
5 سنوات من الوعود.. عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت للجزيرة نت: نريد عدالة كاملة
لم يكن يتوقع الأب أن يفقد ابنه بهذه الطريقة المفجعة، وقال خلال وقفة لأهالي الضحايا في الذكرى الخامسة لانفجار المرفأ "شربل لم يكن مقاتلا في جبهة حرب، كان موظفا يؤدي واجبه في مركز مدني بسيط، لكنه سقط ضحية انفجار لم يكن له ذنب فيه".
ويصف رحلته طلبا للعدالة بأنها "ركض بلا نهاية خلف سراب الحقيقة". وقال "في بلدنا، الفساد لا يعد استثناء، بل هو القاعدة التي تعطل التحقيقات، وتمنع كشف الحقيقة، وتُبقي دماء أبنائنا بلا حق".
لا يخفي عبدو استياءه من السلطة السياسية والقضائية التي يرى أنها تتحمّل كامل المسؤولية عن تعثر التحقيقات، ويقول "نسمع وعودا وشعارات، لكن لا نرى فعلا يُعيد الحقوق ولا يحاسِب المجرمين، دماء أبنائنا لا تزال مهضومة في دوائر الفساد المستشرية".
ذاكرة مشؤومة
وبكل تأثر وألم، لا تزال ذكرى الرابع من آب/أغسطس حاضرة في وجدان اللبنانيين، ومحفورة في صدور العائلات التي فقدت أحبتها في تفجير مرفأ بيروت قبل خمس سنوات.
في ذلك المساء المشؤوم، هزّ انفجار هائل العاصمة مخلفًا وراءه أكثر من 220 ضحية، ودمارا هائلا، وجرحًا عميقًا في النسيج الوطني والاجتماعي لم يندمل بعد.
وفي الذكرى الخامسة، شارك مئات من الأهالي حاملين صور أبنائهم وأقاربهم الضحايا في مظاهرة انطلقت بمسارين، الأول من ساحة الشهداء في بيروت ، والثاني من مقر "فوج إطفاء بيروت" بمنطقة الكرنتينا، ووصلتا إلى مدخل المرفأ. وحضر المسيرة عدد من الوزراء والنواب من توجهات مختلفة.
وبمرور خمسة أعوام، لم تتحقق أية عدالة ينشدها أهالي الضحايا، ولا أي إنصاف تنتظره القلوب المكلومة. بل تبدو العدالة اليوم بعيدة كسراب يتلاشى في أفق الغموض السياسي والفساد المؤسساتي الذي يكتنف أروقة الدولة، حيث تشتعل النيران في تفاصيل الفساد وتتوارى الحقيقة خلف ستار من المماطلة والتعطيل.
ومن رحم هذا الإصرار، تولد شهادات موجعة تسردها العائلات عاما بعد عام. وفي هذه الذكرى القاسية تشارك الابنة التي فقدت والدتها ليلى متري الخوري، معاناة ذوي الضحايا.
تقول ليلى بمرارة للجزيرة نت "الدولة وعدتنا منذ العام الأول بفتح تحقيق جدي وعدم تعطيله، لكن العدالة لا تزال غائبة، والمحاسبة مؤجلة بلا مبرر".
وتضيف بصوت حازم "نطالب بتحقيق شفاف وعادل، ومحاسبة كل من سمح بتخزين النيترات القاتلة في قلب بيروت، نريد أن يُحاسب الجميع، وأن يدخلوا السجن، كي لا تضيع دماء ضحايانا هدرا".
ومن قلب الألم الذي يلازمها، تظل كلمات ماري خوري، والدة الضحية إلياس خوري، محفورة في الذاكرة وتعيدها بلا تردد "مطالبنا لم تتغير، نطالب بالعدالة لكل ضحايا هذا الانفجار، ولن نتراجع أو نهدأ مهما طال الطريق".
وتتابع ماري بصوت يفيض بالألم "هذا الإصرار ينبع من جرح عميق لا يلتئم.. انتقلنا كعائلات من صدمة الفقدان إلى معركة طويلة وشاقة من أجل الحقيقة والعدالة، معركة لا تقل قسوة عن خسارتنا".
"ألم مستمر"
وفي مشهد آخر من ذاكرة الألم، تتحدث ريتا حتّي، والدة الضحية نجيب حتّي من فوج إطفاء بيروت، عن الذكرى التي لم تغادر بيتها يوما.
تقول للجزيرة نت "لم يعد هذا اليوم ذكرى فحسب، بل هو ألمٌ مستمر يرافقنا كل لحظة، نلمس اليوم بعض الاستجابة من الدولة، ونأمل أن تكون هذه الخطوة بداية حقيقية وجدية نحو التغيير".
وتضيف " القاضي طارق البيطار وعدنا بإطار زمني واضح لاتخاذ القرار، ونحن لن نتوقف عن الضغط والمطالبة حتى تتحقق العدالة التي انتظرناها طويلا".
وتتكرر الكلمات ذاتها، بحسرة مضاعفة، في شهادة كارين حتّي، التي خسرت زوجها وشقيقها وابن عمها في لحظة واحدة.
تقول حتي للجزيرة نت إن "العائلات لم تعد تبحث عن كلمات معسولة أو وعود لا تُنفّذ، بل عن عدالة حقيقية ومحاكمة تليق بدماء أحبّائهم".
وتضيف 'الحضور الرسمي الكثيف في إحياء الذكرى هذا العام يمنحنا بصيص أمل، لكننا نحذر بوضوح: لا عدالة بلا قضاء نزيه وجدي، ولا حقيقة في ظل عراقيل متعمدة تُكبّل التحقيق".
أما الياس معلوف، والد الضحية جورج معلوف، فيختصر الحكاية كلها بجملة واحدة تقطر وجعا "كان جورج يبتسم دوما ولم يؤذِ أحدا، لكنه سُلب منا بلا رحمة، والدته أعدت له مزارا أمام المنزل، والوجع لا يهدأ".
في متاهات السياسة
وغرق التحقيق بشأن الانفجار الذي أسفر عن مقتل أكثر من 220 شخصا وإصابة أكثر من 6500 بجروح، خلال السنوات الماضية في متاهات السياسة اللبنانية المعقدة.
ومنذ وقوعه، عزت السلطات الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبين لاحقا أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكنا.
وتعهّد رئيسا الجمهورية والحكومة بالعمل على تكريس "استقلالية القضاء" ومنع التدخّل في عمله، في بلد تسوده ثقافة الإفلات من العقاب.
وقال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام ، أمس الأحد، إن معرفة الحقيقة وضمان المساءلة "قضية وطنية"، منددا بعقود من الإفلات الرسمي من العقاب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 38 دقائق
- الجزيرة
برلماني عن حزب الله: خطوات الحكومة مستعجلة والورقة الأميركية استسلام
قال عضو كتلة حزب الله البرلمانية أمين شري إن ما تقوم به الحكومة اللبنانية خطوات مستعجلة "لا تحصن السيادة، ولا تحرر الأرض"، ردا على إقرارها أهداف الورقة الأميركية لتثبيت وقف إطلاق النار بين لبنان و إسرائيل. وأوضح شري -في تصريحات للجزيرة- أن حزب الله يتعاطى مع الحكومة بمبدأ "خطوة مقابل خطوة"، مؤكدا أن الاعتراض على الورقة الأميركية ينبع من كونها تعكس أهداف إسرائيل. ووصف النائب البرلماني هذه الورقة بأنها "استسلام" و"خضوع للإملاءات الأميركية والإسرائيلية"، مطالبا في الوقت نفسه بنقاش جدي في إستراتيجية الدفاع واستخدام عناصر القوة. وفي وقت سابق من اليوم الخميس، أعلنت الحكومة اللبنانية عقب اجتماعها موافقتها على أهداف الورقة الأميركية، التي تتضمن جدولا زمنيا لنزع سلاح حزب الله، في حين انسحب الوزراء المحسوبون على حزب الله و حركة أمل من الاجتماع، وكذلك وزير التنمية الإدارية. بدوره، قال وزير الإعلام اللبناني بول مرقص في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع إن مجلس الوزراء وافق على أهداف الورقة الأميركية "لتعزيز حل شامل ودائم"، لكنه أوضح أن هذا القرار لا يشمل مراحل الورقة وتفصيلاتها. وفي وقت سابق، رفض حزب الله موقف الحكومة التي قررت في اجتماعها السابق -أمس الأول الثلاثاء- تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الجاري، وعرضها على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري. ويسري وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، لكن الجيش الإسرائيلي يواصل تنفيذ عمليات تجريف وتفجير بجنوب لبنان ويشن غارات شبه يومية. ولا تزال القوات الإسرائيلية تحتل 5 تلال لبنانية كانت قد سيطرت عليها خلال العدوان الذي تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/أيلول 2024، مما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ما مصير السجال بين الحكومة اللبنانية وكتلة حزب الله البرلمانية؟
ما وراء الخبر تناولت حلقة (2025/8/7) من برنامج 'ما وراء الخبر' السجال الحالي بين الحكومة اللبنانية وكتلة حزب الله البرلمانية وحلفائه، والضغوط الخارجية وخاصة الأميركية على ساحة التوازنات الداخلية في لبنان. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
هل يتجنب لبنان مواجهة داخلية بعد الموافقة على الورقة الأميركية؟
يبدو أن موافقة مجلس الوزراء اللبناني على الأهداف الواردة بالورقة الأميركية سيضع لبنان في قلب سجال داخلي لا يعرف مصيره، خاصة على ضوء تمسك كتلة حزب الله البرلمانية بموقفها واعتبار محاولات التعرض لسلاح المقاومة بأنه خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي. ووصف الكاتب والمحلل السياسي، أسعد بشارة في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" قرار الحكومة بأنه "خشبة خلاص حقيقية"، مشيرا إلى أن عماد الورقة الأميركية هو تطبيق القرارات الدولية والدستور وسحب السلاح، والهدف الثاني هو انسحاب إسرائيل بشكل كامل ووقف الأعمال العدائية، لكن "مشروع حزب الله هو التمسك بالسلاح إلى الأبد". وكانت موافقة مجلس الوزراء على الأهداف الواردة بالورقة الأميركية التي تتحدث عن تثبيت وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل مع جدول زمني لنزع سلاح حزب الله، دفعت الوزراء المحسوبين على حزب الله و حركة أمل إلى الانسحاب من الاجتماع. وأضاف بشارة أن دعم فكرة الدولة لكي تمسك قرارها على الحدود هو الخيار الذي يجب أن يدعمه اللبنانيون، وأن هناك فرصة الآن لوضع الجيش اللبناني على الخط الأزرق بضمانات أميركية وعربية حتى لا يتحول لبنان إلى ساحة يطحن فيها أهله، كما قال بشارة. وشدد على أن "الورقة الأميركية هي في مصلحة لبنان 100% إذا لم يكن هناك تمسك بسلاح خارج الدولة"، موضحا أن هناك 4 مراحل متزامنة، انسحاب إسرائيلي من مجموعة من التلال مقابل سحب السلاح وسيطرة الدولة، وانسحاب آخر كامل مقابل سحب السلاح بشكل كامل، ثم يعقد مؤتمر عربي ودولي لمساعدة لبنان اقتصاديا، ثم علاقات دافئة مع سوريا لحسم ملف الحدود العالق. مستقبل لبنان وفي الجهة المقابلة، انتقد المحلل السياسي، علي حيدر، بشدة قرار مجلس الوزراء، وقال "إسرائيل استطاعت أن تحقق إنجازا نوعيا من خلال اختراق المنظومة الرسمية اللبنانية عبر الولايات المتحدة الأميركية"، باعتبار أنها أعلنت قبل وخلال وبعد الحرب أن هدفها الإستراتيجي هو تدمير قدرات حزب الله ونزع سلاحه. وذكّر بأن حزب الله يطالب أيضا بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية وبسط سلطة الدولة اللبنانية، ولكنه طرح تساؤلات بشأن مستقبل لبنان في ظل منطقة تعصف بها المتغيرات، وقال إن إسرائيل الحالية تختلف كليا عن إسرائيل خلال العقود السابقة. وربط خطوات حزب الله وحلفائه بعد قرارات الحكومة بما ستقدم عليه الأخيرة، بشأن مدى مراعاتها للدستور ولخطاب القسم وللورقة اللبنانية التي قدمت للأميركيين ورفضوها. وبينما أكد أن الواقع صعب جدا والضغوط كبيرة جدا على لبنان، قال المحلل السياسي إن ذلك لا يعني "التخلي عن الحد الأدنى من السيادة ونترك إسرائيل عبر الولايات المتحدة أن تملي علينا مستقبل لبنان". ويذكر أن حزب الله كان قد رفض موقف الحكومة التي قررت في اجتماعها السابق -الثلاثاء- تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الجاري، وعرضها على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري.