logo
الخطاب الشعبوي.. ضرورة تواصلية في المشهد الموريتاني

الخطاب الشعبوي.. ضرورة تواصلية في المشهد الموريتاني

الصحراءمنذ 5 أيام

مدخل: في فيلم "الكيف" الذي يُعد من علامات السينما العربية، يتجلى درس بليغ: الكاتب محمود أبو زيد يضعنا أمام حقيقة أن من يتحدث بلغة الشارع هو من يحصد ثقته، أما النخبة التي تتعالى بلغة معقدة، فإنها تظل غريبة عن شعبها، مهما كانت نواياها حسنة، والشعبوية أصبحت منهجا رائجا، تعطي للمغني الشعبي من الإمتيازات ما تحرم منه الباحث في علوم الكيمياء التطبيقية.
المقال: في ظل التعقيدات الاجتماعية والثقافية التي تميز النسيج المجتمعي الموريتاني، بات من الملح أن تراجع التشكيلة الحاكمة آليات تواصلها مع الشارع، وأن تعيد النظر في نوع الخطاب السياسي الذي توجهه إلى جمهور يعاني نسبة مرتفعة من الأمية، ويتعامل مع المواقف والأحداث من منطلق الوجدان الجمعي، لا من منطلق التنظير النخبوي أو الأدبيات السياسية المؤطرة.
لقد أثبت الواقع أن الخطاب المثقف، برمزيته وتعقيده، لم يعد قادرا على اختراق وعي المواطن البسيط، بقدر ما عمّق الفجوة بين السياسيين والناس.
هذا الشرخ المتفاقم في التواصل يعيدنا إلى معادلة بسيطة لكنها فعالة: على من يريد التأثير في الناس أن يحدثهم بلغتهم، أن يعيش وجدانهم، وأن يهبط من "برج النخبة" إلى أرض الشارع.
وفي هذا السياق، تبرز تجربة الداعية محمد ولد سيدي يحيى، رغم مستواه العلمي، الذي لم يُمنح ألقابًا رسمية، ولا غُطيت خطاباته بقوانين أو امتيازات، لكنه بحضوره القوي ولغته المباشرة التي تخاطب العقل الجمعي الشعبي، استطاع أن يحتل موقعًا رمزيًا مرموقًا في وجدان الشارع الموريتاني.
وعلى خطى مماثلة، انتهج الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز خطابًا شعبويًا بسيطًا ومباشرًا، بعيدا عن التعقيد والتكلف، ما أكسبه رغم المآخذ الجمة عليه قاعدة جماهيرية واسعة، حتى في أوساط غير متوقعة، وأصبح اسمه ملتصقًا بعشرات المعالم الحضرية — من الحافلات إلى ملتقيات الطرق، مرورا بالطرق والمراكز التجارية والمطارات في مفارقة سياسية لها دلالاتها.
ولا يبتعد النائب والناشط الحقوقي بيرام الداه اعبيد عن هذا النهج، رغم كونه يمتلك أدوات الخطاب النخبوي، بفضل مستواه التعليمي، لكنه اختار الحديث بلغة الناس، ومخاطبتهم بمفرداتهم، واستثمار المظلومية الجماعية كأداة للتأثير، فتوسع حضوره، وأصبح رمزًا شعبيًا عصيًا على التهميش، رغم ما واجه من مضايقات متكررة.
تلك الدروس لم تكن حكرًا على السياسيين والدعاة، بل أدركها أيضًا نشطاء المنصات الرقمية، كما في حالة المدون الطالب عبد الودود، الذي أصبح "ملك البثوث" وأحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في الفضاء الموريتاني الافتراضي، فقط لأنه قرأ الشارع مبكرًا، وتحدث معه بلهجة شعبية، وتناول قضاياه من قلب يومياته.
ومن هنا، فإن التشكيلة الحاكمة، إن أرادت بناء علاقة متينة مع المجتمع، فليس أمامها إلا أن تغادر دائرة اللغة الرسمية المحنطة، وتنفتح على نبض الشارع.
ليس المطلوب هنا التنازل عن القيم أو الانزلاق في الشعبوية الفارغة، بل المطلوب أن يُعاد الاعتبار للإنسان البسيط، وأن يخاطب بلغته، وأن يُشعر أن السياسة ليست شأنا نخبويا محصورا في أبراج معزولة.
لقد علمتنا التجارب — من موريتانيا إلى أمريكا، مع عودة ترامب إلى المشهد السياسي الأمريكي — أن من يريد البقاء في الذاكرة، عليه أن ينزل من برجه العاجي، ويتحدث بلغة الناس، ويأكل من موائدهم، لا من دفاتر المراسيم.
وختامًا، فإن على الموالاة اليوم أن تتبنى خطابًا يعيد تشكيل العلاقة مع المواطن، يقوم على البساطة والوضوح، لأن الخطاب النخبوي لم يعد مجديًا في زمن الشاشات المفتوحة والمنصات الشعبية؛ الخطاب الشعبوي الواقعي — لا التهريجي — هو الأداة الأقرب إلى قلب الناخب، وعقله، وصوته.
للعبرة: من تعلم لغة قوم أمن شرهم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هيمشي في أي وقت، الزمالك يبحث سيرا ذاتية لمدربين أجانب خلفا لـ أيمن الرمادي
هيمشي في أي وقت، الزمالك يبحث سيرا ذاتية لمدربين أجانب خلفا لـ أيمن الرمادي

فيتو

timeمنذ 30 دقائق

  • فيتو

هيمشي في أي وقت، الزمالك يبحث سيرا ذاتية لمدربين أجانب خلفا لـ أيمن الرمادي

قال الإعلامي جمال الغندور، إن مسؤولي نادي الزمالك قرروا تقييم أيمن الرمادي المدير الفني للفريق عقب مباراة بيراميدز في نهائي كأس مصر المقرر له يوم 5 يونيو المقبل. وتابع الغندور خلال برنامج إستاد المحور: "يرفض مسؤولو نادي الزمالك تقييم الرمادي على النتائج الحالية للفريق خاصة أنه لم يخوض فترة إعداد مع الفريق الأول لينتظر الفريق بعد نهائى كأس مصر لتقييمه بشكل كامل". واختتم: "في سياق متصل تتلقى لجنة التخطيط بنادي الزمالك سير ذاتية لمدربين أجانب تحسبًا لرحيل أيمن الرمادى في أي وقت، حيث تتطلع اللجنة على السير، حتى تكون مستعدة في أي وقت للتعاقد مع مدير فني أجنبي". صرف مكافآت الكأس للاعبي الزمالك ومكافأة كبيرة حال الفوز على بيراميدز وقال الإعلامي جمال الغندور، إن نادي الزمالك صرف جميع مكافآت مباريات الكأس للاعبي الفريق لتحفيزهم لمباراة بيراميدز في النهائي. وتابع: "رصد مجلس إدارة نادي الزمالك مكافأة كبيرة للاعبي الأبيض حال فوز الزمالك علي بيراميدز". واختتم: "مجلس إدارة الزمالك يحاول تحفيز اللاعبين قبل المباراة المرتقبة ضد بيراميدز في نهائي الكأس". ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

السلطات الألمانية تقبض على (حوثي) في مدينة داخاو بولاية بافاريا
السلطات الألمانية تقبض على (حوثي) في مدينة داخاو بولاية بافاريا

اليمن الآن

timeمنذ 30 دقائق

  • اليمن الآن

السلطات الألمانية تقبض على (حوثي) في مدينة داخاو بولاية بافاريا

أخبار وتقارير (الأول) وكالات: ألقت السلطات الألمانية، يوم الخميس، القبض على شاب يمني يُشتبه بانتمائه لجماعة الحوثي المسلحة ومشاركته في القتال ضمن صفوفها بمحافظة مأرب شمال شرق اليمن. وأفادت النيابة العامة الفيدرالية الألمانية في بيان لها أن عملية القبض تمت في مدينة داخاو بولاية بافاريا، ونفذها عناصر من مكتب الشرطة الجنائية في الولاية، موضحة أن الشاب المقبوض عليه يُدعى "حسين ح.". وأشارت النيابة إلى أن القبض على الشاب جاء تنفيذًا لمذكرة توقيف صادرة عن قاضي التحقيق في المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 20 مايو 2025، وذلك على خلفية الاشتباه الشديد بانتمائه إلى منظمة إرهابية تنشط في الخارج، استنادًا إلى أحكام قانون العقوبات الألماني وقانون العدالة للأحداث. ووفقًا للبيان، فإن "حسين ح." انضم إلى جماعة الحوثي في أكتوبر 2022، حيث تلقى تدريبًا أيديولوجيًا ثم عسكريًا استمر لثلاثة أشهر، قبل أن يشارك مطلع عام 2023 في القتال كمسلح ضمن صفوف الحوثيين في محافظة مأرب. وقد مثل الشاب اليمني أمام قاضي التحقيق في المحكمة الاتحادية العليا، الذي أمر بإيداعه الحبس الاحتياطي لمواصلة التحقيقات والإجراءات القانونية.

التسويق السياسي للمجالس النيابية
التسويق السياسي للمجالس النيابية

اليوم السابع

timeمنذ 31 دقائق

  • اليوم السابع

التسويق السياسي للمجالس النيابية

التأييد الجماهيري يتأتى من بوابة الثقة بين المرشح، والفئات المستهدفة، التي تتفاعل بصورة مباشرة مع برنامجه المعلن، والذي يسبقه بالطبع ممارسات، ومؤشرات دالة على رغبته في خوض غمار العمل العام، وهذا يجعل ماهية تحسين الصورة الذهنية قائمة على الأفعال، وليس مجرد أقوال، قد تخلو من ممارسات على الأرض، وهنا نتحدث عن ملامح برنامج انتخابي يعبر عن احتياجات، ومتطلبات، وتطلعات، وآمال، وطموحات، جموع الشعب. التسويق السياسي يعتمد على فلسفة جاذبة؛ حيث إبراز الميزة التنافسية، التي يظهر من خلالها الجهود المتوقع بذلها من قبل المرشح عن غيره من المرشحين، وهنا نقدر الأدوات المستخدمة، والموظفة في إيصال الرسالة؛ حيث طرائق التواصل الجماهيري المباشرة منها، وغير المباشرة، وهذا بالطبع يشمل وسائل الإعلام المسموعة، والمقروءة، والمرئية؛ بالإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة؛ ناهيك عن اللقاءات، والندوات، التي تعقد على أرض الواقع، فى أماكن تجمع استراتيجية، تشمل الفئات المستهدفة. الناخبون يطالعون بصورة جدية الأنشطة، والممارسات التي يتضمنها برنامج المرشح، وهذا من ملامح التسويق السياسي الصريحة، وبها يحدث التأييد، والدعم من قبل الجمهور المستهدف، الذي يصل إلى مستويات من القناعة، وبالطبع تتعلق بتلبية الاحتياجات، والتطلعات الآنية، والمستقبلية على حد سواء؛ لذا فإنه يتم خلق مساحة تؤكد جسر الثقة بين الطرفين، وهذا ما يدشن الطريق نحو مصالح استراتيجية، تقوم على مصالح عامة، تصب في البوتقة الوطنية. غايات الدولة العليا تقوم على العمل سويًا، حيال تحقيق مصالح مشتركة، تستهدف البناء، وتقوم على مبدأ التعهدات الصادقة، نحو إنجازات مدعومة بشراكة مجتمعية، أو مؤسسية، وهنا نلاحظ صور الدعم المتواصلة، المبنية على أساس من الثقة المتبادلة بين جميع الأطراف، وهذا ما ينبري على سياسة التسويق السياسي، الذي ندرك جليًا أنه مرحلة تستهدف استقطاب الرأي العام؛ لتحدث تأثيرًا إيجابيًا يسهم في تبنى الرؤى المستقبلية، والمدعومة بمؤشرات لخطط مستقبلية، وأطروحات لحلول لما قد يعاني منه المجتمع من مشكلات وتحديات، وفي هذا الخضم يستعين المرشح بأفراد، أو جماعات، تعمل على إدارة التسويق السياسي؛ فيما يسمى، أو يعرف بالحملة الانتخابية، التي يترأسها، أو يكلف بها من قبل المرشح بصورة رسمية. عندما نتناول فلسفة التسويق السياسي؛ فإننا نشير إلى فنونه، التي تقوم على المهنية، والحرفية في عرض المعلومات، التي تلبي مستويات الرضا الجماهيري بشكل فاعل؛ فعندما تعرض الحملة الانتخابية للمرشح بيانات، أو معلومات يتوجب أن يستقبلها، ويستوعبها؛ لتتشكل البُنى المعرفية تجاه البرنامج الانتخابي المقترح، ومن ثم يحدث التأييد، والدعم الذي تترجمه الأصوات الانتخابية، التي يحصل عليها هذا المرشح، بعيدًا عن أي تأثيرات غير مشروعة، قد تمارسها الحملات الانتخابية. نوقن أن جمهوريتنا الجديدة، تقف كافة مؤسساتها الرسمية، وغير الرسمية، على مسافة واحدة من المرشحين؛ ليستطيع كل ناخب أن يدلي بصوته، بعد قناعته التامة، بالبرنامج الانتخابي لمرشحه، الذي أطلع عليه، وعلم مكنونه، وأهدافه التي تحقق الاحتياجات، والتطلعات، والآمال، ومن ثم تمارس كل حملة انتخابية خاصة بالمرشحين كافة فعاليتها، بمنتهى الحرية، وتحت حماية مؤسسات الدولة، التي توفر عنصر الأمن، والأمان، ووفق القواعد، والاشتراطات، التي أعلنت عنها الهيئة العليا للانتخابات، حتى تتحقق العدالة، والمساواة مع جميع المرشحين دون تمييز، وبما يضمن الشفافية، والمعيارية، التي تكلفها الديمقراطية المسئولة ببلادنا الحبيبة. فلسفة التسويق السياسي، تؤكد على ديمقراطية الجمهورية الجديدة، التي تحث على أداء المهام وفق معيار المسئولية في صورتها المطلقة؛ حيث العمل بشكل جماعي تجاه الوطن، وقضاياه، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد؛ لكن هناك شائعات مغرضة تطلقها أبواق، وأصحاب الأجندات المغرضة، وجماعات الظلام، وهذا يوجب على الجميع، تعزيز ماهية الثقة بين المواطن، ودولته؛ لتسود حالة من الانسجام في مناخ ديمقراطي، معلن، يشمل الجميع دون استثناء. ماهية التسويق السياسي، تؤكد على المشاركة الانتخابية، التي تشكل السبيل الأصيل للتنمية السياسية؛ ومن ثم تعد ملاذًا آمنا للوعي السياسي، الذي يغرس المفاهيم المرتبطة بالديمقراطية في إطار المسئولية، ويعضد مبدأ التعددية، والاندماج، ويدحض فكرة السلطوية، والحكم المطلق، أو حتى فكرة الاستحواذ. نأمل أن يكون التسويق السياسي، قائمًا على قيمنا النبيلة، التي يأتي في صدارتها المصداقية، والشفافية، وحب الوطن، وفق ماهية الولاء والانتماء، والعمل من أجل رفع رايته وتحقيق غاياته العليا؛ كي تصبح البلاد قادرة على تجاوز التحديات، واستكمال مسيرتها، نحو نهضة مستحقة؛ فسواعد الأبناء قادرة على التغيير، وتحقيق أحلام طال انتظارها، في خضم تقلبات وتغيرات غير مسبوقة، في منطقتنا على وجه الخصوص. أضحى التسويق السياسي يعمل على تعضيد الممارسة الديمقراطية، التي قد أضحت واقعًا معاشًا، ومسئولًا من كل مواطن له حق التصويت الانتخابي؛ ومن ثم صارت الانتخابات البوابة الآمنة للتغيير، والوصول بالبلاد إلى بر الأمان والاستقرار، والنهضة المنشودة؛ فالانتخابات البرلمانية ليست ممارسة شكلية؛ لكنها ممارسة وظيفية، تحكمها قناعة تامة بأهمية المشاركة السياسية في البلد الأمين.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store