.
ومن المتوقع أن يتضاعف إنتاج البلاستيك 3 مرات بحلول عام 2060 إذا لم يتم التدخل بشكل حاسم، مما سيؤدي إلى اختناق المحيطات والإضرار بصحة الإنسان وتسريع تغير المناخ، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
"الفدرالي" و"مكتب إحصاءات العمل".. مرايا الاقتصاد الأميركي المزعجة
خاص – يتواصل السجال في الولايات المتحدة الأميركية بشأن مصداقية ودقة البيانات والمؤشرات الصادرة عن العديد من المؤسسات الاقتصادية الحكومية وما يترتب عنها من قرارات جوهرية من قبيل أسعار الفائدة ومعدلات النمو. ويشتد ذلك السجال على خلفية التباين الحاد في بعض الأحيان بين ما يصدر عن تلك المؤسسات وبين التقييم السياسي الصادر عن إدارة الرئيس دونالد ترامب ، وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة حول مدى استقلالية المؤسسات الاقتصادية والمالية الأميركية وتداعيات ذلك على اقتصاد أميركا والعالم. واحتدم الجدل قبل نحو أيام حول "مكتب إحصاءات العمل"، وذلك على خلفية قرار الرئيس ترامب في الأول من أغسطس/آب الجاري بإقالة مفوضة المكتب إريكا ماكنتارفر بعد إعلان أرقام تشير لتراجع توقعات نمو الوظائف في أميركا في يوليو/تموز. ولا يزال الجدل محتدما بشأن ذلك القرار بالنظر إلى دور ذلك المكتب، وهو وكالة فدرالية تابعة لوزارة العمل تتمثل مهمتها الأساسية في تشخيص حالة الاقتصاد الأميركي من خلال تقاريرها وبياناتها الدورية حول نمو الوظائف ومؤشرات أسعار المستهلك والتضخم والاستيراد والتصدير. وتركز النقاش حول المبررات التي ساقها ترامب لتبرير قراره، إذ اتهم إريكا ماكينتارفر بالتلاعب في أرقام الوظائف، وهو ما أيده كبار المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض عندما هبّوا لاحقا للدفاع عن ذلك القرار، واستبعدوا أن يتسبب في تقويض الثقة في البيانات الاقتصادية الأميركية الرسمية. وفي اليوم نفسه (الأول من أغسطس/آب)، نشر البيت الأبيض على موقعه الإلكتروني مادة جاء فيها أن "مكتب إحصاءات العمل" يجر تاريخا طويلا من عدم الدقة وعدم الكفاءة تحت قيادة ماكنتارفر، التي عينها الرئيس السابق جو بادين، وهو ما أدى إلى "تآكل الثقة العامة" في تلك الوكالة الحكومية. انتقادات مضادة في المقابل أكدت صحيفة نيويورك تايمز في افتتاحية خاصة بالموضوع أن اتهامات ترامب بحق إريكا ماكنتارفر لا أساس لها في الواقع، وأن تقرير بيانات سوق العمل يعده فريق غير حزبي بناء على إحصاءات كل قطاع اقتصادي على حدة. وذهب الكاتب الأميركي توماس فريدمان، وهو ذو ميول نحو الحزب الديمقراطي ، بعيدا في انتقاد تلك الخطوة، وقال في مقال بنيويورك تايمز، إنها ليست الأولى من نوعها في ولاية ترامب الثانية، بل تأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تقوّض استقلالية الدولة وتحوّلها إلى أداة في يد الرئيس لتلميع صورته وتحقيق أهدافه السياسية. كما انتقد مسؤولون سابقون في مكتب إحصاءات العمل خطوة ترامب، ودعوا الكونغرس إلى التحقيق في إقالة ماكنتارفر، وحذروا من تداعيات تلك الخطوة وقالوا إن من شأنها أن تزعزع الثقة في ذلك المكتب. وأثارت إقالة ماكنتارفر المزيد من المخاوف والشكوك حول دقة البيانات الاقتصادية الرسمية الأميركية، في ظل تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة التي تم فرضها على عشرات الشركاء التجاريين، وهو ما أدى لتراجع أسواق الأسهم العالمية. وعادة ما تعتبر الإحصائيات الصادرة عن "المكتب" من بين أكثر المؤشرات تأثيرا في توجهات السياسات الاقتصادية الأميركية، وغالبا ما يتم الاستشهاد بها من قبل وسائل الإعلام وتستند إليها الشركات والأوساط الأكاديمية ودوائر صنع السياسات لاتخاذ قراراتها. الاحتياطي الفدرالي في غضون ذلك يتابع الرأي العام الأميركي والدولي باهتمام كبير تصريحات ترامب حول مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) وضغوطه المستمرة على رئيسه جيروم باول في اتجاه خفض أسعار الفائدة والتلويح أكثر من مرة بتعويضه بمسؤول أقرب إلى توجهاته السياسية والاقتصادية. وبدأ الاهتمام بالموضوع منذ بداية العهدة الثانية للرئيس ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي، وذلك بالنظر إلى دور تلك المؤسسة في رسم معالم السياسة المالية للبلد، وخاصة ما يتعلق بمعدلات الفائدة على القروض. وأثناء حملته الانتخابية سعيا للعودة إلى البيت الأبيض، وعد الرئيس ترامب مرارا بخفض أسعار الفائدة على القروض على غرار ما فعل في ولايته الأولى، لكنه اصطدم بإدارة المجلس التي تتمسك باستقلاليتها وتحرص على اتخاذ قراراتها بناء على الحقائق والبيانات. ورغم انتقادات ترامب العنيفة أحيانا وتلويحه بسلاح الإقالة، يواصل جيروم باول، الذي تنتهي ولايته في مايو/أيار 2026، التمسك بسياسة الحذر، وقرر قبل نحو أسبوع تثبيت سعر الفائدة عند 5.25% إلى 5.50%، مستندا إلى استمرار مؤشرات التضخم وسوق العمل في نطاق غير مستقر ومن أجل منح الاقتصاد فرصة لمزيد من التوازن، وسط تقلبات الأسواق العالمية. وتعهد باول بأنه سيستمر في ذلك النهج، وبرر تلك المقاربة بما سماه الضبابية الناجمة عن آثار الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب لأول مرة في أبريل/نيسان الماضي وواصل الإعلان عنها لاحقا. تهديد لثقة المستثمرين ويبدو أن التوتر والتصعيد بين الاحتياطي الفدرالي وترامب سيتواصل في الأشهر المقبلة بعد تلميحات من البيت الأبيض بعدم إقالة جيروم باول قبل نهاية عهدته، رغم أن القانون يسمح نظريا لرئيس البلاد بعزله إذا ثبت في حقه "إخلال بالواجب أو اختلاس أو عدم الكفاءة". إعلان وأشار تقرير نشرته مجلة فوربس إلى أن قانون الاحتياطي الفدرالي ينص على أسباب محددة لإقالة رئيس الفدرالي، مثل الفساد أو الإهمال أو خيانة الأمانة، ولكنه لا يعتبر الخلاف في الرؤية النقدية مسوغا قانونيا كافيا. وحذرت المجلة من أن سعي ترامب للمس باستقلالية تلك المؤسسة المالية المحورية ستكون له كلفة باهظة على ثقة المستثمرين، ومن شأنه أن يفتح الباب أمام تقلبات حادة وعواقب وخيمة على السياسة النقدية للبلاد. وفي هذا الصدد نقل موقع بلومبيرغ عن الخبيرة الاقتصادية ماري وليامز من جامعة جورجتاون قولها إن "التدخل السياسي العلني في عمل الفدرالي يقوّض مصداقية السياسة النقدية الأميركية أمام الأسواق العالمية". وحذرت ماري وليامز من أن "العوائد القصيرة الأجل قد تأتي على حساب استقرار طويل الأمد". ومن شأن هذه التوترات أن تلقي بظلالها في الأشهر المقبلة، قبل نهاية عهدة جيروم باول، على اقتصاد البلاد برمته وعلى مدى استقلالية المؤسسات الاقتصادية والمالية في البلاد. كما أن تلك الخلافات تفاقم الشكوك حول البيانات والمؤشرات الصادرة عن تلك المؤسسات، التي يفترض أن تكون بمثابة مرآة تعكس بصدق حالة الاقتصاد الأميركي بما يسمح لكل الأطراف المعنية باتخاذ القرارات السليمة استثمارا أو تصديرا أو اقتراضا.


الجزيرة
منذ 19 ساعات
- الجزيرة
فورين بوليسي: الغرب ينقلب ضد إسرائيل
قالت مجلة فورين بوليسي إن ألمانيا ردت على أنباء نية إسرائيل السيطرة على مدينة غزة بوقف تصدير أي معدات عسكرية يمكن استخدامها هناك، ما يشير إلى تزايد في تحول الرأي العام ضد الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة. وأوضحت المجلة -في مقابلة لرئيس تحريرها رافي أغراوال مع مفاوض السلام الإسرائيلي السابق دانيال ليفي- أن هذا البيان الصادر عن المستشار الألماني فريدريش ميرز يأتي في وقت أشارت فيه كندا وفرنسا والمملكة المتحدة إلى أنها ستعترف رسميا بفلسطين في القمة السنوية ل لأمم المتحدة الشهر المقبل، بعد أن اعترفت ثلاثة أرباع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالفعل بفلسطين كدولة. وذكرت المجلة أنه حتى في الولايات المتحدة أقوى حليف لإسرائيل، يتحول المزاج العام، حيث أظهر استطلاع رأي أجرته مجلة إيكونوميست بالتعاون مع مؤسسة يوغوف، أن 84% من الأميركيين يؤيدون وقف إطلاق النار الفوري، كما يعتقد 70% منهم أن هناك أزمة جوع في غزة، ويعتقد 45% أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية. وفي هذا السياق، سأل رافي أغراوال دانيال ليفي، في أحدث حلقة من برنامج "فورين بوليسي لايف"، عن تأثير هذه التحولات على السياسة الإسرائيلية؟ ولماذا تحدث هذه التحولات الآن وهل هي حقيقية ودائمة؟ فقال مفاوض السلام في عهد رئيسي الوزراء إسحاق رابين و إيهود باراك إن المملكة المتحدة وفرنسا عضوان في مجلس الأمن، وهما حليفتان لإسرائيل، معتقدا أن لحركتهما معنى أدق مما هو ظاهر، حيث تقومان بلفتة للاستجابة للضغط الشعبي، باتخاذ إجراءات لا تخل بالعلاقات الثنائية القائمة مع إسرائيل بشكل مفرط. اعتراف دون إجراءات وأوضح ليفي أن اعتراف هذه الدول بدولة فلسطين مجرد لفتة رمزية، وبعد الاعتراف بها، رجح أنهم يأملون ألا تتخذ إجراءات أخرى، وأن يكون هذا كافيا لدرء الضغط الشعبي، خاصة أنهم يعترفون بدولة تحت احتلال دائم وغير قانوني، حسب محكمة العدل الدولية اعتبارا من 19 يوليو/تموز 2024. إعلان ومع ذلك توقع ليفي أن الضغط سيشتد بعد اتخاذ خطوة الاعتراف، مع أن النية هي التوقف في هذا الطريق، مشيرا إلى أن إسرائيل ستهاجم هذا وتشهر به، ثم تدرك أنها قادرة على إدارة الأمر كما في عملية السلام القديمة، بحيث تعتقد الدول التي تعترف بفلسطين أنها تقوم بعمل جاد بدليل غضب إسرائيل، كما تشعر السلطة الفلسطينية التي تفتقر إلى إستراتيجية حقيقية بالراحة لبضعة أيام، وعندها ستتوقف الأمور. غزة خضعت لحصار وحشي للغاية لما يقرب من عقدين من الزمن أجرت إسرائيل خلاله حسابا لكمية السعرات الحرارية التي يحتاجها سكان غزة للحفاظ على مستوى الكفاف وأضاف ليفي أن هناك مناورات ترافق الاعتراف في باريس ولندن، حيث شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في استضافة مؤتمر الأمم المتحدة مع السعوديين، وهو يحاول استغلال هذا لدفع تطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل، وربما تحقيق مكاسب، أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر فيواجه ضغوطا أكبر بكثير من داخل حزبه ودائرته الانتخابية، مما قد يؤثر على مستقبله السياسي. ونبّه ليفي إلى أن الإجراءات التي يرجح أن تحرص تلك الدول على تجنبها قد تدرج على جدول الأعمال، مثل الحظر الكامل على الأسلحة، وتقييد عناصر تجارية أخرى، وذكّر في هذا السياق بمقال كتبه مارتن ساندبو في صحيفة "فايننشال تايمز" قال فيه إن أوروبا يجب عليها تكرار بعض ما حدث مع روسيا، مع الأصول الإسرائيلية المودعة في البنوك الأوروبية، ومقاطعة الرياضة، وما إلى ذلك، لتكون لها مصداقية. وعند سؤاله عن حالة الولايات المتحدة التي لا تزال أقوى وأكبر حليف لإسرائيل، حيث رأي الإدارة لا يتغير، ولكن الرأي العام يتغير، قال دانيل ليفي إن السبب الأوضح في التغير هناك هو سياسة التجويع. انكشاف صورة غزة وذكر المفاوض الإسرائيلي السابق أن غزة خضعت لحصار وحشي للغاية لما يقرب من عقدين من الزمن، أجرت إسرائيل خلاله حسابا لكمية السعرات الحرارية التي يحتاجها سكان غزة للحفاظ على مستوى الكفاف، وخلص إلى أن بلده استخدم العقاب الجماعي والحرمان من الوصول إلى الغذاء والطاقة والمياه، حتى قبل أكتوبر/تشرين الأول 2023 وبعده أيضا، لكن ذلك تسارع، مما أدى إلى مزيد من الانكشاف لصور غزة وقسوتها. ويزيد من حدة الأمر توافق التصريحات الغريبة الصادرة عن القادة الإسرائيليين من أمثال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ، وحتى من أعماق حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، مع الواقع على الأرض، حيث يتحدثون علنا عن الدمار والتطهير العرقي الذي يفعلونه. وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا عن الإبادة الجماعية بقلم عمر بارتوف، وخصصت صحيفة واشنطن بوست 5 صفحات لقائمة الأطفال الذين قتلوا في غزة، ووصف الروائي الإسرائيلي ديفيد غروسمان ما يحدث بالإبادة الجماعية، وكذلك وصفتها منظمتا حقوق الإنسان الإسرائيليتان " بتسيلم" و"أطباء من أجل حقوق الإنسان"، و منظمة العفو الدولية. أما كيف استغرق الأمر كل هذا الوقت، فهذه قصة أكبر -كما يقول ليفي- إذ كانت إسرائيل فعالة للغاية في عرض قضيتها، كما كان الضغط السياسي الأميركي فعالا، وذلك مقابل ضعف القيادة الفلسطينية وافتقارها للمصداقية، وإن كان لدى الفلسطينيين مجتمع مدني فعال للغاية. وختم ليفي بالتذكير بأن محكمة العدل الدولية وضعت 8 تدابير مؤقتة عاجلة لإسرائيل لعدم انتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية في هذه الفترة، وأن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرات اعتقال لنتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب ، بما في ذلك التجويع كسلاح حرب.


الجزيرة
منذ 21 ساعات
- الجزيرة
تمويل مراكز احتجاز المهاجرين من أموال الطوارئ يثير جدلا في أميركا
واشنطن – مع انقضاء المهلة التي حددتها الحكومة الفدرالية الأميركية، أمس الجمعة، أمام الولايات الراغبة في الاستفادة من مبلغ 608 ملايين دولار من أموال "وكالة الطوارئ الفدرالية" لبناء أو توسيع مراكز احتجاز المهاجرين، يتجدد الجدل حول حدود توظيف موارد الطوارئ في سياسات الإدارة الأميركية. ويأتي القرار في إطار سياسة المراجعة الشاملة للإنفاق الفدرالي التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب منذ بداية ولايته الثانية، وشملت برامج أساسية في وكالة الطوارئ، كبرنامج الغذاء والمأوى، ما أدى إلى تأخير صرف مِنَحها لأشهر. ويرى منتقدون أن تحويل أموال الإغاثة المخصصة للكوارث الطبيعية نحو مشاريع أمنية يعكس تحولا في أولويات العمل الفدرالي، ويهدد قدرة الوكالة على الاستجابة للطوارئ المستقبلية، فضلا عن تعقيد الأوضاع الإنسانية على الأرض. انتقادات ومبررات وأثارت هذه السياسات انتقادات حادة من منظمات حقوقية ترى فيها "تصعيدا للإجراءات العقابية بحق المهاجرين على حساب الحلول الإنسانية". وكشفت تقارير حديثة عن أوضاع مأساوية داخل مراكز احتجاز المهاجرين الحالية، إذ وثَّقت منظمة " هيومن رايتس ووتش" مؤخرا حالات وفاة لمهاجرين في مراكز احتجاز بولاية فلوريدا نتيجة الإهمال الطبي وغياب الرقابة، محذرة من تفاقم هذه الانتهاكات مع افتتاح المركز الجديد " أليغاتور ألكاتراز"، الذي لا تتوفر فيه شفافية إعلامية حتى الآن. ويذهب الاتحاد الأميركي للحريات المدنية إلى تشبيه التوسّع الحالي في معسكرات الاحتجاز بـ"أحلك الفصول" في التاريخ الأميركي الحديث، واصفا -في بيان صدر مؤخرا- هذا التوجه بأنه "مخزٍ ومتهور"، كما انتقد استعانة الإدارة بالجيش وقواعده لإقامة مخيمات احتجاز جماعية، واعتبر أن هذه السياسات تمثّل "اعتداء صارخا على حقوق الإنسان والقيم الأميركية الأساسية". في المقابل، ترى الولايات المؤيدة للقرار أن التمويل الفدرالي يُشكِّل "أداة دعم" حيوية لمواجهة ما تصفه بـ"أزمة حدودية خانقة". وأعلن حاكم ولاية فلوريدا الجمهوري رون دي سانتيس أنه سيطلب جزءا من هذه الأموال لتغطية تكاليف مركز الاحتجاز "أليغاتور ألكاتراز"، الذي يثير جدلا واسعا بسبب نفقاته التشغيلية التي قد تصل إلى 450 مليون دولار سنويا، وسط جدل حقوقي حول طبيعته العقابية. ويُتوقع أن تتقدم ولايات حدودية أخرى مثل تكساس و أريزونا ونيو مكسيكو بطلبات للاستفادة أيضا، خاصة تلك التي لها تاريخ طويل في معالجة تدفقات المهاجرين، رغم أن التفاصيل غير موثّقة رسميا حتى الآن. وتؤكد وزارة الأمن الداخلي أن التمويل الفدرالي عبر وكالة الطوارئ يهدف لمساعدة الولايات في مواجهة تدفقات المهاجرين ولسد النقص في مراكز الاحتجاز الحالية. وفي السياق، قالت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم إن "الإدارة الحالية تعمل بسرعة فائقة وبطرق مبتكرة لتنفيذ تفويض الشعب الأميركي بعمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير النظاميين"، مضيفة أن المرافق الجديدة ستقام في غضون أيام بتمويل جزئي من "برنامج المأوى والخدمات" التابع للوكالة. غير أن هذه المبررات لم تُقنع خبراء قانونيين يرون أن القرار يثير إشكاليات دستورية تتعلق بحدود صلاحيات الرئيس في التحكم بالإنفاق الفدرالي، ويمثل سابقة مقلقة قد تنطوي على مخالفة للأعراف القانونية والفدرالية. ويرى البروفيسور المختص في القانون الدستوري والموازنة بجامعة جورجتاون ديفيد سوبر أن هذا التوجيه يفتقر للأساس القانوني، موضحا أن قانون ستافورد -الذي يمنح الوكالة معظم صلاحياتها- صيغ بمرونة تسمح باستخدامه في مواجهة الكوارث الكبرى مثل الفيضانات والزلازل والعواصف، وحتى جائحة كورونا، لكن ادعاء الإدارة الحالية بوجود "حالة طوارئ" على الحدود يفتقر -برأيه- للأدلة الملموسة. ويحذّر سوبر، في حديث خاص للجزيرة نت، من أن هذا التوجه يضع "سلطة التحكم في الأموال" بيد الرئيس، وهي صلاحية يمنحها الدستور الأميركي للكونغرس حصريا، مضيفا أن "وزارة العدل -بوصفها الجهة المخوّلة بوقف أي إنفاق غير مصرح به- تساند الأجندة السياسية للرئيس دون مساءلة، مما يفتح الباب أمام تجاوزات أوسع". ويشبّه سوبر ما يجري حاليا بمحاولة إدارة ترامب السابقة تحويل أموال من ميزانية الجيش لبناء الجدار الحدودي، مؤكدا أن "الأساس القانوني الذي اعتمد عليه حينها كان محل شك، لكنه كان أقوى بكثير من الأساس الذي تستند إليه الإدارة في الخطوة الحالية. آثار مباشرة من جهتها، ترى المختصة الاجتماعية بولاية تكساس لونا رودريغيز أن توجيه موارد الطوارئ لبناء المزيد من مراكز الاحتجاز "يزيد تعقيد المشهد الإنساني على الأرض". وتقول للجزيرة نت إن التركيز على الحلول الأمنية واحتجاز المهاجرين يأتي على حساب المقاربات الإنسانية الواجبة، مثل تحسين ظروف الاستقبال، وتوفير المأوى والرعاية الأساسية للفارِّين من أوضاع مضطربة. وتقول رودريغيز، التي تعمل بشكل مباشر مع أسر مهاجرين من أوضاع قانونية مختلفة، إن "القرارات الجديدة خلقت مناخا من الخوف والانعزال يتجاوز المهاجرين غير النظاميين ليشمل المقيمين القانونيين والمجتمع ككل". وتضيف أن كثيرين باتوا يتجنبون القيام بمهام أساسية مثل التسوق أو زيارة الطبيب خشية التعرض للتوقيف، وهو ما يعمق -حسبها- حالة من عدم الاستقرار ويقوّض الثقة بين السكان والسلطات. وتختم رودريغيز بالقول إن "هذه البيئة، التي تغذيها الإجراءات الفدرالية المتشددة، تدفع العائلات إلى العيش في و(ضعية البقاء) الدائم، وإعادة ترتيب حياتها على أساس احتمال فقدان أحد أفرادها بأي لحظة بسبب الاحتجاز أو سوء المعاملة أو الترحيل".