
سيمو يكشف الحقائق.. نشاط مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس ساعد العالم على فهم ظاهرة الإرهاب بعيدًا عن العشوائية والتخبط
تخصص فى دراسات الإسلام الحركى وقضايا الإرهاب.. وأنشأ «المرجع» بـ4 لغات بمشاركة متخصصين
تعرض المركز ورئيسه عبدالرحيم علي إلى هجمة شرسة بعد نجاحه فى كشف مصادر تمويل الإرهاب العالمي وظهور العديد من الحقائق
عبدالرحيم على: كان لدى حلم ونجحت فى تحقيقه.. وخرج المركز الذى تميز عن غيره من مراكز الدراسات والبحوث السياسية المختصة فى فرنسا وأوروبا عمومًا
واجه حربًا شرسة بدءًا من محاولة إفشال ندواته ومؤتمراته وانتهاء باتهامه بمعاداة السامية.. وحاول دعاة الإرهاب محاصرة أنشطته قانونيًا
كان أول نجاحات مركز سيمو، اتجاه البرلمان الفرنسى بشكل فعلى إلى تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، حيث وقّع أكثر من 50 من النواب الفرنسيين عن الحزب الجمهورى، ورئيس منطقة باكا، رينو موسيلير، على رسالة مفتوحة دعوا فيها الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، إلى مواجهة التطرف من خلال «إعلان الإخوان كمنظمة إرهابية»، وحل المنظمات المرتبطة بها، وهذا بعد أسبوع واحد من مطالبة المتحدثة باسم حزب الجمهورى اليمينى المعارض فى فرنسا، ليديا جيرو، لماكرون بتصنيف الإخوان كتنظيم إرهابى، لتزداد الأزمات التى تعانى منها الجماعة، خاصة أنها تأتى فى وقت تسعى فيه الولايات المتحدة الأمريكية لتصنيفها أيضًا إرهابية.
أتت هذه الخطوة لتؤكد تلك الجهود المستمرة المتوازية، والتجربة الناجحة الرائدة لمركز دراسات الشرق الأوسط بباريس (سيمو)، الذى وضع على كاهله، منذ تم إنشاؤه على يد خبير الحركات الإسلامية عبدالرحيم على، مواجهة جملة من التحديات، لعل أهمها ما يتعلق بمدى القدرة على التصدى للإرهاب وزحف أفكار التطرف والتعصب الأعمى، الذى تنشره جماعات الإسلام الحركى فى العالم أجمع بشكل مُنَظَّم ومُمَوَّل ومُخَطَّط ودقيق، بادئًا تلك الجهود من فرنسا، ثم متوسعًا فى أوروبا حين أنشأ مكتبًا للمركز فى ألمانيا، لينتقل إلى عواصم أوروبية أخرى، من أجل خلق وسيلة جديدة للتواصل بين الشرق والغرب، ولمحاربة الإرهاب والإخوان فى مواطن بكر لم يواجهها فيها أحد.
ويقول عبدالرحيم علي إنه التقى أغلب نواب البرلمان الفرنسى وعقد أكثر من ١٠ ندوات فى قلب فرنسا، وإن الطلب الذى تقدم به النواب الفرنسيون أتى نتيجة هذه الجهود التى قام بها هو ومركزه، فقد كان من الضرورى أن يأتى إلى باريس لكى نسمعهم صوتنا ولكى نسمح للآخرين بالتعرف على تجربتنا والاستماع لنا والمشاركة فى الحوارات والنقاشات التى تدور، والتعاون مع العديد من الخبراء مثل رولان جاكار وريشار لابيفيير ويان هاميل، وغيرهم.. لقد كان من المهم أن نُفهم الآخرين وجهة نظرنا ونشرح لهم تجربتنا وآراءنا الحقيقية.
واصل المفكر عبدالرحيم على حديثه قائلًا: «من وجهة نظرنا الإسلام ليس الإخوان ولا يمثلونه فهم لا يظهرون إلا الجانب الخاطئ والمظلم من الفكر الإسلامى، وهذا الجانب لا يعبر عن أفكار وتوجهات ووجهة نظر جموع المسلمين.. فنحن نحترم المرأة ونؤمن بالديمقراطية والتداول السلمى للسلطة، ونحترم الفن أيضًا، ونحن مهتمون للغاية بالتبادل الثقافى بين الحضارات.. هل تتذكرون ما حدث خلال القرون الماضية؟؛ لقد قامت الحضارة العربية وكبار الفلاسفة العرب بخلق جسور وقنوات تواصل قوية مع الغرب، وذلك على النقيض تماما مما يفعله الإخوان المسلمون فهم يرون أن الحضارة الغربية هى الشيطان ويجب أن تعود تحت سلطة الحضارة الإسلامية».
نموذج يحتذى به
تعد تجربة مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس فى التصدى لظاهرة الإرهاب بأوروبا، نموذجا يحتذى به، فحين انكسرت شوكة تلك الحركات فى دول عدة بالعالم العربى فى السنوات الأخيرة، كمصر والإمارات والسعودية والكويت والبحرين وغيرها من البلدان، بدأت تتطلع لغزو أوروبا؛ أملًا فى إيجاد أرضية سانحة للانتشار والتمدد ونشر أفكارها بشكل واسع، عبر تكثيف عمليات التجنيد للجيل الثانى من المهاجرين، ويساعدها فى ذلك تمويل سخى تتلقاه من دول عدة لها مصلحة فى انتشار وقوة هذه التنظيمات فى أوروبا. ومن هنا جاءت أهمية الوجود للمركز، الذى وضع نصب عينيه فى البداية تصحيح تلك الأفكار المغلوطة حول تلك الجماعات فى الغرب، باعتبارها مؤسسات ديمقراطية تم اضطهادها فى بلادها بواسطة حكومات دكتاتورية، وهو ما ساعدها كثيرًا فى التغلغل فى أوروبا.
كان ما يتعلق بقضايا تيار الإسلام الحركى وقضايا الإرهاب فى حاجة ملحة، أكثر من أى قضية أخرى، لجهد ملموس وحقيقى فى مجال المعلومات، يحرص على استكمال ما هو غير متاح، ويعالج ما هو متوفر، خاصة بعد أن أصبحت تلك القضايا تقض مضاجع الجميع فى الشرق والغرب ليس فقط عبر عمليات إرهابية تحصد أرواح الأبرياء بلا تمييز، ولكن عبر نشر أفكار تحاول تغيير العالم نحو الأسوأ، خاصة فيما يتعلق بحرية الرأى والتعبير وحرية العقيدة، والموقف من المرأة والفن وقضايا الديمقراطية، والتداول السلمى للسلطة والنظرة إلى الآخر، المختلف فى العقيدة أو المذهب، ومن هنا جاء «سيمو» ليضع لبنة الأساس فى بناء المواجهة.
يقول عبدالرحيم علي، فى تصريحات نقلتها وسائل إعلام عربية وغربية: أنا عايشت تلك التنظيمات، وعاينت أفكارها بدقة واشتبكت معها ومع قادتها وكوادرها ومناصريها فى سجالات عدة، لم يستطيعوا خلالها الثبات دقيقة واحدة، وقد تأكد لنا خلال ثلث قرن من المتابعة الدقيقة لتلك الجماعات، أن امتلاك ناصية المعرفة هو الجسر القادر على الوصول بنا نحو فهم صحيح لأفكار ومخططات تلك الجماعات، سواء فى بلادنا العربية والإسلامية أو فى أوروبا وأمريكا، ذلك أن ندرة البيانات لم تعد مشكلتنا، مثلما كان الحال فى عصور سابقة، بل على العكس، فقد أصبحت الإشكالية المطروحة الآن هى فيض البيانات، وهو ما يجعل الباحث عن الحقيقة، أو الراغب فى بناء رؤية، يغرق فى كم هائل من البيانات، بعضها يناقض الآخر؛ ما يجعله فريسة سهلة للتشوش ما لم يمتلك القدرة المعرفية التى تؤهله لفرز الغث من الثمين.
مركز متخصص
وكان هذا المشروع، مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، ليصبح مركزًا مُتخصصًا فى دراسات الإسلام الحركى وقضايا الإرهاب، حيث قام فى البداية بإنشاء موقع على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، تحت عنوان «المرجع» متخصص بأربع لغات هي: العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، وكذلك نشر كراسة شهرية بالأربع لغات ذاتها، كما قام بنشر مجلة شهرية، وشارك فى تحرير الموقع والمجلة والكراسة عدد من الخبراء والمختصين بمجال دراسات الإسلام الحركى حول العالم، فى مقدمتهم: الفرنسى رولان جاكار، والسويسريان ريشار لابيفيير ويان هاميل، والجزائرى عتمان تازغرت، والباحث المصرى عبدالرحيم علي، وكانت الكراسة الأخيرة (السلفية المدخلية فى أوروبا.. النمو الصامت) التى كتبها الباحثان ماهر فرغلي، وصلاح الدين حسن.
لقد كان مركز دراسات الشرق الأوسط فى لقاءاته كلها التى عقدها ومؤتمراته يأمل أن يكون إضافة حقيقية لهذا الحقل من الدراسات، يقدم شيئًا يساعد العالم على الفهم والتدبر، بعيدًا عن الرؤى المتخبطة والعشوائية والبعيدة عن الدقة.
وخلال كلمته فى ختام فعاليات جلسة فى ندوة لمركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، بعنوان «التحديَات الجديدة أمام مكافحة تمويل الإرهاب»، التى أقيمت بفندق نابليون، على هامش انعقاد المؤتمر الفرنسى لمكافحة تمويل الإرهاب، بحضور الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والذى استمر على مدى يومى ٢٦ و٢٧ أبريل ٢٠١٨، استعرض عبدالرحيم علي، جهود المركز وإصداراته المختلفة وأعماله البحثية المتميزة فى مجال مكافحة الإرهاب الدولي، وحركات ما يُعرَف بالإسلام الحركي. وقال: «لماذا نترك الغرب يفهموننا بشكل خاطئ طوال الوقت؟ يجب معرفة كيف نشأت الحركات الإسلامية لدينا، وهل هى حركات ديمقراطية تناضل من أجل الإنسان، وبالتالى نقف جانبها ونجعلها تصل إلى السلطة، أم هى عكس ذلك تماما.. نحن لسنا مؤسسة اجتماعية، ولكنها مؤسسة هادفة للربح، ونقدم دراسات سياسية وليست اقتصادية، إضافة إلى العديد من الندوات والمؤتمرات والكتب المترجمة والمواقع الإلكترونية».
تابع عبدالرحيم علي، قائلا: «ذهبت إلى الناس فى البرلمان الأوروبى ومجلس الشيوخ والنادى الصحفى فى باريس والأمم المتحدة، وقمنا بالعديد من المؤتمرات، إضافة إلى فكرة الإفطار الأسبوعى فى «سيمو» بحضور مفكرين وباحثين وصحفيين فرنسيين، وتواصلنا مع كثير من الصحفيين الفرنسيين، وكل ما نريده هو الحوار المشترك على أرضية علمية لا علاقة لها بدول أو إنجازات معينة»، مؤكدًا، أن الهدف هو الوصول إلى وجهات نظر مشتركة، حول تلك الجماعات الإسلامية فى المنطقة العربية، ومعرفة أهدافها.
فى سماء أوروبا
انطلق مركز دراسات الشرق الأوسط فى باريس عام ٢٠١٧، ليكون جسرًا للتواصل بين الشرق والغرب، وكمؤسسة مستقلة تهدف لنشر رسالة سلام بجميع اللغات من بلد يعد مهدًا لحضارة من أعرق الحضارات فى تاريخ الإنسانية، وكانت رسالته فى أوروبا:
■ إيصال وجهة النظر المعتدلة للإسلام.
■ إيصال صوت الشرق والمسلمين لأوروبا.
■ توضيح أن الإسلام ليس الإخوان المسلمين.
■ خلق حلقة تواصل مستمر بين الديمقراطيين فى الشرق ونظرائهم فى الغرب.
■ التحدث مع الغرب باللغة التى يفهمونها.
■ شرح وجهة نظرنا وشرح تجربتنا وأيضا آرائنا الحقيقية.
■ توضيح مخاطر الإخوان على أوروبا والغرب.
■ توضيح خطورة الجماعات الإرهابية وجماعات العنف، وليعرف الغرب المخاطر التى يمثلها عليه الإسلام السياسى والحركي، كما يساهم المركز فى دعم التبادل والتواصل بين الحضارات.
تكونت الهيئة الاستشارية لمركز دراسات الشرق الأوسط من كلٍ من رولان جاكار رئيس المرصد الدولى لمكافحة الإرهاب والخبير الاستراتيجى فى الإرهاب لدى مجلس الأمن، ريشار لابفيير الباحث والإخصائى فى مجال الإرهاب، مؤلف كتاب «دولارات الرعب»، الباحث والكاتب عثمان تزغارت مؤلف كتاب «وصايا بن لادن»، والمُختص بقضايا الإخوان فى أوروبا الكاتب يان هامل.
شبكة إلكترونية
أطلق مركز دراسات الشرق الأوسط من العاصمة الفرنسية مشروع «المرجع» الدولي، الذى يضم شبكةً إخباريةً إلكترونية مُتخصّصة فى دراسات الإسلام السياسى بالفرنسية والعربية والإنجليزية والألمانية، لتزويد صانع القرار العربى والأوروبى بما يلزم من معلومات موثقة لمواجهة الجماعات الإرهابية وحلفائها فى العالم، ومُحاصرة تحركاتها فى الأوساط الدولية، وإطلاع الرأى العام الغربى والأمريكى على جرائمها ومحاولاتها التأثير على تقاليد وقيم التسامح وحوار الحضارات.
وتضمن المشروع كذلك إصدار العديد من الأبحاث والدراسات التحليلية، منها مجلة «المرجع» التى كانت تطبع وتوزع فى لندن، ونيويورك، وباريس، وهامبورج، والقاهرة باللغات الأربع، وتشكل مرجعًا حقيقيًا للباحثين فى ظاهرة الإرهاب على مستوى العالم فى المستقبل القريب.
وعن أهمية المشروع يقول عبدالرحيم علي، إن العالم يواجه اليوم جُملة من التحديات، أهمها القدرة على التصدى للإرهاب، وزحف أفكار التَّطرف والتّعصب الأعمى الذى تنشره جماعات الإسلام الحركى فى العالم بشكلٍ مُنظم ومُمول ومُخطط ودقيق.
ومنذ إنشائه قام مركز دراسات الشرق الأوسط، بإطلاق العديد من الأنشطة منها:
■ الندوات والمؤتمرات.
■ إصدار الكتب والمجلات والكراسات.
■ تنظيم عدد من الحلقات التليفزيونية واللقاءات المهمة.
■ إصدار موقع متخصص بأربع لغات، ومنصات لـ«السوشيال ميديا».
وفى ٦ أكتوبر ٢٠١٧، أصدر مركز CEMO العدد الأول من الطبعة الدولية لمجلة the portal باللغتين الإنجليزية والفرنسية، التى توالى إصدارها والتى أحدثت صدى كبيرا فى الأجواء الأوروبية، مما زاد من مسئولية المكتب التنويرية تجاه العالم الغربى لكشف حقيقة ما يجرى فى الشرق الأوسط. وتولى مسؤولية إدارة التحرير الكاتب الصحفى محمود حامد تحت رئاسة تحرير عبدالرحيم على. وضمت صفحات المجلة قسمين، أحدهما يكشف مخططات الإخوان المسلمين وقوى الإرهاب لزعزعة الاستقرار فى معظم دول العالم، فيما كان القسم الثانى من المجلة سفيرًا فوق العادة يقدم للقارىء الغربى وجبة متنوعة عن مصر وقوتها الناعمة فى الأدب والفن والتاريخ والفكر والحضارة.
وفى مايو ٢٠١٨، أطلق مركز دراسات الشرق الأوسط مجلة شهرية باسم (المرجع)، التى ستصبح مرجعًا فى إيديولوجية الإسلام السياسى بأربع لغات: فرنسى وإنجليزى وألمانى وعربي، والتى ضمت مقالات لكتاب وخبراء فى إيديولوجية الإسلام السياسى مثل: عبدالرحيم علي، ورولان جاكار، وريشار لابيفيير، وعثمان تازاغرت، ويان هاميل.
كراسات متخصصة
وتوثيقا لتلك الأعداد التى تحتوى على أهم التقارير والمقالات والوثائق المهمة، والدراساتِ والبحوثِ والمقالاتِ والتحليلاتِ و«البروفيلات» والكتبِ والملفاتِ، أطلق مركز دراسات الشرق الأوسط «موقع المرجع»، بهدف مخاطبة القارئ الغربى والعربى والتواصلُ معه، بحيثُ يستطيعُ الزائرونَ الاطلاعَ على الأرشيفاتِ فى جميع الأقسامِ.
وقد أصدر المركز ثلاث كراسات متخصصة باللغات الأربع، وكانتْ الكراسةُ الأولي، حولَ مخاطرُ الفكرِ الإخوانِّى على قيمِ الحضارةِ الغربيةِ، وجاءتْ الكراسةُ الثانيةُ تحتَ عنوان «لماذا ينضمُ شبابٌ أوروبيون إلى داعش؟»، ثم الكراسة الثالثة تحت عنوان «السلفيَّةُ المدخلية».
أما من ناحية الكتب فقد أصدر المركز سلسلة بدأها بـ«الإخوانِ المسلمينَ» باللغتينِ الإنجليزيةِ والفرنسيةِ، وكتابٍ آخر «داعش»، بالإضافة إلى العديد من الكتب الجارى إنتاجها من خلال المركز.
فى يوم ٦ أكتوبر ٢٠١٧، نظم المركز ندوة بعنوان «مكافحة الإرهاب والدور القطرى فى تمويل الإرهاب»، وتحدث فيها رولان دوما، وزير الخارجية الفرنسى الأسبق، وفرانسوا أسيلينو، مرشح الانتخابات الفرنسية قبل الأخيرة.
كما نظم المركز فى مقره الرئيسى بباريس ندوات متعددة، شارك فيها أيضًا «جورج مالبرونو»، الصحفى فى «لوفيجارو» و«فرانسوا أسيلينو»، مرشح الانتخابات الفرنسية قبل الأخيرة، «وإيلى حاتم»، محام دولي، و«إريك شامبير»، و«يببر بيرتيلو»، وبعض من أساتذة الجامعات ممن يتمتعون بشهرة واسعة فى الأوساط البحثية والإعلامية.
ويوم ١٧ أكتوبر عام ٢٠١٧، وبمناسبة نشر كتاب دولة الإخوان المسلمين، نظم ندوة حول الكتاب وإعادة توزيع الأوراق فى عالم مضطرب مليء بالتغييرات، وذلك فى ساحة «لو سكريب لارماتان»، شارك فيها كاترين موراف دى سايي، وعضو مجلس الشيوخ، فرانسوا جروديديي، وزينة الطيبى الكاتبة والصحفية الفرنسية اللبنانية.
فى باريس أيضًا أقام المركز يوم ٢٩ نوفمبر ٢٠١٧، ندوة تحت عنوان (مخاطر الإخوان المسلمين على القيم الغربية، وضرورة تحذير حكومات دول الاتحاد الأوروبى منهم)، وذلك فى مجلس الشيوخ الفرنسى، شارك فيها عدد من الصحفيين السويسريين، مثل: يان هاميل الخبير فى شئون الإخوان المسلمين.
وفى نادى الصحافة جينيفا - سويسرا، يوم ١٨ يناير ٢٠١٨، أقام المركز ندوة حول «تمويل وانتشار الفكر المتطرف فى أوروبا.. الإخوان نموذجًا»، بحضور عدد من الصحفيين، مثل جورج مالبرونو من «لوفيجارو».
وفى نادى الصحافة فى باريس تمت ندوة عن توغل الإرهاب فى فرنسا، ومخاطر الإرهاب الإسلامي، الذى يهدد الأمن فى مصر.
وشارك يان هاميل وهو خبير فى الإسلام الحركى، وريشار لابيفيير وعثمان تازغارت وهما خبيران فى شئون الإرهاب والرهينة الأمريكى السابق فى سوريا تيو بدنوس، فى ندوة يوم ١٣ فبراير ٢٠١٨؛ حيث قدم المركز توصيات لتعزيز مكافحة تمويل الإرهاب، على هامش مؤتمر الأمن وسياسات الدفاع.
وعن تمويل الإرهاب شارك عبدالرحيم على وعدد من الخبراء الدوليين، منهم: رولان جاكار وريشار لابيفيير وعثمان تازغارت، فى ندوة بميونخ - ألمانيا يوم ١٧ فبراير ٢٠٨، وافتتح الندوة د. أحمد يوسف، وبعدها طرحت عدة توصيات بخصوص مكافحة تمويل الإرهاب.
وحول الأدوات الجديدة التى تستخدمها الدول فى تمويل الإرهاب فى أوروبا، أقام المركز ندوة فى فندق نابليون - فرنسا - باريس، يوم ١٤ مايو ٢٠١٨، وذلك بدعوة من مرشحة الرئاسة الفرنسية مارى لوبان، وكانت هناك العديد من الأسئلة فى وجود العديد من القنوات الفضائية الفرنسية والعربية.
لم تصل الجهود إلى هذا الحد فقط، لكن المركز ورئيسه انتقلوا إلى البرلمان الفرنسي، والأوروبي، وبحضور مارى لوبان، أقام ندوة مع برلمانيين فرنسيين، حول أثر انتشار منظمات الإخوان المسلمين فى فرنسا على السياسات الفرنسية.
وحول خطر الإخوان على أوروبا، أقام المركز إفطارًا بالجمعية الوطنية- البرلمان الفرنسى يوم ٢٢ مايو ٢٠١٨، بحضور العديد من أعضاء البرلمان الأوروبى، وقامت العديد من القنوات الفضائية الفرنسية والعربية بتغطية الندوة، إضافة إلى الندوة الأخرى حول انتشار الإرهاب فى أوروبا، وسبل مواجهته فى ستراسبورج - فرنسا، يوم ١٢ يونيو ٢٠١٨، بحضور«جون فرونسوا جيرو» المنسق العام لأجهزة الاستخبارات الفرنسية بالإليزيه، واللواء «جون برنارد بيناتل»، قائد قوات المظلات الأسبق بالجيش الفرنسي، وأستاذ مادة الأمن القومى بالسوربون، الذى ألقى كلمة مهمة حول ضرورة المواجهة الجادة مع ممولى الإرهاب خاصة فى أوروبا، كما حضر البروفسور «تيرى لانس»، أستاذ مادة تاريخ الحروب فى السوربون والمدير العام لمؤسسة نابليون، وألقى كلمة مهمة حول الدور السلبى لكبريات الصحف فى فرنسا وخطيئتها فى مؤازرة الإخوان المسلمين بشكل مباشر أو غير مباشر، و«كريستيان جمبوتى» رئيس تحرير مجلة «أنتليجانس أفريكا»، الخبير الأمنى بأفريقيا، الذى ألقى كلمه حول التعاون الاستخباراتى وأهمية أن نربح معركة الأفكار قبل معركة السلاح، و«بيير برتلوه» الباحث الكبير، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية، حيث أجرى مداخلة حول الاهتمام الذى يلاقيه بعض قادة الإخوان الإرهابيين من الإعلام الفرنسى، وهل هو مقصود أم مدفوع الأجر؟ ومن أبرز حضور الإفطار كانت الصحفية اللامعة سيلين لوساتو مسئولة قسم الشرق الأوسط بمجلة «أوبسرفاتور»، واستفاضت فى كلمتها حول دور الصحافة اليسارية التى لا تفهم ظاهرة الإرهاب فى انتشار الفكر المتطرف فى فرنسا، وتجاذب معها أطراف الحديث ميشيل بنجيب سيدهم الباحث فى تاريخ الحملة الفرنسية على مصر، والمحرر السابق بصحيفة «لوموند»، و«سولان برز» من الشركة الفرنسية للعلاقات العامة وخبير إعلامي.
لم يكتف المركز بهذه الجهود إنما انتقل لإقامة ندوة حول «الإرهاب فى ليبيا - مصر - اليمن نموذجًا»، ومواجهة الظاهرة ومموليها فى الغرب، وذلك بفندق برنس دوجال بقاعة الـ«شاليو» يوم ٢٤ أكتوبر ٢٠١٨.
فى مواجهة المؤامرات
لأن مركز دراسات الشرق الأوسط فى باريس، نجح منذ إطلاقه فى إحداث نشاط سياسى فكرى ملحوظ يهتم بدراسات الإسلام السياسى وقضايا الإرهاب، ضمن جهوده لكشف محاولات توظيف بعض الأطراف للإسلام وحقيقة أنه دين تسامح ومحبة، فقد واجه حربًا لا هوادة فيها بدءًا من محاولة إفشال ندواته ومؤتمراته، وانتهاء باتهامه بمعاداة السامية، وذلك من أجل محاصرة أنشطته قانونيًا.
كما رأى المركز أن قضايا تيار الإسلام الحركى والإرهاب والبحث فيها، فى حاجة مُلحة أكثر من أى قضية أخرى، لجهد ملموس وحقيقى فى مجال المعلومات، وحرص على استكمال غير المتاح وعالج المتوفر منها، خاصةً بعد أن أصبحت تلك القضايا تقض مضاجع الجميع فى الشرق والغرب ليس فقط بسبب الإرهاب الذى يحصد أرواح الأبرياء بلا تمييز، ولكن بسبب نشر أفكار تحاول تغيير العالم نحو الأسوأ، خاصة فيما يتعلق بحرية الرأى والتعبير، وحرية العقيدة، والموقف من المرأة، والفن، وغيرها، لن يتوقف عن تلك الجهود مطلقًا إلى أن يشاء الله.
إن خطورة المركز على الممولين والداعمين اللوجيستيين للإرهاب، هو أنه الذى أخذ على عاتقه التحذير من تغلغل بعض الجماعات فى المُجتمعات الأوروبية والغربية عموما ذات النظام العلمانى المُنفتح على ثقافة الآخر، بدل السعى للاندماج والتفاعل مع تلك المجتمعات، كما أنه كشف بوضوح دور قطر والإخوان فى تمويل وصناعة الإرهاب الدولي، ونجح فى كشف عدد من الأذرع المالية للإخوان المُنتشرة فى الغرب، وعمليات تبييض الأموال، والصفقات المالية ذات الصلة بالرهائن الغربيين والإفراج عنهم لتمويل الجماعات الإرهابية، وقدم فى هذا الصدد العديد من الشهادات الحية والوثائق المؤكدة.
وبعد نجاحه فى كشف مصادر تمويل الإرهاب العالمي، وظهور العديد من الحقائق، تعرض المركز ورئيسه البرلمانى والباحث د. عبدالرحيم علي، بشكل خاص إلى هجمة شرسة من خلايا إخوانية نائمة مموّلة قطريًا، بتحريض بعض الإعلام الفرنسى على المركز بمحاولة اتهامه بمعاداة السامية، لعلمها باستحالة مهاجمة المركز بحجج أخرى، وذلك بعد تأكيد المركز تأييد مواقف الدول العربية والإسلامية الرافضة لنقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى القدس المحتلة.
وانطقلت الحملة ضد المركز على يد «رومان كاييه»، الذى يعرف نفسه متخصصًا فى شئون الحركات الإسلامية، وهو فى الحقيقة فرنسى اعتنق الإسلام قبل سنوات وانضم إلى التيار السلفى المتشدد، وتعتبره جهات فرنسية خطرًا على الأمن القومي، وتوقفت بعض القنوات عن دعوته للمشاركة فى ملفاتها السياسية باعتباره خبيرًا فى الحركات المتطرفة.
ولأن المركز كشف فى تقرير حديث، جهود حكيم القروى، أحد أبرز الوجوه الموالية للإسلاميين فى فرنسا، لتسهيل صعود الإخوان فى الأراضى الفرنسية خاصةً، بفضل التمويل والاستثمار، بسبب ارتباطه بجماعة الإخوان، واجه أيضًا تلك الحملة الشرسة.
وفى يوم الثلاثاء ٢٢ مايو ٢٠١٨، وُجهت الدعوة لرئيس مركز سيمو عبدالرحيم علي، من قبل لجنتى الدفاع والعلاقات الخارجية فى البرلمان الفرنسي، للتحدث بصفته خبيرًا فى شئون الإرهاب، ونائبًا فى البرلمان المصري، وباحثًا متخصصًا فى شئون الإسلام الحركي، عن مخاطر إرهاب ما بعد داعش، وتغلغل الحركات الإسلامية المتطرفة فى أوروبا بشكل عام وفرنسا بصفة خاصة، واستقبلته مارين لوبان، مرشحة الرئاسة الفرنسية السابقة، بوصفها نائبة برلمانية وعضو لجنة الشئون الخارجية، ولوى إليوت، بوصفه عضوًا بلجنة الدفاع والأمن القومى النائب، وتحدث حينها عن تغلغل الإخوان، والجماعات الجهادية فى فرنسا، ومخاطر ذلك على القيم الحضارية الغربية. لكنه لفت إلى أن بعض غلاة العنصريين، الذين يتعمدون التجنى على الإسلام والمسلمين، يغذون التطرّف من حيث إنهم يخلقون بيئة مواتية يستغلها الإسلاميون المتطرفون لاستقطاب الشباب المسلم فى فرنسا. وضرب عبدالرحيم على، مثلا عن ذلك بالعريضة المثيرة للجدل، التى أصدرتها آنذاك ٣٠٠ شخصية فى فرنسا، ودعت فيها إلى حذف بعض الآيات من القرآن الكريم.
وفى تطور غير مسبوق على الساحة السياسية الفرنسية، قامت مارين لوبان، بالتصديق علنا على كلام عبدالرحيم علي، ووصفت موقّعى تلك العريضة بـ«الأغبياء»، مؤكدة أن فرنسا ليست لها أى مشكلة مع المعتقدات الدينية، ولا مع النصوص المقدسة، بل هى معنية فقط بمحاربة التطرّف الجهادى من أجل حماية أمن مواطنيها، بمن فيهم المسلمون.
وأكد عبدالرحيم على فى الندوة كيف أن الحركات والتنظيمات المتطرفة بشقيها الإخوانى والجهادي، مدعومة من قبل رعاتها فى قطر، شاءت غير ذلك، فقد أوكلت إلى شخص مشبوه، اسمه رومان كاييه، بإطلاق حملة مسعورة لاتهام المركز بأنه «مهووس بنظرية المؤامرة الصهيونية»، وهذا الشخص، الذى كان يزعم فى السابق أنه باحث متخصص فى الإسلام الجهادي، قبل أن يتبين أنه مدرج على اللوائح الفرنسية للمتطرفين، ما جعل كل وسائل الإعلام الجادة فى فرنسا تتبرأ منه وتقطع صلاتها به، قام بإطلاق سمومه ضد «عبدالرحيم»، من خلال مجموعة من التغريدات التحريضية على توتير، وسرعان ما تلقف تلك التغريدات موقع صحفى فرنسى. ومن ذلك الموقع، قفزت التهم الموجهة للدكتور عبدالرحيم على بسرعة مذهلة إلى المواقع الصهيونية كافة فى فرنسا. ثم توسع الأمر ليصل خلال أقل من ٢٤ ساعة، إلى تل أبيب ليتصدر الموقع الإلكترونى لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
إن التغريدات والمقالات التى نُشرت على المواقع الصهيونية والإسرائيلية، حملت صياغات متطابقة وتعابير متشابهة لا يمكن أن تأتى بمحض المصادفة. لكنها كانت تشير إلى شيء واحد فقط، هو نجاح مركز دراسات الشرق الأوسط، وإلا لما قامت تلك الذيول الإخوانية المدعومة قطريًا بتلك الحرب.
«سيمو» مستمر فى المواجهة
لن نكف عن مواجهة المتطرفين والإرهابيين وسنكشف كل ألاعيبهم، هكذا يقول عبدالرحيم علي، وانطلاقًا من الجهود السابقة. إن «الإخوان» التى أصابها الوهن والضعف فى الشرق الأوسط، عقب أن كشفت الشعوب حقيقتها، تبدو أكثر قوة فى الغرب؛ فقد استطاعوا الوصول والتغلغل عبر أكثر من ٥٠٠ منظمة متفرقة فى أوروبا، تحت مسمى «اتحاد المنظمات الإسلامية»، منها ٢٥٠ منظمة فى فرنسا فقط، ووفق إحصاءات أخرى، يمتلكون حوالى ١٠ مليارات دولار أصولًا فى الغرب، وعلى المستوى الفكرى يسيطرون على مئات المساجد فى فرنسا، ويقومون بتجنيد مئات الشباب وإقناعهم بفكرهم ويزرعون فيهم الكراهية للحضارة الغربية، وكل هذا يحتاج إلى جهود جبارة، وضع مركز دراسات الشرق الأوسط نفسه كجزء منها، بل كمخطط موضوعى لجهودها خلال الأيام المقبلة.
يقول عبدالرحيم علي: كان لدى حلم ونجحت فى تحقيقه، وخرج المركز الذى تميز عن غيره من مراكز الدراسات والبحوث السياسية المختصة فى فرنسا وأوروبا عمومًا، بمطبوعاته وإصداراته الفكرية المُعمقة، وشبكته الإخبارية الغنية «المرجع» باللغات العربية، والفرنسية والإنجليزية، والألمانية، وبتنظيم العديد من أهم المؤتمرات والندوات بحضور سياسى فرنسى مهم، ما أسهم فى التعريف بخطر تنظيم الإخوان على الدول الأوروبية، وليس فقط على منطقة الشرق الأوسط، وقدم لصانع القرار ورجل السياسة حقائق تسهم فى مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والسلام العالمي، ومن أجل ذلك حاربونا، ولا زالوا لكننا سننتصر عليهم، وها هم النواب الفرنسيون الذين قدموا طلبهم لماكرون خير دليل على ما صنعناه وما قمنا به.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 6 ساعات
- العين الإخبارية
تقرير فرنسي يستنفر السويد.. بدء معركة متعددة الأوجه ضد الإخوان
أحدث تقرير رسمي صادر عن وزارة الداخلية الفرنسية حول نشاط تنظيم «الإخوان» في أوروبا صدى سياسيًا واسعًا في السويد. جاء ذلك بعد أن خصّ التقرير السويد بعدة إشارات وتحليلات اعتبرتها باريس دالة على تغلغل التنظيم في النسيج المجتمعي السويدي، رغم حجمه العددي المحدود. التقرير، الذي نُشر في 21 مايو/أيار تحت عنوان «الإخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا»، لم يكتفِ برسم خريطة النفوذ الإسلامي السياسي داخل فرنسا، بل وسّع تحليله إلى امتداد الجماعة في ألمانيا والنمسا وبريطانيا والسويد. وبينما اعتادت السويد على خطاب سياسي مرن تجاه قضايا التعددية الثقافية، شكّل هذا التقرير فرصة لقوى سياسية يمينية كي تفرض واقعًا جديدًا تتقاطع فيه مفاهيم الأمن القومي، ومكافحة التطرف، ورفض التأثيرات الأجنبية في الداخل السويدي. كيف أحدث التقرير صدمة في ستوكهولم؟ وفي نص التقرير الفرنسي، ورد أن «فرع جماعة الإخوان في السويد يتمتع بتأثير سياسي واجتماعي يفوق حجمه العددي»، وهو تأثير يعود – بحسب التحليل الفرنسي – إلى 3 عوامل رئيسية: التمويل المتدفق إلى بعض الجمعيات والمنظمات المرتبطة بالجماعة، ونظام التعددية الثقافية السويدي، الذي سمح بتوسع الجماعات الإسلامية ضمن أطر قانونية وديمقراطيةـ، والعلاقات المباشرة أو غير المباشرة مع بعض الأحزاب، خصوصًا الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وفيما اعتبر التقرير أن هذه العوامل مجتمعة تمكّن الجماعة من بناء «هياكل مجتمعية موازية»، فإنه دعا الحكومات الأوروبية إلى تنسيق أمني واستخباراتي لمواجهة ما وصفه بـ«الزحف الناعم للإسلام السياسي». الحكومة السويدية إلى المواجهة وردّت الحكومة السويدية سريعًا، معتبرة أن ما ورد في التقرير يتطلب تحقيقًا وطنيًا خاصًا. ففي 22 مايو/أيار، أعلن وزير التوظيف والاندماج ماتس بيرسون، المنتمي لحزب الليبراليين، تشكيل لجنة من الخبراء لدراسة «تغلغل الإسلام السياسي» داخل البلاد، بحسب صحيفة «لو موند» في نسختها الإنجليزية. وفي لهجة غير معتادة في الخطاب الرسمي السويدي، أكد بيرسون أن «السويد تواجه خطر البُنى الموازية التي تخرق الديمقراطية الليبرالية». هذه التصريحات عكست تحوّلًا ملحوظًا في خطاب الدولة، بعد سنوات من محاولات التوفيق بين قيم الانفتاح والحريات، ومتطلبات الأمن والاندماج. وبعد أسبوع واحد، وتحديدًا في 28 مايو/أيار، أعلنت الحكومة – بدعم من حزب «ديمقراطيو السويد» من أقصى اليمين، عن خطة جديدة لحظر التمويل الأجنبي للجمعيات الدينية والمنظمات التي يُشتبه بارتباطها بالتطرف أو بأجندات مناهضة للديمقراطية. رئيس الوزراء أولف كريستيرسون صرّح بوضوح: «لن نسمح للإسلاميين أو للقوى الأجنبية بالتدخل في ديمقراطيتنا»، مشيرًا إلى التقرير الفرنسي كمصدر إلهام لهذه السياسات. هل موّلت الحكومات جمعيات ذات صلة بالإخوان؟ ما فجّره التقرير الفرنسي ليس جديدًا تمامًا على السويد. ففي عام 2017، نشرت وكالة الطوارئ المدنية السويدية دراسة أعدها باحثون في مجال الحركات الإسلامية، أكدت وجود «شبكات متماسكة» على صلة بـ«الإخوان»، تمارس أنشطة دينية وتعليمية واجتماعية، وتستفيد من تمويل حكومي محلي، ما يعني أن المال العام استُخدم – عن غير قصد – في تقوية جماعات ذات أجندة سياسية. الدراسة رصدت كيف ساهمت البلديات السويدية، عبر برامج دعم الاندماج والعمل المجتمعي، في تمويل جمعيات كان بعض مسؤوليها على صلة مباشرة أو فكرية بالإخوان. ولفتت إلى أن هذه البُنى تخلق «مجتمعًا موازنًا» يختلف في قيمه ومفاهيمه عن المجتمع السويدي العلماني، ما يهدد على المدى البعيد بتقويض الاندماج الكامل. الحزب الاشتراكي الديمقراطي في مرمى الاتهام أحد أكبر تداعيات التقرير الفرنسي في السويد كان عودته لتغذية الخطاب الهجومي لليمين ضد الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي يُتهم منذ سنوات بغض الطرف عن صلات منظماته المحلية ببعض التيارات الإسلامية. وفي مواجهة هذا التصعيد، خرج القيادي في الحزب توبياس باودين ليرد على الانتقادات، مؤكدًا أن «التقرير الفرنسي لم يقدّم دليلًا ملموسًا على أي علاقة تنظيمية بين الحزب والإخوان»، مضيفًا أن الحزب «لا يتسامح مع أي شكل من أشكال التطرف». لكن هذه التصريحات لم توقف عاصفة الاتهامات. وزيرة الهجرة ماريا مالمير ستينيرغارد، المنتمية لحزب المحافظين، طالبت – عبر منشور في «إكس» – الحزب الاشتراكي الديمقراطي بفتح تحقيق داخلي شفاف حول علاقاته بالجمعيات الإسلامية، مطالبة بـ«الوضوح والمساءلة». فرنسا تقود معركة.. هل تتبعها السويد ودول أخرى؟ التقرير الفرنسي الأخير ليس معزولًا عن سياق أوروبي أوسع. فدول مثل ألمانيا والنمسا سبق أن اتخذت قرارات مشابهة بحظر بعض الجمعيات الإسلامية، وتجفيف مصادر تمويلها، وسط مطالب متصاعدة بتوسيع نطاق التحقيقات والتنسيق الاستخباراتي بين العواصم الأوروبية. في هذا الإطار، يبدو أن السويد تتجه تدريجيًا لتبني مقاربة أكثر صرامة، مدفوعة بضغط داخلي من الأحزاب اليمينية، وبتغيرات جيوسياسية تمسّ علاقة أوروبا بملفات مثل الهجرة، والإرهاب، وارتباطات بعض الأنظمة الخليجية بحركات الإسلام السياسي. بين باريس وستوكهولم.. معركة أفكار وهوية ما بدأ كتقرير حكومي فرنسي تحليلي، تحوّل إلى كرة ثلج سياسية في السويد، حيث أعاد خلط الأوراق وفتح ملفات صدامية حول الهوية، والسيادة، والعلاقة بين الدولة والدين. ومع دخول أقصى اليمين على الخط، وتحفّز الحكومة الحالية لإعادة رسم سياسة الهجرة والاندماج، يبدو أن جماعة الإخوان تحوّلت – من جديد – إلى عنوان رمزي لصراع أوسع حول مستقبل السويد كدولة ليبرالية منفتحة أم كيان قومي أكثر تشددًا في ضبط علاقته بالجاليات والأديان. كيف يمكن مكافحة الإخوان في السويد؟ وكان المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات أكد على ضرورة إصدار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تعزز جهود الدولة وإجراءاتها في مواجهة التطرف والإرهاب. وتسهل هذه التشريعات عملية تعقب ومراقبة البيئات الحاضنة للتنظيمات والمؤسسات المتطرفة التي ترعى المتطرفين وتشديد العقوبات عليهم، ورصد ومعاقبة التحريض على خطاب الكراهية ونشر التطرف الديني واستغلال الإنترنت لهذه الأغراض. وشدد على ضرورة إنشاء "مركز توثيق الإسلام السياسي" لتحليل ومراقبة أنشطة الإخوان المسلمين في السويد، ثم فتح تحقيقات قانونية في أنشطة الجماعة وتمويلها للتطرف والإرهاب، مؤكدًا ضرورة إقامة مراكز مهمتها مراقبة المؤسسات والتنظيمات المتطرفة في الدولة كخطوة لمكافحة تيارات الإسلام السياسي أو ما يعرف بـ"الإسلاموية". وبحسب المركز الأوروبي، فإنه يجب إرساء الشفافية في موضوعات تمويل المراكز والمنظمات التابعة لجماعة الإخوان ومصادر التمويل، وتكثيف الرقابة على الاستثمارات والمؤسسات المالية التابعة للإخوان التي تُعتبر ممرات لتمويل التطرف والإرهاب. كما شدد على ضرورة ضبط خطاب المساجد الذي يتعارض مع قيم النظام الديمقراطي السويدي، ومراقبة مصادر تمويل المساجد والمراكز الدينية، ومنع "المتطرفين" من السيطرة على المساجد، ووقف استقبال الأئمة المرسلين من الدول الأجنبية. وطالب المركز الأوروبي بضرورة وجود قانون يمنع عمل الأئمة من خارج الاتحاد الأوروبي، في إطار محاربة التطرف، وإنشاء "معهد أوروبي لتدريب الأئمة" يشرف على تدريب الأئمة ويضمن أن خطابهم لا يسهم في "أيديولوجية التطرف". كما أكد ضرورة إغلاق المؤسسات المشتبه بها في نشر أفكار وأيديولوجيات متطرفة، مثل مدارس الإخوان الآخذة في الانتشار خلال العقدين الماضيين، نتيجة تساهل الحكومات مع أنشطة وتحركات تنظيم الإخوان، والتي تصنفه عدة دول على أنه تنظيم متطرف. وتمثل هذه المدارس بؤر انتشار الفكر المتطرف، خاصة في الضواحي السويدية التي يسكنها المجتمع المسلم، بالإضافة إلى أنها أصبحت إحدى منصات نشر الفكر المتطرف. aXA6IDE0NS4yMjMuNjEuMjQg جزيرة ام اند امز NL


الاتحاد
منذ 14 ساعات
- الاتحاد
مواجهة التطرف لاستعادة السكينة
مواجهة التطرف لاستعادة السكينة منذ سنوات، ربما تعود لعام 2016، اعتبرت أنّ لدينا، مثقفين وإعلاميين، ثلاث مهمات أو أولويات: دعم تجديد تجربة الدولة الوطنية، واستعادة السكينة في الدين، وإقامة علاقات حسنة مع العالم. وفي العقد الماضي وقبله بُذلت جهود كبيرة من الدول ومن جهات المجتمعات المدنية، وإنْ على تفاوت، في العمل لإحقاق هذه الأولويات. وأريد في هذه العجالة مراجعة الأولوية الثانية، وأعني بها استعادة السكينة في الدين. فقد تنبهتُ إلى أنّ نزعات التطرف والجموح باسم الدين عادت إلى الظهور والسواد بسبب حرب غزة، وبسبب المتغيرات في المجتمعات الغربية التي كانت تحتضن جماعات الإسلامويين. إنّ هذا التنبه استند أخيراً إلى ندوة أُقيمت بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية حول «الإخوان» وأفكارهم ونشاطاتهم في السنتين الأخيرتين. فهم يستعيدون من جهة أفكاراً وممارسات قديمة عُرفوا بها منذ عدة عقود، ومن جهة أُخرى يرفعون ألويةً «جهاديةً» التقوا على أساسها مع «داعش» و«القاعدة» من جهة، ومع اليسار المتطرف في الغرب من جهةٍ ثانية. لقد أدركتُ، من خلال الدراسة والمتابعة منذ مطالع سبعينيات القرن العشرين، أنّ «الإخوان» في فكرهم وسلوكهم على مدى عقود هم بمثابة انشقاقٍ في الإسلام، وأن أولوياتهم إحداث تمرد على الحداثة والدولة الحديثة باسم الدين. ولذا مضوا بعيداً في مواجهة الدول الحديثة في مجالنا باعتبارها «غزواً» ثقافياً وسياسياً. بيد أنّ المسألة مع الدولة الوطنية على خطورتها ما كانت الأبرز، وبخاصةٍ أنّ الدول واجهتها بقوة، بل الأكثر خطورةً كان وما يزال دعوة هؤلاء المتطرفين الانشقاقيين إلى استعادة الشرعية من خلال الدولة الدينية التي تطبّق «الشريعة»! ويستند ذلك إلى اعتبارهم أنفسَهم ممتلكين للشرعية الدينية وليس المؤسسات الدينية القائمة. والطريف أنّ هؤلاء اعتبروا دعوتهم التي كانت لكسب الجمهور، اعتبروها إصلاحاً في الدين! ونحن نعرف أنّ التفكير الديني السني القديم ما كان يعتبر الإمامة أو النظام السياسي من أصول الدين، بل اجتهاداً ومصلحةً يحددها كل قومٍ لأنفسهم. أما «الإخوان» فمنذ حسن البنّا يعتبرون النظام السياسي من أصول الدين، وجماعة «الإخوان» هي المكلفة بتطبيقه! وما دام قد صار جزءاً من الإيمان فلا عجب أن يشيع التكفير أو التفسيق ضد الذين لا يقولون بالإمامة أو الخلافة باعتبار أنها مُلزمة حتى في الأزمنة المعاصرة! ما معنى استعادة السكينة في الدين؟ الدين قوةٌ ناعمة، وإلى العبادات والأخلاق، هناك قيم السلام والقسط والبر التي يدعو إليها القرآن بالدواخل ومع العالم. ولذا فالظروف المعاصرة، ومن أجل إمكانية العيش في العالم برحابة، والمشاركة في أمنه وتقدمه، لا ينبغي ولا يصح تحويل الإسلام إلى أيديولوجيا لمواجهة العالم، كما حاولت «داعش» و«القاعدة» ومعها كثيرون من كُتاّب «الإخوان» وإعلامييهم. إنّ استخدام الدين في تسويغ التطرف والإرهاب يحوّل الدين إلى قوة خشنة، سواء باسم المفاصلة أو باسم الجهاد. وقد شهدنا على انتشار الإسلاموفوبيا في الغرب بسبب هذه الدعوى، والانقسام في الدواخل حول فهم الإسلام ورسالته. لذا لا بد من استعادة السكينة التي تعني ثقة المسلم بدينه وشريعته، واللذين لا يمتلك المتطرفون الكلامَ باسمهما. *أستاذ الدراسات الإسلامية - جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية


العين الإخبارية
منذ يوم واحد
- العين الإخبارية
«جائعون».. «سيف القاعدة» يُنهك قرى «موبتي» في مالي
أغلقوا مداخل القرية ومخارجها، فاختفت المواد الغذائية من المحلات وبات السكان يواجهون معركة لا تقل شراسة عن الإرهابيين: الجوع القاتل. حصار يفرضه إرهابيو جماعة «أنصار الإسلام والمسلمين» المرتبط بتنظيم القاعدة على سكان قريتي ديافرابي ونوح بوزو بمنطقة موبتي وسط مالي. قيود تمددت من الشمال في مؤشر على توسع دائرة نفوذ الفصيل الإرهابي، في وقت بات فيه السكان يعاقبون لمجرد دعمهم لجيش بلادهم، ورفض الانخراط بصفوفه. ومنذ 12 مايو/أيار الجاري، يخضع سكان ديافرابي لحصار الإرهابيين، حيث منعوا أي مركبة من دخول البلدة، لكن فريق تحرير صحيفة «ماندينغو/فولفولدي» المحلية تمكنوا من الاتصال بأحد سكان القرية وبآخر من بلدة نوح بوزو المجاورة. «جائعون» في تصريح بدا أشبه بصرخة استغاثة، نقلته إذاعة فرنسا الدولية، يقول أحد سكان ديافرابي: «مشكلتنا هي الحصار الإرهابي، لأننا لم نعد نملك أي طعام: الزيت وغيره من المنتجات الغذائية». ويضيف المتحدث الذي حرصت الإذاعة على عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: «فقدنا كل شيء. حتى الأدوية نفدت من الصيدليات. لا أحد يستطيع دخول القرية ولا مغادرتها». وتابع: «أنا الذي أتحدث إليكم جائع الآن. بذلتُ قصارى جهدي لأجد ما أطعمه لعائلتي، لكنني لم أجد شيئا». ومتحدثا عن حيثيات الحصار وتداعياته، قال: «عندما فُرض الحصار كانت الإمدادات الغذائية شحيحة بالفعل في القرية، وسارع الناس لشراء القليل المتوفر في السوق». وطالب بـ«إحضار الطعام إلينا؛ نحن بحاجة إليه، وعلى السلطات مساعدتنا"، مشيرا إلى أن 4 أشخاص خرجوا للبحث عن طعام، لكن الإرهابيين أوقفوهم في طريقهم، وما زالوا محتجزين هناك. وجدد التأكيد على حاجة السكان للطعام، قائلا: «نقبل أي مساعدة نستطيع الحصول عليها. أنا شخصيا لا أملك شيئا، لم أستطع سوى إطعام عائلتي القليل من العصيدة. لدي زوجة وعدة أطفال. نحن جائعون؛ حتى أخي لم يأكل شيئاً اليوم. أحضرت له بعض العصيدة لمساعدته». «انتقام» في نوح بوزو المجاورة، لا يختلف الوضع كثيرا، فهناك، يتهم الإرهابيون السكان بدعم الجيش ومده بمعطيات عنهم، ولذلك حاصروا القرية وتمعنوا في الانتقام من سكانها عبر تجويعهم. وفي تصريحه للصحيفة المحلية، يقول أحد سكان البلدة: «ليلا نهارا، نسمع دوي أسلحة حول نوح بوزو. يطلب الإرهابيون منا تسليم الأسلحة في القرية وتوقيع اتفاق معهم. وإلا، لن تنعم نوح بوزو بالسلام والهدوء». وأضاف: «رفضنا توقيع الاتفاق معهم، وهذا ما نعانيه اليوم. المجاعة تتفاقم: في اليومين الماضيين، مات خمسة أشخاص على الأقل جوعاً. لم يتمكنوا من مغادرة القرية بسبب الحصار». ويوضح: «كل ما نريده اليوم هو أن تحضر لنا السلطات الطعام والدواء. لدينا مرضى ومصابون بطلقات نارية، ولا يستطيعون مغادرة القرية. كل يوم يموت الناس هنا جوعًا». ويقول بأسف: «حتى اليوم (أمس الجمعة)، وقعت وفيات، فليعلم المسؤولون أن نوح بوزو تموت بسبب الحصار والجوع والمعاناة. لم نعد نعرف إلى من نلجأ. جريمتنا الوحيدة هي رفض خيانة وطننا. فليُعلموا السلطات أن نوح بوزو تموت من أجل مالي». aXA6IDgyLjIzLjIwOC4yMDEg جزيرة ام اند امز GB