
الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة بعد زيارة ترامب في مايو 2025!وليد الحيالي
الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة بعد زيارة ترامب في مايو 2025: بين المصالح الاقتصادية والاعتبارات الجيوسياسية!
بقلم: البروفيسور وليد الحيالي
الملخص:
تتناول هذه الدراسة تداعيات زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في مايو 2025، والتي أسفرت عن توقيع اتفاقيات استثمارية ضخمة تجاوزت قيمتها 2 تريليون دولار. وتحاول الورقة تحليل أبعاد هذه الاستثمارات، مركزة على التداخل بين الأهداف الاقتصادية والسياسية. كما تسلط الضوء على المفارقة القائمة بين تدفق رؤوس الأموال الخليجية إلى الغرب، وغيابها النسبي عن مشاريع التنمية في البلدان العربية نفسها، مما يطرح تساؤلات حول البوصلة الاستراتيجية لرأس المال العربي في هذه المرحلة المفصلية من التاريخ الإقليمي.
مقدمة:
شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي محطات متقلبة، اتسمت بتبادل المصالح في مجالات الطاقة والدفاع والمال. إلا أن زيارة ترامب في مايو 2025 – في مستهل ولايته الثانية – جاءت لتؤكد عمق الارتباط السياسي والاقتصادي بين الطرفين. ففي غضون ثلاثة أيام، تم توقيع اتفاقيات بمليارات الدولارات، أبرزها التزامات استثمارية ضخمة من جانب السعودية والإمارات وقطر في الاقتصاد الأمريكي، ما أثار جدلًا حول جدوى هذه الصفقات ومآلاتها على التنمية العربية.
أولاً: زيارة ترامب 2025 – الاستثمارات الكبرى وصفقات النفوذ
في الفترة من 13 إلى 16 مايو 2025، زار الرئيس دونالد ترامب كلًا من السعودية والإمارات وقطر، في جولة رسمية وُصفت بـ'الاقتصادية-الاستراتيجية'. وقد أُعلن خلالها عن اتفاقيات غير مسبوقة، أبرزها:
• السعودية التزمت بضخ استثمارات قدرها 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، شملت مجالات الطاقة والدفاع والتكنولوجيا.
• الإمارات أعلنت عن خطة لاستثمار 1.4 تريليون دولار خلال عقد قادم، في مشاريع الذكاء الاصطناعي، الطاقة النظيفة، والبنية التحتية المتقدمة.
• قطر وقعت صفقات بقيمة 1.2 تريليون دولار، بينها شراء 210 طائرات بوينغ، واستثمارات واسعة في قطاعات النقل والطاقة.
هذه الأرقام تعكس ليس فقط حجم السيولة المتاحة لدول الخليج، بل أيضًا استعدادها لربط أمنها الاقتصادي بتحالفاتها السياسية مع واشنطن.
ثانيًا: منطق السوق وحسابات العائد
تدافع الحكومات الخليجية عن توجهها الاستثماري في الولايات المتحدة انطلاقًا من دوافع اقتصادية واضحة، تشمل:
• تأمين عوائد طويلة الأجل في بيئة مالية مستقرة.
• الاستفادة من تكنولوجيا متقدمة لا تتوفر محليًا.
• نقل المعرفة والخبرة عبر الشراكات الدولية الكبرى.
ويُعد الاقتصاد الأمريكي الوجهة الأكثر أمانًا من منظور المحافظ السيادية الباحثة عن تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط، خصوصًا في ظل تقلبات أسواق الطاقة.
ثالثًا: البعد الجيوسياسي للاستثمار
لكن الجانب السياسي حاضر بقوة في هذه الاستثمارات، إذ:
• تُمثل هذه الصفقات وسيلة لضمان الدعم السياسي والعسكري الأمريكي في مواجهة التهديدات الإقليمية، خصوصًا من إيران.
• توفر غطاءً للأنظمة الحاكمة ضد الضغوط الغربية المتعلقة بحقوق الإنسان والديمقراطية، كما حدث بعد أزمة خاشقجي.
• تُستخدم كأداة لتعزيز 'رأسمال النفوذ' الخليجي في الدوائر الغربية، بما في ذلك اللوبيات ومراكز صنع القرار.
رابعًا: رأس المال العربي الغائب عن قضايا التنمية العربية
رغم هذه الوفرة المالية والاستثمارية، يبقى السؤال الجوهري: أين رأس المال العربي من قضايا التنمية في العالم العربي نفسه؟ وهنا تتجلى مفارقة لافتة:
• الاستثمار البيني العربي لا يزال محدودًا ومجزأ، يغلب عليه الطابع السياسي أو الموسمي.
• الدول العربية ذات الإمكانيات التنموية العالية (مثل العراق، السودان، تونس، وموريتانيا) تعاني من نقص حاد في التمويل التنموي المستدام.
• لا توجد استراتيجية تنموية عربية موحدة تحوّل الثروات النفطية إلى قوة إنتاجية داخل المنطقة.
• في كثير من الأحيان، تُفضّل الصناديق السيادية الخليجية شراء أصول غربية على الاستثمار في مشاريع زراعية، صناعية، أو تعليمية عربية.
هذا الغياب يكرّس التبعية الاقتصادية، ويُفوت فرصًا حقيقية لإحياء التكامل الاقتصادي العربي، وتحقيق تنمية شاملة تخفف من البطالة، والهجرة، والانهيارات الاجتماعية.
خامسًا: دعوة إلى مراجعة الفلسفة الاستثمارية
إن الواقع الاستثماري الحالي يتطلب مراجعة جذرية في الفلسفة الاقتصادية لدول الخليج، قوامها:
• إعادة توجيه جزء معتبر من الاستثمارات الخارجية نحو الداخل العربي.
• تأسيس صندوق تنمية عربي سيادي مشترك يُركّز على المشاريع الإنتاجية في الدول النامية عربيًا.
• بناء شراكات تنموية استراتيجية بين القطاع الخاص الخليجي والدول ذات الإمكانيات البشرية والزراعية.
• تقليص الاعتماد على الأسواق الغربية، وتحقيق نوع من الاستقلال المالي-الاستثماري، دون خسارة الشراكات العالمية.
خاتمة:
تعكس زيارة ترامب في مايو 2025 والاستثمارات الهائلة التي صاحبتها، صورة متقدمة من التحالف الأمريكي-الخليجي القائم على المال والنفوذ. لكن هذه الصفقات، رغم عوائدها الممكنة، تكشف أيضًا عن قصور في النظرة الاستراتيجية طويلة الأجل لرأس المال العربي. فبينما تُوظّف تريليونات الدولارات في الاقتصادات المتقدمة، تظل التنمية العربية تُصارع الهشاشة، والعجز، وانعدام التمويل. وهنا يكمن التحدي الأخلاقي والسياسي، بل والحضاري: كيف يمكن للثروة العربية أن تتحول من أداة نفوذ خارجي إلى رافعة نهوض داخلي حقيقي؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يُطرح بإلحاح في مراكز القرار العربي اليوم
2025-05-19
The post الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة بعد زيارة ترامب في مايو 2025!وليد الحيالي first appeared on ساحة التحرير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
واشنطن ترصد مكافأة مليونية مقابل معلومات عن حزب الله في أمريكا الجنوبية
شفق نيوز/ خصصت وزارة الخارجية الأمريكية، مكافأة قد تصل إلى 10 ملايين دولار للحصول على معلومات حول الشبكات المالية لحزب الله في أمريكا الجنوبية. وكتب الحساب الرسمي لبرنامج "مكافآت من أجل العدالة" التابع للوزارة في منشور عبر منصة "إكس": "حزب الله يمارس أنشطته في مناطق بعيدة عن مقره في لبنان، بما في ذلك في أمريكا الجنوبية". وأضاف "إذا كانت لديك معلومات حول تهريب حزب الله أو غسيل الأموال أو أي آليات مالية أخرى في منطقة الحدود الثلاثية، يرجى الاتصال بنا. قد تكون مؤهلا للحصول على مكافأة والانتقال".


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
العراق يعتزم إطلاق مبادرات للوساطة في 3 دول عربية
شفق نيوز/ اكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، يوم الاثنين، عزم العراق اطلاق مبادرات للوساطة في 3 دول عربية، موضحا ان بغداد تشهد حالياً تدفق استثمارات أجنبية داخلية تُقدّر قيمتها بـ 87 مليار دولار. وذكر بيان لوزارة الخارجية العراقية ورد لوكالة شفق نيوز، أن فؤاد حسين شارك في أعمال "منتدى حوار طهران" الذي تنظمه وزارة الخارجية الإيرانية، وتناول التغيرات الأخيرة في سوريا، مؤكداً أن "تلك التحولات شأن داخلي يخص الشعب السوري وحده، مشدداً على احترام العراق لإرادة الشعب السوري". وأشار حسين إلى "الترابط الأمني القائم بين العراق وسوريا"، معرباً عن أمله في أن "تخرج سوريا من دوامة القتال والعقوبات نحو مستقبل أفضل". وأوضح أن "تحقيق الاستقرار في المنطقة لا يمكن أن يتم إلا من خلال عملية سياسية شاملة تضم جميع مكونات الشعب السوري"، داعياً إلى "ضرورة تبني الحوار كوسيلة لحل النزاعات". وفيما يتعلق بدور العراق في المشهد الإقليمي، شدد الوزير على أن "السياسة الخارجية العراقية قائمة على مبدأ الحوار والتواصل"، لافتاً إلى "الدور الفاعل الذي لعبه العراق في تقريب وجهات النظر بين الدول المتخاصمة". وحول القمة العربية الأخيرة التي استضافتها بغداد، بين الوزير أن "العراق يتعامل بواقعية مع التحديات التي تواجه العالم العربي، حيث تشهد عدة دول نزاعات داخلية وحروباً"، مؤكدا ان "العراق، من خلال رئاسته الحالية للقمة العربية، أخذ على عاتقه لعب دور الوسيط وطرح آليات مستقبلية لإدارة الأزمات"، مشيراً إلى "وجود نية لإطلاق مبادرات في كل من اليمن والسودان وليبيا والدول التي تعاني من أزمات". كما نبه حسين، إلى أن "الأمن هو الأساس للتنمية، ولا يمكن تحقيق التنمية دون استقرار"، مبيناً أن "حضور القادة إلى بغداد خلال القمة شكل رسالة واضحة على استقرار الأوضاع في العراق ونجاح مسار التنمية فيه". وعلى الصعيد الاقتصادي، استعرض فؤاد حسين خطط الحكومة العراقية في تنويع مصادر الاقتصاد، مشيرًا إلى "بدء العراق باستثمار الغاز الطبيعي، ومتوقعاً الوصول إلى مرحلة الإنتاج المحلي الكامل للغاز بحلول عام 2028، كما أشار إلى توجه الحكومة نحو تطوير قطاع البتروكيماويات، وتفعيل السياحة، ولا سيما السياحة الدينية، إلى جانب دعم القطاع الزراعي". ولفت الوزير، إلى أن "العراق يشهد حالياً تدفق استثمارات أجنبية داخلية تُقدّر قيمتها بـ 87 مليار دولار، ما يعكس الثقة الدولية المتنامية بالاقتصاد العراقي".


الأنباء العراقية
منذ ساعة واحدة
- الأنباء العراقية
وزير الخارجية: العراق يشهد تدفق استثمارات أجنبية داخلية تُقدّر بـ87 مليار دولار
طهران – واع أكد وزر الخارجية، فؤاد حسين، اليوم الاثنين، أن العراق يشهد حالياً تدفق استثمارات أجنبية داخلية تُقدّر قيمتها بـ 87 مليار دولار، فيما أشار الى أن العراق يلعب دوراً فاعلاً في تقريب وجهات النظر بين الدول المتخاصمة. وقال حسين في كلمة له خلال مشاركته في أعمال "منتدى حوار طهران" الذي تنظمه وزارة الخارجية الإيرانية، تلقتها وكالة الأنباء العراقية (واع): "التحولات التي تشهدها سوريا هي شأن داخلي يخص الشعب السوري وحده"، مشدداً على "احترام العراق لإرادة الشعب السوري". وأشار إلى "الترابط الأمني القائم بين العراق وسوريا"، معرباً عن أمله في أن "تخرج سوريا من دوامة القتال والعقوبات نحو مستقبل أفضل". وذكر أن "تحقيق الاستقرار في المنطقة لا يمكن أن يتم إلا من خلال عملية سياسية شاملة تضم جميع مكونات الشعب السوري"، داعياً إلى "ضرورة تبني الحوار كوسيلة لحل النزاعات". وفي ما يتعلق بدور العراق في المشهد الإقليمي، شدد الوزير على أن "السياسة الخارجية العراقية قائمة على مبدأ الحوار والتواصل"، لافتاً إلى "الدور الفاعل الذي لعبه العراق في تقريب وجهات النظر بين الدول المتخاصمة". وبشأن القمة العربية الأخيرة التي استضافتها بغداد، أوضح الوزير أن "العراق يتعامل بواقعية مع التحديات التي تواجه العالم العربي، حيث تشهد عدة دول نزاعات داخلية وحروباً"، مؤكدا أن "العراق، من خلال رئاسته الحالية للقمة العربية، أخذ على عاتقه لعب دور الوسيط وطرح آليات مستقبلية لإدارة الأزمات". ولفت إلى "وجود نية لإطلاق مبادرات في كل من اليمن والسودان وليبيا والدول التي تعاني من أزمات"، موضحا أن "الأمن هو الأساس للتنمية، ولا يمكن تحقيق التنمية من دون استقرار". وبين أن "حضور القادة إلى بغداد خلال القمة، شكل رسالة واضحة على استقرار الأوضاع في العراق ونجاح مسار التنمية فيه". وعلى الصعيد الاقتصادي، استعرض حسين "خطط الحكومة العراقية في تنويع مصادر الاقتصاد"، مشيرا إلى "بدء العراق باستثمار الغاز الطبيعي، ومتوقعاً الوصول إلى مرحلة الإنتاج المحلي الكامل للغاز بحلول عام 2028". وبين أن "الحكومة تتوجه نحو تطوير قطاع البتروكيماويات، وتفعيل السياحة، ولا سيما السياحة الدينية، إلى جانب دعم القطاع الزراعي"، لافتا الى أن "العراق يشهد حالياً تدفق استثمارات أجنبية داخلية تُقدّر قيمتها بـ 87 مليار دولار، ما يعكس الثقة الدولية المتنامية بالاقتصاد العراقي".