مسرور بارزاني يحذر: رواتب كوردستان تُستخدم كورقة ضغط في الصراعات السياسية بالعراق
ليست هذه المرة الأولى التي يشتكي فيها الكرد من حجب رواتبهم، لكن تصريحات بارزاني تأتي هذه المرة في سياق أكثر تعقيدًا، حيث تراكمت أزمة الرواتب حتى بلغ التأخير ثلاثة أشهر، في حين لم يُصرف سوى راتب شهر أيار، رغم أننا الآن في نهاية تموز هذه الأرقام لا تعكس مجرد أزمة مالية، بل تُشير إلى واقع سياسي بالغ الحساسية، حيث تُستخدم الرواتب كأداة للضغط، في تجاهل صريح للدستور العراقي، الذي يضمن حق المواطن في راتبه بغض النظر عن التوترات السياسية.
وينص المادة 112 من الدستور العراقي (2005) على أن:
'تشترك الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان في إعداد الموازنة العامة، ويتم تخصيص حصص عادلة لكل منهما، ويجب أن تصرف رواتب الموظفين بانتظام ودون تأخير.'
وأيضًا، تؤكد المادة 121 حق الإقليم في ممارسة سلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية بشكل مستقل ضمن اختصاصاته.
أكثر من ذلك، أشار بارزاني إلى حكم المحكمة الاتحادية العراقية الصادر بتاريخ 25 يناير 2022، والذي ينص بوضوح على أن رواتب موظفي إقليم كوردستان لا يجوز أن تكون جزءًا من النزاعات السياسية بين المركز والإقليم، وهو حكم بقي، كما قال، 'حبرًا على ورق' وسط تصاعد تدخل وزارة المالية الاتحادية في تفاصيل موازنة الإقليم، وهو ما وصفه بارزاني بأنه 'تجاوز دستوري وقانوني.
ما يطرحه رئيس وزراء كوردستان ليس مجرد مطالبات مالية، بل رؤية فدرالية واضحة: أن يكون للإقليم حصة عادلة وثابتة من الموازنة العامة للعراق، تُصرف بعيدًا عن الأهواء السياسية أو الحسابات الضيقة. إنها دعوة لتثبيت مبدأ المشاركة مقابل المسؤولية، بحيث تسهم كوردستان في واردات العراق وتستفيد من موارد الدولة بحسب ما ينص عليه الدستور بحسب (وزارة المالية العراقية، فبراير 2024).
في حديثه مع 'الشرق'، لم يقتصر بارزاني على الشأن الداخلي، بل تطرق إلى عدة قضايا إقليمية. فعن الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، أكد أن المدنيين الكرد هم الضحية الأولى لهذا النزاع المستمر، في انتقاد غير مباشر لطرفي الصراع معًا. وعن العلاقة مع واشنطن، وصفها بالتحالف الاستراتيجي، مشيرًا إلى استمرار التنسيق الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية.
أما بخصوص الصراع الإيراني الإسرائيلي، فقد شدد بارزاني على موقف الإقليم المحايد، مؤكدًا أن كوردستان لا تريد أن تكون جزءًا من أي محاور متصارعة في المنطقة، بل تسعى إلى تحقيق السلام والحوار. كما كشف عن اقتراب التوصل إلى اتفاق بشأن استئناف تصدير نفط الإقليم عبر تركيا، في خطوة يُرجى أن تخفف من وطأة الأزمة المالية .
في ختام حديثه، أكد بارزاني أن رئاسة الجمهورية العراقية هي 'حق دستوري للكورد'، في تذكير صريح ببنود الشراكة السياسية التي بُني عليها النظام العراقي بعد 2003، والتي يرى الكرد أنها تتآكل تدريجيًا بفعل سياسات الإقصاء والتهميش. هذا الحق مؤكد أيضًا في اتفاق أربيل السياسي لعام 2010، الذي نصّ على المشاركة العادلة في المناصب السيادية
تصريحات مسرور بارزاني ليست مجرد تذكير بالأزمة، بل هي دعوة إلى مراجعة شاملة لآليات الحكم في العراق، تعيد الاعتبار إلى الدستور، وتُحجّم منطق الغلبة السياسية الذي يهدد وحدة البلاد ويقوّض ثقة مكون أساسي فيها. فحين تتحوّل رواتب الناس إلى سلاح تفاوضي، تكون الدولة قد تخلت عن أبسط التزاماتها أمام مواطنيها.
جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة
شفق نيوز
منذ 3 دقائق
- شفق نيوز
بغداد تمتلك "مفاتيح الفصائل".. تقرير أمريكي: إيران أضعف من التمسك بالعراق
شفق نيوز- ترجمة خاصة رأت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، يوم الثلاثاء، أن العراق الذي شهد 20 هجوماً بالطائرات المسيرة مؤخراً على مواقع الطاقة، خصوصاً في إقليم كوردستان، بمقدوره كبح جماح الفصائل المدعومة من طهران، لكنه يرفض ذلك منذ سنوات، فيما أكدت أن هناك فرصة ممكنة حالياً أمام بغداد لأن طهران "ضعيفة" وليس بإمكانها الاستمرار في السيطرة كما في السابق. وذكرت المجلة في تقرير بعنوان "هل يستطيع العراق وقف هجمات الطائرات المسيرة المدعومة من إيران؟"، ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "الهجمات الأخيرة بطائرات مسيرة في إقليم كوردستان أعادت تسليط الضوء على قضية الميليشيات المدعومة من إيران". وبحسب التقرير، فإن "هذه الهجمات التي وصل عددها مؤخراً إلى نحو 20 هجمة، أثارت غضب المسؤولين في واشنطن"، مذكّراً بالاتصال الأخير بين وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والذي شدد فيه على أهمية محاسبة الحكومة للجناة ومنع وقوع هجمات في المستقبل، إضافة إلى أهمية دفع بغداد رواتب إقليم كوردستان، واستئناف تصدير النفط عبر خط الأنابيب بين العراق وتركيا. واعتبر التقرير أن "هجمات الطائرات المسيرة هذه تشكل مثالاً على عجز بغداد عن السيطرة على الجماعات المسلحة داخل البلد"، لافتاً إلى أن "سلطات إقليم كوردستان حمّلت المسؤولية للميليشيات المدعومة من إيران والمنضوية في الحشد الشعبي، وأن الوزير الأمريكي روبيو يؤيد هذا التقييم". وأوضح أن "العراق يمتلك القدرة على كبح جماح الميليشيات، لكنه يرفض ذلك منذ سنوات"، مشيراً إلى أن "العضو الجمهوري في الكونغرس جو ويلسون قال في 29 تموز/ يوليو الماضي إن الميليشيات الإيرانية تطلق المزيد من الطائرات المسيرة ضد أصدقائنا الأعزاء في إقليم كوردستان، وللأسف يتم تمويل بغداد من أموال دافعي الضرائب، والتي بدورها تمول الميليشيات الإرهابية التي تهاجم حكومة إقليم كوردستان". وأضاف "لا يمكن التسامح مع هذا الأمر بعد الآن، وسأعمل على حظر التمويل للعراق بينما يمول هذه الميليشيات الإرهابية". ولفت التقرير إلى أن "هجمات الميليشيات على البنية التحتية للطاقة في إقليم كوردستان تأتي في وقت يحاول فيه العراق الضغط على الإقليم فيما يتعلق بالرواتب وعقود الطاقة، كما أن الهجمات استمرت بعد أن خاضت إيران حرباً استمرت 12 يوماً مع إسرائيل". وبين أن "إيران وحلفاءها في بغداد يسعون في هذا السياق العدائي إلى استخدام الميليشيات لتهديد من يعتبرونهم شركاء للولايات المتحدة في كوردستان، حيث تتمركز قوات أمريكية في إطار مهمة (العزم الصلب) لمحاربة تنظيم داعش". وتابع التقرير أن "من مصلحة بغداد وقف هجمات الميليشيات والتعاون مع القوات الأمريكية، إلا أن السلطات العراقية أظهرت حتى الآن عدم استعدادها لمواجهة هذه الجماعات"، مضيفاً أنه "بعد الهزيمة التي منيت بها إيران في الحرب مع إسرائيل، وبعد الغارات الأمريكية التي أدت إلى وقف إطلاق النار، فإن من الواضح أن طهران قلقة بشأن دورها في المنطقة". ووفقا للتقرير، فإن "إيران شهدت انتكاسات في سوريا مع سقوط نظام الأسد، وكذلك في لبنان مع إضعاف حزب الله، وهي لا تريد أن ترى أذرع وكلائها في العراق يتم قصها". وختم التقرير بالقول إنه "برغم كل ذلك، هناك فرصة سانحة في هذه المرحلة، حيث ليس بإمكان إيران الضعيفة أن تأمل في السيطرة على العراق مثلما فعلت في الماضي"، مبيناً أن "طهران تدرك أن ميليشياتها ليس بمقدورها السيطرة على العراق إلى الأبد".
شفق نيوز
منذ 33 دقائق
- شفق نيوز
بثلاثة صواريخ.. مسيّرة إسرائيلية تغتال شخصاً شرق لبنان
شنت طائرة مسيّرة إسرائيلية غارة على بلدة بريتال شرق لبنان، مساء اليوم الثلاثاء، استهدفت خلالها سيارة مدنية بثلاثة صواريخ مما أدى إلى مقتل شخص. وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة، في بيان، أن "غارة للعدو الإسرائيلي على سيارة في بلدة بريتال أدت إلى سقوط شهيد"، دون تفاصيل أكثر. بينما ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بأن طائرة مسيّرة إسرائيلية "استهدفت سيارة مدنية بثلاثة صواريخ، على طريق بلدة بريتال جنوب شرق بعلبك". وفي وقت سابق الثلاثاء، أفادت الوكالة اللبنانية "بتحليق للطيران الحربي المسير المعادي (الإسرائيلي) فوق منطقتي القاسمية والجوار (جنوب)على علو منخفض". وقالت إن "مسيرة معادية حلقت على علو منخفض في أجواء مدينة صور جنوب لبنان وقرى وبلدات تابعة لها". وذكرت أن "مسيرة إسرائيلية أخرى ألقت قنابل صوتية فوق حي كروم الشراقي شرق قرية ميس الجبل (جنوب)، دون وقوع إصابات". ويأتي هذا الاستهداف ضمن سلسلة غارات وتوغل للجيش الإسرائيلي في لبنان رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل منذ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
شفق نيوز
منذ 35 دقائق
- شفق نيوز
التقويم السلمي في تركيا/ 5
انتقل التقويم السلمي في تركيا إلى مرحلتها الخامسة، حينما بدأت لجنة "تركيا خالية من الإرهاب" البرلمانية، يوم الثلاثاء المصادف 5/8/2025، عقد أول اجتماعاتها بمشاركة الأحزاب المُمثَّلة في مجلس الأمة الكبير (البرلمان)، وستباشر مناقشاتها لتقديم مقترحات لمرحلة ما بعد تسليم حزب العمال الكردستاني سلاحه. ويتشكل عدد أعضاء اللجنة من 51 عضوًا من الأحزاب البرلمانية المتواجدة في البرلمان، وبسبب مقاطعة الحزب الجيد (3 مقاعد) أصبح عدد أعضاء اللجنة 48 عضوًا، وتوزّعَ هذا العددُ بين الأحزاب كالآتي: 21 نائبا لحزب العدالة والتنمية، و10 نواب لحزب الشعب الجمهوري، وكانت حصة حزب الحركة القومية، وحزب مساواة الشعوب والديمقراطية الكردي 4 نواب لكل حزب، و3 نواب لحزب الطريق الجديد المشكل من تحالف أحزاب السعادة ودافا والمستقبل. ومثّلت أحزاب هدى بار، وحزب العمل التركي، والرفاه من جديد، وحزب العمل، والحزب الديمقراطي، وحزب اليسار الديمقراطي، بنائب واحد. ويُتوقَّع أن تضعَ اللجنةُ القواعدَ والأسسَ للوصول إلى التوافقات اللازمة، وإعدادِ أفكارٍ للمرحلة المقبلة فيما يتعلّق بتصنيف حزب العمال الكردستاني، والقوانين المتعلّقة به من تشريعات مرتبطة بالقوانين النافذة وتعديلها، والإفراج عن المسجونين والمحكومين، وقد تتجاوزُ اللجنةُ هذا النطاق، إلى التوصية بتغيير بنود الدستور التركي، لينسجم مع الوضع السياسي والاقتصادي في المرحلة القادمة. ويُعَدُّ اتخاذُ قرارِ تشكيل هذه اللجنة البرلمانية من قبل الرئيس أردوغان مُؤشّرًا قويا على تغييرٍ ملموسٍ في موقف أردوغان من مبادرة دولت باهجلي السلمية، وداعمًا عمليًّا لهذه المبادرة بعد صَمتٍ حَذِرٍ منه طوال الأشهر الماضية، إذ يُعتبَرُ هذا القرارُ الوجهَ التنفيذيَّ لعملية السلام، أو ما يسمى بـ(تركيا خالية من الإرهاب)، والذي يمكن أن يُؤسِّسَ لتركيا آمنة، وديمقراطية، وقوية، وفاعلة في الشرق الأوسط. وستبقى هذه اللجنة تحت تأثير الأكثرية الحاكمة، وستخرجُ التوصياتُ وفق ما تشتهيه السلطة الحاكمة، إلا أن هذا لا يعني عدم احراز تقدم في عملية السلام، خاصة إذا تجاوزت اللجنة نطاق عملها وناقشت بنود الدستور، ففي هذه الحالة ستضطرُّ السلطةُ الحاكمةُ إلى مراعاة مصالح وتطلعات الأحزاب الأخرى، وخاصة حزب مساواة الشعوب والديمقراطية الكردي.
