عهد جديد من النعمة والمحبة والرجاء.. الكنيسة الكاثوليكية بمصر تهنئ بابا الفاتيكان
هنأت الكنيسة الكاثوليكية بمصر، برئاسة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك، ورئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر، بابا الفاتيكان الجديد،البابا لاون الرابع عشر.
وذكرت الكنيسة في بيان تهنئتها: «الحبر الأعظم، خليفة القديس بطرس الرسول، والجالس على الكرسي الرسولي في روما،صاحب القداسة البابا لاون الرابع عشر أسقف روما، وخليفة القديس بطرس الرسول، راعي الكنيسة الجامعة، يسرنا، نحن أعضاء مجلس بطاركة وأساقفة الكنائس الكاثوليكية في مصر، برئاسة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق، أن نرفع إلى قداستكم أصدق التهاني القلبية، وأعمق مشاعر الفرح الروحي، بمناسبة انتخابكم السامي وجلوسكم المبارك على الكرسي الرسولي، كرسي بطرس الرسول، الذي منه أشرق نور الإنجيل على المسكونة، ولا يزال منه صوت الراعي الصالح ينادي القلوب إلى ينابيع الرجاء».وتابع البيان «إننا نرى في انتخاب قداستكم علامة من علامات العناية الإلهية، وشهادة حية لعمل الروح القدس في جسد الكنيسة الواحدة، ودعوة جديدة للمضي قدما في درب الوحدة والشهادة والإنجيل».وواصل «وفي سنة يوبيل الرجاء، حيث تدعى الكنيسة لتكون نورا في عالم يئن من الحروب، واللامبالاة، والضياع، نثق بأن قداستكم ستكونون صوتا نبويا ينير الدرب، ويقود الكنيسة نحو مستقبل منفتح على الإنسان، راسخ على صخرة الإيمان».وذكرالبيان «وما أبهى أن يتزامن جلوسكم المبارك مع ذكرى مرور سبعة عشر قرنا (1700 سنة) على انعقاد مجمع نيقية المسكوني الأول، ذلك المجمع التاريخي الذي أسهمت فيه كنيسة الإسكندرية إسهاما جوهريا، في تثبيت الإيمان بشخص المسيح الكلمة المتجسد».وأكد البيان «من قلب كنيسة الإسكندرية العريقة، نحمل إلى قداستكم إرث آبائنا الشرقيين: الكلدان، والسريان، والموارنة، والروم الملكيين، والأرمن، والأقباط الكاثولييك، واللاتين المصريين، الذين يشكلون معا فسيفساء الرجاء في جسد المسيح الواحد، المنتشر من الشرق حتى أقاصي الأرض».أضاف البيان «نصلي من أجل قداستكم، كي يعضدكم الله بنعمه، ويمنحكم حكمة بطرس، وغيرة بولس، لتقودوا سفينة الكنيسة بثبات وسط أمواج هذا العالم، ولتكون خدمتكم علامة رجاء ووحدة وسلام في عالم يتعطش إلى المصالحة والتجدد الروحي».واختتم البيان «من أرض مصر، التي استقبلت العائلة المقدسة، وعلى خطى القديس مرقس كاروز ديارنا، نؤكد لقداستكم صلاتنا، واتحادنا الوثيق، وطاعتنا البنوية، وثقتنا بأنكم، بنعمة الرب، تقودون الكنيسة إلى عهد جديد من النعمة والمحبة والرجاء».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوفد
منذ ساعة واحدة
- الوفد
أوقاف الفيوم تنظم ندوة علمية كبرى بالمسجد الكبير بفيديمين
عقدت مديرية أوقاف بالفيوم برئاسة الشيخ سلامة عبد الرازق وكيل الوزارة، ندوة علمية كبرى بالمسجد الكبير التابع لإدارة أوقاف فيديمين. يأتي هذا في إطار دور وزارة الأوقاف المصرية ومديرية أوقاف الفيوم العلمي والدعوي، وضمن جهودهما لتحقيق مقاصد الشريعة وتقديم خطاب ديني وسطي رشيد. جاء ذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور أسامه السيد الأزهري وزير الأوقاف، وتحت إشراف فضيلة الشيخ سلامة عبد الرازق وكيل وزارة الأوقاف بالفيوم، وبحضور فضيلة الشيخ يحيى محمد، مدير إدارة الدعوة بالمديرية، وفضيلة الشيخ طه علي، مسؤول المساجد بالمديرية، وفضيلة الشيخ محمد حسن، مدير إدارة أوقاف فيديمين، وفضيلة الشيخ أحمد رجب السيد، إمام المسجد، وجمع غفير من رواد المسجد، حيث تم تقديم ندوة بعنوان: ' فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ '. العلماء: من نوى الحج وأحرم به فعليه أن يجتنب كل قول أو فعل خارجا عن آداب الإسلام وخلال الندوة أكد العلماء أن مَن نوى وأوجب على نفسه الحج وأحرم به فعليه أن يجتنب كلّ قول أو فعل يكون خارجًا عن آداب الإسلام ومؤديًا إلى التنازع بين الرفقاء؛فإنَّ الجميع قد اجتمعوا على مائدة الرحمن، وهذا يقتضي منهم أن يتعاونوا على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، أخرج الشيخان البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ حَجَّ للهِ فلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». أشار العلماء إلى أن الله عبَّر عن أشهر الحج بأنها معلومات؛ لأنَّ العرب في الجاهلية كانوا يعرفونها، وهي: شهر شوال وذو القعدة والأيام العشرة الأُوَل من شهر ذي الحجة، وقد جاءت شريعة الإسلام مقررة لما عرفوه،ثم حضهم سبحانه على فعل الخير بعد نهيهم عن اجتراح الشر فقال:﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: 197]، أي: اتركوا أيها المسلمون كل قول أو فعل لا يرضي الله تعالى، وسارعوا إلى الأعمال الصالحة خصوصًا في تلك الأزمنة والأمكنة المفضلة، واعلموا أنه سبحانه لا يخفى عليه شيء من تصرفاتكم، وتزودوا بالزاد المعنوي المتمثل في تقوى الله وخشيته، وبالزاد المادي الذي يغنيكم عن سؤال الناس، وأخلصوا لي قلوبكم ونواياكم يا أصحاب العقول السليمة والمدارك الواعية.


نافذة على العالم
منذ ساعة واحدة
- نافذة على العالم
أخبار مصر : اتقوا الله في مصر.. نشأت الديهي يوجه رسالة للأحزاب قبل الانتخابات
الاثنين 26 مايو 2025 02:00 صباحاً نافذة على العالم - وجه الإعلامي نشأت الديهي، نداءه لرؤساء الأحزاب وأصحاب القرار في الترشح لإنتخابات مجلس النواب، قائلاً: "اتقوا الله في مصر، وأسوأ ذنب هو اختيار غير الأكفأ، فلا تخونوا الوطن ولا الله ورسوله". وقال نشأت الديهي، خلال تقديمه برنامج 'بالورقة والقلم'، عبر فضائية 'تن'، أنه لا بد من المرشحين للانتخابات بضرورة النزول إلى الشارع والتواصل المباشر مع المواطنين، مؤكدًا أن الانتخابات لا تُدار من العاصمة فقط، بل تبدأ من الريف والمناطق المختلفة في بحري والصعيد. وتابع مقدم برنامج 'بالورقة والقلم'، أن الوعي الشعبي تطور"، محذرًا من محاولات خداع الناخبين أو استغلال مشاعرهم، مطالبًا المرشحين بطرح أفكار واضحة وخطط مدروسة بدلاً من الشعارات الجوفاء. كما دعا الأحزاب إلى تحمل مسؤوليتها السياسية، قائلاً: "اشتغلوا ومتقعدوش وتقولوا فيه تضييق، انزلوا ورونا نفسكم".


نافذة على العالم
منذ 3 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : هل ستصبح الجزائر "محجاً" للمسيحيين الكاثوليك في العالم؟
الأحد 25 مايو 2025 02:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، البابا لاون الرابع عشر يرغب في زيارة مسقط رأس القديس أوغسطين في الجزائر Article information وجه البابا لاون الرابع عشر، مباشرة بعد توليه منصب الحبر الأعظم في الفاتيكان، رسالة "خاصة" إلى الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عبر له فيها عن "رغبته الصادقة" في زيارة الجزائر. ونقل الرسالة، وفق بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، سفير الجزائر لدى الكرسي الرسولي، رشيد بلادهان، الذي حضر القداس لتهنئة البابا الجديد، بمناسبة انتخابه لمنصب "بابا الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس دولة الفاتيكان". فما السر وراء هذه الرغبة البابوية، وما العلاقة "الخاصة" بين رأس الكنيسة الكاثوليكية والجزائر؟ الواقع أن رسالة البابا أشارت بوضوح إلى دوافع رغبته في زيارة الجزائر، وإلى علاقته الشخصية بها. وذكر في حديثه مع السفير الجزائري أنه يرغب في رؤية مسقط رأس القديس أوغسطين، أبرز أعلام الفكر المسيحي، وأعظم الآباء اللاتين في الكنيسة الكاثوليكية، بعد بولس الرسول. وعرّف الحبر الأعظم نفسه، في خطاب تنصيبه، بأنه "ابن القديس أوغسطين"، قائلاً إنه يفتخر باتباع فكره ومنهجه في الدين والحياة. ولا شك في أن هذه الرابطة الروحية، دفعته إلى التعبير عن رغبته في زيارة الأرض، التي أنجبت معلمه في الفكر وقدوته في العقيدة. وأدى البابا لاون الرابع عشر، بعد انتخابه، زيارة مفاجئة لرهبنة القديس أوغسطينوس في روما. وهي جماعة في الكنيسة الكاثوليكة، لها فروع عبر العالم. كان الكاردينال، روبرت فرنسيس بريفوست، رئيسا لها، في الفترة من 2001 إلى 2013. ودخل الكاردينال بريفوست دير الرهبنة الأوغسطينية في عام 1977. والتزم طريقتها في التعبد وأسلوبها في العمل، طوال حياته. ونال شهادة الدكتوراه في القانون الكنسي، في روما، عام 1987 بأطروحة عنوانها: "دور الرئيس المحلي لرهبانية القديس أوغسطينوس". وأصبح لاون الرابع عشر أول بابا ينتمي إلى الرهبنة الأوغسطينية. ويظهر تأثره بالقديس أوغسطين في شعار الدرع الذي اختاره لنفسه وهو على رأس الكنيسة الكاثوليكية. ففي نصف الدرع السفلي نرى كتابا مغلقا، فوقه قلب يخترقه سهم. وهذا شعار مستوحى من مقولات القديس أوغسطينوس. ويرمز الشعار إلى أعتناق القديس أوغسطينوس للمسيحية بعد رحلة طويلة وبحث عميق. ووصف حينها لقاءه "بكلمة الله" في هذه الصورة، بقوله "لقد جرحت قلبي بكلمتك". ويحمل درع البابوية أيضاً عبارة أوغسطينية باللاتينية، تقول: "في الواحد نصير واحداً". ويشرح البابا معناها، في مقابلة مع "أخبار الفاتيكان"، بقوله: "إن الوحدة والتشارك من صميم الهبة الخاصة التي تميز رهبنة القديس أوغسطينوس، وهما أيضاً محور تفكيري وأسلوب عملي. ثم إنني كأوغسطيني، أعتبر تعزيز الوحدة والتشارك أمراً جوهرياً". ومن الواضح أن فلسفة القديس أوغسطينوس وأفكاره في الدين والحياة، سيكون لها تأثير وبصمة في منهج الكنيسة الكاثوليكية وتوجهها، بقيادة البابا لاون الرابع عشر. ولا شك في أن زيارة مسقط رأس أحد أعظم مفكري المسيحية في العالم ستكون مصدر إلهام لتوجه الفاتيكان الجديد. من هو القديس أوغسطين (354 م -430 م)؟ صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، كنيسة القديس أوغسطين في عنابة شرقي الجزائر، وأسفلها آثار كنيسة السلام التي ترأسها في حياته يوصف القديس أوغسطينوس بأنه أعظم المفكرين والفلاسفة في التراث المسيحي كله، وواحد من أعمدة الثقافة والأدب في القرون الوسطى الغربية. وهو دون شك أغزر معاصريه تأليفاً، وأعمقهم تفكيراً، وأوسعهم علماً، وأقواهم تأثيراً. ويحتار مؤلفو سير الأعلام والدارسون للتراث المسيحي الغربي إلى اليوم في الكم الهائل من الكتب والرسائل، التي ألفها القديس أوغسطينوس، إذ تجاوز المعروف منها 230 كتابا. وترجم الكثير من كتبه إلى مختلف اللغات العصرية، ولكن بعضها لا يزال في المكتبات في نسخته اللاتينية الأصلية. كان القديس أوغسطين عالماً متمكناً في مختلف العلوم والفنون، ومجادلاً قوياً حاداً في رأيه. وقد خصص عدداً كبيراً من كتاباته للمناظرة والرد على الأفكار والعقائد التي يختلف معها. وألف أيضاً في البلاغة والأدب والموسيقى والأخلاق والفلسفة والقانون والحقوق. ومن أشهر أعماله وأوسعها انتشارا كتاب "اعترافات". ويقع الكتاب في 13 جزءا، يروي فيه تجاربه في الحياة، ورحلته الطويلة بحثا عن الحقيقة والإيمان، انتهاء باعتناقه المسيحية. ويعد عمله هذا أول سيرة ذاتية كتبت في تاريخ الثقافة الغربية. ويصفه هنري تشادويك، أستاذ علم اللاهوت بجامعة كامبريدج، في كتابه "أوغسطينوس"، بأنه "أول رجل حديث" في التاريخ. وتتميز كتاباته وأفكاره "بعمق غير مسبوق". وكان له تأثير كبير في الطريقة التي ينظر بها الغرب إلى "طبيعة الإنسان" وإلى معنى كلمة "الرب". وفي كتابه "مدينة الله"، ينافح القديس أوغسطين عن عقيدته بإيمان راسخ. ويتألف الكتاب من 22 جزءاً ينفي فيها مزاعم الوثنيين بأن المسيحية كانت سبباً في خراب روما. ويتحدث بتحليل عميق عن ثنائيات "الخير والشر"، و"حرية الاختيار والقدر الرباني"، و"الحياة الدنيا والآخرة". ولد القديس أوغسطين في يوم 13 نوفمبر تشرين الثاني 354 م في تاغاست (سوق أهراس)، في بلاد الجزائر اليوم. والده باتريكوس كان وثنيا، يروى أنه اعتنق المسيحية قبل وفاته بفترة قصيرة. أما والدته مونيكا فكانت مسيحية ورعة، يطلق عليها لقب القديسة أيضا. حرصت والدته على تلقينه تعاليم المسيحية ومبادئها منذ صغره. ولكنه نفر من الأساطير "الساذجة" التي كانت تُروى على لسان المبشرين والبطاركة، عن الدين وتعاليمه. وانجذب إلى علم الفلك والأدب و المسرح، ثم مال إلى المانوية واتبعها، قبل أن يهاجمها ويعود إلى المسيحية. ويروى عن مونيكا أنها حزنت حزنا شديدا لما رأت من ابنها في شبابه من "انحراف" عن تعاليم الدين، وانغماس في حياة "اللهو والمجون". فكانت تبكي باستمرار لمدة عشرين سنة، إلى أن عاد ابنها إلى المسيحية. ولذلك أطلق على القديس أوغسطين لقب "ابن الدموع". تلقى القديس أوغسطين تعليمه الأول في مسقط رأسه تاغاست (سوق أهراس) شرقي الجزائر. كانت تاغاست عبر التاريخ ملتقى للحضارات الرومانية والنوميدية والبيزنطية والإسلامية. ثم التحق بأكاديمية ماداوروس (مداوروش) على بعد 50 كيلومتر، من بلدته. ومدينة مداوروش اليوم دائرة إدارية، تابعة لولاية سوق أهراس، التي تبعد عن الجزائر العاصمة بنحو 590 كيلومتر، شرقاً. وتعد أكاديمية مداوروش أول جامعة في تاريخ أفريقيا. فيها تعلم القديس أوغسطين على يد أستاذه ماكسيميليان المداوروشي، وهو عالم لغوي من مؤسسي قواعد اللغة اللاتينية. أخذ عنه فن البلاغة والخطابة، وأصبح فيما بعد صديقاً له، على الرغم من اختلافهما في العقيدة. ويذكر القديس أوغسطين في كتاباته أعلام بلاده ونوابغها، من بينهم الفيلسوف والعالم اللغوي أبوليوس المداوروشي (124 م-170 م)، الذي كان أستاذاً للبلاغة اللاتينية واليونانية في روما؛ لكنه يُعرف خاصة بروايته ذائعة الصيت "التحولات" أو "الحمار الذهبي". وتعد رواية أبوليوس "الحمار الذهبي" أول رواية معروفة في التاريخ. يتحدث فيها عن مغامرات شاب تحول، بمفعول السحر، إلى حمار. ويرى فيها الدارسون للآداب القديمة بعض الجوانب من حياة الكاتب الشخصية؛ لأن الاهتمام بالسحر والاشتغال به كان رائجا في عصره. زيتونة القديس أوغسطين صدر الصورة، James Patterson Terrae Transmarinae التعليق على الصورة، زيتونة القديس أوغسطين في سوق أهراس، شرقي الجزائر، عمرها 2900 سنة في مدينة سوق أهراس اليوم، تقف زيتونة شهيرة على إحدى تلال البلدة القديمة. تشهد الزيتونة على عراقة المنطقة الضاربة في أعماق التاريخ، وعلى حياة أحد نوابغها الذين أضاءوا بفكرهم طريق الحضارة الإنسانية، فسارت على أنوارهم أجيال وأمم قروناً وقروناً من بعدهم. وغير بعيد عن الزيتونة يقع ضريح سيدي مسعود، الولي الصالح، المتوفى في عام 1770م. وأنشأت السلطات الفرنسية، بعد احتلالها للجزائر في 1830، خلفهما بيتا، كانت تستخدمه جيوشها الغازية لتخزين البارود. وتحول البناء اليوم إلى متحف للقديس أوغسطين. ساد الاعتقاد طويلا أن هذه الزيتونة غرسها القديس أوغسطين بيده. فقد ذكرها في العديد من كتاباته. وربما كان بيته قريبا منها، فكان يجلس تحت ظلها ليستريح أو يتأمل، أو يكتب رسائله. ولكن الدراسات والاختبارات العلمية الحديثة أثبتت أنها أقدم من ذلك بكثير. فعمرها قد يصل إلى 3 آلاف سنة، وفق ما جاء في دراسة أمريكية نشرت عام 1953. وأثبت مختبر علم تسنين الشجر للبروفيسور دوغلاس في توسكان، أريزونا أن زيتونة القديس أوغسطين، عمرها في الواقع 2900 سنة على الأقل. وتذهب الأساطير الشعبية أبعد من ذلك في التاريخ، إذ يعتقد رواتها أن ورقة الزيتون، التي حملتها الحمامة إلى النبي نوح، لتخبره بانحسار المياه عن الأرض في حادثة الطوفان، كما يقصها الإنجيل، جاءت من هذه الزيتونة. جاء في سفر التكوين: "فأرسل الحمامة من الفلك، فأتت إليه الحمامة عند المساء. وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها. فعلم نوح أن المياه قد قلت عن الأرض". ولذلك أصبحت الحمامة وغضن الزيتون رمزا للسلام والمحبة في كل العالم. ولا يذكر القرآن هذه القصة كما جاءت في الإنجيل، ولكنه جعل "البركة" في الشجرة وزيتونها وزيتها في العديد من الآيات. جاء في سورة النور: "يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية. يكاد زيتها يضيء، ولو لم تمسسه نار. نور على نور. يهدي الله لنوره من يشاء". أسقف هيبون (عنابة) صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، أبوليوس المداوروشي (124م-170م) صاحب "الحمار الذهبي"، أول رواية معروفة في التاريخ سافر أوغسطين إلى روما مدرساً للبيان، ثم انتقل إلى ميلان، والتحقت به والدته. وهناك تغيرت أراؤه من المانوية، فعارضها واعتنق المسيحية. وبعد وفاة والدته ثم ابنه، عاد إلى بلاده. وفي تاغاست (سوق أهراس) اختار الاعتكاف والخلوة، من أجل التفكير والتأمل. وكان عمره 36 عاما عندما عين كاهنا، دون رغبته، ثم عين أسقفا لمدينة هيبون (عنابة) الساحلية، شرقي الجزائر، في عام 395 م. وبقي في منصبه حتى وفاته في عام 430 م، أثناء حصار الوندال للمدينة. ولا تزال آثار كنيسة السلام، التي كان يرأسها ماثلة للعيان. وفي عام 2013، أعادت السلطات الجزائرية ترميم كنيسة القديس أوغسطين، التي بنيت في عام 1900، قريباً من آثار كنيسته الأصلية تكريماً له، وإحياءً لذكراه ومآثره. وفي الكنسية تمثاله الممدد في خزانة زجاجية، تحتوي أيضاً على عظام من أطرفه. ودافع أسقف هيبون (عنابة) عن المسيحية والكنيسة الرسمية التي تتبناها الدولة. ولذلك اصطدم مع الطوائف المنشقة عنها مثل الدوناتية، التي انتشرت وقتها في شمال أفريقيا. ودخل مع دعاتها ومع الوثيين والمانويين وغيرهم، في سجالات لا تنتهي ومناظرات حادة في هيبون (عنابة) وقرطاج (في تونس اليوم). وكان القديس أوغسطين يتميز عن خصومه ويتفوق عليهم بثقافته الواسعة، وأدلته القوية، وقدراته البلاغية الاستثنائية. واستطاع بفكره المستنير، وكتاباته الغزيرة أن يتبوأ مكانة القديسين في الكنيسة الكاثوليكية، ومرتبة العباقرة في الحضارة الغربية. الجسر الحضاري عاش القديس أوغسطين، من حيث الزمان، في نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلاديين. فمكنته تجربته من استيعاب خلاصة ما أنتجه العلماء والمفكرون في القرن المنتهي، وساهم بدوره في صناعة وتطوير المفاهيم والفكر في القرن الجديد. وكان يمثل أيضاً رابطة مكانية بين الشمال والجنوب. فهو أفريقي في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وينتمي في الوقت نفسه إلى الحضارة الرومانية في الشمال من البحر. لكن عبقريته الأصيلة جعلت هذه الرابطة مبنية على المساواة والتكافؤ. موسم الحج إلى القديس أوغسطين الزيارة التي يرغب البابا لاون الرابع عشر في أدائها إلى الجزائر تحمل كل المعاني، التي عاش من أجلها في حياته الخاصة أو في رهبانية الأوغسطينيين، التي كان يرأسها. وعبر أيضا عن اتباع منهج القديس أوغسطين في الفكر والعقيدة. وسيجد في سوق أهراس (تاغاست) شجرة زيتونة عمرها أكثر من 3 آلاف سنة. كان يستظل تحتها القديس أوغسطين وأمه القديسة مونيكا. الزيتونة التي رافقته في تأملاته وصلواته، فذكرها في كتبه ورسائله. إنه الحج إلى منابع المسيحية الأولى بالنسبة لكل المؤمنين. وفي عنابة (هيبون) آثار كنيسة السلام، التي قادها الأسقف أوغسطين. ومنها خاض سجالاته الفكرية ومعاركه الفقهية. وبين أسوارها ألقى مواعظه على المؤمنين والأتباع. وفي جوفها اختلى بنفسه للتأمل والمناجاة، أو للكتابة والتأليف. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، أثار مدينة ماداوروش، التي تعلم القديس أوغسطين في أكاديميتها الشهيرة إنها رحلة الفكر أيضاً إلى ملتقى الحضارات الرومانية والنوميدية والبيزنطية والإسلامية على أرض أفريقيا، في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. وفيها يقتفي الباحث آثار العبقري الذين أرسى قواعد الفكر المسيحي الحديث. فهو شمس الجنوب التي أشرقت على الشمال. ويقول الأستاذ تشادويك في كتابه "فجر الكنيسة" إن "القديس أوغسطين تفوّق على معاصريه بعمق فكره وسعة عقله، لكنه كان أيضاً متقدماً في الفكر على من جاءوا بعده بقرون عديدة. وكان تأثيره واضحاً في الكاثوليكية والأرثوذوكسية على حد سواء". ولا يمكن الحديث عن أي حقوق أو مكانة للمرأة في القرنين الرابع والخامس الميلاديين. ولكن القديس أوغسطين يقول في شرحه لسفر التكوين، إن "خلق الإنسان ذكراً وأنثى كان على أساس اختلاف الجسد فقط. فالتمايز بين الذكر والأنثى ليس تمايزاً في الطبيعة أو الروح أو العقل أو القيمة". وإنما هو اختلاف في النوع لا غير.