
جزائريون يحيون العيد بين أروقة المستشفيات لمواساة المرضى
في الوقت الذي تعالت فيه تكبيرات العيد بالمساجد، وتزينت الشوارع بأجمل حلة، لاستقبال عيد الفطر المبارك، كان بالمستشفيات مشهد آخر تماما، قضته عائلات بأكملها بجانب مرضاها، تتقاسم معهم لحظات العيد بنكهة مختلفة ممزوجة بالدعوات والدموع.. هكذا، كان عيد الفطر داخل المستشفيات بين أنين مرضى ينتظرون الشفاء وابتسامات الأطفال واستنفار الطواقم الطبية، وعائلات متمسكة بأمل صغير أن العيد القادم سيكون أجمل.
حجبت جدران المستشفيات فرحة العيد المعتادة عن بعض المرضى، إلا أن الإنسانية كانت حاضرة بقوة عبر مبادرات الخير ووجود الأقارب بجانب أحبائهم ليبقى العيد حتى في أقسى الظروف مناسبة للترابط والتكافل والأمل… 'الشروق' رافقت تلك العائلات نحو بعض مستشفيات العاصمة، التي كانت بدايتها بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، منذ ساعات الصباح الأولى، في ثاني أيام عيد الفطر المبارك، حركة نشيطة لمسناها داخل المستشفى، وعلى غير العادة، كانت طوابير من الزوار ينتظرون دورهم للدخول أمام مختلف المصالح الطبية.
إنزال على مركز مكافحة السرطان
بداية جولتنا كانت نحو مركز مكافحة السرطان التي شهدت أكبر عدد من الزيارات مقارنة بالمصالح الأخرى، حيث توافدت العائلات على المكان حاملين معهم أغراض مرضاهم وبعض الهدايا البسيطة للأطفال والكثير من الأمل في حصول الشفاء قريبا.
ونحن نطوف بالقاعات صعدنا رفقة بعض العائلات نحو مصلحة طب الأورام بالطابق الثاني من المركز، هدوء يعم المكان وحرص الزوار على منح المرضى أجواء الراحة وتفادي الضجيج… في كل ركن من زوايا وقاعات المصلحة التي كانت تتوشح حالة من الارتباك والقلق والأمل، مرضى مستلقون على أسرتهم بعضهم يغطون في نومهم وأنابيب المحاليل بأيديهم، وآخرون مبتهجون رغم الألم بعد مشاهدة أفواج الزوار تتدفق إلى الرواق والقاعات من الأقارب والأهل لتمضية العيد برفقتهم… من بين الكثير من الحالات، استوقفتنا سيدة في أواخر العقد السابع من العمر مستلقية على سريرها بالقاعة، كانت حالتها تبدو صعبة جدا بعد إصابتها بنوبة تنفس حادة، كان يحيط بها أفراد عائلتها، أبناؤها وأحفادها وهم يمسكون بيدها ويحاولون إخفاء دموعهم وملامح الحزن بابتسامة باهتة أمامها، ويغادرون القاعة تارة أخرى بعد انهيارهم لأن الطبيب قد أخبرهم أن حالتها صعبة ومتدهورة، قضت العائلة يومها كاملا بالقاعة رغم ضيق المساحة وتواجد مرضى آخرين هناك إلا أنهم فضلوا البقاء وقتا أطول مع مريضتهم… وكلهم أمل أن تتجاوز ظرفها الصحي بسلام.
زوار يصنعون البهجة بمصالح طب الأطفال
اختلف المشهد قليلا بمصلحة طب الأطفال، إذ تحول الهدوء إلى مزيج من الأصوات المختلفة صنعها الأطفال وزوارهم ليس من العائلات فهم مرافقون لهم على الدوام، بل من ضيوف حلوا عليهم ليتقاسموا معهم فرحة العيد، من بينهم جمعيات خيرية ونواد وأفراد الكشافة والهلال الأحمر، وغير ذلك، نشروا الفرح بين الصغار عبر تنظيم زيارات محملة بالهدايا والبالونات، فالأجواء ذاتها شهدتها مصلحة طب الأطفال بجميع المستشفيات منها مصطفى باشا ومستشفى باب الواد 'مايو سابقا' وبني مسوس، لم تختلف كثيرا حيث صنعت بهجة العيد بألوان الطفولة فلم تكن الهدايا وحدها كافية لرسم الابتسامة على وجوه الأطفال المرضى، حيث حرصت فيه على جلب شخصيات كرتونية محبوبة مثل 'جيري' و'ميني ماوس' إلى جانب مهرجين أضفوا أجواء من البهجة داخل أروقة المستشفيات، وعلى الرغم من قسوة المرض كان المشهد مؤثرا للغاية حيث تعالت ضحكات الأطفال الذين تفاعل معظمهم بحماس مع العروض الفكاهية أنستهم لبعض الوقت أوجاعهم، وتغيرت تعابير وجوههم المتعبة إلى إشراقات من الفرح رغم ألم الواقع الذي يفرض عليهم قضاء العيد بين جدران المستشفى.
اقتربنا من الطفلة شيماء التي كانت جالسة على سريرها ممسكة بدميتها الجديدة حصلت عليها كهدية العيد لنستفسر عن شعورها، ولم تتمكن الصغيرة التي لا تتجاوز سنها ثلاث سنوات من الحديث إلينا، لتجيب والدتها قائلة إن ابنتها تعاني من السرطان وتخضع حاليا للعلاج الكيمياوي، أين قضت رفقتها بذات المصحة أواخر شهر رمضان ويومي العيد نظرا لحالتها الصحية التي تتطلب مراقبة طبية دقيقة، مضيفة أن الأمر لم يكن سهلا بالنسبة لها خاصة وأنها تركت شقيقيها رفقة جدتهم بولاية سطيف حتى تتمكن من البقاء إلى جانبها…
مرافقة الجمعيات للمرضى وعائلاتهم بتقديم الدعم النفسي والمادي
عشرات بل مئات الحالات مثل شيماء ووالدتها قضوا ليالي رمضان وأيام العيد، يترقبون فرجا وشفاء قريبا وينتظرون دعما نفسيا للتخفيف عنهم، هو ما تؤكده رئيسة نادي شباب الخير رهام شاطر في حديثها لـ'الشروق' التي التقينا بها بوجهتنا الثانية في زيارة خصصت للأطفال مرضى السرطان بمستشفى اسعد حساني بني مسوس، قائلة إن هذه الزيارة جاءت بهدف إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال المرضى والتخفيف من معاناتهم وعلى غرار الزيارات السابقة، حرصت الجمعية على تقديم الهدايا والاحتياجات الضرورية للأطفال مثل الألعاب الحليب الحفاظات والمناديل المبللة، في محاولة لإدماجهم في أجواء العيد وجعلهم يشعرون بأنهم ليسوا وحدهم في هذه المحن.
وأشارت المتحدثة إلى أنه تم تخصيص زيارة خلال يومي عيد الفطر المبارك لهذه السنة للأطفال مرضى السرطان نظرا لمعاناتهم الكبيرة، خاصة أن العديد منهم ينحدرون من ولايات بعيدة ويضطرون لقضاء فترات طويلة في المستشفى دون أن يتفقدهم أحد وهذا الأمر يجعلهم في حاجة ماسة إلى الدعم النفسي ليس فقط من عائلاتهم بل من المجتمع ككل.
وأوضحت أن التأثير النفسي لهذه الزيارات لا يقدر بثمن من خلال رسم البسمة على وجوه الأطفال المرضى 'كانت أسمى ما حققناه في هذا اليوم فهم يعيشون صراعا مريرا مع المرض الخبيث وظروفهم الصحية حرمتهم من الاحتفال بالعيد وسط أهلهم وأقاربهم، وهو ما شجعهم ليكون هذا اليوم استثنائيا، ليمسح عنهم القليل من الحزن'.
ولم يقتصر الدعم بحسبها على الجانب النفسي فقط بل شمل أيضا مساعدات مادية إلى جانب المستلزمات الضرورية، التي تم توفيرها بتوزيع أظرفه مالية على الأطفال المرضى خاصة المقيمين خارج الولاية حتى يتمكنوا من تلبية احتياجاتهم الصغيرة وشراء ما يرغبون فيه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار اليوم الجزائرية
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- أخبار اليوم الجزائرية
إجلاء صحي بجامع الجزائر
إجلاء صحي بجامع الجزائر أشرفت وحدة الحماية المدنية لجامع الجزائر بالجزائر العاصمة يوم الاثنين بالاشتراك مع المجموعة الجوّية للحماية المدنية على تنسيق عملية إجلاء صحّي وضمان نجاحها عبر طائرة مروحيّة لمصاب في حادث مرور خطير وقع بولاية أولاد جلال انطلاقا من موقع الحادث إلى مهبط الطائرات المروحيّة في فضاء الجامع قبل تحويل المصاب على متن سيارة إسعاف نحو مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالجزائر العاصمة. وحسب ما أورده الجامع على صفحته الرسمية بموقع الفيسبوك فقد كان هذا العمل الإنساني من جامع الجزائر إسهاما في دعم مهام الحماية المدنية النبيلة. حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة


الشروق
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- الشروق
البحرية الجزائرية تنقذ ثلاثة مسافرين من جنسية بريطانية
أفادت وزارة الدفاع الوطني في بيان لها اليوم السبت، 19 أفريل، عن نجاحها في إجلاء صحي في البحر لـ 03 مسافرين من جنسية بريطانية شمال رأس ماتيفو، على ساحل الجزائر العاصمة. وحسب ذات المصدر 'في إطار المهام الإنسانية تدخلت وحدات حرس السواحل لقيادة القوات البحرية بالناحية العسكرية الأولى يوم أمس إثر طلب إجلاء صحي لـ 03 مسافرين من جنسية بريطانية في حالة صحية حرجة على متن السفينة 'SPIRIT OF DISCOVRY' الحاملة لراية بريطانيا قادمة من مضيق جبل طارق باتجاه مالطا على بعد 16 ميلا بحريا شمال رأس ماتيفو -الجزائر'. وأضافت الوزارة في بيانها أنه 'تم تفعيل عملية إنقاذ وإجلاء المسافرين بإقحام حوامة البحث والإنقاذ '26- MS' وزورق الإنقاذ '240' حيث تم إجلاء المسافرين إلى المركز الاستشفائي الجامعي مصطفى باشا من أجل تلقي العلاج اللازم'. لتؤكد وزارة الدفاع الوطني في ختام بيانها أن 'هذه العملية تؤكد الحرص الدائم والجاهزية التامة لوحدات حرس السواحل لقيادة القوات البحرية على التدخل والمساعدة في البحر لإنقاذ الأرواح البشرية في جميع الظروف'


التلفزيون الجزائري
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- التلفزيون الجزائري
وزارة الدفاع الوطني: إجلاء صحي لثلاثة مسافرين بريطانيين شمال رأس ماتيفو بالجزائر – المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري
قام حرس السواحل لقيادة القوات البحرية، مساء أمس الجمعة شمال رأس ماتيفو (الجزائر العاصمة)، بعملية إجلاء صحي لثلاثة مسافرين من جنسية بريطانية، كانوا في وضعية صحية حرجة أثناء تواجدهم على متن سفينة قادمة من مضيق جبل طارق باتجاه مالطا، حسب ما أورده اليوم السبت، بيان لوزارة الدفاع الوطني. وأوضح نفس المصدر أنه 'في إطار المهام الإنسانية, تدخلت وحدات حرس السواحل لقيادة القوات البحرية إثر تلقي المركز الجهوي لعمليات الحراسة والإنقاذ في البحر بالناحية العسكرية الأولى, يوم 18 أبريل 2025 على الساعة 20:20، طلب إجلاء صحي من طرف طاقم السفينة (SPIRIT OF DISCOVERY) الحاملة لراية بريطانيا، قادمة من مضيق جبل طارق باتجاه مالطا، على بعد (16) ميلا بحريا شمال رأس ماتيفو/الجزائر, مفادها تواجد ثلاثة مسافرين من جنسية بريطانية في حالة صحية حرجة'. و'على الفور وبالتنسيق مع المركز الوطني لعمليات الحراسة والانقاذ في البحر للمصلحة الوطنية لحرس السواحل لقيادة القوات البحرية, تم تفعيل عملية إنقاذ وإجلاء المسافرين على مرحلتين, وذلك بإقحام حوامة البحث والإنقاذ (26-MS) التابعة للفوج 560 لحوامات البحث والإنقاذ بالناحية العسكرية الأولى وكذا زورق الإنقاذ (240) التابع للمجموعة الإقليمية لحرس السواحل دلس, حيث تم إجلاء المسافرين إلى المركز الاستشفائي الجامعي مصطفى باشا من أجل تلقي العلاج اللازم', يتابع البيان. وأضاف المصدر ذاته أن 'هذه العملية تؤكد الحرص الدائم والجاهزية التامة لوحدات حرس السواحل لقيادة القوات البحرية على التدخل والمساعدة في البحر, لإنقاذ الأرواح البشرية في جميع الظروف'.