
عدالة (درف).. محامي ذبيح الاخوان!
من أبرز الانتقادات التي وُجهت لتشكيل حكومة الأمل برئاسة كامل إدريس، تعيينه المحامي عبد الله محمد دَرَف وزيرًا للعدل، ورغم أن البعض ركّز على أصوله الإريترية، مما لا يخوّله، في رأيهم، لتولي هذا المنصب الحساس، لكن الجميع يعلم ان وزراء الكيزان كانوا يحملون جنسيات مزدوجة! لذلك الخطورة الحقيقية تكمن في سيرته المهنية الحافلة بالدفاع عن رموز النظام البائد، وتعويقه للعدالة في قضايا محورية كقضية تقويض النظام الدستوري. كما لم يُعرف لدرف موقف قانوني واحد شجاع في مواجهة الفساد، أو جرائم المخدرات، أو نهب المال العام. بل ظل حاميًا لمصالحهم في ساحات القضاء، وترأس حملات لدعم اعادة ترشيح البشير. كما في الحرب الحالية، رفض المطالبة بإعادة المخلوع البشير ورفاقه الهاربين إلى السجون، واستمر في تعطيل العدالة بذات الحماس. فهل يُعقَل كوزير يوكل اليه ملف العدالة، مثلاً أن يُسلِّم رقاب البشير وأحمد هارون للجنائية، ليُحاكموا على جرائم ومجازر دارفور، وهي جرائم لن يسلم منها حتى الجنرال البرهان نفسه، (رب الفور)!
فكيف سينتصر درف للعدل، وهو موالٍ لجلادي العدالة؟ في ظل قضاء معطوب، وقضاة تعوزهم أخلاق المهنة، يركعون لحكومة متخبطة القرارات، تتخذ السياسة مطيّة لإصدار الأحكام ضد معارضيها من المواطنين، بينما يُغدق المال على من يغمض عينه عن الحق، فهل يجرؤ الوزير، الذي ظل خانعًا في زمان السلم ، أن يظهر شجاعة في زمن الحرب؟ أن يدافع عن أولئك المظلومين في السجون، المعتقلين فقط بسبب ملامحهم أو لهجتهم بتهمة الوجوه الغريبة؟ أو الشباب والشابات المتهمين بالعمالة، والمهددين بالإعدام، فقط لأنهم عبروا عن رأيهم ضد الحرب في وسائط التواصل الاجتماعي؟ كل من رفع راية لا للحرب، أو دعا إلى التفاوض والسلام، هو خائن أو عميل! بل حتى أولئك الذين اكتفوا بالمساعدة الإنسانية في التكايا والمستشفيات لإنقاذ الجرحى، أصبحوا في نظره مشبوهين، جزاؤهم السجن والموت بالشك والريبة.
أما المصيبة الفادحة التي وردت في سيرة الوزير، ويتباهى الكيزان بإيرادها، فهي ما اعتبروه من أشهر إنجازاته العدلية، حين كان ممثل الاتهام في قضية الردة الشهيرة ضد الصحفي محمد طه محمد أحمد، رئيس تحرير صحيفة الوفاق رحمه الله، بينما الحقيقة أن ما ورد يُظهر بجلاء انهيار ميزان العدالة وعجزها عن إقامة الحق. في تلك القضية، مثّل عبد الله درف الاتهام، ورفع دعوى الردة على محمد طه وفق المادة 126 من القانون الجنائي سنة 1991، على خلفية نشر مقال بعنوان (مولد المصطفي) وصف بانه مسيء للنبي صلي الله عليه وسلم واله الكرام وللصحابي عمرو بن العاص! وهيئة الاتهام في تكفير الصحفي حجتها ان الجريدة لم تُرفق أي استنكار أو توضيح بشأن مضمون المقال! غير أن محمد طه أنكر علمه بالمحتوى، موضحًا أن الخطأ جاء نتيجة نقل المقال من رابط إلكتروني يتضمن في أعلاه سيرة النبي عليه السلام، والمقال نشر بطريق الخطأ. ودفع محامي الدفاع بهذا التبرير، مؤكدًا أن ما حدث كان ناتجًا عن جهل لا عن سوء نية، لكن تجاهل الاتهام المبدأ النبوي العظيم (أ درؤوا الحدود بالشبهات) وحكم عليه بالردة. نفس احكام الردة التي تراجع عنها شيخهم الترابي ليقول إنها (هراء.. لا يوجد حكم للمرتد في الإسلام، قرأناً، وسنة، والانتماء للدين والخروج عنه مسألة شخصية لا دخل للآخرين فيها) أنتهي
فهذا هو حال العدالة لدي الكيزان تصفية الخصومات السياسية تحت غطاء أحكام الردة، والإرهاب الديني، الصحفي المغدور محمد طه محمد أحمد، لم يكن خصمًا عاديًا، بل كان خطيبًا مفوّهًا من أبناء الحركة الإسلامية، ثم انقلب عليهم ناصحًا وناقدًا، وملأ الساحة الإعلامية بضجيج فضح مؤامراتهم، وعلى رأسها تعامل النظام مع إيران، وإرسال قوات من المؤسسة العسكرية للقتال كمجاهدين إلى جانب حزب الله ضد إسرائيل، مقابل مبالغ مالية ضخمة لم تُدفع للمقاتلين كاملة! دخَل محمد طه عُشّ الدبابير، فكان مصيره أن اختُطف من أمام منزله وأمام أسرته، ليُعثر عليه بعد ستة أيام مذبوحًا، مفصول الرأس، وقد وُضع رأسه على صدره في مشهد مروّع أحزن حتى خصومه، باستثناء الكيزان الذين سارعوا بادعاء أن الجريمة تقف وراءها جماعات إرهابية أجنبية لديها خلافات شخصية معه، لكن لاحقًا، وبعد أن تفتقت عقولهم الأمنية، قرروا إلصاق التهمة بعدد من عناصر حركة العدل والمساواة، بينهم أفراد ينتمون كذلك للمؤتمر الشعبي. وجميعهم من أبناء دارفور تم التضحية بهم وإعدامهم، في واحدة من أكثر قضايا العدالة أجحافاً.
هذه هي عدالة عبد الله درف وإخوته من الكيزان المجرمين، نفس الصنعة، ونفس الإتقان في الالتفاف على القانون وتسييس القضاء، فهم لم يكتفوا بتعطيل العدالة، بل أقحموا قيادة الجيش المنزوعة الإرادة في إنشاء ميليشيات مرتزقة، والزج به في معارك ضد المواطنين، تحت ذريعة التمرد لإرضاء السلطة. لقد نال عبد الله درف مبتغاه، وزيرًا للعدل. لكن تعيينه، جاء أحشفًا وسوء كيل، فلا عدالة رُجيَت، ولا كفاءة عدلية بُني عليها الاختيار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


التغيير
منذ يوم واحد
- التغيير
السودان: مقتل «خفاش الظلام» يعيد جدل فض اعتصام القيادة العامة وملف العدالة
الكادر الشاب كان قد ظهر في عدة مقاطع فيديو وهو يتحدث مفاخراً بمشاركته في فض الاعتصام قائلاً بوضوح: نحن 'خفافيش الظلام' وقتلنا الثوار الساعة الثالثة صباحاً في القيادة العامة وهو التصريح الذي وثق تورطه في واحدة من أكثر الجرائم دموية في تاريخ السودان الحديث. كمبالا: التغيير أثار مقتل الكادر الإسلامي، أحمد محمد، الشهير بـ «خفاش الظلام» ردود أفعال واسعة وحادة على مواقع التواصل الاجتماعي بين من أبدى 'شماتة' و'فرحاً' ومن طالب بعدم الشماتة في الموت ومن رأى في الحادثة دافعاً جديداً للمطالبة بتحقيق العدالة الانتقالية لضحايا فض اعتصام القيادة العامة للجيش في يونيو 2019. و أحمد محمد أحد أبناء منطقة صالحة بمدينة أم درمان وهو عضو في الحركة الإسلامية السودانية، قُتل قبل أيام خلال المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في كردفان. مفاخرة بالجريمة الكادر الشاب كان قد ظهر في عدة مقاطع فيديو وهو يتحدث مفاخراً بمشاركته في فض الاعتصام قائلاً بوضوح: نحن 'خفافيش الظلام' وقتلنا الثوار الساعة الثالثة صباحاً في القيادة العامة وهو التصريح الذي وثق تورطه في واحدة من أكثر الجرائم دموية في تاريخ السودان الحديث. وتداول ناشطون خبر مقتله مصحوبا بفيديوهات سابقة له يظهر فيها متشفيا بمقتل المعتصمين ومبرئاً قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو 'حمديتي' من المسؤولية ومفتخراً بانتمائه لمجموعة «خفافيش الظلام» التي نسبت إليها أعمال القمع خلال فض الاعتصام. و جاءت ردود الأفعال متباينة لكنها عكست عمق الجرح الذي لا يزال مفتوحا لدى السودانيين خصوصا أسر ضحايا الاعتصام و كتب محمد كمبل، كان يتحدث بالأمس مزهوا بقتل الثوار كأنما بينه وبينهم ثأر واليوم مضى إلى ربه تلاحقه اللعنات والدعوات قتله شريكه في الإثم بالسلاح ذاته الذي برأه بالأمس من جريمة فض الاعتصام. مواقف مغايرة وفي المقابل دافع البعض عن القتيل معتبرين أنه 'استشهد' في ساحة المعركة دفاعاً عن الوطن وكتب أحمد طاهر استشهد مدافعا عن وطنه اليوم وليس قتل ومن يهاجمونه الآن رفاقكم في الاعتصام هم شركاء في السلطة بل وحملوا السلاح ضد الوطن. أما أبو سارة حميدان، قال بلغة لاذعة: والله 'الدعامه' قطعوا 'الكيزان' المتطرفين كلهم الكيزان الآن خوف كده ما بعده خوف من الدعامه. و كانت هناك ردود أخرى حملت الجميع المسؤولية عن الدم السوداني دون استثناء كما كتبت سوسن محمد: ذهب إلى الله الحكم العدل الذي ينصف المظلوم من الظالم الحركة الإسلامية و الدعم السريع شركاء في دمنا اختلافهم بعد الحرب لا يجعل أحدهم ملاكا والآخر شيطانا. أما جبار إبراهيم، فقد أشار إلى أن ما حدث هو جزاء من جنس العمل قائلاً: هذا الشاب يعترف بعجرفة بأنهم قتلوا الثوار فلقى جزاءه القتلة ودعاة الفتنة عليهم أن يتحسسوا مواقع أقدامهم فالدماء لا تسقط عند الله حتى لو سقطت من لجنة نبيل أديب. جرح فض الاعتصام وتبقى دعوة مصطفى أبو القاسم مؤثرة في هذا السياق إذ كتب: يلتقي بمن سفك دماءهم في اعتصام القيادة يقف أمام الحكم العدل وهم يأتونه بأحلامهم وسلميتهم وهو يأتيهم بدمائهم وفرحه بموته. و الانقسام في الرأي العام لم يكن فقط حول الشاب ذاته بل حول معنى العدالة وأين تقف البلاد اليوم بعد سنوات من الثورة كثيرون رأوا في مقتله مناسبة لإعادة تسليط الضوء على أهمية العدالة الانتقالية خاصة بعد تعثر مساراتها الرسمية وفشل لجان التحقيق وعلى رأسها لجنة نبيل أديب في الوصول إلى نتائج ملموسة. و الحادثة أعادت فتح جرح فض الاعتصام وأظهرت كيف أن الذاكرة الجماعية ما زالت تنزف وأن القصاص العادل لا يزال مطلبا مركزيا لضحايا ذلك اليوم الدموي.


التغيير
منذ 2 أيام
- التغيير
الكلام عن السيادة (جاب الكلام)..!
الكيزان الضلالية الكذَبَة آخر من يتكلم عن السيادة الوطنية..! والألزم لهم أن يصمتوا بعد ثلاثة عقود حسوما من تضييع السيادة والسرقات الفاجرة ومص (شطور الموارد) والإثراء الأرعن الفاحش على حساب إفقار الناس وتجويعهم وتجفيف عافيتهم وإجلاس التلاميذ على التراب وتحويل مال الصحة والتعليم إلي شراء اليخوت وبناء القصور..ثم خمس سنوات أخرى انتهت بالدمار الشامل للوطن والموت بالجملة وتشريد الملايين في أركان الدنيا الأربعة..! إنها أعوام الاستباحة والتنافس على النهب والسرقة حيث أن من طبيعة (الشحاد) أن يتشكك في كل من يحمل (مخلاية).. ! هذا هو نهجهم الذي يصدر عن (حقد ضرير) يسعى إلى تعويض سنوات الجوع الكافر و(النشأة المنحرفة) والتربية التنظيمية الضالة التي تحتقر الوطن وتريد أن تعوّض أزماتها النفسية وانكساراتها وعقدها الدفينة بالانتقام من الشعب وتحطيم المعالم الوطنية بوهم إلغاء الذاكرة الشعبية..! انتم أمام شعب يختزن في ذاكرته كل الصنائع والفظائع (ماركة مسجلة) باسمكم ودمغتكم..وكلها تناقض معانى سيادة الشعب في أرضه..! إنها عادتهم في اختلاق البلبلة في الاسافير واتهام الأحرار بالتفريط في السيادة الوطنية لإلهاء الناس..وكل هذه الأصوات العالية لم تنطلق الآن إلا للتغطية على فظائع الانقلاب وفساده وما جرّه على الشعب من موت وتشريد وويلات ومن تمزيق للوطن عبر تفريخ عشرات المليشيات بحجة محاربة مليشيا واحدة..! يريدون أن ينسى الناس استهلال عهدهم بهدر السيادة ومعاداة الوطن لصالح التنظيمات الاخوانية العالمية وتحويل النزاعات الأهلية إلى (حروب دينية) وجعل الوطن ملاذاً للإرهابيين من أفغان وتركمستان وشوام وشراكسة وألبان وتسكين الملثمين الأجانب في أحياء المواطنين ..! هل هناك ما هو أشد فتكاً بسيادة الأوطان من الفساد (الذي لم يُخلق مثله في البلاد) والذي مارسه الكيزان عبر لجان التصرّف في المرافق العامة باسم التحرير الاقتصادي الذي قصدوا به (تحرير الأيدي) وإغلاق عيون الرقابة..أيام عبد الرحيم حمدي وتاج السر مصطفى والأمين دفع الله وغيرهم من الذين أهدروا ثروات الشعب وموارد البلاد..و(أكثروا فيها الفساد)..! إنها أيام (القصص الحزينة) أيام نهب وتفكيك وبيع مشروع الجزيرة وسودانير والسكة حديد والبريد والنقل الميكانيكي والمخازن والمهمات والنقل النهري والخطوط البحرية وشركات الصمغ والأقطان والاسمنت ومؤسسات النيل الأبيض والنيل الأزرق وجبال النوبة والرهد وحلفا الجديدة والسوكي والحبوب الزيتية والمواصلات السلكية واللاسلكية والكناف والغزل والنسيج والتغليف والإمدادات والعقارات الحكومية والمدابغ والمحالج والأبحاث والأسواق الحرة والمعارض والمرطبات وتعليب الفاكهة والتمور واسماك النوبة وألبان كوكو وورش أخشاب أم حراز وكرتون أروما وشركات الأحذية والأغذية والفنادق الكبرى والفلل الرئاسية واستراحة وفنادق أركويت والمراسي والموانئ والحظائر والقروض والودائع والأرصدة وعوائد الإيجارات و(بيع المديونيات) وإنشاء شركات النهب الحكومية التي بلغ عدد (المعروف منها) 431 شركة منها 400 شركة لم يضرب بلاطها حذاء المراجع العام..و80% منها لا علم للخزينة العامة بإيراداتها.. هذا عدا أموال البترول والذهب المليارية وملف المصارف الرهيب…أما (أموال التجنيب) فعلمها عند (الرجل الثاني) وعند علّام الغيوب..و(يا فؤادي رحم الله الهوى)..!. ولا تسأل عن صندوق دعم الشريعة وصندوق الوحدة وصندوق الشرق ومال كنانة والرهد ودمغة الجريح ورسوم القناة الفضائية..فمصير أموالها سيظل ملتصقاً بمن تولوا رئاستها إلتصاق الحراشف بالزواحف..!! كل هذا غيض من فيض فساد الإنقاذ ونقطة ماء من المحيط الأطلنطي وقطرة ثلجية من (براري القطب الشمالي) وورقة شاحبة سقطت من فرع شجرة في غابة مدارية من البلوط..! أين بقية أموال القرض الخارجي الذي حمله البشير إلى غرفة نومه وأعطي منه خمسة مليون دولار (عطية مُزيّن) بغير مستند للواعظ الأراجوز (عبدالحي يوسف) فحملها في كيس وهرب بها إلى تركيا..ومن هناك قال إن السودان يرحّب باستضافة الكيزان الأردنيين المطاريد..ولكنه لا يستطيع مفارقة (الراحات) في اسطنبول لاستقبالهم في الخرطوم تحت الغبار وسخانة (مطاعم القراصة) ومع الكتاحة وقطوعات الكهرباء.,.؟! الناس يتذكَرون تلك (القصة القصيرة الطريفة) عن احد ظرفاء الإنقاذ..! كان 'مراسلة موتسيكل' وأصبح عضواً في مجلس إدارة (البنك الحكومي الشهير) فطلب قرضاً ميسّراً من البنك وصدّق لنفسه بالقرض.. ثم قام بشراء البنك نفسه بجزء من القرض الذي لم يقم بدفع أقساطه حتى الآن..! الله لا كسّب الإنقاذ..!


التغيير
منذ 2 أيام
- التغيير
الجيش السوداني يتراجع في كردفان والدعم السريع تقترب من معركة «فاصلة» في «الأبيض»
ربما تكون معركة أبو قعود الأخيرة (53 كلم غرب مدينة الأبيض) بداية لمعارك طويلة على تخوم مدينة الأبيض. بينما تحكم قوات الدعم السريع قبضتها على منطقة أم دبوس شرقي بارا، وتفرض مبلغ (5) آلاف جنيه على كل منزل كرسوم حماية. تقرير: التغيير تحول مفاجئ وسريع في مسار الحرب بكردفان بعد التراجع الكبير للجيش السوداني، الذي فقد السيطرة على عدد من المدن والمناطق في غضون ثلاثة أشهر، مثل النهود والخوي وأم صميمة، بجانب منطقة أم سيالة. خسائر مادية وبشرية كبيرة مُني بها الجيش والمليشيات المتحالفة معه، تُقدّر بالمئات، خاصة وسط قوات درع السودان في معركة أم سيالة، مما دفع الجيش للانسحاب إلى الأبيض. واقع مختلف ربما تكون معركة أبو قعود الأخيرة (53 كلم غرب مدينة الأبيض) بداية لمعارك طويلة على تخوم مدينة الأبيض. كما أحكمت قوات الدعم السريع قبضتها على منطقة أم دبوس شرقي بارا، وفرضت مبلغ (5) آلاف جنيه على كل منزل كرسوم حماية. وبحسب شهود تحدثوا لـ (التغيير)، شنت قوات الدعم السريع هجومًا استهدف عددًا من قرى شرق بارا، شملت: أم دبوس المرخا، وأم دبوس كرار، وأم دبوس الجعلين، وود الزاكي. ونفّذت خلاله عمليات نهب واسعة للممتلكات وترويعًا للسكان، ترافق مع اعتداءات جسدية وانتهاكات أوقعت عددًا من الجرحى، إضافة إلى مقتل أحد المواطنين أمام أفراد أسرته. كما هاجمت قوة من الدعم السريع قرية الكركر الواقعة شرق منطقة أم صميمة الغربية بولاية شمال كردفان، ما أسفر عن موجة نزوح واسعة للسكان باتجاه مدينة الأبيض. وبحسب مصادر محلية، اقتحمت المجموعة المهاجمة المتاجر والدكاكين في القرية ونفذت عمليات نهب منظم طالت ممتلكات الأهالي. وتشكل منطقة أم صميمة (68 كلم) غرب المدينة، والتي سيطرت عليها قوات الدعم السريع مؤخرًا، أهمية استراتيجية لكونها ملتقى طرق يربط كردفان ودارفور. هدوء حذر الوضع في الأبيض هادئ، فيما حذرت قيادة الفرقة الخامسة الهجانة المواطنين من الانسياق وراء شائعات الدعم السريع. وقال مصدر عسكري لـ (التغيير) إن لديهم معلومات عن اعتزام قوات الدعم السريع مهاجمة مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، بعد أن حشدت قواتها من بارا، والحمادي، والدبيبات، وكازقيل، وغربًا في النهود والخوي، وأم صميمة وأم كريدم. وتوقع المصدر أن تكون معركة الأبيض المتوقعة فاصلة وحاسمة، لافتًا إلى أنه، وبالرغم من تقدم الدعم السريع، إلا أن الجيش في الأبيض هذه المرة لديه ميزة الإمداد المفتوح من الاتجاه الجنوبي حتى جبل كردفان، مرورًا بالرهد وأم روابة وحتى تندلتي. لكن غرب وشمال الأبيض، والشمالي الشرقي للمدينة، يسيطر عليها الدعم السريع، الذي يسعى لقطع طريق أم روابة أو جبل كردفان، ولذلك توقع المصدر أن يكون الهجوم انتحاريًا من ثلاثة جهات. ولم يستبعد المصدر أن تستمر معارك الأبيض لفترة من الزمن، ربما تكون الفاشر (2)، وقد يحدث العكس بانكسار أحد الطرفين، قائلًا: ميزان القوى متكافئ نسبيًا، مع أفضلية للجيش إذا استخدم 'الكروت الرابحة' في المعركة. التوجه نحو الأبيض من جانبها، قالت قوات الدعم السريع إنها تواصل زحفها الحاسم نحو أهدافها الاستراتيجية، نحو مدينة الأبيض، محققةً انتصارات ميدانية كاسحة على جيش الحركة الإسلامية ومليشيات الارتزاق المسلح. وبحسب بيان صادر باسم الناطق الرسمي، أكد تمكنهم من تحرير عدد من المناطق في معارك، ولا يزال الزحف مستمرًا. وناشد البيان مواطني مدينة الأبيض التزام منازلهم وعدم مغادرتها لأي سبب من الأسباب، مؤكدًا أن قواتهم ستعمل على تأمين المدينة وتوفير الحماية الكاملة لسكانها، كما دعاهم إلى الابتعاد عن مقرات جيش الحركة الإسلامية ومليشياته، وعن أماكن تمركز حركات الارتزاق المسلح، حفاظًا على سلامتهم. وأكدت قوات الدعم السريع أنها تتقدم من عدة اتجاهات لتحرير الأبيض، وتتحلى بأقصى درجات الانضباط والمسؤولية، التزامًا بالقانون الدولي الإنساني، وعملاً بتوجيهات قيادتها المستديمة في حماية المدنيين وصون حقوقهم. وكانت قوات الدعم السريع تحاصر الفاشر في منطقة العيارة العيارة (15 كيلومترًا غرب الأبيض)، بل كانت داخل الأبيض، في حي الوحدة بمحطة (13) ومحطة (10)، وأيضًا في أبو حراز (32 كلم من الأبيض) وأم رماد، لمدة سنتين قبل أن يتمكن متحرك الصياد من فك حصار المدينة. تحشيد مضاد فيما كشف بيان صادر عن مجموعة من قبائل كردفان عن تكوين قوات 'حلف الكرامة (درع كردفان)'، حيث تم توقيع ميثاق يضم عددًا من القبائل تواثقت على الوقوف مع القوات المسلحة في حربها ضد الدعم السريع. وأكد البيان أن الحلف جاء بمبادرة وطنية من أبناء الكبابيش لتوحيد جميع قبائل كردفان للتصدي لانتهاكات قوات الدعم السريع بالمنطقة، وحث البيان المواطنين على الانضمام لمعسكرات حلف الكرامة بإدارية محلية الدبة وإدارية منطقة أم درابة لدحر التمرد. وأكد البيان أن تكوين القوات جاء أسوة بقوات درع السودان، وأوضح أن قوات درع كردفان تتحرك الآن فعليًا برفقة وتخطيط القوات المسلحة في عدة محاور، خاصة طريق الصادرات جبرة–بارا، وساعدت بالفعل في تحرير مناطق أم اندرابة، الشعطوط، ورهد النوبة، وعد السدر. حصار يقول العميد المتقاعد يحيى محمد مرسال: كل شيء جائز في الحرب، تقدم، تراجع، انسحاب تكتيكي، وغيره، ولكن الواقع على الأرض حاليًا يشير بوضوح إلى أن قوات الدعم السريع تعمل حاليًا على حصار الأبيض فعليًا، بالتقدم في عدة محاور، وأصبحت على بُعد (60) كيلومترًا. وطالب مرسال الجيش بتغيير التكتيك بعدم السماح للدعم السريع بالوصول إلى المدينة ثم الدفاع عنها، قائلًا: يجب أن تكون المعركة خارج المدينة، حيث يمتلك الجيش ميزة الأسلحة الثقيلة والمدافع الموجهة، بينما يعتمد الدعم السريع على الحركة السريعة، لافتًا إلى أهمية إيجاد حلول لمسيرات الدعم السريع الاستراتيجية. وأضاف: نعم، تراجع الجيش، لكنه ربما يجهز مفاجأة ميدانية لإيقاف الدعم السريع، لكنها قد تفشل، وبالتالي فإن المجازفة بالمدن الكبيرة أمر خطير جدًا. وأكد مرسال أن القوة التي يمتلكها الجيش، والمدد الكبير الذي وصل إلى الهجانة الأبيض، يكفي لصد أي هجوم على المدينة التي صمدت في أحلك الظروف في وجه هجمات الدعم السريع المتكررة طوال أكثر من عام. يقول مرسال: في اعتقادي الشخصي، إن معركة الأبيض ستكون كبيرة وفاصلة، لجهة أن الدعم السريع حشد (70%) من قواته، كما أن قيادة الجيش تعلم أن سقوط المدينة يعني التوجه نحو أم درمان مرة أخرى. أيضًا، هزيمة الدعم السريع في الأبيض تعني أن الطريق سيصبح سالكًا لتحرير كردفان والتوجه إلى دارفور، إذ هي معركة مفصلية في الحرب السودانية.